msh10
23-02-2007, 07:58 AM
التقليـد الأعمـى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد:
فقد انتشرت ظاهرة التشبه بغير المسلمين بشكل كبير في أوساط الشباب والفتيات، حتى أصبح هذا الأمر المحرم شيئاً مألوفاً عند كثير من الناس.
فهذا يلبس السلاسل الذهبية والقلائد في عنقه، والأساور في يديه...
وهذا يلبس القبعات الغربية ويسير في الشارع بالشورت القصير دون خجل أو حياء!
وهذا يلبس الفنائيل التي عليها صور المشاهير من اللاعبين والمغنين والممثلين...
وهذا يقص شعره على مثال القصّات الغربية، وفيها من المخالفات الشرعية ما فيها...
وهذه الفتاة تجيد فنون الرقص الغربي على أنغام الديسكو أو الروك وما شابه...
وهذه تلبس البنطال الضيق الذيي يفصل أدق شيء في جسدها...
وهذه تتعرى وتلبس الملابس المكشوفة الفاضحة...
وهذه تتشبه بالرجال، في مشيتها وحركاتها وكلامها ومزاحها، وتعمد إلى شعرها فتقصه (قصة الولد) حتى أن الرائي لا يستطيع أن يفرق بينها وبين الشاب إلا بعد عناء!
وهذه تتعمد إدخال بعض الكلمات الإنجليزية أو الفرنسية في حديثها، مع التفاخر بذلك، ودون الحاجة إلى استعمال مثل هذه الكلمات.
ولم يقتصر الأمر على التشبه الظاهر، بل وصل الأمر إلى التشبه في الأهداف والاهتمامات، والتصور الكامل للحياة، وهذا أمر طبيعي، لأن التشبه في الظاهر يجرُّ إلى التشبه التام الذي يشمل الظاهر والباطن كما قرر أهل العلم.
التشبه في الكتاب والسنة
لقد حذّر القرآن الكريم من التشبه بالكفار، ونهى عن اتباع غير سبيل المؤمنين، وبين أن عاقبة ذلك هي الهلاك والخسران.
قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]
وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه»
قالوا: يارسول الله! اليهود والنصاري؟
قال: «فمن»
ولكن ما جزاء ذلك؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم، فهو منهم»
وهذا لأن التشبه يدل على الميل والإعجاب، والمحبة والتعظيم، فناسب أن يكون المتشبه من جنس هؤلاء الذين يتشبه بهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تشبه بغيرنا، ولا تشبهوا باليهود ولا النصارى»
وتأمل أخي الحبيب في قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس منَّا» أي: ليس من المؤمنين الصادقين، الذين يعتزون بدينهم ويتشرفون بالانتساب إليه.
فهل ترضى أخي أن تكون كذلك؟
هل ترضي أختاه أن تكوني كذلك؟
هل تريد أن تحشر مع المغضوب عليهم والضالين؟
هل تريد أن تهلك كما هلكوا؟ وتسقط في بئر الحسرات كما سقطوا؟
وهل يريد عاقل ذلك؟ إذاً فلماذا تسلك الطريق المؤدية إلى تلك العاقبة؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمشتبهين من الرجال بالنساء»
ومع هذه اللعنة نجد من يتشبه ولا يبالي بتلك اللعنة وكأن الأمر لا يعنيه!
لماذا نتشبه بهم؟
إن التشبه دليل على ضعف الشخصية، والشعور بالدونية، وفقدان الثقة بالنفس.
إن التشبه سبب لضياع الهوية، وانحراف المفاهيم الشرعية، وهو مسخُ للشخصية الإسلامية، وقد يكون بداية للكفر والإلحاد والعياذ بالله.
إن من الغريب المستهجن أن يتشبه الأعلى بالأدنى، وأن يسير الفاضل صاحب القيم على خطى من لا قيم له، وأن يقلد الأخيار شرار الخلق وفجارهم.
وأنتم أيها الشباب.. أيتها الفتيات الأعلون بفضل الله.. أنتم الأخيار أصحاب القيم والبادئ السامية، التي يحسدكم الشرق والغرب عليها.
قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]
وقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [آل عمران: 110]
التقليد الأعمى
يقول البعض ولكنهم متقدمون ونحن متأخرون، فلماذا لا نقلدهم حتى نكون متقدمين مثلهم؟
الجواب:
إننا نقلدهم فيما يفعلونه في أوقات فراغهم ولهوهم لا في أوقات عملهم وجدّهم!
إننا نقلدهم في فسقهم ومجونهم لا في كشفهم وبحثهم واختراعاتهم.
إننما نقلدهم في ساعات ضعفهم وانهزامهم أمام الشهوات، لا في ساعات صبرهم وقوتهم وإعمال فكرهم في البحث والنظر والتأمل!
وأنَّى لنا أن نصل إلى التقدم المنشود، والنهضة المرجوة، والمدنية الزاهرة إذا كان هذا دأبنا للوصول إلى ما وصل إليه هؤلاء بل سيزيدنا هذا ضعفاً وتخلفاً وفقراً وانهياراً وانحساراً..
هل سمعتم... أيها السادة أن الرقص والغناء قاد أمة إلى التقدم؟
أم هل سمعتم أن تخنث الشباب وترجل الفتيات، والجري وراء الشهوات يعتبر مقدمة للرقي؟
أم هل سمعتم أن التخلي عن الفضائل والآداب، والتنكر للقيم والأخلاق هو البداية لوصول الأمة إلى عصر العلم والتكنولوجيا؟
هل جاء أحد بمكتشف جديد ينفع به الأمة وقلنا له: لا تفعل فإن هذا تشبه مذموم؟
هل فكَّ أحد لغز مكتشف قديم وقلنا له: دعك مما أنت فيه؟
طريق النهضة المنشودة
إننا ندعو أجيالنا إلى الجديد والحرص على نهضة هذه الأمة، وسلوك كل السبل التي تؤدي إلى ذلك، مع الحفاظ على هويتنا الإسلامية وقيمنا الخالدة.
إن العلوم والمعارف والمخترعات والمكتشفات ليست حكراً على قوم دون قوم، ولذلك اقتباسنا للعلوم والتكنولوجيا، لا يعد تشبها بالغير، بل هو حق من حقوقنا، وواجب من الواجبات التي كلف الله الأمة بها، فالأمة مطالبة بالبلاغ، ولكي تتمكن من البلاغ فلا بد أن تكون ذات بأس وقوة ومكانة بين الأمم، ولذلك قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]
وهذه القوة ليست للاعتداء، لأن ديننا يمنع الاعتداء ويحرم الغدر والبغي، بل إن هذه القوة هي التي تمنع الحروب وتوقف العدوان، ولذلك لم تكن هناك حرب حقيقية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق في فترة ما يسمى بالحرب الباردة، وذلك لتوازن القوة بين الطرفين.
لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها»
فكيف سيبلغ ملك هذه الأمة مشارق الأرض ومغاربها؟
هل سيبلغ ذلك بالرقص والغناء وتخنث الشباب وترجل الفتيات؟
هل سيبلغ ذلك بتضييع الأوقات وارتكاب المنكرات والسهر على المحرمات؟
لن نبلغ هذه المكانة إلا بالتمسك بهذا الدين الذي يأمرنا بالجدية والعلم والمعرفة والاستعانة بأسباب التقدم في كافة المجالات..
لقد كنا سادة قروناً طويلة من الزمان، وما اتجاه أوروبا إلى العلم والنظر والبحث والاختراع إلا نتيجة احتكاكها بالحضارة الإسلامية، فاستيقظوا بعد نوم، وانتبهوا بعد رقاد، فأخذوا ينهلون من معين الحضارة الإسلامية الذي لا ينضب.
وكنا في غاية الكرم معهم، فلم نبخل عليهم بشيء من علومنا وثقافتنا وبحوثنا، حتى نقلوا كل شيء عن حضارتنا.
أما هم فينكرون لنا فضل السبق، ويقابلون الإحسان بالجحود، ويعملون على تجهيلنا وإضعافنا بكل الوسائل والطرق، حتى نظل سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم.
أيها الشباب.. أيتها الفتيات!
إنكم أمل هذه الأمة، وإرهاص نهضتها، فلا تضيعوا هذا الأمل فتضيعوا، وتضيع معكم الأحلام والآمال..
فلنتجه سوياً إلى العمل الجاد، والبحث المتواصل، والتفكير الوقاد، والإبداع المثمر، بعد أن نتخلص من عقدة الضعف والانهزامية والشعور بالدونية والإحباط.
ولنتسلح بسلاح الإيمان واليقين والتوكل، ذاك السلاح الذي أيقظ به محمد صلى الله عليه وسلم شباب الصحابة الذي حملوا راية الإسلام، وفتحوا بها المشارق والمغارب، حتى أصبح للمسلمين دولة لا تغيب عنها الشمس.
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فلنبدأ مسيرة العمل والبناء، ولنتخذ شباب الصحابة قدوة لنا، نعمل بطاعة الله، على نورٍ من الله، ونترك معصية الله، على نور من الله، نخشى عقاب الله، وهذه حقيقة التقوى والاستقامة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد:
فقد انتشرت ظاهرة التشبه بغير المسلمين بشكل كبير في أوساط الشباب والفتيات، حتى أصبح هذا الأمر المحرم شيئاً مألوفاً عند كثير من الناس.
فهذا يلبس السلاسل الذهبية والقلائد في عنقه، والأساور في يديه...
وهذا يلبس القبعات الغربية ويسير في الشارع بالشورت القصير دون خجل أو حياء!
وهذا يلبس الفنائيل التي عليها صور المشاهير من اللاعبين والمغنين والممثلين...
وهذا يقص شعره على مثال القصّات الغربية، وفيها من المخالفات الشرعية ما فيها...
وهذه الفتاة تجيد فنون الرقص الغربي على أنغام الديسكو أو الروك وما شابه...
وهذه تلبس البنطال الضيق الذيي يفصل أدق شيء في جسدها...
وهذه تتعرى وتلبس الملابس المكشوفة الفاضحة...
وهذه تتشبه بالرجال، في مشيتها وحركاتها وكلامها ومزاحها، وتعمد إلى شعرها فتقصه (قصة الولد) حتى أن الرائي لا يستطيع أن يفرق بينها وبين الشاب إلا بعد عناء!
وهذه تتعمد إدخال بعض الكلمات الإنجليزية أو الفرنسية في حديثها، مع التفاخر بذلك، ودون الحاجة إلى استعمال مثل هذه الكلمات.
ولم يقتصر الأمر على التشبه الظاهر، بل وصل الأمر إلى التشبه في الأهداف والاهتمامات، والتصور الكامل للحياة، وهذا أمر طبيعي، لأن التشبه في الظاهر يجرُّ إلى التشبه التام الذي يشمل الظاهر والباطن كما قرر أهل العلم.
التشبه في الكتاب والسنة
لقد حذّر القرآن الكريم من التشبه بالكفار، ونهى عن اتباع غير سبيل المؤمنين، وبين أن عاقبة ذلك هي الهلاك والخسران.
قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]
وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه»
قالوا: يارسول الله! اليهود والنصاري؟
قال: «فمن»
ولكن ما جزاء ذلك؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم، فهو منهم»
وهذا لأن التشبه يدل على الميل والإعجاب، والمحبة والتعظيم، فناسب أن يكون المتشبه من جنس هؤلاء الذين يتشبه بهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تشبه بغيرنا، ولا تشبهوا باليهود ولا النصارى»
وتأمل أخي الحبيب في قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس منَّا» أي: ليس من المؤمنين الصادقين، الذين يعتزون بدينهم ويتشرفون بالانتساب إليه.
فهل ترضى أخي أن تكون كذلك؟
هل ترضي أختاه أن تكوني كذلك؟
هل تريد أن تحشر مع المغضوب عليهم والضالين؟
هل تريد أن تهلك كما هلكوا؟ وتسقط في بئر الحسرات كما سقطوا؟
وهل يريد عاقل ذلك؟ إذاً فلماذا تسلك الطريق المؤدية إلى تلك العاقبة؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمشتبهين من الرجال بالنساء»
ومع هذه اللعنة نجد من يتشبه ولا يبالي بتلك اللعنة وكأن الأمر لا يعنيه!
لماذا نتشبه بهم؟
إن التشبه دليل على ضعف الشخصية، والشعور بالدونية، وفقدان الثقة بالنفس.
إن التشبه سبب لضياع الهوية، وانحراف المفاهيم الشرعية، وهو مسخُ للشخصية الإسلامية، وقد يكون بداية للكفر والإلحاد والعياذ بالله.
إن من الغريب المستهجن أن يتشبه الأعلى بالأدنى، وأن يسير الفاضل صاحب القيم على خطى من لا قيم له، وأن يقلد الأخيار شرار الخلق وفجارهم.
وأنتم أيها الشباب.. أيتها الفتيات الأعلون بفضل الله.. أنتم الأخيار أصحاب القيم والبادئ السامية، التي يحسدكم الشرق والغرب عليها.
قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]
وقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [آل عمران: 110]
التقليد الأعمى
يقول البعض ولكنهم متقدمون ونحن متأخرون، فلماذا لا نقلدهم حتى نكون متقدمين مثلهم؟
الجواب:
إننا نقلدهم فيما يفعلونه في أوقات فراغهم ولهوهم لا في أوقات عملهم وجدّهم!
إننا نقلدهم في فسقهم ومجونهم لا في كشفهم وبحثهم واختراعاتهم.
إننما نقلدهم في ساعات ضعفهم وانهزامهم أمام الشهوات، لا في ساعات صبرهم وقوتهم وإعمال فكرهم في البحث والنظر والتأمل!
وأنَّى لنا أن نصل إلى التقدم المنشود، والنهضة المرجوة، والمدنية الزاهرة إذا كان هذا دأبنا للوصول إلى ما وصل إليه هؤلاء بل سيزيدنا هذا ضعفاً وتخلفاً وفقراً وانهياراً وانحساراً..
هل سمعتم... أيها السادة أن الرقص والغناء قاد أمة إلى التقدم؟
أم هل سمعتم أن تخنث الشباب وترجل الفتيات، والجري وراء الشهوات يعتبر مقدمة للرقي؟
أم هل سمعتم أن التخلي عن الفضائل والآداب، والتنكر للقيم والأخلاق هو البداية لوصول الأمة إلى عصر العلم والتكنولوجيا؟
هل جاء أحد بمكتشف جديد ينفع به الأمة وقلنا له: لا تفعل فإن هذا تشبه مذموم؟
هل فكَّ أحد لغز مكتشف قديم وقلنا له: دعك مما أنت فيه؟
طريق النهضة المنشودة
إننا ندعو أجيالنا إلى الجديد والحرص على نهضة هذه الأمة، وسلوك كل السبل التي تؤدي إلى ذلك، مع الحفاظ على هويتنا الإسلامية وقيمنا الخالدة.
إن العلوم والمعارف والمخترعات والمكتشفات ليست حكراً على قوم دون قوم، ولذلك اقتباسنا للعلوم والتكنولوجيا، لا يعد تشبها بالغير، بل هو حق من حقوقنا، وواجب من الواجبات التي كلف الله الأمة بها، فالأمة مطالبة بالبلاغ، ولكي تتمكن من البلاغ فلا بد أن تكون ذات بأس وقوة ومكانة بين الأمم، ولذلك قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]
وهذه القوة ليست للاعتداء، لأن ديننا يمنع الاعتداء ويحرم الغدر والبغي، بل إن هذه القوة هي التي تمنع الحروب وتوقف العدوان، ولذلك لم تكن هناك حرب حقيقية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق في فترة ما يسمى بالحرب الباردة، وذلك لتوازن القوة بين الطرفين.
لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها»
فكيف سيبلغ ملك هذه الأمة مشارق الأرض ومغاربها؟
هل سيبلغ ذلك بالرقص والغناء وتخنث الشباب وترجل الفتيات؟
هل سيبلغ ذلك بتضييع الأوقات وارتكاب المنكرات والسهر على المحرمات؟
لن نبلغ هذه المكانة إلا بالتمسك بهذا الدين الذي يأمرنا بالجدية والعلم والمعرفة والاستعانة بأسباب التقدم في كافة المجالات..
لقد كنا سادة قروناً طويلة من الزمان، وما اتجاه أوروبا إلى العلم والنظر والبحث والاختراع إلا نتيجة احتكاكها بالحضارة الإسلامية، فاستيقظوا بعد نوم، وانتبهوا بعد رقاد، فأخذوا ينهلون من معين الحضارة الإسلامية الذي لا ينضب.
وكنا في غاية الكرم معهم، فلم نبخل عليهم بشيء من علومنا وثقافتنا وبحوثنا، حتى نقلوا كل شيء عن حضارتنا.
أما هم فينكرون لنا فضل السبق، ويقابلون الإحسان بالجحود، ويعملون على تجهيلنا وإضعافنا بكل الوسائل والطرق، حتى نظل سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم.
أيها الشباب.. أيتها الفتيات!
إنكم أمل هذه الأمة، وإرهاص نهضتها، فلا تضيعوا هذا الأمل فتضيعوا، وتضيع معكم الأحلام والآمال..
فلنتجه سوياً إلى العمل الجاد، والبحث المتواصل، والتفكير الوقاد، والإبداع المثمر، بعد أن نتخلص من عقدة الضعف والانهزامية والشعور بالدونية والإحباط.
ولنتسلح بسلاح الإيمان واليقين والتوكل، ذاك السلاح الذي أيقظ به محمد صلى الله عليه وسلم شباب الصحابة الذي حملوا راية الإسلام، وفتحوا بها المشارق والمغارب، حتى أصبح للمسلمين دولة لا تغيب عنها الشمس.
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فلنبدأ مسيرة العمل والبناء، ولنتخذ شباب الصحابة قدوة لنا، نعمل بطاعة الله، على نورٍ من الله، ونترك معصية الله، على نور من الله، نخشى عقاب الله، وهذه حقيقة التقوى والاستقامة.