مشاهدة النسخة كاملة : آخر أشراط الساعة .. نار تطرد الناس إلى المحشر
الأسير999
17-10-2007, 04:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الأحداث العظام التي أخبر عنها خير الأنام ، والتي تكون بين يدي الساعة ، خروج نارٍ في اليمن تسوق الناس إلى محشرهم ، إنه حدثٌ يُعدُّ الفاصل الحقيقي بين حياتين ، الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، وهو آخر علامات الساعة وأشدها ، لما يلقى الناس من جرائه من بلاء وشدة .
وتصور معي أخي القارئ ، ذلك اليوم الذي تندلع فيه النيران من عمق البحر لتحرق كل شيء ، ولتسوق الناس سوقاً عنيفا بين راكب وراجل إلى مكان واحدٍ ، يقطعون المسافات الطوال مشردين مطرَّدِين ، كل ذلك والنار ملازمة لهم في نومهم و قيلولتهم . ومن أتعبه السير ، وأضناه السهر ، وتخلف وقع فريسة للنار لتلتهمه ، فياله من زمن عصيب .
وقد دلَّ على هذا الحدث الرهيب ، وما يكون فيه ما أخرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنها - أي الساعة - لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوفٍ خسفٍ بالمشرق ، وخسفٍ بالمغرب ، وخسفٍ بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطردُ الناسَ إلى محشرهم )
أما مكان خروج تلك النار العظيمة فبلاد اليمن ، وتحديداً من قعر عدن من بحر حضرموت ( بحر العرب ) ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ( ونار تخرج من قعرة عدن ترحِّل الناس )
وروى أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ستخرج نار من بحر حضرموت ، قبل يوم القيامة ، تحشر الناس ) . وفي الحديث دلالة على أن هذا الحشر إنما يقع في الدنيا لا في الآخرة .
ومما أخبر به صلى الله عليه وسلم من تفصيلات ذلك الحدث العظيم ، بيان مراتب المحشورين ، فالناس لا يحشرون على مرتبةٍ واحدةٍ ، والسبب يرجع إلى ما كانوا عليه من قبل من صلاحٍ أو فسادٍ ، فالصالحون يحشرون راكبين كاسين راغبين وراهبين رحمة من الله وفضلا ، ومن دونهم في الصلاح يتعاقبون على البعير .
وأما شرار الناس من الكفار والمنافقين فتسحبهم الملائكة على وجوههم وتلقي بهم في النار . ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواجٍ فوجٍ راكبين طاعمين كاسين ، وفوجٍ يمشون ويسعون ، وفوجٍ تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار ) رواه أحمد .
فهذا طرف من أخبار ذلك الحدث العظيم ، الذي يُكرم فيه المؤمنون ، بحشرهم ركبانا، ويهان فيه الكافرون بحشرهم على وجوههم ، وهذا الحدث مقدمة ليوم القيامة الذي تعظم فيه كرامة الله لعبادة ، وتعظم فيه أيضا إهانته للكافرين ، والوصية النبوية لمن أدرك ذلك الزمان التعجل بالخروج إلى بلاد الشام ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ستخرج نار من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس ، قالوا يا رسول الله : فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام ) رواه أحمد والترمذي أي خذوا طريقها، ألزموا فريقها ، فإنها سالمة من وصول النار إليها لحفظ الملائكة إياها.
( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر (60)
.
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر . اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال .
مصطفى نمر
17-10-2007, 05:11 PM
أشكرك يا أخي على هذا الموضوع الطيب
قصـ ألمـ ـة
17-10-2007, 06:14 PM
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر . اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال .
عشق الشمال
17-10-2007, 06:58 PM
الله يجزاك خير
لكن وش سر استثناء الشام ؟؟!!
عهد الغرام
17-10-2007, 09:46 PM
يعطيك العافيه
جزاك خير ونفعنا وياك ولا حرمك الاجر
ويسلمووووووووووووو
ولك
:101:
الأسير999
18-10-2007, 01:40 AM
مصطفى نمر .. قصة ألم .. عشق الشمال ..عهد الغرام ..
الله يجزاكم كل خير أخواني وأخواتي ..
والله يعطيكم العافية .. وشاكرلكم مروركم القيم ..
أخوي عشق الشمال..
،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ستخرج نار من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس ، قالوا يا رسول الله : فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام ) رواه أحمد والترمذي أي خذوا طريقها، ألزموا فريقها ، فإنها سالمة من وصول النار إليها لحفظ الملائكة إياها.
والعلم عند الله ..
عسوووووووووووله
18-10-2007, 01:50 AM
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر
ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال
جزاكـ الله كل الخير اخوي الأسير999
واسمح لى هذه صورة ملتقطة من جوجل ايرث توضح أن مدينة عدن تقع على فوهة البركان
و يسمى جبل شمسان في بحر حضرموت
http://abdullahfuad.jeeran.com/اليمن/adan1.jpg
http://www.alraidiah.com/vb/uploaded/mals.gif
اللهم قنا من فتنه المحيا وفتنه الممات وفتنه المسيح الدجال
اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك
http://www.alraidiah.com/vb/uploaded/mals2.gif
ابتسـ ألم ـامة
18-10-2007, 06:24 AM
http://www.alraidiah.net/up/ar/alm1.gif
:101: هلا وغلا :101:
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر
ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر .
اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال .
اللهم آآآآآآآآآآآمين
جزيت الخير ويعطيك العافية
دمتم بحفظ الباري
:101: وعلى الخير بإذن الله نلتقي :101:
http://www.alraidiah.net/up/ar/alm2.gif
كلمــات مـن ذهـب
إذا المرء عوفي في جسمه ** وملكه الله قلباً قنوعاً
وألقى المطامع عن نفسه *** فذاك الغني ولو مات جوعاً
:102: :102: :102:
:101: مواضيع أُغلقت // لتعرف السبب اضغط هنا :101: (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=33525)
الأسير999
19-10-2007, 04:19 PM
الله يعطيكم العافية ..
والله يجزاكم كل خير على المرور ...
أخت عسوووله .. يعطيكِ العافية على صورة .. وجزاك الله خير ..
ســـــوار
19-10-2007, 08:18 PM
اللهم اني اعوذ بك من عذاب النار
ريمـوـو
19-10-2007, 08:57 PM
اللهـ يرحمـنا برحمــتــهـ
يعطيكـــ، العافيهــ، الأسيــر ..
دمـتــ، بحفظـ، الرحمنـ،
الأسير999
20-10-2007, 06:37 PM
سوار ..
الله يتقبل منا ومنكم الدعاء وصالح الأعمال ....
.................................................. .....................
ريموـو ..
الله يعافيك ويجزاك كل خير ..
الله يحفظنا ويحفظك ..
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر . اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال .
بارك الله فيك
الأسير999
21-10-2007, 12:38 AM
مهرة ..
الله يبارك فيك ...
مشكور أختِ والله يعطيكِ العافية .. على المرور ..
هشام المهدي
24-10-2007, 08:29 PM
اخر رسالة أسأل الله العظيم لنا الخير من كل الدور.
آراء الترابي.. من غير تكفير ولا تشهير
07-6-2006
ولو سلك الترابي وخصومُه مسلك العلم والعدل، وتحلَّوْا بأدب الخلاف، وتجردوا من صراع السياسة وأهواء التحيز، والتزموا البرهان والدليل المجرد، لكان الجدل الحالي مثمرا، يستفيد منه المسلمون تحريرا لمسائل شرعية على قدر من الأهمية، وحفْزًا لطلاب العلم على مزيد من البحث والتنقيب، وأخذا للمسائل الشرعية بقوة، وعدم استسهال الخوض فيها من غير دليل وتأصيل
قدس الله ارواحكم احباب سيدنا إماما العالمين مقرء الكتاب مكتب القراء سيدنا جدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة السلام.
بقلم محمد المختار الشنقطي.
لا تزال الآراء التي أفصح عنها الدكتور حسن الترابي مؤخرا تثير عاصفة من الردود. وقد وجدت من خلال تتبعي للجدل الدائر حولها شيئا من التساهل في النقل، والتسرع في الحكم، واتهام النوايا، ونقص الاستقراء، وصياغة المسائل الفرعية صياغة اعتقادية، والظاهرية التجزيئية في التعامل مع النصوص، وتداخل الأهواء الشخصية والسياسية مع الآراء الشرعية.
وهذه نظرات على معظم آراء الترابي المثيرة للجدل، نضع من خلالها هذه الآراء ضمن سياق التراث الإسلامي، آملين من خلال ذلك أن يرتفع الحوار حول آراء الترابي إلى مستوى الحوار المعرفي، بديلا عن خطاب التكفير والتشهير. فلست أشك أن لدى كل من الترابي ومخالفيه من أهل العلم ما يثري الحوار وينفع الأمة، إذا ساد الجِدُّ العلمي وخلصت النية لله رب العالمين..
ولست بالذي يفاجأ إذا أحاط بآراء الترابي الكثير من اللبس وسوء الفهم، فقد كنت أشرت في مقدمة كتابي عن "الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي" إلى ما اتسمت به كتابات الترابي من "التجريد في الأفكار والمصطلحات"، مؤكدا أنه "ليس من السهل على شباب الصحوة الإسلامية غير المتمكنين من ناصية اللغة العربية، المتمرسين بالمفاهيم الفلسفية والأصولية، أن يستوعبوا جميع كتابات الترابي بعمق، وهي كتابات تجمع بين تجريدات (هيجلْ) الفلسفية ولغة الشاطبي الأصولية".
ومما يحسن بيانه هنا أيضا أن هدف هذه الملاحظات ليس الدفاع عن شخص الترابي، فأنا –بنعمة من الله- ممن يؤمنون بقدسية المبادئ وأرجحيتها على مكانة الأشخاص، بمن فيهم الصحب الكرام رضي الله عنهم، وكتابي المعنون: "الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" رسالة تأصيلية في هذا السبيل نسأل الله قبولها ووصولها.. كما يحسن التأكيد على أني لم ألتق الدكتور الترابي قط، ولا وطئت قدمي أرض السودان الطيبة. ويوم كان الترابي ذا جاذبية سياسية عظيمة وحضور وطني ودولي لم أحضر مؤتمراته، ولا اشتركت في "مؤتمره الشعبي العربي الإسلامي".. أما اليوم فإن الترابي فقدَ الكثير من بريقه السياسي الذي اكتسب به أنصارا وأتباعا في الماضي، ولم يعد ممن يخشى الناس لهبَه أو يرجون ذهبَه كما يقال.
فلست إذنْ بالذي تجمعه مع الترابي علائق شخصية أو سياسية تؤثر سلبا أو إيجابا على رأيي فيه وفيما يطرحه من آراء مثيرة، وإنما أنا طالب علم أهتم بتجارب الحركات الإسلامية وفكر قادتها وعلمائها، وقد دفعني البحث في تجربة الحركة الإسلامية في السودان إلى تتبع فقه الترابي عن كثَب، والبحث في سياق أقواله ضمن رؤيته الفكرية العامة.
فهدف هذه الملاحظات حصرا هو دفع داء التكفير والتشهير الذي يستسهله البعض اليوم، والحث على أخذ المسائل الشرعية بمأخذ الجد دون تعجل، والعودة إلى منهج العلم والعدل وحسن الظن بأهل العلم، مهما أغربوا أو خالفوا المتعارف عليه من النقول والفهوم، كما أوصى فقيه الأندلس أبي بكر بن عاصم في "مرتقى الوصول":
وواجبٌ في مشكلات الحكمِ *** تحسيننا الظن بأهل العلمِ
وأرجو من الله عز وجل أن تعين هذه الملاحظات على تبصرٍ أكثر بالمسائل المطروحة، وعدمِ استسهال البتِّ فيها بتسرع، وإمساكِ أهل العلم والعدل بزمام المبادرة فيها، وهم الذين يستطيعون أن يقدموا للأمة ما يفيدها في هذه المسائل، بدلا من تركها منبرا مفتوحا لمتتبعي العورات، المسترخصين تكفيرَ أهل التوحيد وتضليلَهم وتبديعَهم. ورحم الله إمام الحرمين الجويني إذ يقول: " فإن قيل: فَصِّلُوا ما يقتضي التكفير وما يوجب التبديع والتضليل. قلنا: هذا طمع في غير مطمع، فإن هذا بعيد المدرَك ومتوعر المسلك"[1].
*****
لقد وجدت قسما كبيرا مما أنكر على الترابي أمورا اعتقادية أو فقهية منسوبة إليه تحاملا أو سوء فهم، وهي: القول بالفناء الحلولي في ذات الله، وإيمان أهل الكتاب، وإباحة الردة والخمر، وإسقاط الخمار. فلنستعرض هذه الأمور بإيجاز:
الفناء في ذات الله
قال بمقولة الفناء الحلولي في ذات الله بعض ملاحدة المتصوفة والفلاسفة في الماضي والحاضر. ولم أجد في موضع من مؤلفات الترابي –على مراسي بها وطول اصطحابي لها- استعمال مصطلح "الفناء في الله" ولا "الفناء في ذات الله"، وإنما وجدته يستعمل مصطلح "الفناء في سبيل الله"[2]وأحيانا يستعمل مصطلح "الفناء في أمر الله" فيقول مثلا إن التوحيد "يحرر المؤمن من كل ما يستعبده في النفس والمجتمع ويخلصه لربه، فيلتزم من تلقاء نفسه بأمر الله ويتحد به ويفنى فيه، ولا يستشعر مجانبة ولا حرجا"[3]. وهو قطعا لا يقصد باستعمال هاذين المصطلحين أكثر من استهلاك النفس والمال في نصرة الإسلام، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ورجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"[4]. كما وجدت الترابي يتحدث عن "مرحلة الفناء" ضمن حديثه عن التطور التنظيمي للحركة الإسلامية، ويقصد به فناء الحركة في المجتمع وذوبانها فيه بعد نضجها وصلابة عودها، مقابل مرحلة التمايز والانحياز عن المجتمع التي تصاحب فترة التأسيس.
وإحسانا للظن بخصوم الترابي أرى أن اللبس قد دخل عليهم من شَبَه الاصطلاح هذا، وهم لا يدركون –على ما يبدو- أن استعمال مصطلحات الحلولية الملحدة ليس مرادفا للإيمان بمضمونها، وأن لا مشاحة في الاصطلاح ابتداء، فهذه ألفاظ عربية كانت موجودة قبل أن تظهر عقيدة الفناء الحلولي في الثقافة الإسلامية. ولغة الصوفية واصطلاحاتها سائدة في السودان وغيره من البلدان التي دخلها الإسلام على أيدي المتصوفة، فالدكتور حسن مكي مثلا يتحدث عن "فناء" الجيوش المعاصرة في الدولة[5].
فاستعمال اصطلاحات "القوم" من طرف الترابي أو غيره لا يعني بالضرورة إيمانا بمدلولها عند غلاتهم. وحتى الصوفية الذين يستعملون مصطلح "الفناء في الله" لا يقصد أغلبهم به الحلول، وإنما استعار أغلبهم هذا التعبير المنحرف من فلسفة الأوائل ودرجوا على استعماله من غير علم بمدلوله الأصلي، ولو سألت أغلبهم اليوم عن معناه لما استطاعوا جوابا.
وقلَّ أن يطلع الباحث على تشخيص أدق لانحرافات بعض المتصوفة أو تعبير أعمق عنها مثل تشخيص الترابي وتعبيره وهو يصف ما في "واقع الصوفية من بدعيات وجهالة في الاعتقاد والعمل، ومن كثافة طقوس تكاد تستنزف طاقات التدين في المراسم والأشكال، ومن رخاوة شرعية تقعد بصاحبها ساكنا عاجزا، ومن فرْط ولاء واتباع يكاد يحجب عن الله..."[6].
إيمان أهل الكتاب
ومن أكثر الأمور إثارة قول خصوم الترابي إنه يقول بإيمان أهل الكتاب، مما يوحي بأنه يسوي بين المسلمين وأهل الكتاب في الاعتقاد، وهذا مثال آخر على التحامل وسوء الفهم. فلم يقصد الترابي يوما أن دين أهل الكتاب في حالته الراهنة صحيح مقبول عند الله تعالى، ولا أنهم غير مطالبين باعتناق الإسلام، ولا هو يسوي بين توحيدنا وتثليثهم، كيف وهو الذي كتب أحد أعمق الكتب وأجملها عن "الإيمان: أثره في حياة الإنسان"، وبين فيه بمنهجه التركيبي البديع أنواع الانحرافات التاريخية التي دخلت على منهاج التوحيد. وهو يُرجع أغلب أمراض التدين لدى المسلمين إلى اتباعهم سنن أهل الكتاب في فهم النصوص وفي تنزيلها على الوقائع.
لقد وصف القرآن الكريم أهل الكتاب بالكفر في آيات عديدة يعسر حصرها. كما وصفهم بالشرك في بضع آيات، منها قوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون"[7]وقوله تعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"[8].
وكلام الترابي صريح بكفر أهل الكتاب وبشركهم. والذين يظنون أن الترابي المتضلع بمعاني القرآن الكريم يجهل ذلك أو لا يقول به مخطئون من دون ريب. ففي كتابه: "السياسة والحكم" وهو آخر ما كتبه من كتب (صدرت طبعته الأولى عن دار الساقي عام 2003) يصم الترابي أهل الكتاب بوصمة الشرك ثلاث مرات في صفحة واحدة، مستشهدا بنصوص القرآن الكريم، فيقول: "فقد كان الكتابيون بعد الدين الحق قد ارتدوا إلى إشراك... وكانوا يحملون على دين التوحيد المتجدد وهم مشركون... وفي شمال الجزيرة العربية تحالف الإشراك كافة كتابيا وعربيا، وأخذ يعدو على المسلمين"[9]. كما وصم الترابي أهل الكتاب بوصمة الكفر أكثر من مرة في نفس الكتاب فتحدث عن "الكفر الكتابي"[10]ضمن وصفه لحال يهود المدينة أيام النبوة.
أما تمييز الترابي لأهل الكتاب عن المشركين أحيانا فهو تمييز اصطلاحي، وله أصل في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين..."[11]. قال ابن تيمية: "إن الشرك المطلق في القرآن لا يدخل فيه أهل الكتاب وإنما يدخلون في الشرك المقيد قال الله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) فجعل المشركين قسما غير أهل الكتاب"[12]. وقال: "فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تمييزهم عن المشركين، لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك"[13].
وكذلك تمييز الترابي بين أهل الكتاب والكفار تمييز اصطلاحي، وله أيضا أصل في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا"[14]. وإذا كان كثيرون لا يرون التباسا في التمييز الاصطلاحي بين أهل الكتاب والمشركين، لكثرة ما تردد في القرآن الكريم، فإن بعضهم يستشكل التمييز الاصطلاحي بين أهل الكتاب والكفار. لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ممن انتبهوا إلى وجود هذا التمييز في الكتاب العزيز، فقال: "مع أن الكفار قد يُميَّزون من أهل الكتاب أيضا في بعض المواضع كقوله: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) فإن أصل دينهم هو الإيمان، ولكن هم كفروا مبتدعين الكفر"[15].
ومما يثير الإشكال لدى خصوم الترابي استعماله مصطلحات غربية لم يعتدها جل الدارسين بالجامعات الإسلامية، مثل مصطلح Monotheistic Religionsالذي يترجم عادة بعبارة "الديانات التوحيدية"، ومصطلحAbrahamic faithsويترجم عادة بعبارة "الديانات الإبراهيمية" ويراد بهاذين المصطلحين في الجامعات الغربية اليهودية والمسيحية والإسلام. وهي ترجمة غير دقيقة، لأن اليهودية والمسيحية لم تعودا ديانتين توحيديتين ولا ملتين إبراهيميتين، ولكن الترابي ومالك بن نبي وغيرهما من كتاب الإسلام المتضلعين بالثقافة الغربية يستعملونها اصطلاحا، وإن لم يعنوا معناها المتبادر في أصل الوضع اللغوي العربي، أو في الاصطلاح الشرعي الإسلامي. وقد رأينا كيف ميزت آيات من القرآن الكريم بين أهل الكتاب والمشركين وبين أهل الكتاب والكفار تمييزا اصطلاحيا، دون أن ينفي ذلك صفة الشرك والكفر عن أهل الكتاب.
ويتحدث الترابي أحيانا عن التراث المشترك بين المسلمين والمسيحيين. وقد أثار هذا النوع من أحاديث الترابي حفيظة البعض، رغم أنه كلام لا غبار عليه، ففي الإسلام والمسيحية –رغم الخلاف في مسائل أساسية من العقيدة- مشتركات كثيرة، اعتقادية وأخلاقية وعملية. ويكفي تصفح العهد القديم (التوراة) والعهد الجديد (الإنجيل) الموجودان الآن –على تحريفهما- لترى أوجه الشبه الكثيرة مع النص القرآني. فقصة آدم ونوح ويوسف وعدد آخر من الأنبياء عليهم السلام تتشابه كثيرا في القرآن الكريم وفي العهد القديم وأحيانا بنسبة لا تقل عن السبعين بالمائة. وهنالك مشتركات كثيرة في مجال الإيمان بالمعاد والجزاء. كما أن الدعوة إلى فضائل الأخلاق من الصدق والأمانة والإنصاف وحسن الجوار...الخ متشابهة في القرآن الكريم وفي "العهد الجديد".
لكن الترابي لم يقصد في يوم من الأيام مساواة بين الإسلام وديانات أهل الكتاب الحاليين في التوحيدية أو في الإبراهيمية، بل تواتر كلامه نافيا لذلك. فهو يقول مثلا نافيا عن النصارى صفة التوحيدية: "انقطع النصارى عن الرب الواحد بالواسطات الكنسية، وعن أصل دينهم بالمقولات العقدية لمؤتمرات القديسين"[16]. ويؤكد أن اليهود والنصارى "أشد كفرا بالرسالة المحمدية، غيرة من أصالتها الإبراهيمية"[17]. فهل يقول منصف بعد هذا أن الترابي يسوي بين الوحي الإسلامي الأصيل والمحرَّف الكتابي الدخيل؟!
لقد جاء القرآن الكريم مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل، وهو ما يقتضي بقاء شيء من الحق يصدقه القرآن، ولكنه جاء أيضا مهيمنا عليهما، وهو ما يستلزم رد ما يخالف القرآن في نصوصهما المحرفة الحالية. وثنائية التصديق والهيمنة هذه تختصر العلاقة الدينية بين المسلمين وأهل الكتاب. وقد تحدث ابن القيم عن المشتركات مع أهل الكتاب، فقال: "قالوا [أي العلماء الذين يخصون أهل الكتاب بدفع الجزية دون غيرهم من الكفار]: ولا يصح إلحاق عبدة الأوثان بأهل الكتاب، لأن كفر المشركين أغلظ من كفر أهل الكتاب. فإن أهل الكتاب معهم من التوحيد وبعض آثار الأنبياء ما ليس مع عباد الأصنام ويؤمنون بالمعاد والجزاء والنبوات، بخلاف عبدة الأصنام. فعبدة الأصنام حرب لجميع الرسل وأممهم من عهد نوح إلى خاتم الأنبياء والمرسلين. ولهذا أثر هذا التفاوت الذي بين الفريقين في حِلِّ الذبائح وجواز المناكحة من أهل الكتاب دون عباد الأصنام"[18].
وماذا سيكون يا ترى رد فعل المنكرين على الترابي هنا إذا قرأوا هذا الكلام لابن القيم، وهو يعزو فيه إلى "طائفة من أئمة الحديث والفقه والكلام" منهم الإمام البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الرازي قولهم بأن التوراة الموجودة في أيدي اليهود اليوم غير محرفة أصلا، وأن التحريف وقع في تأويل النص، لا في النص ذاته. قال ابن القيم: "فصل: وقد اختلفت أقوال الناس في التوراة التي بأيديهم هل هي مبدلة، أم التبديل والتحريف وقع في التأويل دون التنزيل على ثلاثة أقوال: طرفين ووسط. فأفرطت طائفة وزعمت أنها كلها أو أكثرها مبدلة مغيرة، ليست التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام، وتعرض هؤلاء لتناقضها وتكذيب بعضها لبعض، وغلا بعضهم فجوز الاستجمار بها من البول. وقابلهم طائفة أخرى من أئمة الحديث والفقه والكلام فقالوا: بل التبديل وقع في التأويل لا في التنزيل، وهذا مذهب أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال في صحيحه: (يحرفون: يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله تعالى، ولكنهم يحرفونه، يتأولونه على غير تأويله). وهذا اختيار الرازي في تفسيره. وسمعت شيخنا [ابن تيمية] يقول: وقع النزاع في هذه المسألة بين بعض الفضلاء فاختار هذا المذهب ووهَّن غيره، فأُنكِر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلا به... وتوسطت طائفة ثالثة، وقالوا: قد زيد فيها وغُيِّر ألفاظٌ يسيرة، ولكن أكثرها باق على ما أنزل عليه، والتبديل في يسير منها جدا. وممن اختار هذا القول شيخنا [ابن تيمية] في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)... ونحن نذكر السبب الموجب لتغيير ما غير منها، والحق أحق ما اتبع. فلا نغلو غلو المستهينين بها المتمسخرين بها، بل معاذ الله من ذلك، ولا نقول إنها باقية كما أنزلت من كل وجه كالقرآن"[19].
هشام المهدي
24-10-2007, 08:32 PM
والتوراة الموجودة في أيدي اليهود منذ مجيء الإسلام إلى اليوم هي الأسفار الخمسة الأولى مما يعرف اليوم بالعهد القديم (أسفار: التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية) وليس من ريب أن العلماء القائلين إنها لم تنلها يد التغيير والتبديل قد أخطأوا خطأ جسيما، إذ يكفي تصفح سريع لتلك الأسفار للتوصل إلى استنتاج قاطع بتحريفها. ولو كان الترابي اليوم يقول إن التوراة الحالية لا تزال طرية كما أنزلت من عند الله لاستبيح دمه. رغم أن هذا الخطأ الفادح وقع فيه في الماضي علماء أعلام من حجم الإمام البخاري والإمام الرازي. ورغم ذلك فلا تزال الأمة تجلُّهم، وحق لها ذلك، فهم أهل للإجلال والإكبار.
والخلاصة أن ما قيل من قول الترابي بإيمان أهل الكتاب مجرد سوء فهم لتمييزات اصطلاحية يستخدمها أحيانا لدواع لغوية أو لمناورات سياسية. وأن تكفيره والتشهير به بسبب ذلك ينافي العلم والعدل الواجبان في مواطن الخلاف.
إباحة الردة والخمر
ومما نسبه إلى الترابي خصومه تحاملا أو سوء فهم قولهم إنه يبيح الردة، وهو لم يبحها قط وما يستطيع مسلم أن يبيحها، وإنما يقول الترابي – شأن العديد من العلماء المعاصرين وبعض المتقدمين- إنه لا عقوبة دنيوية قانونية على الردة ما لم تتحول إلى خروج سياسي وعسكري على الجماعة. فالردة تبقى أعظم الذنوب في الإسلام، لأنها هدم لأساس الدين، ولا ينكر الترابي ولا غيره من المسلمين ذلك، لما ورد فيه من آيات محكمات، مثل قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"[20].
وغاية ما يقول به الترابي إن عقوبة الردة –إذا لم يصحبها خروج على الجماعة- محصورة في العقوبة الأخروية، وفي ذلك يقول: "وللمجتمع بمشيئته أن يؤمن أو يكفر بالرسالة الحاملة للشريعة، متروكا لأجَل القيامة وحسابها في مواقفه"[21]"ويخلِّي الشرع للإنسان أن يصرف رأيه تثبتا أو تعديلا أو تبديلا، ولو في أصل مذهبه مؤمنا، قد يؤاخَذ على ذلك غيبا في الآخرة، ولكن لا يؤذيه أحد في الدنيا بأمر السلطان"[22]. فالذي يدعي أن الترابي بهذا يبيح الردة، كالذي يدعي أن القرآن يبيح الردة بقوله تعالى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"[23]وما أفدحه من خطإ وأعرجَه من فهم!!
إن هنالك فرقا شاسعا بين الذنب الواقع بين العبد وربه، وبين الجريمة بالمعنى الجنائي الذي يعاقب عليه الشرع عقوبة قانونية دنيوية، فعدد الكبائر في الإسلام حسب ما يروى عن ابن عباس يناهز السبعين، والشرع لم يجعل لأكثرها عقوبة قانونية دنيوية، ولم يقصد الترابي في حديثه عن الردة أكثر من ذلك.. لكن الذين لا يميزون بين القانون الخلُقي (حق الله) والقانون الحقوقي (حق العباد) في الإسلام يخلطون في هذا الأمر خلطا عظيما. وسنتحدث عن قول الترابي في عقوبة المرتد لا حقا في هذه الملاحظات، لأن ما يهمنا في هذه الفقرة هو بيان التحامل والتأويل السيء الذي لابس الجدل بين الترابي وخصومه.
وفي إطار التحامل وسوء الفهم يأتي اتهامهم للترابي بإباحة الخمر، وهو لم يبح الخمر قط، بل جاهد عقودا من الزمن لمحو الخمر من المجتمع السوداني المسلم الذي ابتلي بهذا الداء العضال منتصف القرن العشرين، حتى تحدث الدكتور عبد الوهاب الأفندي عن أن "ثقافة الجيش [السوداني]... كانت محكومة بقواعدها الخاصة التي تعتبر تعاطي الخمر وممارسة الزنا عنوانا للرجولة"[24].
ومرد سوء الفهم هنا هو الخلط بين القانون الخلُقي والقانون الحقوقي في الإسلام مرة أخرى. وهو لبس حاول الترابي في كثير من كتاباته إزالته، وبين أن تعاليم الإسلام أوسع كثيرا من أحكام الشريعة بالمعنى القانوني، فهي تشمل سلطة الضمير، وسلطة المجتمع، وسلطة القانون، أو بحسب تعبيره: "الوجداني الخاص للفرد، والاجتماعي الأخلاقي للمجتمع، والقطعي السلطاني للشريعة"[25]. وهو يؤكد ضمن هذه الرؤية أن القانون لا يطال شارب الخمر إلا إذا بلغت فعلته السلطان، فأصبحت بذلك أمرا عاما. وهذا قول صحيح، ولا يقصد به الترابي أكثر من كون استتار المذنب يجنبه العقوبة القانونية، وهو لم يقل إن ما فعله ذلك المذنب مباحا عند الله عز وجل. فعدم وجود عقوبة دنيوية على الذنب أو عدم إيقاعها لا يجعل الفعل مباحا، وكم من معصية شرعية نصبت لها الشريعة عقوبة أخروية، لكنها لم تعتبرها جريمة جنائية ولم ترسم لها عقوبة قانونية دنيوية. ومن المعلوم أن الشرع يأمر بالستر، ولا يبيح للحاكم التجسس على الناس وتتبع عوراتهم وذنوبهم، وإنما يأمره أن يأخذهم بما يجاهرون به. وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل، فإنه من يبد لنا صفحته نُقمْ عليه كتاب الله"[26] وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم"[27].
إسقاط الخمار عن المرأة
ومن هذا الصنف القول بأن الترابي لا يرى وجوب الحجاب (بمعنى غطاء الرأس)، في حين أن الرجل لم يقل سوى أن القرآن الكريم لا يستعمل لفظ الحجاب بمعنى الخمار، وهو يقصد أن الواجب على عامة المؤمنات هو الخمار أي غطاء الرأس، وليس الحجاب بالمصطلح القرآني الذي يراد به الساتر المادي بين الرجال والنساء، وقد استُعمل في القرآن الكريم ضمن الحديث عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. فكان كلام الترابي في هذه المسألة تحليلا لغويا لا فتيا شرعية، وهو كلام صحيح ودقيق. لكن المتحفزين لتتبع عورات الرجل حملوا كلامه على أنه إسقاط لوجوب الخمار، وكلام الرجل صريح بأنه لا يقصد ذلك ولا يؤمن به. فكتاب الترابي عن "المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع" طافح بالدعوة إلى العفاف والستر بما في ذلك الخمار، وفيه يقول الترابي: "وهديُ النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يبدو من المرأة إلا الوجه والكفان"[28]. وقد بين الترابي المحامل السيئة التي حمل عليها خصومه كلامه عن الحجاب والخمار، فقد سألته صحيفة الشرق الأوسط يوم21/4/2006: "أثار حديثكم عن الحجاب جدلا واسعا، باعتبار أنه تغطية الصدر من دون الرأس.. فما حقيقة هذا الأمر؟" فرد الترابي: "هذه أكاذيب بعض الصحافيين الذين لم يحضروا الندوة التي تحدثت فيها عن بعض قضايا المرأة المسلمة. فهناك كلمات كُتبتْ لم أقلها، فبعض الصحافيين يستهويهم اسم الترابي فينسبون إلي ما لم أقله. فأنا في تلك الندوة ما كنت أتحدث عن أحكام أصلا، بل كنت أتحدث عن أن لغة القرآن نفسها اختلفت جدا في مصطلحات الناس.
فالقرآن تحدث عن الحجاب أنه في حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نساء الرسول عليهن أحكام خاصة عن غير النساء وعلى الرسول نفسه أحكام خاصة من دون الرجال المؤمنين... فالحجاب هو ستار عام ليس هو زي في لبس المرأة. فهو حجاب عام قد يتخذ استعارة في اللغة كأن تصف أن بين الناس وبين القرآن حجابا... قلت في المحاضرة إذا تحدثنا عن زي المرأة لا تتحدثوا عن حجاب والمعركة حول الحجاب والمحتجبة، لكن تحدثوا عن الخمار، تحدثت هكذا بيانا للغة لا الأحكام... ولكن يطير بعض الناسب الأخبار (الترابي أنكر الحجاب) (الترابي يقول إن الحجاب للصدور فقط) كأني أريد أنيكون كل ما تحت الصدر أي من البطن كله يكون كاشفا!! ولكن هذا غباء عظيم وتزوير في الروايات عن الناس. ليت الصحافيين فقط يأخذون سماعة الهاتف ويسألونني ليتثبتوا من مثل هذه الأخبار... أنا لا أسميه أصلا حجابا، أسميه خمارا، لأن القرآن سماه لنا خمارا وسمى لنا الستار في الغرفة حجابا"[29]. ولولا ولع الترابي بالتدقيق اللغوي والاصطلاحي لما اهتم أحد بهذا الأمر أصلا. وعموما فهو لم يفعل هنا سوى أنه آثر استعمال الاصطلاح القرآني على الاصطلاح الفقهي السائد.
*****
القسم الثاني من المآخذ على الترابي قضايا فقهية فروعية يصلح الاختلاف فيها، وفيها خلاف قديم طمره تراكم الجهل وطول العهد وانبتات الأمة عن تراثها الزاخر، مثل قتل المرتد، وإمامة المرأة الرجال، وبقاء المسلمة في عصمة زوجها المسيحي، وتنصيف شهادة المرأة بشهادة الرجل في الأموال. وآراء الترابي فيها –في تقديري- منها ما هو مقبول ومستنده قوي رغم إغرابه وقلة القائلين به اليوم، مثل رفضه لقتل المرتد المسالم، وتسويته بين الرجل والمرأة في الشهادة، ومنها ما هو ضعيف المستند، لكنه يبقى من موارد الاجتهاد، وقد قال به علماء أعلام من قبل، فلم يجعلهم ذلك كفارا، ولا حتى أخرجهم شذوذهم عن دائرة "السنة والجماعة"، وهي دائرة أضيق كثيرا من دائرة الإسلام الواسعة. فتحويل هذا الأمر اليوم إلى قضية كفر وإيمان غلو وتهويل، وهو يدل على الروح السياسية والطائفية التي سادت هذا الجدل أكثر من الروح العلمية النزيهة.
إمامة المرأة الرجال
وخذ مثلا قضية إمامة المرأة الرجال. فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل جوازها في بعض الظروف فيقول: "جوَّز أحمد في المشهور عنه أن المرأة تؤم الرجال لحاجة، مثل أن تكون قارئة وهم غير قارئين، فتصلي بهم التراويح، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأم ورقة أن تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا. وتتأخر خلفهم وإن كانوا مأمومين بها للحاجة. وهو حجة لمن يجوز تقدم المأموم لحاجة"[30] ويقول ابن تيمية: "قلت: ائتمام الرجال الأميين بالمرأة القارئة في قيام رمضان يجوز في المشهور عن أحمد. وفي سائر التطوعات روايتان"[31]. وهذا الإمام النووي يقول: "قال أبو ثور والمزني وابن جرير تصح صلاة الرجال وراءها حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري"[32]. وهذا ابن رشد يقول: "اختلفوا في إمامة المرأة، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال، واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك. وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق"[33]. فحديث قول الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان عن"إجماع الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أن المرأة لا تؤم الرجال" تعميم لا يصلح، وتجاهل لقول الإمام أحمد وغيره في هذا الباب.
لقد تمنيت لو أن خصوم الترابي تحدثوا في هذا الأمر بلغة فقهية مثل لغة ابن رشد إذ يقول: "وشذ أبو ثور والطبري، فأجازا إمامتها على الإطلاق". فلم لا نقول: "شذ الترابي فقال بإمامتها على الإطلاق"، بديلا عن لغة التكفير والتشهير؟!؟ فليس من علماء الإسلام المعتبَرين إلا وله أقوال شاذة وغرائب، والشذوذ يسمى شذوذا ولا يسمى كفرا أو فسوقا. وكم من رأي فقهي كان شاذا في عصر ثم تلقاه الناس بالقبول في عصر آخر، فابن تيمية رحمه الله لقي عنَتا كثيرا من علماء عصره والعصور الخالفة من بعدهم، لقوله بعدم إيقاع الطلاق ثلاثا في لفظ واحد، لكن أغلب الفقهاء اليوم يقولون بقوله هذا.
وبالطبع فإن مستند الترابي في قوله بإمامة المرأة، هو ذاته مستند أبي ثور والطبري والمزني ممن قالوا بإمامة المرأة الرجال في الفرائض، ومستند الإمام أحمد في قوله بإمامتها في التراويح، وهو حديث أم ورقة رضي الله عنها أنها "كانت قد جمعت القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، وكانت تؤم أهل دارها"[34]وفي رواية: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها"[35] وفي رواية ثالثة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة. وأذِن لها أن يُؤذَّن لها، وأنتؤم أهل دارها في الفريضة، وكانت قد جمعت القرآن"[36].
وقد تضمن حديث أم ورقة تعيين مؤذن لها مما يرجح صلاة رجل واحد على الأقل خلفها.. كما أن رواية ابن خزيمة تتحدث عن كونها " تؤم أهل دارها في الفريضة" وهو ما ينفي حصر إمامة المرأة الرجال في النوافل أو التراويح فقط.
فالذي أراه في هذا الأمر -والله أعلم بالصواب- أن إمامة المرأة الرجال في صلاة الفريضة بالمساجد لا تجوز قطعا، إذ الأصل في الشعائر التوقف، ولم يرد نص بإمامة المرأة الرجال في الفريضة بالمسجد، فيجب القول بتحريمه رغم أنف القائلين بالإطلاق، مثل أبي ثور والطبري والترابي.. وكل ما سوى ذلك -مثل إمامتها أهل بيتها رجالا ونساء في الفريضة، وإمامتها غير أهل بيتها من الأميين وهي قارئة في النوافل والتراويح- فهو من موارد الاجتهاد التي لا ينبغي التحريج فيها، فضلا عن التكفير والتشهير..
وقد بين الفقهاء القائلون بإمامة المرأة الرجال أنها إذا أمتهم فلا تكون أمامهم، بل خلفهم أو محاذية لهم، بل حتى لو أمت المرأة النساء فإنما تقف وسطهن لا أمامهن. وهذا الذي يدل عليه فعل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: ففي الحديث أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أمَّتا نساء فقامت أوسطهن[37].
وقد احتجت "الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان" على الترابي بضعف حديث أم ورقة، وهو احتجاج في غير محله. فقد حسن الألباني هذا الحديث كما رأينا، واعتبره ابن القيم مثالا على "السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في استحباب صلاة النساء جماعة لا منفردات"[38]. كما احتج مفتي المملكة العربية السعودية على الترابي بحديث "ألا لا تؤمَّنَّ امرأة رجلا"، وهو احتجاج غريب منه، لأن جمعا من جهابذة علم الحديث صرحوا بضعف هذا الحديث، منهم البيهقي[39] والنووي[40] والمزي[41] والذهبي[42] وابن الملقن[43] وابن القيم[44] وابن كثير[45] وابن حجر[46] والشوكاني[47] والألباني[48]... وآخرون غيرهم.
قتل المرتد وقتاله
مثال آخر من مسائل هذا القسم من المآخذ التي أُخذت على الترابي، هو رفضه قتل المرتد. ومن حق الترابي أن يجتهد في موضوع عقوبة القتل على الردة، وله في ذلك مستند من آيات القرآن الكريم، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين. فقد أجمع الصحابة على قتل المرتد المحارب، كما هو واضح من حروب الردة التي قادها الصديق ضد المرتدين عن الإسلام الخارجين على سلطة الخلافة الراشدة. أما المرتد غير المحارب، فقد صح عن بعض الصحابة منهم أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما ما يفيد قتل المرتد المسالم. ففي البخاري:"... زار معاذ أبا موسى، فإذا رجل مُوثَق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلمثمارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه"[49].
وفي المقابل صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يفيد عدم قتل المرتد المسالم، وهو واضح من قول عمر عن رهط من بني بكر بن وائل ارتدوا والتحقوا بالمشركين وقتلهم المسلمون في المعركة: "لأن أكون أخذتهم سِلْما كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء، قال:[أنس بن مالك]فقلت: وما كان سبيلهم لو أخذتَهم سلما؟ قال [عمر]: كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه، فإن أبوا استودعتهم السجن"[50]..والسؤال هنا هو: هل من الوارد أن يتأسف عمر على قتل مرتدين لو كان يؤمن بأن قتل المرتد حد من حدود الله؟ وهل سيتحدث عن إيداعهم السجن لو كان يؤمن بأن حد الردة القتل وهو من هو في الشدة والصرامة في الحق؟!؟ وهل يدرك المسارعون إلى المناداة بإهدار دم المرتد مغزى قول عمر: "لأن أكون أخذتهم سلما كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء"؟!؟
فإذا أضفنا إلى ذلك أن اثنين من أعلام التابعين هما الثوري والنخعي أنكرا حد الردة وقالا بالاستتابة أبدا.. وأن بعض علماء الأحناف لا يرون قتل المرأة بالردة لأنها ليست محاربة.. ترجح لدينا ما يقول به الترابي وغيره من المعاصرين من التمييز بين الردة الفكرية، والردة السياسية-العسكرية، فالأولى لا عقوبة عليها في القانون الجنائي الإسلامي، والثانية لها عقوبة تعزيرية تترواح ما بين القتل والسجن وغير ذلك مما تقدره السلطة الشرعية العادلة. وعلة العقوبة هنا تفريق صف الجماعة والخروج على نظامها الشرعي، فهي عقوبة على الجريمة المصاحبة لتغيير الدين لا على تغيير الدين. أما تغيير الدين فعقوبته عقوبة أخروية عند الله تعالى، وهي أغلظ من أي عقوبة دنيوية يتخليها البشر. ومما يرجح التمييز بين الردة الفكرية والردة السياسية-العسكرية أن لفظ الردة في عهد النبوة كان يستخدم استخداما واسعا لا يقتصر على معناها الاعتقادي الذي شاع في كتب الفقه فيما بعد، ومن ذلك: "قال رجل أما سلمة فقد ارتدعن هجرته"[51].
هشام المهدي
24-10-2007, 08:34 PM
والتمييز بين قتال المرتد المحارب وقتل المرتد المسالم ليس بجديد، فقد عزاه ابن حزم إلى طائفة من أهل العلم، وشرحه بموضوعية فقال: "ومنهم من قال بالاستتابة أبدا وإيداع السجن فقط، كما قد صح عن عمر مما قد أوردنا قبل. ووجوب القتال هو حكم آخر غير وجوب القتل بعد القدرة, فان قتال من بغى على المسلم, أو منع حقا قِبَله وحارب دونه، فرض واجب بلا خلاف، ولا حجة في قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل الردة, لأنه حق بلا شك, ولم نخالفكم في هذا, ولا يصح أصلا عن أبي بكر أنه ظفر بمرتد عن الإسلام غير ممتنع باستتابة فتاب فتركه, أو لم يتب فقتله، هذا ما لا يجدونه"[52].
وغاية ما يقال في موضوع قتل المرتد المسالم أن فيه تعارضا لظواهر النصوص، وتباينا في فعل الصحابة رضي الله عنهم، فالذين يتمسكون به من العلماء مستمسكون بظواهر أحاديث صحيحة تأمر بقتل المرتد، مثل قوله صلى الله عليه عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"[53]والذين يرفضون قتل المرتد مستمسكون بظواهر آيات محكمات تنهى عن الإكراه في الدين، ومنها قوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"[54]وقوله تعالى: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"[55]. أما القول بأن الإكراه المنهي عنه في الآية محصور في الإكراه على دخول الدين ابتداء، وأن الإكراه على الرجوع إلى الدين تحت طائلة السيف غير داخل في عموم الآية.. فهذا تكلف بارد، خصوصا وأن الآية وردت بصيغة من أقوى صيغ العموم في اللغة العربية وهي النكرة في سياق النفي والنهي: "لا إكراه".
وأما قول ابن حزم: "لم يختلف مسلمان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل من الوثنيين من العرب إلا الاسلام أو السيف الى أن مات عليه السلام فهو إكراه في الدين"[56] فهذا تعميم بعيد عن الدقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الجزية من مجوس هجر، وهم عرب وثنيون يعبدون النار. كما وادع النبي صلى الله عليه وسلم قبائل عربية كثيرة، وتوفي صلى الله عليه وسلم وبعضها لمَّا يدخل الإسلام بعد[57].
فإذا كان للمتمسك بأحديث آحاد ظنية الورود والدلالة في موضوع الردة عذرُه الشرعي وثوابه على اجتهاده، فالمتمسك بنصوص القرآن المحكمة أوْلى بالعذر وأحق بالأجر. وإذا كان لنا أن نستسيغ تأويل الآيات المحكمات لتتوافق مع أحاديث الآحاد، أفليس الأوْلى أن نستسيغ تأويل أحاديث الآحاد لتتواءم مع نصوص الآيات؟ لقد تمسك الترابي –ومثله في ذلك كثيرون- بمنطوق الآيات الناهية عن الإكراه في الدين، فقال: "من ارتد عن دينه فلا إكراه في الدين، ولا استتابة أو عقوبة بالسلطان، وإنما التكليف على المؤمنين أن يلاحقوا المرتد بالدعوة والمجادلة، حتى يتوب ويستقر أشد إيمانا، ويخلص صدقا لا مراءاة وخوفا من العقاب العاجل"[58]. وتأولوا الأحاديث الواردة في ذلك بأن المقصود بها فقط الردة الحربية.
ويبقى للقاضي المسلم النزيه أن يوازن هذا الخلاف في عقوبة الردة، ويعتبره شبهة كافية لدرء العقوبة كما يراه الترابي ونؤيده فيه، أو يلغي الخلاف ويتمسك بالنظرة الفقهية السائدة دون تدقيق.
تنصيف شهادة المرأة
ومن مسائل هذا الباب تسوية الترابي بين شهادة الرجل وشهادة المرأة مطلق،خلافا لما يدل عليهظاهر آية الدَّين في سورة البقرة من التمييز بين شهادتيْهما في المال: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما فتُذكِّر إحداهما الأخرى"[59]. لكن وضع الآية ضمن سياق أعمَّ يظهر أن الأمر من موارد الاجتهاد. فالقول بأن تنصيف الشهادة حكم مُعلَّل بظروف الزمان والمكان في عصر النبوة، يوم كانت المرأة عديمة الخبرة في عالم التجارة والمال قولٌ وجيه.
وقد نقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية كلاما يميل فيه إلى هذا التعليل، إذ قال: إن"استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى إذا ضلت، وهذاإنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان منالشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم تكن فيه على نصف الرجل"[60]. صحيح أن ابن تيمية لم يسوِّ شهادة المرأة بشهادة الرجل في الأموال فيما نعلم عنه، لكنه فتح الباب للاجتهاد في ذلك إن دعت لذلك مصلحة أو اقتضته ظروف الزمان المتبدلة، إذ يقضي كلامه هنا أن زوال الخوف من النسيان وعدم الضبط -كما هو الحال في شهادة امرأة خبيرة بالمحاسبة وإدارة الأعمال مثلا- يجعل شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل أو تفوقها.
وقد رفض الإمام محمد عبده ما ذهب إليه أكثر المفسرين الأقدمين من القول بالنقص في خِلقة المرأة ذهنيا وعاطفيا، وأن ذلك هو السبب في تنصيف شهادتها، فقال: "تكلم المفسرون فى هذا، وجعلوا سببه المزاج، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان، وهذا غير متحقق، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات"[61]. فالشيخ عبده ربط الحكم بالظروف الاجتماعية المتغيرة، ولم يجعل علته أبدية.
والذي يتتبع أبواب الشهادة في الفقه الإسلامي باستقراءٍ متوسِّعٍ، يجد أن مدار الأمر كله على حفظ الحقوق، وآية ذلك عدالة الشهود وخبرتهم، دون اعتبار لذكورة أو أنوثة. لاحظْ مثلا قبول شهادة الصبيان فيما يقع بينهم من جراح في المذهب المالكي، رغم أن الأصل رفض شهادة الصبي. ولاحظ قبول شهادة القابلة في قضية استهلال الوليد الدالة على ولادته حيا، حتى قال الإمام أبو حنيفة فيما نقله عنه ابن القيم: "تجوز شهادة القابلة وحدها، وإن كانت يهودية أو نصرانية"[62].
وقد سوَّى القرآن الكريم بين شهادة الرجل والمرأة في اللعان، فطالب أن يشهد كل منهما خمس شهادات تثبت صدقه وكذب خصمه، ولم يجعل على المرأة ضعف ما على الرجل من شهادات، ولا جعل شهادتها نصف شهادة الرجل. فتخصيص المال بتنصيف الشهادة في القرآن الكريم إذن مما قد يكون معللا. كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة المرضعة الواحدة: "عن عقبة بن الحارث: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل. ففارقها عقبة، ونكحت زوجا غيره"[63]. وقد علق ابن القيم على هذا الحديث بالقول: "ففي هذا قبول شهادة المرأة الواحدة وإن كانت أمَة"[64].
وقد تواتر قبول علماء الحديث رواية المرأة الواحدة للحديث النبوي، سواء بسواء مع الرجل. وما من ريب أن الشهادة على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كذا) أهم وأعمق أثرا على الملة والأمة من الشهادة على أن فلانا استدان من فلان بضعة دراهم أو دنانير.
فما ذهب إليه الترابي من أن تنصيف شهادة المرأة في آية الدَّين حكم معلَّل بعدم خبرة النساء حينها بالتجارة والتوثيق، وأنه يزول بزوال علته حينما يتعلم النساء ويتمرسن بالتجارة قول وجيه واجتهاد مُعتَبر، وليس هو مما يُنكَر. وكم من حكم معلل غير هذا في الكتاب والسنة زال بزوال علته، مثل أمر القرآن الكريم للمسلمين بإعداد الخيل لمواجهة عدوهم لما كانت الحرب على ظهور الخيل هي السائدة، وقد زال الحكم وأصبح إعداد الصناعات الحربية الحديثة هو المطلوب. ومنها أحكام كثيرة في باب الرق والحرب زالت بزوال موضوعها.
فلا أحد من علماء الإسلام اليوم يقول بأن أسرى الحروب يمكن استرقاقهم وبيعهم، واستحلال نسائهم سبايا، وغير ذلك من تقاليد الحروب القديمة التي كانت سائدة قبل الإسلام وفي صدر الإسلام. وإنما يتفق الجميع على أن تلك الأمور محدودة بحدود زمانها. فليس في القول بزوال الحكم بزوال علته نقض للنص الشرعي ولا خروج عليه، لأن الذي تغير هو موضوع الحكم وواقع الحال، وليس الحكم الشرعي ذاته. ومثل هذا النوع من الاجتهاد هو اجتهاد في النص، وليس اجتهادا في محل النص.
زواج المسلمة من الكتابي
ولعل المسألة الوحيدة التي أغرب فيها الترابي جدا هي قوله بزواج المسلمة من الكتابي ابتداء. وهو هنا يتعلق بأدلة نفي أكثر من تعلقه بأدلة إثبات، ويرى أن آية سورة البقرة التي تحرم تزويج المشركين والزواج منهم: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ... ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا..."[65] لا تنطبق على أهل الكتاب، لأن القرآن الكريم لا يسمي أهل الكتاب "مشركين" في الغالب. كما يرى أن آية الممتحنة: "فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن"[66]من العام الذي أريد به الخصوص لأنها جاءت في سياق الحديث عن الكفار الوثنيين من أهل مكة، ولا يدخل أهل الكتاب في مدلولها.
ولم أجد للترابي مستندا قويا في هذه المسألة تبرر مخالفته الفهم المتعارف عليه بين أهل العلم في هذا الباب. بل لا أشك في خطئه في استدلاليْه كليهما: فتعلقه بالتمييز في الاصطلاح القرآني بين المشركين وأهل الكتاب، وبين الكفار وأهل الكتاب لا يسعفه هنا، لأنه تمييز اصطلاحي فقط، والأصل اشتراكهم في صفة الشرك والكفر كما يقرُّ الترابي بذلك. وكذلك اشتراكهم فيما يترتب على ذلك من أحكام، إلا ما دل الدليل على اختلافهما فيه، مثل زواج الرجل المسلم من المرأة الكتابية. وقصر "الكفار" في آية الممتحنة على كفار قريش أو غيرهم من غير أهل الكتاب ادعاء يحتاج إلى برهان، وهو يقتضي أن تكون "ال" في لفظ "الكفار" هنا عهدية لا استغراقية، ولا دليل على ذلك من اللغة حسب ما أعلم.
ولا أعلم خلافا بين أهل العلم في تعميم قوله تعالى :"لا هن لهم ولا هم يحلون لهن" على جميع الكفار من وثنيين وأهل كتاب. وهو تعميم جدير أن يؤخذ به، خصوصا وأن الآية كررت التحريم مبالغة وتأكيدا. قال البيضاوي: "والتكرير للمطابقة والمبالغة، أو الأُولى لحصول الفُرقة والثانية للمنع عن الاستئناف"[67]. ومثله قول الألوسي: "قوله تعالى: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن)... تعليل للنهي عن رجْعهن إليهم. والجملة الأولى لبيان الفرقة الثابتة وتحقق زوال النكاح الأول، والثانية لبيان امتناع ما يُستأنَف ويُستقبَل من النكاح"[68]. ولم تعلل الآية التفريق باحتمال الاضطهاد والفتنة في الدين، رغم أنه احتمال شبه متحقق. وهذا ما يؤكد عموم الآية في كل الكفار، وثنيين وأهل كتاب، محاربين ومسالمين.
فمجمل القول هنا أن ظواهر القرآن تقضي بتحريم زواج المسلمة من الكافر عموما، والتمسك بظواهر النصوص حتى تدل القرائن على صرفها عنها أمر لا زم شرعا، دفعا للتسيب ومنعا للقول في دين الله بالأمزجة والأذواق. والذي أراه وجوب التمسك بظواهر هذه الآيات المانعة من زواج المسلمة من الكتابي ابتداء، حتى ولو اعتبرنا بقاءها مع الكتابي الذي تزوجته قبل إسلامها من موارد الاجتهاد، لأنه ورد عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وبه يقول الشيخ القرضاوي الآن، عملا بأنه "يغتفر انتهاء ما لا يغتفر ابتداء".
ولست أشك في أن الترابي مخطئ خطأ جسيما في فهم آية الممتحنة، وهو خطأ تترتب عليه أمور جسام لها صلة بالأسرة المسلمة، وتربية النشء على الإسلام. لكن تبقى هذه الفروع فروعا، فمخالفة الفقيه الفقهاء السابقين في فرع من الفروع، تأولا منه للنصوص، لا يخرجه من ربقة الإسلام، بل لا يجعله مذنبا وهو يقول ما يدين الله تعالى به مما أدى إليه جهده واجتهاده، بل يبقى مجتهدا مأجورا في حال الخطإ والصواب كليهما. وأغلب ما نظن أنه مخالف للإجماع ليس فيه إجماع أصلا، وإنما نحن نجهل الأقوال المخالفة فيه. وقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه ولم ينته إليه، فليقل لا نعلم الناس اختلفوا"[69]. وهذا كلام أهل التحقيق والتدقيق، أما أهل التعميم والتهويل فلا يترددون في نقل الإجماع فيما لم يعلموا فيه مخالفا، فيضيقون واسعا من دين الله.
أما محاولة الترابي تبرير زواج المسلمة من الكتابيّ بالمصلحة في قوله: "علينا أن نترك للأقليات المسلمة التي تعيش مع الكتابيين، والذين تهمهم هذه القضية أن يقدِّروا الأمر حق قدره، وأن يزوجوا بناتهم للكتابيين، لعل هؤلاء البنات يأتين بالكتابيين من خلال العلاقة الزوجية إلى الإسلام"[70] فالوقائع لا تعضّده كذلك. ولأني أقمت ولا أزال أقيم في الولايات المتحدة منذ أعوام مديدة، فقد عرفت عن كثب ما يعرفه كل المسلمين في هذه البلاد من أن المصلحة تكمن في منع زواج المسلمة من الكتابي. فقد رأينا رجالا كتابيين كثرا دخلوا الإسلام بإقناع من نساء مسلمات عزيزات الأنفس، رفضن الزواج منهن من دون ذلك. وقد أسلم في مركزنا الإسلامي بولاية تكساس الأميركية صحفي أميركي شاب منذ شهور، بعد أن أقنعته بذلك فتاة تركية مسلمة أراد الزواج منها. أما المسلمات اللاتي تزوجن كتابيين من غير أن يسلموا –وهي حالات نادرة جدا- فقد ضيعن دينهن وأطفالهن، وذُبْن في الثقافة السائدة ذوبان الجليد في النار.
رد الأحاديث الصحيحة
ومما أثار حفيظة البعض على الترابي رده بضعة أحاديث في البخاري ومسلم، وأكثر هؤلاء ممن اعتادوا الأجوبة السهلة على الأسئلة الصعبة، فأغلب أحكام الشريعة عندهم معلومة من الدين بالضرورة، وجلُّ النصوص محكمة، وجميع أحاديث الصحيحين ثابتة، ولم يترك المتقدمون للمتأخرين من قول. ولقد سمعت أحد هؤلاء يرد على الترابي قائلا: "إذا قال مسلم إن الماء حرام فهو كافر، لأن ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة"، فتعجبت من البون الشاسع بين هذا القول وبين قول الله تعالى: "ولكن من شرح بالكفر صدرا"[71]. كما سمعت آخر يقول: "إن من رد حديثا واحدا صحيحا فهو كافر" وهو لا يدري –على ما يبدو- أن العلامة ابن دقيق العيد جمع مجلدا من الأحاديث الصحيحة، التي لم يعمل بها هذا الإمام أو ذاك من أئمة المذاهب الأربعة.
فليس رد حديث آحاد صحيح لاعتقاد مخالفته القرآن، أو مخالفته ما هو أصح منه من الأحاديث، بكفر ولا ذنب، بل هو عمل اجتهادي يلجأ إليه كل المجتهدين في معرض تعارض الأدلة وتواردها على نفس المحل. كما أن هناك فرقا شاسعا بين راد الحديث النبوي إنكارا للرسالة وتكذيبا بحاملها، وبين راد الأحاديث اعتقادا بانتحالها وضعف نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس من ريب أن صحيحي البخاري ومسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، وأن مجمل أحاديثهما صحيحة النسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال صحة كل حديث أخرجاه، فقد رد عدد من الحفاظ أحاديث في صحيحيْ البخاري ومسلم، منهم أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبو داود، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والترمذي، والعقيلي، والنسائي، وأبو نعيم، والدارقطني، وابن منده، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن تيمية، وابن القيم، والألباني..الخ. وقد ضعَّف البخاري نفسه أواحدا أو اثنين من الأحاديث الواردة في صحيح مسلم.
وفي البخاري ومسلم حوالي أربعين حديثا ردها هذا العالم أو ذاك من هؤلاء الجهابذة. وأكتفي هنا ببضعة أمثلة منها:
حديث أبي الزبير في صحيح البخاري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلا"ً. قال الذهبي: "هو عندي منقطع"[72]. وقال ابن القيم: "وهذا الحديث غَلَط بيِّنٌ، خلاف المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم الذي لا يشك فيه أهل العلم"[73].
حديث أبي سفيان في صحيح مسلم الذي طلب فيه من النبي صلى الله عليه الزواج من ابنته أم حبيبة رضي الله عنها. قال ابن القيم بعد مناقشة ضافية: "فالصواب أن الحديث غير محفوظ، بل وقع فيه تخليط والله أعلم". ونقل عن ابن حزم قوله: "هذا حديث موضوع لا شك في وضعه"[74]. وقال ابن تيمية: " "غلَّطه [أيْ مسلماً] في ذلك طائفة من الحفاظ"[75].
حديث مسلم حول صلاة الكسوف ثمان ركعات. قال الألباني: "ضعيف، وإن أخرجه مسلم"[76] وقال ابن تيمية: "ضعّفه حُذّاق أهل العلم"[77].
حديث مسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة". قال الألباني: "كان الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة"[78].
وقد أفرد بعض علماء الحديث كتبا لنقد أحاديثَ في البخاري ومسلم وبيان عللها في السند أو في المتن، أشهرها كتابا الدارقطني: "الإلزامات" و"التتبع". ومنها كتاب:"غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأسانيد المقطوعة" للعطار، وكتاب :"علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم" لأبي الفضل بن عمار. وضعَّف العلامة ناصر الدين الألباني -وهو شيخ علوم الحديث والأثر في عصرنا- عشرات الأحاديث الواردة في أحد الصحيحين. ولا غرابة أن كان أكثر المطعون فيه من صحيح مسلم لا صحيح البخاري. قال ابن تيمية: "جمهور ما أُنكر على البخاري مما صحّحه، يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه، بخلاف مسلم بن الحجّاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه"[79]. وعموما فإن التعميم والتهويل حول صحة كل حديث في الصحيحين ونقل الإجماع على ذلك إنما شاع حينما انحطت علوم الحديث، وساد فيها التقليد.
لقد رد الترابي بضعة أحاديث مما أخرجه البخاري ومسلم، استنادا إلى فهمه من تعارضها مع نصوص القرآن، لا تشكيكا في السنة ولا طعنا في حجيتها. ولأهل العلم أن يناقشوه في ذلك، وأن يطالبوه بالدليل فيما ادعاه من انتحال تلك الأحاديث، لكن الأمر كله يجب أن يظل نقاشا علميا من غير تكفير أو تشهير من جهتهم، ومن غير تبجح أو استهتار من جهته.
رجوع المسيح وظهور الدجال
القسم الثالث قضايا اعتقادية خالف فيها الترابي الفهم المتعارف عليه، وأهمها إنكاره رجوع المسيح عليه السلام وظهور الدجال، وكلامه في عصمة الأنبياء. أما مسألة رجوع المسيح فإنكار الترابي لها تعلق منه بظواهر آيات قرآنية مثل قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام: "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"[80]فهو يرى أن البعدية المذكورة في هذه الآية تنفي ما ذهب إليه الجمهور من أن عيسى بن مريم لا يزال حيا، وسيرجع في آخر الزمان. كما أن قوله تعالى على لسان عيسى: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا"[81]يثير إشكالا حول دفعه للزكاة إذا كان حيا يرزق في السماء اليوم!!
واعتمادا على ظواهر الآيات رد الترابي أحاديث البخاري ومسلم حول عودة المسيح وظهور الدجال، وألح على أن هذه الأحاديث أثر من آثار الثقافة المسيحية على التراث الإسلامي، تسربت إلى كتب الحديث دون وعي من أهلها، فقال في مقابلته مع الشرق الأوسط يوم21/4/2006: "الأحاديث تقول يوشك أن ينزل عليكم عيسى ويفعل كذا، فأنا أصرف هذه الروايات إلى أثر الثقافة النصرانية، وأنها نسبت خطأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم". وبمثل ما يقول الترابي قال العلامة المجدد محمد رشيد رضا من قبل، وكان أكثر تحديدا وتفصيلا فقال: "فنزول عيسى عقيدة أكثر النصارى وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهر الإسلام بثها في المسلمين، وممن حاولوا ذلك بإدخالها في التفسير وهب بن منبه الركن الثاني بعد كعب الأحبار في تشويه تفسير القرآن بما بثه من الخرافات"(اللهم قدس ارواحهم جميعا لكن هذه المسالة لم تكن قديمة بل حديثة علماء المسلمين الاول لم يقولوا بها فما بالك بمن كان بين ظهراني سيد الاولين والاخرين الذي انزل عليه القران الكريم وهو خاتم المرسلين فلا نبي ولا متبوع بعده فهذه إدخالات جديدة على دين الله العظيم دين الإسلام اللهم كل اهلنا العلماء الاجلاء براء من هذه العقيدة التي ادخلت على رسالة الله العظيم بل العقيدة الصحيحة هدي سيدنا محمد عليه الصلاة السلام ورسالة الله العظيم انه يكون في اخر الزمن مهدي وهو انا هشام المهدي المنتظر اخرج الله العظيم اياته لها واهلها المسلمين اللهم اغفر لهم اجمعين واجعلهم من المقربين) وزاد: "ونحن نعلم أن أبا هريرة روى عن كعب وكان يصدقه... ومثل هذا يقال في ابن عباس وغيره ممن روى عن كعب ، وكان يصدقه"[82]. وبمثل ذلك قال من المعاصرين محمد أبو زهرة ومحمود شلتوت والشيخ المراغي من علماء الأزهر. أما محمد الغزالي فقد نبه إلى نقطة مهمة، وهي أن القول بأن عيسى عليه السلام لا يزال حيا في السماء، تحمل شيئا من "شوائب الألوهية" في المسيحية[83].
وقد توصل الشيخ رشيد رضا إلى أنه "ليس في الكتاب والسنة نص قطعي الثبوت والدلالة على نزول المسيح يوجب على المسلمين الاعتقاد بذلك، وإنما ورد في نزوله أحاديث اشتهرت لغرابة موضوعها وتخريج الشيخين لها، وأكثرها عن أبي هريرة، وهذه المسألة من المسائل الاعتقادية التي يُطلب فيها النص القطعي المتواتر"[84].
هشام المهدي
24-10-2007, 08:35 PM
أما كعب الأحبار الذي يتحدث عنه رشيد رضا هو الذي قال فيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في صحيح البخاري: "إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب"[85](قدس الله ارواحهم اجمعين لكن الإمام كعب صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في سبب نزول سورة البينة أنه ابلغه سلام جبريل من الله العظيم له وهذا يطرد على ابي هريرة ابن عباس وابن منبه غيرهم من الصحابة الكمل الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فقد كذب عليهم كذلك ووالله ما هولاء حفدة الصحابة الكرام من الاشياخ قصرا لا حصرا الشيخ محمد المختار كاتب هذا المقال العقدي والشيخ رشيد رضاء والشيخ شلتوت والشيخ الغزالي والشيخ المراغي والشيخ ابي زهرة غيرهم من اشياخ السعودية ممن صدعوا بهذه العقيدة الصافية والشيخ احمد عالم إيراني وغيرهم ليسوا ببعيد عن هولاء الرعيل الاول بل قد اقاموا اطناب الإسلام وهدي سيد الانام فرضي الله العظيم عنهم ورضوا عنه لكن تضل المسالة تطلب بيان وإيضاح علني رسمي كيف لا والامة في ضلال عن هذه الحقائق التي ادخلت عليها ودين الله العظيم الذي ارتضاه بري منها أسال الله العظيم أن يظهر كل الحقائق طوبى لسالكين طريقه قولا وعملا). ونقلُ أبي هريرة عن كعب معروف في الأخبار الصحيحة، ومنها الحديث التالي: "عن أبي هريرة أنه قال: خرجت إلى الطور، فلقيت كعب الأحبار، فجلست معه، فحدثني عن التوراة، وحدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"[86].
وأقل ما يقال في أحاديث البخاري ومسلم حول عودة المسيح ابن مريم وظهور المسيح الدجال أنها غريبة ومثيرة للريبة، وقد أشكلت على علماء أعلام في الماضي، منهم البيهقي وابن حجر وغيرهما، لمعارضة بعضها ليقينيات الوقائع، ومناقضة بعضها لبعض. ففي صحيح البخاري أحاديث توحي بأن الدجال هو الشاب اليهودي الغريب الأطوار صاف بن صياد الذي عاش في المدينة على عهد النبوة. فقد أخرج البخاري "عن محمد بن المنكدر: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد الدجال، قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم"[87]. وورد عن ابن عمر وأبي ذر بأسانيد صحيحة أنهما كانا يحلفان على ذلك[88]. كما ورد في صحيح مسلم عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما شكهما في أن ابن صياد هو الدجال[89]. وقد حاول ابن حجر بتكلف شديد أن يتغلب على الإشكال بالقول إن "ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة"[90] وليس هو بالدجال الحقيقي الذي يأتي في آخر الزمان، ونسي أن أحاديث البخاري تدل على شك النبي صلى الله عليه وسلم في أن ابن صياد هو الدجال الحقيقي، ولذلك قال لعمر: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله"[91]. فهل استيقن ابن حجر أن ابن صياد مجرد شيطان وليس هو الدجال الأكبر، وغاب ذلك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب وحفصة بنت عمر وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبي ذر الغفاري وأبي سعيد الخدري!؟
ومن أمثلة هذا الاضطراب في أحاديث المسيح ابن مريم والمسيح الدجال حديث في صحيح مسلم يصرح بأن ظهور الدجال ونزول المسيح يكون بعد رجوع الجيش الإسلامي إلى الشام من فتح القسطنطينية مباشرة: "...فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون، وذلك باطل. فإذا جاءوا الشام خرج. فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة. فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمهم. فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته"[92]. والمشكلة في هذا الحديث أن القسطنطينية تم فتحها منذ أكثر من خمسة قرون، وعادت منها الجيوش الإسلامية ظافرة، فما وجدت المسيح ولا الدجال!!!
إن أحاديث رجوع المسيح ابن مريم وظهور المسيح الدجال فيها اضطراب وتناقض كبير، أثارا حيرة العلماء الأعلام على مر العصور. فلم يك الترابي أول من شك في صحتها ولن يكون آخرهم. فطالب الثانوية المسلم اليوم يدرك أنه أن الإنسان المعاصر قد وصل إلى كل موطئ قدم من اليابسة، بل اطلع على الكثير مما في باطن الأرض، وصوَّر طبقاتِها الجيولوجية ومعادنَها وكنوزَها، ورحل إلى القمر، وهو الآن يخطط للرحيل إلى المريخ.(قلت من قبل انا على يقين بأن المؤلف الفذ يعلم أن حضارة الإسلام كان لها الاثر البالغ في كل علم ادبي او علمي من قبل ومن بعد فاافادت منها الحضارات الاخر) فهل نلزم هذا الشاب المسلم أن يؤمن بما رواه لنا مسلم في حديث تميم الداري الطويل المشهور أن الدجال موثق بالحديد في جزيرة وصل إليها بحارة عرب ضلوا طريقهم، تحرسه دابة عجيبة الخلق تتحدث اللغة العربية بطلاقة!! قال تميم الداري ضمن خبره الطويل الذي ينسب الإمام مسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصديقه فيه: "...حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.قلنا: ويلك! ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا:نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية. فصادفنا البحر حين اغتلم، فلعب بناالموج شهرا، ثم أرفأَنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر، لا يُدري ما قبُله من دبُره من كثرة الشعر، فقلنا:ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا وما الجساسة؟ قالت: اعمَدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق... قال....إني مخبركم عني، إني أنا المسيح [الدجال]، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج. فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما، استقبلني ملك بيده السيف صلتا"!![93] .
وهذه الغرائب غيض من فيض مما ورد في نزول المسيح وظهور الدجال. ويبقى السؤال: أين تلك الجزيرة اليوم بعد أن مسح الإنسان سطح الأرض مسحا؟! وأين الدجال الموثق فيها بالحديد؟! وهل هو الشاب اليهودي ابن صياد الذي عاش في المدينة وحج أو اعتمر إلى مكة كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري[94]؟ أم هو ذلك الرجل الموثَق في تلك الجزيرة النائية الذي تمنعه الملائكة من دخول المدينة ومكة كلتيهما كما في صحيح مسلم أيضا من حديث تميم الداري!؟
ليس مما يخدم الإسلام في شيء –وهو دين العلم والبرهان- أن يتم إلزام الناس بالإيمان بمنقولات مضطربة فيما بينها، مناقضة لبدائه العقل ومدرَكات الحس، بل ذلك فتنة للمسلمين عن دينهم الحق، كما فتنت الكنيسة أتباع المسيح عليه السلام، بتحريفاتها وتأويلاتها المناقضة للعلم والعقل. وليس من العلم والعدل النكير على المشككين في تلك الأخبار المضطربة، مثل الشيخ رشيد رضا ومحمود شلتوت ومحمد الغزالي وحسن الترابي. أما تكفيرهم بذلك فلا يستساغ أصلا، خصوصا عند المطلعين على جملة تلك الأحاديث، وما ذكره فيها أهل العلم من الغرابة والإشكالات. ولولا تكلف التأويل ونقص الاستقراء لدى هؤلاء المكفِّرة لما كفَّروا أحدا بهذا، ولسلكوا سبيل العلم والتحقيق.
ومما يحسن التذكير به مقارنةً في هذا المقام أن الإمام البخاري نفسه أنكر حديث مسلم عن أبي هريرة حول الخلق في سبعة أيام، وردَّه إلى مصدره المسيحي، كعب الأحبار. ففي صحيح مسلم "عن أبي هريرة رضي الله عنه: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل"[95]. قال ابن تيمية: "وهذا [الحديث] طعَنَ فيه من هو أعلمُ من مسلم، مثل يحيى بن معين، ومثل البخارى وغيرهما، وذكر البخارى أن هذا من كلام كعب الأحبار"[96]. ثم أيد ابن تيمية ذلك الطعن "لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام"[97].
فإذا كان الإمام البخاري قد رد هذا الحديث الذي رفعه الإمام مسلم –أو أحد رواته- خطأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واكتشف البخاري أنه من كلام كعب الأحبار، فهل يُستغرَب –بعد تراكم المعرفة الشرعية والإنسانية أكثر من ألف عام على عصر البخاري- أن يرد علماء مسلمون بضعة أحاديث أخرى وجدوا بالدليل أن البخاري أو مسلم رفعها خطأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويكتشفوا أنها من كلام تميم الداري الذي "كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم"[98]كما في صحيح مسلم، أو من كلام كعب الأحبار وهو نصراني آخر أسلم؟!؟
أليس أقل ما يقال في هذا السياق هو قول شيخ الأزهر السابق علي جاد الحق رحمه الله: "ولما كانت أسس العقيدة الإسلامية إنما تثبت بالدليل القطعي الثبوت والدلالة من القرآن والسُّنَّة، فإن مَن جَحد نزول عيسى عليه السلام وعوْدتَه إلى الأرض لا يخرُج عن الإسلام، ولا يُعتبر كافرًا، لأن ما جَحده غير ثابت بدليلٍ قطعيٍّ مِن القرآن أو السنة"[99]؟
عصمة الأنبياء عليهم السلام
ويدخل في هذا الباب كلام الترابي عن عصمة الأنبياء، فالذين يردون على الرجل لا يبدو أنهم يفرقون بين "عصمة البلاغ" و"عصمة التأسي"، ولا يميزون بين العصمة من الكبائر والعصمة من الصغائر. فلا ريب أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله عز وجل، وبدون اعتقاد ذلك تسقط الثقة في الوحي، وعلى هذا القدر من العصمة لم يختلف اثنان من علماء الأمة، ولم يثر الترابي يوما كلمة حول هذا الأمر. وأما عصمة التأسي، أي هل هم معصومون من فعل الذنب ابتداء، أم معصومون من الإقرار عليه فقط، فهذا فيه جدل قديم منذ صدر الإسلام بسبب ظواهر الآيات الدالة على أن بعض الأنبياء ارتبكوا أخطاء أو أصابوا ذنوبا. قال الشوكاني: "وكلام أهل العلم في عصمة الأنبياء واختلاف مذاهبهم في ذلك مدون في مواطنه"[100].
والقدر المتفق عليه من عصمة التأسي أنه لا يتم إقرار الأنبياء على الذنب. قال ابن تيمية: "إن الله سبحانه وتعالى لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه، ولهذا كان الناس في عصمة الأنبياء على قولين: إما أن يقولوا بالعصمة من فعلها [أي الذنوب]، وإما أن يقولوا بالعصمة من الإقرار عليها، لا سيما فيما يتعلق بتبليغ الرسالة، فإن الأمة متفقة على أن ذلك معصوم أن يُقرَّ فيه على خطأ، فإن ذلك يناقض مقصد الرسالة ومدلول المعجزة"[101].
ويرى الباقلاني من الأشاعرة، وبعض علماء المعتزلة، أن الأنبياء غير معصومين، لا من الصغائر ولا من الكبائر، بينما يرجِّح ابن تيمية أنهم معصومون من الكبائر لا من الصغائر، ويقول إن ذلك ما يقول به جلُّ علماء المسلمين من مختلف المشارب والمذاهب. قال ابن تيمية: "القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء يقولون أن الأنبياء ليسوا معصومين من الصغائر، بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول" وزاد ابن تيمية أن "أول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقا وأعظمهم قولا لذلك الرافضة [يقصد الشيعة]"[102].
وقد رد ابن تيمية على المتكلفين في القول بعصمة الأنبياء من كافة الذنوب صغيرِها وكبيرِها، واتهمهم بتحريف كلام الله عز وجل، فقال: "وإن كان كثير من الناس المتكلمين فى العلم يزعم أن هذا ليس بذنب وأن آدم تأول... وهذا القول يقوله طوائف من أهل البدع والكلام والشيعة وكثير من المعتزلة وبعض الأشعرية وغيرهم ممن يوجب عصمة الأنبياء من الصغائر، وهؤلاء فروا من شيء ووقعوا فيما هو أعظم منه في تحريف كلام الله عن مواضعه. وأما السلف قاطبة من القرون الثلاثة الذين هم خير قرون الأمة، وأهل الحديث والتفسير، وأهل كتب قصص الأنبياء والمبتدأ، وجمهور الفقهاء والصوفية، وكثير من أهل الكلام، كجمهور الأشعرية وغيرهم وعموم المؤمنين، فعلى ما دل عليه الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: (وعصى آدم ربه فغوى) وقوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)... وهذه نصوص لا تُردُّ إلا بنوع من تحريف الكلم عن مواضعه"[103].
فقول أحد الرادين على الترابي: "في شرعنا ـ عند أهل السنة ـ الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله، وعن الشرك، والكبائر، والصغائر، قبل وبعد البعثة" تعميم وتهويل في غير محله. وليت الذين يكفِّرون الترابي بقوله في عصمة الأنبياء يقرأون ما كتبه ابن تيمية: "إن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات... اتفق علماء المسلمين أنه لا يُكفَّر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء""[104]. أما قول "الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان" إن الترابي ينكر عصمة البلاغ، فكلام الترابي صريح بعكسه، بما في ذلك الكلام الذي نقلته عنه الرابطة في بيانها. فهي إذن دعوى من خصم على خصمه دون دليل، وتعميم في موطن يحتاج إلى تدقيق وتفصيل.
ومهما يكن من أمر، فليست أي من أقوال الترابي هذه بأشد مخالفة لظواهر النصوص وما تعارف عليه أهل العلم، من أقوال شاذة قال بها علماء أعلام في الماضي، فخرجوا بها عن القول السائد. وكم من علمائنا الأقدمين خالفوا ما اعتقد أنه إجماع، ليس في الفروع فقط، بل في العقائد، وتعرضوا للمحن بسبب ذلك، ومع ذلك انتشر قولهم واشتهر بعد ذلك وأصبح مقبولا، بعد أن تكشفت مداركه من النصوص وسوابقه في تراث الأمة، أو تم عذرهم فيه لما يُعلَم من عمق إيمانهم وحبهم لله ورسوله. وقول ابن تيمية وابن القيم بفناء النار في الآخرة، وهو ما يترتب عليه عدم خلود الكفار في العذاب، يدخل في هذا الباب. وقد رد عليهما بعض العلماء الأقدمين مثل تاج الدين السبكي في كتابه: "الاعتبار ببقاء الجنة والنار"، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني في كتابه: "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار"، واتهموهما بمخالفة الإجماع. وبسبب اجتهاداتهما المخالفة لما تعارف عليه فقهاء عصرهم "نودي بدمشق من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله، خصوصاً الحنابلة. فنودي بذلك وقرئ المرسوم"[105]. ولم يكن الخطأ خطأ ابن تيمية أو ابن القيم رحمهما الله، فهما من أعلام الإسلام، وقد قالا بما أداهما إليه اجتهادهما واطلاعهما الواسع. بل كان ثمرة مريرة من ثمار التعصب المذهبي وضيق الأفق عند الطرف الآخر، واستخدام السلطة القاهرة في صراع الأفكار. فما أشبه الليلة بالبارحة، ونحن نقرأ بيان مجمع الفقه التابع لرئاسة الجمهورية السودانية حول الترابي!!
ورغم أن مسألة القول بفناء النار قضية كبيرة وخطيرة، حتى قال ابن القيم في "حادي الأرواح" إنها أكبر من الدنيا وما فيها بأضعاف مضاعفة، ورغم أنها تخالف ظواهر آيات عديدة من القرآن الكريم، فقد قال الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي في فتوى له إن كلا من القائلين بخلود النار أو بفنائها مجتهد مأجور: "لا يُنكر عليه ولا يضلَّل ولا يبدَّع، لأن السب والتجريح و تضليل الآخرين وهم ليسوا كذلكفيه إثم ومعصية ويترتب عليه الاختلاف والفرقة التي نهى الله عباده عنها". واعتبر العلامة المحدث ناصر الدين الألباني ابنَ تيمية وابنَ القيم مجتهدين مأجورين في ذلك رغم خطئهما، وهذا الذي يجب القول به. بل دافع عن القول بفناء النار أحد المعاصرين في كتيب بعنوان: "القول المختار لبيان فناء النار".
نحو التثبت والتأصيل
(اكثر ما حصل من قبل لإالائمة من امثال شيخنا مقبل واشياخنا الإئمة اسحار من من يهود اثرت عليهم لكن ثبت الله العظيم اهله وخاصته المسلمين)
في عام 1998 أصدر محدِّث اليمن الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته محاضرة في شريطيْ كاسيت بعنوان: "البركان لنسف جامعة الإيمان"، يهاجم فيه جامعة الإيمان في اليمن، وهي صرح من صروح العلم والتقوى والدعوة. وكان الشريط صدمة لرئيس الجامعة، الشيخ العلامة الورع عبد المجيد الزنداني، كما كان صدمة لجميع مدرسي الجامعة وطلابها، ولأغلب العاملين للإسلام في اليمن. ولم يكن مصدر الصدمة محصورا في التحامل الذي بلغ حدا عجيبا، بل في التساهل في الرواية من شيخ محدث متمكن. فقد قال الشيخ مقبل رحمه الله في إحدى شريطيه: "أخبرتني أم مالك وهي أوثق عندي من جميع الإخوان المفلسين" (يقصد الإخوان المسلمين).. ثم أورد قصة عن أم مالك مفادها أن الشيخ الزنداني تحرسه النساء.
تعجبت غاية العجب لما أعلمه من حياة الورع والحيطة السائدة في جامعة الإيمان، والفصل الصارم بين الرجال والنساء، إلى حد منع الأساتذة من دخول قاعات طالباتهم، ونقل الدرس بالبث التلفزيوني إلى قاعات الطالبات.. ومع ذلك يأخذ شيخ محدث برواية كذابة حول أمر على هذا القدر من الخطورة، ويطعن في أعراض أئمة المسلمين ومنابرهم العلمية بناء على تلك الرواية المنحولة.
بل كان عجبي أكثر وأنا أعرف أن الشيخ مقبل رحمه الله عالم مبرَّز في علم الجرح والتعديل. فتساءلت بألم: هل يعجز من أفنى حياته منقِّبا في علم الرجال وتوثيق الرواة وتضعيفهم عن الاتصال بالهاتف على جامعة الإيمان أو على الشيخ الزنداني للاستبيان عن صحة ما قالته الكذابة "أم مالك"؟ وهل الشيخ الذي طالما حدَّث طلابه عن الرحلة في طلب الحديث، عاجزا عن السفر بضعة عشرات من الأميال إلى مقر الجامعة، أو التعريج عليها في إحدى زياراته لصنعاء، ليتحقق بنفسه مما نقل إليه عن جامعة الإيمان ورئيسها ومدرسيها. وكان من طرائف ما ورد في الشريطين هجوم الشيخ مقبل رحمه الله على المدرسين الموريتانين في جامعة الإيمان، وقوله إن منهم "الرافضي والأشعري والمعتزلي والمرجئ...الخ" ولأني كنت أحد أولئك المدرسين يومذاك، وأعرف المدرسين الآخرين حق المعرفة، فقد كانت دهشتي عظيمة.
تذكرت شريط" البركان لنسف جامعة الإيمان" وأنا أتابع بحزن ما آل إليه الخطاب الشرعي في التعاطي مع قضية الترابي وآرائه المثيرة، وآلمني حقا أن يتحول الحوار في قضايا شرعية على هذا القدر من الخطورة والأهمية إلى تراشق بالكلام، وولوغ في الأعراض، ومحاكمة للضمائر والسرائر، وتعجل في إصدار الأحكام دون تثبت في النقل أو تأصيل للرأي. لقد ورد في بيان مجمع الفقه في السودان ردا على الترابي: "إن كفر اليهود والنصارى يعد من الأمور المعلومة بالضرورة من دين الاسلام، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى أو شك في ذلك فهو كافر". وهذا غلو في الصياغة، لأن لازم القول ليس منه، وقائل الكفر ليس بالضرورة كافر. فضلا عن أن الترابي لم يقل كفرا، ولم يتجاوز أن ميز تمييزا اصطلاحيا بين أهل الكتاب والمشركين، وبين أهل الكتاب والكفار، له أصل في القرآن الكريم، وكلامه متواتر بكفر وشرك أهل الكتاب، كما بينا من قبل. لكن المجلس الموقر لم يكلف نفسه عبء التثبت في ذلك. كما وصف بعض المنتسبين إلى العلم الشرعي ومنهج السلف في السودان الترابيَّ بالدجل والكفر والردة والنفاق والزندقة والضلال... وغير ذلك من ألفاظ قاموس التكفير والتشهير.
وقد ارتكب الترابي نفس الخطإ فجاءت لغته استفزازية مستهتِرة، ومن ذلك قوله مبررا فتواه بزواج المسلمة من الكتابي: "منع التزاوج بين المسلمات والكتابيين أقاويل لا أساس لها من الدين، ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف، إنما هي أوهام، وتضليل، وتجهيل، وإغلاق، وتحنيط، وخداع للعقول.. والإسلام منها براء". وقوله عن تنصيف شهادة المرأة في الأموال: "ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هي مجرد أوهام، وأباطيل، وتدليس، أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء..." وهذا إطلاق لا مبرر له، وتنكر لآراء سائدة وفهومٍ فقهية متراكمة للنص الشرعي، وحشد لألفاظ مستهجَنة لا يصلح استخدامها من طرف أهل العلم وهم يتحدثون في دين الله. وكان الأوْلى بمن استشكلوا أقوالا للترابي أن يردوها إلى سياقها في فكره وكتبه، أو يستفسروا منه عن مقصوده بها، ومصادر رأيه التي اعتمد عليها. كما كان الأوْلى بالترابي أن يسلك سبيل الحكمة والتأصيل وتقديم الدليل، ويترفع عن والمراء.
هشام المهدي
24-10-2007, 08:38 PM
مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم
قال الله عز وجل " عليه وآله وسلم قال "يؤتى يومئذ بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" خرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن العلاء به وخرجه الترمذي من طريق سفيان عن العلاء موقوفا على ابن مسعود ورجح وقفه العقيلي والدارقطني وخرج ابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال تغير لون النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرف ذلك في وجهه حتى اشتد ذلك على أصحابه فسألوه فقال "إنه جاءني جبريل فأقرآني هذه الآية" قال كيف يجاء بها قال "يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام تشرد مرة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ومن عليه ثم تعرض جهنم فتقول مالي ومالك يا محمد لقد حرم الله لحمتك علي فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول أمتي أمتي" الوصافي شيخ صالح لا يحفظ فكثرت المناكير في حديثه وخرج أبو يعلى الموصلي من حديث أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا فيقولون من أزواجك فتقول كل متكبر جبار" وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج يوم القيامة عنق من النار لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق تقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين" وصححه الترمذي وقد قيل إنه ليس بمحفوظ بهذا الإسناد وإنما يرويه الأعمش عن عطية عن أبي سعيد فقد روى الأعمش وغير واحد عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم" خرجه الامام أحمد وخرجه البزار ولفظه "يخرج عنق من النار يتكلم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ولها لسان تتكلم به فتقول إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبكل نفس بغير نفس قتل من فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام" وقد روي عن عطية عن أبي سعيد موقوفا وروى ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار فتنطوي عليهم وتتغيظ عليهم ويقول ذلك العنق وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بمن دعا مع الله إلها آخر ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ووكلت بكل جبار عنيد فتنطوي عليهم فتطرحهم في غمرات جهنم" خرجه الامام أحمد وروي عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار فيظل الخلائق كلهم فيقول أمرت بكل جبار عنيد ومن زعم أنه عزيز كريم ومن دعا مع الله إلها آخر" ورواه أبو المنهال سيار بن سلامة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس موقوفا قال إذا كان يوم القيامة خرج عنق من النار فأشرفت على الخلائق لها عينان تبصران ولسان فصيح تقول إني وكلت بكل جبار عنيد فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم ثم تخرج ثانيا فتقول إني وكلت بمن آذى الله ورسوله فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم ثم تخرج ثالثة قال أبو المنهال أحسب أنها قالت إني وكلت اليوم بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم وفي حديث الصور الطويل الذي خرجه اسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي وغيرهما بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يأمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطعة مظلمة فيقول "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" إلى قوله "أفلم تكونوا تعقلون" يس وخرج ابن أبي الدنيا من طريق الشعبي عن أبي هريرة قال "يؤتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام آخذ بكل زمام سبعون ألف ملك وهي تمايل عليهم حتى توقف عن يمين العرش ويلقي الله عليها الذل يومئذ فيوحي الله إليها ما هذا الذل فتقول يا رب أخاف أن يكون لك في نقمة فيوحي الله إليها إنما خلقتك نقمة وليس لي فيك نقمة ويوحي الله إليها فتزفر زفرة لا تبقي دمعة في عين إلا جرت ثم تزفر أخرى فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق إلا نبيكم نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا رب أمتي أمتي"
اضف مشاركتك هنا
________________________________________
الإسم (ضروري)
البريد الإلكتروني(ضروري)
عنوان المشاركة (ضروري)
مشاركتك (ضروري)
حقوق النشر محفوظة
تصميم و برمجة وإنتاج سمارت انفو
شبهات حول أحاديث الدجال
ومع ذلك لم تسلم هذه الأحاديث - الثابتة في الصحيحين وغيرهما - من الاعتراض والاستنكار والتأويل مصداقاً لما أخبر به - صلى الله عليه وسلم – من أنه سيأتي من ينكر ظهور الدجال وغيره من الأمور الثابتة بصريح الكتاب وصحيح السنة وذلك في قوله : ( ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم ، وبالدجال ، وبالشفاعة ، وبعذاب القبر ، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا ) رواه أحمد بسند صحيح .
فقد ذهب الشيخ محمد عبده – كما نقل عنه صاحب تفسير المنار (3/317) - إلى أن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح ، التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها ، والأخذ بأسرارها وحكمها .
وتبعه أبو عبيه في تعليقه على كتاب النهاية في الفتن والملاحم للإمام ابن كثير حيث ذهب إلى أن الدجال رمز للشر ، واستعلائه وصولة جبروته ، واستشراء خطره ، واستفحال ضرره في بعض الأزمنة ، وتطاير أذاه في كثير من الأمكنة ، بما يتيسر له من وسائل التمكن والانتشار ، والفتنة في بعض الوقت ، إلى أن تنطفئ جذوته وتموت جمرته بسلطان الحق .
وأما أبو ريه فقد عرض لأحاديث الدجال - في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " صـ213- وطعن فيها معتبراً ظهور الدجال في آخر الزمان خرافة . ثم استشهد على تعارض أحاديث الدجال بأنه ورد في بعض الروايات أن معه جبال الخبز وأنهار الماء والعسل ، وأن معه جنة وناراً . . . . . إلى غير ذلك ، وقال إن هذا يتعارض مع الحديث الذي في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة قال : ما سأل أحدٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال أكثر مما سألته ، وإنه قال لي : ما يضرك منه ؟ قلت : إنهم يزعمون أن معه أنهار الماء وجبال الخبز ، قال : هو أهون على الله من ذلك " ( تفسير المنار 9/490) .
وإذا كانت فتنة الدجال بهذه الخطورة ، فلماذا لم يذكر في القرآن ، مع عظم فتنته وتحذير جميع الأنبياء منه ، والأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة .
من جهة الرواية
ونحن لا ننكر أنه قد وضعت أحاديث مكذوبة في الدجال وصفته وزمان ومكان خروجه،
عـيسي عـليه السلام في الحديث!!
د. عـبدالحكيم الفيتوري
قال أبو هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا،وإماما مقسطا،يكسر الصليب، ويقتل الخنزير،ويضع الجزية،ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.(متفق عليه)وقد أخرج هذا الحديث بطرق مختلفة جلها عن أبي هريرة رضي الله عنه،كلا من الترمذي،وابن ماجة،والموطأ،وأحمد،وأبو داود ،ومشكل الآثار،وابن عبدالبر في تمهيده،والمصنف وغير ذلك من المصادر الحديثية.علما بأن أسانيد هذا الحديث على الرغم من تنوعها إلا أنها تدور على راوى واحد؛وهو أبو هريرة راوية الإسلام.فالحديث إذن يصنف ضمن أحاديث الأحاد كما هو معلوم عند أهل الفن وإن تواترت حلقات الاسناد بعد حلقة الصحابي.ولا يخفى أن هنالك جدل واسع بين مذاهب أهل السنة والشيعة والخوراج والمعتزلة في مدى حجية خبر الآحاد في المسائل الاعتقادية؛وهل يفيد العلم والعمل،أم يفيد العمل فقط ،وبعبارة أخرى:هل يفيد القطع أم الظن؟ لذلك ينبغي علينا أن نتناول هذا الموضوع بشيء من التحليل والفك والتركيب ضمن إطار المقالين السابقين،وذلك من خلال النقاط التالية،أولا:الآحاد وإشكالية الاحتجاج به في الاعتقاد.ثانيا:إشكالية الخلط بين إنسانية الصحابي والترضي عليه.ثالثا:منهجية نقد متن الحديث عند الصحابة.رابعا:نقد متن حديث نزول عيسى آخر الزمان.
النقطة الأولى : الآحاد وإشكالية الاحتجاج به في مسائل الاعتقاد :
هذه المسألة يتجاذبها فريقان،فريق يقول بحجية خبر الأحاد في الاعتقاد والسلوك(=العلم والعمل)=(إفادة القطع)، وعلى رأس هؤلاء ابن حزم وابن القيم وجمهور أهل الحديث،وبعض الفقهاء .أما الفريق الثاني فأنه يرى أن حجية خبر الأحاد تفيد الظن لا القطع ومن ثم فلا يحتج به في مسائل الاعتقاد البتة،وعلى رأس هؤلاء جل أهل العلم من الأئمة والفقهاء والأصوليين وأهل التفسير ،والمتكلمين والمعتزلة والشيعة والخوارج .
- القائلين بحجية بخبر الأحاد :
نذكر منهم ابن حزم،فقد قال:(إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله يوجب العلم والعمل معا).(الإحكام في أصول الأحكام)أما ابن القيم فقد بالغ حين صرح بأن حجية الأحاد في العلم والعمل قولا مجمعا عليه،ولم يخرقه إلا الشواذ وبعض المتأخرين!!فقال:(فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة،وإجماع التابعين،وإجماع أئمة الإسلام،ووافقوا به المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة،وتبعهم بعض الأصوليين والفقهاء،لا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلك..).(مختصر الصواعق المرسلة)
- القائلين بعدم حجية خبر الأحاد في المسائل الاعتقاد : نذكر منهم الشاشي(المتوفي 344)فقد قال:حكم خبر الواحد أنه يوجب العمل به،ولا يوجب العلم، لا علم اليقين،ولا علم طمأنينة).(أصول الشاشي)، كذلك قال الوليد الباجي المالكي:(وأما أخبار الآحاد:فما قصر عن التواتر،وذلك لا يقع به العلم،وإنما يغلب على ظن السامع له صحته ..).(الإشارات،بهامش شرح الورقات)،وأكد على ذلك الشيرازي الشافعي بقوله:أخبار الآحاد لا توجب العلم،ولا يحكى القول بإفادة العلم إلا عن بعض أهل الظاهر،وبعض أصحاب الحديث).(التبصرة،وشرح اللمع)وأما ابن عبدالبر المحدث فذكر الخلاف في المسألة وأن الذي عليه أكثر أهل العلم:أنه يوجب العمل دون العلم.ثم أعطى رأيه وموقفه: قال أبو عمر:الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العمل، كشهادة الشاهدين،والأربعة سواء،وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر.. ).(التمهيد) وأما أبو الحسين البصري المعتزلي فقد نقل عن أكثر الناس عدم حجية أخبار الآحاد فقال:(وقال أكثر الناس:أنه لا يقتضي العلم).(المعتمد)ونختم بقول الخطيب البغدادي منظر علم الحديث ،فقد قال:(خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها،والقطع عليها..وإنما يقبل به فيما لا يقطع به ..).(الكفاية)
خلاصة القول : أن المعتمد عند السلف والخلف من سائر المذاهب والفرق بأن خبر الآحاد لا يفيد العلم القطعي ولا يحتج به في الاعتقاد وإنما يفيد العمل دون العلم،علما بأن لفظة العلم ترد في بعض كتب الأولين ويراد بها العلم بمعناه العام(إفادة العمل)دون العلم بمعناه الخاص(إفادة الاعتقاد).وعلى هذا الأساس لا ينبغي التعويل على كلام ابن القيم السابق بأن إجماع الأمة منعقد على حجية خبر الآحاد في الاعتقاد،وأن مخالفه لا سلف له !! ويبدو أن موقف الرافضين لحجية الآحاد في القديم والحديث يعود إلى ما شاع في أخبار الآحاد من مخالفته للمنطق والمعقول التي تأسس عليه النظم القرآني ،ولا شك أن هذا الرفض يرتبط برغبة مثالية في إيجاد مفهوم دقيق وواضح لمعاقد الإيمان ،ومنطق القرآن ينأى عن الشك والاختلاف.
النقطة الثانية : إشكالية الخلط بين إنسانية الصحابي والترضي عليه
ذكرت في مقالات سابقة ضرورة التفريق بين ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بالبعد الرسالي والبعد الانساني ؛فكانت السنة التشريعية،والسنة القياديةوالسنة الجبلية.وفي هذا المقام نريد التأكيد على ضرورة التفريق بين إنسانية الصحابي والترضى عليه،وهي نقطة منهجية محورية تجاذبها طرفان ووسط ، طرف كفر الصحابة ببعض أفعالهم البشرية ، وطرف أسبغ عليهم قداسة رفعتهم عن مصاف البشر، وطرف وسط يجلهم ولا يقدسهم ؛يترضى عليهم ولا ينفى عنهم العوارض الانسانية والاهلية،فهم بشر يجوز عليهم النسيان والخطأ مثل غيرهم من الناس.
ولا يخفى أن عملية تأسيس عدالة الصحابة بالأساس كانت عملا دفاعيا لمواجهة المواقف الطاعنة في الصحابة.حيث أن الطعن فيهم يبطل المفهوم الذي يحاول أهل السنة أن ينتسبوا إليه وهو الجماعة،فمفهوم الجماعة الذي ألحق بتسمية أهل السنة من أكثر المفاهيم المتنازع عليها بين المذاهب والفرق الإسلامية.لذلك كانت مسألة عدالة الصحابة موضع أهتمام علماء السلف فتأسيس مفهوم الصحبة وحجية الصحابة ومفهوم الجماعة لا يمكن أن يبنى إلا على تعديل الصحابة حتى يتسع أفق النص القرآني بالممارسة الإسلامية التاريخية وبأعمال الصحابة الذين قدموا إجابات شتى عن قضايا المجتمعات الإسلامية اللاحقة.علما بأن الصحابة-رضوان الله عليهم-أنفسهم كان يضع بعضهم بعضا موضع النقد إذ كانوا يمارسون نقد الرواية والراوي،كما قال عمران بن الحصين رضي الله عنه:والله لو أردت لحدثت عن رسول الله يومين متتابعين،فإني سمعت كما سمعوا وشاهدت كما شاهدوا ولكنهم يحدثون أحاديث ما هي كما يقولون،وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم).وقول عمر لأسماء بن قيس رضي الله عنهما:لا نقبل قول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت.والذي يهمنا في هذه المقال الوقوف على بعض الانتقادات التي وجهة لأبي هريرة من الصحابة والتابعين،لعلها تعيننا على فهم وتحليل ونقد حديث أبي هريرة الذي ينص على نزول عيسى بن مريم آخر الزمان.
النقطة الثالثة : منهجية نقد متن الحديث عند الصحابة
1-لقد كان جمهرة في علماء الصحابة رضوان الله عليهم ملتزمون بمنهج علمي في نقد ما يرد عليهم من نصوص أو أحاديث مناسبة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعالم هذا المنهج تتمثل في رد الأحاديث إلى القرآن الكريم وفهمها من خلاله ، فإن وافقت أصول القرآن قبلت وإن خالفت تلك الأصول القرآنية رد ، لأن القرآن الكريم قد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه كاملا بدون نقص ولا تغيير .وقد كتب النص القرآني كاملا في عهد رسول الله حيث كان له مجموعة من الكتبة بالمختصين بكتابة الوحي ، وكان يراجعه جبريل عليه السلام ما بين الحينة والفينة حيث يأمره بوضع تلك السورة أو الآية في مكان ما من السور أو الآيات ،فكانت أخر تلك المراجعات قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان حيث تم مراجعة المصحف مرتين وعرضه النهائي في ذات العام التي إنتقل فيه الرسول إلى الرفق الأعلى . في المقابل فأن السنة لم تجد هذا الاهتمام وهذه الرعاية التي أولاها الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم ، ولأن رسول الله منع كتابتها(لا تكتبوا عنى،ومن كتب غير القرآن فليمحه)(مسلم=على خلاف في ذلك)،ثانيا أنه لم يجعل لها كتاب مختصين؛بمعنى أنه لم يخصص لها مجلسا للرواية.زاد على ذلك فقد تم تدوين أحاديث السنة وجعلها كمدونة دستورية بعد ما يقرب من مئتين عام من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ،خاصة وأن تلك الفترة الزمانية قد تخللتها فتن حار فيها الحليم .علما بأن جامعوا السنة قد بذلوا قصارى جهدكم في تحرير الأسانيد ووضع موازين لتعديل وجرح الرواة بغية التثبت والتحري في صحة ما ينسب إلى رسول الله من أقوال وأفعال،ولكنهم لم يعطوا لمتون الأحاديث ذات القدر من الاهتمام بالأسانيد.وكان من المفترض أن تنصب تلك الجهود حول متون الأحاديث وتعديلها من خلال الأصول القرآنية،كما كان يفعل أؤلئك الأخيار من الصحابة قبل التدوين وقبل الفتن التي ساهمة بشكل من الأشكال في حجم وضع الأحاديث، ودخول الأنظمة السياسية على خط توظيف النص الديني جملة والراوي والرواية خاصة !!
2- معالم المنهج النقدي عندي الصحابة : بادي ذي بدء لابد من تقرير أن جمعون من الصحابة كان ينهون عن الأكثار من الرواية والإقلال منها بغية عدم مزاحمة الأصول القرآنية بأي مصدر آخر ولو كان ذلك المصدر مما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من قول وفعل،وكان هؤلاء الأخيار ينطلقون في ذلك من عقلهم المقاصدي وفهمهم التعليلي للقرآن،ومن فهم لواقع الناس حيث إختلط فيها الحابل بالنابل والصدق بالكذب وتأثر الناس بالأوضاع السياسية.وهم في ذلك يعتمدون على نصوص صدرت منه صلى الله عليه وسلم تؤيد منهجهم العلمي من ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة حتى لا تزاحم القرآن فقال:(لا تكتبوا عني،ومن كتب غير القرآن فليمحه).(مسلم) وقوله عندما خرج ذات يوم على الصحابة وهم يكتبون الأحاديث،فقال لهم:ما هذا الذي تكتبون؟قلنا:أحاديث نسمعها منك ؟ قال:كتاب غير كتاب الله؟أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما أكتتبوا من الكتب مع كتاب الله).(المحصول في علم الأصول لرازي،والبغدادي)وهناك روايات آخر في ذات المضمون.كذلك أمره بعرض ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على القرآن،وذلك بقوله:إنما تكون بعدي رواة يروون عني الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ن فما وافق القرآن فخذوا به وما لم يوافق القرآن لا تأخذوا به).(البيهقي والدار قطني والطبراني وغيرهم ، قال ابن حجر:إنه جاء من طرق لا تخلو من مقال) لذلك كان عمر رضي الله عنه يقول:أقلوا الحديث عن رسول الله .وعندما قالت له فاطمة بنت قيس،إن رسول الله قال لها:لا سكنى لك ولا نفقة.رد عليها عمر قائلا:لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة لعلها حفظت أونسيت.(الترمذي)وكان الصديق رضي الله عنه يقول:إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها،والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا:بيني وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.(تذكرة الحفاظ)وكان عمران بن حصين يقول:إني سمعت كما سمعوا،وشاهدت كما شاهدوا ،ولكنهم يحدثون أحاديث ما هي كما يقولون،وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم(المحصول في علم الأصول)
لذلك كله كان هؤلاء الأخيار يعرضون ما ورد من نصوص مناسبة للرسول على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .أن أبا وائل قال أن رجلا جاء إلى عبدالله ابن مسعود،فسأله عمن لقي ،فأخبره أنه لقي كعبا،وأنه حدثه أن السموات تدور حول منكب ملك،وأنه ما صدقه ولا كذبه،فقال له ابن مسعود:لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها،كذب كعب،إن الله يقول:إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ).(تفسير ابن مسعود)فقد خالف خبر كعب القرآن فرفضه ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها لما بلغها أن أبا هريرة يقول:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لأن أقنع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنى.وأن رسول الله قال:ولد الزنى شر الثلاثة،وإن الميت يعذب ببكاء الحي. فقالت عائشة:رحم الله أبا هريرة أساء سمعا فأساء إجابة !!..والله يقول:(لا تزر وأزرة وزر أخرى) و(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).(الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)
إذن.عرض الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم على النظم القرآني الكريم منهج معتمد عند كوكبة من الأخيار من الصحابة رضوان الله عليهم وليس بدعا من المناهج كما يظن الظان ،لذلك فإن قبول المتن الحديث أو رده من خلال النظم القرآني لا يعني بالضرورة رد كلام رسول الله -كل وحاش- وإنما هو رد لكلام الرجال،كما صور ابن عبدالبر مناقشة أهل الحديث الذين يعظمون الأسانيد وبين مدرسة أبي حنفية التي تعظم نقد المتن من خلال القرآن، فقال ابن عبدالبر: إن أهل الحديث جرحوا بأبي حنيفة لأنه كان يرد كثيرا من أخبار العدول. فكان يذهب إلى عرضها على ما اجتمع لديه من الأحاديث ومعاني القرآن،فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذا.وكان أبوحنيفة يقول :ردي على رجل يحدث عن رسول الله بخلاف القرآن ليس ردا على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكذيبا له،ولكنه رد على من يحدث عن رسول الله بالباطل ، والتهمة دخلت عليه وليس على نبي الله).
ولا يغيب على بالنا أن ميزان نقد متن الأحاديث والأخبار وعرضها إلى النظم الكلي القرآني والعقل المقاصدي ليس مختص بمدرسة أبي حنفية فقط بل هناك من علماء الحديث والمدارس الآخرى الفقهية من يذهب ذات المذهب،فهذا الخطيب البغدادي من منظري علم الحديث يصرح -وهو بصدد عرضه لطرق معرفة فساد الخبر- بهذا المنهج إذ قال:أن يكون مما تدفع العقول صحته بموضوعها والأدلة المنصوصة فيها.ومما يدفعه نص القرآن أو السنة المتواترة ...).(الكفاية)
ولعل في نقد ابن تيمية لمتن حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم ورده لمخالفته لأصول القرآن خير شاهد على اعتماد هذا المنهج النقدي وليس مقتصرا على أبي حنيفة. فقد انتقد ابن تيمية الحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال:أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي،فقال:خلق الله عز وجل التربة يوم السبت،وخلق فيها الجبال يوم الأحد.وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء،وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيه الدواب يوم الخميس ،وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة).
فقال ابن تيمية:إن هذا طعن فيه من هو أعلم من مسلم مثل يحي بن معين ومثل البخاري وغيرهما.وذكر البخاري: أن هذا من كلام كعب الأحبار.ثم قال:هذا هو الصواب،لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام،وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة.فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد.وهكذا هو عند أهل الكتاب.وعلى ذلك تدل اسماء الأيام،وهذا هو المنقول الثابت في أحاديث وآثار أخر.ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة، لكان قد خلق في الأيام السبعة.هو خلاف ما أخبر به القرآن ).(مجموع الفتاوى لابن تيمية)وذات المنهج أمّه تلميذه النجيب ابن القيم حيث جعل أهم قواعد رد الحديث مخالفته لصريح القرآن،إذ قال:مخالفة الحديث صريح القرآن.مثل حديث مقدار الدنيا، وأنها سبعة آلاف سنة ...والله تعالى يقول: يسألونك عن الساعة أيان مرساها،قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو).(المنار المنيف)
وأحسب أن نقد ابن تيمية وابن القيم يصدق تماما على سند ومتن حديث أبو هريرة القائل بنزول عيسى ابن مريم أخر الزمان،من حيث مخالفته للنظم الكلي القرآني،وأنه يوافق لما عند أهل الكتاب،مما يرجح أنه من كلام كعب الأحبار وليس من كلام سيد الأنام .ولا غرو فقد جاء الأثر عن رسول الله أنه قال:ما حدثتم عني ما تنكرونه فلا تأخذوا به فإني لا اقول المنكر ولست من أهله.(انظر:تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة،أنظر مسند أحمد)
رابعا : نقد حديث نزول عيسى آخر الزمان رأويا ورواية
لا يخفى على متابع أن جمهورة من العلماء من الصحابة ومن بعدهم قد مارسوا على روايات أبي هريرة شيئا من النقد والرد،وإليك نماذج من هذه الانتقادات .
1- نقد الراوي :
نماذج من نقد الصحابة: نقد عائشة :قال أبو هريرة،قال رسول الله:إن المرأة والكلب والحمار يقطعن الصلاة.مشت عائشة في خف واحدة وقالت:لأخشن أبا هريرة فإني ربما رأيت الرسول وسط السرير وأنا لى السرير بينه وبين القبلة.( الإجابة لإيراد ما استدراكته عائشة على الصحابة)
-نقد ابن عباس:قال أبو هريرة سمع رسول الله يقول الوضوء مما مست النار، ولو من ثور إقط. فقال لها ابن عباس،يا أبا هريرة،أنتوضأ من الدهن؟أنتوضأ من الحميم؟!!( الترمذي تحفة الأحوذي)
-عائشة:قال أبو هريرة،قال رسول: الشؤم في ثلاثة،في الدار والمرأة والفرس. فقالت عائشة:لم يحفظ أبو هريرة،إنه دخل ورسول الله يقول:قاتل الله اليهود يقولون:الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس،فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله.وفي رواية قالت:والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول.ثم قرأت(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ).(الإجابة) وقولها في حديثه:إن امرأة عذبت بالنار من جرى هرة ... فقالت لها:يا أبا هريرة إذا حدثت عن رسول الله فانظر كيف تحدث !!
- نماذج من نقد العلماء: الحسن البصري:قال أبو هريرة أن رسول الله قال:الشمس والقمر نوران مكوران في النار يوم القيامة.قال الحسن:ما ذنبهما ؟!!(المحصول للرازي)
-ابن كثير ينتقد حديث ابي هريرة في قصة يأجوج ومأجوج.إذ يقول:ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب،فإنه كان كثيرا ما كان يجالسه ويحدثه،فحدث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه والله أعلم.(تفسير ابن كثير)
-وروى أحمد في مسنده عن أبي هريرة أن رسول الله قال:يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء.قال ابن كثير إنه من كعب الأحبار.(البداية والنهاية)
- نقد البخاري:وروى مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله بيدي فقال:خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد ... الحديث).علل البخاري في التاريخ هذا الحديث فقال بعضهم عن كعب وهو أصح يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار فإنهما كان يصطحبان ويتجالسان للحديث،فهذا يحدثه عن صحفه وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى الله عليه وسلم.فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكد رفعه بقوله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي.وعلق ابن كثير في تفسير سورة فصلت فقال:هو من غرائب الصحيح وقد علله البخاري في التاريخ،فقال رواه بعضهم عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو الأصح.(تفسير ابن كثير)
وكعب الأحبار هو الذي قال فيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في صحيح البخاري: إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب،وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب. ونقلُ أبي هريرة عن كعب معروف في الأخبار الصحيحة .
هشام المهدي
24-10-2007, 08:39 PM
2- نقد الرواية : ننطلق من الشواهد والممارسات النقدية السابقة والتي ميزت بوضوح بين نقد الرواية ونقد الراوي بميزان النظم القرآني الكلي بغية المحافظة على جلاء التصور وصحة الاعتقاد.ونقدنا لمتن حديث نزول عيسى يتمحور حول نقاط هامة،أولها :مخالفته للنظم الكلي القرآني (انظر المقال الأول حقيقة عيسى في القرآن).ثانيهما:وموافقته لما ورد في الاناجيل الأربعة (انظر المقال الثاني:حقيقة نزول عيسى في الاناجيل).ثالثهما:إمكانية تسرب عقيدة نزول عيسى عند أهل الكتاب إلى المسلمين ممكن جدا.نقف في هذا المقال عند السبب الثالث، أي إمكانية تسرب عقيدة نزول عيسى إلينا لأسباب كثيرة منها:
-أن راوى الحديث أبو هريرة كان مما تجمعه مع كعب الأحبار علاقات علمية وطيدة حيث كانا يتدارسا أسفار التوراة ، وكان أبو هريرة على أطلاع واسع بما تحتويه أسفار التوراة ،حتى وصفه كعب بقوله:(ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من ابي هريرة).(طبقات الحفاظ) علما بأن هناك شبه اتفاق على أن كعب الأحبار، والذي أصله من يهود اليمن،يعد من أكبر من تسربت منه أخبار اليهود إلى العلوم الإسلامية حيث كان واسع المعلومات بالثقافة اليهودية والإسلامية.
- ومن خلال هذه العلاقة الوطيدة بين كعب وأبو هريرة ؛وتأثير الأول على الثاني كما قال ابن سعد في طبقاته(أن ابا هريرة جاء إلى كعب الأحبار يسال عنه فقال: إني جئتك لأطلب العلم عندك)فقد كان يروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويفسر ذلك بأقوال كعب،فيقع الإشكال عند السامعين الذين يكتبون عنه حديث رسول الله، لذلك فقد حذر بسر بن سعيد المحدثين من خطورة هذا الإشكال فقال: اتقوا الله وتحفظوا من الحديث؛فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة؛فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب،ثم يقوم؛فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب،ويجعل حديث كعب عن رسول الله.(سير إعلام النبلاء)وجاء في مسند أحمد عن القاسم بن حمد قال:(اجتمع أبو هريرة وكعب الأحبار فجعل أبو هريرة يحدث كعبا عن النبي صلى الله عليه وسلم،وكعب يحدث أبا هريرة عن الكتب).(المسند)
فإذا كان ذلك كذلك فمن حق العقلاء أن يبدوا تحفظا وإستفهاما حول متن حديث أبي هريرة الذي نص فيه على نزول عيسى في أخر الزمان.علما بأن هذا الحديث مخالفا لصريح النظم القرآن الكلي ،وموافقا لما ورد في أسفار التوراة ، مما يجعل الشبه قوية وإمكانية إيقاف العمل به أقوى!!
3- مخالفة متن الحديث لطبائع الأشياء : بعد أن ثبت لدينا بأن متن حديث نزول عيسى مخالف للنظم القرآني الكلي،فأنه كذلك مخالف لسنن الكون الثابتة، ومخالف للعقل والمعقول(إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه حديث موضوع).(المنار المنيف).
فقد جاء في رواياته المتعددة أمور مخالفة لسنن الكون والحياة والمعقول من ذلك وتكون الملة واحدة...ويوضع الامن في الأرض حتى أن الأسد ليكون مع البقر تحسبه ثورها، ويكون الذئب مع الغنم تحسبه كلبها...وترفع حمة كل ذات حمة،حتى يضع الرجل يده على رأس الحنش فلا يضره ....وحتى تنفر الجارية الأسد...ويقوم الفرس العربي بعشرين درهما،ويقوم الثور بكذا وكذا...وتعود الأرض كهيئتها على عهد آدم...وترفع الشحناء والعداوة...ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها،ويكون الأسد في الإبل كأنه فحلها.... ويبتز قريش الامارة ... !!
ولا أخال أن هذه الغرائب والأوابد من إسرائيليات كعب التي يملأ بها دين المسلمين وعقول سامعيه من رواة الحديث،كما ذكر الذهبي إذ قال أن:كعب جالس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية،ويحفظ عجائب.(سير إعلام النبلاء)وحمل الحافظ ابن كثير على كعب الأحبار وحمله تلك الغرائب والعجائب،وذلك بعدما أورد طائفة من غرائبه في قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام ،فقال: والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب مما وجد في صحفهم، كروايات كعب ووهب سامحمها الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل،من الأوابد والغرائب والعجائب،مما كان ومما لم يكن،ومما حرف وبدل ونسخ،وقد أغنانا الله بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ،ولله الحمد والمنة .(التفسير،وقصص الانبياء)
ورحم الله عمر ابن الخطاب الخليفة العادل حين هدد كعب الأحبار بنفيه من دار العلم والإسلام إن لم يسكت،إذ قال له:(لتتركن الأحاديث،أو لألحقنك بأرض القردة.(أبو زرعة الدمشقي في تاريخه)كذلك توعد راوية الإسلام أبا هريرة جليس كعب بذات الوعيد،فقال له:(لئن لم تسكت عن التحديث لألحقنك بأرض دوس)!!
ورحم الله الفقيه المحدث رشيد رضا إذ قال:لو طال الله عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة ،وذلك عند قول أبي هريرة لو كان عمر حيا ما حدثتكم بهذه الأحاديث !! فلا ندري ماذا نقول نحن إذاً ؟!!
والله الموفق.
اللهم اغفر لهولاء الاشياخ فاشهد الله العظيم انا المهدي المنتظر وسبب الإظطراب ما ادخلته من يهود وبعض من المستشرقين لإابعاد الحقائق التي من خلالها ابعدوا انفسهم كل البعد عن الجنة واما نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام فكذب وكفر بعد أن اظهرنا الحقيقة التي خبئتها من يهود باقي اشراط الساعة شرحت اسفل هذه الرسالة نحن في مخاضها وانا المهدي المنتظر اللهم انصر الإسلام والمسلمين اجمعين.
أبو حمزة الشاري في خطبته ( لا يرجعون إلى نظر نافذ في القران، ولا عقل بالغ في الفقه ، ولا تفتيش عن حقيقة الصواب، قد قلدوا أمرهم أهواءهم ، وجعلوا دينهم عصيبة لحزب لزموه ، أطاعوه في جميع ما يقوله لهم ، غيا كان أو رشدا ، أو ضلالة أو هدى ، ينتظرون الدول في رجعة الموتى )
1ـ البسيوي فيما نقله عنه صاحب باب الآثار يقرر في صراحة أكبر دليل عدم صحة هذه الأمور ( مسألة : الشيخ أبو الحسن : ما تقول في الدجال ، أله صفة أم لا ؟
قال : كل الفسقة دجاجلة فلا أدري الذي تصفونه .
قلت له: وكذلك عيسى ابن مريم يبعث في آخر الزمان قبل يوم القيامة ؟
قال : لم يصح ذلك عندنا ، ولا يكون البعث إلا يوم القيامة والله أعلم )
2ـ عبر عن ذلك مؤلفو ديوان الأشياخ عندما سئلوا عن الدجال أحق أم باطل؟ فقالوا ( لم يجئ في كتاب الله شيء يعرف به ، وأما الأحاديث والروايات فقد جاءت به ، وذلك ما لم يتعبدنا الله فيه بشيء يجب علينا علمه والعمل به ؛ إلا البراءة من كل ظالم سمعنا به ، ونحن دائنون بالراءة من أهل تلك الصفة ، والدجال مما يسعنا جهله أن نعلم أنه حق أم باطل ، وقولنا فيه قول المسلمين ، والدجال من الجبابرة الظالمين إن كان حقا . وهؤلاء الجبابرة والدجاجلة والمفارقة لهم واجبة ، ولا يدرى ما يأتي الله به في عصرنا ولا بعدنا ، وذلك إلى الله ، والناس مختلفون فيهم ، فأنكرهم قوم وثبتهم آخرون )
3ـ ويقرر سلمة بن مسلمة العوتبي في باب ما يسع الناس جهله ( والدجال مختلف فيه ثبته قوم وأنكره آخرون ، وهو مما يسع جهله ، وقولنا فيه قول المسلمين )
وقال السالمي في موضع آخر ( وفي اقترانهما في هذه الرؤيا إشارة إلى ما يرويه قومنا أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويحكم بالشريعة المحمدية ، ولم يثبت هذا عند أصحابنا
ويقول ( اعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام لا نبي معه ولا بعده ، فما رواه قومنا من نزول عيسى عليه السلام لم يصح عند أصحابنا رحمهم الله تعالى )
6ـ ناصر بن أبي نبهان الخروصي حيث قال ( وفي أخبار قومنا أن الله يبعث المهدي(صحيح)
امادجال وينزل عيسى من السماء ، وكل ذلك في نفسي بعيد من الصواب ، ومعي أن الخضر ميت وعيسى كذلك لقوله تعالى ( إني متوفيك ورافعك إلي ) ومن قال هذا غير صحيح ولم يخطئ من قال أنه صحيح ولم يدن بصحته فهو سالم ، ولا يلزم هنا شيء من الاعتقاد معنا ، فاعرف ذلك وبالله التوفيق
9ـ الشيخ بيوض إبراهيم ، فحين سئل عن عودة المسيح عليه السلام آخر الزمان قال ( قد روى أصحاب الحديث في ذلك أحاديث لا نعلم مبلغها من الصحة ، وهي في مجموعها لا تفيد علما يقينيا ، والاعتقاد في هذه الأمور الغيبية لا يمكن أن يبنى إلا على أدلة قطعية وأنى لمثل هذه الأدلة في مسألة نزول عيسى ، وعليه فجوابنا على
الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ( علينا نحن أن نعمل وـن يكون كل واحد منا هاديا مهديا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وألا ننتظر من يظهر بعد حين ، على أن الروايات في المهدي فيها الكثير من الاضطراب كما شرح ذلك العلامة رشيد رضا، وقد وضعت في المهدي روايات متعددة وادعى الكثير من الناس أنه هو المهدي لمنتظر، ومن الناس من قال أن المهدي من ذرية الحسين بن علي ، ومنهم من قال هو من ذرية العباس بن عبد المطلب ، وهذا مما يدل على أن للاتجاه السياسي دخلا في حبك هذه الروايات )
11ـ الشيخ أحمد بن سعود السيابي الذي قال في محاضرة له ( والقول بالمهدي المنتظر ونزول المسيح عيسى عليه السلام قدح في خاتمية النبوة وعصمة هذه الأمة في عدم اجتماعها على ضلال ، فهو قدح فيها أنها كانت على استقامة ، وهي رد لكلام الله تعالى بقوله ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) وقد يقول قائل من الأخوة الإباضية إن المسألة وجدت في بعض تآليف علماء الإباضية ، فنقول له : إن هذا صحيح ، لكنه عند التأمل نجده تأثرا بما في كتب الآخرين ، فعندما نقول إن المسيح يعود في آخر الزمان فهذا قدح في نبوة النبي بوصفه خاتم الأنبياء والمرسلين ، فكيف يعود المسيح وقد قال الله تعالى إنه قد توفي ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) وكيف يرجع ويقوم بنشر الإسلام والدين كمل والنعمة تمت ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت يقول ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارهالكم الإسلام دينا ) والرسول )
12ـ الشيخ سعيد بن خلف الخروصي ؛ حيث أجاب في نظم له حول بعض القضايا :
وإن تأب إلا أن أجيب فهاك ما ......... يخص رسول الله عيسى اب مريما
روى مسلم أن النزول محتما ....... حديث من الآحاد لم يك ملزما
لحكم اعتقاد كان من ذاك أضعفا
ولم تأت تخليدا لخضر رواية ...... .. و لا أثبتته في التلاوة آية
لكل بني الإنسان في العمر غاية ....... يدل لذا في محم الذكر آية
توضح الآية الأُخرى أعمالهم بالقول: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة
[166]
ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم الاّ ساء ما يزرون).
لأنّ أقوالهم الباطلة لها الأثر السلبي بتضليل أعداد كبيرة من الآخرين. فمن أسوأ ممن حُمِّلَ أوزار آلاف البشر إلى وزره! والأكثر من ذلك أنْ أقوالهم ستركد في مخيلة مَنْ يأتي بعدهم من الأجيال لتكون منبعاً لإِضلالهم، ممّا يزيد في حمل الأوزار باطراد.
وقد جاءت عبارة «ليحملوا» بصيغة الأمر، أمّا مفهومها فلبيان نتيجة وعاقبة أعمال أُولئك المظلِلين، كما نقول لشخص ما: لكونك قمت بهذا العمل غير المشروع فعليك أن تتحمل عاقبة ما فعلت بتذوقك لمرارة عملك القبيح. (واحتمل بعض المفسّرين أن لام (ليحملوا، لام نتيجة).
والأوزار: جمع وزر، بمعنى الحمل الثقيل، وجاءت بمعنى الذنب أيضاً، ويقال للوزير وزير لعظم ما يحمل من مسؤولية.
ويواجهنا السؤال التالي..لماذا قال القرآن: يحملون من أوزار الذين يضلونهم ولم يقل كل أوزارهم، فى حين أن الرّوايات تؤكد.. أن «مَنْ سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها إِلى يوم القيامة»؟
أجاب بعض المفسّرين بوجود نوعين من الذنوب عند المضلَّلين، نوع ناتج من أتباعهم لأئمّة الضلال، والنوع الآخر من أنفسهم، فما يحمله أئمّتهم وقادتهم هو من النوع الأوّل دون الثّاني.
واعتبر البعض الآخر من المفسّرين أنّ «مِنْ» في هذه الجملة ليست تبعيضية، بل جاءت لبيان أنّ ذنوب الأتباع على عاتق المتبوعين.
وثمّة تفسير آخر قد يكون أقرب إِلى القبول من غيره، يقول: إِنّ الأتباع الضالين لهم حالتان من التبعية...
فتارةً يكونون أتباعاً للمنحرفين على علم وبيّنة منهم، والتأريخ حافل بهكذا صور، فيكون سبب الذنب أوامر القادة من جهة، وتصميم الأتباع من جهة أُخرى
[167]
فيقع على عاتق القادة قسم من المسؤولية المترتبة على هذه الذنوب «ولا يقلل من وزر الأتباع شيء».
وتارةً أُخرى تكون التبعية نتيجة الإِستغفال والوقوع تحت شراك وساوس المنحرفين من دون حصول الرغبة عند المتبوعين فيما لو أدركوا حقيقة الأمر، وهو ما يشاهد في عوام الناس عند الكثير من المجتمعات البشرية، (وقد يسلك طريق الضلال بعنوان التقرب إِلى اللّه).. وفي هذه الحال يكون وزر ذنوبهم على عاتق مضلِّيهم بالكامل، ولا وزر عليهم إِنْ لم يقصّروا بالتحقق من الأمر.
ولا شك أنّ المجموعة الأُولى التي سارت في طريق الضلال عن علم وبيّنة من أمرها سوف لا يخفف من ذنوبهم شيء مع ما يلحق أئمّتهم من ذنوبهم.
وهنا يلزم ملاحظة أنّ التعبير «بغير علم» في الآية ليس دليلا على الغفلة الدائمة للمضلَّلِين، ولا يُعبّر عن سقوط المسؤولية ـ في جميع الحالات ـ على غير المطلعين بحال وشأن أئمّة السوء والضلالة بل يشير إِلى سقوط عوام الناس لجهلهم بشكل أسرع من علمائهم في شراك أو شباك المضلِّلِين.
ولهذا نرى القرآن في آيات أُخرى لا يبريء هؤلاء الأتباع ويحملهم قسطاً من المسؤولية كما في الآيتين (47 و 48) من سورة غافر: (وإِذ يتحاجون في النّار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا نصيباً من النّار قال الذين استكبروا إنّا كلّ فيها إِنّ اللّه قد حكم بين العباد).
ثمّ تُذكر الآية الأُخرى أن تهمة وصف الوحي الإِلهي بأساطير الأوّلين ليست بالأمر المستجد: (قد مكر الذين من قبلهم فأتى اللّه بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون).
مع أنّ بعض المفسّرين قد ذهب بالآية إِلى قصة «النمرود» وصرحه الذي أراد من خلاله محاربة رب السماء! والبعض الآخر فسرها بقصة «بخت نصر».. إِلاّ أن الظاهر من مفهوم الآية شمول جميع مؤامرات ودسائس المستكبرين وأئمّة
[168]
الضلال.
ومن لطيف دقّة العبارة القرآنية، أنّ الآية أشارت إِلى أنّ اللّه عزَّوجلّ لا يدمرّ البناء العلوي للمستكبرين فحسب، بل سيدمره من القواعد لينهار بكله عليهم.
وقد يكون تخريب القواعد وإِسقاط السقف إِشارة إِلى أبنيتهم الظاهرية، من خلال الزلازل والصواعق لتنهار على رؤوسهم، وقد يكون إِشارة إِلى قلع جذور تجمعاتهم وأحزابهم بأمر اللّه عزَّوجلّ، بل لا مانعمن شمول الأمرين معاً.
وممّا يلفت النظر أنّ القرآن ذكر كلمة «السقف» بعد ذكر «من فوقهم»، فـ «السقف» عادة في الطرف الأعلى من البناء، فما الذي إستلزم ذكر «من فوقهم»؟ ويمكن حمله للتأكيد، وكذلك لبيان أنّ السقوط سيتحقق بوجودهم أسفله لهلاكهم، حيث أنّ السقوط قد يحدث بوجود أصحاب الدار أو عدم وجودهم.
وقدم لنا التأريخ قديمه وحديثه بوضوح صوراً شتى للعقاب الإِلهي، فإِحكام الطغاة والجبابرة لما يعيشون ويتمتعون في كنفه من حصون وقلاع، إِضافة لخططهم المحبوكة كي يستمر لهم ولنسلهم الحال، وما قاموا به من تهيئة وإِعداد كل مستلزمات بقاء قدرة التسلط ودوام نظام الحكم.. كل ذلك لا يعبر في الحقيقة إِلاّ عن ظواهر خاوية من كل معاني القدرة والإِقتدار والدوام، حيث تحكي لنا قصص التاريخ أنّ هؤلاء يأتيهم العذاب الإِلهي وهم بذروة ما يتمتعون به، وإِذا بالقلاع والحصون تتهاوى على رؤوسهم فيفنون ولا تبقى لهم باقية.
وعذابهم في الحياة الدنيا لا يعني تمام الجزاء، بل تكملته ستكون يوم الجزاء الأكبر (ثمّ يوم القيامة يخزيهم).
فيسألهم اللّه تعالى: (ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم) أي تجادلون وتعادون فيهم(1)، فلا يتمكنون من الإِجابة، ولكنْ: (قال الذين أُوتوا
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تشاقون: من مادة الشقاق، بمعنى المخالفة والعداء، وأصلها من (شقَّ، أي قَطَّعَهُ نصفين).
[169]
العلم إِنّ الخزى اليوم والسوء على الكافرين).
ويظهر من خلال ذلك أنّ المتحدثين يوم القيامة هم العلماء، ولا ينبغي في ذلك المحضر المقدس الحديث بالباطل.
وإِذا رأينا في بعض الرّوايات عن أهل البيت(عليهم السلام) التأكيد على أنّ العلماء في ذلك المحضر هم الأئمّة المعصومون(عليهم السلام) لأنّهم أفضل وأكمل مصداق لذلك(1).
ونعاود الذكر لنقول: إِنّ المقصود من السؤال والجواب في يوم القيامة ليس لكشف أمر خفي، بل هو نوع من العذاب الروحي، وذلك إِحقاقاً للمؤمنين الذين لاقوا اللوم والتوبيخ الشديدين في الحياة الدنيا من المشركين المغرورين.
ويصف ذيل الآية السابقة حال الكافرين بالقول: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم).
لأنّ ممارسة الظلم في حقيقتها ظلم للنفس قبل الآخرين، لأنّ الظالم يتلف ملكاته الوجدانية، ويهتك حرمة الصفات الفطرية الكامنة فيه.
بالإِضافة إِلى أنّ الظلم متى ما شاع وانتشر في أي مجتمع، فالنتيجة الطبيعية له أن يعود على الظالمين أنفسهم ليشملهم الحال.
أمّا حين تحين ساعة الموت ويزول حجاب الغفلة عن العيون (فألقوا السَّلَمَ ما كنّا نعمل من سوء).
لماذا ينكرون عملهم القبيح؟ فهل يكذبون لأنّ الكذب أصبح صفة ذاتية لهم من كثرة تكراره، أم يريدون القول: إِننا نعلم سوء أعمالنا، ولكننا اخطأنا ولم تكن لدينا نوايا سيئة فيه؟؟.
يمكن القول بإِرادة كلا الأمرين.
ولكن الجواب يأتيهم فوراً: إِنّكم تكذبون فقد ارتكبم ذنوباً كثيرة: (بلى إِنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
1
جرى البحث في الآيات السابقة حول المؤمنين وغير المؤمنين، أمّا الآيات الثلاثة الأخيرة فهي تشير إِلى مجموعة اختارت أقبح أنواع الكفر،فهؤلاءـبالإِضافة ـ إِلى انحرافهم وضلالهم سعوا إِلى تحريف وإِضلال الأخرين، وقد ظلموا أنفسهم بفعلهم هذا وظلموا الآخرين معهم لأنهم لم يسيروا في طريق الحق ولم يسمحوا للآخرين ـ أيضاً ـ باتّباع هذا السبيل، والآية الكريمة تصف هؤلاء بأنّهم في ضلال بعيد وذلك بقولها: (إِنّ الذين كفروا يوصدوا عن سبيل الله قد ضلّوا ضلا بعيداً).
فلماذا ـ يا ترى ـ استحق هؤلاء الإِبعاد عن طريق الحق؟ إِنّهم استحقوا ذلك لدعوتهم الآخرين إِلى طريق الضلال، حيث من المستبعد جدّاً أن يتخلوا عن طريق هم يدعون الآخرين لإِتّباعه ـ فقط خلط هؤلاء كفرهم بالعناد، ووضعوا
[542]
أقدامهم في طريق الضلال والإِنحراف، وابتعدوا بذلك كثيراً عن طريق الحق والصواب.
يأمّا الآية الأُخرى فتشير إِلى الذين كفروا وظلموا، إِذ ظلموا الحق أوّ لعدم التزامهم بالصواب، كما ظلموا أنفسهم بذلك ـ أيضاً ـ إِذ حرموها من السعادة وسقطوا في هوة الضلالة، وظلموا الآخرين حين منعوهم من التوجه إِلى طريق الحق والصواب، فهؤلاء لن يشملهم أبداً عفو الله، وإِن الله لا يهديهم أبداً إِلاّ إِلى طريق جهنم، تقول الآية: (إِنّ الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إِلاّ طريق جنهم...).
فهؤلاء باقون وخالدون في جهنم دائماً وأبداً، كما تقول الآية: (خالدين فيها أبداً ...).
وعلى هؤلاء أن يعلموا أنّ وعد الله حق، وأن تهديده يتحقق لا محالة، فليس ذلك على الله بالأمر الصعب تقول الآية: (وكان ذلك على الله يسيراً).
ونشاهد في الآيتين المذكورتين تأكيداً من طراز خاص حول هذا النوع من الكفار والعقوبات التي ينالونها ـ فمن جهة يوصف انحرافهم بالضلال البعيد، ومن جهة ثانية تؤكد الآية باستخدام عبارة (لم يكن الله ...) أنّ العفو عن هؤلاء الكفار لا يليق بمنزلة الله سبحانه وتعالى، ومن جانب آخر فقد جاء التأكيد على خلود هؤلاء في النار والتشديد على أنّه خلود أبدي، لأنّ هؤلاء وأمثالهم بالإِضافة إِلى خروجهم عن جادة الحق وانحرافهم، سعوا إِلى إبعاد
وحرف الآخرين عن هذا السبيل، وبذلك تحملوا مسؤولية وإِثماً عظيماً.
هشام المهدي
24-10-2007, 08:43 PM
ـ السُنّة سنتان.. حسنة وسيئة:
القيام بأي عمل يحتاج بلا شك إِلى مقدمات كثيرة، وتعتبر السنن السائدة في المجتمع سواء كانت حسنة أم سيئة من ممهدات الأرضية الفكرية والإِجتماعية التي تساعد القائد (سواء كان مرشداً أم مضلا) للقيام بدوره بكل فاعلية، وحتى أنّه قد يفوق دور الموجهين وواضعي السنن على جميع العاملين في بضع الأحيان.
ولهذا لا يمكن فصل دور واضعي السنن عن العاملين بتلك السنن، فهم شركاء في العمل الصالح إِذا ما سنوا سنة حسنة، وشركاء في جرم المنحرفين إِذا ما سنوا لهم سنة سيئة.
وقد اهتم القرآن الكريم، وكذا الأحاديث الشريفة كثيراً بمسألة السنّة الحسنة والسنّة السيئة وواضعيها.
كما طالعتنا الآيات أعلاه بأنّ المستكبرين المضلِّين يحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم (دون أن ينتقص من أوزارهم شيء).
وهذا الأمر من الأهمية بمكان حتى قال عنه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «الدال على الخير كفاعله»(1).
وفي تفسير هذه الآية روي عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أيما داع دعا إِلى الهدى
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ وسائل الشيعة، ج11، ص436.
[171]
فاتبع، فله مثل أُجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، وأيما داع دعا إِلى ضلالة فاتبع عليه، فإِنّ عليه مثل أوزار مَنْ اتبعه، من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيئاً»(1).
وكذلك روي عن الباقر(عليه السلام) أنّه قال: «مَنْ استنّ بسنّة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها، من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومَنْ استنّ سنّة جور فاتبع كان عليه مثل وزر مَنْ عمل به، من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء»(2).
وثمّة روايات أُخرى تحمل نفس هذا المضمون رويت عن الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) وقد جمعها الشّيخ الحر العاملي(قدس سره)، في المجلد الحادي عشر من كتابه الموسوم بالوسائل (كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الباب السّادس عشر).
وفي صحيح مسلم ورد حديث عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) مرفوعاً عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنّا عند رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في صدر النهار قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء ومتقلدي السيوف... فتمعر وجه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثمّ خرج فأمر بلالا فأَذّن وأقام فصلى وخطب فقال: (يا أيّها الناس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة... إِنّ اللّه عليكم رقيباً) والآية التي في الحشر (اتقوا اللّه ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا اللّه)، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره (حتى قال) ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرّة كادت كفّه تعجز عنها بل قد عجزت، قال: ثمّ تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام ثياب حتى رأيت وجه رسول اللّه يتهلل كأنّه مذهبة، فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ سنّ في الإِسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أُجورهم شيء، ومَنْ سنّ في
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مجمع البيان، في تفسير الآية مورد البحث.
2 ـ وسائل الشيعة، ج11، ص437.
[172]
الإِسلام سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر مَنْ عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»(1).
وهنا، يواجهنا سؤال..كيف تنسجم هذه الرّوايات مع ما يعاضدها من آيات مع الآية (164) من سورة الأنعام (ولا تزر وازرة وزر أُخرى)؟
وتتّضح الإِجابة من خلال ملاحظة أنّ هؤلاء ليسوا عن ذنوب الآخرين بل عن ذنوبهم فقط، ولكنّهم من خلال اشتراكهم في تحقق ذنوب الآخرين يشاركوهم فيها، اي ان تلك الذنوب تعتبر من ذنوبهم بهذا اللحاظ.
2 ـ التّسليم بعد فوات الأوان:
قليل أُولئك الذين ينكرون الحقيقة بعد رؤيتها في مرحلة الشهود، ولهذا نجد المذنبين والظالمين يظهرون الإِيمان فوراً بعد أنْ تزال عن أعينهم حجب الغفلة والغرور وحصول العين البرزخية في حال ما بعد الموت، كما بيّنت لنا الآيات السابقة (فألقوا السَلَمَ).
وغاية ما في الأمر أنّ الكلَّ مستسلم، ولكنّ الحديث يختلف من بعض إِلى بعض، فقسم منهم يتبرأ من أعماله القبيحة بقولهم: (ما كنّا نعمل من سوء) أي إِنّهم من كثرة ممارستهم للكذب فقد اختلط بلحمهم ودمهم والتبس عليهم الأمر تماماً، فمع علمهم بعدم فائدة الكذب في ذلك المشهد العظيم ولكنّهم يكذبون!
ويستفاد من بعض الآيات القرآنية أنّ هناك مَنْ يكذب حتى في يوم القيامة، كما في الآية الثّالثة والعشرين من سورة الأنعام: (قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين)!
وقسم آخر يظهر الندامة ويطلب العودة إِلى لحياة الدنيا لإِصلاح أمره، كما
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ صحيح مسلم، ج2، ص704 (باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة).
[173]
جاء في الآية (12) من سورة السجدة.
وقسم يكتفي بإِظهار الإِيمان كفرعون، كما جاء في الآية (90) من سورة يونس.
وعلى أيّة حال.. سوف لا تقبل كل تلك الأقوال لأنها قد جاءت في غير وقتها بعد أن انتهت مدّتها، ولا أثر لهكذا إِيمان صادر عن اضطرار.
* * *
[174]
الآيات :30-32
وَقِيلَ لَلَّذِينَ اتَّقَوا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِّلَّذِينَ أحْسَنُوا فِى هـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الأَْخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ30 جَنَّـتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَْنْهَـرُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ كَذلِكَ يَجْزِى اللَّهُ الْمُتَّقِينَ31 الَّذِينَ تَتَوَفَّـهُمُ الْمَلَـئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـمٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ32
التّفسير
عاقبة المتقين والمحسنين:
قرأنا في الآيات السابقه أقول المشركين حول القرآن وعاقبة ذلك، والآن فندخل مع المؤمنين في اعتقادهم وعاقبته.. فيقول القرآن: (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربّكم قالوا خيراً).
وروي في تفسير القرطبي: كان يرد الرجل من العرب مكّة في أيّام الموسم فيسأل المشركين عن محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) فيقولون: ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون..
[175]
ويسأل المؤمنين فيقولون: أنزل اللّه عليه الخير والهدى.
ما أجمل هذا التعبير وأكمله «خيراً» خير مطلق يشمل كل: صلاح، سعادة، رفاه، تقدم مادي ومعنوي، خير للدنيا والآخرة، خير للإِنسان الفرد والمجتمع، وخير في: التربية والتعليم، السياسة والإِقتصاد، الأمن والحرية... والخلاصة: خير في كل شيء (لأنّ حذف المتعلق يوجب عموم المفهوم).
وقد وصفت الآيات القرآنية القرآن الكريم بأوصاف كثيرة مثل: النّور، الشفاء، الهداية، الفرقان (يفرق الحق عن الباطل)، الحق، التذكرة، وما شابه ذلك.. ولكن في هذه الآية وردت صفة «الخير» التي يمكن أن تكون مفهوماً عاماً جامعاً لكل تلك المفاهيم الخاصة.
والفرق واضح في نعت القرآن بين المشركين والمؤمنين، فالمؤمنون قالوا: «خيراً» أي أنزل اللّه خيراً، وبذلك يظهر اعتقادهم بأنّ القرآن وحي إِلهي(1).
بينما نجد المشركين عندما قيل لهم ماذا أنزل ربّكم؟ قالوا: (أساطير الأولين) وهذا إِنكار واضح لكون القرآن وحي إِلهي(2).
وتبيّن الآية مورد البحث نتيجة وعاقبة ما أظهره المؤمنون من اعتقاد، كما عرضت الآيات السابقة عاقبة ما قاله المشركين من عقاب دنيوي وأخروي، ومادي ومعنوي مضاعف: (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة).
وقد أطلق الجزاء بالـ «حسنة» كما أطلقوا القول «خيراً»، ليشمل كل أنواع الحسنات والنعم في الحياة الدنيا، بالإِضافة إِلى: (ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين).
وتشارك عبارة «نعم دار المتقين» الإِطلاق مرّة أُخرى وكلمة «خيراً»، لأنّ الجزاء بمقدار العمل كمّاً وكيفاً.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ خيراً: مفعول لفعل محذوف تقديره (أنزل اللّه).
2 ـ أساطير الأولين: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره (هذه أساطير الأولين).
[176]
فيتّضح لنا ممّا قلنا إنّ الآية (للدين أحسنوا) إِلى آخرها تعبر عن كلام اللّه عزَّ وجلّ، ويقوى هذا المعنى عند مقابلتها مع الآيات السابقة.
واحتمل بعض المفسّرين أنّ الظاهر من الكلام يتضمّن احتمالين:
الأوّل: أنّه كلام اللّه.
الثّاني: أنّه استمرار لقول المتقين.
ثمّ تصف الآية التالية ـ بشكل عام ـ محل المتقين في الآخرة بالقول: (جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤون).
فهل ثمّة أوسع وصفاً من هذا أم أشمل مفهوماً لبيان نعم الجنّة.
حتى أنّ التعبير يبدو أوسع ممّا ورد في الآية (71) من سورة الزخرف (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين)، فالحديث في الآية عن (ما تشتهيه الأنفس)، في حين الحديث في الآية مورد البحث عن مطلق الإِشاءة (ما يشاؤون).
واستفاد بعض المفسّرين من تقديم (لهم فيها) على (ما يشاؤون) الحصر، أي يمكن للإِنسان أن يحصل على كل ما يشاء في الجنّة فقط دون الدنيا.
وقلنا أنّ الآيات مورد البحث توضح كيفية حياة وموت المتقين مقارنة مع ما ورد في الآيات السابقة حول المشركين والمستكبرين، وقد مرّ علينا هناك أنّ الملائكة عندما تقبض أرواحهم يكون موتهم بداية لمرحلة جديدة من العذاب والمشقة، ثمّ يقال لهم «ادخلوا ابواب جهنم..».
وأمّا عن المتقين: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين) طاهرين من كل تلوثات الشرك والظلم والإِستكبار، ومخلصين من كل ذنب ـ (يقولون سلام عليكم)السلام الذي هو رمز الأمن والنجاة.
ثمّ يقال لهم: (ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون).
والتعبير عن موتهم بـ (تتوفاهم) يحمل بين طياته اللطف، ويشير إِلى أن الموت لا يعني الفناء والعدم أو نهاية كل شيء، بل هو مرحلة انتقالية إِلى عالم
لا ريب في أن أحاديث خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) متواترة بإجماع من يعتدُّ به من أهل العلم ، وأئمة الحديث .
فإنكار هذا الأمر المتواتر جُرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة ، البالغة إلى حدِّ التواتر .
وقد سُئل ابن حجر المَكِّي - من علماء السُنَّة - عَمَّن أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) الموعود به ، فأجاب : ( إنَّ ذلك إنْ كان لإنكار السُنَّة رأساً فهو كفر ، يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته ، فَيُقتل .
وإن لم يكن لإنكار السُنَّة وإنَّما هو مَحض عناد لأئمَّة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ ، والإهانة ، بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس ، وضرب ، وصَفْعٍ ، وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح .
ويرجعه إلى الحقِّ راغماً على أنفه ، ويردُّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره ) .
وقد وقفنا على فتوىً للشيخ البهائي ( قدس سره ) في هذه المسألة ، قال – مجيباً على من سأله عن خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) بقول مطلق ، هل هو من ضروريَّات الدين ، فمنكره مرتدُّ ، أم ليس من ضروريَّاته ،) ، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريَّته ؟ - :
( الأظهر أنَّه من ضروريَّات الدين ، لأنه ممَّا انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلاَّ شرذمة شاذَّة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يَقدَحُ خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حُجِّيَّته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم ، إن لم تكن لَهم شبهة محتملة ) .
ونقول : تكفير المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين :
أوَّلهما :
ما أشار إليه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثيَّة ) ، وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في ( فوائد الأخبار ) عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، عنه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :( مَن كَذَّبَ بالدجَّال فقد كَفَر ، ومَن كَذَّبَ بالمهديِّ فقد كَفَر ).
قال ابن حجر في ( القول المختصر ) - كما في ( البرهان ) - : أي حقيقةً ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السُنَّة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها .
فقد قال أئمَّتنا وغيرهم : لو قيل لإنسانٍ : قُصَّ أظفارك ، فإنّه من السُنَّة .
فقال : لا أفعله وإن كان سُنّة ، رغبةً عنها ، فقد كفر ، فكذا يقال بمثله .
وثانيهما :
إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتِّفاقهم على مَرِّ الأعصار والأعوام على خروج المهديِّ المنتظر ( عليه السلام ) ، حتى عُدَّ ذلك من ضروريات الدين ، وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ، ولا يعتريه ريب .
اللهم إلا من شَذَّ ، مِمَّن لا يُعتدُّ بخلافه ، ولايلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حُجِّيَّة الإجماع .
مضافاً إلى تواتر أحاديث الإمام المهدي ( عليه السلام ) تواتراً قطعيّاً .
وظاهر أنَّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً فإنّه كافر ، لردِّه ما قُطع بصـدوره ، وتحقَّقَ ثبوته عـنه ( صلى الله عليه وآله ) .
ولا شُبهَة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأنّ الرادَّ عليه ( صلى الله عليه وآله ) كالرادُّ على الله تعالى ، والرادُّ على الله كافر باتِّفاق أهل المِلَّة ، وإجماع أهل القبلة .
ودعوى التواتر صحيحة ثابتة ، كما صَرَّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين .
ولا نعلم رادّاً لها إلا بعض مَن امتطى مطيَّة الجهل ، واتَّخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقاً بالإعراض عنه .
ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقِّقي العلماء في تحقّق التواتر لِتَتَبيَّن جليَّة الحال .
قال الآبري في كتاب ( مناقب الشافعي ) : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رُوَاتها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً . .
وقال بن حجر في ( الصواعق ) : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة .
وقال السفاريني الحنبلي في ( اللوائح ) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها .
وقال الشوكاني في ( التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر الدجَّال الأحاديث الواردة في
المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً ، فيها الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمنجبر .
وهي متواترة بلا شكٍّ ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول .
وأما الآثار عن الصحابة المصرَّحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك .
خلاصة القول :
إن إنكار مسألة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وإنكار خروجه ، أمر عظيم ، لا ينبغي التفوُّه به ، بل رُبَّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخـروج عن المِلَّة ، والعياذ بالله تعالى .
والواجب تلقِّي ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول ، والإيمان التام ، والتسليم به .
فمتى صحَّ الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يجوز لأحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم ، كما قال الله عزَّ وجلَّ:( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء : 65 .
وقد أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الأمـر عن الدجَّال ،
وعن الإمامالمهدي ( عليه السلام ) ، وعن النبي
ولا يسع المجال هنا لاستقصاء كلام الأئمّة ( عليهم السلام ) والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر ( عليه السلام ) ، والتحذير من إنكار شأنه ، لكنَّ ما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
تواتر احاديث المهدي
وقد نقل تواترها جمع من العلماء
1- ابو الحسن السجزي
وقد نقل عنه ائمة كثر وارتضوه منه : مثل القرطبي والمزي وابن القيم حجر والسخاوي والسيوطي وابن حجر الهيتمي والملا علي القارئ ومرعي بن يوسف والزرقاني
2- محمد بن رسول الحسيني البرزنجي
3- محمد السفاريني
4- الشوكاني
5- صديق حسن خان القنوجي
6- محمد جعفر الكتاني
===
العلماء الذين نصوا على المهدي وصححوا رواياته واحتجوا بها :-
- سفيان الثوري
2- ابو جعفر العقيلي
3- ابو الحسين بن المناوي
4- ابن حبان البستي
5- ابو سليمان الخطابي
6- البيهقي
7- ابو القاسم السهيلي
8- ابو عبد الله القرطبي
9- ابن تيمية
10- ابن قيم الجوزية
11- ابن كثير
12- السيوطي
13- السمهودي
14- ابن حجر الهيتمي
15- علي المتقي الهندي
16- عبد الرؤوف المناوي
17- محمد بشير الرسولي
18- احمد شاكر
19- عبد الرحمن المباركفوري
20- شمي الحق العظيم ابادي
21- الملا علي القارئ الهندي
22- ابن باز
23- الالباني
________________________________________
المحدثون الذين اعتنوا بموضوع المهدي
1- عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري المتوفي سنة 211 هـ وقد عقد له بابا باسم ( باب المهدي )
2- نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المتوفى في سنة 228هـ في كتابه الفتن وهو من اوسع الكتب المؤلفة في جمع اخبار المهدي
3- ابو بكر بن ابي شيبة المتوفى في سنة 235هـ وقد ذكر ( 16 ) رواية عن المهدي
4- ابن ماجه ( محمد بن يزيد الربعي القزويني ) المتوفي في سنة 273هـ وقد عقد بابا في سننه باسم ( خروج المهدي ) ذكر فيه سبعة احاديث
5- ابو داود ( سليمان بن الاشعث ) المتوفي في سنة 275هـ قال في سننه : اول كتاب المهدي وذكر فيه ثلاثة عشر حديثا
6- الترمذي ( محمد بن عيسى بن سورة ) المتوفي في سنة 297هـ ذكر بابا بعنوان ( باب ما جاء في المهدي ) ذكر فيه ثلاثة احاديث
7- ابن خزيمة ( محد بن اسحاق النيسابوري ) المتوفي في سنة 311هـ
8- ابن حبان ( محمد بن حبان البستي ) المتوفي في سنة 354هـ
اختلاف الفرق المنتسبة الى الاسلام في المهدي ومذاهبهم فيه
اهل السنة :
هو خليفة عادل مسلم سيولد ان شاء الله الهدي المحمدي لانبي لا متبوع بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام اقراء الرسالة اعلاه ورسالتي في ذات الشان على عدم نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة السلام الاحاديث مضوعة والايات صريحة(وماكتبنا لبشر من قبلك الخلد)(وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم)
من يهود(منهم من اهل الكتاب من يهود ليظهروا الحقائق قلة ليشهد لهم الله العظيم )الباقي ممن يخفون الحقائق لايريدون الحق والعلم والخير لنا أن يظهر اللهم انصر الإسلام والمسلمين اجمعين واظهره. الحي فيها يعني موجود (المهدي المنتظر)كل العالم يريد الحق أن يظهر.
الشيعة :
وهم فرق عدة وكل فرق لها اعتقاد خاص في المهدي
الشيعة السبائية : يرون ان عليا رضي الله عنه هو المهدي المنتظر وانه يرجع الى الدنيا في اخر الزمان
الشيعة الكيسانية : المهدي عندهم هم محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن ابي طالب واتفق الكيسانيون على مهدية ابن الحنفية في حياته وبعد وفاته : اختلفوا : فمنهم من اقر بموته وحول المهدية لغيره ، ومنهم من زعم انه حي يرزق وانه سيخرج آخر الزمان وفرقة ثالثة تنتظر عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن ابي طالب وقد قتل عبد الله هذا على يد ابي مسلم الخراساني
• الشيعة الزيدية : وهم ثلاث فرق ( السليمانية , البترية ، الجارودية ) اما السليمانية والبترية فلا ينتظران مهديا ..واما الجارودية فقد اختلفوا : فمنهم من لم يحدد احدا بالمهدية بل هي لكل من شهر سيف ودعا الى دينه ، ومنهم من ينتظر النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب ( قتل سنة 145هـ ) ومنهم من ينتظر يحي بن عمر بن يحي بن الحسين بن زيد بن علي ( قتل سنة 248 هـ او 250 هـ ) ومنهم من ساقها الى محمد بن القاسم بن علي
• الشيعة الامامية وهم فرق عدة :-
الكاملية : يقولون برجعة علي بن ابي طالب
المحمدية : يقولون برجعة محمد النفس الزكية
الباقرية : يقولون برجعة محمد بن علي بن الحسين المشهور بالباقر
الناووسية : يقولون برجعة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين المشهور بالصادق
الشميطية : يقولون المنتظر من ولد جعفر الصادق
الاسماعيلية : ينتظرون اسماعيل بن جعفر الصادق
المباركية : ينتظرون محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق
القرامطة : ينتظرون موسى بن جعفر
الاثنا عشرية : ينتظرون محمد بن الحسن العسكري
الخوارج : ولا يعرف عنهم في المهدي نفيا ولا اثباتا والسبب في ذلك يرجع الى صراحة الخوارج ووضوحهم في الخروج والمروق وبعدهم عن التستر.
كثير من التأريخ محرف من قبل من يهود ومستشرقين غير منصفين مع وجود عدد من المستشرقين المنصفين.
انظر اعلاه تجد التغيير التبديل الذي فعلوه منها الإسم والشهداء قدس الله ارواحهم اجمعين قبل لهم إكتشافاتي من قبل ومن بعد من كرم الله العظيم إلى كرم الله العظيم.
احاديث الساعة علامة اخر الزمن واخر اية من ايات الله العظيمة
وجودي انا المهدي المنتظر مجددا يقل سبحانه وتعالى(بل كذبوا بالساعة و اعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا)
يقول سبحانه وتعالى(بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وامر)
التي قال الله العظيم فيها(ويل يومئذ للمكذبين) كثير من الاحاديث فيها الضعيف والموضوع لا تخلوا من الصحاح طبعا ولكن مثل السفياني امثال ذلك فكله ليس صحيح هذا نحن في زماني هذا مخاضه.
هشام المهدي
24-10-2007, 08:45 PM
الاحاديث والآثار الواردة في المهدي
القسم الاول : الاحاديث والاثار الثابتة الصريحة في ذكر المهدي
الاحاديث المرفوعة :
1- عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المهدي منا اهل البيت يصلحه الله في ليلة ) اخرجه ابن ماجه واحمد وابن ابي شيبة وهو حسن لذاته .
2- وعن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اذا اقبلت الرايات السود من خراسان فائتوها فان فيها خليفة الله المهدي ) اخرجه ابو الفتح الازدي وهو حسن لغيره
3- وعن ابي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخرج في آخر امتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الارض نباتها ويعطي المال صحاحا وتكثر الماشية وتعظم الامة يعيش سبعا او ثمانيا يعني حججا ) اخرجه الحاكم وهو صحيح
4- وعن ابي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي مني اجلى الجبهة اقنى الانف يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين ) اخؤجه ابو داود والحاكم وهو حسن لشواهده
5- وعن ابي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون في امتي المهدي ان طال عمره او قصر عاش سبع سنين او ثمان سنين او تسع سنين ويملا الارض قسطا وعدلا تخرج الارض نباتها وتمطر السماء مطرها ) اخرجه احمد وابن ابي شيبة وهو حسن لشواهده
) ثم ذكر شيئا لم احفظه فقال : فاذا سمعتموه فاتوه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله المهدي ) اخرجه الحاكم وابن ماجه واسناده صحيح
8- وعن ام سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) اخرجه ابو داود وابن ماجه والحاكم وهو حسن
الاثار :-
1- وعن علي رضي الله عنه قال : ( المهدي منا اهل البيت يصلحه الله في ليلة ) اخرجه ابن ابي شيبة وهو حسن موقوفا
2- وعن ابن عباس قال : ( منا ثلاثة : منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي ) اخرجه ابن ابي شيبة والبيهقي واسناده حسن موقوفا
34- وعن عبد الله بن عمرو قال : يا اهل الكوفة : انتم اسعد الناس بالمهدي ) اخرجه ابن ابي شيبة وهو حسن موقوفا وقد يكون الخبر من الاسرائليات لان ابن عمرو رضي الله عنهما كان ممن اخذ عن اهل الكتاب
6- وعن علي بن عبد الله بن العباس قال : ( لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية ) اخرجه عبالرزاق وابو نعيم وهو صحيح الاسناد مقطوع
7- وعن ابراهيم بن ميسرة قال : قلت لطاؤوس : عمر بن عبد العزيز المهدي ؟ قال : كان مهديا وليس بذاك المهدي اذا كان زيد المحسن في احسانه وتيب المسي من اساءته وهو يبذل المال ويشتد على العمال ويرحم المساكين ) اخرجه ابن ابي شيبة وابو نعيم وهو حسن مقطوع
8- وعن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : المهدي حق هو ؟ قال : حق قلت : ممن هو ؟ قال : من قريش قلت : من أي قريش ؟ قال : من بني هاشم قالت : من أي بني هاشم ؟ قال : من بني عبد المطلب قلت : من أي بني عبد المطلب ؟ قال : من ولد فاطمة ) اخرجه نعيم بن حماد وهو حسن مقطوع
9- وعن مطر قال : بلغنا ان المهدي يصنع شيئا لم يصنعه عمر بن عبد العزيز قلنا : ما هو ؟ قال : يأتيه رجل فيسأله فيقول : ادخل بيت المال فخذ فيدخل فيأخذ فيخرج فيرى الناس شباعا فيندم فيرجع اليه فيقول : خذ ما اعطيتني فيابى ويقول : انا نعطي ولا ناخذ ) اخرجه ابو نعيم وهو صحيح الاسناد الى مطر مقطوعا
10- وعن السميط قال : اسمه اسم نبي وهو ابن احدى او اثنتين وخمسين يقوم على الناس سبع سنين وربما قال : ثمان سنين )اخرجه ا بو عمرو الداني وهو صحيح الاسناد الى السميط
كلنا ورحمي السابقين المؤمنين المسلمين هواشم واهلنا قريش واهلنا المسلمين اجمعين قابلنا كبائر اعداء الإسلام والمسلمين حقا وعلما وخيرا (أقراء كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول)
يقول تعالى(كل نفس ذائقة الموت) ويقول عز وجل (وما كتبنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) وأستدل المفسرون على موت حبيبنا وسيدنا الخضر عليه الصلاة والسلام وكذلك هو دليل قطعي مع هذه الايات التي في هذه الرسالة الحسنة على موت سيدنا وإمامنا عيسى نبي الله عليه وعلى جميع انبياء الله ورسله وخاتمهم سيدنا وإمامنا محمد اكبر وازكى الصلاة والسلام فهم ابناء علات كما جاء في الحديث موصولا على اهلهم واتباعهم.هنا يتضح لنا جليا وبشهادة القران على الموت وكذلك على عدم الرجعة فقوله عز وجل (وإن منهم إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) قال الإمام الفذ عبدالله بن عباس رضي الله عنهم أي يؤمن به قبل موته في ذلك الوقت ومن ثم يوم القيامة يكون شهيد عليهم فقوله تعالى على لسان سيدنا وحبيبنا عيسى عليه الصلوات الزاكيات(فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم).ولااصوغ سياق منطق بعد كلام الله عز وجل إلا والله يعلم لتقريب ذلك لإافهامنا فلو فرضنا جدلا على ما جاء من احاديث موضوعة على الائمة الاخيار لكان في حادثة نزول نبي بعد محمد عليه الصلوات الزاكيات الذي يقول(لانبي بعدي)كما جاء في الحديث الصحيح لها شأن عظيم مبينة بالايات والاحاديث المستفيظة لتبيان هذا الامر الجلل ولكن والله على ما اقول وكيل ان الحق يوجد المهدي الذي تواترت الاحاديث الصحيحة بوجوده وهنا وقفة لكان نبينا وحبيبنا عيسى عليه الصلوات ازاكيات اولى بهذا التواتر والإستفاظة من ايات او احاديث كما ذكرت سلفا.
الايات الصحيحة في المهدي المنتظر انا الحي من تفاسير اهل الإسلام قاطبة
(هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) أي ارسل الله العظيم سيدنا محمد الكريم عليه الصلاة والسلام برسالاته إلى اخر الزمان اخرج اظهر جزء من كله العظيم من الحق والعلم والخير الإسلام اخر الرسالات من خاتم الانبياء والمرسلين لا نبي ولا متبوع بعده عليه الصلاة والسلام.
كذلك اية(وإنه لعلم لساعة فلا تمترن بها) قال مقاتل ومن تابعه من المفسرين خروج المهدي المنتظر انا .
كذلك في سورة سيدنا محمد قوله سبحانه وتعالى(فقد جاء اشراطها)ذكر منها بديات الكبرى هو ظهوري انا هشام المهدي المنتظر الحي الذي لااريد منصبا ولا جاها إلا إداء رسالات الله العظيم اديتها بكرمه اكرم الاكرمين.
المهدي المنتظر انا توجد احاديثه في الصحيحين لكن نزعها من يهود قلت من قبل ثم وضعوا بدلها احاديث موضوعة عن نزول سيدنا عيسى عليه السلام وهذا مخالف لسنة الصحيحة القران الكريم بل كفر وتكذيب على الله العظيم على رسالته على كتبه على انبيائه على رسله على ملائكته واهلهم ائمة المسلمين فلا نبي ولا متبوع بعد سيدنا محمد عليه السلام واحاديث المهدي انا المنتظر صحيحة وإنكارها كفر صراح بعد ما اثبتها الله العظيم في قرانه وفي سنة رسله الكريم اللهم اشهد قد اديت الامانة نصحت الامة وجاهدت في مرضاتك بقوتك يااكرم الاكرمين اظهرت الحقائق التي اخفاها يهود .يقول سسبحانه تعالى(ويل لهم مما كتبت ايديهم) ويقول سبحانه وتعالى(ليحملا ازارهم من اوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون)
:-
الشبهة الاولى : ان احاديث المهدي لم يخرج لها في الصحيحين
الجواب :
1- ان الصحيحين لم يحيطا بكل الصحيح
2- هناك احاديث صحيحة كثيرة عمل بها العلماء وهي ليست في الصحيحين
3- في الصحيحين احاديث تتعلق بالمهدي وان لم تكن صريحة
.
الشبهة الثانية :حديث ( لا مهدي الا عيسى بن مريم )
الجواب :
1- الحديث ضعيف لا يحتج به
2- وعلى فرض ثبوته فالمراد به : المهدي الكامل المعصوم
نزله كذب وكفر.عليه الصلاة والسلام
.
الشبهة الثالثة : ضعف الاحاديث الواردة في المهدي
الجواب : وهذا خطأ وجهل بالحديث بل منها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع
.
الشبهة الرابعة : انها من وضع الشيعة
الجواب : ان اغلب الروايات الواردة ليس في اسناده ولا رجل متهم بالتشيع
فعدد الروايات ( 46 ) رواية .... في ( 11 ) رواية فقط فيها من اتهم بالتشيع والبقية ليس فيها ولا متهم
.
الشبهة الخامسة : انها من وضع كعب الاحبار ووهب بن منبه
الجواب : ليس في المرفوع والموقوف المذكور في هذا المبحث ولا رواية عن كعب الاحبار ولم يرو عن وهب الا رواية واحدة فقط فكيف يقال انها من وضعهما ؟!
.
الشبهة السادسة : انها تخالف العقل السليم
الجواب : 1- ليس في الصحيح عن المهدي أي رواية تخالف العقل السليم وانما المخالفة تقع في الروايات المكذوبة
2- واي مخالفة للعقل في ان يبشر النبي صلى الله عليه وسلم امته برجل في آخر الزمان يتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته
3- ولو قلنا بهذه الشبهة للزم منه انكار كل ما ثبت من الامور المستقلية كخروج الدجال وياجوج وماجوج واحداث يوم القيامة
.
الشبهة السابعة : ان روايتها متعارضة
الجواب :التعارض انما هو في الروايات الموضوعة والضعيفة وليس فيما ثبت منها أي تعارض
.
الشبهة الثامنة : انها انتجت الفتن و القلاقل
الجواب : 1- ليس الذنب في اساس الفكرة انما الذنب فيمن حاول استغلالها وفيمن جهل وعمي فصدقه
2- ولو طردنا هذا الباب فسيلزم منه انكار النبوات اذ ان الكثير قد ادعى النبوة وغرر بكثير من الناس
.
الشبهة التاسعة : المهدوية تحمل الناس على التكاسل والتواكل
الجواب :
1- ان هذا الكلام غير صحيح بل هي الى التشجيع والتحفيز اقرب واوضح
2- والواقع يشهد لذلك فما زال المسلمون يجاهدون ويجتهدون ولم يقفوا يوما عن العمل بدعوى انتظار المهدي
3- من اخطأ فتواكل فالخطا بدر منه لا من اساس الفكرة
===
امانة الله العظيم اياته العظيمة ظهرت الإسلام لانبي لا متبوع بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام انا هشام المهدي المنتظر.
(الله يشهد أن ماانزل إليك هو الحق من ربك والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيد)
اللهم اغفر لهولاء العلماء الافاضل الذين اوتوا من قبلك لانبي ولا متبوع بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ونزول سيدنا عيسى عليه الصلاة السلام كفر كذب على الله العظيم. انا حقا المهدي المنتظر اتيت بفضل الله العظيم بالحق العلم والخير اللهم احفظ وصيتك وخاصتك الملائكة والرسل اهلي اهل البيت واولادي واهلنا المسلمين اجمعين.واقبل إكتشافاتي من قبل ومن بعد لنا اجمعين من كل الدور يااكرم الاكرمين.
لانبي ولا متبع بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام كذب كفر وضعوا احاديثه اعداء الإسلام والمسلمين يقول سبحانه وتعالى(وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم) ويقول سبحانه وتعالى(ومبشرا برسول ياتي من بعدي أسمه احمد) يكون شهيدا يوم القيامة
هذه النصوص جمعتها من كتاب ( أشراط الساعة ـ النص والتاريخ ) للأستاذ خالد الوهيبي ، الذي جمعها من جانبه من متفرق كتب ومخطوطات ومحاضرات الإباضية
ـ أغلب هذه النصوص من صفحة 170 ـ 217 أشراط الساعة ط1 مكتبة الغبيراء
....................:125:
...................
0ـ أبو حمزة الشاري في خطبته ( لا يرجعون إلى نظر نافذ في القران، ولا عقل بالغ في الفقه ، ولا تفتيش عن حقيقة الصواب، قد قلدوا أمرهم أهواءهم ، وجعلوا دينهم عصيبة لحزب لزموه ، أطاعوه في جميع ما يقوله لهم ، غيا كان أو رشدا ، أو ضلالة أو هدى ، ينتظرون الدول في رجعة الموتى )
1ـ البسيوي فيما نقله عنه صاحب باب الآثار يقرر في صراحة أكبر دليل عدم صحة هذه الأمور ( مسألة : الشيخ أبو الحسن : ما تقول في الدجال ، أله صفة أم لا ؟
قال : كل الفسقة دجاجلة فلا أدري الذي تصفونه .
قلت له: وكذلك عيسى ابن مريم يبعث في آخر الزمان قبل يوم القيامة ؟
قال : لم يصح ذلك عندنا ، ولا يكون البعث إلا يوم القيامة والله أعلم )
2ـ عبر عن ذلك مؤلفو ديوان الأشياخ عندما سئلوا عن الدجال أحق أم باطل؟ فقالوا ( لم يجئ في كتاب الله شيء يعرف به ، وأما الأحاديث والروايات فقد جاءت به ، وذلك ما لم يتعبدنا الله فيه بشيء يجب علينا علمه والعمل به ؛ إلا البراءة من كل ظالم سمعنا به ، ونحن دائنون بالراءة من أهل تلك الصفة ، والدجال مما يسعنا جهله أن نعلم أنه حق أم باطل ، وقولنا فيه قول المسلمين ، والدجال من الجبابرة الظالمين إن كان حقا . وهؤلاء الجبابرة والدجاجلة والمفارقة لهم واجبة ، ولا يدرى ما يأتي الله به في عصرنا ولا بعدنا ، وذلك إلى الله ، والناس مختلفون فيهم ، فأنكرهم قوم وثبتهم آخرون )
3ـ ويقرر سلمة بن مسلمة العوتبي في باب ما يسع الناس جهله ( والدجال مختلف فيه ثبته قوم وأنكره آخرون ، وهو مما يسع جهله ، وقولنا فيه قول المسلمين )
4ـ ونفس التوجيه يسلكه الصائغي في أرجوزته حين يقول :
والقول في حقيقة الدجال ........ يعلمه الرحمن ذو الجلال
لأنه ما نص في الكتاب ........... عنه ولا في سنة الأواب
وواسع فيما أراه جهله ......... إن لم يبن باطله وعدله
5ـ وقال السالمي في موضع آخر ( وفي اقترانهما في هذه الرؤيا إشارة إلى ما يرويه قومنا أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويحكم بالشريعة المحمدية ، ولم يثبت هذا عند أصحابنا غير أنهم لا يردونه )
ويقول ( اعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام لا نبي معه ولا بعده ، فما رواه قومنا من نزول عيسى عليه السلام لم يصح عند أصحابنا رحمهم الله تعالى )
6ـ ناصر بن أبي نبهان الخروصي حيث قال ( وفي أخبار قومنا أن الله يبعث المهدي ويخرج الدجال وينزل عيسى من السماء ، وكل ذلك في نفسي بعيد من الصواب ، ومعي أن الخضر ميت وعيسى كذلك لقوله تعالى ( إني متوفيك ورافعك إلي ) ومن قال هذا غير صحيح ولم يخطئ من قال أنه صحيح ولم يدن بصحته فهو سالم ، ولا يلزم هنا شيء من الاعتقاد معنا ، فاعرف ذلك وبالله التوفيق ).
9ـ الشيخ بيوض إبراهيم ، فحين سئل عن عودة المسيح عليه السلام آخر الزمان قال ( قد روى أصحاب الحديث في ذلك أحاديث لا نعلم مبلغها من الصحة ، وهي في مجموعها لا تفيد علما يقينيا ، والاعتقاد في هذه الأمور الغيبية لا يمكن أن يبنى إلا على أدلة قطعية وأنى لمثل هذه الأدلة في مسألة نزول عيسى ، وعليه فجوابنا على والسلام عليك أولا وآخرا ، والاشتغال بغير ذلك من المهمات الدينية والدنيوية أولى وأحرى؛ لبحث فيما سألت عنه لا يأتي بنتيجة مطلقا مهما طال وامتد ، فلا يعدو أن يكون تضييعا للعمر فيما لا قائدة فيه )
10ـ الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ( علينا نحن أن نعمل وـن يكون كل واحد منا هاديا مهديا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وألا ننتظر من يظهر بعد حين ، على أن الروايات في المهدي فيها الكثير من الاضطراب كما شرح ذلك العلامة رشيد رضا، وقد وضعت في المهدي روايات متعددة وادعى الكثير من الناس أنه هو المهديالمنتظر، ومن الناس من قال أن المهدي من ذرية الحسين بن علي ، ومنهم من قال هو من ذرية العباس بن عبد المطلب ، وهذا مما يدل على أن للاتجاه السياسي دخلا في حبك هذه الروايات )
11ـ الشيخ أحمد بن سعود السيابي الذي قال في محاضرة له ( والقول بالمهدي المنتظر ونزول المسيح عيسى عليه السلام قدح في خاتمية النبوة وعصمة هذه الأمة في عدم اجتماعها على ضلال ، فهو قدح فيها أنها كانت على استقامة ، وهي رد لكلام الله تعالى بقوله ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) وقد يقول قائل من الأخوة الإباضية إن المسألة وجدت في بعض تآليف علماء الإباضية ، فنقول له : إن هذا صحيح ، لكنه عند التأمل نجده تأثرا بما في كتب لآخرين ، فعندما نقول إن المسيح يعود في آخر الزمان فهذا قدح في نبوة النبي بوصفه خاتم الأنبياء والمرسلين ، فكيف يعود المسيح وقد قال الله تعالى إنه قد توفي ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) وكيف يرجع ويقوم بنشر الإسلام والدين كمل والنعمة تمت ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت يقول ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارهالكم الإسلام دينا ) والرسول
وصفت الهاء في قوله تعالى:
<BR>"وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا" (النساء: 159).
<BR>
<BR>أنها عائدة إلى الكتابي، وقيل أنه عائد للنبي المسيح عليه السلام، وهو الأصح، ودليل ذلك قوله تعالى أن الهاء في "بِهِ" تعود للمسيح، وكذلك "يَكُونُ" فهو الذي يكون شهيداً على أهل الكتاب، فهو الذي آمن به أهل الكتاب قبل موته، وكانوا من اليهود، وطبعاً هم ذاتهم (الذين آمنوا بالمسيح من اليهود) النصارى، الذين منهم الحواريون.
<BR>
<BR>وقيل أن قوله جل شأنه "لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ" هو الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم (القرطبي).
<BR>
<BR>وهذا ممكن لو راجعنا الآية 153 في السورة (النساء):
<BR>
<BR> "يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا"
<BR>
<BR>فهذا من نفس السرد وللمفسرين الحق في ما ذهبوا إليه.
<BR>
<BR>ثم أن "مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" لا تعني المفرد، وتثبتها "إِلاَّ" في الآية، فهذا يعني أن هناك إيمانٌ برسالة المسيح قبل موته، فإن حدث هذا دل على أن الرسالة قد وصلت وأن المسيح عليه السلام قد انتهت مهمته.
<BR>
إقرار موت المسيح عليه السلام.
<BR>
<BR>الجزء الأول: الحكم بالموت على المسيح عليه السلام وأمه من "كانا".
<BR>
<BR>يحكم الله تعالى على المسيح بأنه كان، في قوله جل وعلا:
<BR>
<BR>"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ، كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ، انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المائدة: 75).
<BR>
<BR>فقوله " كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ" دل على الماضي وموتهما في الزمن الذي انتهت حياتهما فيه، وليسا من آكلي الطعام اليوم، ولتبيان معنى " كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ" وقد صح أن كان تستخدم للتوكيد، لكنها هنا ليست مثل كان التوكيدية، ونجد في كان وكنتم أمثلة دالة على الفرق بين الاستخدامين، حيث تطلق كان على الخبر المؤقت (خبرية)، وللمعلومة المستمرة للتوكيد (تقريرية)، ومن أمثلتها نرى قوله تعالى....
<BR>
<BR>"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ"
<BR>
<BR>فـ "كُنتُمْ" هنا بمعنى التوكيد في محل أنتم، وتستخدم العرب كان لثبات عدم التغيير، فكان الرجل قوياً تكون في الماضي ولا تقبل النفي باللاءات كـ لا ولن ولم، وقد استفاد المتنبي من ذلك فقال:
<BR>
<BR>إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً ** مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم
<BR>
<BR>فكلمة كان تكون خبرية إذا أفادت بمعلومة، وتوكيدية إذا أفادت بتقرير، ونجد العبرة في هذه الآية كون قوله تعالى "مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ" فمنهم من كان مؤمناً، ولكن الأغلبية كافرة.
<BR>
<BR>فـ "كُنتُمْ" تثبيت أنكم خير الأمم، وعلل الله جل وعلا ذلك التخيير أن "تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ"، وهذا ما يعني أن المؤمنين بعيسى عليه السلام سلفاً كانوا أيضاً خير أمة آنذاك لانطباق العقل والإيمان (أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، إيمان بالله)، وهو ما توافق علينا اليوم، ولله الحمد فلازال المسلمون بطرائقهم المختلفة يؤمنون بالله وينهون وينتهون عن المنكر ويأمرون ويأتمرون بالمعروف.
<BR>
<BR>لذلك قال الله عز وجل:
<BR>
<BR>"يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" (البقرة: 47).
<BR>
<BR>فقوله "فَضَّلْتُكُمْ" أي كنت فضلتكم، وليس الآن ففضلتكم ليس فيها كنتم، وخلوها من كنتم دلت على أن الخبر منتهٍ وأن كنتم ليست توكيدية، فلا يحمل الاستمرارية للتوكيد مثل "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" لأن هذا التخيير مرتبط بـ "تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" فسقوط شرط التخيير جعل القول فضلتكم وفضلناهم للماضي كما أكد ذو الجلال والإكرام....
<BR>
<BR>"وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" (الجاثية: 16).
<BR>
<BR>وكون الله تعالى فضلهم في حين، فقد أسقط بنو إسرائيل ذلك الفضل لأنهم أشركوا، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، فمن الشرك قوله تعالى:
<BR>
<BR>"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ..." (التوبة: 30).
<BR>
<BR>ومن تركهم الأمر بالمعروف المرتبط بالنهي عن المنكر، قوله تعالى:
<BR>
<BR>"لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" (المائدة: 79).
<BR>
<BR>لنجد هناك " فَضَّلْتُكُمْ " و" فَضَّلْنَاهُمْ"، بدون كانوا، فتلزم عدم الثبوت المستمر (التوكيد)، وهنا "كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ" و"لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" فقوله "كَانُواْ" هنا مؤكدة بالماضي الثابت عليهم.
<BR>
<BR>ومن كان يتبين أن كان ثابتة للماضي، وتؤكدها قوله تعالى:
<BR>
<BR>"...إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ..." (الكهف: 50).
<BR>
<BR>فـ "كان" تامة الثقة كاملة المعنى (توكيدية)، وهنا ما أكده معظم المفسرين بأن "كان" دلت على أن إبليس ليس من الملائكة، وإنما هو من جنس الجن، فتثبيت "كان" في قوله تعالى للتأكيد على جنس الجن، وكان التوكيدية تفيد العلم والخبرية تفيد التوقيت، لنستفيد بأن قوله تعالى عن المسيح:
<BR>
<BR>"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المائدة: 75).
<BR>
<BR>فـ "كَانَا" دلت على عدم أكلهما الآن وتفيد الخبر لا التوكيد، ولزوم استمرار الحياة نوعين، هما الطعام للحياة الفردية (حفظ صحة ونمو الجسم)، والتناسل للحياة النوعية (حفظ السلالة، وبقاء النوع من الانقراض)، فدلت أن عيسى عليه السلام وأمه كانا، وقد انتهى أكهلما بوفاتهما.
<BR>
<BR>وذلك يؤيد تعليل كلمة متوفيك بـ مميتك كما ذهب إلى ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، ومن وافقه.
<
شهادة المسيح عليه السلام بموته فور انتهاء الرسالة.
<BR>
<BR>يبدو أن الله تعالى قد سهل علينا فض الخلاف في حياة وموت المسيح، بشهادة سجلها الله العزيز الحكيم في كتابه الكريم، فقال:
<BR>
<BR>"وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (المائدة: 119).
<BR>
<BR>هذا المشهد من مشاهد يوم القيامة، يسأل الله تعالى سيدنا عيسى إن كان قد قال للناس - في الدنيا - أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله.
<BR>
<BR>يجيب المسيح عليه السلام: "سُبْحَانَكَ" بالتنزيه عن الشرك، ثم يبرئ نفسه فيقول "مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ"، ثم يؤكد تبرئة نفسه بعلم الله للغيب، فيقول "إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ"، مؤكداً أمانة نقل الرسالة "مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ"، ومن هنا يقرر سيدنا عيسى عليه السلام أنه يشهد بما علمه في حياته "وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ"، وشهادته مرهونة بكونه في أمته، فلما توفاه الله تعالى أي أماته "فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ"، وهكذا فسر ابن عباس توفيتني بـ أمتني (القرطبي/ ابن كثير/ الزمخشري وغيرهم)، وهذا يعني أنه لم يتمكن من أن يشهد عليهم بعدما توفاه الله تعالى، فهو لا يعلم شركهم به، وهذا يعني أنه لم يكن حياً، وحياته المزعومة في السماء لا جدوى منها إذا لم يكن مكرماً بالعلم عن قومه وما بدلوا من بعده.
<BR>
<BR>وبذلك تنتفي قدرته على الشهادة بعد توفيه، وهو موته، ثم أنه لو كان حياً لسأله الله تعالى في السماء، ولكان النفي في الدنيا قبل الانتظار إلى يوم القيامة، ليفيد المسلمين باعتبار أن القرآن نزل والمسيح لازال حياً.
<BR>
<BR>وفي جميع الأحوال، هذا السؤال يكون أمام الذين كفروا به، للتقريع بهم، فهو للاستنكار وليس للاستفسار.
<BR>
<BR>ثم أن الله عز وجل قد أكرم الكثير من الأنبياء بإعلامهم عما سيؤول إليه أمر قومهم بعدهم، ومثل ذلك تنبؤات الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله عن عمار بن ياسر {ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية} وأحاديث الفتنة وغيرها، فكيف يكون سؤال سيدنا عيسى عليه السلام في يوم القيامة وهو حي الآن؟ وهذا دليل يؤكد أن سيدنا عيسى عليه السلام قد توفاه الله تعالى أي أماته بعد أن أدى رسالته.
بعث المسيح موقوف ببعثه يوم القيامة.
<BR>
<BR>يبدو أن النبي عيسى المسيح عليه السلام قد مات وأن بعثه سيكون يوم القيامة فقط، أي أنه لن يبعث مرتين، فالله تعالى قال على لسانه عليه السلام:
<BR>
<BR>"وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (مريم: 33).
<BR>
<BR>وقد قرر القرطبي أن المعنى هو يوم مولده عليه السلام في الدنيا، وموته وإقباره، والبعث هو يوم القيامة، ولم يفصل في كونه يبعث في الدنيا كما يقال في آخر الزمان عندما فسر هذه الآية، فيقول نصاً:
<BR>
<BR>["والسلام علي" أي السلامة علي من الله تعالى. قال الزجاج: ذكر السلام قبل هذا بغير ألف ولام فحسن في الثانية ذكر الألف واللام. وقوله: "يوم ولدت" يعني في الدنيا. وقيل: من همز الشيطان كما تقدم في "آل عمران". "ويوم أموت" يعني في القبر "ويوم أبعث حيا" يعني في الآخرة. لأن له أحواله ثلاثة في الدنيا حيا، وفي القبر ميتا، وفي الآخرة مبعوثا؛ فسلم في أحواله كلها وهو قول الكلبي]. انتهى النقل من القرطبي رحمه الله تعالى.
<BR>
<BR>والاستدلال هنا ليس من كلام القرطبي فحسب بل أن كلام الله تعالى واضح من أن النبي عيسى عليه السلام يقرر بلسانه الذي قاله الله عنه أنه لن يبعث مرتين، فمسألة نزوله من السماء بمثابة البعث الثاني في الدنيا، وهو ما لم يقرره القرآن بل نفاه.
<BR>
<BR>فالسلام من الله تعالى يعني الرحمة، وقد فسر السلام هنا بالسلامة من الشيطان أو الأعداء، والسلام عليه يوم ولد، يليه السلام عليه يوم يموت، فلو كان له نزول كما يعتقد البعض لكان له سلام رابع في النزول، وهذا ما لم يرد في الآية، بل أن السلام الثالث سيكون "يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا".
<BR>
<BR>وبذلك يكون المسيح قد توفاه الله تعالى بمعنى أماته كما فسر ابن عباس رضي الله عنهما.
متوفيك واستخدامها العربي.
<BR>
<BR>كلمة متوفيك هي (مُ تَ وَ فْ فِ يُ كَ) على وزن (مُ تَ فَ عْ عِ لُ كَ) وهي تصريف لكلمة الوفاة والوفاء، وكلاهما من مصدر وفى ووزنه فَعَلْ، ومعنى وفى تأتي بمعنى سلم الأمانة، فالوفاء بالوعد تتميمه، والوفاء بالدين إعادة ما على المدان للدائن من حق، والوفاة من فـّاه الحساب، أي الدين أو الحق الذي عليه، ومنها قوله تعالى:
<BR>
<BR>"وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (النور: 39).
<BR>
<BR>فالله تعالى هنا يوفي الحساب، أي يسلمه صاحبه، وهنا تصوير استهزائي بالكافر الذي عمل عملاً ينتظر مكافأته وكان العمل كفراً، فصار كالسراب الذي يظنه ماء، فلما جاء ليرى حسابه فإذا ربه يؤفيه إياه طبعاً بالعذاب، للتقريع وكأنه يوفيه أجراً حسنا.
<BR>
<BR>فالوفاء هو خلاص الحق، والوفاة خلاص الحق، من وفـّـاه أي سلمه حقه، فالوفاة تسليم الحق، كالقول زكاه بمعنى طهره والزكاة التطهير.
<BR>
<BR>ويقارن معنى الكلمة بما يتساوى معه من أوزان تصريف الكلمات التي تتضمن نفس الوزن لمعانٍ أخرى، وهنا نجد أن وفى يساويها في الوزن ما شاكلها في التشكيل والحروف، فكل كلمة ثلاثية تبدأ وتنتهي بحرف العلة ووسطها صحيح يكون في وزنها التفعيلي وبالتالي تفيد استخداماتها نفس التصريف المعنوي واللفظي، وكلما كانت الحروف مطابقة أكثر كلما كان تصريف الكلمة وطريقة معرفة المعنى أدق وأصح وأثبت.
<BR>
<BR>ونجد من مقارنات [وفى] الكلمات التالية مع التصريف:
<BR>
<BR>وفى، يوفي ، وفاء، وفاية, وَفاة
<BR>وقى، يوقي، وقاء، وقاية، وَقاة
<BR>ولى، يولي، ولاء، ولاية، وَلاة
<BR>
<BR>لنجد أقرب الأمثلة هنا تتطابق مع وفى في الوزن ومواضع الحروف المعتلة فتصريفها يفيد في تصنيفها وفهم استخدامها لنعي المعنى المحدد بأدق ما يمكن لمعنى كلمة "متوفيك"
<BR>
<BR>فمتوفيك تعني مميتك، وتعني جاعلك ميتاً، وهذا ما ذهب إليه الكثيرون في أن جاعلك ميتاً تعني أمام أعين أعدائك.
<BR>
<BR>فلو صرفنا كلمة ولى من الولاية، وجدنا أن متوليك، أي جاعلك ولياً، وفي حالة وفاة تكون في حالة ولاة، ووفاية تقابلها ولاية.
<BR>
<BR>فمتوليك جاعلك والياً ومتولياً (وتجوز بفتح أواللام وكسرها بمختلف المعنيين)، ومتوفيك جاعلك وافياً ومتوفيا (وينطبع على الفاء هنا ما انطبق على اللام هناك)، والوفاء في الحياة هو قبض الروح، وتتطابق معها لفظاً الوفاء بالدين، ويسمى الموت وفاة لأن الروح أمانة الخالق للمخلوق، يستوفيها متى شاء، وتطلق متوفياً، بل أنك لو قلت فلاناً توفى فأنت لا تشك في كونه ميتاً وليس متماوتاً (متظاهراً بالموت).
<BR>
<BR>وتعادلها وقى، فمتوقيك جاعلك متوقياً (محتمياً)، وهي تماماً على وزن متوفياً، ومتوفياً تعني ميتاً.
<BR>
<BR>ولمزيد من الشرح انظر كلمة استسقى وتعني طلب السقاية، فإن قلت سقى صار قد قدم السقاية، ومستقيك أي مقدم السقي لك.
<BR>
<BR>ومثال آخر مطهرك وهي كلمة جاءت في نفس الآية، بمعنى جاعلك طاهراً، فمتوفيك جاعلك متوفياً أي ميتاً.
<BR>
<BR>وتقارن متوفيك بمعنى متوليك، فهي في المضارع يتولى يعادلها في المضارع يتوفى وزناً، أنظر إلى قوله تعالى:
<BR>
<BR>"اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الزمر: 42).
<BR>
<BR>فيتوفى؛ تعنى يميت هنا، ومتوفى تعنى مميت، فتكون متوفيك بمعنى مميتك، وهو نفس القول الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما: متوفيك تعني مميتك.
إيمان بعض أهل الكتاب بالمسيح قبل موته.
<BR>
<BR>لم يغفل القرآن هذا المنهج المتضارب في الروايات، ولمعرفة الحقيقة من الظن؛ يضع الله آياته المحكمات بوضوح واتساق تام، ليبين لنا بعد أن نتفكر فيها ونتمعن لنجد الحقيقة الواضحة البارزة، التي لا تعطي مجالاً للتخمين والشك، وتوقفنا على بيان واضح عن حياة وموت النبي عليه السلام.
<BR>
<BR>يقول العزيز القدير:
<BR>بسم الله الرحمن الرحيم.
<BR>
<BR>"وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ، مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا" (النساء: 159).
<BR>
<BR>يبدأ الله تعالى بذكر ادعاء اليهود أنهم قتلوا المسيح، ثم ينكر ذلك وينفيه "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ"، وذلك لأن الحقيقة أنه "شُبِّهَ لَهُمْ"، والشبهة تعني أن لا حقيقة في ما ذكروه ولكن اشتبه عليهم قتله، وليس في هذا دليل على أنهم صلبوا غيره، فالتشبه قد يكون حقيقة لغيره عليه السلام وقد يكون الله تعالى قد أشكل عليهم توهماً، ولا نريد التبحر في شرح نوع التشبه في "شُبِّهَ لَهُمْ"، ونكتفي بأن النبي - سلام الله عليه - لم يصلب، ثم يذكر الله أنه "بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ"، وقد احتسب معظم العلماء أن هذا يعني ارتفاع عيسى عليه السلام إلى السماء، والله عز وجل هنا لم يذكر ذلك بل ذكر إليه، وإليه هو مرجع كل شيء، ولنترك ذلك هنا حتى نرى القول الفصل في آيات أخرى.
<BR>
<BR>ثم نجد الله يقول "وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ"، وهذا يبين أن وجود "مِّنْ" و"إِلاَّ" الاستثنائية يبين أن كل أهل الكتاب لن يؤمنوا بالمسيح أنه نبي إلا البعض، وهم المستثنون من أهل الكتاب بـ "إِلاَّ"، وكان أهل الكتاب في حياته هم اليهود فقط.
<BR>
<BR>لقد فسر بعض المفسرين أن كل أهل الكتاب سيؤمنون به بعد نزوله، وهذا يتعارض تماماً مع الواقع والمحتمل في الدين الإسلامي كون قوله صلى الله عليه وسلم {لا نبي بعدي} فاتباع أهل الكتاب لعيسى بعد النزول إخلال بناموس الإيمان بنبوة محمد التي ختمت النبوات، ناهيك أن عيسى بعد النزول - كما يقال - سيكون تابعاً للمسلمين من أتباع محمد وليس بصفة نبي.
<BR>
<BR>ويعطينا الله بكل يسر وبساطة في قوله "وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ"؛ يعطينا المعنى أن النبي عليه السلام يموت بعد إيمان هؤلاء به، لأن سبب بعثة المسيح عليه السلام هي إيصال الرسالة، ودليل توصليها أيمان عدد ممن أرسلت إليهم الرسالة، وهذه سنة الله تعالى في كل رسلاته وأنبيائه.
<BR>
<BR>فثبوت إيمان بعض أهل الكتاب وجب أن يكون قبل موته، وبهذا وجب أن يكون الإيمان به وهو نبي وليس كتابع لنبي، ثم نجد أن بني إسرائيل (اليهود) الذي أرسل سيدنا المسيح إليهم، تعنتوا عن الإيمان به، بل أن بعضهم آمن متردداً.
هشام المهدي
24-10-2007, 09:06 PM
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته المكرمين وعلى اهلهم المسلمين الصالحين اجمعين.اللهم انصر الإسلام والمسلمين اللهم انصر من نصر الدين ونصر الرسل والانبياء الطاهرين وآلهم واهلهم المسلمين واجعل لهم لكل حرف اجرا مضاعف مثل العوالم بلا عدد اللهم اسقهم من حوض سيد الاولين والاخرين واجعلهم من المقربين في جنة النعيم ابد الابدين في دار الكرامة الابدية يااكرم الاكرمين.
sweety
24-10-2007, 09:24 PM
...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم احفظ عبادك يوم تبعث عذابك اللهم انا نعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ومن عذاب جهنم..
شكرا اخي على هذا الموضوع الحميل وجعله الله في ميزان حسناتك...
هشام المهدي
24-10-2007, 11:54 PM
فضائل آل البيت المصطفى لا تعد موجودة في كثير من الكتب واولها الكتب المقدسة الكريمة وكتب الحديث الشريف وكتب الائمة المسلمين الذين نالوا بها الدرجات العلى.
يقول سبحانه وتعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا)
ويقول سبحانه وتعالى(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما عظيما)وغيرها من الايات والنصوص الموجودة في الكتب المقدسة بمعنى انهم معدن الرسالة ومهبط الوحي ومن الاصفياء الاخيار واخر الرسالات السماوية المقدسة وغيرها من التزكية اللإهية.
لكل من اذانا وافكنا من اعداء الإسلام والمسلمين.
يقول عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهن لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله فيه الهدى والنور واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكرم الله في اهل بتي اذكركم الله في اهل بيتي)وفي رواية من اذاهم فقد اذاني ومن اذاني قفد اذى الله وآل بيته زوجاته الطاهرات وآل علي وآل العباس وآل حعفر وآل عقيل وآل الحارث وقيل آل عبدالمطلب الاطهار وقرابته قريش في قول عبدالله بن عباس في تفسير (إلا المودة في القربى) قال لايوجد بيت في قريش إلا ولرسول الله عليه الصلاة والسلام له فيهم قرابة.
يقول عليه الصلاة والسلام (والذي نفسي بيده لايدخل قلب مسلم الإيمان حتى يحبوكم لله ومحبتي)
يقول عليه الصلاة والسلام(من مات على حب آل محمد دخل الجنة)
يقول عليه الصلاة والسلام(من مات مبغضا لإآل محمد دخل النار)
يقول عليه الصلاة والسلام (إن الله اصطفاني من بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل العرب واصطفى من العرب قريش واصطفى من قريش بني هاشم فانا خيار من خيار)
يقول سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام(قلبت الارض مشارقها ومغاربها فما وجدت رجلا افضل من محمد قلبت الارض مشارقها ومغاربها فما وجدت بيت خير من بني هاشم)
يقول عليه الصلاة والسلام(اللهم اهن من اراد إهانة قريش)
يقول عليه الصلاة والسلام (عالم قريش يملىء طباق الارض علما)
يقول عليه الصلاة والسلام (قدموا قريش ولا تؤخروها)
يقول عليه الصلاة والسلام (قريش اهل الصدق والامانة)
اوكما قال عليه الصلاة والسلام.
وغيرها كثير جدا اردت فقط تبيان بعض من الحقائق العقائدية في بيت سيد الاولين والاخرين واهله معدن الرسالة ومهبط الوحي.اللهم احفظ اهلي آل البيت واولادي ورحمي اللهم وقريش الطيبين الطاهرين وحفدة الصحابة المكرمين المسلمين المؤمنين.
هشام المهدي
25-10-2007, 12:53 AM
يقول سبحانه وتعالى(قل لاأسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربة)
القرابة مع آل البيت عموما ورحمهم ويقول عليه الصلاة والسلام(كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي)لهذا تزوج سيدنا عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة الطيبين الطاهرين مع آل البيت الطيبين الطاهرين والحمد لله لنا رحم كريمة مع اهلنا حفدة الصحابة المكرمين واهلنا الكرام المسلمين المؤمنين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين اجمعين.
خفــــــوق
25-10-2007, 03:59 AM
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر . اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال .
جزاك الله خير
vBulletin® v3.8.12 by vBS, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.