ســـــوار
21-10-2007, 10:37 AM
الإنسان مخيـّر أم مسيـّـر ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما يحتج العصاة بالقدر على عصيانهم أوامر الله .. فتجدهم يعتذرون أن الله قدّر لنا أن نكون عصاة , ولو شاء سبحانه لكنّا هداةً مهتدين .
وهناك نفرٌ من الناس يظن ظنّ السوء ويحاول أن يضرب الآيات بعضها ببعض ويظهرها على بأنها متعارضة .
فتجده يقول أن الله ذكرفي آية كريمة قوله سبحانه :
{فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
وهذه الآية تفيد قطعا أن الإنسان مخيَّر، ولكن و وفي آية كريمة أخرى يقول تبارك وتعالى :
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}وهذه الآية تفيد قطعا أن الإنسان فهل يدّل ذلك إلا على التعارض أم ماذا ؟
أقول كما قال تعالى :
(( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً ))
وأترك شيخنا الجليل العلامة صالح الفوزان ليوضّح هذا اللبس الحاصل والناتج عن سوء الفهم .
يقول الشيخ حفظه الله :
الإنسان مسيَّر ومخيَّر، يجتمع فيه الأمران:
فهو مسير من حيث جريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك كونًا وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلُّص من قضاء الله وقدره الذي قدَّره عليه؛ فهو من هذه الناحية مسيَّرٌ.
أما من ناحية أفعاله هو وحركاته وتصرُّفاته؛ فهو مخيَّرٌ؛ لأنه يأتي ويذرُ من الأعمال بإرادته وقصده واختياره؛ فهو مخيَّرٌ.
فالعبد له مشيئة، وله اختيار، ولكنه تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى وقضائه وقدره، ولذلك يُثاب على الطَّاعة ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الإنسان الذي ليس له اختيار ولا إرادة - كالمكره والناسي والعاجز عن فعل الطاعة -؛ فهذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار: إما بالعجز، أو بفقدان العقل؛ كالمجنون والمعتوه؛ فهو في هذه الأحوال لا يعاقب على تصرُّفاته؛ لأنه فاقد للاختيار، فاقد للإرادة.
أما ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين: قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29.]، وقوله: {وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29.]؛ فهذا يؤيد ما ذكرنا؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه سبحانه وتعالى مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئتين: إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأنَّ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل.
وأما قوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}؛ فهذا ليس معناه التَّخيير، بل هذا معناه الزَّجر والتهديد والتوبيخ؛ قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ هذا معناه التهديد والتوبيخ، وأنَّ الإنسان إذا عصى الله سبحانه وتعالى، وكفر بالله؛ فإنَّ الله يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وفعل الكفر بإرادته ومشيئته؛ فهو يستحقُّ عقاب الله ودخول النار: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ فهو سبحانه أعدَّ لهم هذه النار لظلمهم.
انتهى كلامه حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما يحتج العصاة بالقدر على عصيانهم أوامر الله .. فتجدهم يعتذرون أن الله قدّر لنا أن نكون عصاة , ولو شاء سبحانه لكنّا هداةً مهتدين .
وهناك نفرٌ من الناس يظن ظنّ السوء ويحاول أن يضرب الآيات بعضها ببعض ويظهرها على بأنها متعارضة .
فتجده يقول أن الله ذكرفي آية كريمة قوله سبحانه :
{فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
وهذه الآية تفيد قطعا أن الإنسان مخيَّر، ولكن و وفي آية كريمة أخرى يقول تبارك وتعالى :
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}وهذه الآية تفيد قطعا أن الإنسان فهل يدّل ذلك إلا على التعارض أم ماذا ؟
أقول كما قال تعالى :
(( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً ))
وأترك شيخنا الجليل العلامة صالح الفوزان ليوضّح هذا اللبس الحاصل والناتج عن سوء الفهم .
يقول الشيخ حفظه الله :
الإنسان مسيَّر ومخيَّر، يجتمع فيه الأمران:
فهو مسير من حيث جريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك كونًا وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلُّص من قضاء الله وقدره الذي قدَّره عليه؛ فهو من هذه الناحية مسيَّرٌ.
أما من ناحية أفعاله هو وحركاته وتصرُّفاته؛ فهو مخيَّرٌ؛ لأنه يأتي ويذرُ من الأعمال بإرادته وقصده واختياره؛ فهو مخيَّرٌ.
فالعبد له مشيئة، وله اختيار، ولكنه تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى وقضائه وقدره، ولذلك يُثاب على الطَّاعة ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الإنسان الذي ليس له اختيار ولا إرادة - كالمكره والناسي والعاجز عن فعل الطاعة -؛ فهذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار: إما بالعجز، أو بفقدان العقل؛ كالمجنون والمعتوه؛ فهو في هذه الأحوال لا يعاقب على تصرُّفاته؛ لأنه فاقد للاختيار، فاقد للإرادة.
أما ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين: قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29.]، وقوله: {وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29.]؛ فهذا يؤيد ما ذكرنا؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه سبحانه وتعالى مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئتين: إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأنَّ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل.
وأما قوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}؛ فهذا ليس معناه التَّخيير، بل هذا معناه الزَّجر والتهديد والتوبيخ؛ قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ هذا معناه التهديد والتوبيخ، وأنَّ الإنسان إذا عصى الله سبحانه وتعالى، وكفر بالله؛ فإنَّ الله يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وفعل الكفر بإرادته ومشيئته؛ فهو يستحقُّ عقاب الله ودخول النار: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ فهو سبحانه أعدَّ لهم هذه النار لظلمهم.
انتهى كلامه حفظه الله