المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام


محمد الرويضان
25-10-2007, 04:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام خطوة إصلاحية لمشكلاتنا التعليمية

منذ أن أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز دعوته لنشر وتعميم استخدام الحاسب الآلي في مدارس المملكة مطالباً بجعل التقنية جزءاً لا يتجزأ من المنهج التعليمي في مدارسنا وأطلق مقولته الشهيرة أن الأمية لم تعد عدم معرفة القراءة والكتابة، ولكنها عدم القدرة على التعامل مع الحاسب الآلي وما ترافق مع ذلك من سعي وزارة التربية والتعليم لإدخال تدريس الحاسب الآلي في كافة المراحل التعليمية، من خلال مشروع عبد الله بن عبد العزيز وأبنائه الطلبة والطالبات للحاسب الآلي (وطني) منذ ذلك التاريخ تتابعت قراراته، التي تعكس اهتمامه الكبير بالتعليم، سواء العام أو الجامعي، وحرصه على دعمه وإصلاح مساره واعتماده الميزانيات المطلوبة لكل ما يخدم التعليم ويطوره كما جاءت قراراته بافتتاح الجامعات الجديدة في كل من القصيم والجوف وحائل وتبوك والباحة، لتتيح فرصة التعليم العالي في المناطق التي حرمت من هذا النوع من التعليم، ولتتكامل منظومة التعليم العالي الجامعي لتغطي مختلف مناطق المملكة.والواقع أن التعليم ظل باستمرار يحتل مكانة متميزة في عقل وفكر ملوك آل سعود، بل إنه يتصدر اهتماماتهم جميعاً كونه الذي يصنع الإنسان السعودي المسلح بالإيمان والعلم والمعرفة، الذي سوف يسهم في بناء الوطن ورخائه ونهضته، كما أن العلم هو الأساس لأي تقدم أو نهضة تسعى لتحقيقها البلاد، وكم من شعوب وأوطان تخلفت عن ركب الحضارة والمدنية، لأنها أهملت التعليم ولم تعطه ما يستحقه من اهتمام ورعاية، وبخلت عليه بالموارد المالية التي تمكنه من أداء رسالته.وإذا كان الملك عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، قد قام في وقت مبكر من تاريخ المملكة ببذر بذور النهضة التعليمية في أرجاء البلاد، وفتح الباب واسعاً لنشر التعليم النظامي والتوسع فيه ليشمل المدن والقرى والهجر، لينشر العلم والنور في كل الأرجاء فإن أبناءه الذين تعاقبوا على حمل أمانة الحكم من بعده استمروا في مواصلة البناء والتطوير وإرساء دعائم النهضة والتقدم، لم يتوانوا عن جعل التعليم في مقدمة أولوياتهم من خلال تخصيص الميزانيات الكبيرة اللازمة لنشره وتطويره وزيادتها عاماً بعد عام والتوسع في إنشاء المدارس والمعاهد والجامعات، من أجل تخريج الشباب المتعلم الواعي القادر على القيام بدوره في خدمة وطنه، والإسهام في بناء حاضره ومستقبله.ضمن هذا السياق جاءت موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على أكبر وأضخم مشروع لتطوير التعليم في المملكة الذي يحمل اسم (مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام) وتبلغ التكلفة الإجمالية لتنفيذ هذا المشروع تسعة مليارات ريال، وفي يقيني أن هذا المشروع يحمل في ثناياه عوامل نجاحه بمشيئة الله فبالإضافة إلى الميزانية الضخمة وغير المسبوقة التي رصدت لتنفيذ المشروع فإن هناك عاملاً مهماً لا يمكن إنكار تأثيره الإيجابي على سير العمل في تنفيذ عمليات التطوير وأعني به ارتباط المشروع باسم خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما نص عليه قرار مجلس الوزراء بشأن رفع تقرير سنوي للمقام السامي عن تنفيذ المشروع، وهو ما سوف يعطي زخماً وقوةً لعملية التطوير ذاتها، ويشجع شركاء التنفيذ فيها على بذل المزيد من الجهود المخلصة لإنجاز المهمة باعتبارها واجباً وطنياً يرتبط به مستقبل أجيالنا.عامل آخر من عوامل النجاح المتوقع لهذا المشروع التطويري الكبير، وهو أن المشروع خضع لدراسة مكثفة سواء في وزارة التربية والتعليم الجهة التي أعدت المشروع أو في اللجنة الوزارية المشكلة برئاسة سمو ولي العهد، الأمير سلطان بن عبد العزيز وعضوية عدد من الوزراء وقد حددت هذه الدراسة مسارات التطوير من خلال تنفيذ أربعة برامج هي: (برنامج تطوير المناهج التعليمية وبرنامج إعادة تأهيل المعلمين والمعلمات، وبرنامج تحسين البيئة التربوية، وبرنامج النشاط اللاصفي) ولا جدال في أن التركيز على هذه المسارات الأربعة يعكس تشخيصاً واقعياً لمواطن الخلل التي أعاقت العملية التعليمية عن بلوغ أهدافها، فكان الهدر المالي والإنفاق الذي لا طائل من ورائه وكان التسرب الطلابي وتدني مستويات التحصيل العلمي والمعرفي وكانت مباني المدارس القديمة المستأجرة وغير المناسبة إطلاقاً لأن تكون مكاناً لتلقي العلم التي انهار بعضها فوق رؤوس الطلاب.وإذا كان الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية وتأهيل المعلمين والمعلمات، وتحسين البيئة التربوية، من الأمور التي يتوقعها الخبراء التعليميون والعاملون في الميدان التعليمي باعتبارها عناصر أساسية لا تنهض العملية التعليمية بدونها فإن المشروع يضع الأنشطة اللاصفية، لأول مرة في سياقها الطبيعي كعنصر أساسي ومهم من عناصر العملية التعليمية، بعد أن ظلت مهمشة وغير معترف بدورها المؤثر في نجاح العملية التعليمية سنوات طويلة، فكان يتم التعامل معها كشيء ثانوي، أو حسب مزاج ووقت المعلم ووفق رؤيته لهدف النشاط وجدواه، الأمر الذي حرم العملية التعليمية والطلاب من مورد ثري لإذكاء الفكر وتنشيط العقل، وفتح آفاق جديدة أمامهم في الممارسة الحياتية، وإكسابهم مهارات وخبرات جديدة تعينهم على مواجهة تحديات المستقبل.مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام يمثل نقلة في الفكر والتخطيط والدراسة، ونقلة في كيفية التصدي للمشاكل المزمنة من جذورها ونقلة في الأسلوب الناجز الذي يتم به تنفيذ الحلول التي تم التوصل إليها. إنه اقتحام للمشكلة من كافة جوانبها، من قائد يتحسس مشاكل شعبه وآلام وآمال مواطنيه، ويصدر في كل قراراته عن نفس محبة لوطنها وفية لشعبها، حريصة على أن ينعم بالأمن والرخاء في حاضره وغده ومستقبله، ولعل هذا النهج قد تجسد بشكل أكثر وضوحاً في قرار مجلس الوزراء الموقر الذي صدر مؤخراً بالموافقة على الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والذي تضمن تشكيل هيئة وطنية لمكافحة الفساد في مختلف المواقع وعلى كل المستويات ومن أجل ذلك فإن النتائج التي سيسفر عنها تنفيذ مشروع تطوير التعليم العام بعد اكتمال مدة السنوات المحددة لتنفيذه، سوف تضع بإذن الله نهاية لكل الأسباب التي أصابت نظامنا التعليمي بالوهن، ووصمت مناهجنا بالجمود والتخلف، رغم المحاولات والتجارب التطويرية العديدة التي طبقت على مدى السنوات الطويلة الماضية وجعلت من طلابنا حقولاً للتجارب، دون أن يكتب لأي منها النجاح والاستمرار.ومع مشاعر الأمل والتفاؤل التي غمرت المواطنين بالإعلان عن بدء تنفيذ هذا المشروع التطويري الشامل، في ظل الميزانية الضخمة التي رصدت له وإزاء ما أعلنه خبراء التعليم في المملكة من أن المشروع سيسهم في انتشال نحو 5 ملايين طالب وطالبة من أسلوب التلقين المتبع حالياً في المدارس إلى تطبيق أسلوب علمي يساعد الطلاب على المشاركة في الفصل بشكل أكبر، مما يؤدي إلى بناء مجموعة مهارات وقدرات مبنية على التفكير لتتحقق النقلة التطويرية المطلوبة في منظومتنا التعليمية فإننا نتمنى ألا تكون عملية التطوير مرتبطة بسنوات محددة بل أن تتحول إلى حركة مستمرة ودائمة وممتدة، وأن يكون التنفيذ مفتوحاً دون سقف زمني محدد، ليصبح ما يطبق خلال سنوات التطوير هو الأسلوب المعتاد الذي تسير عليه مدارسنا وأجهزتنا التعليمية وليس عملاً استثنائياً ينتهي مفعوله بانتهاء فترة تطبيقه ليعود بعدها كل شيء إلى ما كان عليه .