دخــــٌيل
09-11-2007, 07:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هكذا قالت الفرنسية مدام رولاند حينما شاهدت و عاصرت انتهاكات [ الثورة الفرنسية ] بإسم الحرية ..
الحرية .. تلك الكلمة الواضحة و الغامضة في آن واحد !
فنحن لا نستطيع تعريفها تعريفاً دقيقاً دون أن نربطها بالنظام الاجتماعي السائد من حولها ..
و لكن قد نستطيع أن نقرّ أنها معنى جميل يتضمن قيماً فاضلة كما تغنّى بها شعراء العرب منذ القديم
قال الشاعر:
فقلتُ له تجنّب كل شئ .. يُعاب عليك إن الحر حرّ !
و لذلك كانت العرب تطلق لقب [ الحرّ ] على من ملك نفسه محملاً إياها الأخلاق الحسنة و الكرامة البشرية للذات ..
إلا أنه في ذلك الزمن كان مفهوم [ العبد ] سائداً أيضاً و العبد لا يتساوى مع الحرّ في معنى التكريم و المساواة فهو مجرد خادم لا يملك حتى جسده و روحه فضلاً على أن يُسمع رأيه و يؤخذ به.
حتى أتى الإسلام و رسخ المبادئ الفاضلة في ذلك المجتمع، أتى ليرسخ مبدأين أساسين في المجتمع انطلقت منها جميع مفردات حقوق الإنسان المصونة في ذلك الوقت و هما:
1) التكريم البشري للإنسان ..
[ و لقد كرمنا بني آدم ] كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم ليؤكد أن الإنسان يمتاز بقدرات عقلية عالية و أحاسيس و صفات لا تتوفر في أي كائن آخر لا كما تقرره نظرية النشوء و الارتقاء [ نظرية داروين ] من أن الإنسان كائن حي تطوّر بفعل الطبيعة من كونه حيواناً بهيمياً متخلفاً إلى إنسان؛ لاغيةً بذلك القدرات العقلية الهائلة و الصفات العلمية و العملية الموجودة في الإنسان ..
و لعل الإختلاف في مفهوم طبيعة هذا الإنسان أنتج لنا نظريات و تصورات عن طبيعة الحياة و المجتمعات تخالف المنطق و العقل و قبل ذلك تخالف كل الشرائع السماوية حتى أحطت بالنفس البشرية و ساوتها بالبهائم التي لا همّ لها إلا الأكل و الجنس و النوم ..
أتى الإسلام ليؤكد على تكريم الإنسان و استخلافه في الأرض تشريفاً و تكليفاً.
2) مبدأ المساواة ..
قرر الإسلام أن الناس متساويين في حقوقهم فـ للرجل و المرأة و الغني و الفقير و الشريف و الوضيع نفس التكاليف و الحقوق و الواجبات مراعياً بذلك التفاوت الوظيفي و الاجتماعي لكل منهما و ألّا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ..
يعزز الإسلام بذلك أن أساس التفاضل و التفاخر ليس النسب و لا الجنس و لكن التقوى و عبادة الله على الوجه الذي ينبغي أن يكون.
حينما يقرر الإسلام مفهوم الحرية لكافة الناس في المجتمعات فهو يقررها وفق هذين المبدأين ..
و بذلك يؤكد أن هذه الحرية ترتبط بالنظام الاجتماعي المكفول، فحرية الفرد يجب عليها ألا تؤثر في سير النظام سواءاً كان باحتقار الأخرين و استصغارهم على أسس دنيوية أو بتغيير التصور الحياتي للمجتمع و الغاية من وجود الانسان و الانطلاق من أسس مادية اقتصادية أو من نظريات وجودية ملحدة تعبث بسير النظام و المجتمع فلا يتحقق المقصد الصحيح من استخلاف الأرض و استصلاحها للحياة ..
المشكل في مفهوم الحرية كما قلت في السابق أنها ترتبط بشكل أو بآخر بالنظام الاجتماعي السائد من حولها ..
فالعرب على سبيل المثال تقرّ أن الحر هو من يمتلك نفسه و يهذبها على الشيم و الأخلاق الفاضلة بينما أرسطو و أفلاطون يعزونها إلى أنها غريزة نفسية فاضلة لا ترتبط بالعمل المادي أو الصناعي و ذلك انعكاساً على ما كان ينتشر من احتقار للأعمال اليدوية الشائعة في ذلك الوقت ..
بينما فرويد أطلق نظريته في الحرية الجنسية كرد فعل على مفهوم الزواج في ظل قمع الكنيسة إضافة لأسباب أخرى ..
و لذلك عندما نسمع عن الحرية يجب أن نعرف إلى أي حرية يدعون !؟
أهي حرية التفسخ و العري و فقدان الارتباط الاجتماعي بأن يحدد الانسان قيمه و أولوياته الشخصية بمعزل عن المجتمع حتى و لو كانت ضارّة و أنانية ؟
أهي حرية الرأي و التعبير بأن يكون الانسان مستقلاً عن الآخرين في قراره و رؤيته ؟
أهي حرية التمتع بالخيارات و الفرص المتاحة دون فرض القيود ؟
أي الحريات يقرّها الإسلام في ظل هذا الغموض ؟
الإسلام بالطبع لا يلغي حرية الرأي و الاجتهاد و لنا من سلفنا الصالح أمثلة حية عديدة عن أهمية الاجتهاد المعتبر الفكري و الفقهي كالإمام مالك حينما رفض نشر [ الموطأ ] لكافة الأمصار حتى لا يغلق باب الاجتهاد و التفكير ..
لكن يجب أن نعرف عن هذه الحرية لها قيود و ضوابط منهجية منها:
1) أهمية الدقة و تحري الصدق في نقل الأخبار دون تشويش أو افتراء.
2) ألا تؤثر هذه الحرية في المجتمع و في النظام كتجييش العواطف لمصالح شخصية.
3) الإخلاص في الإصلاح و في إرادة النفع العام.
4) ألا تحمل إساءة و سخرية للغير.
و حرية الرأي و التعبير تتراوح في حكمها وفقاً لهذه الضوابط فقد تصبح واجبة و قد تصبح محرمة ..
فهي عندما تكون في المطالبة بالعدل و الدعوة إلى الخير و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تصبح واجبة لأنها أمر رباني [ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير .. ]
لكنها تصبح محرمة عندما تتطاول على الذات الإلهية و تستهزئ بالرسول و بالتعاليم الدينية جارحةً بذلك ملايين المسلمين و المسلمات ..
الإسلام يدعو أيضاً إلى حرية النفس و امتلاك القدرة و الإرادة في اختيار الفرص المتاحة ..
أتى -خلافاً لما يدعيه المستشرقين و الوضّاع- ليلغي مفهوم العبودية لغير الله ..
نجد ذلك جلياً واضحاً في إقراره للأجر الوفير فيما يخص اعتاق الرقيق و الرقاب و مساواتهم بالأحرار و إقرار ذلك من الكفارات الواجبة ..
و كثرت أسباب رفع هذه العبودية في الإسلام،
فكان من هؤلاء الموالي السادة و العلماء لما لهم من أثر كبير و جهد واضح في الفقه و الاجتهاد و طلب العلم و الجهاد و الدعوة إلى الإسلام ..
أتى ليعتقهم و يكرمهم .. لا كما يدعي البعض من أنه يقرّ مفهوم العبودية و يدعو إليه !!
بل حتى العبودية و السبي في الحرب ما هي إلا معاملة بالمثل ..!
الإسلام يدعو إلى الحرية التي ترتبط بالمبادئ الكبرى التي خطها القرآن و السنة، التي تصان فيها الحقوق، و تكرّم النفس البشرية و ينتشر من خلالها الإبداع في شتى العلوم ..
و خلاف هذه الحرية ..
مجرد جريمة ترتكب بإسمها !!
تشاااووو.. :101:
هكذا قالت الفرنسية مدام رولاند حينما شاهدت و عاصرت انتهاكات [ الثورة الفرنسية ] بإسم الحرية ..
الحرية .. تلك الكلمة الواضحة و الغامضة في آن واحد !
فنحن لا نستطيع تعريفها تعريفاً دقيقاً دون أن نربطها بالنظام الاجتماعي السائد من حولها ..
و لكن قد نستطيع أن نقرّ أنها معنى جميل يتضمن قيماً فاضلة كما تغنّى بها شعراء العرب منذ القديم
قال الشاعر:
فقلتُ له تجنّب كل شئ .. يُعاب عليك إن الحر حرّ !
و لذلك كانت العرب تطلق لقب [ الحرّ ] على من ملك نفسه محملاً إياها الأخلاق الحسنة و الكرامة البشرية للذات ..
إلا أنه في ذلك الزمن كان مفهوم [ العبد ] سائداً أيضاً و العبد لا يتساوى مع الحرّ في معنى التكريم و المساواة فهو مجرد خادم لا يملك حتى جسده و روحه فضلاً على أن يُسمع رأيه و يؤخذ به.
حتى أتى الإسلام و رسخ المبادئ الفاضلة في ذلك المجتمع، أتى ليرسخ مبدأين أساسين في المجتمع انطلقت منها جميع مفردات حقوق الإنسان المصونة في ذلك الوقت و هما:
1) التكريم البشري للإنسان ..
[ و لقد كرمنا بني آدم ] كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم ليؤكد أن الإنسان يمتاز بقدرات عقلية عالية و أحاسيس و صفات لا تتوفر في أي كائن آخر لا كما تقرره نظرية النشوء و الارتقاء [ نظرية داروين ] من أن الإنسان كائن حي تطوّر بفعل الطبيعة من كونه حيواناً بهيمياً متخلفاً إلى إنسان؛ لاغيةً بذلك القدرات العقلية الهائلة و الصفات العلمية و العملية الموجودة في الإنسان ..
و لعل الإختلاف في مفهوم طبيعة هذا الإنسان أنتج لنا نظريات و تصورات عن طبيعة الحياة و المجتمعات تخالف المنطق و العقل و قبل ذلك تخالف كل الشرائع السماوية حتى أحطت بالنفس البشرية و ساوتها بالبهائم التي لا همّ لها إلا الأكل و الجنس و النوم ..
أتى الإسلام ليؤكد على تكريم الإنسان و استخلافه في الأرض تشريفاً و تكليفاً.
2) مبدأ المساواة ..
قرر الإسلام أن الناس متساويين في حقوقهم فـ للرجل و المرأة و الغني و الفقير و الشريف و الوضيع نفس التكاليف و الحقوق و الواجبات مراعياً بذلك التفاوت الوظيفي و الاجتماعي لكل منهما و ألّا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ..
يعزز الإسلام بذلك أن أساس التفاضل و التفاخر ليس النسب و لا الجنس و لكن التقوى و عبادة الله على الوجه الذي ينبغي أن يكون.
حينما يقرر الإسلام مفهوم الحرية لكافة الناس في المجتمعات فهو يقررها وفق هذين المبدأين ..
و بذلك يؤكد أن هذه الحرية ترتبط بالنظام الاجتماعي المكفول، فحرية الفرد يجب عليها ألا تؤثر في سير النظام سواءاً كان باحتقار الأخرين و استصغارهم على أسس دنيوية أو بتغيير التصور الحياتي للمجتمع و الغاية من وجود الانسان و الانطلاق من أسس مادية اقتصادية أو من نظريات وجودية ملحدة تعبث بسير النظام و المجتمع فلا يتحقق المقصد الصحيح من استخلاف الأرض و استصلاحها للحياة ..
المشكل في مفهوم الحرية كما قلت في السابق أنها ترتبط بشكل أو بآخر بالنظام الاجتماعي السائد من حولها ..
فالعرب على سبيل المثال تقرّ أن الحر هو من يمتلك نفسه و يهذبها على الشيم و الأخلاق الفاضلة بينما أرسطو و أفلاطون يعزونها إلى أنها غريزة نفسية فاضلة لا ترتبط بالعمل المادي أو الصناعي و ذلك انعكاساً على ما كان ينتشر من احتقار للأعمال اليدوية الشائعة في ذلك الوقت ..
بينما فرويد أطلق نظريته في الحرية الجنسية كرد فعل على مفهوم الزواج في ظل قمع الكنيسة إضافة لأسباب أخرى ..
و لذلك عندما نسمع عن الحرية يجب أن نعرف إلى أي حرية يدعون !؟
أهي حرية التفسخ و العري و فقدان الارتباط الاجتماعي بأن يحدد الانسان قيمه و أولوياته الشخصية بمعزل عن المجتمع حتى و لو كانت ضارّة و أنانية ؟
أهي حرية الرأي و التعبير بأن يكون الانسان مستقلاً عن الآخرين في قراره و رؤيته ؟
أهي حرية التمتع بالخيارات و الفرص المتاحة دون فرض القيود ؟
أي الحريات يقرّها الإسلام في ظل هذا الغموض ؟
الإسلام بالطبع لا يلغي حرية الرأي و الاجتهاد و لنا من سلفنا الصالح أمثلة حية عديدة عن أهمية الاجتهاد المعتبر الفكري و الفقهي كالإمام مالك حينما رفض نشر [ الموطأ ] لكافة الأمصار حتى لا يغلق باب الاجتهاد و التفكير ..
لكن يجب أن نعرف عن هذه الحرية لها قيود و ضوابط منهجية منها:
1) أهمية الدقة و تحري الصدق في نقل الأخبار دون تشويش أو افتراء.
2) ألا تؤثر هذه الحرية في المجتمع و في النظام كتجييش العواطف لمصالح شخصية.
3) الإخلاص في الإصلاح و في إرادة النفع العام.
4) ألا تحمل إساءة و سخرية للغير.
و حرية الرأي و التعبير تتراوح في حكمها وفقاً لهذه الضوابط فقد تصبح واجبة و قد تصبح محرمة ..
فهي عندما تكون في المطالبة بالعدل و الدعوة إلى الخير و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تصبح واجبة لأنها أمر رباني [ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير .. ]
لكنها تصبح محرمة عندما تتطاول على الذات الإلهية و تستهزئ بالرسول و بالتعاليم الدينية جارحةً بذلك ملايين المسلمين و المسلمات ..
الإسلام يدعو أيضاً إلى حرية النفس و امتلاك القدرة و الإرادة في اختيار الفرص المتاحة ..
أتى -خلافاً لما يدعيه المستشرقين و الوضّاع- ليلغي مفهوم العبودية لغير الله ..
نجد ذلك جلياً واضحاً في إقراره للأجر الوفير فيما يخص اعتاق الرقيق و الرقاب و مساواتهم بالأحرار و إقرار ذلك من الكفارات الواجبة ..
و كثرت أسباب رفع هذه العبودية في الإسلام،
فكان من هؤلاء الموالي السادة و العلماء لما لهم من أثر كبير و جهد واضح في الفقه و الاجتهاد و طلب العلم و الجهاد و الدعوة إلى الإسلام ..
أتى ليعتقهم و يكرمهم .. لا كما يدعي البعض من أنه يقرّ مفهوم العبودية و يدعو إليه !!
بل حتى العبودية و السبي في الحرب ما هي إلا معاملة بالمثل ..!
الإسلام يدعو إلى الحرية التي ترتبط بالمبادئ الكبرى التي خطها القرآن و السنة، التي تصان فيها الحقوق، و تكرّم النفس البشرية و ينتشر من خلالها الإبداع في شتى العلوم ..
و خلاف هذه الحرية ..
مجرد جريمة ترتكب بإسمها !!
تشاااووو.. :101: