أبو الوليد
26-11-2007, 08:41 AM
دورات تغيير العقل وحفظ القرآن الكريم
الســـــــــــــــــــــؤال:
أستاذتنا الفاضلة د.فوز كردي حفظها الله
هناك أكاديمية على النت لحفظ الكتاب والسنة تعطي دورات لـ "تغيير العقل" من خلالها تدعي أن المشتركين فيها يحفظون كمية كبيرة من القرآن الكريم في وقت خيالي.
ونشرت في منتداها تجارب لأعضاء حفظوا القرآن الكريم كاملا بوقت خيالي مثل 3 أيام.
وقد وضعَت بيانا زعمت فيه أنها تتبرأ من البرمجة العصبية؛ مع أن هذه الدورة تستخدم في وسائلها:
1- "التنفس" حيث تقرأ المشتركة بالأكاديمية الآية مرة واحدة ثم تغمض عينها مع أخذ نفس عميق جدًا ثم تبدأ بإخراجه ببطء شديد مع تكرار الآية ثلاث مرات وبذلك تكون حفظتها حفظًا راسخًا كما يقولون وتنتقل لللآية التي تليها
2- و"الاسترخاء"
3- ومخاطبة "العقل الباطن"، حيث يتحدث المشرف العام عن سعة العقل وسعة الذاكرة وقدرة العقل اللاواعي على الحفظ وأن الكلمات السلبية تؤثر على العقل الباطن وأن الأوامر لابد أن تعطى للعقل الباطن بصورة إيجابية منطوقة بصوت عالٍ وأن العقل اللاواعي لا ينسى أبدًا وهو المتحكم في جسم الإنسان وعقله الواعي، وذكر أن هناك نوم راحة عن طريق إعطاء أمر صريح للعقل الباطن بعدد ساعات النوم وبصوت مسموع بعد الوضوء وصلاة ركعتين وذكر اذكار النوم.
وذكر أن من السلف من كان يختم القرآن فى يومين أو في يوم وليلة ومنهم من يختمه مرتين فى اليوم وإذا كان المطلوب فى حال قراءة القرآن التدبر فإنه مطلوب أكثر في الصلاة وأغلب الصحابة كانوا يختم القرآن في ركعة فهل كانوا لا يتدبرون حاشاهم أن يكونوا على خطأ وهذا كان رد على سؤال عن ان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث وقال ان هذا الحديث ليس من باب النهي وانما من باب الافضلية ثم تحدث عن السلف وعن كم الاحاديث التي يحفظونها وقال أن حياتنا تظل انعكاسًا لنظرتنا لأنفسنا فكيفما تنظري لعقلك سيكون.
ومن القوانين التي يطبقونها في حفظ القرآن قانون حسن الظن بالله، وقانون مهاجمة الوقت، وقانون استغلال الثانية، وقانون تحديد الهدف، وقانون التحلية والتصفية، وقانون التصوير المتحرك، ويقولون أن الوضوء والصلاة وحسن الظن بالله والدعاء هما الاساس قبل الحفظ .
وعن المراجعة، يقول مشرف الأكاديمية العام ألا تتوقف الحافظات والحفاظ للمراجعة فما حفظتيه ثابت فالعقل اللاواعي لا ينسي أبدًا ما حفظه.
ولما كثر المنتسبون إليها وأكثرهم للأسف من النساء؛ خاصة بعد أن رأوا زعمها أنها تبرأت من البرمجة العصبية، رأينا الحاجة الماسة إلى قولٍ فصل في تلك الدورات "تغيير العقل" ممن هو متخصص بتلك الأمور مثلكم حفظكم الله، كي يستبين للناس الحق من الباطل، ويُصان كتاب الله من العبث.
بارك الله فيكم.
الجـــــــــــــــــــــــــواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وبعد فقد كثر السؤال عن الموقع المسمى أكاديمية الوحيين وقد تصفحته وطالعت سيرة المشرف العام عليه وتابعت الدعاية الكبيرة للدورة المسماة "دورة تغيير العقل" وحاولت الوصول إلى محتواها من خلال الموقع إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره ؛ فإذا بي أطالع موضوعاً مثبتاً لمشرف البرامج الدعوية بعنوان :" لا يسمح ولا يجوز نشر تلخيص لدورة تغيير العقل" ومضى يذكّر المنتسبين والمسجلين بأنهم أقسموا على عدم نشر أي معلومات عن الدورة ، ويوبخ أخت أفشت شيئاً من أسرارها !!
وعلى كل حال فإنني أجيب السائلات الكريمات بملاحظات عامة لا تختص بهذا الموقع تحديداً أو هذه الدورة بالذات ، ولكنها تنبه على أمور عامة تفيد طالب الحق وتوجه اختياره في عالم التسويق الرقمي المفتوح للأفكار والفلسفات عبر التطبيقات المتنوعة في التدريب والتطبيب.
وأوجز هذه الأمور في النقاط التالية:
أولا: أي موقع أو برنامج يحيط تدريباته بالسرية ويطلب من الأعضاء عدم إفشاء السر فهو مشبوه وكثيراً ما يتخذ من المخادعة وجهل الناس مطية إلى بث فكر باطني بصرف النظر عن سوء أو حسن نية أصحابه. ومن ثم فعلى عقلاء الأمة الحذر والتحذير من هذا المنهج الذي اتخذه أصحاب الفكر الباطني منذ القديم وتسللوا من خلاله إلى صفوف الأمة وهم اليوم يتغلغلون في أعماقها عبر هذا المنهج تحت ستار أكاديمية ، عيادة طب بديل، دورة تدريبية ، برنامج تأهيلي ، وغيرها ... يجمع تلك التطبيقات كلها محور مهم ظاهره فلسفة العقل الباطن وقدراته وأهمية تناغمه مع العقل الكوني ، يؤكد مروجوه على أهمية مراعاة الخصوصية لتمام الفائدة بعيداً عن تشويش الحساد والجهال ! ويهتمون بحشد دعاية إيحائية هائلة اسمها تجارب المنتسبين وهي ما قد يظهر أو يتوهم من بعض النتائج الإيجابية التي يجدها المتحمسون في البدء وهم يبذلون قصارى جهودهم بينما هم ينحرفون بعيدا متبعين خطوات الشيطان التي نهوا عن تتبعها .
ثانياً: التبرأ من البرمجة اللغوية العصبية وادعاء محاربتها أمر أصبح يدعيه كثير من المدربين على أصل فلسفتها الباطنية ، والحق أن محاربة البرمجة والتحذير منها لم يكن إلا لكونها تروج الفكر الباطني ضمن قالبها الانتقائي التدريبي ، ولأنها تدعوا إلى أهم أسس هذا الفكر من الاعتقاد بالعقل اللاواعي وخصائصه المدعاة ، وتدعو لأهم تدريباته التي هي تغييب العقل عبر الاسترخاء أو ممارسة التنفس العميق . والحق أن أي برنامج أو تدريب يروج لهذه الأمور ويدرب عليها هو ضمن برامج ترويج الفكر الباطني الذي ينبغي أن يحذّر منه وإن لم يعرف أهله أو لم يسمعوا قط عن البرمجة اللغوية العصبية أو ادعوا أنهم يوظفون هذه الوسائل لأهداف سامية كحفظ القرآن أو الخشوع أو نحو ذلك ..
ثالثا: غاية المسلم التي لاينبغي أن تغيب عن باله أبدا هي تحقيق العبودية لله رب العالمين فلا يحفظ القرآن ولا يتعبد بأي عبادة إلا من أجل تحقيقها وهي كمال الذل والافتقار والحب لله تعالى ودوام دعائه والتضرع إليه بكل الرجاء والذلة . وهذه المناهج المروج لها تدعو إلى كيفيات للعبادة غير التي كان عليها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويصبح هم أهلها: كم حفظنا ؟ والدارج على ألسنتهم: أنا حافظ . مع أن الحفظ قد يكون طريقا إلى النار كما يكون طريقا إلى الجنة فأول من تسعر بهم النار ثلاثة منهم حافظ للقرآن قرأ وحفظ ليقال حافظ وقارئ.
رابعاً: كل البرامج والفلسفات التي تدعي معرفة حقيقة العقل وحقيقة النفس والإنسان بعيدا عن هدى النبوات هي في جملتها ضلالات وإن تضمنت جوانب صحيحة ، واأسماء الدورات المروج لها وقناعات مقدميها عن العقل اللاواعي (الباطن) تدل على الوقوع في لوثة هذه الضلالات فالدين يأمرنا بحفظ العقل ويحذر من التلاعب به ويعطي منهجا للمحافظة عليه وإعماله فيما خلق من أجله وهؤلاء يدعون لتغييره أو تغييبه ويفسرونه على غير المعروف عند العقلاء قديما وحديثاُ.
خامساً: المطلع على سير المدربين والمشرفين على هذه المواقع والبرامج ليعجب من مخادعتهم لأنفسهم ولعامة القراء ؛ فما القيمة العلمية لتلك الشهادة العالية من جامعة ليس لها وجود على خارطة الدنيا ، وماقيمة تلك الشهادات لدورات لا اعتراف بها عند عقلاء العالم ، وما قيمة تلك الإجازات في الحديث والتفسير وعلوم القرآن وكتب اللغة التي حبرت بها صفحات وصفحات !!
وصيتي إلى الراغبات والراغبين في حفظ القرآن :
قراءة القرآن بالتدبر والعمل بهداه والاستهداء بمنهجه والاستشفاء بأدويته هو ما ينبغي أن ينصرف له هم أهل القرآن ليكون القرآن قائدهم إلى الجنة لا زاجاً بهم في النار ، ولحفظ آيه الحكيم أخلصوا النية لله واتبعوا هدي نبينا عليه الصلاة والسلام (قراءة ومدارسة وفهم معاني وعمل وتعاهد وصلاة به ودعاء دائم ) وثقوا أنكم على خير مادمتم على هذا المنهج سواء تم مرادكم وأكرمكم الله بحفظه في الصدور أو مازال يتفلت منكم ومازلتم تتعاهدونه وتذكروا أن الرحمن الرحيم الذي علّم القرآن جعل من خاصيته التفلت حتى وصفه نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه أشد تفلتاً من الإبل في عقالها فتعاهدوه بالمراجعة والقراءة والتدبر وارفعوا الأكف إلى الله داعين متضرعين واستغفروا الله من الذنوب فإنها مانعة من الحفظ وليكن شعاركم دائماً وصية ذلك العالم الرباني : (كن طالب استقامة لا طالب كرامة ) ، اضربوا بكل الأفكار والاقتراحات الصارفة عن منهج العبودية على هدي محمد عرض الحائط وحذار من قراء يغرونكم بأسانيد متصلة فكما قال الشاعر لذلك الفخور بنسبه :
لئن فخرت بآباء ذوي نسب لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا
فلربما صدق أولئك القراء المدربين على هذه البرامج في انضمامهم لتلك الأسانيد العالية الشريفة ولكن بئس ما قدموا من أفكار مخالفين منهج سلفهم وأئمتهم .
وفي الختام لعل تحذير النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) يوقظ قلوب غفلت ، ونفوس انخدعت بظواهر براقة . أسأل الله العظيم أن يبرم لأمتنا أمر رشد ، وأن يمن علينا جميعاً وإخواننا في الله تعالى بالنجاة لوثات هذه الفتن والضلالات ، وأن ويعلي في نفوسنا الاعتزاز بهذا الدين ومنهجه وغايته ومعارفه لننطلق به منقذين للبشرية داعين إلى منهج الكتاب والسنة على فهم عدول الأمة رضوان الله عليهم أجمعين الذي صلح به حال أول هذه الأمة وهو سبيل صلاح آخرها.
د.فوز كردي
http://www.islam2all.com/dont/dont/latnshor/195.html
الســـــــــــــــــــــؤال:
أستاذتنا الفاضلة د.فوز كردي حفظها الله
هناك أكاديمية على النت لحفظ الكتاب والسنة تعطي دورات لـ "تغيير العقل" من خلالها تدعي أن المشتركين فيها يحفظون كمية كبيرة من القرآن الكريم في وقت خيالي.
ونشرت في منتداها تجارب لأعضاء حفظوا القرآن الكريم كاملا بوقت خيالي مثل 3 أيام.
وقد وضعَت بيانا زعمت فيه أنها تتبرأ من البرمجة العصبية؛ مع أن هذه الدورة تستخدم في وسائلها:
1- "التنفس" حيث تقرأ المشتركة بالأكاديمية الآية مرة واحدة ثم تغمض عينها مع أخذ نفس عميق جدًا ثم تبدأ بإخراجه ببطء شديد مع تكرار الآية ثلاث مرات وبذلك تكون حفظتها حفظًا راسخًا كما يقولون وتنتقل لللآية التي تليها
2- و"الاسترخاء"
3- ومخاطبة "العقل الباطن"، حيث يتحدث المشرف العام عن سعة العقل وسعة الذاكرة وقدرة العقل اللاواعي على الحفظ وأن الكلمات السلبية تؤثر على العقل الباطن وأن الأوامر لابد أن تعطى للعقل الباطن بصورة إيجابية منطوقة بصوت عالٍ وأن العقل اللاواعي لا ينسى أبدًا وهو المتحكم في جسم الإنسان وعقله الواعي، وذكر أن هناك نوم راحة عن طريق إعطاء أمر صريح للعقل الباطن بعدد ساعات النوم وبصوت مسموع بعد الوضوء وصلاة ركعتين وذكر اذكار النوم.
وذكر أن من السلف من كان يختم القرآن فى يومين أو في يوم وليلة ومنهم من يختمه مرتين فى اليوم وإذا كان المطلوب فى حال قراءة القرآن التدبر فإنه مطلوب أكثر في الصلاة وأغلب الصحابة كانوا يختم القرآن في ركعة فهل كانوا لا يتدبرون حاشاهم أن يكونوا على خطأ وهذا كان رد على سؤال عن ان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث وقال ان هذا الحديث ليس من باب النهي وانما من باب الافضلية ثم تحدث عن السلف وعن كم الاحاديث التي يحفظونها وقال أن حياتنا تظل انعكاسًا لنظرتنا لأنفسنا فكيفما تنظري لعقلك سيكون.
ومن القوانين التي يطبقونها في حفظ القرآن قانون حسن الظن بالله، وقانون مهاجمة الوقت، وقانون استغلال الثانية، وقانون تحديد الهدف، وقانون التحلية والتصفية، وقانون التصوير المتحرك، ويقولون أن الوضوء والصلاة وحسن الظن بالله والدعاء هما الاساس قبل الحفظ .
وعن المراجعة، يقول مشرف الأكاديمية العام ألا تتوقف الحافظات والحفاظ للمراجعة فما حفظتيه ثابت فالعقل اللاواعي لا ينسي أبدًا ما حفظه.
ولما كثر المنتسبون إليها وأكثرهم للأسف من النساء؛ خاصة بعد أن رأوا زعمها أنها تبرأت من البرمجة العصبية، رأينا الحاجة الماسة إلى قولٍ فصل في تلك الدورات "تغيير العقل" ممن هو متخصص بتلك الأمور مثلكم حفظكم الله، كي يستبين للناس الحق من الباطل، ويُصان كتاب الله من العبث.
بارك الله فيكم.
الجـــــــــــــــــــــــــواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وبعد فقد كثر السؤال عن الموقع المسمى أكاديمية الوحيين وقد تصفحته وطالعت سيرة المشرف العام عليه وتابعت الدعاية الكبيرة للدورة المسماة "دورة تغيير العقل" وحاولت الوصول إلى محتواها من خلال الموقع إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره ؛ فإذا بي أطالع موضوعاً مثبتاً لمشرف البرامج الدعوية بعنوان :" لا يسمح ولا يجوز نشر تلخيص لدورة تغيير العقل" ومضى يذكّر المنتسبين والمسجلين بأنهم أقسموا على عدم نشر أي معلومات عن الدورة ، ويوبخ أخت أفشت شيئاً من أسرارها !!
وعلى كل حال فإنني أجيب السائلات الكريمات بملاحظات عامة لا تختص بهذا الموقع تحديداً أو هذه الدورة بالذات ، ولكنها تنبه على أمور عامة تفيد طالب الحق وتوجه اختياره في عالم التسويق الرقمي المفتوح للأفكار والفلسفات عبر التطبيقات المتنوعة في التدريب والتطبيب.
وأوجز هذه الأمور في النقاط التالية:
أولا: أي موقع أو برنامج يحيط تدريباته بالسرية ويطلب من الأعضاء عدم إفشاء السر فهو مشبوه وكثيراً ما يتخذ من المخادعة وجهل الناس مطية إلى بث فكر باطني بصرف النظر عن سوء أو حسن نية أصحابه. ومن ثم فعلى عقلاء الأمة الحذر والتحذير من هذا المنهج الذي اتخذه أصحاب الفكر الباطني منذ القديم وتسللوا من خلاله إلى صفوف الأمة وهم اليوم يتغلغلون في أعماقها عبر هذا المنهج تحت ستار أكاديمية ، عيادة طب بديل، دورة تدريبية ، برنامج تأهيلي ، وغيرها ... يجمع تلك التطبيقات كلها محور مهم ظاهره فلسفة العقل الباطن وقدراته وأهمية تناغمه مع العقل الكوني ، يؤكد مروجوه على أهمية مراعاة الخصوصية لتمام الفائدة بعيداً عن تشويش الحساد والجهال ! ويهتمون بحشد دعاية إيحائية هائلة اسمها تجارب المنتسبين وهي ما قد يظهر أو يتوهم من بعض النتائج الإيجابية التي يجدها المتحمسون في البدء وهم يبذلون قصارى جهودهم بينما هم ينحرفون بعيدا متبعين خطوات الشيطان التي نهوا عن تتبعها .
ثانياً: التبرأ من البرمجة اللغوية العصبية وادعاء محاربتها أمر أصبح يدعيه كثير من المدربين على أصل فلسفتها الباطنية ، والحق أن محاربة البرمجة والتحذير منها لم يكن إلا لكونها تروج الفكر الباطني ضمن قالبها الانتقائي التدريبي ، ولأنها تدعوا إلى أهم أسس هذا الفكر من الاعتقاد بالعقل اللاواعي وخصائصه المدعاة ، وتدعو لأهم تدريباته التي هي تغييب العقل عبر الاسترخاء أو ممارسة التنفس العميق . والحق أن أي برنامج أو تدريب يروج لهذه الأمور ويدرب عليها هو ضمن برامج ترويج الفكر الباطني الذي ينبغي أن يحذّر منه وإن لم يعرف أهله أو لم يسمعوا قط عن البرمجة اللغوية العصبية أو ادعوا أنهم يوظفون هذه الوسائل لأهداف سامية كحفظ القرآن أو الخشوع أو نحو ذلك ..
ثالثا: غاية المسلم التي لاينبغي أن تغيب عن باله أبدا هي تحقيق العبودية لله رب العالمين فلا يحفظ القرآن ولا يتعبد بأي عبادة إلا من أجل تحقيقها وهي كمال الذل والافتقار والحب لله تعالى ودوام دعائه والتضرع إليه بكل الرجاء والذلة . وهذه المناهج المروج لها تدعو إلى كيفيات للعبادة غير التي كان عليها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويصبح هم أهلها: كم حفظنا ؟ والدارج على ألسنتهم: أنا حافظ . مع أن الحفظ قد يكون طريقا إلى النار كما يكون طريقا إلى الجنة فأول من تسعر بهم النار ثلاثة منهم حافظ للقرآن قرأ وحفظ ليقال حافظ وقارئ.
رابعاً: كل البرامج والفلسفات التي تدعي معرفة حقيقة العقل وحقيقة النفس والإنسان بعيدا عن هدى النبوات هي في جملتها ضلالات وإن تضمنت جوانب صحيحة ، واأسماء الدورات المروج لها وقناعات مقدميها عن العقل اللاواعي (الباطن) تدل على الوقوع في لوثة هذه الضلالات فالدين يأمرنا بحفظ العقل ويحذر من التلاعب به ويعطي منهجا للمحافظة عليه وإعماله فيما خلق من أجله وهؤلاء يدعون لتغييره أو تغييبه ويفسرونه على غير المعروف عند العقلاء قديما وحديثاُ.
خامساً: المطلع على سير المدربين والمشرفين على هذه المواقع والبرامج ليعجب من مخادعتهم لأنفسهم ولعامة القراء ؛ فما القيمة العلمية لتلك الشهادة العالية من جامعة ليس لها وجود على خارطة الدنيا ، وماقيمة تلك الشهادات لدورات لا اعتراف بها عند عقلاء العالم ، وما قيمة تلك الإجازات في الحديث والتفسير وعلوم القرآن وكتب اللغة التي حبرت بها صفحات وصفحات !!
وصيتي إلى الراغبات والراغبين في حفظ القرآن :
قراءة القرآن بالتدبر والعمل بهداه والاستهداء بمنهجه والاستشفاء بأدويته هو ما ينبغي أن ينصرف له هم أهل القرآن ليكون القرآن قائدهم إلى الجنة لا زاجاً بهم في النار ، ولحفظ آيه الحكيم أخلصوا النية لله واتبعوا هدي نبينا عليه الصلاة والسلام (قراءة ومدارسة وفهم معاني وعمل وتعاهد وصلاة به ودعاء دائم ) وثقوا أنكم على خير مادمتم على هذا المنهج سواء تم مرادكم وأكرمكم الله بحفظه في الصدور أو مازال يتفلت منكم ومازلتم تتعاهدونه وتذكروا أن الرحمن الرحيم الذي علّم القرآن جعل من خاصيته التفلت حتى وصفه نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه أشد تفلتاً من الإبل في عقالها فتعاهدوه بالمراجعة والقراءة والتدبر وارفعوا الأكف إلى الله داعين متضرعين واستغفروا الله من الذنوب فإنها مانعة من الحفظ وليكن شعاركم دائماً وصية ذلك العالم الرباني : (كن طالب استقامة لا طالب كرامة ) ، اضربوا بكل الأفكار والاقتراحات الصارفة عن منهج العبودية على هدي محمد عرض الحائط وحذار من قراء يغرونكم بأسانيد متصلة فكما قال الشاعر لذلك الفخور بنسبه :
لئن فخرت بآباء ذوي نسب لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا
فلربما صدق أولئك القراء المدربين على هذه البرامج في انضمامهم لتلك الأسانيد العالية الشريفة ولكن بئس ما قدموا من أفكار مخالفين منهج سلفهم وأئمتهم .
وفي الختام لعل تحذير النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) يوقظ قلوب غفلت ، ونفوس انخدعت بظواهر براقة . أسأل الله العظيم أن يبرم لأمتنا أمر رشد ، وأن يمن علينا جميعاً وإخواننا في الله تعالى بالنجاة لوثات هذه الفتن والضلالات ، وأن ويعلي في نفوسنا الاعتزاز بهذا الدين ومنهجه وغايته ومعارفه لننطلق به منقذين للبشرية داعين إلى منهج الكتاب والسنة على فهم عدول الأمة رضوان الله عليهم أجمعين الذي صلح به حال أول هذه الأمة وهو سبيل صلاح آخرها.
د.فوز كردي
http://www.islam2all.com/dont/dont/latnshor/195.html