المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كابوس المعصية.. قصة من واقع الحياه


محمود فايد
15-12-2007, 06:50 PM
كابوس المعصية
*‏ داهمني بريدكم الموقر يوم الجمعة الموافق‏11/23‏ برسالتين أفقتا مضجعي واطارتا النوم من عيني طيلة ليلة كاملة‏,‏ وكانت تسبقها ليال كثيرة علي شاكلتها ولكنها هذه المرة كانت أشد قسوة‏.‏

*‏ كانت الرسالة الأولي عن الممرضة التي وثق فيها الطبيب الذي كانت تعمل لديه‏,‏ فكانت تأخذ منه دون علمه مبالغ مالية كبيرة‏,‏ وتقول كيف اقتص منها القدر فأنفقت كل ما هو حرام علي فلذة كبدها حتي وافته المنية بعد مرض مرير وعلي مرضها النفسي‏,‏ والثانية عن السيدة التي أغواها الشيطان وزين لها طريق الخطيئة‏,‏ فوقعت في الوحل وهي نادمة أشد الندم علي ما اقترفته في حق زوجها‏.‏

*‏ وكم تألمت يا سيدي وأنا اقرأ الرسالة الأولي وأنا ارتجف وأبكي خوفا وفزعا‏..‏ وكم تزايد هلعي وأنا اقرأ بعدها بلحظات الرسالة الثانية‏..‏ إن رسالة واحدة منهما كانت كفيلة بتفجير البركان الكامن داخلي‏..‏ فما بال لو تجمعتا معا وقرأتهما تباعا؟‏.‏

*‏ فأنا يا سيدي‏,‏ امرأة لا تستحق أن تنتمي لجنس بني آدم‏..‏ ذلك الإنسان الذي أكرمه الله وأحسن خلقه‏,‏ وجعله في الأرض ليعمرها وليعبده‏..‏ فأنا سيدة قد أحكم الشيطان شباكه عليها في فترة من فترات حياتها‏..‏ فسقطت فريسة بين يديه دون أدني مقاومة منها‏,‏ ودون أدني مجهود منه‏,‏ وكأنها حيوان فاقد لنعمة العقل الذي ميز به الإنسان علي سائر المخلوقات‏.‏

*‏ فأنا ـ ويا ليتني كنت لست أنا ـ قد مرت بحياتي فترة سوداء‏,‏ أتمني الآن ألا أكون قد عشتها أو أتمني لو أنني مت قبلها‏,‏ وأتمني وأترجي وأتذلل وأتوسل لربي الرحيم الغفور ألا يميتني إلا بعد أن يكون قد غفر لي‏.‏

*‏ لن أطيل عليك يا سيدي‏,‏ فأنا زوجة لرجل فاضل‏,‏ حباني الله به‏,‏ فقلما تتجمع الصفات الحسنة في شخص واحد ولكن بفضل الله قد تجمع به كل ما هو حسن وجميل‏,‏ وأحمد ربي الآن عليه ليلا ونهارا واستغفره وأطلب صفحه وعفوه ألف مرة في اليوم قياما وقعودا ونياما ومع كل شهيق وزفير‏..‏ ولكن في هذه الفترة السوداء ـ التي أتمني أن تمسح من سجل حياتي وأتمني أن تكون مجرد كابوس أظنه حقيقة ـ لم أشكر الله علي هذه الهبة‏,‏ علي هذا الزوج الذي وهبني إياه فلم أصن عرضه ولا ماله‏.‏
كيف فعلت ذلك؟ ولماذا؟ وما المدخل الذي دخل منه ذلك الإبليس اللعين لكي يجرني لهذا الجرم؟ كيف تمكن مني؟ كيف ذهب بعقلي؟ حقيقة‏,‏ لا أدري‏!!‏ فكأنما قد حولني بين مخالبه إلي شخص آخر يسيطر عليه ويحركه بالريموت كنترول فأنا لا أبرر أخطائي ولا أهون منها ولكنني أتعجب وكلي حسرة وندم وخوف وهلع علي ما فعلته‏.‏
في هذه الفترة‏,‏ وهي من نحو خمسة أعوام‏,‏ أخذت مبلغا كبيرا من المال من زوجي دون علمه‏,‏ علما بأنني ـ من العجب ومما سيثير سخطك واشمئزاز ونفور قرائك ـ لم أكن بحاجة إليه‏,‏ وعلما بأنني ـ يا للحقارة والخسة ـ لو كنت طلبته منه صراحة لكان أعطاه لي طواعية عن حب ورضا‏..‏ فلماذا فعلت ذلك؟ لا أعرف‏..‏ لا أجد عندي أي مبرر لما حدث‏.‏
وليت هذا اللعين الوسواس الخبيث قد اكتفي مني بهذا القدر‏,‏ ولكن في فترة متزامنة لهذه الواقعة‏,‏ أوقعني خبثه وحيلته في براثن زميل بالعمل فتلطخت بوحل الخطيئة‏..‏ لماذا فعلت ذلك؟ وكيف وصلت لهذا المستوي المتدني؟ لا أعلم‏!!‏ وكأنني قد تحولت إلي حيوان مغيب‏,‏ فاقد الإدراك‏,‏ فاقد الآدمية‏.‏
لن أثير غضبك وسخطك علي أكثر من ذلك بتفاصيل مشينة خلال هذه الفترة‏..‏ ولكنني الآن نادمة‏,‏ نادمة‏,‏ نادمة‏,‏ نادمة‏,‏ نادمة بعدد شعر رأسي‏,‏ بعدد خلق الله بعدد نعم ربي التي لا تحصي‏,‏ أحاول جاهدة بكل ما أوتيت من قوة وبفضل الله وعونه أن أكفر عن خطاياي قدر استطاعتي وذلك بالصوم والصلاة والاستغفار وقراءة وحفظ القرآن وطلب شفاعة سيدنا المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام‏,‏ وقد نذرت لله صيام ثلاثة أشهر متتالية‏,‏ فاستطعت بعونه أن أصوم قرابة أربعة أشهر متتالية لم أفطر خلالها يوما واحدا دون عذر‏,‏ ونويت حج بيت الله هذا العام‏,‏ ولكنه لم يأذن لي بعد‏,‏ ولكنني أتمني أن يمهلني عمرا ويأذن لي بزيارة بيته الحرام في العام المقبل حتي أطلب عفوه وشفاعة نبيه في كل لحظات وجودي هناك‏.‏
أما المبلغ الذي كنت قد أخذته من زوجي‏,‏ فأنا أحاول بشتي الطرق أن أرده إليه في صورة شراء احتياجات شخصية له لم يطلبها‏,‏ وقد وضعت أكثر من ثلاثة أضعاف هذا المبلغ باسم أولادنا لإبراء ذمتي منه‏,‏ وفكرت كثيرا في الاعتراف له بذنوبي وارجاع المبلغ له‏,‏ ولكنني تراجعت لعلمي ان ذلك معناه نهاية الحياة بيننا ولعلمي أن الله قد سترني فهل افضح نفسي؟ ولجأت إلي الاستغفار والتقرب إلي الله‏..‏ فهل هذا يكفي؟ أرجوك واستحلفك بالله‏..‏ أن تستفتي أهل الدين هل لي من توبة؟ هل يقبل الله توبة مرتكب الكبائر؟ هل لي طريق آخر أسلكه للتقرب أكثر من الله؟ هل يفضحني الله أمام زوجي يوم القيامة بعد أن سترني في الدنيا‏,‏ أم انه سترني في الدنيا وسيسترني في الآخرة؟
وأخيرا هل ستبخل علي بالدعاء أن يغفر لي الله؟ أم أنك ستقول انها لا تستحق وحقيقة أنا اعرف في قرارة نفسي أني لا استحق ولكن كلي أمل ورجاء ألا تبخل علي أنت وقراؤك‏,‏ واستحلفكم بالغفور الرحيم ألا تبخلوا بالدعاء لأخت لكم في الإسلام تابت وندمت وهي الآن تتعذب وتحترق خيفة الموت‏,‏ ليس من الموت ذاته‏,‏ فهو علينا حق‏,‏ ولكن من الرعب أن يقبضها الله وهو لم يغفر لها‏,‏ أرجو جوابا من رجال الدين‏..‏ أرجوكم لا تضنوا علي‏..‏ أرجوكم ساعدوني‏,‏ استحلفكم بالله أمد يدي إليكم فلا ترفضوها‏.‏‏
يجيب عنها الكاتب الصحفي خيري رمضان
{‏ سيدتي‏..‏ وصلني من رسالتك‏20‏ نسخة مرسلة من مكاتب بريد مختلفة‏,‏ وهذا ما دفعني إلي نشرها‏,‏ علي الرغم من قراري بالتوقف ـ مؤقتا ـ عن نشر رسائل الخيانة‏,‏ والتي يصلني منها الكثير‏,‏ رجالا ونساء‏,‏ وإن كان الرجال يذكرون الخيانة عرضا في رسائلهم‏,‏ بدون التوقف كثيرا أمام تلك الخطيئة الكبري التي يرتكبونها‏,‏ بينما تمتلئ رسائل النساء بالحسرة والندم‏,‏ وهذا الأمر يستلزم مزيدا من البحث والدراسة‏,‏ لماذا تفشت الخيانة الزوجية في المجتمعات العربية؟ وكيف ينجح الشيطان في الإيقاع بكل سهولة ببني آدم داخل هذا المستنقع؟
عودة مرة أخري إلي رسالتك الدامية‏,‏ أقول لك هوني علي نفسك‏,‏ سندعو لك بالثبات والمغفرة‏,‏ وندعوك أيضا للدعاء لنا‏,‏ فكما قال النبي عيسي بن مريم عليهما السلام من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر‏,‏ ولا أحد يدري من ستقبل توبته‏,‏ ومن سترد في وجهه إذا لم يكن صادقا‏.‏
لن أوجه لك أي لوم‏,‏ فأنت أدري مني بحجم الجرم الذي ارتكبته‏,‏ تعاقبين نفسك عليه في كل لحظة‏,‏ وتبت إلي الله ندعوه سبحانه وتعالي أن تكون مقبولة‏,‏ وتحول سيئاتك إلي حسنات بإذنه وحده‏.‏
سيدتي‏..‏ حتي يرتاح قلبك‏,‏ عرضت أسئلتك علي فضيلة الشيخ الدكتور أسامة السيد محمود المدرس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف‏,‏ فأجابني بالآتي‏:‏ نعم لك توبة‏,‏ وفوق ما تتصورين‏,‏ لأن الله كريم يقبل توبة المذنب مع أول خاطر بالتوبة‏,‏ أليس هو سبحانه وتعالي القائل في سورة النساء إنما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب‏,‏ فأولئك يتوب الله عليهم‏.‏
يغفر الله ذنوب العباد صغرت أو كبرت مادام العبد تاب توبة صادقة ولم يمت وهو مصر علي الذنب‏,‏ وليس عليك أكثر مما تفعلينه للتكفير عن ذنبك‏,‏ ولا تعترفي لزوجك بما حدث‏,‏ لأن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم يقول في حديث شريف من أذنب سرا فليتب سرا‏,‏ ومن أذنب علانية فليتب علانية‏.‏
أما سؤالك‏:‏ هل يفضح الله عبده يوم القيامة بعد أن ستره في الدنيا؟ فيجيب الشيخ أسامة بأنه بعد التوبة الصادقة‏,‏ لا توجد تبعات يوم القيامة‏,‏ بل يبدل الله السيئات حسنات إذا ما استقام العبد علي التوبة‏,‏ كما وعدنا بذلك في كتابه الحكيم‏:‏ إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما‏.‏
فليهدأ وليهنأ قلبك ـ سيدتي ـ لتتفرغي لعبادة ربك والإحسان إلي زوجك ورعاية أبنائك‏,‏ وليكن في إحساسك بالذل والهوان درسا لمن يسلم قياده إلي وسوسة الشيطان واغراءاته‏,‏ فمتعة المعصية لا تدوم إلا لحظات‏,‏ أما مشقة الطاعة فلها حلاوة تدوم أبدا‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

نجم
18-12-2007, 02:04 PM
محمود فايد ..

قصه من اروع القصص شكرا لك على ماكتبت

وانتظر أبدعك ..

أبو رائد
18-12-2007, 06:42 PM
سلمت يا محمود

والله يعطيك العافية

محمد الرويضان
18-12-2007, 07:53 PM
والله يعطيك العافية والصحة

الحسني
18-12-2007, 10:00 PM
محمود فاااااااااااايد
أفادنا الله من قصصك الرائعة وبارك الله في جهدك

رحاب
24-12-2007, 06:47 PM
شكرا على الجهود