سلام عليكم
18-12-2007, 03:47 AM
عن جبير قال: عندما فتحت قبرص وفرق بين أهلها بكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟
قال: ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله، إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى. (أبي نعيم في الحلية بسند صحيح عن جبير بن نفير).
هذا الإنكار من جبير لبكاء أبو الدرداء، يعكس ما تعرضت له المفاهيم والتصورات الفكرية الإنسانية إلى عمليات تهشيم في نفوسنا داخلياً!!
وخارجياً داخل التجمعات من جراء عدة عوامل سياسية أو فكرية أو اقتصادية.. مختلفة!!
حيث تمر علينا النكبات الحقيقية، والكوارث الإنسانية، في حين أننا نمارس مناورة فكرية على أنفسنا تقودنا إلى منطقة العتمة في تفكيرنا!!
حائرين بين الأولويات التي نقدم بعضها على بعض!! في تبلد ولامبالاة للآخر، قد تعود علينا بالوبال!! كما قال صادق الرافعي رحمه الله: إن دموع المظلومين في أعينهم دموع لكنها في يد الله صواعق يضرب بها الظالم (انتهى).
وهذا الإحساس لا يقتصر على ديانة، وإن كان الإسلام قد دعا له وهذبه!! وهو أولى به! فالمصور الشهير "كيفن كارتر" كان في السودان وقت المجاعة التي حدثت والتقط صورة لطفلة أصابتها المجاعة، والمؤسف أن الطفلة كانت تبعد مسافة واحد كيلومتر فقط عن معسكر الأمم المتحدة للإغاثة وتوزيع الطعام، وكانت تزحف من أجل الوصول إليه باحثة عما تستطيع أن تأكله!
وفي الصورة تلاحظ كذلك خلف الطفلة نسر يتربص، ينتظر وفاة الطفلة كي يهجم عليها ليلتهمها، فبعد ثلاثة أشهر من حصول كارتر على الجائزة بسبب الصورة انتحر في 27 يوليو عام 1994 نتيجة إصابته باكتئاب حاد!
فكتب: "أنا مكتئب.. بلا مال لإعانة الطفولة.. بلا مال للديون.. المال!! أَنا مُطَارَدُ بالذكريات الواضحةِ لحالاتِ القتل والجثثِ والغضبِ والألمِ.. وأطفالِ جائعينِ أَو مجروحينِ، مطارد مِنْ المجانينِ التوّاقين لإطلاق النارِ، مِنْ الجلادين القتلة..".
ولهذا نحن بحاجة إلى إعادة رسم خارطة "لمفهومنا الإنساني" ليأخذنا بعيدا عن المفاهيم المادية الأخرى التي قادتنا إلى الهزيمة الإنسانية.
نحن بحاجة إلى السكينة، والدعة، والشفافية.. إلى التعاطف مع الآخر، والإحساس بهمومه!!
نعم إن ما يحدث في أوطاننا ويتوالى فيها من هزائم، وأزمات على الصعيد المحلي، ونضوب للأيديولوجيات على الصعيد العالمي، في تداعٍ مستمر أزكم فيه أنوفنا برائحة الدم، ودخان البارود، وصوت إزهاق الأرواح، وبكاء الثكلى!!
جعل منا هذا الزخم نفوسا متبلدة..
وأرواحا جافة..
وقلوبا قاسية..
وأعينا حائرة!!
فقداننا لإنسانيتنا لا يقل نكبة عما يجرى في أوطاننا، وهذا ما سينطلق بنا نحو الهاوية {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة:52]
قال: ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله، إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى. (أبي نعيم في الحلية بسند صحيح عن جبير بن نفير).
هذا الإنكار من جبير لبكاء أبو الدرداء، يعكس ما تعرضت له المفاهيم والتصورات الفكرية الإنسانية إلى عمليات تهشيم في نفوسنا داخلياً!!
وخارجياً داخل التجمعات من جراء عدة عوامل سياسية أو فكرية أو اقتصادية.. مختلفة!!
حيث تمر علينا النكبات الحقيقية، والكوارث الإنسانية، في حين أننا نمارس مناورة فكرية على أنفسنا تقودنا إلى منطقة العتمة في تفكيرنا!!
حائرين بين الأولويات التي نقدم بعضها على بعض!! في تبلد ولامبالاة للآخر، قد تعود علينا بالوبال!! كما قال صادق الرافعي رحمه الله: إن دموع المظلومين في أعينهم دموع لكنها في يد الله صواعق يضرب بها الظالم (انتهى).
وهذا الإحساس لا يقتصر على ديانة، وإن كان الإسلام قد دعا له وهذبه!! وهو أولى به! فالمصور الشهير "كيفن كارتر" كان في السودان وقت المجاعة التي حدثت والتقط صورة لطفلة أصابتها المجاعة، والمؤسف أن الطفلة كانت تبعد مسافة واحد كيلومتر فقط عن معسكر الأمم المتحدة للإغاثة وتوزيع الطعام، وكانت تزحف من أجل الوصول إليه باحثة عما تستطيع أن تأكله!
وفي الصورة تلاحظ كذلك خلف الطفلة نسر يتربص، ينتظر وفاة الطفلة كي يهجم عليها ليلتهمها، فبعد ثلاثة أشهر من حصول كارتر على الجائزة بسبب الصورة انتحر في 27 يوليو عام 1994 نتيجة إصابته باكتئاب حاد!
فكتب: "أنا مكتئب.. بلا مال لإعانة الطفولة.. بلا مال للديون.. المال!! أَنا مُطَارَدُ بالذكريات الواضحةِ لحالاتِ القتل والجثثِ والغضبِ والألمِ.. وأطفالِ جائعينِ أَو مجروحينِ، مطارد مِنْ المجانينِ التوّاقين لإطلاق النارِ، مِنْ الجلادين القتلة..".
ولهذا نحن بحاجة إلى إعادة رسم خارطة "لمفهومنا الإنساني" ليأخذنا بعيدا عن المفاهيم المادية الأخرى التي قادتنا إلى الهزيمة الإنسانية.
نحن بحاجة إلى السكينة، والدعة، والشفافية.. إلى التعاطف مع الآخر، والإحساس بهمومه!!
نعم إن ما يحدث في أوطاننا ويتوالى فيها من هزائم، وأزمات على الصعيد المحلي، ونضوب للأيديولوجيات على الصعيد العالمي، في تداعٍ مستمر أزكم فيه أنوفنا برائحة الدم، ودخان البارود، وصوت إزهاق الأرواح، وبكاء الثكلى!!
جعل منا هذا الزخم نفوسا متبلدة..
وأرواحا جافة..
وقلوبا قاسية..
وأعينا حائرة!!
فقداننا لإنسانيتنا لا يقل نكبة عما يجرى في أوطاننا، وهذا ما سينطلق بنا نحو الهاوية {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة:52]