محمد الرويضان
01-01-2008, 03:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وجعلنا من الماء كل شيء حي... انها مسالة حياة أو موت.
ففي عام 1924 انحبس المطر... وإذا كان رسول الله (ص) يُستسقى به المطر ايام حياته الشريفة فبمن سيستسقي المؤمنون بعد غياب الرسول (ص) ؟؟
لا شك ان ذلك يتم على أيدي المؤمنين من نسل الرسول حيث يقول عزً من قائل : "أمًن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء". فكان الدعاء على أيدي المقدس سماحة العلامة السيد محسن الأمين (رض) وكان الغيث فأغيث الناس والدواب والنبات. انه أكرم مسؤول وخير مأمول.
نلاحظ انه في الأعوام التي ينحبس فيها المطر يلجأ المؤمنون الى الله سبحانه وتعالى ويدعو البعض الى صلاة الإستسقاء... ويكثر الحديث في بلدتنا (تبنين) من جبل عامل أقصى الجنوب اللبناني وفي المنطقة ككل عن صلاة الإستسقاء التي صلاها المجتهد الأكبر سماحة المقدس السيد محسن الأمين في سهل الخان (شرق البلدة). واستمر بالدعاء حتى إنهمر المطر قبل أن يبرح المكان.
الحاج محمد عطالله دكروب من تبنين مواليد 1931 روى الواقعة فقال :
سمعت الكثير عن هذه الصلاة وأنا طفل - وكان المرحوم والدي يروي لي بعض تفاصيل هذه الصلاة إلا أن المرحوم الحاج سعيد محمود آغا فواز الذي زرته في ديوانه وكان العام شحيحاً والحديث يدور عن الصلاة موضوع كتابة هذه السطور، حدثني عنها ايضاً.
روى لي رحمه الله أسباب وفصول هذه الصلاة فقال في العام 1924 أمطرت السماء مبكرة في أوائل فصل الخريف وكما يقول الفلاحون بإصطلاحهم (أروت الدنيا) أي انه أصبح بامكان المزارعين زراعة موسمهم من الحبوب. فأستبشروا خيراً بالعام الزراعي وزرعوا الحبوب على إختلاف أنواعها وهي موسمية وتشمل (القمح والشعير والعدس والفول والكرسّنة) وغيرها من الحبوب التي تزرع في الخريف في الجنوب اللبناني وكان السواد الأعظم من الناس مزارعين يعتمدون في كسب أرزاقهم على الزراعة الملزم لإ قتناء المواشي.
ونبت الزرع وانحبس المطر طويلاً بعدها الأمر الذي استدعى تنصيب نواطير على ينابيع المياه وهذا عرف يُعمل به في جميع أنحاء المنطقة وهو أن تُنصًب كل بلدة أو قرية ناطوراً على نبع المياه الذي يقع ضمن أراضيها، ويخصص لكل بيت كمية من المياه تكفي العائلة ومواشيها لقاء مبلغ يُدفع للناطور. وطال إنحباس المطر حتى نضبت ينابيع بعض البلدات والقرى.
وفي بلدتنا تبنين نبع يعرف بنبع سهل الخان ومياهه لا بأس بها، إلا انها ضحلت هي أيضاً.
وفي بلدة شقراء المجاورة نبع يعرف (بالعين الحمراء) ضحلت مياهه كثيراً ولم يعد يكفي سكان البلدة الأمر الذي جعل أهالي شقراء يسيحوا في طلب الماء... استصعب ناطور نبع سهل الخان في تبنين مشاركة أهالي شقراء لمياهه فأبلغ أهل بلدته فتناخى البعض وأخذ يقترح ما يجب عمله وكانت القبلية والعشائرية والعنجهية جميعها متوفرة...؟ والجيل تركي...؟ إذ انه لم يمضي على رحيل الأتراك بعد ست سنوات.
توجه وفد من بلدة تبنين الى شقراء برئاسة عالم البلدة الديني ووجهائها للاجتماع بالمجتهد الأكبر سماحة السيد محسن الأمين (رض) والطلب اليه إقامة صلاة الإستسقاء وكان من أعضاء الوفد محدثي سعيد محمود آغا فواز الآنف الذكر الذي توجه من سماحته سائلا أما آن الأوان يا سيدنا؟ فاستوضح السيد قصده فقال أما ترى سماحتكم أن الزرع يبس وعطشنا نحن ومواشينا وأصبحنا نقتتل على جرة الماء...؟ أما آن الآوان لصلاة الإستسقاء بعد إنحباس المطر هذه المدة الطويلة، فأجاب سماحة السيد بلى لقد آن الآوان يا ابا فايز والتفت موجها كلامه الى الجميع أين تقترحون أن نصلي، فأجاب أغلب اعضاء الوفد في سهل الخان لأن المكان فسيح وتحيط به بلدات عدة، فقال متلطفاً وهذا المشهور عنه تقتلونا في سهل الخان وتطلبوا منا أن نصلي في سهل الخان وابتسم فأدرك الجميع انه يتلطف... ثم أتبع نعم نعم إنه المكان الأنسب، سنصلي إن شاءالله نهار الجمعة في سهل الخان، أذيعوا ذلك بين الناس، فشكر الوفد وودع وعاد الى تبنين - والى هنا انتهى كلام الحاج سعيد فواز.
لم يخبر محدثي ولم استفسر منه عن اليوم الذي ذهب فيه الوفد الى شقراء وأغلب الظن أنه كان يوم الاربعاء لأن المرحوم والدي حدثني هو الآخر انه كان في سوق الخميس في مدينة بنت جبيل وشاهد رجلاً يجول في السوق على فرسه ينادي ويدعو لصلاة الإستسقاء في سهل الخان نهار غد الجمعة مبيناً أن السيد محسن الأمين سيؤم المصلين ويدعو لهذه الصلاة.
والآن أعود للحاج سعيد فواز حيث أكمل حديثه انه في اليوم الجمعة الموعود توافد الناس من جميع انحاء المنطقة الى سهل الخان وكانت السماء زرقاء صافية لا أثر فيها لغيمة، والتفت الي قائلاً أتدري كيف خرج السيد من بلدته، لقد خرج حافي القدمين عمامته في رقبته يحيط به جمع من أهالي بلدته ويضيف محدثي لقد أُخبرنا فيما بعد أنه قبل أن يخرج التفت الىالعيال قائلاً لن أعود الى شقراء إذا لم تمطر السماء. وتوجه الى سهل الخان وانضم اليه أهالي البلدات المجاورة برعشيت - صفد - الجميجمة - مجدل سلم - وغيرها حتى وصلوا السهل قادمين من ناحيته الشرقية، في المقابل خرج أهالي تبنين من الناحية الغربية على خيولهم. وصادف أن رجلاً من تبنين كان شاهد سماحة السيد ماشياً على الهيئة التي ذكرت فالتفت إلى اهالي تبنين قائلاً من بعيد يا أهالي تبنين تركبون الخيول وتأتون للصلاة والسيد محسن يمشي حافي القدمين فتنبه القادمون لكلام المنادي ويدعى السيد محمود أبو الحسن وخجل الجميع ونزلوا عن الخيول وتابعوا سيراً على الأقدام وسلموا على السيد والقادمين واستعدوا للصلاة...
مالت الشمس عن الزوال، أذن مؤذن للصلاة إصطف المصلون فإندس بينهم الصبية، فأراد البعض إخراجهم ولكن السيد طلب الى الكبار ان يدعوهم بين الصفوف قائلاً (ان الله سبحانه وتعالى يستجيب لهم قبل ان يستجيب لكم انتم الكبار...؟ ) انتهى كلام الحاج سعيد.
أمَّ سماحته المصلين، صلى صلاة الظهرين ثم صلى صلاة الإستسقاء وبقي في مكانه يسجد ويدعو ويرفع رأسه من حين لآخر، والكلام هنا للمرحوم والدي الذي أخبرني انه كان قريباً منه وسمعه وهو يقول الغوث والغيث في سياق الدعاء وعندما قرب وقت الغروب أخذ الناس بالعودة الى بلداتهم وقراهم وبقي السيد في مكانه، انتهى كلام المرحوم والدي.
والأن انتقل الى ما أكمله لي من فصول هذه الصلاة المرحوم الشاعر والأديب الاستاذ الشيخ إبراهيم بري (1917 - 1997) فقال كنت في سهل الخان وأنا في مستهل الشباب وبقي السيد محسن في مكانه الذي صلىً فيه الى ما بعد العصر وهو يسجد ويرفع رأسه من حين لآخر الى السماء وكأنه ينتظر أمراً. وبعد العصر تكونت فوق المكان غيمة على شكل ريشة طائر وأنا اراقب ذلك والكلام للشيخ ابراهيم وأخذت الغيمة بالاتساع وبدأ تساقط الرذاذ ثم تبعته نقاط وبعد ذلك أخذ المطر ينهمر بغزارة والسيد لا يزال في مكانه وعندما لم يعد بامكانه البقاء سجد سجدتي الشكر لله وقام. انتهى كلام الشيخ ابراهيم بري.
سألت عن السيد هل عاد الى شقراء ام صعد الى تبنين: فالبعض قال انه عاد الى شقراء والبعض الاخر قال انه بعد صلاة المغرب حضر السيد محسن الأمين من سهل الخان الى تبنين والناس من حوله وهو لا يزال حافي القدمين وطلب من سماحته آل كتورة في تبنين أن يزورهم ويباركهم وهم من الطائفة الكاثوليكية فلبى دعوتهم وزارهم في تلك الليلة - هذا ما يؤكده الحاج أبو غسان أسعد فوازوهو من مواليد 1921 تبنين.
حكي الكثير عن هذه الصلاة وكتب عنها الكثير ولا يزال، وأكثر ما كتب عنها في مجلة العرفان التي كان يصدرها المرحوم الشيخ أحمد عارف الزين. ويتذكرها الناس دائماً في سني الشحائح ويكثر الحديث عنها. وعلى كل فقد استجاب الله الدعاء ونزل المطر وعاد سماحة السيد كما خرج حافي القدمين مكشوف الرأس حذاؤه تحت إبطه.
ولا غرو فالآية القرأنية الكريمة رقم 186من سورة البقرة خير شاهد على ما تقدم في هذه السطور - الآية - بسم الله الرحمن الرحيم وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. صدق الله العظيم.
أنشد الشعراء الكثير الكثير من القصائد ذاكرين هذه الصلاة ومادحين سماحة السيد الأمين..
ولقد وقفت على قصيدة لمحدثي الأستاذ الشيخ إبراهيم محمد بري وقد اقتطفت منها هذه الأبيات وكانت بخط يده :
وذكرت عاماً فيه ضج الناس للماء الحرون
وتساقطت صرعى دواب الحرث في الوهج السخين
واستقبل الفلاح موت الزرع في طرف حزين
وتدفق القوم الظماء يفتشون عن العيون
وقلوبهم حرَى يسيل بها الانين على الانين
فوقفت فيهم للصلاة بنطفك العذب المبين
وبسطت كفك بالرجاء وفاض صدرك بالشجون
ووصلت مهجتك الحنون بمهجة الله الحنون
ودعوت يا كبد السما حنيَ على العبد الرهين
وتدفقي يا حاملات المزن بالماء المعين
وعلى إختلاجات الدعاء هوى الغمام على الحزون
وإذا الحقول الظامئات تغص بالمطر الهتون
وتتم معجزة السماء بكف محسننا الأمين
الله أكبر لست أخشى الموت والإسلام ديني.
- صلى سماحة المجتهد الأكبر المقدس السيد محسن الأمين هذه الصلاة في العام 1924 في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول حسبما أخبرني المرحوم الحاج عبد مصطفى حمود الذي أرخ هذه الصلاة على دفة أحد الأدعية الموجودة لديه.
وسهل الخان يقع في الناحية الشرقية لبلدة تبنين
اخوكم محمد الرويضان
وجعلنا من الماء كل شيء حي... انها مسالة حياة أو موت.
ففي عام 1924 انحبس المطر... وإذا كان رسول الله (ص) يُستسقى به المطر ايام حياته الشريفة فبمن سيستسقي المؤمنون بعد غياب الرسول (ص) ؟؟
لا شك ان ذلك يتم على أيدي المؤمنين من نسل الرسول حيث يقول عزً من قائل : "أمًن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء". فكان الدعاء على أيدي المقدس سماحة العلامة السيد محسن الأمين (رض) وكان الغيث فأغيث الناس والدواب والنبات. انه أكرم مسؤول وخير مأمول.
نلاحظ انه في الأعوام التي ينحبس فيها المطر يلجأ المؤمنون الى الله سبحانه وتعالى ويدعو البعض الى صلاة الإستسقاء... ويكثر الحديث في بلدتنا (تبنين) من جبل عامل أقصى الجنوب اللبناني وفي المنطقة ككل عن صلاة الإستسقاء التي صلاها المجتهد الأكبر سماحة المقدس السيد محسن الأمين في سهل الخان (شرق البلدة). واستمر بالدعاء حتى إنهمر المطر قبل أن يبرح المكان.
الحاج محمد عطالله دكروب من تبنين مواليد 1931 روى الواقعة فقال :
سمعت الكثير عن هذه الصلاة وأنا طفل - وكان المرحوم والدي يروي لي بعض تفاصيل هذه الصلاة إلا أن المرحوم الحاج سعيد محمود آغا فواز الذي زرته في ديوانه وكان العام شحيحاً والحديث يدور عن الصلاة موضوع كتابة هذه السطور، حدثني عنها ايضاً.
روى لي رحمه الله أسباب وفصول هذه الصلاة فقال في العام 1924 أمطرت السماء مبكرة في أوائل فصل الخريف وكما يقول الفلاحون بإصطلاحهم (أروت الدنيا) أي انه أصبح بامكان المزارعين زراعة موسمهم من الحبوب. فأستبشروا خيراً بالعام الزراعي وزرعوا الحبوب على إختلاف أنواعها وهي موسمية وتشمل (القمح والشعير والعدس والفول والكرسّنة) وغيرها من الحبوب التي تزرع في الخريف في الجنوب اللبناني وكان السواد الأعظم من الناس مزارعين يعتمدون في كسب أرزاقهم على الزراعة الملزم لإ قتناء المواشي.
ونبت الزرع وانحبس المطر طويلاً بعدها الأمر الذي استدعى تنصيب نواطير على ينابيع المياه وهذا عرف يُعمل به في جميع أنحاء المنطقة وهو أن تُنصًب كل بلدة أو قرية ناطوراً على نبع المياه الذي يقع ضمن أراضيها، ويخصص لكل بيت كمية من المياه تكفي العائلة ومواشيها لقاء مبلغ يُدفع للناطور. وطال إنحباس المطر حتى نضبت ينابيع بعض البلدات والقرى.
وفي بلدتنا تبنين نبع يعرف بنبع سهل الخان ومياهه لا بأس بها، إلا انها ضحلت هي أيضاً.
وفي بلدة شقراء المجاورة نبع يعرف (بالعين الحمراء) ضحلت مياهه كثيراً ولم يعد يكفي سكان البلدة الأمر الذي جعل أهالي شقراء يسيحوا في طلب الماء... استصعب ناطور نبع سهل الخان في تبنين مشاركة أهالي شقراء لمياهه فأبلغ أهل بلدته فتناخى البعض وأخذ يقترح ما يجب عمله وكانت القبلية والعشائرية والعنجهية جميعها متوفرة...؟ والجيل تركي...؟ إذ انه لم يمضي على رحيل الأتراك بعد ست سنوات.
توجه وفد من بلدة تبنين الى شقراء برئاسة عالم البلدة الديني ووجهائها للاجتماع بالمجتهد الأكبر سماحة السيد محسن الأمين (رض) والطلب اليه إقامة صلاة الإستسقاء وكان من أعضاء الوفد محدثي سعيد محمود آغا فواز الآنف الذكر الذي توجه من سماحته سائلا أما آن الأوان يا سيدنا؟ فاستوضح السيد قصده فقال أما ترى سماحتكم أن الزرع يبس وعطشنا نحن ومواشينا وأصبحنا نقتتل على جرة الماء...؟ أما آن الآوان لصلاة الإستسقاء بعد إنحباس المطر هذه المدة الطويلة، فأجاب سماحة السيد بلى لقد آن الآوان يا ابا فايز والتفت موجها كلامه الى الجميع أين تقترحون أن نصلي، فأجاب أغلب اعضاء الوفد في سهل الخان لأن المكان فسيح وتحيط به بلدات عدة، فقال متلطفاً وهذا المشهور عنه تقتلونا في سهل الخان وتطلبوا منا أن نصلي في سهل الخان وابتسم فأدرك الجميع انه يتلطف... ثم أتبع نعم نعم إنه المكان الأنسب، سنصلي إن شاءالله نهار الجمعة في سهل الخان، أذيعوا ذلك بين الناس، فشكر الوفد وودع وعاد الى تبنين - والى هنا انتهى كلام الحاج سعيد فواز.
لم يخبر محدثي ولم استفسر منه عن اليوم الذي ذهب فيه الوفد الى شقراء وأغلب الظن أنه كان يوم الاربعاء لأن المرحوم والدي حدثني هو الآخر انه كان في سوق الخميس في مدينة بنت جبيل وشاهد رجلاً يجول في السوق على فرسه ينادي ويدعو لصلاة الإستسقاء في سهل الخان نهار غد الجمعة مبيناً أن السيد محسن الأمين سيؤم المصلين ويدعو لهذه الصلاة.
والآن أعود للحاج سعيد فواز حيث أكمل حديثه انه في اليوم الجمعة الموعود توافد الناس من جميع انحاء المنطقة الى سهل الخان وكانت السماء زرقاء صافية لا أثر فيها لغيمة، والتفت الي قائلاً أتدري كيف خرج السيد من بلدته، لقد خرج حافي القدمين عمامته في رقبته يحيط به جمع من أهالي بلدته ويضيف محدثي لقد أُخبرنا فيما بعد أنه قبل أن يخرج التفت الىالعيال قائلاً لن أعود الى شقراء إذا لم تمطر السماء. وتوجه الى سهل الخان وانضم اليه أهالي البلدات المجاورة برعشيت - صفد - الجميجمة - مجدل سلم - وغيرها حتى وصلوا السهل قادمين من ناحيته الشرقية، في المقابل خرج أهالي تبنين من الناحية الغربية على خيولهم. وصادف أن رجلاً من تبنين كان شاهد سماحة السيد ماشياً على الهيئة التي ذكرت فالتفت إلى اهالي تبنين قائلاً من بعيد يا أهالي تبنين تركبون الخيول وتأتون للصلاة والسيد محسن يمشي حافي القدمين فتنبه القادمون لكلام المنادي ويدعى السيد محمود أبو الحسن وخجل الجميع ونزلوا عن الخيول وتابعوا سيراً على الأقدام وسلموا على السيد والقادمين واستعدوا للصلاة...
مالت الشمس عن الزوال، أذن مؤذن للصلاة إصطف المصلون فإندس بينهم الصبية، فأراد البعض إخراجهم ولكن السيد طلب الى الكبار ان يدعوهم بين الصفوف قائلاً (ان الله سبحانه وتعالى يستجيب لهم قبل ان يستجيب لكم انتم الكبار...؟ ) انتهى كلام الحاج سعيد.
أمَّ سماحته المصلين، صلى صلاة الظهرين ثم صلى صلاة الإستسقاء وبقي في مكانه يسجد ويدعو ويرفع رأسه من حين لآخر، والكلام هنا للمرحوم والدي الذي أخبرني انه كان قريباً منه وسمعه وهو يقول الغوث والغيث في سياق الدعاء وعندما قرب وقت الغروب أخذ الناس بالعودة الى بلداتهم وقراهم وبقي السيد في مكانه، انتهى كلام المرحوم والدي.
والأن انتقل الى ما أكمله لي من فصول هذه الصلاة المرحوم الشاعر والأديب الاستاذ الشيخ إبراهيم بري (1917 - 1997) فقال كنت في سهل الخان وأنا في مستهل الشباب وبقي السيد محسن في مكانه الذي صلىً فيه الى ما بعد العصر وهو يسجد ويرفع رأسه من حين لآخر الى السماء وكأنه ينتظر أمراً. وبعد العصر تكونت فوق المكان غيمة على شكل ريشة طائر وأنا اراقب ذلك والكلام للشيخ ابراهيم وأخذت الغيمة بالاتساع وبدأ تساقط الرذاذ ثم تبعته نقاط وبعد ذلك أخذ المطر ينهمر بغزارة والسيد لا يزال في مكانه وعندما لم يعد بامكانه البقاء سجد سجدتي الشكر لله وقام. انتهى كلام الشيخ ابراهيم بري.
سألت عن السيد هل عاد الى شقراء ام صعد الى تبنين: فالبعض قال انه عاد الى شقراء والبعض الاخر قال انه بعد صلاة المغرب حضر السيد محسن الأمين من سهل الخان الى تبنين والناس من حوله وهو لا يزال حافي القدمين وطلب من سماحته آل كتورة في تبنين أن يزورهم ويباركهم وهم من الطائفة الكاثوليكية فلبى دعوتهم وزارهم في تلك الليلة - هذا ما يؤكده الحاج أبو غسان أسعد فوازوهو من مواليد 1921 تبنين.
حكي الكثير عن هذه الصلاة وكتب عنها الكثير ولا يزال، وأكثر ما كتب عنها في مجلة العرفان التي كان يصدرها المرحوم الشيخ أحمد عارف الزين. ويتذكرها الناس دائماً في سني الشحائح ويكثر الحديث عنها. وعلى كل فقد استجاب الله الدعاء ونزل المطر وعاد سماحة السيد كما خرج حافي القدمين مكشوف الرأس حذاؤه تحت إبطه.
ولا غرو فالآية القرأنية الكريمة رقم 186من سورة البقرة خير شاهد على ما تقدم في هذه السطور - الآية - بسم الله الرحمن الرحيم وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. صدق الله العظيم.
أنشد الشعراء الكثير الكثير من القصائد ذاكرين هذه الصلاة ومادحين سماحة السيد الأمين..
ولقد وقفت على قصيدة لمحدثي الأستاذ الشيخ إبراهيم محمد بري وقد اقتطفت منها هذه الأبيات وكانت بخط يده :
وذكرت عاماً فيه ضج الناس للماء الحرون
وتساقطت صرعى دواب الحرث في الوهج السخين
واستقبل الفلاح موت الزرع في طرف حزين
وتدفق القوم الظماء يفتشون عن العيون
وقلوبهم حرَى يسيل بها الانين على الانين
فوقفت فيهم للصلاة بنطفك العذب المبين
وبسطت كفك بالرجاء وفاض صدرك بالشجون
ووصلت مهجتك الحنون بمهجة الله الحنون
ودعوت يا كبد السما حنيَ على العبد الرهين
وتدفقي يا حاملات المزن بالماء المعين
وعلى إختلاجات الدعاء هوى الغمام على الحزون
وإذا الحقول الظامئات تغص بالمطر الهتون
وتتم معجزة السماء بكف محسننا الأمين
الله أكبر لست أخشى الموت والإسلام ديني.
- صلى سماحة المجتهد الأكبر المقدس السيد محسن الأمين هذه الصلاة في العام 1924 في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول حسبما أخبرني المرحوم الحاج عبد مصطفى حمود الذي أرخ هذه الصلاة على دفة أحد الأدعية الموجودة لديه.
وسهل الخان يقع في الناحية الشرقية لبلدة تبنين
اخوكم محمد الرويضان