za2007
24-05-2008, 06:40 AM
من أجل عينكم تكرم مدينتنا
جاءنا اتصال هاتفي يبشرنا بأن وجيه أسرتنا الكريمة سيشرفنا بزيارة بيتنا بعد أيام، وما أن سمعت بذلك حتى قفزت من مكاني، فالمنزل غير مهيأ لمثل هذا الاستقبال، ولدينا الكثير والكثير من القصور،
فجدران المنزل بحاجة إلى إعادة طلاء والأثاث بحاجة إلى إعادة تنجيد والمدخل بحاجة إلى إنارة وتشجير، أما أواني الضيافة فهي قديمة ومتهالكة وغير كاملة العدد، وقد اعترف زوجي بأنه ما فتئ يسمع من أفراد أسرتي أن المنزل بحاجة إلى رعاية، كما اعترف بأنه ما فتئ يؤجل هذه الصيانة وذاك التجديد يوما بعد يوم، واضعا مبررات لم تلق عندي ولا عند أبنائي وبناتي الآذان الصاغية، الذين داوموا على إظهار امتعاضهم للتأجيل غير المبرر، فالإمكانيات المادية متوفرة وإرادتنا كذلك!!
ولكن اليوم الأمر يختلف، فلا بد من أن نقوم بصيانة وتجديد ما أُجل إنجازه لسنوات، فمن ناحية فزائرنا عزيز وزيارته هذه طالما انتظرناها وسعينا لتحقيقها، ومن ناحية أخرى خشينا من ظهور أي تقصير أمامه، ومن هنا اتصل رب البيت بفريق الطوارئ والمكون من أبناء وبنات، وطلب منهم التعاون التام لتحقيق المحال، واضعا خطة عمل طارئة تهدف في المقام الأول تحول بيتنا المتهالك إلى جنة خضراء مشرقة ومنيرة،
فمن الأهمية بمكان التعجيل في تغيير هذه المعالم البائسة لبيتنا، وقبل البدء بالعمل المطلوب نبههم إلى أن عليهم أن يلتزموا بنقطة هامة للغاية، إذ عليهم أن يوجهوا جل جهدهم لتجديد ما يفترض أن يصادف زائرنا الكريم، مؤكدا أن خطة العمل الطارئة هذه تنصب وبصفة عاجلة على تعديل إنارة المنزل الخارجية وتشجير المدخل، والاهتمام بطلاء جدار المنزل الأمامي فقط، إذ إن الضيف لن يمر عبر الشارع الخلفي لمنزلنا!!
كما أنه سيشمل تجديد الأثاث وطلاء جدران الغرف والممررات التي تستقبل زائرنا الكريم، في حين سنترك صيانة وتعديل بقية الغرف الجانبية والممرات الداخلية، وطلاء خلفية المنزل، لاجتماع آخر يدرس تعديل وصيانة بقية أجزاء المنزل، كما قد يطرح إمكانية إمداد الكهرباء لغرف اعتاد أفرادها السير والعيش في الظلام.!
ولا أخفيك أيها القارئ الكريم أن أفراد أسرتي الكرماء هبوا لتحقيق المراد بغض النظر عن المطالبات المتكررة التي وجهت
من قبلهم وعلى مدى عقود، والتي حملت في مجملها المطالبة بتجديد إنارة سور المنزل الذي ظل لسنوات مظلماً مكفهراً، وتشجير مدخل المنزل الذي هو أشبه بالربع الخالي، وتجديد الأثاث الذي أكل الدهر عليه وشرب، وصيانة كل زاوية من زاويا المنزل المتهالك الأطراف والزوايا!!
وهكذا واصلنا الليل بالنهار لنصنع المعجزة ولنحقق المراد، فقد عمدنا لتأجير عمالة استغلت حاجتنا فضاعفت التكاليف المطلوبة أضعافا مضاعفة، عمالة اشترطت لتبدأ العمل شروطا خيالية، ولها الحق في أن تفعل، فما ينجز عادة بشهور نسعى اليوم لإنجازه بساعات، وهكذا وخلال دقائق معدودة انتصب أمام منزلنا جيش من العمال، بعض أفراده يمدنا بالكهرباء وبعضهم يمهد شارعنا الذي كان بسبب تعرجاته يهدد الحامل بالولادة المبكرة. أما منزلنا الذي كان يختفي من الخارطة وقت المساء، فقد أصبح بقدرة قادر منارا يهتدي به المسافرون، نعم لقد أصبح مشرقا منيرا.
وبعد أقل من أسبوع وقبل وصول الزائر الغالي جلس رب أسرتي يلتقط أنفاسه ويحمد الله أن أبناءه وبناته يتمتعون بكفاءة عالية قادرة في ساعات معدودة على تنفيذ ما يفترض أن ينفذ في أسابيع، مطمئنا نفسه على إمكانية إعادة تطبيق هذه الخطة الطارئة مجددا لو استلزم الأمر.
وجاء اليوم الذي انتظرناه كثيرا ها هو وجيه أسرتنا مقبل علينا، يجلس بيننا ويستمع لنا ويكرمنا بتوجيهاته، إلا أن أحد أبنائي الذي كان يفترض أن يلزم غرفته كبقية إخوته، فالمكان لا يتسع للجميع، وقف أمام الضيف واستأذنه بالحديث قائلا (سيدي هلا زرت غرفتي وغرفة أختي، هلا مشيت معي في حديقتنا الخلفية، هلا غيرت مسارك الذي جئت من خلاله، لعلنا نحظى بما حظيت به الطرقات التي مررتم بها من رعاية خاصة،
فهذه الغرفة كما ترى رائعة، والممرات الموصلة إليها ارتدت ثيابا حريرية لا عوج فيها، وطرقاتها خالية من التعرجات، في حين ستفجع بحال أجزاء أخرى من منزلنا، فهناك أجزاء آيلة للسقوط لا محال، أو على الأقل متهالكة، وبعضها لا يصلح للاستخدام البشري، وأخرى تفتقد للمقومات الأساسية للحياة الكريمة، لعلكم بعروجكم على الأجزاء المنسية من منزلنا، تكون دافعا لاعتماد أسرتي لخطة طارئة كالتي شكلت استعدادا لاستقبالكم اليوم،
لعلنا نكرم برعاية طالما انتظرناها وطالبنا بها، فإدارة منزلنا كانت دوما تقابل احتياجاتنا، إما بصمت مطبق، أو تسويف لا ينقطع..
هذه الإدارة لم تقف أمام العوائق المادية الباهظة والمضاعفة ما أن سمعت بقدومكم وتشريفكم لنا بهذه الزيارة، لم تقف أمام الجهد المتواصل المطلوب لإنجاز المهمة، والذي استمر لأيام عدة، ولا أعلم هل فعلت ذلك حبا بك وإكراما، أم خوفا من لوم يوجه من قبلكم بسبب إهمالها؟ وأخيرا اسمح لي يا سيدي.. بتكرار دعوتكم لغرفتي المتواضعة لعلها تستنير بوجودكم، فمن أجل عينكم تكرم مدينتا).
أميمة أحمد الجلاهمة
* أكاديمية سعودية في جامعة الملك فيصل - الدمام
جاءنا اتصال هاتفي يبشرنا بأن وجيه أسرتنا الكريمة سيشرفنا بزيارة بيتنا بعد أيام، وما أن سمعت بذلك حتى قفزت من مكاني، فالمنزل غير مهيأ لمثل هذا الاستقبال، ولدينا الكثير والكثير من القصور،
فجدران المنزل بحاجة إلى إعادة طلاء والأثاث بحاجة إلى إعادة تنجيد والمدخل بحاجة إلى إنارة وتشجير، أما أواني الضيافة فهي قديمة ومتهالكة وغير كاملة العدد، وقد اعترف زوجي بأنه ما فتئ يسمع من أفراد أسرتي أن المنزل بحاجة إلى رعاية، كما اعترف بأنه ما فتئ يؤجل هذه الصيانة وذاك التجديد يوما بعد يوم، واضعا مبررات لم تلق عندي ولا عند أبنائي وبناتي الآذان الصاغية، الذين داوموا على إظهار امتعاضهم للتأجيل غير المبرر، فالإمكانيات المادية متوفرة وإرادتنا كذلك!!
ولكن اليوم الأمر يختلف، فلا بد من أن نقوم بصيانة وتجديد ما أُجل إنجازه لسنوات، فمن ناحية فزائرنا عزيز وزيارته هذه طالما انتظرناها وسعينا لتحقيقها، ومن ناحية أخرى خشينا من ظهور أي تقصير أمامه، ومن هنا اتصل رب البيت بفريق الطوارئ والمكون من أبناء وبنات، وطلب منهم التعاون التام لتحقيق المحال، واضعا خطة عمل طارئة تهدف في المقام الأول تحول بيتنا المتهالك إلى جنة خضراء مشرقة ومنيرة،
فمن الأهمية بمكان التعجيل في تغيير هذه المعالم البائسة لبيتنا، وقبل البدء بالعمل المطلوب نبههم إلى أن عليهم أن يلتزموا بنقطة هامة للغاية، إذ عليهم أن يوجهوا جل جهدهم لتجديد ما يفترض أن يصادف زائرنا الكريم، مؤكدا أن خطة العمل الطارئة هذه تنصب وبصفة عاجلة على تعديل إنارة المنزل الخارجية وتشجير المدخل، والاهتمام بطلاء جدار المنزل الأمامي فقط، إذ إن الضيف لن يمر عبر الشارع الخلفي لمنزلنا!!
كما أنه سيشمل تجديد الأثاث وطلاء جدران الغرف والممررات التي تستقبل زائرنا الكريم، في حين سنترك صيانة وتعديل بقية الغرف الجانبية والممرات الداخلية، وطلاء خلفية المنزل، لاجتماع آخر يدرس تعديل وصيانة بقية أجزاء المنزل، كما قد يطرح إمكانية إمداد الكهرباء لغرف اعتاد أفرادها السير والعيش في الظلام.!
ولا أخفيك أيها القارئ الكريم أن أفراد أسرتي الكرماء هبوا لتحقيق المراد بغض النظر عن المطالبات المتكررة التي وجهت
من قبلهم وعلى مدى عقود، والتي حملت في مجملها المطالبة بتجديد إنارة سور المنزل الذي ظل لسنوات مظلماً مكفهراً، وتشجير مدخل المنزل الذي هو أشبه بالربع الخالي، وتجديد الأثاث الذي أكل الدهر عليه وشرب، وصيانة كل زاوية من زاويا المنزل المتهالك الأطراف والزوايا!!
وهكذا واصلنا الليل بالنهار لنصنع المعجزة ولنحقق المراد، فقد عمدنا لتأجير عمالة استغلت حاجتنا فضاعفت التكاليف المطلوبة أضعافا مضاعفة، عمالة اشترطت لتبدأ العمل شروطا خيالية، ولها الحق في أن تفعل، فما ينجز عادة بشهور نسعى اليوم لإنجازه بساعات، وهكذا وخلال دقائق معدودة انتصب أمام منزلنا جيش من العمال، بعض أفراده يمدنا بالكهرباء وبعضهم يمهد شارعنا الذي كان بسبب تعرجاته يهدد الحامل بالولادة المبكرة. أما منزلنا الذي كان يختفي من الخارطة وقت المساء، فقد أصبح بقدرة قادر منارا يهتدي به المسافرون، نعم لقد أصبح مشرقا منيرا.
وبعد أقل من أسبوع وقبل وصول الزائر الغالي جلس رب أسرتي يلتقط أنفاسه ويحمد الله أن أبناءه وبناته يتمتعون بكفاءة عالية قادرة في ساعات معدودة على تنفيذ ما يفترض أن ينفذ في أسابيع، مطمئنا نفسه على إمكانية إعادة تطبيق هذه الخطة الطارئة مجددا لو استلزم الأمر.
وجاء اليوم الذي انتظرناه كثيرا ها هو وجيه أسرتنا مقبل علينا، يجلس بيننا ويستمع لنا ويكرمنا بتوجيهاته، إلا أن أحد أبنائي الذي كان يفترض أن يلزم غرفته كبقية إخوته، فالمكان لا يتسع للجميع، وقف أمام الضيف واستأذنه بالحديث قائلا (سيدي هلا زرت غرفتي وغرفة أختي، هلا مشيت معي في حديقتنا الخلفية، هلا غيرت مسارك الذي جئت من خلاله، لعلنا نحظى بما حظيت به الطرقات التي مررتم بها من رعاية خاصة،
فهذه الغرفة كما ترى رائعة، والممرات الموصلة إليها ارتدت ثيابا حريرية لا عوج فيها، وطرقاتها خالية من التعرجات، في حين ستفجع بحال أجزاء أخرى من منزلنا، فهناك أجزاء آيلة للسقوط لا محال، أو على الأقل متهالكة، وبعضها لا يصلح للاستخدام البشري، وأخرى تفتقد للمقومات الأساسية للحياة الكريمة، لعلكم بعروجكم على الأجزاء المنسية من منزلنا، تكون دافعا لاعتماد أسرتي لخطة طارئة كالتي شكلت استعدادا لاستقبالكم اليوم،
لعلنا نكرم برعاية طالما انتظرناها وطالبنا بها، فإدارة منزلنا كانت دوما تقابل احتياجاتنا، إما بصمت مطبق، أو تسويف لا ينقطع..
هذه الإدارة لم تقف أمام العوائق المادية الباهظة والمضاعفة ما أن سمعت بقدومكم وتشريفكم لنا بهذه الزيارة، لم تقف أمام الجهد المتواصل المطلوب لإنجاز المهمة، والذي استمر لأيام عدة، ولا أعلم هل فعلت ذلك حبا بك وإكراما، أم خوفا من لوم يوجه من قبلكم بسبب إهمالها؟ وأخيرا اسمح لي يا سيدي.. بتكرار دعوتكم لغرفتي المتواضعة لعلها تستنير بوجودكم، فمن أجل عينكم تكرم مدينتا).
أميمة أحمد الجلاهمة
* أكاديمية سعودية في جامعة الملك فيصل - الدمام