أبوعبدالرحمن30
08-07-2008, 09:38 AM
جوانب من سيرة ابن باز - (ج 1 / ص 45{الشاملة 5000كتاب)
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه ونظمني وإياهم في سِلْكِ مَنْ خافه واتقاه آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد بلغني أن كثيراً من الناس قد يتهاونون بأداء الصلاة في الجماعة، ويحتجون بتسهيل بعض العلماء في ذلك؛ فوجب عليّ أن أبين عظم هذا الأمر وخطورته، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتهاون بأمر عظّم الله شأنه في كتابه العظيم، وعظّم شأنَه رسوله الكريم_عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم_.
ولقد أكثر الله_سبحانه_من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظّم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها، وأدائها في الجماعة، وأخبر أن التهاون بها، والتكاسل عنها من صفات المنافقين؛ فقال_تعالى_:في كتابه المبين: [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ] البقرة: 238.
وكيف تعرف محافظة العبدعليها وتعظيمه لها وقد تخلّف عن أدائها مع إخوانه وتهاون بشأنها؟
وقال_تعالى_: [وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ] البقرة: 43.
وهذه الآية الكريمة نصٌّ في وجوب الصلاة في جماعة، والمشاركة للمصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله_سبحانه_: [وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ] البقرة: 43 لكونه قد أمر بإقامتها في أول الآية.
وقال_تعالى_: [وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ]النساء: 102 فأوجب_سبحانه_الصلاة في جماعة في حال الحرب فكيف بحال السلم؟
ولو كان أحدٌ يُسامَح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافُّون للعدوِّ، المُهَدَّدون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة؛ فلما لم يقع ذلك عُلِم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا ينبغي لأحد التخلّف عن ذلك.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قال: لقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حِزَمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم الحديث.
وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود÷قال: =لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق عُلِم نفاقُه أو مريض؛ إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة+.
وقال: =إن رسول الله"علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه+.
وفيه_أيضاً_عنه قال: =من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنّة نبيكم، ولو تركتم سنّة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر، فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف+.
وفي صحيح مسلم_أيضاً_عن أبي هريرة÷أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟
فقال له النبي": =هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال: نعم، قال: فأجب+.
والأحاديث الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة، وعلى وجوب إقامتها في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع، ويذكر فيها اسمه كثيرة جدَّاً؛ فالواجب على كل مسلم العناية بهذا الأمر، والمبادرة إليه، والتواصي به مع أبنائه، وأهل بيته، وجيرانه، وسائر إخوانه المسلمين، امتثالاً لأمر الله ورسوله، وحذراً مما نهى الله عنه ورسوله، وابتعاداً عن مشابهة أهل النفاق الذين وصمهم الله بصفة ذميمة من أخبثها تكاسلهم عن الصلاة، فقال_تعالى_: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً] النساء: 142، 143.
ومتى ظهر الحق، واتضحت أدلته لم يَجُزْ لأحد أن يحيد عنه لقول فلان أو فلان، لأن الله_سبحانه_يقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً] النساء: 59.
ويقول_سبحانه_: [فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] النور: 63.
ولا يخفى ما في الصلاة في الجماعة من الفوائد الكثيرة، والمصالح الجمة، ومن أوضح ذلك التعارف، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، وتشجيع المتخلف، وتعليم الجاهل، وإغاظة أهل النفاق، والبعد عن سبيلهم، وإظهار شعائر الله بين عباده، والدعوة إليه_سبحانه_بالقول والعمل إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.
جوانب من سيرة ابن باز - (ج 1 / ص 49)
وفقني الله وإياكم لما فيه رضاه، وصلاح أمر الدنيا والآخرة، وأعاذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن مشابهة الكفار والمنافقين؛ إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
رئيس الجامعة الإسلامية بالمدنية المنورة
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه ونظمني وإياهم في سِلْكِ مَنْ خافه واتقاه آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد بلغني أن كثيراً من الناس قد يتهاونون بأداء الصلاة في الجماعة، ويحتجون بتسهيل بعض العلماء في ذلك؛ فوجب عليّ أن أبين عظم هذا الأمر وخطورته، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يتهاون بأمر عظّم الله شأنه في كتابه العظيم، وعظّم شأنَه رسوله الكريم_عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم_.
ولقد أكثر الله_سبحانه_من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظّم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها، وأدائها في الجماعة، وأخبر أن التهاون بها، والتكاسل عنها من صفات المنافقين؛ فقال_تعالى_:في كتابه المبين: [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ] البقرة: 238.
وكيف تعرف محافظة العبدعليها وتعظيمه لها وقد تخلّف عن أدائها مع إخوانه وتهاون بشأنها؟
وقال_تعالى_: [وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ] البقرة: 43.
وهذه الآية الكريمة نصٌّ في وجوب الصلاة في جماعة، والمشاركة للمصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله_سبحانه_: [وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ] البقرة: 43 لكونه قد أمر بإقامتها في أول الآية.
وقال_تعالى_: [وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ]النساء: 102 فأوجب_سبحانه_الصلاة في جماعة في حال الحرب فكيف بحال السلم؟
ولو كان أحدٌ يُسامَح في ترك الصلاة في جماعة لكان المصافُّون للعدوِّ، المُهَدَّدون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة؛ فلما لم يقع ذلك عُلِم أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا ينبغي لأحد التخلّف عن ذلك.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قال: لقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حِزَمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم الحديث.
وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود÷قال: =لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق عُلِم نفاقُه أو مريض؛ إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة+.
وقال: =إن رسول الله"علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه+.
وفيه_أيضاً_عنه قال: =من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنّة نبيكم، ولو تركتم سنّة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر، فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف+.
وفي صحيح مسلم_أيضاً_عن أبي هريرة÷أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟
فقال له النبي": =هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال: نعم، قال: فأجب+.
والأحاديث الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة، وعلى وجوب إقامتها في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع، ويذكر فيها اسمه كثيرة جدَّاً؛ فالواجب على كل مسلم العناية بهذا الأمر، والمبادرة إليه، والتواصي به مع أبنائه، وأهل بيته، وجيرانه، وسائر إخوانه المسلمين، امتثالاً لأمر الله ورسوله، وحذراً مما نهى الله عنه ورسوله، وابتعاداً عن مشابهة أهل النفاق الذين وصمهم الله بصفة ذميمة من أخبثها تكاسلهم عن الصلاة، فقال_تعالى_: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً] النساء: 142، 143.
ومتى ظهر الحق، واتضحت أدلته لم يَجُزْ لأحد أن يحيد عنه لقول فلان أو فلان، لأن الله_سبحانه_يقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً] النساء: 59.
ويقول_سبحانه_: [فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] النور: 63.
ولا يخفى ما في الصلاة في الجماعة من الفوائد الكثيرة، والمصالح الجمة، ومن أوضح ذلك التعارف، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، وتشجيع المتخلف، وتعليم الجاهل، وإغاظة أهل النفاق، والبعد عن سبيلهم، وإظهار شعائر الله بين عباده، والدعوة إليه_سبحانه_بالقول والعمل إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.
جوانب من سيرة ابن باز - (ج 1 / ص 49)
وفقني الله وإياكم لما فيه رضاه، وصلاح أمر الدنيا والآخرة، وأعاذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن مشابهة الكفار والمنافقين؛ إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
رئيس الجامعة الإسلامية بالمدنية المنورة