F.H.R.N
09-08-2008, 02:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك
( إذا كان الله ورسوله في جانب فأحذر أن تكون في الجانب الآخر، فإن ذلك يقضى إلى المشاقة والمحادة، وهذا أصلها ومنه اشتقاقها، فإن المشاقة أن يكون في شق ومن يخالفه في شق ، والمحادة أن يكون في حد وهو في حد، ولا تستسهل هذا فإن مبادئه تجر إلى غايته، وقليله يدعوا إلى كثيره.
وكن في الجانب الذي يكون فيه الله ورسوله وإن كان الناس كلهم في الجانب الآخر، فإن لذلك عوقب هي أحمد العواقب وأفضلها، وليس للعبد أنفع من ذلك في دنياه قبل آخرته، وأكثر الخلق إنما يكونون في الجانب الآخر، ولا سيما إذا قويت الرغبة والرهبة، فهناك لا تكاد تجد أحد في الجانب الذي فيه الله ورسوله، بل يعده الناس ناقص العقل سيء الاختيار لنفسه، وربما نسبوه إلى الجنون، وذلك من مواريث أعداء الرسل فإنهم نسبوهم إلى الجنون لما كانوا في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر.
ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جاء به الرسول يكون يقينا له لا ريب عنده فيه، وإلى صبر تام على معاداة من عاداه ولومة من لامه، ولا يتم له ذلك إلا برغبة قوية في الله والدار الآخرة، بحيث تكون الآخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منها ، ويكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وليس شيء أصعب على الإنسان من ذلك في مبادئ الأمر، فإن نفسه وهواه وطبعه وشيطانه وإخوانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل، فإذا خالفهم تصدوا لحربه، فإن صبر وثبت جاءه العون من الله وصار ذلك الصعب سهلا، وذلك الألم لذة، فإن الرب شكور، فلا بد أن يذيقه لذة تحيزه إلى الله وإلى رسوله ويريه كرامة ذلك فيشتد به سرورا وغبطة ويبتهج ويبقى من كان محارب له – على ذلك- بين هائب له ومسالم ومساعد وتارك، ويقوى جنده ويضعف جند العدو .
ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك فإن الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك . وأعظم الأعوان على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع ، فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز لله ورسوله، وكنت دائما في الجانب الذي فيه الله ورسوله، ومتى قام الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر ولا تحث نفسك به
فإن قلت: فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟
قلت: بالتوحيد والتوكل والثقة بالله وعلمك بأنه لا ياتي بالحسنات إلا هو، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء .
( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (هود:56).
ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف.
فليكن حالك على الطريق إلهي :
إليك وإلا لآ تشد الركائب .......... ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالكلام مضيع .......... وعنك وإلا فالمحدث كاذب
أخيرا خذها من ابن القيم :
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن انت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح انت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة، قال بعض الزهاد ما علمت أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان فقال له رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وأن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه فقال أوصني فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها ، وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه .
هذا والله أعلم .... وجزاكم الله خير ..
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك
( إذا كان الله ورسوله في جانب فأحذر أن تكون في الجانب الآخر، فإن ذلك يقضى إلى المشاقة والمحادة، وهذا أصلها ومنه اشتقاقها، فإن المشاقة أن يكون في شق ومن يخالفه في شق ، والمحادة أن يكون في حد وهو في حد، ولا تستسهل هذا فإن مبادئه تجر إلى غايته، وقليله يدعوا إلى كثيره.
وكن في الجانب الذي يكون فيه الله ورسوله وإن كان الناس كلهم في الجانب الآخر، فإن لذلك عوقب هي أحمد العواقب وأفضلها، وليس للعبد أنفع من ذلك في دنياه قبل آخرته، وأكثر الخلق إنما يكونون في الجانب الآخر، ولا سيما إذا قويت الرغبة والرهبة، فهناك لا تكاد تجد أحد في الجانب الذي فيه الله ورسوله، بل يعده الناس ناقص العقل سيء الاختيار لنفسه، وربما نسبوه إلى الجنون، وذلك من مواريث أعداء الرسل فإنهم نسبوهم إلى الجنون لما كانوا في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر.
ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جاء به الرسول يكون يقينا له لا ريب عنده فيه، وإلى صبر تام على معاداة من عاداه ولومة من لامه، ولا يتم له ذلك إلا برغبة قوية في الله والدار الآخرة، بحيث تكون الآخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منها ، ويكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وليس شيء أصعب على الإنسان من ذلك في مبادئ الأمر، فإن نفسه وهواه وطبعه وشيطانه وإخوانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل، فإذا خالفهم تصدوا لحربه، فإن صبر وثبت جاءه العون من الله وصار ذلك الصعب سهلا، وذلك الألم لذة، فإن الرب شكور، فلا بد أن يذيقه لذة تحيزه إلى الله وإلى رسوله ويريه كرامة ذلك فيشتد به سرورا وغبطة ويبتهج ويبقى من كان محارب له – على ذلك- بين هائب له ومسالم ومساعد وتارك، ويقوى جنده ويضعف جند العدو .
ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك فإن الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك . وأعظم الأعوان على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع ، فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز لله ورسوله، وكنت دائما في الجانب الذي فيه الله ورسوله، ومتى قام الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر ولا تحث نفسك به
فإن قلت: فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟
قلت: بالتوحيد والتوكل والثقة بالله وعلمك بأنه لا ياتي بالحسنات إلا هو، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء .
( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (هود:56).
ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف.
فليكن حالك على الطريق إلهي :
إليك وإلا لآ تشد الركائب .......... ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالكلام مضيع .......... وعنك وإلا فالمحدث كاذب
أخيرا خذها من ابن القيم :
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن انت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح انت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة، قال بعض الزهاد ما علمت أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان فقال له رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وأن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه فقال أوصني فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها ، وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه .
هذا والله أعلم .... وجزاكم الله خير ..