العنـــزي
03-09-2008, 01:24 PM
قصتي مع الهيئة
ذات ليلة من ليالي رمضان الكريم جهّزت نفسي وسيارتي، لبست أحسن ملابسي الشبابية سرّحت شعري اخترت عطراً بعناية تعطّرت به ثمّ اتجهت إلى سوق بريدة حيث كثرة رواده وازدحامه.. كانت المسافة التي تفصل بلدتي عن بريدة تُقَارِبُ الساعة.. كنت طوال الطريق أحلم بأن أجد ضالّتي وكانت تدور في مخيّلتي مواصفاتها: بيضاء.. جميلة.. رشيقة..وصلت بريدة وكانت عقارب الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل.. أوقفت سيارتي بعد عناء من كثرة الزحام.. ترجّلت.. جهّزت ورقةً صغيرة كتبت عليها رقم هاتفي واسماً مستعاراً بدأت أمشي الهوينا التفت ذات اليمين وذات الشمال أبحث عن شيءٍ، صادفني رجل وقور سألني: ما عندك؟قلت: أنزلت أهلي هنا وأنا أبحث عنهم..ابتسم في وجهي وقال يا أخي السوق فتنة لعلك تتصل بهم وهذا أفضل أشرت أن نعم، تركني وذهب إلى حال سبيله. تابعت مسيري وبعد برهة وجدت ضالّتي.. اقتربت.. حاولت أن أتكلم.. وإذ بالشخص الذي كلمني قبل قليل ومعه آخر يأخذ بيدي قائلاً تفضّل معنا. قلت إلى أين؟ قال نحن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولابد من حضورك إلى المركز. قلت: أهلي؟ فقال: ترجع إليهم بعد قليل إن شاء الله.مشيت معهما وأنا أرتجف ماذا عساهما أن يفعلا بي في المركز؟ أسمع أنهم يضربون من يحضر إليهم.. ويوبّخونه...وصلنا مبنى متواضعاً عرفت أنه المركز حين قرأت لافتته، صعدنا سلماً، طلبوا مني الجلوس على كرسي أنيق. أعطاني من كان هناك كتاباً وقال لعلك تقرأ حتى يفرغ الشيخ، جاملت.. أخذت الكتاب بدأت أقلّب صفحاته عبثاً وأنا أفكر فيما سيحل بي.. تفضل – قالها أحدهم -، قمت من مقعدي وتبعته.. دخل إلى مكتب رئيس المركز وأنا برفقته.. وإذا بشاب بالمكتب في الثلاثينات من العمر يدعونه الشيخ وتارة أبا منصور، بهي الطلعة بشوش الوجه وسيم إلى حدّ كبير لا أعرف هل هذه صفاته الخَلقية صحيحةً أم لشدة إعجابي بخلقه الرفيع وأدبه الجم. طلب مني الجلوس على كرسي ولم يكن يفصل بيني وبينه سوى مكتب من النوع الجيد، بادرني: أهلاً بك تفضل ما عندك؟ حقيقةً كذبت عليه. في بادئ الأمر اختلقت قصة خيالية. ابتسم ابتسامة غير المقتنع ثم قال أسأل الله لك الهداية والتوفيق. لو لم تخطئ لم يحضروك لكن أياً كان الخطأ فهذا أمر طبيعي الكل معرض للخطأ إنما المشكلة في الاستمرار في ذلك الخطأ واستمر يعاتبني وينصحني ثم قال كلاماً لا يزال يرنّ في أذني: (لنفترض أن تلك المرأة التي تعاكسها أمك أو أختك يا أخي لا تنس أنه كما تدين تدان والجزاء من جنس العمل) ثم سكت وقال مبتسماً: هذا ما عندي تستطيع أن تذهب.قلت: إلى أين؟! قال وهو يبتسم: إلى أهلك ربما ما زالوا ينتظرونك) عرفت معنى تلك الابتسامة ولكن استغربت كيف أذهب أين الضرب والتوبيخ وووو ....ركبت سيارتي، بدأت أفكر في ذلك الموقف. ما أكذب الشائعات التي تدور حولهم! هؤلاء الذين لا نستطيع إيفاءهم حقهم هم الذين يسهرون لكي يحموا أختي وأختك ومع ذلك نسمع ونقرأ كل همز ولمز. تغيرت نظرتي تماماً منذ ذلك الموقف الحيّ الذي عشته بنفسي. أنا لست كاتباً حتى أكتب كل ما يجيش بخاطري نحوهم لكن ربما القصة فقط تعبّر عما يكنه خاطري.ف. م. ع**مجلة الأسرة العدد (174) رمضان 1428هـ
ذات ليلة من ليالي رمضان الكريم جهّزت نفسي وسيارتي، لبست أحسن ملابسي الشبابية سرّحت شعري اخترت عطراً بعناية تعطّرت به ثمّ اتجهت إلى سوق بريدة حيث كثرة رواده وازدحامه.. كانت المسافة التي تفصل بلدتي عن بريدة تُقَارِبُ الساعة.. كنت طوال الطريق أحلم بأن أجد ضالّتي وكانت تدور في مخيّلتي مواصفاتها: بيضاء.. جميلة.. رشيقة..وصلت بريدة وكانت عقارب الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل.. أوقفت سيارتي بعد عناء من كثرة الزحام.. ترجّلت.. جهّزت ورقةً صغيرة كتبت عليها رقم هاتفي واسماً مستعاراً بدأت أمشي الهوينا التفت ذات اليمين وذات الشمال أبحث عن شيءٍ، صادفني رجل وقور سألني: ما عندك؟قلت: أنزلت أهلي هنا وأنا أبحث عنهم..ابتسم في وجهي وقال يا أخي السوق فتنة لعلك تتصل بهم وهذا أفضل أشرت أن نعم، تركني وذهب إلى حال سبيله. تابعت مسيري وبعد برهة وجدت ضالّتي.. اقتربت.. حاولت أن أتكلم.. وإذ بالشخص الذي كلمني قبل قليل ومعه آخر يأخذ بيدي قائلاً تفضّل معنا. قلت إلى أين؟ قال نحن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولابد من حضورك إلى المركز. قلت: أهلي؟ فقال: ترجع إليهم بعد قليل إن شاء الله.مشيت معهما وأنا أرتجف ماذا عساهما أن يفعلا بي في المركز؟ أسمع أنهم يضربون من يحضر إليهم.. ويوبّخونه...وصلنا مبنى متواضعاً عرفت أنه المركز حين قرأت لافتته، صعدنا سلماً، طلبوا مني الجلوس على كرسي أنيق. أعطاني من كان هناك كتاباً وقال لعلك تقرأ حتى يفرغ الشيخ، جاملت.. أخذت الكتاب بدأت أقلّب صفحاته عبثاً وأنا أفكر فيما سيحل بي.. تفضل – قالها أحدهم -، قمت من مقعدي وتبعته.. دخل إلى مكتب رئيس المركز وأنا برفقته.. وإذا بشاب بالمكتب في الثلاثينات من العمر يدعونه الشيخ وتارة أبا منصور، بهي الطلعة بشوش الوجه وسيم إلى حدّ كبير لا أعرف هل هذه صفاته الخَلقية صحيحةً أم لشدة إعجابي بخلقه الرفيع وأدبه الجم. طلب مني الجلوس على كرسي ولم يكن يفصل بيني وبينه سوى مكتب من النوع الجيد، بادرني: أهلاً بك تفضل ما عندك؟ حقيقةً كذبت عليه. في بادئ الأمر اختلقت قصة خيالية. ابتسم ابتسامة غير المقتنع ثم قال أسأل الله لك الهداية والتوفيق. لو لم تخطئ لم يحضروك لكن أياً كان الخطأ فهذا أمر طبيعي الكل معرض للخطأ إنما المشكلة في الاستمرار في ذلك الخطأ واستمر يعاتبني وينصحني ثم قال كلاماً لا يزال يرنّ في أذني: (لنفترض أن تلك المرأة التي تعاكسها أمك أو أختك يا أخي لا تنس أنه كما تدين تدان والجزاء من جنس العمل) ثم سكت وقال مبتسماً: هذا ما عندي تستطيع أن تذهب.قلت: إلى أين؟! قال وهو يبتسم: إلى أهلك ربما ما زالوا ينتظرونك) عرفت معنى تلك الابتسامة ولكن استغربت كيف أذهب أين الضرب والتوبيخ وووو ....ركبت سيارتي، بدأت أفكر في ذلك الموقف. ما أكذب الشائعات التي تدور حولهم! هؤلاء الذين لا نستطيع إيفاءهم حقهم هم الذين يسهرون لكي يحموا أختي وأختك ومع ذلك نسمع ونقرأ كل همز ولمز. تغيرت نظرتي تماماً منذ ذلك الموقف الحيّ الذي عشته بنفسي. أنا لست كاتباً حتى أكتب كل ما يجيش بخاطري نحوهم لكن ربما القصة فقط تعبّر عما يكنه خاطري.ف. م. ع**مجلة الأسرة العدد (174) رمضان 1428هـ