ابوجيلان
09-05-2004, 09:11 PM
الفاتنة و الدلخ ..
كنت جالسا في غرفة المعيشة أشرب الشاي و أقراء الجريدة بهدوء و سكينة و أداعب رأس كلبي الوفي بيتر ، و بينما أنا كذلك إذ سمعت تصبيخ أبواب في الردهة الخارجية فذهبت لأستطلع الأمر و إذا بوالدي قد قدم من الخارج و معه أكياس فأخذتها منه و قلت له : أتمنى أن يكون يومك سعيد يا والدي .. رد علي والدي وهو يخلع حذائه : وين أمك بس ؟ .. قلت له بابتسامة خبيثة لم أتمكن من إخفائها : هل أشتقت إليها ؟ .. قال لي وهو يصعد الدرج : من زينك أنت و أمك .. وينها فيه قلها تحط الغدا .. قلت له : أظنها كانت في الحديقة تقطف بعض البلح .. هل تريد أن أناديها ؟ قال لي وهو يصعد إلى الأعلى : لاحوووول قايل لذا المرة لا تقربين النخل بس الظاهر ما يفيد فيها الكلام .. المهم بس لا تنسى و أنا أبوك ترى موعد الدكتور اليوم ..
أشرت إليه بالإيجاب .. ثم عدت إلى غرفة المعيشة و جلست أرتب الزهور على المنضدة و أتاملها بابتسامة بريئة تنم عن طيبة متأصلة و قلب نقي و مصالة متعدية لكن صراخ والدتي قطع علي تأملي : يالله يا أبوبس و أنا أمك الغدا .. قمت من مكاني و أنا أربت على رأس بيتر ثم ذهبت إلى حيث تتحلق عائلتنا السعيدة و جلست جوار والدتي على الغداء .. و بدأت أأكل بأناقة و هدوء .. قال لي والدي وهو يلحس أصبعه : مد لي التمر و أنا أبوك .. أخذت الشوكة و غزيتها بأحد التمرات ثم وضعتها في صحن والدي إلا أن والدي ألتفت إلي و قال : لاحول و لا قوة إلا بالله .. يا ولدي حرام اللي تسويه فيني .. قلت لوالدي و قد تلاشت الابتسامة التي أرسمها دائما على خشتي : أتمنى أن لا أكون قد أغضبك ! .. ما كان من والدي إلا أن أخذ التمرة و صنها في راسي و قال وهو يقوم من السفرة : لا تنسى موعد الدكتور بس ..
قمت خلف والدي من السفرة و جلست في الحديقة حزينا .. فأحسست بقدوم أمي من خلفي فبادرتها بالكلام : أرجوك يا أمي لا تقولي أي شيء .. فقط أحتاج الخلوة بنفسي .. إلا أن والدتي سفهتني فلما ألتفت إليها وجدتها تتشمس و ما جابت خبري .. و لكنها ردت بعد دقائق : لا تنسى و أنا أمك ترى موعدك عقب صلاة العصر مع الدكتور ..
خرجت مع والدي بعد الصلاة إلى عيادة نفسية .. فدخلت مع والدي العيادة و جلس في الانتظار و جلست جانبه بعد أن ألقيت التحية على الجلوس .. و إذا بشيخ كبير في السن و معه أبنه جالس بجانبه يبادر أبي بالكلام : سلامات وش اللي جايبكم .. رد أبي بعفوية شيابنا دون أدنى اعتبار لوجودي : أبد و الله الولد الله يصلحه مهبول و جايين نعالجه ( الله من زين الأسلوب ) .. حزت تلك الكلمات القاسية في نفسي إلا أن رد الشيخ أشغلني عن مشاعر الحرقة : حتى أنا ولدي مهبول قبل كم يوم الله يصلحه قاشع باب البيت و لافعن به سواق الجيران .. قهقه أبي و الشيخ الكبير على ذلك التصرف الأرعن و قال أبي وهو يخاطب أبن الشيخ : عاد وراك و أنا عمك مالفعت السواق بشي خفيف .. لازم يعني باب ؟؟ .. رد الشيخ ضاحكا وهو يشير إلى أبنه : على حسب الواحد .. إذا صار الواحد مهوب يكرهه مرة فك حدى درايش البيت و لفعه بها .. قال أبي ضاحكا : أجل شكل الولد الله يصلحه إذا زاد كرهه للواحد فك باب البايكة و جدعه عليه .. فقال الشيخ وهو يغالب ضحكاته : الله يصلحه قايل لي أنه يبي يجاهد في أفغانستان بس ما رده إلا قل البيبان .. و هكذا استمر الشياب يذبون على الفتى المسكين الذي يتوارى خلف أبيه من شدة الخجل أما أنا فجلست متوجسا خائفا مرتبكا أن يأتيني الدور .. و حدث ذلك عندما وضع أبي يده على ظهري ( من زود الحنية يقاله ) و قال : لا الحمد لله .. هبال ولدي مافيه عدوانية مثل ولدك .. فقال الكهل متسائلا : وش فيه ؟ .. قال أبي : الله يصلحه كل فترة يتقمص شخصية .. و الحين يقولنا الدكتور اللي يعالجه انه متقمص دور دوق فرنسي و أنا يابومحمد مندري وش الدوق .. التفت إلي الشيخ و بدا يتأملني مما أصابني بالخوف وقال لي : وش تبي بالفرنسيين و أنا عمك ( الله من زين السؤال ) .. قلت له بأدب : عفوا يا سيدي أتمنى أن تعفيني من الإجابة .. فما كان من أبي إلا أن لفعني مع مقفاي و قال : رد على عمك .. فقلت له : لا أعتقد أني أتقمص الأدوار فهذه طبيعتي .. نط أبي بالسالفة و قال بضيق : هذي عوايده يابومحمد .. مبهذلني بهذله .. يتقمص و لا يدري .. فقال أبامحمد : أقول يأبوأبوبس دام عيالنا مهبل ورى ما نخليهم يجتمعون مع بعض منها ينسون الهبال اللي هم فيه و منها نطلعهم من الوحده اللي يعيشون فيها .. تدخلت في الحوار قائلا : أسف ياسيدي لن أتعرف على أبنك فأنا أخشى أن يؤذيني بتصرفاته الرعناء .. التفت علي أبي و قال : عاد من زين تصرفاتك .. ثم استطرد حديثه وقد وجهه لأبومحمد : و الله زين يابومحمد خلاص بكره أن شاء الله أجيب ولدي عند محمد ..
لا تهاوش مع ولدهم و أنا أبوك لا يصنك في باب .. نطق أبي بتلك الكلمات و أنا أهم بالنزول من السيارة لبيت أبومحمد .. فقلت لوالدي : لم أقتنع بمحاولتكم جعلي صديقا لمحمد قسرا و لكن احتراما لمقامك سأحاول تقبل الوضع .. قال لي أبي و علامات الاشمئزاز بادية على محياه : رح رن الجرس و لا تكثر بربرتك .. ذهبت لرن الجرس و فتح لي محمد و ذهبت معه و جلسنا في ملحق بيتهم حول الربع ساعة و محمد يبحلق بي بمنتهى السباهة دون أن ينطق بكلمة .. فقلت لمحمد : مابك ؟ .. كان رد محمد أشكلا لم أتمكن من إخفاء إمتعاضي منه .. فقلت له مرة أخرى : أرجوك تكلم .. إلا أن الفرج جاء أخيرا بدخول أبومحمد علينا قائلا : روحوا يا عيال أقعدوا فوق بيجيني ناس الحين ..
ذهبت أنا و محمد إلى الأعلى و جلست على أحد الكراسي و جلس محمد على المنضدة المقابلة و أستمر في البحلقة بي ( يسمع بالصداقة ) .. و بينما نحن كذلك إذ مرت من أمامنا فتاة ذات حسن و جمال لم ترى عيني مثلها ، جلست بجانب محمد و قالت له و ابتسامتها الرقيقة لا تفارق محياها : يالله ياحمودي جا موعد الدواء .. زاد صوتها الناعم و رقتها المتناهية و تمايلها الفطري من خقتي معها فقلت لها : هل أنت أخت محمد ؟ .. التفت إلي بسرعة ثم جلست تتأملني للحظات ثم قامت من مكانها كالغزال مغطية بيديها الرقيقتين وجهها بينما تكفل شعرها الناعم الطويل بتغطية باقي الوجه وهي تقول : هووو شكله عاقل .. إلا أن أباها الذي كان يصعد الدرج تداركها و قال لها لا يهمتس يابنت الحلال مافي الحمض أحد .. روحي عطي أخوتس الدواء .. عادت الفتاة و جلست بتوجس مرة أخرى بجانب أخاها السبهة الذي لم يتوقف عن تأملي .. ثم أعطته الدواء و شرب الماء بسرعة حتى لا يضيع وقته في تأملي .. ثم غادرت إلى غرفتها ..
قمت من مكاني لألحق الفتاة بعد أن وضعت مركا مكاني كي ينشغل محمد بتأملها و لا يلحقني .. ثم ذهبت لغرفة الفتاة و طرقت الباب ثم دخلت الغرفة و أغلقت الباب خلفي .. إلا أن صرخة مدوية انطلقت من فم البنت بعد أن رأتني فقلت لها محاولا تهدئتها : أرجوك يا أنستي لا تصرخي .. قالت لي : اطلع برا غرفتي يا ثور .. قلت لها : حسنا و لكني أريد أن أقول لك كلمتين .. قالت لي وهي تسفني بنعلة : اطلع منيب ناقصة مهبل .. قلت لها بعد أن حل صمت مريب لبرهة : مهبل !! حسنا يا سيدتي سأخرج .. ثم انحدرت دمعة حارة من خدي و قلت لها و أنا أهم بالمغادرة : لا أدري لمن أبث شكواي و حزني .. قالت بعصبية : بثها على القناة الثانية .. بس اطلع من غرفتي .. نظرت إلى الفتاة شزرا ثم أمسكت مقبض الباب إلا أن الفتاة عاجلتني بقولها : قلي وش تبي ؟ .. كدت أسطر الفتاة بكف من شدة الفرح .. إلا أني تماسكت و قلت لها و أنا ألتفت لها : أقسم بالله لك يا سيدتي أني لست مجنونا .. أريد فقط من يسمعني .. لا أريد أكثر من السمع ..
كنت جالسا على فراش الفتاة و أنا أعطيها كلام مدري من وين جبته بينما الدمعات الحارة تتخلل كل كلمة أقولها .. فقالت لي الفتاة و هي تغالب دموعها : بصراحة يا أبوبس قصتك مأساوية .. ما توقعت أن كتب الأدب و الفكر خلت هذا تفكيرك و ما توقعت أنك مستحيل تنازل عن مبدأ تؤمن به حتى لو حسبوك أهلك مهبول .. قلت لها و أنا أخز بعض ملابسها المنثرة : الحديث بالفصحى و حب الطبيعة و انفتاح الروح و إطلاق الفكر أصبح ضرب من الجنون في هذا المجتمع و أنا مصر على هذا المبدأ و ما دمت على حق فلن أبرح ما أنا به .. فقالت لي : بس عاد لازم تكيف مع المجتمع يا أبوبس .. لازم تنازل شوي عن مبادئك .. قلت لها و أنا أشير على إحدى اللوحات المعلقة في الغرفة : أرأيتي لو قلبنا تلك اللوحة الجميلة ؟ آلا تفقد جمالها ؟ .. قالت لي : ايه بيصير شكلها بايخ .. قلت لها : و أنا كذلك لا أريد ان اكون معلقا بالعكس فيكون شكلي بايخ ( الله من زين المثال ) .. قالت لي الفتاة و هي تنظر حولها : الله يخليك يا أبوبس اطلع برا غرفتي .. مالها داعي تقعد عندي .. أعتقد عطيتك الوقت الكافي .. قلت لها و أنا أهم بالمغادرة متحسسا شعرها الناعم بأطراف أصابعي : شكرا على هذه اللحظات .. لن أنساها لك ما حييت ..
خرجت من الغرفة فوجت محمد يحاول أن يلقم المركى شاهي ( يحسبها أنا ) فتداركته بأن أبعدت المركى و جلست مكانها ثم تناولت الشاهي من محمد و بدات اشربه برواقة إلى أن رن الجرس فذهبت بسرعة إلى الباب لا يصير ابوي اللي عنده و يقعد يجرجرني قدام البنت ..
ركبت السيارة مع والدي و أخبرته بتلك اللحظات الرائعة التي جعلتني أشعر بتحسن فوعدني أبي بتكرار الزيارة .. و هكذا عدت الزيارة بعد يومين و تقابلت مع الفتاة و توطدت علاقتي معها بعد أن أهديتها مجموعة من الكتب التي شلحتها من إحدى المكتبات العامة .. و أصبحت أتقابل معها باستمرار بعد أن تأكدت أني لست مجنونا و إنما صاحب مبدأ يرفض التزحزح عنه ..
و في إحدى المرات استيقظت باكرا من النوم .. فوجت نفسي تدفعني أن أذهب للمسجد للأذان .. فلبست الثوب و الشماغ و شلحت سواك أمي و ذهبت للمسجد ففتحت المكرفون و أذنت بصوت شجي يلين القلوب القاسية و لما أنتهيت من الأذان قلت : لكم أحلى مايك ( مذن يدخل تشات واجد ) إلا أن أحد جيران المسجد تداركني فطردني من المسجد وهو يقول : مدري ورى أهلك مهيتينك علينا .. مرتن تبنشر كفراتنا و مرتن تكتب على بيوتنا للبيع لعدم التفرغ و مرة تطلطل علينا باسم الحرية و الحين جاي تذن الساعة تسع الصبح .. مدري ورى أبوك ما يجدعك في شهار و يريحنا منك ..
عدت إلى البيت و طلبت من أمي أن تقصر ثيابي و نصحتها بأن تتغطى عني اتقاءا للشبهات .. و لما أتى العصر ذهب بي والدي عند محمد ، فجلست في الصالة العلوية و استوى محمد أمامي يتأملني .. و لما طال بنا الوقت و أشتد بنا الزهق بدأت أعطي محمدا شروحا في فقه الإمام أحمد .. و بينما نحن كذلك إذ دخلت علينا ذات الفتاة تأملتني بابتسامة ساحرة إلا أني بادرتها صارخا : تغطي يا مرة .. فالشعراء يتبعهم الغاوون ( بعض الناس ماودكم يدللون أبد ) تحولت تلك الابتسامة الوردية إلى شحوب و قالت لي : وش جاك يا أبوبس ؟ .. قلت لها : تغطي بس و لا تكثرين الدندرة حنا ما عندنا بنات ناس نجي عندهم و لا يتغطون عنا ( أشوى أني منيب أهوش دايم ) .. تأملتني برهة من الوقت ثم انطلقت إلى غرفتها باكية .. أما أنا فالتفت إلى محمد و أكملت محاضرتي له : فموقف أهل السنة و الجماعة من خلق القران واضح و قد أجمع عليه .. أووووف .. وضعت مركا مكاني ثم ذهبت إلى غرفة الفتاة بعد أن تغلبت علي مشاعر الحب .. فطرقت الباب .. ثم دخلت و انا أقول لا الاااه إلا الله .. الدرب يامرة .. قالت لي وهي تبكي بعد أن اغلقت الباب : أنا المهبولة اللي أصدقك .. قلت لها و أنا أستاك : يا أختي الفاضلة .. عليك النظر إلى الصورة من كاف.. قاطعتني الفتاة : أقول اطلع برا .. قلت لها : أبطلع .. بس لازم تعرفين أني ما حبيت أحد كثرتس .. قالت لي : تبيني أصدق واحد مهبول ؟ .. قلت لها : يا بنت الحلال منيب مهبول .. قالت لي : أجل وش اللي غيرك بين يوم و ليلة ؟ .. قلت لها : كل اللي صار أني اكتشفت أن موقفي السابق اللي جريتس له غلط .. كيف نتكلم بالفصحى و مافيه أحد على الأرض يتكلم فصحى ؟ .. كيف نطلق أرواحنا بدون ضبطها بالدين ؟ .. يا بنت الحلال أن مد الله في أعمارنا محنب متعدين السبعين سنة فوش سنع التميلح في الدنيا و مصيرنا الموت .. أنا صراحة تزحزحت على المبدأ اللي كنت عليه لأن الجنون بعينه هو الإصرار على غلط .. قالت لي : طيب أطلع برا .. قلت لها و أنا أضع على تسريحتها بعض الأشرطة و الكتيبات : أنا طالع ..
عدت إلى محمد و أكملت حديثي له و عندما وصلت في الحديث عن الصراع بين العقل و النقل رن جرس الباب فقلت له خلاص نكمل المرة الجاية ثم ذهبت كافخا إلى الباب و شماغي يتطاير وراي لأن أبوي حار و ما يحب أحد يتأخر عليه .. و بعد يومين عدت إلى منزل أبومحمد و جلست مع محمد ألقي عليه بعضا مما يجود به عقلي و بينما نحن كذلك إذ جاءت إلينا الفتاة وهي تمشي على استحياء و ترتدي الحجاب و قالت لي : لك الله يا فتى الإسلام .. فأنت سبب هدايتي .. قلت لها و الدمع ينحدر من خدي : ربح البيع يا أمة الله .. ربح البيع .. و هنا نطق محمد بأول كلمة أسمعها منه و قال : وش دراكم أنه ربح .. سويتوا جرد ؟ .. إلا أن حميمية اللحظة جعلتنا نسفهه و قالت لي وهي تتوارى خلف أخاها من شدة الخجل : ربح البيع يا أبوبس .. أسأل الله بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن أجد من يعينني على هذا المسلك .. قلت لها : أتقبليني زوجا لك ؟ .. قالت لي : الطيبون للطيبات .. إلا أن رنة الجرس قطعت علينا الخطوبة فذهبت داعسا إلى الباب ..
و هكذا توطدت علاقتي مع الفتاة .. و أصبحنا نتبادل الأشرطة و المطويات بحشمة لا تبرح الأخلاق قيد أنملة .. و في يوم من الأيام دخلت على محمد و جلست معه و كنت البس غترة و عقال على غير العادة .. فلما رأيت الفتاة قمت إليها و قلت لها أسعد الله أوقاتك بكل خير .. فنظرت إلي من وراء حجابها نظرات الاستغراب ثم مالبثت أن أستعادت توازنها فقالت لي : السلام من الله عليكم و رحمة من لدنه و بركاته هذي يا أخوي أبوبس الأشرطة و الكتيبات اللي وعدتك أجيبها لك .. وين الكتيبات اللي وعدتني تجيبها لي ؟ .. قلت لها و أنا أعطيها بعض الصور : تفضلي .. قلبت الصور ثم قالت لي : وش ذا ؟ .. قلت لها : هذي صورة كتل من السحب الركامية الممطرة .. و اللي تحت صورة منخفض جوي قادم من المحيط الهندي .. و هذي صورة توضح لحظرات السادة المشاهدين وجود زوابع رعديـ.. قطعت حديثي بعد أن قذفت الفتاة بتلك الصور في خشتي ثم خلعت حجابها و ذهبت و هي تبكي إلى غرفتها ..
لحقتها ثم طرقت الباب و دخلت ( ملاحظين معي أن غرفة البنت مالها قفل ) .. فقالت لي وهي تصرخ أطلع من غرفتي يا مهبوول .. أطلع أحسن لك .. قلت لها : خليني بس أشرح لك .. قالت لي وهي تفتح باب غرفتها : أقولك أطلع مابيني و بينك بعد اليوم كلام .. قلت لها ترى الموضوع ما يستاهل كل ذا الزعل .. قالت لي و هي تبكي : كل يوم جاي تهك علي بشخصية و تقول الموضوع ما يستاهل .. المشكلة أني أصدقك للأسف طلعت أنا المهبولة .. ثم استطردت وهي تكفكف دموعها : أنا بس أبي أعرف ليش تركت التدين و صرت بالوضع هذا ؟ .. قلت لها : الوضع هذا ما يعيب .. و حسن كراني ما يعيبه شي عشان نقتدي به .. و بعدين الرجال مسلم و يعتبر أشهر مذيع نشرة جوية .. قالت لي صارخة وهي تدفعني إلى خارج الغرفة : أقولك اطلع برا يا متخلف يا مجنون .. ثم صفقت بالباب في وجهي .. أصابني ذلك الطرد و تلك الكلمتين في مقتل .. مما جعلني أفتح الباب مرة أخرى و أقول و أنا أطل من طرفه لإغاظتها : شكرا لإصغائكم مع أحلى الأماني .. إلا أن كندرة من كنادر البنات الكبيرة سنترت في نص جبهتي .. مما جعلني أتراجع و أنا مدروخ .. ثم ذهبت إلى محمد مترنحا .. و عندما ارتميت بجانبه سألني سؤالا شد من أزري و رفع من معنوياتي حيث قال : كم هقوتك درجة الحرارة في الخرخير ؟ ..
بعد هذا الحادث الأليم لم أذهب لمحمد .. إلا أن الحنين أخذني و الشوق للأحبة لعب بحسبتي .. فطلبت من أبي أن يذهب بي إلى محمد .. فأخذني ذات يوم و جلسنا في نفس المكان .. و كالعادة سنتر محمد أمامي فبدأت أحادثه بنرة حزينة و قلت له : أنا يا محمد محطم .. كنت أدرس في مدرسة داخلية و أبوي مات و ترك لي ورث .. بس بنت الكلب الأنسة مينشن لعنت طاهر ما فيني .. و صرت بدال ما أدرس أطبخ و أكنس و أغسل .. و بدال ما أنام في غرفتي صرت أنام في غرفة الشغالة .. خلها على ربك بس .. ربك ما ينسى احد .. فقال لي محمد متسائلا و الحماس باد على محياه : طيب متى بيفزع لك جاركم ؟ .. قلت له و أنا أطلق تنهيدة عميقة : ما أدري و الله .. اللي مخوفني أن عيال جيرانا دببة و أخاف ما يمديهم يدخلون مع دريشتي .. لكن فرج ربك قريب .. و هنا دخلت علينا الفتاة و قالت وهي تلمحني بابتسامة سخرية : هاااه وش رسيت عليه اليوم ؟؟ .. قمت إليها و قلت و أنا أغالب دموعي : يابنت الحلال منيب ناقص .. ألقاها منتس و إلا من الأنسة مينشن و إلا من أيميلي .. الله يرحم والديتس أرحمي حالي .. قالت لي وهي تغط في نوبة ضحك عميق : من جد بديت أرحمك .. بس الله يرحم والديك خلك على سالي .. لا تناظر قريندايزر ثمن نبلش بك .. قلت لها بعد أن قمت من مكاني و واجهتها : أنتي ليش ما تقدرين وضعي .. ليش ما تقدرين أني أحبتس بس المرض اللي فيني يخليني أتقمص شخصيات ؟؟ .. ثم استطردت و أنا أمسح دمعة فرت من عيني : ليش ما تساعديني على تخطي اللي أنا فيه بدال ما تطنزين .. كل يوم أتحسن عن اليوم اللي قبله و السبة حبي لتس .. ردت علي الفتاة وهي تتفحص ملامحي : ساعة أقول عنك فاقد إلى النعلة و ساعة أقول أنك أعقل مني .. لطن يا أبوبس أنت مريض و أنا ما عندي استعداد أرتبط مع واحد مثلك .. الكلام هذا أنسه .. و هنا رن جرس الباب فذهبت مسرعا حتى لا أصيف على أبي فيحبسني في غرفة الأشباح ..
مرت الأيام و الليالي و أنا أفكر مليا في قول الفتاة لي بأنها لا يمكن أن ترتبط بمريض .. قلت في نفسي .. أعلم أني مريض و أعرف أني لا أحتاج سوى عزيمة قوية من أجل التخلص من هذه الأوهام .. فلماذا لا أصلح حالي بالصبر عن السخافات التي تعتريني ؟ المسالة لا تحتاج سوى صبر و تفكير .. فعزمت على أن أصلح حالي و لا أتقمص شخصية ..
و كان للعزيمة دورها .. فقد جاهدت نفسي شهورا كي لا أتقمص دور أحد و نجحت فيما سعيت عليه بعد أن أغمي علي مرات عديدة عندما شاهدت عوني كنانة في التلفزيون و منعت نفسي من تقليده .. و هكذا أصبحت حرا طليقا من الأوهام و الأمراض النفسية .. فانقلب حالي و أصبح الجميع ينظر إلي بعين الإكبار و التقدير .. و تمكنت بعد مدة من الاتصال بالفتاة و اخبراها باني جاهدت نفسي و تخلصت من مرضي من أجلها .. فقدرت في ذلك و قبلت أن تكون زوجة لي ..
فتم العرس و شاركنا في أفراحنا جمع من الأحبة و الأصدقاء و المهبل اللي كانوا معي .. ثم دخلت على زوجتي فتبدت لي القمر في ليلة تمامه و ابتسامتها العذبة تكشف عن أسنانها المصفوفة كعقد من اللؤلؤ .. جلست بجانبها و قلت لها : كيفك يا عروستنا ؟ .. قالت لي و هي تغالب خجلها : بخير دامك بخير .. قلت لها بعد أن شخص بصري برهة : إلا ورى عبسي و القبطان نامق ما جو عرسنا ؟ .. قالت لي بنبرة متفاجئة : هووو !! .. عاد سميرة جاية لعرسي و لابسة فستان وش زينة !! .. قلت لها و أنا أخلع شماغي : الله يلعنها إلى الحين و أنا حاقد عليها يومها تقتل جدي .. عاد مالي عقب الله إلا هو .. قالت لي وهي تهدئ من خاطري : المسامح كريم يا بعد عمري .. و الحرمة تابت و التوبة تجب ما قبلها .. شفها ذبحت جدي رامي و سامحتها !!
الفائدة من القصة : أهم شي تزوج حرمة مثلك .. و لا عليكم من اللي يقولونه الناس ..
__________________
حتما سيأتي اليوم الذي أعرف فيه أن الخراب من المكينة و إلا القير ..
كنت جالسا في غرفة المعيشة أشرب الشاي و أقراء الجريدة بهدوء و سكينة و أداعب رأس كلبي الوفي بيتر ، و بينما أنا كذلك إذ سمعت تصبيخ أبواب في الردهة الخارجية فذهبت لأستطلع الأمر و إذا بوالدي قد قدم من الخارج و معه أكياس فأخذتها منه و قلت له : أتمنى أن يكون يومك سعيد يا والدي .. رد علي والدي وهو يخلع حذائه : وين أمك بس ؟ .. قلت له بابتسامة خبيثة لم أتمكن من إخفائها : هل أشتقت إليها ؟ .. قال لي وهو يصعد الدرج : من زينك أنت و أمك .. وينها فيه قلها تحط الغدا .. قلت له : أظنها كانت في الحديقة تقطف بعض البلح .. هل تريد أن أناديها ؟ قال لي وهو يصعد إلى الأعلى : لاحوووول قايل لذا المرة لا تقربين النخل بس الظاهر ما يفيد فيها الكلام .. المهم بس لا تنسى و أنا أبوك ترى موعد الدكتور اليوم ..
أشرت إليه بالإيجاب .. ثم عدت إلى غرفة المعيشة و جلست أرتب الزهور على المنضدة و أتاملها بابتسامة بريئة تنم عن طيبة متأصلة و قلب نقي و مصالة متعدية لكن صراخ والدتي قطع علي تأملي : يالله يا أبوبس و أنا أمك الغدا .. قمت من مكاني و أنا أربت على رأس بيتر ثم ذهبت إلى حيث تتحلق عائلتنا السعيدة و جلست جوار والدتي على الغداء .. و بدأت أأكل بأناقة و هدوء .. قال لي والدي وهو يلحس أصبعه : مد لي التمر و أنا أبوك .. أخذت الشوكة و غزيتها بأحد التمرات ثم وضعتها في صحن والدي إلا أن والدي ألتفت إلي و قال : لاحول و لا قوة إلا بالله .. يا ولدي حرام اللي تسويه فيني .. قلت لوالدي و قد تلاشت الابتسامة التي أرسمها دائما على خشتي : أتمنى أن لا أكون قد أغضبك ! .. ما كان من والدي إلا أن أخذ التمرة و صنها في راسي و قال وهو يقوم من السفرة : لا تنسى موعد الدكتور بس ..
قمت خلف والدي من السفرة و جلست في الحديقة حزينا .. فأحسست بقدوم أمي من خلفي فبادرتها بالكلام : أرجوك يا أمي لا تقولي أي شيء .. فقط أحتاج الخلوة بنفسي .. إلا أن والدتي سفهتني فلما ألتفت إليها وجدتها تتشمس و ما جابت خبري .. و لكنها ردت بعد دقائق : لا تنسى و أنا أمك ترى موعدك عقب صلاة العصر مع الدكتور ..
خرجت مع والدي بعد الصلاة إلى عيادة نفسية .. فدخلت مع والدي العيادة و جلس في الانتظار و جلست جانبه بعد أن ألقيت التحية على الجلوس .. و إذا بشيخ كبير في السن و معه أبنه جالس بجانبه يبادر أبي بالكلام : سلامات وش اللي جايبكم .. رد أبي بعفوية شيابنا دون أدنى اعتبار لوجودي : أبد و الله الولد الله يصلحه مهبول و جايين نعالجه ( الله من زين الأسلوب ) .. حزت تلك الكلمات القاسية في نفسي إلا أن رد الشيخ أشغلني عن مشاعر الحرقة : حتى أنا ولدي مهبول قبل كم يوم الله يصلحه قاشع باب البيت و لافعن به سواق الجيران .. قهقه أبي و الشيخ الكبير على ذلك التصرف الأرعن و قال أبي وهو يخاطب أبن الشيخ : عاد وراك و أنا عمك مالفعت السواق بشي خفيف .. لازم يعني باب ؟؟ .. رد الشيخ ضاحكا وهو يشير إلى أبنه : على حسب الواحد .. إذا صار الواحد مهوب يكرهه مرة فك حدى درايش البيت و لفعه بها .. قال أبي ضاحكا : أجل شكل الولد الله يصلحه إذا زاد كرهه للواحد فك باب البايكة و جدعه عليه .. فقال الشيخ وهو يغالب ضحكاته : الله يصلحه قايل لي أنه يبي يجاهد في أفغانستان بس ما رده إلا قل البيبان .. و هكذا استمر الشياب يذبون على الفتى المسكين الذي يتوارى خلف أبيه من شدة الخجل أما أنا فجلست متوجسا خائفا مرتبكا أن يأتيني الدور .. و حدث ذلك عندما وضع أبي يده على ظهري ( من زود الحنية يقاله ) و قال : لا الحمد لله .. هبال ولدي مافيه عدوانية مثل ولدك .. فقال الكهل متسائلا : وش فيه ؟ .. قال أبي : الله يصلحه كل فترة يتقمص شخصية .. و الحين يقولنا الدكتور اللي يعالجه انه متقمص دور دوق فرنسي و أنا يابومحمد مندري وش الدوق .. التفت إلي الشيخ و بدا يتأملني مما أصابني بالخوف وقال لي : وش تبي بالفرنسيين و أنا عمك ( الله من زين السؤال ) .. قلت له بأدب : عفوا يا سيدي أتمنى أن تعفيني من الإجابة .. فما كان من أبي إلا أن لفعني مع مقفاي و قال : رد على عمك .. فقلت له : لا أعتقد أني أتقمص الأدوار فهذه طبيعتي .. نط أبي بالسالفة و قال بضيق : هذي عوايده يابومحمد .. مبهذلني بهذله .. يتقمص و لا يدري .. فقال أبامحمد : أقول يأبوأبوبس دام عيالنا مهبل ورى ما نخليهم يجتمعون مع بعض منها ينسون الهبال اللي هم فيه و منها نطلعهم من الوحده اللي يعيشون فيها .. تدخلت في الحوار قائلا : أسف ياسيدي لن أتعرف على أبنك فأنا أخشى أن يؤذيني بتصرفاته الرعناء .. التفت علي أبي و قال : عاد من زين تصرفاتك .. ثم استطرد حديثه وقد وجهه لأبومحمد : و الله زين يابومحمد خلاص بكره أن شاء الله أجيب ولدي عند محمد ..
لا تهاوش مع ولدهم و أنا أبوك لا يصنك في باب .. نطق أبي بتلك الكلمات و أنا أهم بالنزول من السيارة لبيت أبومحمد .. فقلت لوالدي : لم أقتنع بمحاولتكم جعلي صديقا لمحمد قسرا و لكن احتراما لمقامك سأحاول تقبل الوضع .. قال لي أبي و علامات الاشمئزاز بادية على محياه : رح رن الجرس و لا تكثر بربرتك .. ذهبت لرن الجرس و فتح لي محمد و ذهبت معه و جلسنا في ملحق بيتهم حول الربع ساعة و محمد يبحلق بي بمنتهى السباهة دون أن ينطق بكلمة .. فقلت لمحمد : مابك ؟ .. كان رد محمد أشكلا لم أتمكن من إخفاء إمتعاضي منه .. فقلت له مرة أخرى : أرجوك تكلم .. إلا أن الفرج جاء أخيرا بدخول أبومحمد علينا قائلا : روحوا يا عيال أقعدوا فوق بيجيني ناس الحين ..
ذهبت أنا و محمد إلى الأعلى و جلست على أحد الكراسي و جلس محمد على المنضدة المقابلة و أستمر في البحلقة بي ( يسمع بالصداقة ) .. و بينما نحن كذلك إذ مرت من أمامنا فتاة ذات حسن و جمال لم ترى عيني مثلها ، جلست بجانب محمد و قالت له و ابتسامتها الرقيقة لا تفارق محياها : يالله ياحمودي جا موعد الدواء .. زاد صوتها الناعم و رقتها المتناهية و تمايلها الفطري من خقتي معها فقلت لها : هل أنت أخت محمد ؟ .. التفت إلي بسرعة ثم جلست تتأملني للحظات ثم قامت من مكانها كالغزال مغطية بيديها الرقيقتين وجهها بينما تكفل شعرها الناعم الطويل بتغطية باقي الوجه وهي تقول : هووو شكله عاقل .. إلا أن أباها الذي كان يصعد الدرج تداركها و قال لها لا يهمتس يابنت الحلال مافي الحمض أحد .. روحي عطي أخوتس الدواء .. عادت الفتاة و جلست بتوجس مرة أخرى بجانب أخاها السبهة الذي لم يتوقف عن تأملي .. ثم أعطته الدواء و شرب الماء بسرعة حتى لا يضيع وقته في تأملي .. ثم غادرت إلى غرفتها ..
قمت من مكاني لألحق الفتاة بعد أن وضعت مركا مكاني كي ينشغل محمد بتأملها و لا يلحقني .. ثم ذهبت لغرفة الفتاة و طرقت الباب ثم دخلت الغرفة و أغلقت الباب خلفي .. إلا أن صرخة مدوية انطلقت من فم البنت بعد أن رأتني فقلت لها محاولا تهدئتها : أرجوك يا أنستي لا تصرخي .. قالت لي : اطلع برا غرفتي يا ثور .. قلت لها : حسنا و لكني أريد أن أقول لك كلمتين .. قالت لي وهي تسفني بنعلة : اطلع منيب ناقصة مهبل .. قلت لها بعد أن حل صمت مريب لبرهة : مهبل !! حسنا يا سيدتي سأخرج .. ثم انحدرت دمعة حارة من خدي و قلت لها و أنا أهم بالمغادرة : لا أدري لمن أبث شكواي و حزني .. قالت بعصبية : بثها على القناة الثانية .. بس اطلع من غرفتي .. نظرت إلى الفتاة شزرا ثم أمسكت مقبض الباب إلا أن الفتاة عاجلتني بقولها : قلي وش تبي ؟ .. كدت أسطر الفتاة بكف من شدة الفرح .. إلا أني تماسكت و قلت لها و أنا ألتفت لها : أقسم بالله لك يا سيدتي أني لست مجنونا .. أريد فقط من يسمعني .. لا أريد أكثر من السمع ..
كنت جالسا على فراش الفتاة و أنا أعطيها كلام مدري من وين جبته بينما الدمعات الحارة تتخلل كل كلمة أقولها .. فقالت لي الفتاة و هي تغالب دموعها : بصراحة يا أبوبس قصتك مأساوية .. ما توقعت أن كتب الأدب و الفكر خلت هذا تفكيرك و ما توقعت أنك مستحيل تنازل عن مبدأ تؤمن به حتى لو حسبوك أهلك مهبول .. قلت لها و أنا أخز بعض ملابسها المنثرة : الحديث بالفصحى و حب الطبيعة و انفتاح الروح و إطلاق الفكر أصبح ضرب من الجنون في هذا المجتمع و أنا مصر على هذا المبدأ و ما دمت على حق فلن أبرح ما أنا به .. فقالت لي : بس عاد لازم تكيف مع المجتمع يا أبوبس .. لازم تنازل شوي عن مبادئك .. قلت لها و أنا أشير على إحدى اللوحات المعلقة في الغرفة : أرأيتي لو قلبنا تلك اللوحة الجميلة ؟ آلا تفقد جمالها ؟ .. قالت لي : ايه بيصير شكلها بايخ .. قلت لها : و أنا كذلك لا أريد ان اكون معلقا بالعكس فيكون شكلي بايخ ( الله من زين المثال ) .. قالت لي الفتاة و هي تنظر حولها : الله يخليك يا أبوبس اطلع برا غرفتي .. مالها داعي تقعد عندي .. أعتقد عطيتك الوقت الكافي .. قلت لها و أنا أهم بالمغادرة متحسسا شعرها الناعم بأطراف أصابعي : شكرا على هذه اللحظات .. لن أنساها لك ما حييت ..
خرجت من الغرفة فوجت محمد يحاول أن يلقم المركى شاهي ( يحسبها أنا ) فتداركته بأن أبعدت المركى و جلست مكانها ثم تناولت الشاهي من محمد و بدات اشربه برواقة إلى أن رن الجرس فذهبت بسرعة إلى الباب لا يصير ابوي اللي عنده و يقعد يجرجرني قدام البنت ..
ركبت السيارة مع والدي و أخبرته بتلك اللحظات الرائعة التي جعلتني أشعر بتحسن فوعدني أبي بتكرار الزيارة .. و هكذا عدت الزيارة بعد يومين و تقابلت مع الفتاة و توطدت علاقتي معها بعد أن أهديتها مجموعة من الكتب التي شلحتها من إحدى المكتبات العامة .. و أصبحت أتقابل معها باستمرار بعد أن تأكدت أني لست مجنونا و إنما صاحب مبدأ يرفض التزحزح عنه ..
و في إحدى المرات استيقظت باكرا من النوم .. فوجت نفسي تدفعني أن أذهب للمسجد للأذان .. فلبست الثوب و الشماغ و شلحت سواك أمي و ذهبت للمسجد ففتحت المكرفون و أذنت بصوت شجي يلين القلوب القاسية و لما أنتهيت من الأذان قلت : لكم أحلى مايك ( مذن يدخل تشات واجد ) إلا أن أحد جيران المسجد تداركني فطردني من المسجد وهو يقول : مدري ورى أهلك مهيتينك علينا .. مرتن تبنشر كفراتنا و مرتن تكتب على بيوتنا للبيع لعدم التفرغ و مرة تطلطل علينا باسم الحرية و الحين جاي تذن الساعة تسع الصبح .. مدري ورى أبوك ما يجدعك في شهار و يريحنا منك ..
عدت إلى البيت و طلبت من أمي أن تقصر ثيابي و نصحتها بأن تتغطى عني اتقاءا للشبهات .. و لما أتى العصر ذهب بي والدي عند محمد ، فجلست في الصالة العلوية و استوى محمد أمامي يتأملني .. و لما طال بنا الوقت و أشتد بنا الزهق بدأت أعطي محمدا شروحا في فقه الإمام أحمد .. و بينما نحن كذلك إذ دخلت علينا ذات الفتاة تأملتني بابتسامة ساحرة إلا أني بادرتها صارخا : تغطي يا مرة .. فالشعراء يتبعهم الغاوون ( بعض الناس ماودكم يدللون أبد ) تحولت تلك الابتسامة الوردية إلى شحوب و قالت لي : وش جاك يا أبوبس ؟ .. قلت لها : تغطي بس و لا تكثرين الدندرة حنا ما عندنا بنات ناس نجي عندهم و لا يتغطون عنا ( أشوى أني منيب أهوش دايم ) .. تأملتني برهة من الوقت ثم انطلقت إلى غرفتها باكية .. أما أنا فالتفت إلى محمد و أكملت محاضرتي له : فموقف أهل السنة و الجماعة من خلق القران واضح و قد أجمع عليه .. أووووف .. وضعت مركا مكاني ثم ذهبت إلى غرفة الفتاة بعد أن تغلبت علي مشاعر الحب .. فطرقت الباب .. ثم دخلت و انا أقول لا الاااه إلا الله .. الدرب يامرة .. قالت لي وهي تبكي بعد أن اغلقت الباب : أنا المهبولة اللي أصدقك .. قلت لها و أنا أستاك : يا أختي الفاضلة .. عليك النظر إلى الصورة من كاف.. قاطعتني الفتاة : أقول اطلع برا .. قلت لها : أبطلع .. بس لازم تعرفين أني ما حبيت أحد كثرتس .. قالت لي : تبيني أصدق واحد مهبول ؟ .. قلت لها : يا بنت الحلال منيب مهبول .. قالت لي : أجل وش اللي غيرك بين يوم و ليلة ؟ .. قلت لها : كل اللي صار أني اكتشفت أن موقفي السابق اللي جريتس له غلط .. كيف نتكلم بالفصحى و مافيه أحد على الأرض يتكلم فصحى ؟ .. كيف نطلق أرواحنا بدون ضبطها بالدين ؟ .. يا بنت الحلال أن مد الله في أعمارنا محنب متعدين السبعين سنة فوش سنع التميلح في الدنيا و مصيرنا الموت .. أنا صراحة تزحزحت على المبدأ اللي كنت عليه لأن الجنون بعينه هو الإصرار على غلط .. قالت لي : طيب أطلع برا .. قلت لها و أنا أضع على تسريحتها بعض الأشرطة و الكتيبات : أنا طالع ..
عدت إلى محمد و أكملت حديثي له و عندما وصلت في الحديث عن الصراع بين العقل و النقل رن جرس الباب فقلت له خلاص نكمل المرة الجاية ثم ذهبت كافخا إلى الباب و شماغي يتطاير وراي لأن أبوي حار و ما يحب أحد يتأخر عليه .. و بعد يومين عدت إلى منزل أبومحمد و جلست مع محمد ألقي عليه بعضا مما يجود به عقلي و بينما نحن كذلك إذ جاءت إلينا الفتاة وهي تمشي على استحياء و ترتدي الحجاب و قالت لي : لك الله يا فتى الإسلام .. فأنت سبب هدايتي .. قلت لها و الدمع ينحدر من خدي : ربح البيع يا أمة الله .. ربح البيع .. و هنا نطق محمد بأول كلمة أسمعها منه و قال : وش دراكم أنه ربح .. سويتوا جرد ؟ .. إلا أن حميمية اللحظة جعلتنا نسفهه و قالت لي وهي تتوارى خلف أخاها من شدة الخجل : ربح البيع يا أبوبس .. أسأل الله بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن أجد من يعينني على هذا المسلك .. قلت لها : أتقبليني زوجا لك ؟ .. قالت لي : الطيبون للطيبات .. إلا أن رنة الجرس قطعت علينا الخطوبة فذهبت داعسا إلى الباب ..
و هكذا توطدت علاقتي مع الفتاة .. و أصبحنا نتبادل الأشرطة و المطويات بحشمة لا تبرح الأخلاق قيد أنملة .. و في يوم من الأيام دخلت على محمد و جلست معه و كنت البس غترة و عقال على غير العادة .. فلما رأيت الفتاة قمت إليها و قلت لها أسعد الله أوقاتك بكل خير .. فنظرت إلي من وراء حجابها نظرات الاستغراب ثم مالبثت أن أستعادت توازنها فقالت لي : السلام من الله عليكم و رحمة من لدنه و بركاته هذي يا أخوي أبوبس الأشرطة و الكتيبات اللي وعدتك أجيبها لك .. وين الكتيبات اللي وعدتني تجيبها لي ؟ .. قلت لها و أنا أعطيها بعض الصور : تفضلي .. قلبت الصور ثم قالت لي : وش ذا ؟ .. قلت لها : هذي صورة كتل من السحب الركامية الممطرة .. و اللي تحت صورة منخفض جوي قادم من المحيط الهندي .. و هذي صورة توضح لحظرات السادة المشاهدين وجود زوابع رعديـ.. قطعت حديثي بعد أن قذفت الفتاة بتلك الصور في خشتي ثم خلعت حجابها و ذهبت و هي تبكي إلى غرفتها ..
لحقتها ثم طرقت الباب و دخلت ( ملاحظين معي أن غرفة البنت مالها قفل ) .. فقالت لي وهي تصرخ أطلع من غرفتي يا مهبوول .. أطلع أحسن لك .. قلت لها : خليني بس أشرح لك .. قالت لي وهي تفتح باب غرفتها : أقولك أطلع مابيني و بينك بعد اليوم كلام .. قلت لها ترى الموضوع ما يستاهل كل ذا الزعل .. قالت لي و هي تبكي : كل يوم جاي تهك علي بشخصية و تقول الموضوع ما يستاهل .. المشكلة أني أصدقك للأسف طلعت أنا المهبولة .. ثم استطردت وهي تكفكف دموعها : أنا بس أبي أعرف ليش تركت التدين و صرت بالوضع هذا ؟ .. قلت لها : الوضع هذا ما يعيب .. و حسن كراني ما يعيبه شي عشان نقتدي به .. و بعدين الرجال مسلم و يعتبر أشهر مذيع نشرة جوية .. قالت لي صارخة وهي تدفعني إلى خارج الغرفة : أقولك اطلع برا يا متخلف يا مجنون .. ثم صفقت بالباب في وجهي .. أصابني ذلك الطرد و تلك الكلمتين في مقتل .. مما جعلني أفتح الباب مرة أخرى و أقول و أنا أطل من طرفه لإغاظتها : شكرا لإصغائكم مع أحلى الأماني .. إلا أن كندرة من كنادر البنات الكبيرة سنترت في نص جبهتي .. مما جعلني أتراجع و أنا مدروخ .. ثم ذهبت إلى محمد مترنحا .. و عندما ارتميت بجانبه سألني سؤالا شد من أزري و رفع من معنوياتي حيث قال : كم هقوتك درجة الحرارة في الخرخير ؟ ..
بعد هذا الحادث الأليم لم أذهب لمحمد .. إلا أن الحنين أخذني و الشوق للأحبة لعب بحسبتي .. فطلبت من أبي أن يذهب بي إلى محمد .. فأخذني ذات يوم و جلسنا في نفس المكان .. و كالعادة سنتر محمد أمامي فبدأت أحادثه بنرة حزينة و قلت له : أنا يا محمد محطم .. كنت أدرس في مدرسة داخلية و أبوي مات و ترك لي ورث .. بس بنت الكلب الأنسة مينشن لعنت طاهر ما فيني .. و صرت بدال ما أدرس أطبخ و أكنس و أغسل .. و بدال ما أنام في غرفتي صرت أنام في غرفة الشغالة .. خلها على ربك بس .. ربك ما ينسى احد .. فقال لي محمد متسائلا و الحماس باد على محياه : طيب متى بيفزع لك جاركم ؟ .. قلت له و أنا أطلق تنهيدة عميقة : ما أدري و الله .. اللي مخوفني أن عيال جيرانا دببة و أخاف ما يمديهم يدخلون مع دريشتي .. لكن فرج ربك قريب .. و هنا دخلت علينا الفتاة و قالت وهي تلمحني بابتسامة سخرية : هاااه وش رسيت عليه اليوم ؟؟ .. قمت إليها و قلت و أنا أغالب دموعي : يابنت الحلال منيب ناقص .. ألقاها منتس و إلا من الأنسة مينشن و إلا من أيميلي .. الله يرحم والديتس أرحمي حالي .. قالت لي وهي تغط في نوبة ضحك عميق : من جد بديت أرحمك .. بس الله يرحم والديك خلك على سالي .. لا تناظر قريندايزر ثمن نبلش بك .. قلت لها بعد أن قمت من مكاني و واجهتها : أنتي ليش ما تقدرين وضعي .. ليش ما تقدرين أني أحبتس بس المرض اللي فيني يخليني أتقمص شخصيات ؟؟ .. ثم استطردت و أنا أمسح دمعة فرت من عيني : ليش ما تساعديني على تخطي اللي أنا فيه بدال ما تطنزين .. كل يوم أتحسن عن اليوم اللي قبله و السبة حبي لتس .. ردت علي الفتاة وهي تتفحص ملامحي : ساعة أقول عنك فاقد إلى النعلة و ساعة أقول أنك أعقل مني .. لطن يا أبوبس أنت مريض و أنا ما عندي استعداد أرتبط مع واحد مثلك .. الكلام هذا أنسه .. و هنا رن جرس الباب فذهبت مسرعا حتى لا أصيف على أبي فيحبسني في غرفة الأشباح ..
مرت الأيام و الليالي و أنا أفكر مليا في قول الفتاة لي بأنها لا يمكن أن ترتبط بمريض .. قلت في نفسي .. أعلم أني مريض و أعرف أني لا أحتاج سوى عزيمة قوية من أجل التخلص من هذه الأوهام .. فلماذا لا أصلح حالي بالصبر عن السخافات التي تعتريني ؟ المسالة لا تحتاج سوى صبر و تفكير .. فعزمت على أن أصلح حالي و لا أتقمص شخصية ..
و كان للعزيمة دورها .. فقد جاهدت نفسي شهورا كي لا أتقمص دور أحد و نجحت فيما سعيت عليه بعد أن أغمي علي مرات عديدة عندما شاهدت عوني كنانة في التلفزيون و منعت نفسي من تقليده .. و هكذا أصبحت حرا طليقا من الأوهام و الأمراض النفسية .. فانقلب حالي و أصبح الجميع ينظر إلي بعين الإكبار و التقدير .. و تمكنت بعد مدة من الاتصال بالفتاة و اخبراها باني جاهدت نفسي و تخلصت من مرضي من أجلها .. فقدرت في ذلك و قبلت أن تكون زوجة لي ..
فتم العرس و شاركنا في أفراحنا جمع من الأحبة و الأصدقاء و المهبل اللي كانوا معي .. ثم دخلت على زوجتي فتبدت لي القمر في ليلة تمامه و ابتسامتها العذبة تكشف عن أسنانها المصفوفة كعقد من اللؤلؤ .. جلست بجانبها و قلت لها : كيفك يا عروستنا ؟ .. قالت لي و هي تغالب خجلها : بخير دامك بخير .. قلت لها بعد أن شخص بصري برهة : إلا ورى عبسي و القبطان نامق ما جو عرسنا ؟ .. قالت لي بنبرة متفاجئة : هووو !! .. عاد سميرة جاية لعرسي و لابسة فستان وش زينة !! .. قلت لها و أنا أخلع شماغي : الله يلعنها إلى الحين و أنا حاقد عليها يومها تقتل جدي .. عاد مالي عقب الله إلا هو .. قالت لي وهي تهدئ من خاطري : المسامح كريم يا بعد عمري .. و الحرمة تابت و التوبة تجب ما قبلها .. شفها ذبحت جدي رامي و سامحتها !!
الفائدة من القصة : أهم شي تزوج حرمة مثلك .. و لا عليكم من اللي يقولونه الناس ..
__________________
حتما سيأتي اليوم الذي أعرف فيه أن الخراب من المكينة و إلا القير ..