احسـ العالم ـاس
07-06-2004, 08:25 PM
إخلاص النية لله عند التفكر
من أجل أن يعود التفكر بالنفع على الانسان ويهديه الى جادة الحق، يجب عليه أن يفكر دائماً بطريقة إيجابية. هناك فرق كبير بين من ينظر الى شخص حباه الله بحسن الهيئة من منظار عقدة النقص الناشئة عن عدم التكافؤ في المظهر الخارجي بينهما، فيشعر بالغيرة ويؤدي به تفكره الى ما لا يرضي الله، وبين من يسعى الى مرضاة الله فينظر الى هذا الشخص على أنه جمال من خلق الله، ويعتبر حسن هيئته برهاناً على كمال الله في خلقه، فيشعر بسعادة غامرة ويدعو الله أن يزيد هذا الانسان جمالاً في الآخرة، كما يدعو لنفسه أن يرزقه الله الجمال الأبدي في دار الخلود، ويفهم أن الانسان لا يمكن أن يكون كاملاً في الحياة الدنيا، لأن حياتنا هذه خلقت غير كاملة كجزء من ابتلائنا فيها، وبذلك كله يزيد توقه وتطلعه الى الفوز بالجنة. وهذا كله مثال واحد على الإخلاص في التفكر، ولسوف يعرض للإنسان الكثير من الأمثلة المشابهة في حياته، خاصة وأنه في امتحان دائم ليرى ان كان سيسلك سلوكاً حسناً ويفكر بأسلوب يرضي الله.
إن نجاح الانسان في امتحان التفكر، وكون التفكر سيعود عليه بالنفع في الآخرة يعتمد على التدبر والاعتبار من الدروس والتحذيرات التي يستخلصها أثناء تفكره، ولذلك فإن من الضرورة بمكان أن يتفكر الانسان بصدق دائماً. قال تعالى:?هو الذي يريكم آياته وينزّل من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب? ]غافر:13[.
الفصل الثاني
بماذا يتفكر الناس عادة؟
ذكرنا سابقاً أن الناس لا يتفكّرون ولا يطوّرون قدرتهم على التفكر، وبالإضافة الى ذلك يجب توضيح نقطة هامة. بالطبع هناك أشياء كثيرة تخطر على بال الانسان في كل لحظة من لحظات حياته، فبالكاد تمر دقيقة يكون عقل الانسان فيها خالياً، باستثناء ساعات النوم. لكن معظم هذه الأفكار عديمة الفائدة ولا طائل منها وغير ضرورية؛ فهي لا تنفع في الآخرة ولا تؤدي الى أي مكان ولا تقدم أية منفعة.
فإذا حاول الانسان أن يتذكر بماذا فكر خلال النهار ثم سجّله ليراجعه في آخر النهار سيدرك كيف أن معظم أفكاره لا جدوى لها، وحتى لو وجد بعضها نافعاً فمن الأرجح أن يكون مخطئاً في تقديره. فبشكل عام الأفكار التي تبدو صحيحة قد لا يكون لها أي نفع في الآخرة.
وتماماً كما يضيّع الناس أوقاتهم في حياتهم اليومية بمعالجة أمور تافهة، فإنهم كذلك يمضون يومهم في اللغو منجرفين في أفكار غير ذات جدوى. وفي قوله تعالى:?قد أفلح المؤمنون.. والذين هم عن اللغو معرضون? ]المؤمنون:3[ ينصح الله تعالى الناس أن يكونوا أقوياء العزيمة في اعراضهم هذا. وبالتأكيد فإن أمر الله هذا يصح أيضاً على أفكار الناس. هذا لأننا إذا لم نسيطر على أفكارنا بوعي فإنها سوف تظل تنساب في عقولنا بشكل متواصل، فيقفز الإنسان دون وعي من فكرة إلى أخرى. فمثلاً، خلال التفكير بالأشياء التي سوف يتسوّقها في طريقه إلى البيت يجد نفسه فجأة يفكّر بأشياء أخبره بها صديق قبل سنة أو سنتين: هذه الأفكار غير المنضبطة وغير النافعة قد تستمر دون اعتراض خلال النهار كله.
الا أن السيطرة على التفكير ممكنة. فكل منا يمتلك القدرة على التفكير بأشياء تفيده وتفيد إيمانه، وعقله، وتحسّن كياسته وإحاطته بالأمور.
وفي هذا الفصل سوف نذكر كل أنواع الأفكار التي يفكّر بها الغافلون بشكل عام. والغاية من ذكر هذه الموضوعات بالتفصيل ان يتنبّه الذين يقرأون هذا الكتاب فوراً عندما تمر أشياء مماثلة في أذهانهم - حين يكونون في طريقهم إلى العمل أو المدرسة أو حين يزاولون أعمالهم اليومية - فوراً إلى أنهم يفكّرون بأمور غير مجدية فيسيطروا على أفكارهم ويتفكّروا في أمور تعود عليهم بالنفع حقيقة.
مخاوف غير ذات نفع
عندما يفشل الإنسان في السيطرة على أفكاره وتوجيهها نحو البلوغ به إلى حسن الختام، فإنه قد يشعر بالتخوف من شرور مرتقبة أو يتعامل مع الأحداث التي لم تحصل وكأنها حصلت بالفعل، فيقوده ضلاله إلى الحزن والكرب والخوف والقلق.
فمن عنده شاب يدرس لامتحان جامعي، مثلاً، قد يخترع سيناريوهات لما قد يحصل فيما لو رسب ولده في الامتحان قبل أن تجري الامتحانات: "إذا رسب ابني في الامتحان، فإنه لن يستطيع أن يجد وظيفة جيدة في المستقبل يكسب منها ما يكفي من المال، ولن يكون قادراً على الزواج، ولو تزوج سيستطيع تحمل مصاريف حفل الزفاف؟.. إذا فشل في الإمتحان فإن كل ما صرف من مال على الفصول التحضيرية سوف يذهب هباء، وفوق هذا سوف نكون محتقرين في أعين الناس... ماذا لو نجح ابن صاحبي ورسب ابني..."
وسوء الفهم هذا سوف يستمر ويستمر، مع ان ابن هذا الشخص لم يخضع للامتحان بعد. وخلال حياته كلها لا يمكن للإنسان البعيد عن الدين أن يقاوم مثل هذه المخاوف التي لا ضرورة لها، وهذا بالتأكيد له سببه. ففي القرآن ذكر السبب الذي يجعل الناس غير قادرين على التحرر من هذا القلق هو أنهم يعيرون سمعاً لوساوس الشيطان، إذ يقول الشيطان?ولأضلنّهم ولأمنينّهم..? ]النساء:119 [ .
وكما يرى في الآية أعلاه فإن من يشغل نفسه بمخاوف لا جدوى منها، وينسى الله تعالى ولا يفكّر بصفاء، يكون دائماً عرضة لوساوس الشيطان. وبكلمات أخرى إذا كان الإنسان مخدوعاً بهذه الحياة الدنيا لا يستعمل قوة إرادته ويتصرف بوعي، وإذا سمح لنفسه بالانجراف بمجرى الأحداث فإنه يصبح تحت سيطرة الشيطان بشكل كامل.
ولذلك فإن التشاؤم وسوء الفهم والمخاوف المتحكمة في الذهن مثل "ماذا سأفعل إذا حصل كذا وكذا" سببها وساوس الشيطان.
والله سبحانه وتعالى يعلم الناس الطرق التي تقيهم من هذا الوضع. ففي القرآن ينصح الله الناس باللجوء إليه إذا نزغهم من الشيطان نزغ فيقول:"إن الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون. وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثم لا يقصرون? ]الأعراف 201 - 202[ .
وكما هو مذكور في الآية فإن من يتفكّر يدرك الصواب ومن لا يتفكّر يمضي إلى حيث يجره الشيطان. المهم ان نعرف أن هذه الأفكار لن تنفع الإنسان بل على العكس سوف تمنعه من التفكير بالحقيقة، والتفكر بأمور مهمة وبالتالي تطهير ذهنه من الأفكار غير المجدية. فلا يمكن للإنسان ان يتفكّر بطريقة صائبة إلا إذا حرر ذهنه من الأفكار التافهة. وبهذه الطريقة "يعرض عن اللغو" كما يأمر الله تعالى في القرآن.
منقول
من أجل أن يعود التفكر بالنفع على الانسان ويهديه الى جادة الحق، يجب عليه أن يفكر دائماً بطريقة إيجابية. هناك فرق كبير بين من ينظر الى شخص حباه الله بحسن الهيئة من منظار عقدة النقص الناشئة عن عدم التكافؤ في المظهر الخارجي بينهما، فيشعر بالغيرة ويؤدي به تفكره الى ما لا يرضي الله، وبين من يسعى الى مرضاة الله فينظر الى هذا الشخص على أنه جمال من خلق الله، ويعتبر حسن هيئته برهاناً على كمال الله في خلقه، فيشعر بسعادة غامرة ويدعو الله أن يزيد هذا الانسان جمالاً في الآخرة، كما يدعو لنفسه أن يرزقه الله الجمال الأبدي في دار الخلود، ويفهم أن الانسان لا يمكن أن يكون كاملاً في الحياة الدنيا، لأن حياتنا هذه خلقت غير كاملة كجزء من ابتلائنا فيها، وبذلك كله يزيد توقه وتطلعه الى الفوز بالجنة. وهذا كله مثال واحد على الإخلاص في التفكر، ولسوف يعرض للإنسان الكثير من الأمثلة المشابهة في حياته، خاصة وأنه في امتحان دائم ليرى ان كان سيسلك سلوكاً حسناً ويفكر بأسلوب يرضي الله.
إن نجاح الانسان في امتحان التفكر، وكون التفكر سيعود عليه بالنفع في الآخرة يعتمد على التدبر والاعتبار من الدروس والتحذيرات التي يستخلصها أثناء تفكره، ولذلك فإن من الضرورة بمكان أن يتفكر الانسان بصدق دائماً. قال تعالى:?هو الذي يريكم آياته وينزّل من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب? ]غافر:13[.
الفصل الثاني
بماذا يتفكر الناس عادة؟
ذكرنا سابقاً أن الناس لا يتفكّرون ولا يطوّرون قدرتهم على التفكر، وبالإضافة الى ذلك يجب توضيح نقطة هامة. بالطبع هناك أشياء كثيرة تخطر على بال الانسان في كل لحظة من لحظات حياته، فبالكاد تمر دقيقة يكون عقل الانسان فيها خالياً، باستثناء ساعات النوم. لكن معظم هذه الأفكار عديمة الفائدة ولا طائل منها وغير ضرورية؛ فهي لا تنفع في الآخرة ولا تؤدي الى أي مكان ولا تقدم أية منفعة.
فإذا حاول الانسان أن يتذكر بماذا فكر خلال النهار ثم سجّله ليراجعه في آخر النهار سيدرك كيف أن معظم أفكاره لا جدوى لها، وحتى لو وجد بعضها نافعاً فمن الأرجح أن يكون مخطئاً في تقديره. فبشكل عام الأفكار التي تبدو صحيحة قد لا يكون لها أي نفع في الآخرة.
وتماماً كما يضيّع الناس أوقاتهم في حياتهم اليومية بمعالجة أمور تافهة، فإنهم كذلك يمضون يومهم في اللغو منجرفين في أفكار غير ذات جدوى. وفي قوله تعالى:?قد أفلح المؤمنون.. والذين هم عن اللغو معرضون? ]المؤمنون:3[ ينصح الله تعالى الناس أن يكونوا أقوياء العزيمة في اعراضهم هذا. وبالتأكيد فإن أمر الله هذا يصح أيضاً على أفكار الناس. هذا لأننا إذا لم نسيطر على أفكارنا بوعي فإنها سوف تظل تنساب في عقولنا بشكل متواصل، فيقفز الإنسان دون وعي من فكرة إلى أخرى. فمثلاً، خلال التفكير بالأشياء التي سوف يتسوّقها في طريقه إلى البيت يجد نفسه فجأة يفكّر بأشياء أخبره بها صديق قبل سنة أو سنتين: هذه الأفكار غير المنضبطة وغير النافعة قد تستمر دون اعتراض خلال النهار كله.
الا أن السيطرة على التفكير ممكنة. فكل منا يمتلك القدرة على التفكير بأشياء تفيده وتفيد إيمانه، وعقله، وتحسّن كياسته وإحاطته بالأمور.
وفي هذا الفصل سوف نذكر كل أنواع الأفكار التي يفكّر بها الغافلون بشكل عام. والغاية من ذكر هذه الموضوعات بالتفصيل ان يتنبّه الذين يقرأون هذا الكتاب فوراً عندما تمر أشياء مماثلة في أذهانهم - حين يكونون في طريقهم إلى العمل أو المدرسة أو حين يزاولون أعمالهم اليومية - فوراً إلى أنهم يفكّرون بأمور غير مجدية فيسيطروا على أفكارهم ويتفكّروا في أمور تعود عليهم بالنفع حقيقة.
مخاوف غير ذات نفع
عندما يفشل الإنسان في السيطرة على أفكاره وتوجيهها نحو البلوغ به إلى حسن الختام، فإنه قد يشعر بالتخوف من شرور مرتقبة أو يتعامل مع الأحداث التي لم تحصل وكأنها حصلت بالفعل، فيقوده ضلاله إلى الحزن والكرب والخوف والقلق.
فمن عنده شاب يدرس لامتحان جامعي، مثلاً، قد يخترع سيناريوهات لما قد يحصل فيما لو رسب ولده في الامتحان قبل أن تجري الامتحانات: "إذا رسب ابني في الامتحان، فإنه لن يستطيع أن يجد وظيفة جيدة في المستقبل يكسب منها ما يكفي من المال، ولن يكون قادراً على الزواج، ولو تزوج سيستطيع تحمل مصاريف حفل الزفاف؟.. إذا فشل في الإمتحان فإن كل ما صرف من مال على الفصول التحضيرية سوف يذهب هباء، وفوق هذا سوف نكون محتقرين في أعين الناس... ماذا لو نجح ابن صاحبي ورسب ابني..."
وسوء الفهم هذا سوف يستمر ويستمر، مع ان ابن هذا الشخص لم يخضع للامتحان بعد. وخلال حياته كلها لا يمكن للإنسان البعيد عن الدين أن يقاوم مثل هذه المخاوف التي لا ضرورة لها، وهذا بالتأكيد له سببه. ففي القرآن ذكر السبب الذي يجعل الناس غير قادرين على التحرر من هذا القلق هو أنهم يعيرون سمعاً لوساوس الشيطان، إذ يقول الشيطان?ولأضلنّهم ولأمنينّهم..? ]النساء:119 [ .
وكما يرى في الآية أعلاه فإن من يشغل نفسه بمخاوف لا جدوى منها، وينسى الله تعالى ولا يفكّر بصفاء، يكون دائماً عرضة لوساوس الشيطان. وبكلمات أخرى إذا كان الإنسان مخدوعاً بهذه الحياة الدنيا لا يستعمل قوة إرادته ويتصرف بوعي، وإذا سمح لنفسه بالانجراف بمجرى الأحداث فإنه يصبح تحت سيطرة الشيطان بشكل كامل.
ولذلك فإن التشاؤم وسوء الفهم والمخاوف المتحكمة في الذهن مثل "ماذا سأفعل إذا حصل كذا وكذا" سببها وساوس الشيطان.
والله سبحانه وتعالى يعلم الناس الطرق التي تقيهم من هذا الوضع. ففي القرآن ينصح الله الناس باللجوء إليه إذا نزغهم من الشيطان نزغ فيقول:"إن الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون. وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثم لا يقصرون? ]الأعراف 201 - 202[ .
وكما هو مذكور في الآية فإن من يتفكّر يدرك الصواب ومن لا يتفكّر يمضي إلى حيث يجره الشيطان. المهم ان نعرف أن هذه الأفكار لن تنفع الإنسان بل على العكس سوف تمنعه من التفكير بالحقيقة، والتفكر بأمور مهمة وبالتالي تطهير ذهنه من الأفكار غير المجدية. فلا يمكن للإنسان ان يتفكّر بطريقة صائبة إلا إذا حرر ذهنه من الأفكار التافهة. وبهذه الطريقة "يعرض عن اللغو" كما يأمر الله تعالى في القرآن.
منقول