طليفيح
02-04-2009, 06:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين أما بعد:
من أراد منكم أن يرتاح نفسياً فعليه أن يعمل بهذه النصائح والمواعظ
1- الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها
وجه الهدى ، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2- يا صاحب الخطايا أين الدموع الجارية ، يا أسير المعاصي ابكي على
الذنوب الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك
إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما
تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب من القبور
قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا أطعته أفادك ، و إذا أتيته شاكراً زادك ، و إذا
خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5- أيها الغافل ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع
فتأكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك ! لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة
الكاتب ، و أنت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه
بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7- يا من قد وهيا شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك أن
الجلود إذا استشهدت نطقت ! أما علمت أن النار للعصاة خلقت ! إنها
لتحرق كل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة
تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ، تخبركم
بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر
يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً بأعماله ، يا مسئولا عن أفعاله ، يا مكتوباً عليه جميع
أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و
للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا
نائم
12- من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر
في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب
إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية
، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على
العافية .
14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟ قال :
من طلب الدنيا ، فقال : هل أدركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! أنت
تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15- يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد
حلّ بهم الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من
مشربه .
16- كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن
أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة
محتقرة زلت بها الأقدام
17- ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و
لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في كـسـب الحطام .
18- أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي
بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ،
و لا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت
في السحر دموعاً سائلة .
19- تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و
اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و أخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا
ميتين ، و استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20- من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ،
و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً
لك كيف تكون ، و أهوال القبر لا تطاق .
21- كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من
وعيد يخرق الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل
أعمانا .
22- يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما
دام المؤمن في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام
الهوى عدم النور
23- انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج أهل الدار بالبكاء فسألوه عن حاله
فقال : ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24- يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ،
إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر
يوم النعوش ، و كيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25- ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل
الكفة لا القشر
26- رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما
تمكن و ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت
ذنوبها ناحت عليها و ندبت .
27- يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا
مصيبة كموت القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم أعمالك كلها قباح ، أين الجد إلى كم المزاح ، كثر
الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأجساد الأرواح إما في غدو و إما في
رواح ، و سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك أم الأمر مزاح .
29- فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ،
فما صدق صادق فرُد ، و لا أتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي
؟ و إنما الشأن في صدق التوية .
30- الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا
هم على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .
31- النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من
صام الهواجر ؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر
اللذات ، و كان لم يلتذ من نال الشهوات .
32- حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت
محبسك ؟ قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى
يجمعنا يوم
33- جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً
سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .
34- إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها
فلا تُنفر أقصاها بقلة لشكر .
35- اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى
الذرة ، و العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ،
ثمار ما قد غرسوه .
36- يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد
حياة القلب .
37- يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها
بذنوب لم تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب
بالمعاصي أوقاته ، لخليق ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في
الدجى هجوعه .
38- أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .
39- لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال
بالراحة ، من زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و
العلم لا يُدرك إلا بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب
الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل .
40- كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على
القلب فأوقد حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .
41- كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و
سنته تهدم عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على
موته .
42- إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و
الزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم .
43- ويحك ! أنت في القب محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو
مجرور ، حزين او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا و اللهو الغرور !
44- بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من
نسي عظمة شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .
45- يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل
القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .
46- ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن
سبيل رشده ، قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد
دنا تشتيت عظامه ، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته
47- يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و
تنبه للسعود فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي
بالبخس .
48- عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على
الذنوب إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .
49- كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و
التواصي ، و يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في
لحاقهم ايها العاصي ، قبل ان تبغتك المنون .
50- أغلقوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا
الأجساد يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن
فضول الكلام ، و اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ،
فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .
51- يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين
ما تتركون ، أراكم متوطنين تأمنون المنون
52- وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ،
و من لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار
أمامك .
53- يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من
فرح بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس
البكاء أولى بها .
54- إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا
أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم
نظراتها ، و كُف كفها عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في
نجاتها .
55- علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و
ما ملكت عبداً غلا ذل .
56- ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على
الكلمة قالها في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من
الخير طفيف ، احذر ميزان عدل لا يحيف .
57- سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد
العزيز : يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟
58- يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه
رعود و تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى
و يُنبت .
59- قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من
يرى ، و إذا عزمت فاذكر من يعلم .
60- قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع
الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن
معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل .
61- كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و
ما تتوب ، و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين
القلوب .
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا تنسونا من صالح دعائكم
الأنبياء والمرسلين أما بعد:
من أراد منكم أن يرتاح نفسياً فعليه أن يعمل بهذه النصائح والمواعظ
1- الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها
وجه الهدى ، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2- يا صاحب الخطايا أين الدموع الجارية ، يا أسير المعاصي ابكي على
الذنوب الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك
إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما
تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب من القبور
قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا أطعته أفادك ، و إذا أتيته شاكراً زادك ، و إذا
خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5- أيها الغافل ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع
فتأكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك ! لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة
الكاتب ، و أنت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه
بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7- يا من قد وهيا شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك أن
الجلود إذا استشهدت نطقت ! أما علمت أن النار للعصاة خلقت ! إنها
لتحرق كل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة
تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ، تخبركم
بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر
يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً بأعماله ، يا مسئولا عن أفعاله ، يا مكتوباً عليه جميع
أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و
للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا
نائم
12- من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر
في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب
إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية
، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على
العافية .
14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟ قال :
من طلب الدنيا ، فقال : هل أدركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! أنت
تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15- يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد
حلّ بهم الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من
مشربه .
16- كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن
أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة
محتقرة زلت بها الأقدام
17- ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و
لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في كـسـب الحطام .
18- أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي
بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ،
و لا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت
في السحر دموعاً سائلة .
19- تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و
اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و أخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا
ميتين ، و استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20- من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ،
و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً
لك كيف تكون ، و أهوال القبر لا تطاق .
21- كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من
وعيد يخرق الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل
أعمانا .
22- يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما
دام المؤمن في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام
الهوى عدم النور
23- انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج أهل الدار بالبكاء فسألوه عن حاله
فقال : ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24- يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ،
إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر
يوم النعوش ، و كيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25- ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل
الكفة لا القشر
26- رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما
تمكن و ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت
ذنوبها ناحت عليها و ندبت .
27- يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا
مصيبة كموت القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم أعمالك كلها قباح ، أين الجد إلى كم المزاح ، كثر
الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأجساد الأرواح إما في غدو و إما في
رواح ، و سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك أم الأمر مزاح .
29- فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ،
فما صدق صادق فرُد ، و لا أتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي
؟ و إنما الشأن في صدق التوية .
30- الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا
هم على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .
31- النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من
صام الهواجر ؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر
اللذات ، و كان لم يلتذ من نال الشهوات .
32- حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت
محبسك ؟ قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى
يجمعنا يوم
33- جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً
سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .
34- إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها
فلا تُنفر أقصاها بقلة لشكر .
35- اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى
الذرة ، و العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ،
ثمار ما قد غرسوه .
36- يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد
حياة القلب .
37- يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها
بذنوب لم تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب
بالمعاصي أوقاته ، لخليق ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في
الدجى هجوعه .
38- أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .
39- لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال
بالراحة ، من زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و
العلم لا يُدرك إلا بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب
الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل .
40- كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على
القلب فأوقد حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .
41- كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و
سنته تهدم عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على
موته .
42- إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و
الزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم .
43- ويحك ! أنت في القب محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو
مجرور ، حزين او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا و اللهو الغرور !
44- بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من
نسي عظمة شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .
45- يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل
القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .
46- ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن
سبيل رشده ، قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد
دنا تشتيت عظامه ، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته
47- يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و
تنبه للسعود فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي
بالبخس .
48- عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على
الذنوب إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .
49- كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و
التواصي ، و يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في
لحاقهم ايها العاصي ، قبل ان تبغتك المنون .
50- أغلقوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا
الأجساد يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن
فضول الكلام ، و اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ،
فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .
51- يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين
ما تتركون ، أراكم متوطنين تأمنون المنون
52- وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ،
و من لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار
أمامك .
53- يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من
فرح بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس
البكاء أولى بها .
54- إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا
أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم
نظراتها ، و كُف كفها عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في
نجاتها .
55- علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و
ما ملكت عبداً غلا ذل .
56- ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على
الكلمة قالها في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من
الخير طفيف ، احذر ميزان عدل لا يحيف .
57- سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد
العزيز : يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟
58- يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه
رعود و تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى
و يُنبت .
59- قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من
يرى ، و إذا عزمت فاذكر من يعلم .
60- قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع
الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن
معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل .
61- كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و
ما تتوب ، و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين
القلوب .
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا تنسونا من صالح دعائكم