عايض محمد العصيمي
07-04-2009, 09:02 AM
[ الصورة وحدها لا تكفي !
بقلم / عايض بن محمد العصيمي.
تأمل جيداً ... قال الدكتور محمد الغزالي - رحمه الله - : " إنك لن تكون جندياً إذا سرقت بدلة جندي وارتديتها ، فالعسكرية علم ودربة ، وليست ثوباً يلبس ... وكذلك التدين ، إنه صقل للنفس والفكر ، وارتقاء بالخصائص الإنسانية وإحسان لقيادتها ، إنه قدرة على تيسير الحياة وتقويم عوجها ، لا تماوت ، وشلل ، وغرور ، ودعوى " . " الحق المر 2/94 ".
جميل هذا الكلام ! إذ أن الالتزام الحقيقي هو استقامة القلب والجسد في الداخل والخارج في الظاهر والباطن ... وأقولها بكل صراحة وقلبي يعتصره الألم ليس الالتزام بالصورة فقط بإطلاق اللحية وتقصير الثوب والسواك وكلمات تردد على الأفواه والألسن " لا " بل الالتزام والاستقامة والتدين خلق فاضل وطاعة وامتثال لرب الأرض والسماء امتثالاً حقيقياً لا رياء فيه ولا سمعة. ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبيناً ).
كم هي الصور الجميلة التي نراها في حياتنا فتدهشنا بصورتها ! لكن سرعان ما تغرنا عندما نكتشف حقيقتها ... وكم هم الذين نصدم بهم إذا عرفنا حقيقتهم وظهرت لنا عند التعامل معهم !
كم هم الذين أطلقوا تلك الصورة للالتزام فقط ! أطلقوا لحاهم وقصروا ثيابهم إلا أنهم يهدموا الإسلام بألف معول ، ولا أكن مبالغاً إن قلت أن بعضهم أشد فساد وهدماً في المجتمع من اليهود والنصارى .. هو ذو أخلاق سيئة وتعامل رديء في مجتمعه ومع مخالفيه .. لا ينظر للمجتمع إلا بصورة سيئة سوداوية معتمة ! وكأن المجتمع بأسره يعيش ظلام دامس ووحل من الفساد عظيم ... هو لا ينظر إلا للمساوئ والمعاصي والذنوب ، ولا يشاهد بأم عينيه وقلبه للانجازات والتقدم والخلق الفاضل والطاعة والعبادة في المجتمع .
هو فاشل في مجتمعه ! فاشل في وظيفته ! فاشل مع أهله مع زوجته مع أمه مع أبيه مع أخوته وأخواته ! وقبل كل شيء هو فاشل مع نفسه والعياذ بالله.
له من المواصفات أرداها : ( كذاب .. مرائي .. مغتاب .. ) كل شيء جائزة له حرام على غيره ! الحلال ما حلله هو لنفسه ، والحرام ما حرمه هو على نفسه .. هو تبعاً لهواه ، الجميع يكرهه ولا يحب أحداً الجلوس معه ، كلهم يقولون ويرون أنه " مطوع نصاب " أعتذر لكم على هذا اللفظ لكن هو الحق والواقع.
ولو بحثت عن مثل هؤلاء في دائرة الالتزام الحقيقي بالعبادة هو صفر من الأصفار لا صلاة ولا ذكر ولا عبادة ، بعض العبادة حذفت من قواميسه للأبد ! إنه حقاً هو الالتزام الهش أو بأفصح عبارة " الالتزام الأجوف " . فلا تتعجبوا بين آونة وأخرى عندما تشاهدون شخصاً كان ملتزماً ثم انتكس على عقبيه وترك الاستقامة بالطاعة إذ هو منتكس من داخله منذ زمن بعيد ثم انتكس بالصورة التي ترونها إذ هو :" التزام الصور " والثبات من الله تعالى نسأل الله حسن الثبات على طاعته إلى أن نلقاه.
الاستقامة الحقيقة أحبتي : إلزام النفس بتطبيق ما تستطيع من أوامر الرب تبارك وتعالى ونهي النفس عن الهوى وضبط النفس مع النفس وضبطها مع الآخرين بكل خلق حسن يرتقي بها .
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
تأملوا أحبتي : الإسلام لم يشرع عبادة الصور فقط صلاة وصوم وزكاة وحج وإعفاء اللحية وتقصير الثوب !لا . بل هناك عبادات شرعت لتهذيب النفس والرقي بها إنها عبادة القلب والخلوات السرية التي لا تقاس بمقاييس البشر ، هي من دلالات الالتزام الحقيقي إذ أين منزلة الإحسان والخوف والرغبة والرهبة والخشية والخضوع والانقياد والحب والبغض لله تعالى ؟!
إن عبادة السر هي أعظم التزام يطبقه المسلم الملتزم بدين ربه مع نفسه وهي الرصيد الأخروي الصافي في الحياة والممات ، إن من فشل في هذا الميدان فقد فشل في بقية الميادين في حياته.
ومن العجب أيضا أحبتي بالمقابل وبكل صراحة : كم يدهشني كثيراً عندما أتعامل مع شخص راقي بخلقه ومبادئه ، يعد بألف ملتزم ممن التزم بالصورة وحدها ، هو يخدم الإسلام عن مائة رجل ، يحترق للإسلام ينشر الخير بين الناس ذو نفع متعدد للآخرين الكل يحبه ويسر لرؤيته يثلج الصدر بتعامله تستحي من خلقه الرفيع فسبحانك ربي العظيم .
نعم .. أحبتي : نحن مطالبون بتطبيق الاستقامة والالتزام الحقيقي بالشكل والقلب والإيمان ما وقر بالقلب وصدقته الجوارح ، لكن : ما فائدة الصور إلا إضافة صورة جديدة في مجتمعنا لا تغني ولا تسمن من جوع .. " كم من إنسان يحمل هم الإسلام ! وكم من إنسان يحمل همه الإسلام ! ".
تأملوا في خلقه صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها ، كيف ربى عليه الصلاة والسلام أصحابه رباهم على خلقه كان الواحد منهم قرآن يمشي على الأرض ، لم يكن أصحابه صور ودمى تعيش على هامش الحياة كما يعيش غيرهم إذ أن الصور وحدها لا تكفي !
بقلم / عايض بن محمد العصيمي.
تأمل جيداً ... قال الدكتور محمد الغزالي - رحمه الله - : " إنك لن تكون جندياً إذا سرقت بدلة جندي وارتديتها ، فالعسكرية علم ودربة ، وليست ثوباً يلبس ... وكذلك التدين ، إنه صقل للنفس والفكر ، وارتقاء بالخصائص الإنسانية وإحسان لقيادتها ، إنه قدرة على تيسير الحياة وتقويم عوجها ، لا تماوت ، وشلل ، وغرور ، ودعوى " . " الحق المر 2/94 ".
جميل هذا الكلام ! إذ أن الالتزام الحقيقي هو استقامة القلب والجسد في الداخل والخارج في الظاهر والباطن ... وأقولها بكل صراحة وقلبي يعتصره الألم ليس الالتزام بالصورة فقط بإطلاق اللحية وتقصير الثوب والسواك وكلمات تردد على الأفواه والألسن " لا " بل الالتزام والاستقامة والتدين خلق فاضل وطاعة وامتثال لرب الأرض والسماء امتثالاً حقيقياً لا رياء فيه ولا سمعة. ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبيناً ).
كم هي الصور الجميلة التي نراها في حياتنا فتدهشنا بصورتها ! لكن سرعان ما تغرنا عندما نكتشف حقيقتها ... وكم هم الذين نصدم بهم إذا عرفنا حقيقتهم وظهرت لنا عند التعامل معهم !
كم هم الذين أطلقوا تلك الصورة للالتزام فقط ! أطلقوا لحاهم وقصروا ثيابهم إلا أنهم يهدموا الإسلام بألف معول ، ولا أكن مبالغاً إن قلت أن بعضهم أشد فساد وهدماً في المجتمع من اليهود والنصارى .. هو ذو أخلاق سيئة وتعامل رديء في مجتمعه ومع مخالفيه .. لا ينظر للمجتمع إلا بصورة سيئة سوداوية معتمة ! وكأن المجتمع بأسره يعيش ظلام دامس ووحل من الفساد عظيم ... هو لا ينظر إلا للمساوئ والمعاصي والذنوب ، ولا يشاهد بأم عينيه وقلبه للانجازات والتقدم والخلق الفاضل والطاعة والعبادة في المجتمع .
هو فاشل في مجتمعه ! فاشل في وظيفته ! فاشل مع أهله مع زوجته مع أمه مع أبيه مع أخوته وأخواته ! وقبل كل شيء هو فاشل مع نفسه والعياذ بالله.
له من المواصفات أرداها : ( كذاب .. مرائي .. مغتاب .. ) كل شيء جائزة له حرام على غيره ! الحلال ما حلله هو لنفسه ، والحرام ما حرمه هو على نفسه .. هو تبعاً لهواه ، الجميع يكرهه ولا يحب أحداً الجلوس معه ، كلهم يقولون ويرون أنه " مطوع نصاب " أعتذر لكم على هذا اللفظ لكن هو الحق والواقع.
ولو بحثت عن مثل هؤلاء في دائرة الالتزام الحقيقي بالعبادة هو صفر من الأصفار لا صلاة ولا ذكر ولا عبادة ، بعض العبادة حذفت من قواميسه للأبد ! إنه حقاً هو الالتزام الهش أو بأفصح عبارة " الالتزام الأجوف " . فلا تتعجبوا بين آونة وأخرى عندما تشاهدون شخصاً كان ملتزماً ثم انتكس على عقبيه وترك الاستقامة بالطاعة إذ هو منتكس من داخله منذ زمن بعيد ثم انتكس بالصورة التي ترونها إذ هو :" التزام الصور " والثبات من الله تعالى نسأل الله حسن الثبات على طاعته إلى أن نلقاه.
الاستقامة الحقيقة أحبتي : إلزام النفس بتطبيق ما تستطيع من أوامر الرب تبارك وتعالى ونهي النفس عن الهوى وضبط النفس مع النفس وضبطها مع الآخرين بكل خلق حسن يرتقي بها .
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
تأملوا أحبتي : الإسلام لم يشرع عبادة الصور فقط صلاة وصوم وزكاة وحج وإعفاء اللحية وتقصير الثوب !لا . بل هناك عبادات شرعت لتهذيب النفس والرقي بها إنها عبادة القلب والخلوات السرية التي لا تقاس بمقاييس البشر ، هي من دلالات الالتزام الحقيقي إذ أين منزلة الإحسان والخوف والرغبة والرهبة والخشية والخضوع والانقياد والحب والبغض لله تعالى ؟!
إن عبادة السر هي أعظم التزام يطبقه المسلم الملتزم بدين ربه مع نفسه وهي الرصيد الأخروي الصافي في الحياة والممات ، إن من فشل في هذا الميدان فقد فشل في بقية الميادين في حياته.
ومن العجب أيضا أحبتي بالمقابل وبكل صراحة : كم يدهشني كثيراً عندما أتعامل مع شخص راقي بخلقه ومبادئه ، يعد بألف ملتزم ممن التزم بالصورة وحدها ، هو يخدم الإسلام عن مائة رجل ، يحترق للإسلام ينشر الخير بين الناس ذو نفع متعدد للآخرين الكل يحبه ويسر لرؤيته يثلج الصدر بتعامله تستحي من خلقه الرفيع فسبحانك ربي العظيم .
نعم .. أحبتي : نحن مطالبون بتطبيق الاستقامة والالتزام الحقيقي بالشكل والقلب والإيمان ما وقر بالقلب وصدقته الجوارح ، لكن : ما فائدة الصور إلا إضافة صورة جديدة في مجتمعنا لا تغني ولا تسمن من جوع .. " كم من إنسان يحمل هم الإسلام ! وكم من إنسان يحمل همه الإسلام ! ".
تأملوا في خلقه صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها ، كيف ربى عليه الصلاة والسلام أصحابه رباهم على خلقه كان الواحد منهم قرآن يمشي على الأرض ، لم يكن أصحابه صور ودمى تعيش على هامش الحياة كما يعيش غيرهم إذ أن الصور وحدها لا تكفي !