ذو فكر
10-04-2009, 10:56 PM
وقبل البدء بذكر المناظرة التي بين النعمان وكسرى أحب أن أنقلا كلاما يؤكد ما سبق بيانه في سبب أفضلية العرب .
قال محمد طاهر الكردي الملكي في كتابه " التاريخ القويم لمكة بيت الله الكريم ": ومن نظر بعين الحقيقة والتأمل والإنصاف إلى عادات جميع أجناس البشر وأحوالهم وجد أحوال العرب وعاداتهم أحسن وأفضل من جميع الأجناس على الإطلاق في كل زمان ومكان ...إلى أن قال " ولا عبرة بمن يقول أننا وجدنا في بعض الأجناس كالفرس والعجم والهند وجاوة وهولندا وانغلترا وأمريكا وفرنسا مثلا – أفرادا أحسن من العرب – نقول لا عبرة بمثل هذا القول لأن وجود أفراد في بعض الأجناس نادر والنادر لا حكم له , فمجموع الأمة العربية أفضل وأحسن من مجموع أية أمة من الأمم , فالله عزوجل قد خص الأمة العربية بفضائل كثيرة منها : الكرم والشجاعة والمروءة والإنسانية والشهامة وحسن الخلق ولطيف الشمائل – فإن وجد شيء من ذلك في بقية الأمم الأخرى فإنما بنسبة معينة – فالأمة العربية يأخذون من حسن الشمائل وحميد الخصال بقسط وافر , ولو وجدوا عناية ورعاية في مسائل التعليم بمختلف أنواعه لدانت لهم جميع الأمم , فلديهم من العقل والذكاء وسرعة الخاطر والفهم ما يجعلهم في مقدمة جميع الأمم ولله الحمد , وحيث أن الله تبارك وتعالى قد اختارهم وفضلهم على سائر الأمم فهنيئا لهم هذه المنزلة الكبرى عند الله عزوجل .
والآن مع قصة وفود العرب برئاسة النعمان بن المنذر على ملك الفرس كسرى أنو شروان :o قدم النعمان بن المنذر على كسرى,وعنده وفود الروم والهند والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم، فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم، لا يستثنى فارس ولا غيرها.
o فقال كسرى - وأخذته عزة الملك - : يا نعمان، لقد فَكَرْت في أمر العرب وغيرهم من الأمم، ونظرت في حال من يَقْدُم عَلَيَّ من وفود الأمم.
o فوجدت الروم لها حظ في اجتمع ألفتها، وعِظَم سلطانها، وكثرة مَدَائنها، ووثيق بُنِيْانها، وأن لها ديناً يُبَيِّن حلالها وحرامها، ويرد سفيهها، ويقيم جاهلها؛" المراد بالدين دين النصرانية"
o ورأيت الهند نحواً من ذلك في حِكْمَتها وطِبِّها، مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيب صناعاتها، وطيب أشجارها، ودقيق حسابها، وكثرة عددها.
o وكذلك الصين في اجتماعها، وكثرة صناعات أيديها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وفروسيتها وهمتها، وأن لها ملكاً يجمعها.
o والتُرْك والخَزَر " كأزبكستان وطاجكستان ونحوها"على ما بهم من سوء الحال في المعاش، وقلة الريف والثمار والحصون، وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس، لهم ملوك تضم قواصيهم، وتدبر أمرهم.
o ولم أر للعرب شيئاً من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة؛ مع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها، مَحَلَّتَهم التي هم بها مع الوحوش النافرة، والطيرة الحائرة؟ يقتلون أولادهم من الفَاقة، ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة؟ قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ولهوها ولذتها، فأفضل طعام ظَفِرَ به ناعِمُهم لحوم الإبل التي يَعَافُها كثير من السباع، لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها؛ وإن قَرَى" ضَيَّفَ " أحدهم ضيفاً عدها مَكْرُمة، وإن أُطْعِم أَكْلَة عَدَّها غنيمة؛ تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم... ثم لا أراكم تَسْتَكِينون على ما بكم من الذلة والقلة، والفاقة والبؤس، حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتب الناس.
الجواب على مقالة كسرى :
o قال النعمان: أصلح الله الملك، حَقٌّ لأمة الملك منها أن يسموا فضلها، ويَعْظُم خَطْبُها، وتعلو درجتها، إلا أن عندي جواباً في كل ما نَطَق به الملك، وفي غير رد عليه ولا تكذيب له، فإن أَمَّنَنِي من غضبه نطقت به.
o قال كسرى: قل، فأنت آمِن.
o قال النعمان: أما أُمَّتُك أيها الملك فَلَيْسَت تُنَازع في الفضل، لموضعها الذي هي به من عقولها وأحلامها، وبسطة محلها، وبحبوحة عزها، وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك. وأما الأمم التي ذكرت، فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فَضَلَتْها.
o قال كسرى: بماذا؟
o قال النعمان: بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها وأنفتها ووفائه.
o فأما عزها ومنعتها، فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد، ووطدوا الملك، وقادوا الجند، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيلهم، ومهادهم الأرض، وسقوفهم السماء، وجُنَّتُهُم السيوف، وعدتهم الصبر؛ إذ غيرها من الأمم، إنما عزها الحجارة والطين وجَزَائر البحور.
o وأما حسن وجوهها وألوانها، فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة، والصين المنحفة، والترك المشوهة، والروم المقشرة.
o وأما أنسابها وأحسابها، فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيراً من أولها، حتى إن أحدهم ليسأل عمن وراء أبيه ... فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أباً فأباً، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه، ولا يدعى إلى غير أبيه.
o وأما سخاؤها، فإن أدناهم الرجل تكون عند الناقة عليها بلاغه وشبعه وريه, فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة " القطعة من الطعام" ويجتزئ بالشربة " أي يكتفي"، فيعقرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر.
o وأما حكمة ألسنتهم، فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه، مع معرفتهم بالأشياء، وضربهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات، ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس. ثم خيلهم أفضل الخيل، ونساؤهم أعف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومعادنهم الذهب والفضة، وحجارة جبلهم الجزع، ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر.
o قال النعمان :وأما دينها وشريعتها، فإنهم متمسكون به، حتى يبلغ أحدهم من نسكه بدينه أن لهم أشهراً حرماً، وبلداً محرماً، وبيتاً محجوجاً، ينسكون فيه مناسكهم، ويذبحون فيه ذبائحهم، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه، وهو قادر على أخذ ثأره وإدراك رغبته منه، فيحجزه كرمه، ويمنعه دينه عن تناوله بأذى.
o وأما وفاؤها...وإن أحدهم ليبلغه أن رجلاً استجار به، وعسى أن يكون بعيدا عن داره، فيصاب، فلا يرضى حتى يُفْنِي تلك القبيلة التي أصابته أو تَفْنَى قبيلته، لما خُفِرَ من جواره؛ وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه، وأموالهم دون ماله.
o وأما قولك أيها الملك: يئدون أولادهم؛ فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار وغيرة من الأزواج.
o أما قولك: إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها؛ فما تركوا ما دونها إلا احتقاراً له، فعمدوا إلى أجلها وأفضلها، فكانت مراكبهم وطعامهم؛ مع أنها أكثر البهائم شحوماً، وأطيبها لحوماً، وأرقها ألباناً، وأقلها غائلة، وأحلاها مضغة؛ وإنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلا استبان فضلها عليه.
o وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضاً، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعه؛ فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفاً، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يُعْرَف فضلهم على سائر غيرهم، فَيُلْقُون إليهم أمورهم، وينقادون لهم بأزمتهم؛ وأما العرب، فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين، مع أنفتهم من أداء الخراج ...
o فعجب كسرى لما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ولما هو أفضل,ثم كساه كسوته، وسرحه إلى موضعه من الحيرة.
وإلى اللقاء في وقفة جديدة...
وأعتذر عن طول المقالة وعلى اعتماد النقل
والسلام خير ختام .
ملاحظة : أي عبارة أو كلمة غير واضحة يمكن اقتباسها عند الرد وبيان الحاجة لتفسيرها.
قال محمد طاهر الكردي الملكي في كتابه " التاريخ القويم لمكة بيت الله الكريم ": ومن نظر بعين الحقيقة والتأمل والإنصاف إلى عادات جميع أجناس البشر وأحوالهم وجد أحوال العرب وعاداتهم أحسن وأفضل من جميع الأجناس على الإطلاق في كل زمان ومكان ...إلى أن قال " ولا عبرة بمن يقول أننا وجدنا في بعض الأجناس كالفرس والعجم والهند وجاوة وهولندا وانغلترا وأمريكا وفرنسا مثلا – أفرادا أحسن من العرب – نقول لا عبرة بمثل هذا القول لأن وجود أفراد في بعض الأجناس نادر والنادر لا حكم له , فمجموع الأمة العربية أفضل وأحسن من مجموع أية أمة من الأمم , فالله عزوجل قد خص الأمة العربية بفضائل كثيرة منها : الكرم والشجاعة والمروءة والإنسانية والشهامة وحسن الخلق ولطيف الشمائل – فإن وجد شيء من ذلك في بقية الأمم الأخرى فإنما بنسبة معينة – فالأمة العربية يأخذون من حسن الشمائل وحميد الخصال بقسط وافر , ولو وجدوا عناية ورعاية في مسائل التعليم بمختلف أنواعه لدانت لهم جميع الأمم , فلديهم من العقل والذكاء وسرعة الخاطر والفهم ما يجعلهم في مقدمة جميع الأمم ولله الحمد , وحيث أن الله تبارك وتعالى قد اختارهم وفضلهم على سائر الأمم فهنيئا لهم هذه المنزلة الكبرى عند الله عزوجل .
والآن مع قصة وفود العرب برئاسة النعمان بن المنذر على ملك الفرس كسرى أنو شروان :o قدم النعمان بن المنذر على كسرى,وعنده وفود الروم والهند والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم، فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم، لا يستثنى فارس ولا غيرها.
o فقال كسرى - وأخذته عزة الملك - : يا نعمان، لقد فَكَرْت في أمر العرب وغيرهم من الأمم، ونظرت في حال من يَقْدُم عَلَيَّ من وفود الأمم.
o فوجدت الروم لها حظ في اجتمع ألفتها، وعِظَم سلطانها، وكثرة مَدَائنها، ووثيق بُنِيْانها، وأن لها ديناً يُبَيِّن حلالها وحرامها، ويرد سفيهها، ويقيم جاهلها؛" المراد بالدين دين النصرانية"
o ورأيت الهند نحواً من ذلك في حِكْمَتها وطِبِّها، مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيب صناعاتها، وطيب أشجارها، ودقيق حسابها، وكثرة عددها.
o وكذلك الصين في اجتماعها، وكثرة صناعات أيديها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وفروسيتها وهمتها، وأن لها ملكاً يجمعها.
o والتُرْك والخَزَر " كأزبكستان وطاجكستان ونحوها"على ما بهم من سوء الحال في المعاش، وقلة الريف والثمار والحصون، وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس، لهم ملوك تضم قواصيهم، وتدبر أمرهم.
o ولم أر للعرب شيئاً من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة؛ مع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها، مَحَلَّتَهم التي هم بها مع الوحوش النافرة، والطيرة الحائرة؟ يقتلون أولادهم من الفَاقة، ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة؟ قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ولهوها ولذتها، فأفضل طعام ظَفِرَ به ناعِمُهم لحوم الإبل التي يَعَافُها كثير من السباع، لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها؛ وإن قَرَى" ضَيَّفَ " أحدهم ضيفاً عدها مَكْرُمة، وإن أُطْعِم أَكْلَة عَدَّها غنيمة؛ تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم... ثم لا أراكم تَسْتَكِينون على ما بكم من الذلة والقلة، والفاقة والبؤس، حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتب الناس.
الجواب على مقالة كسرى :
o قال النعمان: أصلح الله الملك، حَقٌّ لأمة الملك منها أن يسموا فضلها، ويَعْظُم خَطْبُها، وتعلو درجتها، إلا أن عندي جواباً في كل ما نَطَق به الملك، وفي غير رد عليه ولا تكذيب له، فإن أَمَّنَنِي من غضبه نطقت به.
o قال كسرى: قل، فأنت آمِن.
o قال النعمان: أما أُمَّتُك أيها الملك فَلَيْسَت تُنَازع في الفضل، لموضعها الذي هي به من عقولها وأحلامها، وبسطة محلها، وبحبوحة عزها، وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك. وأما الأمم التي ذكرت، فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فَضَلَتْها.
o قال كسرى: بماذا؟
o قال النعمان: بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها وأنفتها ووفائه.
o فأما عزها ومنعتها، فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد، ووطدوا الملك، وقادوا الجند، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيلهم، ومهادهم الأرض، وسقوفهم السماء، وجُنَّتُهُم السيوف، وعدتهم الصبر؛ إذ غيرها من الأمم، إنما عزها الحجارة والطين وجَزَائر البحور.
o وأما حسن وجوهها وألوانها، فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة، والصين المنحفة، والترك المشوهة، والروم المقشرة.
o وأما أنسابها وأحسابها، فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيراً من أولها، حتى إن أحدهم ليسأل عمن وراء أبيه ... فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أباً فأباً، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه، ولا يدعى إلى غير أبيه.
o وأما سخاؤها، فإن أدناهم الرجل تكون عند الناقة عليها بلاغه وشبعه وريه, فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة " القطعة من الطعام" ويجتزئ بالشربة " أي يكتفي"، فيعقرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر.
o وأما حكمة ألسنتهم، فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه، مع معرفتهم بالأشياء، وضربهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات، ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس. ثم خيلهم أفضل الخيل، ونساؤهم أعف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومعادنهم الذهب والفضة، وحجارة جبلهم الجزع، ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر.
o قال النعمان :وأما دينها وشريعتها، فإنهم متمسكون به، حتى يبلغ أحدهم من نسكه بدينه أن لهم أشهراً حرماً، وبلداً محرماً، وبيتاً محجوجاً، ينسكون فيه مناسكهم، ويذبحون فيه ذبائحهم، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه، وهو قادر على أخذ ثأره وإدراك رغبته منه، فيحجزه كرمه، ويمنعه دينه عن تناوله بأذى.
o وأما وفاؤها...وإن أحدهم ليبلغه أن رجلاً استجار به، وعسى أن يكون بعيدا عن داره، فيصاب، فلا يرضى حتى يُفْنِي تلك القبيلة التي أصابته أو تَفْنَى قبيلته، لما خُفِرَ من جواره؛ وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه، وأموالهم دون ماله.
o وأما قولك أيها الملك: يئدون أولادهم؛ فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار وغيرة من الأزواج.
o أما قولك: إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها؛ فما تركوا ما دونها إلا احتقاراً له، فعمدوا إلى أجلها وأفضلها، فكانت مراكبهم وطعامهم؛ مع أنها أكثر البهائم شحوماً، وأطيبها لحوماً، وأرقها ألباناً، وأقلها غائلة، وأحلاها مضغة؛ وإنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلا استبان فضلها عليه.
o وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضاً، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعه؛ فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفاً، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يُعْرَف فضلهم على سائر غيرهم، فَيُلْقُون إليهم أمورهم، وينقادون لهم بأزمتهم؛ وأما العرب، فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين، مع أنفتهم من أداء الخراج ...
o فعجب كسرى لما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ولما هو أفضل,ثم كساه كسوته، وسرحه إلى موضعه من الحيرة.
وإلى اللقاء في وقفة جديدة...
وأعتذر عن طول المقالة وعلى اعتماد النقل
والسلام خير ختام .
ملاحظة : أي عبارة أو كلمة غير واضحة يمكن اقتباسها عند الرد وبيان الحاجة لتفسيرها.