عمر الدرويش
18-05-2009, 10:55 PM
غضب
ورقة من " رُوزنامة " الزمن أنبأته بمرور شهر.. الليل بجحافله هتك أسرارالمنازل ..!
ازداد الشارع صمتاً ووَحْشَة ، ضاقت السماء ، وتَمَزّق شراع الأمل في الحياة ..!! كُلّ مَنْ يَعْرفه كان مُنتظراً خَبَر وفاته .. لم
يأبه بذكر الموت لأنه مُذ أمدٍ فَـقَـدَ الإحساس بالحياة ..!
مع شقْشقَة العصافير ، وعواء السيارات ، وكثرة الأنفاس المختلطة ؛ والأقدام التي لم تترك حيزاً في الأرض إلا أصابته
بقذارتها ؛ الأرض التي تحملت
الكبرياء
والجشع
والألم ..!
خرج من قوقعته ؛ والشمس تضرب بسياطها على رأسه ، أمسك بتلابيب الهواء ؛ فقبّله بأسى حتى ذاب في رئتيه ... قَذَفَ
بنفسه المُنْكَسِرة داخل حُضن الأتوبيس ، أَلْصَقَ خَدّه المحفور من شِدّة جَرَيَان الدّمُوع بنافذة الأتوبيس ؛ شرى الحزن لأنه نديم ا
الضعفاء ، هجر البكاء كونه ديدن النساء ..!! غاص في لُجة الهموم حتى ألفته . أشعل سيجارته ليَنْفُثَ بقايا الصحة بعد أن ملّ
مساومتها ، الصحة التي كلما أراد صعودها سَقَطَ في هاوية المَرَض ، آآآه ليت السّرطَان كالمُستنقع تتجمّع فيه المياه الهاربة
من مَرْقَدِهَا لَيسْهُل التخلص منها ؛ لكنه مثل الجَبَل يَتَمتّع بتبليل نفسه ومن ثَمَّ يَنْثُرغَضَبَه وغَرَقَه وقَهْره وأساه على جوانبه
وأسفل منه ..!!
قُذف من رحم الاتوبيس ؛ إلى كَنَفِ المشفى .. من رآه قرأ المعركة التي بداخله ؛ المعركة التي تدور رحاها بينه وبين
المرض ..!! رمى بجثته المترهّلة والمُتعبة على كرسيٍّ مقابل للدكتور.. ها يا دكتور .. أأزفت النهاية ..؟!
. . . . !!
قلها يا دكتور .. !!
تجهّم وجه الدكتور حتى أُفرج عن عرق نافر من رقبتة ، مُقطّباً عن حاجبين استلقيا فوق عينين شاخصتين . نعم قرأتُ في
عيني الدكتور جواباً موقوتاً ... بقيت صفحات قلائل من دفتر حياتك التعيسة ــ سمعتها وإن لم يقلها ــ ..! هذه هي الحياة ..
ملتني قبل أن أملّها .. هذه هي الحياة .. كلما دنوت منها تآمرت عليّ بإحدى حيلها ، عند تمسكي بها تجعلني أحياناً أتعلّق
بخيطٍ واهٍ ..!!
آآه ٍ آآه يا .. يا .. دكـــ تـــــور..قلها..قلها لا عليك .. فلن تعيد لصحتي سيرتها الأولى ..!!
أجابه الدكتور مُمْتطياً جَوَاد الأسف ، وشادّاً زمام الاضطراب :
سامحني .. سامحني .. لقد .. لقد ..
لقد أعطيتك بالخطأ تقريراً لمريض آخر ..!!
عمر الدرويش / جده
ورقة من " رُوزنامة " الزمن أنبأته بمرور شهر.. الليل بجحافله هتك أسرارالمنازل ..!
ازداد الشارع صمتاً ووَحْشَة ، ضاقت السماء ، وتَمَزّق شراع الأمل في الحياة ..!! كُلّ مَنْ يَعْرفه كان مُنتظراً خَبَر وفاته .. لم
يأبه بذكر الموت لأنه مُذ أمدٍ فَـقَـدَ الإحساس بالحياة ..!
مع شقْشقَة العصافير ، وعواء السيارات ، وكثرة الأنفاس المختلطة ؛ والأقدام التي لم تترك حيزاً في الأرض إلا أصابته
بقذارتها ؛ الأرض التي تحملت
الكبرياء
والجشع
والألم ..!
خرج من قوقعته ؛ والشمس تضرب بسياطها على رأسه ، أمسك بتلابيب الهواء ؛ فقبّله بأسى حتى ذاب في رئتيه ... قَذَفَ
بنفسه المُنْكَسِرة داخل حُضن الأتوبيس ، أَلْصَقَ خَدّه المحفور من شِدّة جَرَيَان الدّمُوع بنافذة الأتوبيس ؛ شرى الحزن لأنه نديم ا
الضعفاء ، هجر البكاء كونه ديدن النساء ..!! غاص في لُجة الهموم حتى ألفته . أشعل سيجارته ليَنْفُثَ بقايا الصحة بعد أن ملّ
مساومتها ، الصحة التي كلما أراد صعودها سَقَطَ في هاوية المَرَض ، آآآه ليت السّرطَان كالمُستنقع تتجمّع فيه المياه الهاربة
من مَرْقَدِهَا لَيسْهُل التخلص منها ؛ لكنه مثل الجَبَل يَتَمتّع بتبليل نفسه ومن ثَمَّ يَنْثُرغَضَبَه وغَرَقَه وقَهْره وأساه على جوانبه
وأسفل منه ..!!
قُذف من رحم الاتوبيس ؛ إلى كَنَفِ المشفى .. من رآه قرأ المعركة التي بداخله ؛ المعركة التي تدور رحاها بينه وبين
المرض ..!! رمى بجثته المترهّلة والمُتعبة على كرسيٍّ مقابل للدكتور.. ها يا دكتور .. أأزفت النهاية ..؟!
. . . . !!
قلها يا دكتور .. !!
تجهّم وجه الدكتور حتى أُفرج عن عرق نافر من رقبتة ، مُقطّباً عن حاجبين استلقيا فوق عينين شاخصتين . نعم قرأتُ في
عيني الدكتور جواباً موقوتاً ... بقيت صفحات قلائل من دفتر حياتك التعيسة ــ سمعتها وإن لم يقلها ــ ..! هذه هي الحياة ..
ملتني قبل أن أملّها .. هذه هي الحياة .. كلما دنوت منها تآمرت عليّ بإحدى حيلها ، عند تمسكي بها تجعلني أحياناً أتعلّق
بخيطٍ واهٍ ..!!
آآه ٍ آآه يا .. يا .. دكـــ تـــــور..قلها..قلها لا عليك .. فلن تعيد لصحتي سيرتها الأولى ..!!
أجابه الدكتور مُمْتطياً جَوَاد الأسف ، وشادّاً زمام الاضطراب :
سامحني .. سامحني .. لقد .. لقد ..
لقد أعطيتك بالخطأ تقريراً لمريض آخر ..!!
عمر الدرويش / جده