ابن عماش
18-06-2009, 06:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن أكتب ما أريد أريد أن أكتب نبذة مختصرة عن أخينا فهد بن سعيد و عن حياته حتى توفاه الموت ..
وحيد الجزيرة
قصة من الثبات
قصة التائب الذي رضي أن يعيش حارس مدرسة فقير ، و رفض 100 ألف ريال مقابل ليلة واحدة يعود فيه إلى الغناء .
بدأ فهد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله الدوسري ما يُسمى المشوار الفني عام 1381 هـ و بعد سنوات قلائل ذاع صيته بين أهل الفن كعازف ماهر و مغني شجي الصوت ، و قد شهد لمقدرته في العزف على آلة العود كثير من الموسيقيين ، أما أغنياته فلاقت رواجاً واسعاً في سوق التسجيلات الغنائية ، حتى صدر بعضها في أكثر من طبعة ، و حاز بن سعيد حينها لقب( وحيد الجزيرة )
الصاعقة و الندى
المقدمة السابقة ليست - قطعاً - لتمجيد فهد بن سعيد العازف و الملحن ، لكنها مقدمة توضيحية للجو الذي اكتنف فهد و هو يصعد في سلم ( النجومية ) و الشهرة .. الجو الذي غادره بن سعيد في عز ( توهجه ) غير آسف على المظاهر و الألقاب و الأضواء ، لكنه كان نادماً على ما رافق الأيام الخوالي من آثام و ذنوب .
اعتزل وحيد الجزيرة فوقع الخبر على الوسط الفني وقع الصاعقة و اختار بن سعيد طريق الهداية و النور فوقع الخبر على أهلها وقع الندى على الأزهار في صباح ربيعي ، فشتان بين الوقعين و شتان بين الحالين .. حال فهد الماضي و حال فهد الحاضر .
اعتزل بن سعيد لكنه لم يعتزل .. اعتزل العزف و الغناء بل اعتزل الأمس بكل أوزاره ، و لم يعتزل الناس و لا الحياة ، فأقبل عليهما بقلب منيب و نفس شفافة و روح نقية .. و لولا تلك الإنابة و الشفافية و النقاء ما استطاع فهد ( الجديد ) أن يتابع الطريق وسط زحام من المغريات و الصعوبات و الإشاعات ، التي بدأت مع أول ساعات الاعتزال و لم تنته إلا مع آخر لحظات العمر .
سجن الحرية
أوصلت النجومية صاحبها إلى خلف القضبان لأنها كانت نجومية كاذبة خادعة ، و من السجن بدأت رحلة بن سعيد نحو الحرية ، و من ضنك الحبس جاء فرج الانطلاق .
فاتصل فهد بكثير من المشايخ على رأسهم الشيخ [ سعد البريك ] لكن اليد الطولى في توبة بن سعيد [ كانت للشيخ عبد المحسن المحمود لأنه هو الذي كلمه و ناصحه في سجن الحاير ] كما يروي الأخ عثمان المرشود أحد أصحاب بن سعيد .
وبعد أن كان ( فتى الوادي ) و ( وحيد الجزيرة ) صار بن سعيد أمام واقع آخر بعد الاعتزال ،،
حيث لم يكن له دخل مادي سوى من الغناء و العزف اللذين حرمهما على نفسه .
و هنا انطلق فهد لساحات السعي و الكد فعمل لفترة في إحدى التسجيلات الإسلامية ، و شرع في نصح المقربين منه و دعوتهم للاستقامة .. ففرح باستجابة البعض و أحزنه أنه لم يستطع التأثير على بعض رفقاء السوء
مما دفعه إلى الابتعاد عن هؤلاء متوجهاً نحو منطقة القصيم و بالتحديد بريدة .
و هناك اختار بن سعيد أن يعمل حارساً لإحدى المدارس و بقي متمسكاً بعمله حتى وافته المنية رحمه الله .
على جبهتين
ابتعد فهد عن المسارح و الميكرفونات ، و فضل أن يكون حارساً على باب العلم و المتعلمين على أن يكون قائداً في ( شلة ) الجهل و الجاهلين ..
لكن الصعوبات ظلت تلاحقه و زاد من ضغطها حجم المغريات ..
فحارب فهد على الجبهتين ،، و نجح بفضل الله في الثبات على موقعه الوسط بين شد الأزمات و إرخاء المغريات .
مرت على بن سعيد أيام عصيبة فاستغلها البعض و سعوا مهللين نحو فهد ، و لسان حالهم يقول :
" قديمك نديمك يا بو خالد فالحق بنا نواسك .. هاهي طاقة الفرج مفتوحة و هاهي أيدينا ممدودة "
و كانت ( الطاقة ) مليئة بالنقود ، و الأيدي ممدودة بالعقود ذات المزايا و المميزات .
و يتحدث الأخ عثمان المرشود عن بعض تلك العروض :
جاءه عرض من تسجيلات غنائية في الكويت و بمبلغ قدره 500 ألف ريال ، عدا عن السكن و السيارة ، و تقدمت تسجيلات أخرى في الرياض بعرض مقداره 15 ألف ريال شهرياً ، مقابل أن يلحن لها .. تلحين فقط .
و يضيف الأستاذ عبد الرحمن الجمعة مدير المدرسة التي كان فهد يحرسها :
عرضوا عليه 100ألف ريال مقابل ليلة واحدة .
لكن هيهات فالأمر أبعد من ذلك ( أنا حرمت على نفسي ألمس العود ) يجيب فهد قاطعاً شك المرجفين بيقين المؤمنين .
]حقيقة الوفاء ]
( الحمد لله أنني لم أمت علىأول .. كان أموت ميتة حمار )
قد تكون هذه الجملة من فم فهد كافية للتعبير عن نظرته نحو الماضي ، لكنه لم يكن ليكتفي بالأقوال ..
و لنستمع إلى مدير المدرسة يتحدث عن ( فعل ) بن سعيد في هذا المجال :
( لم يكن رحمه الله يحب الحديث عن الماضي أبداً ، و كان يسأل الله المغفرة دائماً . و عندما يذكره أحدهم بأغانيه و جلسائه و سهراته ينزعج و يغضب و يقول :
لا أجد في الماضي من الحسنات إلا أنه إذا أذن المؤذن و أنا أعزف و أغني توقفت حتى ينتهي الأذان ) !
و لم يكن الماضي لابن سعيد تأسفاً و ندماً فقط بل كان وفاء لمن كانوا رفقاء الماضي .. وفاء من النوع الصادق العميق يعبر عنه الأخ عثمان المرشود بكلمات مختصرة :
( إذا تذكر زملاءه من الفنانين السابقين - أو ذُكر عنده أهل الفن عموماً - دعا للجميع بالهداية و الرجوع إلى طريق الاستقامة و السعادة ) ز
]الذين قال لهم الناس]
ظل باب الشائعات مفتوحاً على فهد بعد هدايته و التزامه ،،
و تنوعت تلك الشائعات و لكن الهدف الأكبر لغالبها كان محاربة عزيمة بن سعيد و ثنيه عن قرار اعتزال الفن .
و زاد حجم تلك الشائعات بعد أن فشلت العروض المغرية و الضغوط المزرية في إرجاعه رحمه الله إلى ( تيه ) الغناء ، أو حتى الحوم حول حماه .
و كان فهد يداوي الشائعات التي تلاحقه بالإكثار من ( حسبنا الله و نعم الوكيل ) و رغم نجاح إشاعات عودته للفن في حجب البعض عن مد يد المساعدة و العون له إلا أنه كان صابراً محتسباً ..
أسوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
و في هذا يقول الأستاذ عبد الرحمن جمعه :
( كان رحمه الله يتحدث عن إشاعات عودته للغناء كان يتأثر كثيراً و يقول : إن النبي صلى الله عليه و سلم لم يسلم من الأذى )
و بعد توبته تعمدت بعض التسجيلات الغنائبة تقديم أشرطة غنائية ( مفبركة ) لفهد لتغرر بزبائنها ، و تقول لهم إن وحيد الجزيرة عاد إلى أحضان الطرب و العزف و السهر ..
لكن الحياة التي عاشها بن سعيد في النور أخرست جميع الألسنة و بترت جميع الأيدي التي تحبذ العمل في الظلام .
]فهد الذي كان ]
* في أواخر أيامه كان فهد بن سعيد يقضي معظم أوقاته بين المدرسة صباحاً .. و نادي الفروسية مساءً .
حيث كانت له فرسان يهتم بهما مبتعداً عمن يضايقونه من أهل الفساد .
* كان رحمه الله على فقره الشديد يتصدق على الأولاد الفقراء و الأيتام بما تيسر ..
و عندما راى أحد الصغار صورة فهد في الصحيفة بجانب خبر وفاته ، أخذ الصغير الصحيفة و ذهب بها إلى والده قائلاً :
هذا هو الذي أعطاني عشرة ريالات .
* لم يكن بن سعيد يحبذ الجلسات الحاشدة لأنها مظنة لوجود أشخاص يسألونه عن حياته السابقة و هو لا يحب أن يتذكر تلك الأيام .
* كان رحمه الله يحب الخير و يحب أهل الخير ، و من ذلك حرصه على تفطير الصائمين حتى إنه فطر في يوم واحد 170 صائماً .
* عند حدود الساعة الحادية عشرة و النصف من يوم الأحد
3/ 3 / 1424هـ كان رحمه الله يهم بالوضوء فتوفي فجأة بسكتة قلبية .
]في ثلاجة الموتى]
يقول الأستاذ إبراهيم الرزقان مسؤول ثلاجة الموتى بالمستشفى :
العشرات حضروا لإلقاء النظرة الأخيرة بعد سماعهم خبر وفاته .. و قال :
أن ما حدث يوم وفاة فهد بن سعيد أمر استغربته كثيراً ، و لأول مرة يحدث حيث حضر المئات من الأشخاص إلى ثلاجة الموتى و طلبوا أن يشاهدوه لإلقاء النظرة الأخيرة و كان معظمهم من الشباب الملتزمين الذين كانوا يدعون له و الدموع تملأ أعينهم لوفاته و كثير منهم اجهشوا بالبكاء لدى رؤيتهم فهد بن سعيد و كانوا يقبلون رأسه و يدعون له بالرحمة و المغفرة و الفردوس الأعلى .
]بياض وجهه بعد وفاته]
يقول الأستاذ عبد الله الحمودي الموظف في مستشفى الملك فهد التخصصي و رئيس فنيي الأشعة بالمستشفى :
إنني أعرف فهد بن سعيد و ألتقي فيه دائماً لحبي له و لطيبته و تسامحه و أخلاقه الرفيعة و عندما علمتُ بأنه تعرض لأزمة قلبية ، و أنه وصل إلى إسعاف المستشفى ..
ذهبتُ مباشرة إلى الإسعاف و عند وصولي أخبروني الزملاء أنه متوفي فدخلتُ الغرفة التي كان مسجى فيها لأودعه الوداع الأخير ..
و عندما نظرتُ إلى وجهه رحمه الله رأيتُ البياض يكسو وجهه على الرغم من أنه أسمر البشرة ..
إلا أنه في تلك اللحظة كان وجهه مبيضاً و كانت الابتسامة على شفتيه فبكيتُ على حسن خاتمته و رضوان الله عليه ..
و أسأل الله أن يجمعنا و إياه في جنات الفردوس و أن يغفر له و لنا ذنوبنا و أن يرحما برحمته .
فتح حساب لمساعدة أسرة فهد بن سعيد []
تم فتح خاص لتلقي التبرعات لأسرة فهد و للصدقة الجارية في بنك الراجحي فرع 340 بحي الفايزية ببريدة
رقم الحساب 8778/0 و ندعو المحسنين و رجال الأعمال و كل من يحب الخير للمساهمة و التبرع لأسرة فهد بن سعيد .
مع العلم أن فهد ترك خلفه زوجة و أربعة أبناء أكبرهم في السابعة و أصغرهم عمره سنة .. فمن لهم بعد الله ؟؟
[]من أقواله رحمه الله ]
& الحمد لله الحمد لله الحمد لله على نعمة الإسلام و الرجوع إلى الله .
& بدلوا أشرطة بن سعيد بتسجيلات إسلامية تفيدكم في حياتكم .
& الطقطقة و الله ما فادت أحد ، بل من جرف إلى دحديرة و يا قلبي لا تحزن .. و يعرفك على أخس الناس ، و أردى الناس .
& و الله كانت حياتي حياة شقاء و تعاسة ، ماهي حياة سعادة أبد .
& كنا نطارد وراء هالمخدرات و إشباع رغبة النفس ، نطارد و راء هالشياطين شياطين الإنس .. معهم وين ما راحوا .
& يا أخوتي في الله و الله ما عرفت السعادة و لا عرفت طعم الحياة إلا بعد الرجوع إلى الله .
& يا جماعة الخير و الله إني ما كنت أتوقع هذي الحلاوة في هذا الدين .
& و الله أقولها من كل قلبي يا الرجوع إلى الله ما فيه أحسن منه على وجه الدنيا .
اللهم ارحم فهد بن سعيد و وسع له في مدخله و عوضه خيراً من دنيا الفن التي تركها من أجلك .. و أصلح ذريته من بعده]
و
]رحمك الله يا فهد بن سعيد]
قبل أن أكتب ما أريد أريد أن أكتب نبذة مختصرة عن أخينا فهد بن سعيد و عن حياته حتى توفاه الموت ..
وحيد الجزيرة
قصة من الثبات
قصة التائب الذي رضي أن يعيش حارس مدرسة فقير ، و رفض 100 ألف ريال مقابل ليلة واحدة يعود فيه إلى الغناء .
بدأ فهد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله الدوسري ما يُسمى المشوار الفني عام 1381 هـ و بعد سنوات قلائل ذاع صيته بين أهل الفن كعازف ماهر و مغني شجي الصوت ، و قد شهد لمقدرته في العزف على آلة العود كثير من الموسيقيين ، أما أغنياته فلاقت رواجاً واسعاً في سوق التسجيلات الغنائية ، حتى صدر بعضها في أكثر من طبعة ، و حاز بن سعيد حينها لقب( وحيد الجزيرة )
الصاعقة و الندى
المقدمة السابقة ليست - قطعاً - لتمجيد فهد بن سعيد العازف و الملحن ، لكنها مقدمة توضيحية للجو الذي اكتنف فهد و هو يصعد في سلم ( النجومية ) و الشهرة .. الجو الذي غادره بن سعيد في عز ( توهجه ) غير آسف على المظاهر و الألقاب و الأضواء ، لكنه كان نادماً على ما رافق الأيام الخوالي من آثام و ذنوب .
اعتزل وحيد الجزيرة فوقع الخبر على الوسط الفني وقع الصاعقة و اختار بن سعيد طريق الهداية و النور فوقع الخبر على أهلها وقع الندى على الأزهار في صباح ربيعي ، فشتان بين الوقعين و شتان بين الحالين .. حال فهد الماضي و حال فهد الحاضر .
اعتزل بن سعيد لكنه لم يعتزل .. اعتزل العزف و الغناء بل اعتزل الأمس بكل أوزاره ، و لم يعتزل الناس و لا الحياة ، فأقبل عليهما بقلب منيب و نفس شفافة و روح نقية .. و لولا تلك الإنابة و الشفافية و النقاء ما استطاع فهد ( الجديد ) أن يتابع الطريق وسط زحام من المغريات و الصعوبات و الإشاعات ، التي بدأت مع أول ساعات الاعتزال و لم تنته إلا مع آخر لحظات العمر .
سجن الحرية
أوصلت النجومية صاحبها إلى خلف القضبان لأنها كانت نجومية كاذبة خادعة ، و من السجن بدأت رحلة بن سعيد نحو الحرية ، و من ضنك الحبس جاء فرج الانطلاق .
فاتصل فهد بكثير من المشايخ على رأسهم الشيخ [ سعد البريك ] لكن اليد الطولى في توبة بن سعيد [ كانت للشيخ عبد المحسن المحمود لأنه هو الذي كلمه و ناصحه في سجن الحاير ] كما يروي الأخ عثمان المرشود أحد أصحاب بن سعيد .
وبعد أن كان ( فتى الوادي ) و ( وحيد الجزيرة ) صار بن سعيد أمام واقع آخر بعد الاعتزال ،،
حيث لم يكن له دخل مادي سوى من الغناء و العزف اللذين حرمهما على نفسه .
و هنا انطلق فهد لساحات السعي و الكد فعمل لفترة في إحدى التسجيلات الإسلامية ، و شرع في نصح المقربين منه و دعوتهم للاستقامة .. ففرح باستجابة البعض و أحزنه أنه لم يستطع التأثير على بعض رفقاء السوء
مما دفعه إلى الابتعاد عن هؤلاء متوجهاً نحو منطقة القصيم و بالتحديد بريدة .
و هناك اختار بن سعيد أن يعمل حارساً لإحدى المدارس و بقي متمسكاً بعمله حتى وافته المنية رحمه الله .
على جبهتين
ابتعد فهد عن المسارح و الميكرفونات ، و فضل أن يكون حارساً على باب العلم و المتعلمين على أن يكون قائداً في ( شلة ) الجهل و الجاهلين ..
لكن الصعوبات ظلت تلاحقه و زاد من ضغطها حجم المغريات ..
فحارب فهد على الجبهتين ،، و نجح بفضل الله في الثبات على موقعه الوسط بين شد الأزمات و إرخاء المغريات .
مرت على بن سعيد أيام عصيبة فاستغلها البعض و سعوا مهللين نحو فهد ، و لسان حالهم يقول :
" قديمك نديمك يا بو خالد فالحق بنا نواسك .. هاهي طاقة الفرج مفتوحة و هاهي أيدينا ممدودة "
و كانت ( الطاقة ) مليئة بالنقود ، و الأيدي ممدودة بالعقود ذات المزايا و المميزات .
و يتحدث الأخ عثمان المرشود عن بعض تلك العروض :
جاءه عرض من تسجيلات غنائية في الكويت و بمبلغ قدره 500 ألف ريال ، عدا عن السكن و السيارة ، و تقدمت تسجيلات أخرى في الرياض بعرض مقداره 15 ألف ريال شهرياً ، مقابل أن يلحن لها .. تلحين فقط .
و يضيف الأستاذ عبد الرحمن الجمعة مدير المدرسة التي كان فهد يحرسها :
عرضوا عليه 100ألف ريال مقابل ليلة واحدة .
لكن هيهات فالأمر أبعد من ذلك ( أنا حرمت على نفسي ألمس العود ) يجيب فهد قاطعاً شك المرجفين بيقين المؤمنين .
]حقيقة الوفاء ]
( الحمد لله أنني لم أمت علىأول .. كان أموت ميتة حمار )
قد تكون هذه الجملة من فم فهد كافية للتعبير عن نظرته نحو الماضي ، لكنه لم يكن ليكتفي بالأقوال ..
و لنستمع إلى مدير المدرسة يتحدث عن ( فعل ) بن سعيد في هذا المجال :
( لم يكن رحمه الله يحب الحديث عن الماضي أبداً ، و كان يسأل الله المغفرة دائماً . و عندما يذكره أحدهم بأغانيه و جلسائه و سهراته ينزعج و يغضب و يقول :
لا أجد في الماضي من الحسنات إلا أنه إذا أذن المؤذن و أنا أعزف و أغني توقفت حتى ينتهي الأذان ) !
و لم يكن الماضي لابن سعيد تأسفاً و ندماً فقط بل كان وفاء لمن كانوا رفقاء الماضي .. وفاء من النوع الصادق العميق يعبر عنه الأخ عثمان المرشود بكلمات مختصرة :
( إذا تذكر زملاءه من الفنانين السابقين - أو ذُكر عنده أهل الفن عموماً - دعا للجميع بالهداية و الرجوع إلى طريق الاستقامة و السعادة ) ز
]الذين قال لهم الناس]
ظل باب الشائعات مفتوحاً على فهد بعد هدايته و التزامه ،،
و تنوعت تلك الشائعات و لكن الهدف الأكبر لغالبها كان محاربة عزيمة بن سعيد و ثنيه عن قرار اعتزال الفن .
و زاد حجم تلك الشائعات بعد أن فشلت العروض المغرية و الضغوط المزرية في إرجاعه رحمه الله إلى ( تيه ) الغناء ، أو حتى الحوم حول حماه .
و كان فهد يداوي الشائعات التي تلاحقه بالإكثار من ( حسبنا الله و نعم الوكيل ) و رغم نجاح إشاعات عودته للفن في حجب البعض عن مد يد المساعدة و العون له إلا أنه كان صابراً محتسباً ..
أسوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
و في هذا يقول الأستاذ عبد الرحمن جمعه :
( كان رحمه الله يتحدث عن إشاعات عودته للغناء كان يتأثر كثيراً و يقول : إن النبي صلى الله عليه و سلم لم يسلم من الأذى )
و بعد توبته تعمدت بعض التسجيلات الغنائبة تقديم أشرطة غنائية ( مفبركة ) لفهد لتغرر بزبائنها ، و تقول لهم إن وحيد الجزيرة عاد إلى أحضان الطرب و العزف و السهر ..
لكن الحياة التي عاشها بن سعيد في النور أخرست جميع الألسنة و بترت جميع الأيدي التي تحبذ العمل في الظلام .
]فهد الذي كان ]
* في أواخر أيامه كان فهد بن سعيد يقضي معظم أوقاته بين المدرسة صباحاً .. و نادي الفروسية مساءً .
حيث كانت له فرسان يهتم بهما مبتعداً عمن يضايقونه من أهل الفساد .
* كان رحمه الله على فقره الشديد يتصدق على الأولاد الفقراء و الأيتام بما تيسر ..
و عندما راى أحد الصغار صورة فهد في الصحيفة بجانب خبر وفاته ، أخذ الصغير الصحيفة و ذهب بها إلى والده قائلاً :
هذا هو الذي أعطاني عشرة ريالات .
* لم يكن بن سعيد يحبذ الجلسات الحاشدة لأنها مظنة لوجود أشخاص يسألونه عن حياته السابقة و هو لا يحب أن يتذكر تلك الأيام .
* كان رحمه الله يحب الخير و يحب أهل الخير ، و من ذلك حرصه على تفطير الصائمين حتى إنه فطر في يوم واحد 170 صائماً .
* عند حدود الساعة الحادية عشرة و النصف من يوم الأحد
3/ 3 / 1424هـ كان رحمه الله يهم بالوضوء فتوفي فجأة بسكتة قلبية .
]في ثلاجة الموتى]
يقول الأستاذ إبراهيم الرزقان مسؤول ثلاجة الموتى بالمستشفى :
العشرات حضروا لإلقاء النظرة الأخيرة بعد سماعهم خبر وفاته .. و قال :
أن ما حدث يوم وفاة فهد بن سعيد أمر استغربته كثيراً ، و لأول مرة يحدث حيث حضر المئات من الأشخاص إلى ثلاجة الموتى و طلبوا أن يشاهدوه لإلقاء النظرة الأخيرة و كان معظمهم من الشباب الملتزمين الذين كانوا يدعون له و الدموع تملأ أعينهم لوفاته و كثير منهم اجهشوا بالبكاء لدى رؤيتهم فهد بن سعيد و كانوا يقبلون رأسه و يدعون له بالرحمة و المغفرة و الفردوس الأعلى .
]بياض وجهه بعد وفاته]
يقول الأستاذ عبد الله الحمودي الموظف في مستشفى الملك فهد التخصصي و رئيس فنيي الأشعة بالمستشفى :
إنني أعرف فهد بن سعيد و ألتقي فيه دائماً لحبي له و لطيبته و تسامحه و أخلاقه الرفيعة و عندما علمتُ بأنه تعرض لأزمة قلبية ، و أنه وصل إلى إسعاف المستشفى ..
ذهبتُ مباشرة إلى الإسعاف و عند وصولي أخبروني الزملاء أنه متوفي فدخلتُ الغرفة التي كان مسجى فيها لأودعه الوداع الأخير ..
و عندما نظرتُ إلى وجهه رحمه الله رأيتُ البياض يكسو وجهه على الرغم من أنه أسمر البشرة ..
إلا أنه في تلك اللحظة كان وجهه مبيضاً و كانت الابتسامة على شفتيه فبكيتُ على حسن خاتمته و رضوان الله عليه ..
و أسأل الله أن يجمعنا و إياه في جنات الفردوس و أن يغفر له و لنا ذنوبنا و أن يرحما برحمته .
فتح حساب لمساعدة أسرة فهد بن سعيد []
تم فتح خاص لتلقي التبرعات لأسرة فهد و للصدقة الجارية في بنك الراجحي فرع 340 بحي الفايزية ببريدة
رقم الحساب 8778/0 و ندعو المحسنين و رجال الأعمال و كل من يحب الخير للمساهمة و التبرع لأسرة فهد بن سعيد .
مع العلم أن فهد ترك خلفه زوجة و أربعة أبناء أكبرهم في السابعة و أصغرهم عمره سنة .. فمن لهم بعد الله ؟؟
[]من أقواله رحمه الله ]
& الحمد لله الحمد لله الحمد لله على نعمة الإسلام و الرجوع إلى الله .
& بدلوا أشرطة بن سعيد بتسجيلات إسلامية تفيدكم في حياتكم .
& الطقطقة و الله ما فادت أحد ، بل من جرف إلى دحديرة و يا قلبي لا تحزن .. و يعرفك على أخس الناس ، و أردى الناس .
& و الله كانت حياتي حياة شقاء و تعاسة ، ماهي حياة سعادة أبد .
& كنا نطارد وراء هالمخدرات و إشباع رغبة النفس ، نطارد و راء هالشياطين شياطين الإنس .. معهم وين ما راحوا .
& يا أخوتي في الله و الله ما عرفت السعادة و لا عرفت طعم الحياة إلا بعد الرجوع إلى الله .
& يا جماعة الخير و الله إني ما كنت أتوقع هذي الحلاوة في هذا الدين .
& و الله أقولها من كل قلبي يا الرجوع إلى الله ما فيه أحسن منه على وجه الدنيا .
اللهم ارحم فهد بن سعيد و وسع له في مدخله و عوضه خيراً من دنيا الفن التي تركها من أجلك .. و أصلح ذريته من بعده]
و
]رحمك الله يا فهد بن سعيد]