ذو فكر
27-06-2009, 11:36 AM
الوقفة الحادي عشرة والأخيرة : ميزان التفاضل الحقيقي..!
لما جاء الإسلام ألغى التفاخر بالأنساب وجعل الناس سواسية عربيهم وعجميهم وأن التفاضل بينهم إنما بأكثرهم تدينا وخدمة للإسلام.
وروى مسلم في صحيحه :أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :« وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ».
قال الكرمي : إذا علمتَ هذا فاعلمْ أنَ الذي يرجعُ إليه ويعوَلُ في الفَضْلِ عليه هو الشَرفُ الكسبيُّ الذي منه العلم والتقوى، وهو الفضل الحقيقي، لا مجرد الشرف الذاتي الذي هوَ شرف النَسب بشهادةِ القران ِوشهادة النبيّ – صلى الله عليه وسلم - وشهادةِ الأذكياء مِنَ الأنام....
إنَّ الفَتَى مَنْ يَقُولُ هَا أنَاذَا ... لَيْسَ الفَتَى مَنْ يقوَلُ كَانَ أبي
فمنَ الغُرورِ الوََاضِحِ، والحُمْقِ الفَاضِحِ أنْ يفتخرَ أحدٌ مِنَ العَرَب على أحد مِنَ العجم بمجردِ نَسَبهِ، أو حَسَبهِ، ومن فَعَلَ ذلكَ فإنه مخطيء جَاهل مغرورٌ. فَرُبَّ حبشي أفضل عند اَلله تعالى منَ ألوَف مِنْ قريشٍ. وقال تعالى :" وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ " [البقرة : 221]وقال َتعالى :" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "(11) [المجادلة : 11] إلى غير ذلك من الآيات.
فكل ما كان من خصال طيبة عند العرب جاء الإسلام بها كالصدق والأمانة والشجاعة والمروءة وغيرها فمن تمسك بها استحق الأفضلية في الدنيا والآخرة ففي سنن البيهقي الكبرى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.صححه الحاكم والألباني
فالعبرة في العمل لا في الأصل والنسب فكل شخص محاسب بعمله لا بعمل غيره قال تعالى :" أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى "(39)[النجم]
قال الشاعر المتوكل الليثي من شعراء العصر الأموي :
لَسنا وَإِن أَحسابُنا كَرُمَت مِمَّن عَلى الأَحسابِ يَتَّكِلُ
نَبني كَمـا كانَت أَوائِلُنا تَبني وَنَفعَلُ مِثلَ ما فَعَلـوا
إذاً القبيلة هي وعاء اجتماعي لتنظيم التواصل والتعارف بين الناس وحَسْبُ، وليس موضوعًا للافتخار؛ إذ لا فخر لأحد بأوضاع جاهلية قبيحة أبطلها الإسلام، وعادات مستشرية هذبها.
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - :
أَيُّها الفاجِرُ جَـهلاً بِالنَسَب إِنَّمــــا الناسُ لِأُمٍّ وَلِأَب
هَل تراهُم خُلِقوا مَـن فِضَّةٍ أَم حَـديدٍ أَم نُحاسٍ أَم ذَهَب
بَل تَراهُم خُلِقـوا مِن طينَةٍ هَل سِوى لَحمٍ وَعَظمٍ وَعَصَب
إِنَّمــا الفَخرُ لِعَقلٍ ثابِتٍ وَحيــــاءٍ وَعَفافٍ وَأَدَب
ففي مسند أحمد عَنْ أَبِى نَضْرَةَ حَدَّثَنِى مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِىٍّ عَلَى أَعْجَمِىٍّ وَلاَ لِعَجَمِىٍّ عَلَى عَرَبِىٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ». قَالُوا بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صححه الألباني
فالمقياس بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ , قال تعالى :(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) سورة الحجرات آيه (13)
قال بعض العارفين ما أبقى الله بهذه الآية لأحد شرف أبوة : وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأى رجلا يقول أنا ابن بطحاء مكة ،
فوقف عليه فقال : إن كان لك دين فلك شرف وإن كان لك عقل فلك مروءة وإن كان لك علم فلك شرف ، وإلا فأنت والحمار سواء .
وقيل : كان الشرف في الجاهلية بالبيان والشجاعة والسماحة ، وفي الإسلام بالدين والتقى . وأما الأبوة فلا أبوة .
وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا أَنْسَابَ لَهُمْ يُتَفَاخَرُ بِهَا ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ مَوَالٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ سَادَاتُ الْأُمَّةِ وَيَنَابِيعُ الرَّحْمَةِ ، وَذَوُو الْأَنْسَابِ الْعَلِيَّةِ الَّذِينَ لَيْسُوا كَذَلِكَ ..
وفي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِىَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِى فَقَالَ ابْنَ أَبْزَى. قَالَ وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى قَالَ مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ».
أبو لهب من قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم بل هو عمه ومع ذلك لما لم يوحد الله عز وجل أصبح في منزلة وضيعة ، بينما سلمان الفارسي الذي أخذ واسترق وآل أمره إلى ما آل إليه رفعه الإسلام .
قال علي بن أبي طالب :
لقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي مُقَدِّمَتِهِ رُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : قَدِمْت عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ قَدِمْت يَا زُهْرِيُّ ؟ قُلْت مِنْ مَكَّةَ . قَالَ فَمَنْ خَلَّفْت بِهَا يَسُودُ أَهْلَهَا ؟ قُلْتُ : عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْتُ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ وَبِمَ سَادَهُمْ ؟ قُلْت بِالدَّيَّانَةِ وَالرِّوَايَةِ . قَالَ إِنَّ أَهْلَ الدَّيَّانَةِ وَالرِّوَايَةِ لَيَنْبَغِي أَنْ يَسُودُوا . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْيَمَنِ ؟ قَالَ قُلْت : طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ وَبِمَ سَادَهُمْ ؟ قُلْت بِمَا سَادَهُمْ بِهِ عَطَاءٌ ، قَالَ إِنَّهُ لَيَنْبَغِي . قَالَ فَمَنْ يَسْوَدّ أَهْلَ مِصْرَ ؟ قَالَ قُلْت يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الشَّامِ ؟ قَالَ قُلْت مَكْحُولٌ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي عَبْدٌ نُوبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ اِمْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ ؟ قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ ؟ قُلْت مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ خُرَاسَانَ ؟ قَالَ قُلْت الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ ؟ قَالَ قُلْت الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْكُوفَةِ ؟ قَالَ قُلْت : إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْعَرَبِ . قَالَ : وَيْلَك يَا زُهْرِيُّ فَرَّجْت عَنِّي ، وَاَللَّهِ لَيَسُودَنَّ الْمَوَالِي عَلَى الْعَرَبِ حَتَّى يُخْطَبَ لَهَا عَلَى الْمَنَابِرِ وَالْعَرَبُ تَحْتَهَا . قَالَ قُلْت : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذًا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ وَدِينُهُ ، مَنْ حَفِظَهُ سَادَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهُ سَقَطَ اِنْتَهَى
قال الألباني : ينبغي أن لا نجهل السبب الذي به استحق العرب الأفضلية ، و هو ما اختصوا به في عقولهم و ألسنتهم و أخلاقهم و أعمالهم ، الأمر الذي أهلهم لأن يكونوا حملة الدعوة الإسلامية إلى الأمم الأخرى ، فإنه إذا عرف العربي هذا و حافظ عليه أمكنه أن يكون مثل سلفه عضوا صالحا في حمل الدعوة الإسلامية ، أما إذا هو تجرد من ذلك فليس له من الفضل شيء ، بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق الإسلامية هو خير منه دون شك و لا ريب ، إذ الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان و العلم ، فكل من كان فيه أمكن ، كان أفضل ، و الفضل إنما هو بالأسماء المحددة في الكتاب و السنة مثل الإسلام و الإيمان و البر و التقوى و العلم ، و العمل الصالح و الإحسان و نحو ذلك ، لا بمجرد كون الإنسان عربيا أو أعجميا.
قال الألباني :و جملة القول : إن فضل العرب إنما هو لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم لإسلامهم ذهب فضلهم ، و من أخذ بها من الأعاجم كان خيرا منهم ، " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " ، و من هنا يظهر ضلال من يدعو إلى العروبة و هو لا يتصف بشيء من خصائصها المفضلة ، بل هو أوربي قلبا و قالبا !
تحذير للعرب :
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) [المائدة : 54]
ففي تفسير اللباب لابن عادل "... وقال آخَرُون : هم الفُرْسُ؛ لأنه رُوِي أنَّ النَّبِيَّ - صلًّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - لمّا سُئِلَ عن هذه الآية ضَرَبَ يَدَهُ على عَاتِق سَلْمَان الفارسيِّ وقال : هذا وَذَوُوُه ، ثمَّ قال : لو كان الدِّين معلَّقاً بالثُّرَيَّا لنالَهُ رِجَالٌ من أبْنَاء فَارِس » .
قال تعالى : هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
ففي سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّ لَمْ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا قَالَ وَكَانَ سَلْمَانُ بِجَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخِذَ سَلْمَانَ قَالَ « هَذَا وَأَصْحَابُهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الإِيمَانُ مَنُوطًا " معلق "َيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ ».صححه الألباني
النسب لن ينفع في الآخرة بل العمل الصالح خير نسب :
قال تعالى : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) سورة المؤمنون آيه (101)
وفي رواية عطاء عن ابن عباس : أنها الثانية فلا أنساب بينهم أي: لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ كما كانوا يتفاخرون في الدنيا، ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا: من أنت ومن أي قبيلة أنت؟ ولم يرد أن الأنساب تنقطع.تفسير البغوي
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ,وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَاللَّهُ في عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ, وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ, وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ, وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ». صحيح مسلم ( لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ")مِنْ الْإِسْرَاعِ أَيْ لَمْ يُقَدِّمْهُ نَسَبُهُ ، يَعْنِي لَمْ يَجْبُرْ نَقِيصَتَهُ لِكَوْنِهِ نَسِيبًا فِي قَوْمِهِ إِذْ لَا يَحْصُلُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّسَبِ بَلْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ
كل نسب لن ينفع الآخر إلا نسب النبي – صلى الله عليه وسلم– بشرط الصلاح:
عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال :قال النبي – صلى الله عليه وسلم -:كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي . صححه الألباني .
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ « أَلاَ إِنَّ آلَ أَبِى - يَعْنِى فُلاَنًا - لَيْسُوا لِى بِأَوْلِيَاءَ إِنَّمَا وَلِيِّىَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ». صحيح مسلم ,
قال النووي :وَمَعْنَاهُ : إِنَّمَا وَلِيِّي مَنْ كَانَ صَالِحًا وَإِنْ بَعُدَ نَسَبًا مِنِّي ، وَلَيْسَ وَلِيِّي مَنْ كَانَ غَيْر صَالِح وَإِنْ كَانَ نَسَبه قَرِيبًا.قصة جميلة :
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب :ولدت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب، فقال له: إنها صغيرة ,وفي رواية قال : إني أرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر فقال له عمر: زوجنيها. يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوجتكها فبعثها إليه بِبُرْد ((( والبُرْدُ من الثياب جمعه بُرُودٌ و أبْرادٌ و البُرْدَةُ كساء أسود مربع فيه صغر تلبسه الأعراب والجمع بُرَدٌ بفتح الراء)))
وقال لها: قولي له: هذه البُرْدَ الذي قُلْتُ لك: فقالت: ذلك لعمر فقال: قولي له قد رضيت رضي الله عنك ووضع يده على ساقها فقالت: أتفعل هذا لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر. وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء فقال يا بنية إنه زوجك فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون فجلس إليهم فقال ألا تهنوني ؟ فقالوا بمن يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أم كلثوم بنت علي وابنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري " . فكان لي به عليه السلام النسب والسبب فأردت أن أجمع إليه الصهر فهنئوه .
،
،
وإلى هنا تم حديثي عن العرب وكنت أود أن أكتب وقفة بعنوان :ما المقصود بالعربي ؟ لكن أدع ذلك للقراء والباحثين .....
إخواني وأخواتي أعضاء منتدى الرائدية الكرام آن لقلمي أن يقف عن الكتابة وآن لفكري أن ينصرف لموضوع آخر ...
تم الكلام وربنا محـمود وله المكارم والعلا الجـــود
وعلى النبي محمد صلواته ما ناح قمري وأورق عــود
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين ،،
:101:
،
،
لما جاء الإسلام ألغى التفاخر بالأنساب وجعل الناس سواسية عربيهم وعجميهم وأن التفاضل بينهم إنما بأكثرهم تدينا وخدمة للإسلام.
وروى مسلم في صحيحه :أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :« وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ».
قال الكرمي : إذا علمتَ هذا فاعلمْ أنَ الذي يرجعُ إليه ويعوَلُ في الفَضْلِ عليه هو الشَرفُ الكسبيُّ الذي منه العلم والتقوى، وهو الفضل الحقيقي، لا مجرد الشرف الذاتي الذي هوَ شرف النَسب بشهادةِ القران ِوشهادة النبيّ – صلى الله عليه وسلم - وشهادةِ الأذكياء مِنَ الأنام....
إنَّ الفَتَى مَنْ يَقُولُ هَا أنَاذَا ... لَيْسَ الفَتَى مَنْ يقوَلُ كَانَ أبي
فمنَ الغُرورِ الوََاضِحِ، والحُمْقِ الفَاضِحِ أنْ يفتخرَ أحدٌ مِنَ العَرَب على أحد مِنَ العجم بمجردِ نَسَبهِ، أو حَسَبهِ، ومن فَعَلَ ذلكَ فإنه مخطيء جَاهل مغرورٌ. فَرُبَّ حبشي أفضل عند اَلله تعالى منَ ألوَف مِنْ قريشٍ. وقال تعالى :" وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ " [البقرة : 221]وقال َتعالى :" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "(11) [المجادلة : 11] إلى غير ذلك من الآيات.
فكل ما كان من خصال طيبة عند العرب جاء الإسلام بها كالصدق والأمانة والشجاعة والمروءة وغيرها فمن تمسك بها استحق الأفضلية في الدنيا والآخرة ففي سنن البيهقي الكبرى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.صححه الحاكم والألباني
فالعبرة في العمل لا في الأصل والنسب فكل شخص محاسب بعمله لا بعمل غيره قال تعالى :" أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى "(39)[النجم]
قال الشاعر المتوكل الليثي من شعراء العصر الأموي :
لَسنا وَإِن أَحسابُنا كَرُمَت مِمَّن عَلى الأَحسابِ يَتَّكِلُ
نَبني كَمـا كانَت أَوائِلُنا تَبني وَنَفعَلُ مِثلَ ما فَعَلـوا
إذاً القبيلة هي وعاء اجتماعي لتنظيم التواصل والتعارف بين الناس وحَسْبُ، وليس موضوعًا للافتخار؛ إذ لا فخر لأحد بأوضاع جاهلية قبيحة أبطلها الإسلام، وعادات مستشرية هذبها.
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - :
أَيُّها الفاجِرُ جَـهلاً بِالنَسَب إِنَّمــــا الناسُ لِأُمٍّ وَلِأَب
هَل تراهُم خُلِقوا مَـن فِضَّةٍ أَم حَـديدٍ أَم نُحاسٍ أَم ذَهَب
بَل تَراهُم خُلِقـوا مِن طينَةٍ هَل سِوى لَحمٍ وَعَظمٍ وَعَصَب
إِنَّمــا الفَخرُ لِعَقلٍ ثابِتٍ وَحيــــاءٍ وَعَفافٍ وَأَدَب
ففي مسند أحمد عَنْ أَبِى نَضْرَةَ حَدَّثَنِى مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِىٍّ عَلَى أَعْجَمِىٍّ وَلاَ لِعَجَمِىٍّ عَلَى عَرَبِىٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ». قَالُوا بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صححه الألباني
فالمقياس بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ , قال تعالى :(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) سورة الحجرات آيه (13)
قال بعض العارفين ما أبقى الله بهذه الآية لأحد شرف أبوة : وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأى رجلا يقول أنا ابن بطحاء مكة ،
فوقف عليه فقال : إن كان لك دين فلك شرف وإن كان لك عقل فلك مروءة وإن كان لك علم فلك شرف ، وإلا فأنت والحمار سواء .
وقيل : كان الشرف في الجاهلية بالبيان والشجاعة والسماحة ، وفي الإسلام بالدين والتقى . وأما الأبوة فلا أبوة .
وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا أَنْسَابَ لَهُمْ يُتَفَاخَرُ بِهَا ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ مَوَالٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ سَادَاتُ الْأُمَّةِ وَيَنَابِيعُ الرَّحْمَةِ ، وَذَوُو الْأَنْسَابِ الْعَلِيَّةِ الَّذِينَ لَيْسُوا كَذَلِكَ ..
وفي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِىَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِى فَقَالَ ابْنَ أَبْزَى. قَالَ وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى قَالَ مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ ».
أبو لهب من قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم بل هو عمه ومع ذلك لما لم يوحد الله عز وجل أصبح في منزلة وضيعة ، بينما سلمان الفارسي الذي أخذ واسترق وآل أمره إلى ما آل إليه رفعه الإسلام .
قال علي بن أبي طالب :
لقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب
قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي مُقَدِّمَتِهِ رُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : قَدِمْت عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ قَدِمْت يَا زُهْرِيُّ ؟ قُلْت مِنْ مَكَّةَ . قَالَ فَمَنْ خَلَّفْت بِهَا يَسُودُ أَهْلَهَا ؟ قُلْتُ : عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْتُ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ وَبِمَ سَادَهُمْ ؟ قُلْت بِالدَّيَّانَةِ وَالرِّوَايَةِ . قَالَ إِنَّ أَهْلَ الدَّيَّانَةِ وَالرِّوَايَةِ لَيَنْبَغِي أَنْ يَسُودُوا . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْيَمَنِ ؟ قَالَ قُلْت : طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ وَبِمَ سَادَهُمْ ؟ قُلْت بِمَا سَادَهُمْ بِهِ عَطَاءٌ ، قَالَ إِنَّهُ لَيَنْبَغِي . قَالَ فَمَنْ يَسْوَدّ أَهْلَ مِصْرَ ؟ قَالَ قُلْت يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي ، قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الشَّامِ ؟ قَالَ قُلْت مَكْحُولٌ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي عَبْدٌ نُوبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ اِمْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ ؟ قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ ؟ قُلْت مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ خُرَاسَانَ ؟ قَالَ قُلْت الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ ؟ قَالَ قُلْت الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْمَوَالِي . قَالَ فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْكُوفَةِ ؟ قَالَ قُلْت : إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، قَالَ فَمِنْ الْعَرَبِ أَمْ الْمَوَالِي ؟ قَالَ قُلْت مِنْ الْعَرَبِ . قَالَ : وَيْلَك يَا زُهْرِيُّ فَرَّجْت عَنِّي ، وَاَللَّهِ لَيَسُودَنَّ الْمَوَالِي عَلَى الْعَرَبِ حَتَّى يُخْطَبَ لَهَا عَلَى الْمَنَابِرِ وَالْعَرَبُ تَحْتَهَا . قَالَ قُلْت : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذًا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ وَدِينُهُ ، مَنْ حَفِظَهُ سَادَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهُ سَقَطَ اِنْتَهَى
قال الألباني : ينبغي أن لا نجهل السبب الذي به استحق العرب الأفضلية ، و هو ما اختصوا به في عقولهم و ألسنتهم و أخلاقهم و أعمالهم ، الأمر الذي أهلهم لأن يكونوا حملة الدعوة الإسلامية إلى الأمم الأخرى ، فإنه إذا عرف العربي هذا و حافظ عليه أمكنه أن يكون مثل سلفه عضوا صالحا في حمل الدعوة الإسلامية ، أما إذا هو تجرد من ذلك فليس له من الفضل شيء ، بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق الإسلامية هو خير منه دون شك و لا ريب ، إذ الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان و العلم ، فكل من كان فيه أمكن ، كان أفضل ، و الفضل إنما هو بالأسماء المحددة في الكتاب و السنة مثل الإسلام و الإيمان و البر و التقوى و العلم ، و العمل الصالح و الإحسان و نحو ذلك ، لا بمجرد كون الإنسان عربيا أو أعجميا.
قال الألباني :و جملة القول : إن فضل العرب إنما هو لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم لإسلامهم ذهب فضلهم ، و من أخذ بها من الأعاجم كان خيرا منهم ، " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " ، و من هنا يظهر ضلال من يدعو إلى العروبة و هو لا يتصف بشيء من خصائصها المفضلة ، بل هو أوربي قلبا و قالبا !
تحذير للعرب :
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) [المائدة : 54]
ففي تفسير اللباب لابن عادل "... وقال آخَرُون : هم الفُرْسُ؛ لأنه رُوِي أنَّ النَّبِيَّ - صلًّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - لمّا سُئِلَ عن هذه الآية ضَرَبَ يَدَهُ على عَاتِق سَلْمَان الفارسيِّ وقال : هذا وَذَوُوُه ، ثمَّ قال : لو كان الدِّين معلَّقاً بالثُّرَيَّا لنالَهُ رِجَالٌ من أبْنَاء فَارِس » .
قال تعالى : هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
ففي سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّ لَمْ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا قَالَ وَكَانَ سَلْمَانُ بِجَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخِذَ سَلْمَانَ قَالَ « هَذَا وَأَصْحَابُهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الإِيمَانُ مَنُوطًا " معلق "َيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ ».صححه الألباني
النسب لن ينفع في الآخرة بل العمل الصالح خير نسب :
قال تعالى : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) سورة المؤمنون آيه (101)
وفي رواية عطاء عن ابن عباس : أنها الثانية فلا أنساب بينهم أي: لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ كما كانوا يتفاخرون في الدنيا، ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا: من أنت ومن أي قبيلة أنت؟ ولم يرد أن الأنساب تنقطع.تفسير البغوي
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ,وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَاللَّهُ في عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ, وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ, وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ, وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ». صحيح مسلم ( لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ")مِنْ الْإِسْرَاعِ أَيْ لَمْ يُقَدِّمْهُ نَسَبُهُ ، يَعْنِي لَمْ يَجْبُرْ نَقِيصَتَهُ لِكَوْنِهِ نَسِيبًا فِي قَوْمِهِ إِذْ لَا يَحْصُلُ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّسَبِ بَلْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ
كل نسب لن ينفع الآخر إلا نسب النبي – صلى الله عليه وسلم– بشرط الصلاح:
عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال :قال النبي – صلى الله عليه وسلم -:كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي . صححه الألباني .
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ « أَلاَ إِنَّ آلَ أَبِى - يَعْنِى فُلاَنًا - لَيْسُوا لِى بِأَوْلِيَاءَ إِنَّمَا وَلِيِّىَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ». صحيح مسلم ,
قال النووي :وَمَعْنَاهُ : إِنَّمَا وَلِيِّي مَنْ كَانَ صَالِحًا وَإِنْ بَعُدَ نَسَبًا مِنِّي ، وَلَيْسَ وَلِيِّي مَنْ كَانَ غَيْر صَالِح وَإِنْ كَانَ نَسَبه قَرِيبًا.قصة جميلة :
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب :ولدت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب، فقال له: إنها صغيرة ,وفي رواية قال : إني أرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر فقال له عمر: زوجنيها. يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال له علي: أنا أبعثها إليك فإن رضيتها فقد زوجتكها فبعثها إليه بِبُرْد ((( والبُرْدُ من الثياب جمعه بُرُودٌ و أبْرادٌ و البُرْدَةُ كساء أسود مربع فيه صغر تلبسه الأعراب والجمع بُرَدٌ بفتح الراء)))
وقال لها: قولي له: هذه البُرْدَ الذي قُلْتُ لك: فقالت: ذلك لعمر فقال: قولي له قد رضيت رضي الله عنك ووضع يده على ساقها فقالت: أتفعل هذا لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر. وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء فقال يا بنية إنه زوجك فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون فجلس إليهم فقال ألا تهنوني ؟ فقالوا بمن يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أم كلثوم بنت علي وابنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري " . فكان لي به عليه السلام النسب والسبب فأردت أن أجمع إليه الصهر فهنئوه .
،
،
وإلى هنا تم حديثي عن العرب وكنت أود أن أكتب وقفة بعنوان :ما المقصود بالعربي ؟ لكن أدع ذلك للقراء والباحثين .....
إخواني وأخواتي أعضاء منتدى الرائدية الكرام آن لقلمي أن يقف عن الكتابة وآن لفكري أن ينصرف لموضوع آخر ...
تم الكلام وربنا محـمود وله المكارم والعلا الجـــود
وعلى النبي محمد صلواته ما ناح قمري وأورق عــود
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين ،،
:101:
،
،