فديت 2 ربوني
30-09-2009, 06:25 AM
في عام 1417هـ تخرجت من جامعة القصيم وكتب الله أن يكون تعييني في منطقة نائية من مملكتنا الغالية- منطقة العلا الشمالية- ولحسن الحظ عين معي أحد الزملاء، ولما حان وقت الذهاب إلى تلك المنطقة كانت ساعة مؤلمة، أحسسنا فيها بألم الفراق، حيث بكاء الأهل، ووداع الوالدين، والإخوة والزملاء، ساعــة تذكرنا فيها قول الشاعر:
حانَ الوداعُ فكانَ صوتُ الداعِي كَالبَيْنِ عِندِي مثل صوتِ الناعِي
انطلقت قبل أذان الفجر ميممًا وجهي أقطع الصحاري والقفارلا أخشى إلا الله سبحانه حيث الأمن والاستقرار التي تنعم به بلادنا الغالية، وبعد ست ساعات من السير المتواصل وصلت إلى تلك الديار التي لا أ عرف فيها أحد.. التقيت بصاحبي الذي قد أتى إلى تلك المنطقة عبر طريق آخر، ثم اتجهنا سوياً إلى إدارة التعليم التي اكتظت بجمع غفير من المدرسين من أهل المنطقة عليهم آثار الفرح بالتخرج والتعيين في نفس المنطقة، ومن بين حديثهم الذي لفت نظري أن هناك مدرسة هي أفضل مدرسة في المنطقة رغم بعدها عن المدينة 35 كم، ووزعت خطابات التوجيه وأخـذت خـطـاب التوجـيه وإذا بي أوجه إلى تلك القرية التي فيها المدرسة، وفي الطريق إليها تهت ثلاث مرات مع أنها لا تبعد أكثر من 35كم عن إدارة التعليم وكان الطريق معبدًا كنت أشعر بالغربة وألم فراق الأهل واسأل نفسي ماذا أمامي هل سوف أجد من سوف يقف معي ويواسيني!! هذا غير قلق أهلي وانتظارهم لأخباري وأحوالي؟؟ فكنت بحق بحاجة ليد حانية تخفف عني ،وحينما وصلت إلى المدرسة إذا الطلاب قد انصرفـوا في منظر مازال عالقًا بذاكرتي وإذا بالمدير قد خرج منها ولـكن تسنى لي أن أدركه عند أحدى المحلات التجارية وسلمت عليه وأخبرته بأنـي قد وجهت إلى مدرسته فرحب بي وهش وبش وقال: اليوم انتهت الدراسة وغدًا تأتي بمشيئة الله للمدرسة ثم بعد ذلك دعاني للغداء وأصر على ذلك فرفضت بشدة حياءً منه، ولما كان من الغد أتيت إلى المدرسة وكان هناك أربعة معلمين مستجدين من مختلف المناطق فرحب بنا المدير، وشرح لنا وضع المدرسة وسير العمل وأطلعنا على الفصول من خلال جولة فيها، وجعل لنا حرية الاختيار وبعد ذلك أقام للجميع وليمة عشاء ترحيبًا بنا ولحسن معاملته وطيب معشره أصبحنا نخجل منه في أي طلب، وذهبنا إلى وكيله الذي لا يقل تقديرًا واحترامًا عن مدير المدرسة، وشرحنا له وضعنا فرد علينا بكلام طيب وأبدى استعداد الإدارة للتعاون وتقدير الظروف، أتصلنا على أهلنا وبشرناهم أننا بخير وأن الله وفقنا بمدرسة رائعة ومدير فاضل
سارت الأيام وما يزال المدير يبدي لنا الاحترام والتقدير، ويسعى إلى رفع معنوياتنا وكفاءتنا بالتوجيه والإرشاد إلى ما نحتاج إليه في مجال عملنا
وحيث إن رواتب المدرسين المستجدين تتأخر قال لي إحدى المرات:فيما بيني وبينه إذا كان لك حاجة أو تريد مساعدة مالية فنحن إخوة، فزادت هذه الكلمات قدره ومنزلته!! كذلك أحدى المرات وفي يوم الأربعاء قال هل ستذهب لأهلك؟ قلت نعم قال أخرج بعد الدرس الثالث حتى تصل إلى أهلك قبل الليل لأن المسافة 750كم كل ذلك خوفاً علي فكان نعم الأخ ونعم الصاحب وخير معين لنا في تلك الغربة،
كل ذلك كان منه في أول أيام العام الدراسي حينما كانت المعرفة شبه سطحية..
هذا الأسلوب الراقي في التعامل معنا من البداية جعلنا نتسابق جميعاً لخدمة المدرسة والتفاني في ذلك وبكل سرور
ومع مرور الأيام بدأت تنكشف الصفات الحسنة لذلك الرجل؛ من كرم وأخلاق عالية وحسن إدارة حيث استطاع الجمع بين مخالطة المدرسين داخل المدرسة وخارجها مع المحافظة على هيبته وشخصيته، ومما أعجبني فيه الحرص الشديد على إتقان العمل، فهو من أول من يأتي للدوام ناهيك عن المتابعة الدقيقة للعمل من دفاتر المتابعة للطلاب التي يطلع عليها بنفسه مع أن المدرسة مجمع من أربع مدارس ولا يوجد إلا وكيل واحد فقط ولا يوجد فيها كاتب وفيها أكثر من 45 معلم!!! وما شاء الله لا يمكن أن يتجاوزه صغيرة أو كبيرة، فقد كان حاد الذكاء شديد الفطنة ذو هيبة!!
أحد الطلاب المشاكسين كان يتحدث معي ويقول إذا وقفت أمام أبا محمد أعترف و أعطية الإجابة الصحيحة لأنه من شدة ذكائه يعلم ما في قلبي .
وموقف حصل أبهر الجميع حيث كان يقيم في وقت الفسحة نشاط رياضي الهدف منه شد انتباه الطلاب واشغالهم عن بعض المشاكل ولكن كان الطلاب يصدر منهم تصفيق وتصفير وسخرية باللاعبين وقد تكون السخرية بالمعلمين مما جعل الأمر لا يليق بالمدرسة وفي صباح ذلك وقف أمام الطلاب في الطابور الصباحي ونبه على عدم التصويت والتصفير وحذر من مخالفة ذلك ولما كانت الفسحة تعجبنا جميعاً من هدوء الطلاب وامتثالهم فرغم كثرة عددهم واختلاف أعمارهم إلا أنك لا تسمع منهم ألا همسا مع وجود النشاط الرياضي !!
!
ذات مرة سمعته يتحدث عن رغبته في إدخال الحاسب الآلي للمدرسة والتي كانت مجمع من أربع مدارس وأنه وجد إعلان في جريدة الجزيرة عن برنامج خلايا فقبل أن أسافر إلى أهلي مررت عليه لكي اسلم عليه وأودعه وسألته عن مدى رغبته في إدخال الحاسب وسألته عن الإعلان وإذا هو من محافظتنا بالرس فنسقت مع المكتب وأخذت جهاز المدرسة معي ونزّلت البرنامج وتدربت عليه واتيت به إلى المدرسة ولأجل عيون مديرنا - أبا محمد-أدخلت بيانات (450)طالباً خارج الدوام وعملت على الجهاز لوحدي علماً أنها مجمع من أربع مدارس ومعي (15)حصة وعشر مناهج مع العلم أننا كنا ندخل المشاركة والواجبات و الاختبارات الشهرية مرتين في الفصل!
تعطل الجهاز احدى المرات ونحن على أبواب الاختبارات فأتيت إلى الرس لأجل أصلاح الجهاز كل ذلك تقديراً لمديرنا الفاضل!!
إحدى المدارس طلبت نفس البرنامج من مديرنا -أبا محمد- فلأنه رجل يستحق التقدير قمت بتأمين الجهاز وملحقاته وتدريب من يعمل على الجهاز في تلك المدرسة وكنت كثيراً ما أذهب إليهم لأجل البرنامج !!!
ولعيون أبا محمد قمت بطابعة نماذج المدرسة على الحاسب الآلي كاملة بدون أن يطلب مني ذلك وكان لي الشرف في ذلك حتى أن بعض أقسام الإدارة أخذت منها صور.
طرحنا فكرة مشروع مسابقة ثقافيه بجوائز قيمتها 3000ريال فتبرع بها كاملة فكان دافعا لنا في أقامتها والتي كان لها صدى كبير بين الطلاب والأهالي بالمنطقة هناك.
وذات مرة كنا نستعد للحفل الختامي وكان واضحاً على مديرنا عدم الارتياح وموعد الحفل على وشك ولم يتم أي عمل للمسرح علماً أن المدرسة كانت متميزة في مسرحها ولأنه رجل يستحق التقدير بادرنا وذهبنا أنا وبعض المعلمين له في بيته وسألناهـ عن الوضع فاخبرنا أنه في حيرة من أمرهـ فالمدرسة عودت الناس على الأعمال المتميزة بسبب تخصص الوكيل بالإعمال المسرحية والوكيل الآن بدورة لمديري المدارس فقلنا له لا تهتم سنقيم لك حفلاً مسرحياً يناسب المدرسة وسمعتها فأنا تكفلت بالمسرحية وتدريب الطلاب عليها وزميلي تكفل بالإنشاد وتدريب الطلاب عليه والآخر سيقيم لوحة استعراضية، عندها شكرنا كثيراً على المبادرة وفي الحقيقة هو من يستحق الشكر !!
كتبت المسرحية وعرضتها عليه فوافق عليها
مكثنا شهراً كاملاً ونحن ندرب الطلاب مساء من بعد صلاة العصر إلى المغرب على المسرحية والإنشاد وأقمنا حفلاً مسرحياً أعجب الجميع وكذلك في العام القادم أقمنا كذلك حفلاً مشابه للأول رغم التعب والمشقة والعمل خارج الدوام لكن نتشرف بخدمه ذاك الشهم!!
قمنا بالإشراف على المصلى وكان عدد الطلاب 450طالباً وذلك بشكل يومي على دخولهم وخروجهم وضبطهم داخل المصلى فلا تكاد تسمع صوتا منهم
أقمنا برنامج في المكتبة أعجب ضيوف المدرسة وخاصة مدير التعليم فكان كل طالب يستعير خمس مرات يأخذ جائزة وكان مطلوب من الطالب اختصار الكتاب وكان الإقبال كبيراً وسجل أمين المكتبة إعدادً كبيرة من الزيارات والاستعارات ،وإحدى المدارس أعجبتها الفكرة ونقولها لمكتبة المدرسة عندهم كل ذلك لأن أبا محمد يستحق التقدير ولأنه يدعم كل مشروع أو فكرة مادياً ومعنوياً!!!
كذلك أقمنا فكرة صندوق الفتاوى فكنا نستقبل الأسئلة من الطلاب ونجيب عليها في الإذاعة أو بعد الصلاة.
ولذلك لا ريب أن تكون مدرسته المدرسة المثالية في المنطقة كما ذكر الإخوة في اليوم الذي وصلت فيه المنطقة!! لماذا ؟ لأن مدير المدرسة عرف كيف يتعامل مع الناس على اختلافهم، ففي تلك المدرسة ترى المدرس يبذل ويعمل أ كثر من طاقته بدافع من نفسه، ويعمل وكأن العمل يخصه هو، ويعلم الله أن الواحد منا لا يخرج من المدرسة إلا بعد الدرس السابع بشكل يومي! لماذا لأنه يرى إدارة تقدر ذلك العمل وتغـض الطرف عن التقــصير غير المخل في العمل!! وكم من الدعوات دعونا له نحن وأهـلـنا حينما نسافر لزيارة الأهل حيث المسافة أكثر من (750كم) مع أنني أقل الزملاء مسافة، فجزاه الله ألف ألف خير على حسن ذاته وأخـلاقه العالية.
وأخيراً هاهي عشر سنوات مرت وقد فارقنا تلك البلد الذي يكفي منه أن تشرفنا بمعرفة ذلك الرجل الذي رسم لنا صورة المدير الناجح والمتميز في العمل، والأخ الفاضل الكريم الشهم الغيور على دينه وعلى عرضه وعرض أبنائه من الطلاب، وإن كان فينا من نجاح أو تقدم في مجال عملنا فالمعروف أولاً وآخراً له! إنه –الأستاذ/ سليمان محمد المبارك- مدير مدارس مغيرا سابقا في محافظة العلا،والذي من عشر سنوات وهو أول من أسلم عليه في العيدين وأول من أبارك له برمضان ووضعت اسمه بالجوال باسم (حبيبنا بالعلا ) هذا غير الدعوات منا ومن والدينا التي نرفعها له كلما تذكرنا فضله ومعروفه علينا!!!!!!!!
هذه الكلمات التي أكتبها إنما هي تذكير لكل مدير مدرسة بأنه العمود الفقري لها، وأنه سبب نجاحها أو فشلها، وأن أهم سبب للنجاح هو الجدية في العمل وأن يعلم أنه هو المدير وليس النظام هو المدير، وأنه هو الذي يدير النظام وليس النظام الذي يديره، وأيضاً يكون قدوة لغيره في العمل وأن يقدر ويحترم الجهود ويتفهم الأوضاع الخاصة خاصة مع التعيينات الجديدة للمعلمين والمعلمات والذين تم توجيههم في مناطق نائية .
وأن يكون العمل بعيدًا عن العواطف الشخصية، وأن يقال للمحسن: أحسنت! وللمسيء: أسأت! وقبل كل شيء الإخلاص لله عز وجل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله محمد العواجي
محافظة الرس
رجاء خاص
ارجو نقل هذا المقال لكل المنتديات التعليمية حتى يكون رسالة لكل مديري ومديرات المدارس بوجوب حسن التعامل مع المتعيين الجدد من المعلمين والمعلمات
منقوووول
حانَ الوداعُ فكانَ صوتُ الداعِي كَالبَيْنِ عِندِي مثل صوتِ الناعِي
انطلقت قبل أذان الفجر ميممًا وجهي أقطع الصحاري والقفارلا أخشى إلا الله سبحانه حيث الأمن والاستقرار التي تنعم به بلادنا الغالية، وبعد ست ساعات من السير المتواصل وصلت إلى تلك الديار التي لا أ عرف فيها أحد.. التقيت بصاحبي الذي قد أتى إلى تلك المنطقة عبر طريق آخر، ثم اتجهنا سوياً إلى إدارة التعليم التي اكتظت بجمع غفير من المدرسين من أهل المنطقة عليهم آثار الفرح بالتخرج والتعيين في نفس المنطقة، ومن بين حديثهم الذي لفت نظري أن هناك مدرسة هي أفضل مدرسة في المنطقة رغم بعدها عن المدينة 35 كم، ووزعت خطابات التوجيه وأخـذت خـطـاب التوجـيه وإذا بي أوجه إلى تلك القرية التي فيها المدرسة، وفي الطريق إليها تهت ثلاث مرات مع أنها لا تبعد أكثر من 35كم عن إدارة التعليم وكان الطريق معبدًا كنت أشعر بالغربة وألم فراق الأهل واسأل نفسي ماذا أمامي هل سوف أجد من سوف يقف معي ويواسيني!! هذا غير قلق أهلي وانتظارهم لأخباري وأحوالي؟؟ فكنت بحق بحاجة ليد حانية تخفف عني ،وحينما وصلت إلى المدرسة إذا الطلاب قد انصرفـوا في منظر مازال عالقًا بذاكرتي وإذا بالمدير قد خرج منها ولـكن تسنى لي أن أدركه عند أحدى المحلات التجارية وسلمت عليه وأخبرته بأنـي قد وجهت إلى مدرسته فرحب بي وهش وبش وقال: اليوم انتهت الدراسة وغدًا تأتي بمشيئة الله للمدرسة ثم بعد ذلك دعاني للغداء وأصر على ذلك فرفضت بشدة حياءً منه، ولما كان من الغد أتيت إلى المدرسة وكان هناك أربعة معلمين مستجدين من مختلف المناطق فرحب بنا المدير، وشرح لنا وضع المدرسة وسير العمل وأطلعنا على الفصول من خلال جولة فيها، وجعل لنا حرية الاختيار وبعد ذلك أقام للجميع وليمة عشاء ترحيبًا بنا ولحسن معاملته وطيب معشره أصبحنا نخجل منه في أي طلب، وذهبنا إلى وكيله الذي لا يقل تقديرًا واحترامًا عن مدير المدرسة، وشرحنا له وضعنا فرد علينا بكلام طيب وأبدى استعداد الإدارة للتعاون وتقدير الظروف، أتصلنا على أهلنا وبشرناهم أننا بخير وأن الله وفقنا بمدرسة رائعة ومدير فاضل
سارت الأيام وما يزال المدير يبدي لنا الاحترام والتقدير، ويسعى إلى رفع معنوياتنا وكفاءتنا بالتوجيه والإرشاد إلى ما نحتاج إليه في مجال عملنا
وحيث إن رواتب المدرسين المستجدين تتأخر قال لي إحدى المرات:فيما بيني وبينه إذا كان لك حاجة أو تريد مساعدة مالية فنحن إخوة، فزادت هذه الكلمات قدره ومنزلته!! كذلك أحدى المرات وفي يوم الأربعاء قال هل ستذهب لأهلك؟ قلت نعم قال أخرج بعد الدرس الثالث حتى تصل إلى أهلك قبل الليل لأن المسافة 750كم كل ذلك خوفاً علي فكان نعم الأخ ونعم الصاحب وخير معين لنا في تلك الغربة،
كل ذلك كان منه في أول أيام العام الدراسي حينما كانت المعرفة شبه سطحية..
هذا الأسلوب الراقي في التعامل معنا من البداية جعلنا نتسابق جميعاً لخدمة المدرسة والتفاني في ذلك وبكل سرور
ومع مرور الأيام بدأت تنكشف الصفات الحسنة لذلك الرجل؛ من كرم وأخلاق عالية وحسن إدارة حيث استطاع الجمع بين مخالطة المدرسين داخل المدرسة وخارجها مع المحافظة على هيبته وشخصيته، ومما أعجبني فيه الحرص الشديد على إتقان العمل، فهو من أول من يأتي للدوام ناهيك عن المتابعة الدقيقة للعمل من دفاتر المتابعة للطلاب التي يطلع عليها بنفسه مع أن المدرسة مجمع من أربع مدارس ولا يوجد إلا وكيل واحد فقط ولا يوجد فيها كاتب وفيها أكثر من 45 معلم!!! وما شاء الله لا يمكن أن يتجاوزه صغيرة أو كبيرة، فقد كان حاد الذكاء شديد الفطنة ذو هيبة!!
أحد الطلاب المشاكسين كان يتحدث معي ويقول إذا وقفت أمام أبا محمد أعترف و أعطية الإجابة الصحيحة لأنه من شدة ذكائه يعلم ما في قلبي .
وموقف حصل أبهر الجميع حيث كان يقيم في وقت الفسحة نشاط رياضي الهدف منه شد انتباه الطلاب واشغالهم عن بعض المشاكل ولكن كان الطلاب يصدر منهم تصفيق وتصفير وسخرية باللاعبين وقد تكون السخرية بالمعلمين مما جعل الأمر لا يليق بالمدرسة وفي صباح ذلك وقف أمام الطلاب في الطابور الصباحي ونبه على عدم التصويت والتصفير وحذر من مخالفة ذلك ولما كانت الفسحة تعجبنا جميعاً من هدوء الطلاب وامتثالهم فرغم كثرة عددهم واختلاف أعمارهم إلا أنك لا تسمع منهم ألا همسا مع وجود النشاط الرياضي !!
!
ذات مرة سمعته يتحدث عن رغبته في إدخال الحاسب الآلي للمدرسة والتي كانت مجمع من أربع مدارس وأنه وجد إعلان في جريدة الجزيرة عن برنامج خلايا فقبل أن أسافر إلى أهلي مررت عليه لكي اسلم عليه وأودعه وسألته عن مدى رغبته في إدخال الحاسب وسألته عن الإعلان وإذا هو من محافظتنا بالرس فنسقت مع المكتب وأخذت جهاز المدرسة معي ونزّلت البرنامج وتدربت عليه واتيت به إلى المدرسة ولأجل عيون مديرنا - أبا محمد-أدخلت بيانات (450)طالباً خارج الدوام وعملت على الجهاز لوحدي علماً أنها مجمع من أربع مدارس ومعي (15)حصة وعشر مناهج مع العلم أننا كنا ندخل المشاركة والواجبات و الاختبارات الشهرية مرتين في الفصل!
تعطل الجهاز احدى المرات ونحن على أبواب الاختبارات فأتيت إلى الرس لأجل أصلاح الجهاز كل ذلك تقديراً لمديرنا الفاضل!!
إحدى المدارس طلبت نفس البرنامج من مديرنا -أبا محمد- فلأنه رجل يستحق التقدير قمت بتأمين الجهاز وملحقاته وتدريب من يعمل على الجهاز في تلك المدرسة وكنت كثيراً ما أذهب إليهم لأجل البرنامج !!!
ولعيون أبا محمد قمت بطابعة نماذج المدرسة على الحاسب الآلي كاملة بدون أن يطلب مني ذلك وكان لي الشرف في ذلك حتى أن بعض أقسام الإدارة أخذت منها صور.
طرحنا فكرة مشروع مسابقة ثقافيه بجوائز قيمتها 3000ريال فتبرع بها كاملة فكان دافعا لنا في أقامتها والتي كان لها صدى كبير بين الطلاب والأهالي بالمنطقة هناك.
وذات مرة كنا نستعد للحفل الختامي وكان واضحاً على مديرنا عدم الارتياح وموعد الحفل على وشك ولم يتم أي عمل للمسرح علماً أن المدرسة كانت متميزة في مسرحها ولأنه رجل يستحق التقدير بادرنا وذهبنا أنا وبعض المعلمين له في بيته وسألناهـ عن الوضع فاخبرنا أنه في حيرة من أمرهـ فالمدرسة عودت الناس على الأعمال المتميزة بسبب تخصص الوكيل بالإعمال المسرحية والوكيل الآن بدورة لمديري المدارس فقلنا له لا تهتم سنقيم لك حفلاً مسرحياً يناسب المدرسة وسمعتها فأنا تكفلت بالمسرحية وتدريب الطلاب عليها وزميلي تكفل بالإنشاد وتدريب الطلاب عليه والآخر سيقيم لوحة استعراضية، عندها شكرنا كثيراً على المبادرة وفي الحقيقة هو من يستحق الشكر !!
كتبت المسرحية وعرضتها عليه فوافق عليها
مكثنا شهراً كاملاً ونحن ندرب الطلاب مساء من بعد صلاة العصر إلى المغرب على المسرحية والإنشاد وأقمنا حفلاً مسرحياً أعجب الجميع وكذلك في العام القادم أقمنا كذلك حفلاً مشابه للأول رغم التعب والمشقة والعمل خارج الدوام لكن نتشرف بخدمه ذاك الشهم!!
قمنا بالإشراف على المصلى وكان عدد الطلاب 450طالباً وذلك بشكل يومي على دخولهم وخروجهم وضبطهم داخل المصلى فلا تكاد تسمع صوتا منهم
أقمنا برنامج في المكتبة أعجب ضيوف المدرسة وخاصة مدير التعليم فكان كل طالب يستعير خمس مرات يأخذ جائزة وكان مطلوب من الطالب اختصار الكتاب وكان الإقبال كبيراً وسجل أمين المكتبة إعدادً كبيرة من الزيارات والاستعارات ،وإحدى المدارس أعجبتها الفكرة ونقولها لمكتبة المدرسة عندهم كل ذلك لأن أبا محمد يستحق التقدير ولأنه يدعم كل مشروع أو فكرة مادياً ومعنوياً!!!
كذلك أقمنا فكرة صندوق الفتاوى فكنا نستقبل الأسئلة من الطلاب ونجيب عليها في الإذاعة أو بعد الصلاة.
ولذلك لا ريب أن تكون مدرسته المدرسة المثالية في المنطقة كما ذكر الإخوة في اليوم الذي وصلت فيه المنطقة!! لماذا ؟ لأن مدير المدرسة عرف كيف يتعامل مع الناس على اختلافهم، ففي تلك المدرسة ترى المدرس يبذل ويعمل أ كثر من طاقته بدافع من نفسه، ويعمل وكأن العمل يخصه هو، ويعلم الله أن الواحد منا لا يخرج من المدرسة إلا بعد الدرس السابع بشكل يومي! لماذا لأنه يرى إدارة تقدر ذلك العمل وتغـض الطرف عن التقــصير غير المخل في العمل!! وكم من الدعوات دعونا له نحن وأهـلـنا حينما نسافر لزيارة الأهل حيث المسافة أكثر من (750كم) مع أنني أقل الزملاء مسافة، فجزاه الله ألف ألف خير على حسن ذاته وأخـلاقه العالية.
وأخيراً هاهي عشر سنوات مرت وقد فارقنا تلك البلد الذي يكفي منه أن تشرفنا بمعرفة ذلك الرجل الذي رسم لنا صورة المدير الناجح والمتميز في العمل، والأخ الفاضل الكريم الشهم الغيور على دينه وعلى عرضه وعرض أبنائه من الطلاب، وإن كان فينا من نجاح أو تقدم في مجال عملنا فالمعروف أولاً وآخراً له! إنه –الأستاذ/ سليمان محمد المبارك- مدير مدارس مغيرا سابقا في محافظة العلا،والذي من عشر سنوات وهو أول من أسلم عليه في العيدين وأول من أبارك له برمضان ووضعت اسمه بالجوال باسم (حبيبنا بالعلا ) هذا غير الدعوات منا ومن والدينا التي نرفعها له كلما تذكرنا فضله ومعروفه علينا!!!!!!!!
هذه الكلمات التي أكتبها إنما هي تذكير لكل مدير مدرسة بأنه العمود الفقري لها، وأنه سبب نجاحها أو فشلها، وأن أهم سبب للنجاح هو الجدية في العمل وأن يعلم أنه هو المدير وليس النظام هو المدير، وأنه هو الذي يدير النظام وليس النظام الذي يديره، وأيضاً يكون قدوة لغيره في العمل وأن يقدر ويحترم الجهود ويتفهم الأوضاع الخاصة خاصة مع التعيينات الجديدة للمعلمين والمعلمات والذين تم توجيههم في مناطق نائية .
وأن يكون العمل بعيدًا عن العواطف الشخصية، وأن يقال للمحسن: أحسنت! وللمسيء: أسأت! وقبل كل شيء الإخلاص لله عز وجل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله محمد العواجي
محافظة الرس
رجاء خاص
ارجو نقل هذا المقال لكل المنتديات التعليمية حتى يكون رسالة لكل مديري ومديرات المدارس بوجوب حسن التعامل مع المتعيين الجدد من المعلمين والمعلمات
منقوووول