فهد الشمري
31-07-2004, 11:15 AM
على مر الأزمنة والعصور كافة تظل الأعمال الكبيرة نادرة ومحدودة وهى بقدر توافر أولئك الرجال الذين شاءت العناية الإلهية أن يكون لهم دور كبير في مجتمعاتهم وفي فترة زمنية معينة تحتاج الأمة إلى رجال غير عاديين تتوافر فيهم البصيرة النافذة والحكمة والرأي السديد والاستعداد للتضحية دوما لما يشعرون فيها بمتعة في خدمة مجتمعهم ولو أجهدتهم تلك المسؤولية حيث آمنوا بان لهم رسالة سامية يحملونها في أوطانهم، يهون في سبيلها كل غال ونفيس مستمدين ثقتهم من معين لا ينضب أودعه الله في قلوب المؤمنين من عباده وسخرهم لخدمة خلقه في كل وقت وحين ومن بين أولئك الرجال يبرز الشهيد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح ليقف في الطليعة رأى في الدنيا أبعادا ليس لها حدود أو سدود فأدرك ببصيرته أن له اخوة يشاركونه طموحاته، وآماله فانطلق إليهم فاتحا قلبه، مخططا ومبرمجا بانيا مشيدا معمرا، قائدا مؤسسا معينا وعونا ومعلما، رسم ملامح التفوق الرياضي الكويتي، منطلقا بالشباب والرياضة إلى الآفاق الرحبة.
إبداع وعطاء
فهد الأحمد واضع أسس ومعايير انطلاق الرياضة الكويتية، ومفجر طاقات شبابها نحو الإبداع والخير والعطاء وفق توجهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد الأمين الشيخ سعد العبد لله السلم الصباح والحكومة الرشيدة.
وسعى تغمده الله بواسع رحمته إلى النهوض بالرياضة الكويتية وبلورة الأهداف والغايات المرادة منها، فقطعت الكويت وشبابها أشواطا بعيدة على طريق بناء رياضة اعم واشمل، ولم يكتف الشهيد برياضة المستويات فوضع الخطط والبرامج لتصبح الرياضة في الكويت رياضة للجميع.
أثر وتأثير
فهد الأحمد عاش بدايات الرياضة، ليس في الكويت فحسب بل في عموم الوطن العربي، منطلقا بالشباب الكويتي والعربي إلى الآفاق الرياضية الرحبة.واليه يعود الفضل في تدعيم مواقع الرياضة العربية على الساحة الدولية مع شقيقه المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز (يرحمه الله).
لقد ارتقى الشهيد بالحركة الرياضية الكويتية فأوصلها إلى القمة الشماء وان كان للكويت موطأ على خارطة الحركة الأولمبية الدولية، فان ذلك بفضل جهد الشهيد فهد الأحمد الذي أرسى دعائم رياضية كويتية قوية ذات اثر وتأثير بكل ما حولها.
لقد كرم الله الشباب الكويتي والعربي بالشهيد الشيخ فهد الأحمد الذي وضع لبنة فوق أخري حتى تمكن من تشييد صرح الرياضة الكويتية والجزء الكبير من صرح الرياضة العربية والآسيوية، ليس هذا فحسب بل قدم للرياضة الكويتية أنجاله الشيوخ، احمد وطلال وخالد وعذبي وضاري فهد الأحمد، وجميعهم تشبعوا من فكره وقوميته ووطنيته وفدائيته وإخلاصه وتفانيه ومعا ويتابعون مسيرة الخير والبناء قي بلدنا المعطاء كل من موقعه.
قتلوا الحرية
في الثاني من اغسطس1990 اغتالت يد الغدر رائد العمل الرياضي على بوابة قصر دسمان.. فانتشر النبأ الأسود الحزين انتشار النار في الهشيم. فهد الأحمد استشهد برصاصات غادرة سددها واحد أو اكثر من زبانية النظام العراقي الجائر البائد والذي احتل الكويت وغزاها في ذلك اليوم الأسود، فكان ذلك النبأ واحدا من أقسى ما أعلن هنا في الكويت..وهناك في الخليج والوطن العربي والعالم فعرف الجميع أن الرصاص تطاول على الحرية وقتل الرجل المدافع عن الحق.. قتل صاحب الأيادي البيضاء.. غيَّّب القائد والمعلم والرياضي، ذو الأنفة والعزة والكبرياء الذي لم يحني رأسه إلا للخالق عز وجل .. رصاص اغتال الرجل الذي تحدى اعتي العواصف قاوم الاحتلال العراقي الغاشم منذ ساعاته الأولى ضاربا أروع الأمثلة في التضحية والفداء.
لقد استشهد القائد الذي جابه ما يعترضه من صعاب ومصاعب بشجاعة الإنسان المؤمن بالله والقضاء والقدر المحب لوطنه وأبناء وطنه. . القادر على التحدي.
مشهد
ها هو داخل سيارته الفورد الذهبية. بالقرب من بوابة قصر دسمان، يتدفق الدم من جراحه ، لقد فاضت الروح الطيبة الكبيرة وسكنت الساحة الحزينة ثكلى على الشهيد فهد الأحمد صاحب المواقف التي لا تنسى .. ولم يكن أمام الجميع إلا تصديق الخبر الفاجعة.
رحل الشهيد فهد الأحمد فرثته الملايين .. وأقلام الكتاب وكلمات الأدباء والرياضيين رثاء مهيبا وانفطرت القلوب حزنا وألما، واعتصرت العيون دمعا ودما.. وهكذا شاءت الأقدار فتوارت الشمس يومها بالحجاب المليء بالحزن.
رثيناك يا شهيد الوطن .. يا قائدا ومعلما .. ورثاك أنجالك بكلمات الحزن المجبولة بالألم .. رثيناك ورثاك كل من عرفك من الكبار والصغار قادة ومسؤولين، أدباء وكتاب ورياضيين في عموم الوطن وما وراء حدود الوطن.
رثيناك بعبارات دامعة عبرت عما يجيش في النفوس المكلومة المتصدعة من جبن الرصاصات التي جعلت الدماء تتدفق من الجسد .. فرفعتك السماء إليها بعد أن جادت بروحك الطاهرة.
لقد مضى اكثر من 14 عاما على رحيل الفهد شهيدا وبطلا وذاكرة لا تزال تتدفق في القلوب، وروحه ترفرف في كل زاوية وركن من أركان اللجنة الأولمبية الكويتية والمجلس الأولمبي الآسيوي والاتحاد الكويتي لكرة القدم.. بل كل ركن وزاوية في صالة رياضية أو ملعب أو اتحاد رياضي، أما مواقفه فلا تزال تلهب المشاعر.
ولو كانت الكلمات والدموع تعيد الروح إلى الجسد لبكينا العمر كله على من فقدنا من أهل الكويت وأحباب وأصحاب .. وفهد الأحمد كان للجميع الآهل والأحباب والأصحاب .. ولعل ما خلفه الشهيد فهد الأحمد من أعمال وفكر وإنجازات وذرية صالحة ونجاحه في تربية أبنائه هم الكنز الباقي لكل من عرفه.
رحل تاركا الكثير
نعم رحل الشهيد فبل14 عاما لكنه ترك في القلوب اكثر من تذكار ترك روحه وفكره ونهجه القوى وكلماته وأشعاره وكتاباته وتطلعاته الواثقة التي لا تغيب.. ترك صرحا رياضيا وتلاميذ أكفاء .. فقد كان المعلم الأول للكثيرين في مسالة حب الوطن والعروبة والرياضة والذين يذكرونه الآن بكل خير..
باق معنا
قبل 14 عاما عزى العالم بالشهيد .. ويا مر ما عزو .. عزوا بأبي احمد الراحل جسدا الباقي معنا روحا ما بقيت فينا الحياة .. والعزاء انك غادرتنا من دار الفناء إلى دار البقاء .. لقد ذهبت إلى مثواك الأخير محاطا بدموع الحب والحزن والحنين .. وذكرياتك لا تزال تتدفق في قلوبنا .. لقد علمتنا الكثير وتعلمنا منك الكثير.. وسبحان الواحد القهار.. كل شئ إلى زوال ألا وجهه سبحانه تبارك وتعالى.
وتسترجع الذاكرة صور وأعمال ومواقف الشهيد فهد الأحمد شهيد الرياضة والحركة الأولمبية الدولية .. رمز الكويت والقائد الذي كانت أمنيته أن يموت في ميدان القتال في الخندق العربي ضد العدو الصهيوني لكن جاء استشهاده بالرصاص العراقي الغادر.
فهد الأحمد .. كان سلاحه العلم والفكر.. يناقش بود.. ويعاتب برقة ويشرح في بساطة قابلوه بالمدفع الرشاش والصدور الموغرة بالشر والضلال.
خسارة
لقد خسر العالم وخسرت الكويت رجلا فذا من الصعب أن يجود الزمان بمثله على المدى القريب خسرت فهد الأحمد صاحب الإنجازات والمواقف التي لا تنسى.؟ وإذا ما أراد أحد أن يسجل إنجازات الحركة الرياضية الكويتية بأمانة فانه يجب أن يبدأ من بوابة ضخمة اسمها فهد الأحمد.
وإذا ما حاول أي مؤرخ رياضي أن يعدد الأسباب التي جعلت الرياضة الكويتية تنطلق دوليا وآسيويا انطلاقة تدعوا إلى الدهشة والإعجاب فسوف يجدها مرتبطة باسم فهد الأحمد وإذا حاول ترتيب الأسباب من واحد لمائة فان رقم واحد(1) يجب أن يكون اسم فهد الأحمد.
اكبر تنظيم قاري
وإذا حاول أي باحث رياضي أن يجد الأسباب التي حركت الرياضة الكويتية من حالة سكون ودفعتها لسرعتها القصوى فان اسم فهد الأحمد سوف يفرض وجوده من خلال البحث في كل سبب من الأسباب.. فاللجنة الأولمبية الكويتية لم تحصل على استقلاليتها وشرعيتها الاعتبارية إلا منذ أن تولى رئاستها، والرياضة الكويتية لم تعرف الطريق لآسيا إلا عندما قادها إلى هناك.. والكرة الكويتية لم تصل إلى قمة أمجادها إلا من خلال قيادته لمسيرتها والانتصارات الدولية والآسيوية التي دوت في كل مكان كان هو ورائها ، والكفاءات الكويتية لم تعتل منابر التنظيمات الدولية والقارية إلا بعد أن مهد لها الطريق، والحركة الرياضية الكويتية لم تتمتع بكل هذا الثقل الدولي إلا في ظل قيادته لها... وسيجد الباحثون أن اصغر أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية سنا كان ابن الكويت فهد الأحمد وان الرجل الذي طرد الكيان الصهيوني من ميادين الرياضة بآسيا هو فهد الأحمد وان الرجل الذي كان وراء إنشاء اضخم تنظيم رياضي في آسيا كان نفس الرجل الذي حاز على ثقة مطلقة لقيادة هذا التنظيم وهو فهد الأحمد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، حتى الثاني من أغسطس 1990.
نجــاح
وفهد الأحمد ( طيب الله ثراه ) لم يتولى قيادة تنظيم رياضي إلا وحقق أقصى درجات النجاح، وهو يرحمه الله ترجمة صادقة لطموح وآمال وتطلعات الشباب الرياضي الكويتي ورمز لعشرات ومئات من الشباب المخلص المعطاء في كل المواقع.
وإذا كانت سجلات اللجنة الأولمبية الكويتية وأرشيف الصحف والمجلات الرياضية يسجلان للشهيد بحروف مضيئة مئات التضحيات والمواقف والتحديات التي خاضها ليدفع بالرياضة الكويتية إلى كل هذه الإنجازات الدولية، ولتجني الكويت دعاية لا تقدر بمال، وما تحقق يدخل أحيانا في باب المعجزات قياسا بحداثة عهد الكويت بالرياضة وظروفها المناخية وتعدادها البشري، فان اسم فهد الأحمد هو ميزان تلك المعادلة الصعبة... وفهد الأحمد استطاع أن يحل هذه المعادلة الصعبة، كان يمثل شريحة بشرية نادرة الوجود، وهذه حقيقة يستخلصها كل من عاصر الحركة الرياضية خلال حياة الشهيد، وعاش منجزاتها وخاض في تفاصيلها وراقب تلك القيادة عن كثب وهى تتحرك في جميع المواقع بعقلية متفتحة متقدة الذكاء.
وراء المعجزة
وإذا كان خبراء الرياضة في العالم قد وصفوا وصول الكويت لنهائيات كأس العالم بأنه معجزة ، فلا بد أن يكون وراء هذه المعجزة رجل فذ نادر، وفهد الأحمد كان ذلك الرجل، كان رجل التحديات من اجل الكويت، فإذا لم يجدها في طريقه يتجه أليها وهو يضع للزمن ألف حساب ويخوض صراعا مريرا معه .. كان يمتلك رؤية بعيدة وواضحة للمستقبل، وكانت رؤيته اقرب إلى الحقيقة وفي أحيان كثيرة كانت الحقيقة ذاتها.
الغى الفشل
فهد الأحمد كان ناجحا بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، ولعل الكثيرون لا يعرفون أن هناك سببا مهما يقف وراء نجاحه، فهو قد ألغى الفشل تماما من قاموس حياته ، وتجلى ذلك عندما كان الرياضيون يذهبون إليه حاملين معهم المشاكل الرياضية وكانت إجابته دائما لا يوجد شئ اسمه مشكلة، مادام لكل مشكلة حل، وليس معنى ذلك انه لم يواجه فشلا في حياته الرياضية، ولكنه عاش حياته بفلسفة فريدة وهى تحويل الفشل إلى نجاح أو صنع النجاح من أسباب الفشل، لهذا كان قادرا على أن يغرس الأمل في المحيطين به ، مهما كانت الهموم والمشاكل والأعباء.
ولم تكن نجاحاته المتواصلة في قيادة الحركة الرياضية إلا أنه رجل عرف كيف يتعامل مع ارض الواقع فهو يستغل كل تجربة ويكتسب منها خبرة جديدة فقد أضاف إلى ما يملك من خبرات وتجارب مزيدا منها ، وبرغم ما جمع من خبرات وتجارب اختزنها في عقليته .. إلا انه لا يدعي معرفة كل شيء .. وكان هذا سر نجاحه.
سمة مميزة
وإذا كانت هناك سمة مميزة فهي مقدرته الفائقة على غرس الأمل في نفوس اللاعبين والإداريين والرياضيين بدلا من اليأس في اللحظات التي تقتضي ذلك..وعلى الرغم من انه كان يتعامل مع نماذج شتى من الرياضيين ذوي الآراء المتضاربة والعقول المختلفة والميول المتفاوتة إلا انه طوال حياته عرف كيف يتعامل مع الجميع ولم يضع يوما حاجزا بينه وبين أي رياضي بل حرص دائما على أن يبدأ من القاعدة وان يستمد قوته منها ويكون ترجمة صادقة لتطلعاتها.
ولان الشهيد كان يتعامل مع ارض الواقع كان يعترف بنتاج الديمقراطية، وما تصدره من كوادر قد لا تكون أحيانا في المستوى الذي يريد إلا انه كان حريصا على ترسيخ الديمقراطية في الحركة الرياضية وتثبيت دعائمها والاستفادة من نتائجها وتسخير هذا النتاج لخدمة الحركة الرياضية بأقصى طاقة، أما عشرات الكوادر التي كان يتعامل معها فهي تمتلك قدرة أخرى دفعها للعمل بأقصى طاقة من اجل اسم الكويت.ووضحت هذه القدرة في تعامله مع عشرات ومئات من الأشخاص حيث كان يقوم بتشجيع الجوانب الإيجابية في كل شخص.
نموذج للكفاءة
وإذا كان تعريف الشيخ فهد الأحمد للكفاءة انه الشخص القادر على تجاوز الصعاب وتخطى العقبات والاستفادة من التجارب فمن المؤكد أن الشهيد هو النموذج الصحيح للكفاءة الإدارية الكويتية....انه الرجل الذي حمل مشعلا أضاء به الطريق لقافلة الرياضة الكويتية التي وصلت إلى قمم آسيا وكاس العالم والميادين الأولمبية والتنظيمات الدولية أو انه الرجل الذي مهد الطريق للرياضة الكويتية في مسيرتها الدولية.. أو الرجل الذي قاد الحركة الرياضية لتكون أهم رموز النهضة الحضارية الشاملة التي شهدتها الكويت منذ الاستقلال.
قدرة على العمل
وإذا كان هناك شيئا غير معروف عن الشهيد الذي قهر كل التحديات التي واجهت الرياضية الكويتية فهو انه ضحى بكل ما يملك من وقت وجهد دون مقابل ، وإذا كان هناك من مقابل فهو إحساسه الشخصي بأنه يقدم شيئا لبلده، إذا هو المقابل العظيم الذي كان يدفعه دائما لتقديم المزيد من الجهود والتضحيات على حساب صحته ووقت أولاده .. وإذا كان هناك شيئا آخر فان الشهيد إنسان منحه الله قدرة على العمل تفوق الوصف فهو يدير عشرات الأجهزة من خلال المكاتبات والقرارات والموضوعات التي كانت تقدم له كل صباح في عشرات الملفات.. وكان يحل عشرات المشكلات التي يحملها إليه الرياضيون كل ساعة.
تواضــع
ورغم ضيق وقته كان (يرحمه الله) يحرص دائما على أن يظل مكتبه مفتوحا لجميع الرياضيين طوال اليوم ليستمع إلى وجهات نظرهم .. ويتبادل الآراء معهم..في تواضع شديد وكان هذا التواضع الشديد الذي تتسم يه شخصيته هو أحد أسباب شعبيته الجارفة في الحركة الرياضية .. وكان تواضعه يزداد يوما بعد يوم كلما حقق نجاحا جديدا.
أن مواقف فهد الأحمد من قضايا الشباب لم تتوقف عند حدود بلاده بل امتدت لتخرج إلى كل المنظمات القارية والدولية لم يتحدث باسم الكويت فقط لكنه كان عربيا وطنيا بكل معاني العروبة والوطنية .. لم يخلط بين الرياضة والسياسة ولكنه كان دائما يرى الرياضة وسيلة رائعة لتقريب وجهات النظر السياسية.
عمـلاق
ولان المصائب والنكبات لم تزد الرجال إلا عزيمة وإصرار فقد تعود فهد الأحمد أن يخرج من كل الأزمات أقوى مما كان .. لقد تعود إن يكسب الجولات المتكافئة وتعود أن يواجه خصومه وجها لوجه..أم الغدر فلم يكن له طاقة عليه ..وبالغدر تغلب جار الشمال علية ،في غفلة من الزمن فقضى شهيدا.
كان الشهيد الشيخ فهد الأحمد يقف عملاقا في مساواة اكبر واعتي الشخصيات الرياضية الدولية ، لم يحن رأسه مرة ولم يتنازل عن موقف وظل طوال مشواره يدافع عن سمعة شباب العرب وليس عن الكويت وشبابها فقط وكان له مواقفه الرياضية السياسية البارزة .. فقد لعب دورا بارزا في بطولة الصداقة والسلام التي نظمتها الكويت في أكتوبر 1989 والتي جمعت شباب 45 دولة إسلامية وعربية، بالإضافة إلى دوره الكبير في إقامة هذا الحدث التاريخي فقد لعب دورا اكبر كحمامة سلام وترجم الروح الرياضية السمحة التي كان يحمل لواءها .. لقد نزل ارض الإستاد في مباراة كرة القدم بين العراق وإيران.. وطوق لاعبي الفريقين بالورد .. وتصافحوا بل وتعانقوا وهو يقدم لهم نسخة من المصحف الشريف .. والتقطوا الصور التذكارية التي تناقلتها وكالات الأنباء العربية والعالمية .. وكان هدفه من كل هذا هو الدعوة إلى السلام .. والبعد عن الضرب والقصف والدمار .. لكن شاءت الأقدار أن يذهب غدرا وغيلة.
أروع مثل
فهد الأحمد كان بإمكانه أن يلجأ إلى طريق السهل وان يختار الحياة الوادعه والحياة على الموت تحت نيران الغزاة .. لكن الذين اقتربوا من الشيخ فهد الأحمد يعرفون جيدا انه رجل شجاع لا يخشى في الحق لومه لائم .. وانه بطل وفدائي وضع روحه وحياته فداء للوطن والواجب والحق.
لقد ضرب لنا الشهيد أروع الأمثال في عالم الرياضة وقت أن يكون الرياضي هو الصورة الصحيحة للمواطن المحب لوطنه العاشق لترابه.. وكيف لا وهو الشاعر الذي تغنى طويلا للعروبة وللقدس .. ولأطفال الحجارة والإسلام والذين تابعوا بطولة الصداقة والسلام في الكويت .. يعرفون كيف كان فهد الأحمد شعلة نشاط لا يهدأ .. ولما قرر الفريق العراقي الانسحاب من دورة كأس الخليج العاشرة كادت الدورة أن تفشل فإذا به يحتوي الأزمة بسعة صدر وبعد نظر ..ويذهب لوداع الفريق العراقي بالمطار ويصدر بيانا عاقلا للغاية .. ومرت الأزمة بسلام لأنها كانت دورة أشقاء في بلد الصداقة والسلام..كان يرحمه الله يرى الحياة وهى تطالبه دائما بالجرأة في الحق والإقدام والمخاطرة بالنفس والنفيس دون تردد فاقتحم الأهوال كلما اقتضى ذلك.
التحدي
ورغم مكانته كواحد من آل الصباح الكرام وشقيق أمير دولة الكويت إلا انه لم يرى في الحياة وسادة للراحة والبحبوحة بل وجد فيها التحدي ..وكانت أمنيته أن يموت في الميدان ضمن الصفوف العربية ضد إسرائيل لكن جاءت وفاته بالرصاص العراقي الغادر.. لقد مات شهيدا على ارض كويت العرب.. وكويت البطولة والإنسانية .. الفدائي والشاعر والرياضي الذي تغنى بحب المسلم لأخيه المسلم والعربي لأخيه العربي والجار لجاره.
حب العرب
وكانت كلماته في أوبريت ( الصداقة والسلام ) تلك الدورة التي جمعت على ارض الكويت تظاهره رياضية عربية إسلامية لشباب 45 بلدا عملا رائعا معبرا عما تحمله الكويت أميرا وحكومة وشعبا في قلوبهم من حب للعرب والإسلام .. مؤكدا موهبة جديدة له في الشعر السياسي بعد أن أكد مواهبه المتعددة في الكفاح والرياضة والسياسة والاقتصاد والاجتماع حيث قدم في هذا الأوبريت ابلغ تعبير بالكلمة والحركة والموسيقى عن هموم الأمة العربية والإسلامية عندما قال:
أهـــــــــلا بكـــــــم ضيوفنــــــا
يا ســـــــــعدنا في أهلنــــــــــــا
أن الكويــــــــــــت كلهــــــــــــا
بأميـــــــــــــرها وشــــــــــعبها
هنـــــــــا هنـــــــا هنـــــــــا
اخـــــــــــــوة مســـــــــــــلمون
هناك ثائر في محطـــات الزمن
عربـــــــــــــي مثلنـــــــــــــــــا
وهنـــــا الأقصـــى أســــــــــير
قد وضعنـــا الخـــط الأحمـــــر
أن تكـــن تمــــــــلك مدفــــــــع
نحــــن أطفــــــــال ولكـــــــــن
يا زمــــــان اشـــــــــــهد لهـــم
انهـــــــــم لبــــــــوا النــــــــداء
وغـــــدا ســــــيأتي نصـــــرهم
هنـــــــا هنــــــا هنــــــــا
اخــــــــــــــوة مســــــــــــلمون
لبنـــــــــــان العروبــــــــــــــــة
دم أبريـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
وصــــــــوت اليتامــــــــــــــى
دعونــــــــــــا نقـــــــــــــــــول
هنــــــــــــــــاك شـــــــــــعوب
تعانــــــــــــي المجـــــــــــــاعة
دعــــونا ننادي باســم الســــلام
بلادي الكــــــويت أتينـــــــــاها
فهـــذا ابن عمـــي وهذا أخـــي
كويتنــــــــا يا دار الوفــــــــــاء
وأميــــرنا عـــــــاش وربــــــى
مكانكـــــــــم قلوبنــــــــــــــــــا
اليــــــــوم حلــــــــــو بيننــــــا
من شــــــــــرقها لغربهــــــــــا
قـد رحبـــــــت بضيوفهــــــــــا
الملتقــــــــــــــى هنـــــــــــــــا
التـــــــــــــــم شـــــــــــــــــملنا
هنـاك عائد لابـــــــد للوطـــــن
دينــــــــــه مـــــــن ديننـــــــــا
لمـــــــــن تتركــــــــه لمـــــــن
تحـــت مفهــــــــوم العبـــــــارة
فأنــــــا عنـــــــــدي حجــــــارة
في الوغــــــى نصبـــــح كبـارا
أطفالنــــــــا من مثلهــــــــــــــم
انه يــــــــــــــوم الفـــــــــــــداء
الملتقــــــــــــــى هنــــــــــــــــا
التــــــــــــــم شــــــــــــــــــملنا
لا للحــــــــــــــــــــــــــــــروب
يغطــــــــــــــي الــــــــــدروب
يدمــــــــــــــــي القلــــــــــــوب
لكـــــــــــــــم لاختصـــــــــــار
بتـــــــــــــلك الديـــــــــــــــــار
وتخشــــــــــــــى الدمــــــــــار
ونصلح ما بين جار وجــــــــار
بشــــوق وحــــــــب جمعنــــــا
وديــن الســــماحة إســـــــلامنا
من نخـــــــــاها لا يضـــــــــام
علــى المحبــــــة والســـــــــلام
مات شهيدا
إبداع وعطاء
فهد الأحمد واضع أسس ومعايير انطلاق الرياضة الكويتية، ومفجر طاقات شبابها نحو الإبداع والخير والعطاء وفق توجهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد الأمين الشيخ سعد العبد لله السلم الصباح والحكومة الرشيدة.
وسعى تغمده الله بواسع رحمته إلى النهوض بالرياضة الكويتية وبلورة الأهداف والغايات المرادة منها، فقطعت الكويت وشبابها أشواطا بعيدة على طريق بناء رياضة اعم واشمل، ولم يكتف الشهيد برياضة المستويات فوضع الخطط والبرامج لتصبح الرياضة في الكويت رياضة للجميع.
أثر وتأثير
فهد الأحمد عاش بدايات الرياضة، ليس في الكويت فحسب بل في عموم الوطن العربي، منطلقا بالشباب الكويتي والعربي إلى الآفاق الرياضية الرحبة.واليه يعود الفضل في تدعيم مواقع الرياضة العربية على الساحة الدولية مع شقيقه المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز (يرحمه الله).
لقد ارتقى الشهيد بالحركة الرياضية الكويتية فأوصلها إلى القمة الشماء وان كان للكويت موطأ على خارطة الحركة الأولمبية الدولية، فان ذلك بفضل جهد الشهيد فهد الأحمد الذي أرسى دعائم رياضية كويتية قوية ذات اثر وتأثير بكل ما حولها.
لقد كرم الله الشباب الكويتي والعربي بالشهيد الشيخ فهد الأحمد الذي وضع لبنة فوق أخري حتى تمكن من تشييد صرح الرياضة الكويتية والجزء الكبير من صرح الرياضة العربية والآسيوية، ليس هذا فحسب بل قدم للرياضة الكويتية أنجاله الشيوخ، احمد وطلال وخالد وعذبي وضاري فهد الأحمد، وجميعهم تشبعوا من فكره وقوميته ووطنيته وفدائيته وإخلاصه وتفانيه ومعا ويتابعون مسيرة الخير والبناء قي بلدنا المعطاء كل من موقعه.
قتلوا الحرية
في الثاني من اغسطس1990 اغتالت يد الغدر رائد العمل الرياضي على بوابة قصر دسمان.. فانتشر النبأ الأسود الحزين انتشار النار في الهشيم. فهد الأحمد استشهد برصاصات غادرة سددها واحد أو اكثر من زبانية النظام العراقي الجائر البائد والذي احتل الكويت وغزاها في ذلك اليوم الأسود، فكان ذلك النبأ واحدا من أقسى ما أعلن هنا في الكويت..وهناك في الخليج والوطن العربي والعالم فعرف الجميع أن الرصاص تطاول على الحرية وقتل الرجل المدافع عن الحق.. قتل صاحب الأيادي البيضاء.. غيَّّب القائد والمعلم والرياضي، ذو الأنفة والعزة والكبرياء الذي لم يحني رأسه إلا للخالق عز وجل .. رصاص اغتال الرجل الذي تحدى اعتي العواصف قاوم الاحتلال العراقي الغاشم منذ ساعاته الأولى ضاربا أروع الأمثلة في التضحية والفداء.
لقد استشهد القائد الذي جابه ما يعترضه من صعاب ومصاعب بشجاعة الإنسان المؤمن بالله والقضاء والقدر المحب لوطنه وأبناء وطنه. . القادر على التحدي.
مشهد
ها هو داخل سيارته الفورد الذهبية. بالقرب من بوابة قصر دسمان، يتدفق الدم من جراحه ، لقد فاضت الروح الطيبة الكبيرة وسكنت الساحة الحزينة ثكلى على الشهيد فهد الأحمد صاحب المواقف التي لا تنسى .. ولم يكن أمام الجميع إلا تصديق الخبر الفاجعة.
رحل الشهيد فهد الأحمد فرثته الملايين .. وأقلام الكتاب وكلمات الأدباء والرياضيين رثاء مهيبا وانفطرت القلوب حزنا وألما، واعتصرت العيون دمعا ودما.. وهكذا شاءت الأقدار فتوارت الشمس يومها بالحجاب المليء بالحزن.
رثيناك يا شهيد الوطن .. يا قائدا ومعلما .. ورثاك أنجالك بكلمات الحزن المجبولة بالألم .. رثيناك ورثاك كل من عرفك من الكبار والصغار قادة ومسؤولين، أدباء وكتاب ورياضيين في عموم الوطن وما وراء حدود الوطن.
رثيناك بعبارات دامعة عبرت عما يجيش في النفوس المكلومة المتصدعة من جبن الرصاصات التي جعلت الدماء تتدفق من الجسد .. فرفعتك السماء إليها بعد أن جادت بروحك الطاهرة.
لقد مضى اكثر من 14 عاما على رحيل الفهد شهيدا وبطلا وذاكرة لا تزال تتدفق في القلوب، وروحه ترفرف في كل زاوية وركن من أركان اللجنة الأولمبية الكويتية والمجلس الأولمبي الآسيوي والاتحاد الكويتي لكرة القدم.. بل كل ركن وزاوية في صالة رياضية أو ملعب أو اتحاد رياضي، أما مواقفه فلا تزال تلهب المشاعر.
ولو كانت الكلمات والدموع تعيد الروح إلى الجسد لبكينا العمر كله على من فقدنا من أهل الكويت وأحباب وأصحاب .. وفهد الأحمد كان للجميع الآهل والأحباب والأصحاب .. ولعل ما خلفه الشهيد فهد الأحمد من أعمال وفكر وإنجازات وذرية صالحة ونجاحه في تربية أبنائه هم الكنز الباقي لكل من عرفه.
رحل تاركا الكثير
نعم رحل الشهيد فبل14 عاما لكنه ترك في القلوب اكثر من تذكار ترك روحه وفكره ونهجه القوى وكلماته وأشعاره وكتاباته وتطلعاته الواثقة التي لا تغيب.. ترك صرحا رياضيا وتلاميذ أكفاء .. فقد كان المعلم الأول للكثيرين في مسالة حب الوطن والعروبة والرياضة والذين يذكرونه الآن بكل خير..
باق معنا
قبل 14 عاما عزى العالم بالشهيد .. ويا مر ما عزو .. عزوا بأبي احمد الراحل جسدا الباقي معنا روحا ما بقيت فينا الحياة .. والعزاء انك غادرتنا من دار الفناء إلى دار البقاء .. لقد ذهبت إلى مثواك الأخير محاطا بدموع الحب والحزن والحنين .. وذكرياتك لا تزال تتدفق في قلوبنا .. لقد علمتنا الكثير وتعلمنا منك الكثير.. وسبحان الواحد القهار.. كل شئ إلى زوال ألا وجهه سبحانه تبارك وتعالى.
وتسترجع الذاكرة صور وأعمال ومواقف الشهيد فهد الأحمد شهيد الرياضة والحركة الأولمبية الدولية .. رمز الكويت والقائد الذي كانت أمنيته أن يموت في ميدان القتال في الخندق العربي ضد العدو الصهيوني لكن جاء استشهاده بالرصاص العراقي الغادر.
فهد الأحمد .. كان سلاحه العلم والفكر.. يناقش بود.. ويعاتب برقة ويشرح في بساطة قابلوه بالمدفع الرشاش والصدور الموغرة بالشر والضلال.
خسارة
لقد خسر العالم وخسرت الكويت رجلا فذا من الصعب أن يجود الزمان بمثله على المدى القريب خسرت فهد الأحمد صاحب الإنجازات والمواقف التي لا تنسى.؟ وإذا ما أراد أحد أن يسجل إنجازات الحركة الرياضية الكويتية بأمانة فانه يجب أن يبدأ من بوابة ضخمة اسمها فهد الأحمد.
وإذا ما حاول أي مؤرخ رياضي أن يعدد الأسباب التي جعلت الرياضة الكويتية تنطلق دوليا وآسيويا انطلاقة تدعوا إلى الدهشة والإعجاب فسوف يجدها مرتبطة باسم فهد الأحمد وإذا حاول ترتيب الأسباب من واحد لمائة فان رقم واحد(1) يجب أن يكون اسم فهد الأحمد.
اكبر تنظيم قاري
وإذا حاول أي باحث رياضي أن يجد الأسباب التي حركت الرياضة الكويتية من حالة سكون ودفعتها لسرعتها القصوى فان اسم فهد الأحمد سوف يفرض وجوده من خلال البحث في كل سبب من الأسباب.. فاللجنة الأولمبية الكويتية لم تحصل على استقلاليتها وشرعيتها الاعتبارية إلا منذ أن تولى رئاستها، والرياضة الكويتية لم تعرف الطريق لآسيا إلا عندما قادها إلى هناك.. والكرة الكويتية لم تصل إلى قمة أمجادها إلا من خلال قيادته لمسيرتها والانتصارات الدولية والآسيوية التي دوت في كل مكان كان هو ورائها ، والكفاءات الكويتية لم تعتل منابر التنظيمات الدولية والقارية إلا بعد أن مهد لها الطريق، والحركة الرياضية الكويتية لم تتمتع بكل هذا الثقل الدولي إلا في ظل قيادته لها... وسيجد الباحثون أن اصغر أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية سنا كان ابن الكويت فهد الأحمد وان الرجل الذي طرد الكيان الصهيوني من ميادين الرياضة بآسيا هو فهد الأحمد وان الرجل الذي كان وراء إنشاء اضخم تنظيم رياضي في آسيا كان نفس الرجل الذي حاز على ثقة مطلقة لقيادة هذا التنظيم وهو فهد الأحمد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، حتى الثاني من أغسطس 1990.
نجــاح
وفهد الأحمد ( طيب الله ثراه ) لم يتولى قيادة تنظيم رياضي إلا وحقق أقصى درجات النجاح، وهو يرحمه الله ترجمة صادقة لطموح وآمال وتطلعات الشباب الرياضي الكويتي ورمز لعشرات ومئات من الشباب المخلص المعطاء في كل المواقع.
وإذا كانت سجلات اللجنة الأولمبية الكويتية وأرشيف الصحف والمجلات الرياضية يسجلان للشهيد بحروف مضيئة مئات التضحيات والمواقف والتحديات التي خاضها ليدفع بالرياضة الكويتية إلى كل هذه الإنجازات الدولية، ولتجني الكويت دعاية لا تقدر بمال، وما تحقق يدخل أحيانا في باب المعجزات قياسا بحداثة عهد الكويت بالرياضة وظروفها المناخية وتعدادها البشري، فان اسم فهد الأحمد هو ميزان تلك المعادلة الصعبة... وفهد الأحمد استطاع أن يحل هذه المعادلة الصعبة، كان يمثل شريحة بشرية نادرة الوجود، وهذه حقيقة يستخلصها كل من عاصر الحركة الرياضية خلال حياة الشهيد، وعاش منجزاتها وخاض في تفاصيلها وراقب تلك القيادة عن كثب وهى تتحرك في جميع المواقع بعقلية متفتحة متقدة الذكاء.
وراء المعجزة
وإذا كان خبراء الرياضة في العالم قد وصفوا وصول الكويت لنهائيات كأس العالم بأنه معجزة ، فلا بد أن يكون وراء هذه المعجزة رجل فذ نادر، وفهد الأحمد كان ذلك الرجل، كان رجل التحديات من اجل الكويت، فإذا لم يجدها في طريقه يتجه أليها وهو يضع للزمن ألف حساب ويخوض صراعا مريرا معه .. كان يمتلك رؤية بعيدة وواضحة للمستقبل، وكانت رؤيته اقرب إلى الحقيقة وفي أحيان كثيرة كانت الحقيقة ذاتها.
الغى الفشل
فهد الأحمد كان ناجحا بكل ما لهذه الكلمة من معنى ، ولعل الكثيرون لا يعرفون أن هناك سببا مهما يقف وراء نجاحه، فهو قد ألغى الفشل تماما من قاموس حياته ، وتجلى ذلك عندما كان الرياضيون يذهبون إليه حاملين معهم المشاكل الرياضية وكانت إجابته دائما لا يوجد شئ اسمه مشكلة، مادام لكل مشكلة حل، وليس معنى ذلك انه لم يواجه فشلا في حياته الرياضية، ولكنه عاش حياته بفلسفة فريدة وهى تحويل الفشل إلى نجاح أو صنع النجاح من أسباب الفشل، لهذا كان قادرا على أن يغرس الأمل في المحيطين به ، مهما كانت الهموم والمشاكل والأعباء.
ولم تكن نجاحاته المتواصلة في قيادة الحركة الرياضية إلا أنه رجل عرف كيف يتعامل مع ارض الواقع فهو يستغل كل تجربة ويكتسب منها خبرة جديدة فقد أضاف إلى ما يملك من خبرات وتجارب مزيدا منها ، وبرغم ما جمع من خبرات وتجارب اختزنها في عقليته .. إلا انه لا يدعي معرفة كل شيء .. وكان هذا سر نجاحه.
سمة مميزة
وإذا كانت هناك سمة مميزة فهي مقدرته الفائقة على غرس الأمل في نفوس اللاعبين والإداريين والرياضيين بدلا من اليأس في اللحظات التي تقتضي ذلك..وعلى الرغم من انه كان يتعامل مع نماذج شتى من الرياضيين ذوي الآراء المتضاربة والعقول المختلفة والميول المتفاوتة إلا انه طوال حياته عرف كيف يتعامل مع الجميع ولم يضع يوما حاجزا بينه وبين أي رياضي بل حرص دائما على أن يبدأ من القاعدة وان يستمد قوته منها ويكون ترجمة صادقة لتطلعاتها.
ولان الشهيد كان يتعامل مع ارض الواقع كان يعترف بنتاج الديمقراطية، وما تصدره من كوادر قد لا تكون أحيانا في المستوى الذي يريد إلا انه كان حريصا على ترسيخ الديمقراطية في الحركة الرياضية وتثبيت دعائمها والاستفادة من نتائجها وتسخير هذا النتاج لخدمة الحركة الرياضية بأقصى طاقة، أما عشرات الكوادر التي كان يتعامل معها فهي تمتلك قدرة أخرى دفعها للعمل بأقصى طاقة من اجل اسم الكويت.ووضحت هذه القدرة في تعامله مع عشرات ومئات من الأشخاص حيث كان يقوم بتشجيع الجوانب الإيجابية في كل شخص.
نموذج للكفاءة
وإذا كان تعريف الشيخ فهد الأحمد للكفاءة انه الشخص القادر على تجاوز الصعاب وتخطى العقبات والاستفادة من التجارب فمن المؤكد أن الشهيد هو النموذج الصحيح للكفاءة الإدارية الكويتية....انه الرجل الذي حمل مشعلا أضاء به الطريق لقافلة الرياضة الكويتية التي وصلت إلى قمم آسيا وكاس العالم والميادين الأولمبية والتنظيمات الدولية أو انه الرجل الذي مهد الطريق للرياضة الكويتية في مسيرتها الدولية.. أو الرجل الذي قاد الحركة الرياضية لتكون أهم رموز النهضة الحضارية الشاملة التي شهدتها الكويت منذ الاستقلال.
قدرة على العمل
وإذا كان هناك شيئا غير معروف عن الشهيد الذي قهر كل التحديات التي واجهت الرياضية الكويتية فهو انه ضحى بكل ما يملك من وقت وجهد دون مقابل ، وإذا كان هناك من مقابل فهو إحساسه الشخصي بأنه يقدم شيئا لبلده، إذا هو المقابل العظيم الذي كان يدفعه دائما لتقديم المزيد من الجهود والتضحيات على حساب صحته ووقت أولاده .. وإذا كان هناك شيئا آخر فان الشهيد إنسان منحه الله قدرة على العمل تفوق الوصف فهو يدير عشرات الأجهزة من خلال المكاتبات والقرارات والموضوعات التي كانت تقدم له كل صباح في عشرات الملفات.. وكان يحل عشرات المشكلات التي يحملها إليه الرياضيون كل ساعة.
تواضــع
ورغم ضيق وقته كان (يرحمه الله) يحرص دائما على أن يظل مكتبه مفتوحا لجميع الرياضيين طوال اليوم ليستمع إلى وجهات نظرهم .. ويتبادل الآراء معهم..في تواضع شديد وكان هذا التواضع الشديد الذي تتسم يه شخصيته هو أحد أسباب شعبيته الجارفة في الحركة الرياضية .. وكان تواضعه يزداد يوما بعد يوم كلما حقق نجاحا جديدا.
أن مواقف فهد الأحمد من قضايا الشباب لم تتوقف عند حدود بلاده بل امتدت لتخرج إلى كل المنظمات القارية والدولية لم يتحدث باسم الكويت فقط لكنه كان عربيا وطنيا بكل معاني العروبة والوطنية .. لم يخلط بين الرياضة والسياسة ولكنه كان دائما يرى الرياضة وسيلة رائعة لتقريب وجهات النظر السياسية.
عمـلاق
ولان المصائب والنكبات لم تزد الرجال إلا عزيمة وإصرار فقد تعود فهد الأحمد أن يخرج من كل الأزمات أقوى مما كان .. لقد تعود إن يكسب الجولات المتكافئة وتعود أن يواجه خصومه وجها لوجه..أم الغدر فلم يكن له طاقة عليه ..وبالغدر تغلب جار الشمال علية ،في غفلة من الزمن فقضى شهيدا.
كان الشهيد الشيخ فهد الأحمد يقف عملاقا في مساواة اكبر واعتي الشخصيات الرياضية الدولية ، لم يحن رأسه مرة ولم يتنازل عن موقف وظل طوال مشواره يدافع عن سمعة شباب العرب وليس عن الكويت وشبابها فقط وكان له مواقفه الرياضية السياسية البارزة .. فقد لعب دورا بارزا في بطولة الصداقة والسلام التي نظمتها الكويت في أكتوبر 1989 والتي جمعت شباب 45 دولة إسلامية وعربية، بالإضافة إلى دوره الكبير في إقامة هذا الحدث التاريخي فقد لعب دورا اكبر كحمامة سلام وترجم الروح الرياضية السمحة التي كان يحمل لواءها .. لقد نزل ارض الإستاد في مباراة كرة القدم بين العراق وإيران.. وطوق لاعبي الفريقين بالورد .. وتصافحوا بل وتعانقوا وهو يقدم لهم نسخة من المصحف الشريف .. والتقطوا الصور التذكارية التي تناقلتها وكالات الأنباء العربية والعالمية .. وكان هدفه من كل هذا هو الدعوة إلى السلام .. والبعد عن الضرب والقصف والدمار .. لكن شاءت الأقدار أن يذهب غدرا وغيلة.
أروع مثل
فهد الأحمد كان بإمكانه أن يلجأ إلى طريق السهل وان يختار الحياة الوادعه والحياة على الموت تحت نيران الغزاة .. لكن الذين اقتربوا من الشيخ فهد الأحمد يعرفون جيدا انه رجل شجاع لا يخشى في الحق لومه لائم .. وانه بطل وفدائي وضع روحه وحياته فداء للوطن والواجب والحق.
لقد ضرب لنا الشهيد أروع الأمثال في عالم الرياضة وقت أن يكون الرياضي هو الصورة الصحيحة للمواطن المحب لوطنه العاشق لترابه.. وكيف لا وهو الشاعر الذي تغنى طويلا للعروبة وللقدس .. ولأطفال الحجارة والإسلام والذين تابعوا بطولة الصداقة والسلام في الكويت .. يعرفون كيف كان فهد الأحمد شعلة نشاط لا يهدأ .. ولما قرر الفريق العراقي الانسحاب من دورة كأس الخليج العاشرة كادت الدورة أن تفشل فإذا به يحتوي الأزمة بسعة صدر وبعد نظر ..ويذهب لوداع الفريق العراقي بالمطار ويصدر بيانا عاقلا للغاية .. ومرت الأزمة بسلام لأنها كانت دورة أشقاء في بلد الصداقة والسلام..كان يرحمه الله يرى الحياة وهى تطالبه دائما بالجرأة في الحق والإقدام والمخاطرة بالنفس والنفيس دون تردد فاقتحم الأهوال كلما اقتضى ذلك.
التحدي
ورغم مكانته كواحد من آل الصباح الكرام وشقيق أمير دولة الكويت إلا انه لم يرى في الحياة وسادة للراحة والبحبوحة بل وجد فيها التحدي ..وكانت أمنيته أن يموت في الميدان ضمن الصفوف العربية ضد إسرائيل لكن جاءت وفاته بالرصاص العراقي الغادر.. لقد مات شهيدا على ارض كويت العرب.. وكويت البطولة والإنسانية .. الفدائي والشاعر والرياضي الذي تغنى بحب المسلم لأخيه المسلم والعربي لأخيه العربي والجار لجاره.
حب العرب
وكانت كلماته في أوبريت ( الصداقة والسلام ) تلك الدورة التي جمعت على ارض الكويت تظاهره رياضية عربية إسلامية لشباب 45 بلدا عملا رائعا معبرا عما تحمله الكويت أميرا وحكومة وشعبا في قلوبهم من حب للعرب والإسلام .. مؤكدا موهبة جديدة له في الشعر السياسي بعد أن أكد مواهبه المتعددة في الكفاح والرياضة والسياسة والاقتصاد والاجتماع حيث قدم في هذا الأوبريت ابلغ تعبير بالكلمة والحركة والموسيقى عن هموم الأمة العربية والإسلامية عندما قال:
أهـــــــــلا بكـــــــم ضيوفنــــــا
يا ســـــــــعدنا في أهلنــــــــــــا
أن الكويــــــــــــت كلهــــــــــــا
بأميـــــــــــــرها وشــــــــــعبها
هنـــــــــا هنـــــــا هنـــــــــا
اخـــــــــــــوة مســـــــــــــلمون
هناك ثائر في محطـــات الزمن
عربـــــــــــــي مثلنـــــــــــــــــا
وهنـــــا الأقصـــى أســــــــــير
قد وضعنـــا الخـــط الأحمـــــر
أن تكـــن تمــــــــلك مدفــــــــع
نحــــن أطفــــــــال ولكـــــــــن
يا زمــــــان اشـــــــــــهد لهـــم
انهـــــــــم لبــــــــوا النــــــــداء
وغـــــدا ســــــيأتي نصـــــرهم
هنـــــــا هنــــــا هنــــــــا
اخــــــــــــــوة مســــــــــــلمون
لبنـــــــــــان العروبــــــــــــــــة
دم أبريـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
وصــــــــوت اليتامــــــــــــــى
دعونــــــــــــا نقـــــــــــــــــول
هنــــــــــــــــاك شـــــــــــعوب
تعانــــــــــــي المجـــــــــــــاعة
دعــــونا ننادي باســم الســــلام
بلادي الكــــــويت أتينـــــــــاها
فهـــذا ابن عمـــي وهذا أخـــي
كويتنــــــــا يا دار الوفــــــــــاء
وأميــــرنا عـــــــاش وربــــــى
مكانكـــــــــم قلوبنــــــــــــــــــا
اليــــــــوم حلــــــــــو بيننــــــا
من شــــــــــرقها لغربهــــــــــا
قـد رحبـــــــت بضيوفهــــــــــا
الملتقــــــــــــــى هنـــــــــــــــا
التـــــــــــــــم شـــــــــــــــــملنا
هنـاك عائد لابـــــــد للوطـــــن
دينــــــــــه مـــــــن ديننـــــــــا
لمـــــــــن تتركــــــــه لمـــــــن
تحـــت مفهــــــــوم العبـــــــارة
فأنــــــا عنـــــــــدي حجــــــارة
في الوغــــــى نصبـــــح كبـارا
أطفالنــــــــا من مثلهــــــــــــــم
انه يــــــــــــــوم الفـــــــــــــداء
الملتقــــــــــــــى هنــــــــــــــــا
التــــــــــــــم شــــــــــــــــــملنا
لا للحــــــــــــــــــــــــــــــروب
يغطــــــــــــــي الــــــــــدروب
يدمــــــــــــــــي القلــــــــــــوب
لكـــــــــــــــم لاختصـــــــــــار
بتـــــــــــــلك الديـــــــــــــــــار
وتخشــــــــــــــى الدمــــــــــار
ونصلح ما بين جار وجــــــــار
بشــــوق وحــــــــب جمعنــــــا
وديــن الســــماحة إســـــــلامنا
من نخـــــــــاها لا يضـــــــــام
علــى المحبــــــة والســـــــــلام
مات شهيدا