الرحّال
20-01-2010, 05:01 PM
إباحة الاختلاط المذموم في بلاد الحرمين غشّ للراعي والرعية
الشيخ /عبدالمحسن بن حمد العباد البدر
التاريخ :2/2/1431 هـ
____________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد، ففي الآونة الأخيرة وقبل سنوات قليلة اهتمت بعض الصحف المحلية وعُنيت عناية تامة بنشر كل ما من شأنه التنويه بانفلات النساء في بلاد الحرمين وسفورهن واختلاطهن بالرجال في مختلف المجالات وكان ذلك في أول الأمر مقتصراً على نشر ما تفرزه أذهان التغريبيين المتبعين للشهوات الذين يريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً، وأن تكون النساء في بلاد الحرمين مشابهة لنساء الغرب في الانفلات الذي لا يقبله عقل ولا يقره دين.
وبعد افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في 4/10/1430هـ، ووجود السفور فيها والاختلاط بين الجنسين اتجه الصحفيون إلى البحث عمن يؤيد هذا الاختلاط ممن ينتسب إلى العلم الشرعي، فوجدوا عند بعض المفتونين منهم شيئاً مما يَصْبون إليه، فنشروه محتفين به مبرزين له، وكان اهتمامهم بالتنويه على وجه الخصوص بنسبة إباحة ذلك الاختلاط لبعض أعضاء من هيئة كبار العلماء مهوِّلين بذلك وكأنه من المسلَّمات،فإن كبار العلماء حقاً من الهيئة ينصحون لأهل هذه البلاد حكومةً وشعباً ببيان منع الاختلاط المذموم والتحذير منه لتبقى البلاد آخذة بأسباب السلامة من العقوبات العاجلة والآجلة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله يحفظك)) وهو حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
وأما من هوَّن منهم في أمر الاختلاط بين الجنسين وأباحه في أماكن الدراسة والبحث والعمل ونحو ذلك فهو من المكبَّرين لا من الكبار، والإفتاء بإباحة الاختلاط المذموم غش للراعي والرعية والأخذ بذلك من أعظم أسباب زوال النعم وحلول النقم؛ كما قال الله عز وجل: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) وقال: ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وقال: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقال: ( ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ) .
وقد جاء في صحيفة ((سبق)) الإلكترونية في يوم الأربعاء 13/1/1431هـ الموافق لـ30 ديسمبر 2009م الخبر التالي: ((علمت "سبق" أن عدداً من أعضاء هيئة كبار العلماء والأكاديميين الشرعيين وطلبة العلم, يقومون بإعداد مجموعة من الدراسات والأبحاث العلمية في "الخلوة" و"الاختلاط", بإشراف مراكز بحثية.
وقالت مصادر لـ"سبق" أن هذه البحوث والدراسات ستصدر في سلسلة كتب متتالية قريباً))، وعسى أن يكون هذا الخبر غير صحيح، وإن كان صحيحاً وكان مبنياً على إباحة الاختلاط المذموم في الدراسة والبحث والعمل ونحو ذلك فهو من التعاون على الإثم والعدوان، وهو جناية ممن يقوم به على نفسه وعلى بلاده حكومة وشعباً، وهو من الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، والواجب عليهم العدول عن ذلك ليسلموا من آثاره السيئة التي تلحقهم في الحياة وبعد الممات؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)) رواه مسلم.
ومن حسن حظ كل مسلم ناصح لنفسه وللمسلمين أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، لا أن يكون مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر، ومثل هذه الفتاوى الجديدة الطائشة الشاذة التي لا تخدم إلا الغربيين والتغريبيين والتي سلم من سماعها الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وغيرهما من العلماء الربانيين -رحم الله الجميع- لن يلتفت إليها بإذن الله ولاة الأمر في هذه البلاد حفظهم الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد رضي الله عنه: ((جئت تسأل عن البر والإثم؟ قلت: نعم! قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك)) رواه أحمد وغيره، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) رواه النسائي، والحديثان من أحاديث الأربعين النووية.
وقد قيل: من يعش ير عجباً، وقد عشنا بعد الشيخين الجليلين فرأينا العجب العجاب!! فإلى الله المشتكى ونسأله تعالى كشف الغمة واللطف بالأمة، والله عز وجل يبتلي بالخير والشر؛ كما قال الله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة).
وأي مسئول يكون قادراً على دفع الشر قبل وقوعه أو رفعه بعد ووقوعه لو أصيب بمرض عضال لم يجد له شفاء وقيل له: إنه يزول عنك بدفعك هذا الشر أو رفعه لبادر إلى إزالة المنكر الذي يقدر عليه ليحصل على الشفاء، ومن المعلوم أن ما يُخشى في القبر وما بعده أعظم مما يُخشى منه في الحياة الدنيا.
ألا فليتق الله خادم الحرمين في الرعية بمنع انفلات النساء وسفورهن واختلاطهن بالرجال، لاسيما في جامعته التي هلك بسبب وجود السفور والاختلاط فيها من هلك.
وليتق الله من ينتسب إلى العلم فلا يصدر منه قول يعود عليه وعلى غيره بالأضرار العاجلة والآجلة.
قال سهل بن عبد الله التستري كما في فتح الباري (13/290): ((ما أحدث أحد في العلم شيئا إلا سئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنة سلم وإلا فلا)).
وليتق الله الأمراء والوزراء ومحافظو المدن في منع الاختلاط المشين، كلٌ على حسب ما أعطاه الله من ولاية.
وليتق الله وزير التربية والتعليم في منع اختلاط البنين والبنات في الصفوف الأولية الابتدائية الذي بُدئ بإحداثه في بعض مدارس البنات هذا العام.
وليتق الله وزير الثقافة والإعلام فيما يُبث ويُذاع ويُنشر في وسائل الإعلام.
وليتق الله الصحفيون فلا تكتب أقلامهم شيئا تحصل بسببه المضرة لهم ولغيرهم.
وليتق الله ولاة أمور النساء في محافظتهم على تقيُّدهن بالأحكام الشرعية.
ولتتق الله النساء في محافظتهن على الفضيلة والبعد عن أسباب الرذيلة،
ألا فليتق الله هؤلاء جميعاً قبل أن يفجأ كل واحد منهم الموت: هادم اللذات ومفرق الجماعات.
ومما قاله ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية (ص 281): ((ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ـ قبل الدين ـ لكانوا أشد شيء منعاً لذلك))، ولا يسوغ أن يُفكر بالتحاق بلاد الحرمين في البلاد الأخرى التي انفلتت فيها النساء واختلطن بالرجال في الدراسة والعمل وغير ذلك لأن هذه البلاد هي البقية الباقية الملتزمة بشريعة الإسلام المطبقة لأحكامها، والأصل أن يكون غيرها تابعاً لها في الخير لا أن تكون تابعة لغيرها في الشر،وفيها ما ليس في غيرها من البلاد الأخرى، ففيها الكعبة المشرفة قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها في صلواتهم، وفيها يؤدون شعائر حجهم وعمرتهم، وفيها الحرمان الشريفان مكة والمدينة اللذان يتشرف ولي الأمر في هذه البلاد بلقب خادم الحرمين الشريفين، وفيها المسجدان المعظمان المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفيها ووري جسد خير البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها الطواف بالبيت العتيق الذي لا يوجد طواف مشروع في الأرض سواه، وفيها السعي بين الصفا والمروة، وفيها المشاعر المقدسة عرفة ومزدلفة ومنى، وفيها نزل جبريل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها شعّ نور الهدى وانطلق الهداة المصلحون إلى سائر البلاد لإخراج أهلها بإذن ربهم من الظلمات إلى النور، فلا يليق ببلاد هذا عظيم شأنها ــ وقد ظلت النساء فيها محافظة على الحشمة والحجاب والبعد عن مخالطة الرجال ــ أن تتحول من الحسن إلى السيئ فيقع فيها سفور النساء واختلاطهن بالرجال في المجالات المختلفة كالدراسة والعمل وغير ذلك، وإنه لعار على أهل هذه البلاد حكومةً وشعباً أن يؤول الانفلات الذي بدأ للنساء قريباً إلى أن تكون النساء في الحرمين وغيرهما من هذه البلاد مشابهة للنساء في البلاد الأخرى التي سبقت إلى الانفلات في خروج النساء من بيوتهن متبرجات قد بدت منهن الرؤوس والسواعد والأعضاد والسيقان وبعض الأفخاذ، وهو الذي وقع في بلاد الشام حيث بدأ الانفلات فيها بكشف الوجوه وانتهى إلى ما هو مشاهد ومعاين في تلك البلاد كما ذكر ذلك الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته (5/291ــ309).
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم الذي خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم أن يحفظ على بلاد الحرمين أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها وحسن أخلاقها وصلاح شبابها واحتشام نسائها ويقيها شر الأشرار وكيد الكفار، وأن يوفق ولاة الأمر فيها لكل خير ويحفظهم من كل شر ويهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأن يهيئ لهم بطانة الخير ويصرف عنهم بطانة السوء إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________________________________________ ______
هكذا هم العلماء ...دائماً ينصحون بحرارة ... فهم حُفاظ للأمانة...ويؤدون النصيحة بما تقتضيه أمانتهم العلمية ... حتى لا يوضعون مع من خان الأمانة..
الشيخ /عبدالمحسن بن حمد العباد البدر
التاريخ :2/2/1431 هـ
____________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد، ففي الآونة الأخيرة وقبل سنوات قليلة اهتمت بعض الصحف المحلية وعُنيت عناية تامة بنشر كل ما من شأنه التنويه بانفلات النساء في بلاد الحرمين وسفورهن واختلاطهن بالرجال في مختلف المجالات وكان ذلك في أول الأمر مقتصراً على نشر ما تفرزه أذهان التغريبيين المتبعين للشهوات الذين يريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً، وأن تكون النساء في بلاد الحرمين مشابهة لنساء الغرب في الانفلات الذي لا يقبله عقل ولا يقره دين.
وبعد افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في 4/10/1430هـ، ووجود السفور فيها والاختلاط بين الجنسين اتجه الصحفيون إلى البحث عمن يؤيد هذا الاختلاط ممن ينتسب إلى العلم الشرعي، فوجدوا عند بعض المفتونين منهم شيئاً مما يَصْبون إليه، فنشروه محتفين به مبرزين له، وكان اهتمامهم بالتنويه على وجه الخصوص بنسبة إباحة ذلك الاختلاط لبعض أعضاء من هيئة كبار العلماء مهوِّلين بذلك وكأنه من المسلَّمات،فإن كبار العلماء حقاً من الهيئة ينصحون لأهل هذه البلاد حكومةً وشعباً ببيان منع الاختلاط المذموم والتحذير منه لتبقى البلاد آخذة بأسباب السلامة من العقوبات العاجلة والآجلة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله يحفظك)) وهو حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
وأما من هوَّن منهم في أمر الاختلاط بين الجنسين وأباحه في أماكن الدراسة والبحث والعمل ونحو ذلك فهو من المكبَّرين لا من الكبار، والإفتاء بإباحة الاختلاط المذموم غش للراعي والرعية والأخذ بذلك من أعظم أسباب زوال النعم وحلول النقم؛ كما قال الله عز وجل: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) وقال: ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وقال: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقال: ( ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ) .
وقد جاء في صحيفة ((سبق)) الإلكترونية في يوم الأربعاء 13/1/1431هـ الموافق لـ30 ديسمبر 2009م الخبر التالي: ((علمت "سبق" أن عدداً من أعضاء هيئة كبار العلماء والأكاديميين الشرعيين وطلبة العلم, يقومون بإعداد مجموعة من الدراسات والأبحاث العلمية في "الخلوة" و"الاختلاط", بإشراف مراكز بحثية.
وقالت مصادر لـ"سبق" أن هذه البحوث والدراسات ستصدر في سلسلة كتب متتالية قريباً))، وعسى أن يكون هذا الخبر غير صحيح، وإن كان صحيحاً وكان مبنياً على إباحة الاختلاط المذموم في الدراسة والبحث والعمل ونحو ذلك فهو من التعاون على الإثم والعدوان، وهو جناية ممن يقوم به على نفسه وعلى بلاده حكومة وشعباً، وهو من الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، والواجب عليهم العدول عن ذلك ليسلموا من آثاره السيئة التي تلحقهم في الحياة وبعد الممات؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)) رواه مسلم.
ومن حسن حظ كل مسلم ناصح لنفسه وللمسلمين أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، لا أن يكون مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر، ومثل هذه الفتاوى الجديدة الطائشة الشاذة التي لا تخدم إلا الغربيين والتغريبيين والتي سلم من سماعها الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وغيرهما من العلماء الربانيين -رحم الله الجميع- لن يلتفت إليها بإذن الله ولاة الأمر في هذه البلاد حفظهم الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد رضي الله عنه: ((جئت تسأل عن البر والإثم؟ قلت: نعم! قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك)) رواه أحمد وغيره، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) رواه النسائي، والحديثان من أحاديث الأربعين النووية.
وقد قيل: من يعش ير عجباً، وقد عشنا بعد الشيخين الجليلين فرأينا العجب العجاب!! فإلى الله المشتكى ونسأله تعالى كشف الغمة واللطف بالأمة، والله عز وجل يبتلي بالخير والشر؛ كما قال الله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة).
وأي مسئول يكون قادراً على دفع الشر قبل وقوعه أو رفعه بعد ووقوعه لو أصيب بمرض عضال لم يجد له شفاء وقيل له: إنه يزول عنك بدفعك هذا الشر أو رفعه لبادر إلى إزالة المنكر الذي يقدر عليه ليحصل على الشفاء، ومن المعلوم أن ما يُخشى في القبر وما بعده أعظم مما يُخشى منه في الحياة الدنيا.
ألا فليتق الله خادم الحرمين في الرعية بمنع انفلات النساء وسفورهن واختلاطهن بالرجال، لاسيما في جامعته التي هلك بسبب وجود السفور والاختلاط فيها من هلك.
وليتق الله من ينتسب إلى العلم فلا يصدر منه قول يعود عليه وعلى غيره بالأضرار العاجلة والآجلة.
قال سهل بن عبد الله التستري كما في فتح الباري (13/290): ((ما أحدث أحد في العلم شيئا إلا سئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنة سلم وإلا فلا)).
وليتق الله الأمراء والوزراء ومحافظو المدن في منع الاختلاط المشين، كلٌ على حسب ما أعطاه الله من ولاية.
وليتق الله وزير التربية والتعليم في منع اختلاط البنين والبنات في الصفوف الأولية الابتدائية الذي بُدئ بإحداثه في بعض مدارس البنات هذا العام.
وليتق الله وزير الثقافة والإعلام فيما يُبث ويُذاع ويُنشر في وسائل الإعلام.
وليتق الله الصحفيون فلا تكتب أقلامهم شيئا تحصل بسببه المضرة لهم ولغيرهم.
وليتق الله ولاة أمور النساء في محافظتهم على تقيُّدهن بالأحكام الشرعية.
ولتتق الله النساء في محافظتهن على الفضيلة والبعد عن أسباب الرذيلة،
ألا فليتق الله هؤلاء جميعاً قبل أن يفجأ كل واحد منهم الموت: هادم اللذات ومفرق الجماعات.
ومما قاله ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية (ص 281): ((ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ـ قبل الدين ـ لكانوا أشد شيء منعاً لذلك))، ولا يسوغ أن يُفكر بالتحاق بلاد الحرمين في البلاد الأخرى التي انفلتت فيها النساء واختلطن بالرجال في الدراسة والعمل وغير ذلك لأن هذه البلاد هي البقية الباقية الملتزمة بشريعة الإسلام المطبقة لأحكامها، والأصل أن يكون غيرها تابعاً لها في الخير لا أن تكون تابعة لغيرها في الشر،وفيها ما ليس في غيرها من البلاد الأخرى، ففيها الكعبة المشرفة قبلة المسلمين التي يتوجهون إليها في صلواتهم، وفيها يؤدون شعائر حجهم وعمرتهم، وفيها الحرمان الشريفان مكة والمدينة اللذان يتشرف ولي الأمر في هذه البلاد بلقب خادم الحرمين الشريفين، وفيها المسجدان المعظمان المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفيها ووري جسد خير البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها الطواف بالبيت العتيق الذي لا يوجد طواف مشروع في الأرض سواه، وفيها السعي بين الصفا والمروة، وفيها المشاعر المقدسة عرفة ومزدلفة ومنى، وفيها نزل جبريل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها شعّ نور الهدى وانطلق الهداة المصلحون إلى سائر البلاد لإخراج أهلها بإذن ربهم من الظلمات إلى النور، فلا يليق ببلاد هذا عظيم شأنها ــ وقد ظلت النساء فيها محافظة على الحشمة والحجاب والبعد عن مخالطة الرجال ــ أن تتحول من الحسن إلى السيئ فيقع فيها سفور النساء واختلاطهن بالرجال في المجالات المختلفة كالدراسة والعمل وغير ذلك، وإنه لعار على أهل هذه البلاد حكومةً وشعباً أن يؤول الانفلات الذي بدأ للنساء قريباً إلى أن تكون النساء في الحرمين وغيرهما من هذه البلاد مشابهة للنساء في البلاد الأخرى التي سبقت إلى الانفلات في خروج النساء من بيوتهن متبرجات قد بدت منهن الرؤوس والسواعد والأعضاد والسيقان وبعض الأفخاذ، وهو الذي وقع في بلاد الشام حيث بدأ الانفلات فيها بكشف الوجوه وانتهى إلى ما هو مشاهد ومعاين في تلك البلاد كما ذكر ذلك الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته (5/291ــ309).
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم الذي خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم أن يحفظ على بلاد الحرمين أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها وحسن أخلاقها وصلاح شبابها واحتشام نسائها ويقيها شر الأشرار وكيد الكفار، وأن يوفق ولاة الأمر فيها لكل خير ويحفظهم من كل شر ويهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأن يهيئ لهم بطانة الخير ويصرف عنهم بطانة السوء إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________________________________________ ______
هكذا هم العلماء ...دائماً ينصحون بحرارة ... فهم حُفاظ للأمانة...ويؤدون النصيحة بما تقتضيه أمانتهم العلمية ... حتى لا يوضعون مع من خان الأمانة..