ححرف!
03-02-2010, 05:59 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد
قال أحد الحكماء : « ثلاثة لا يُُعرَفون إلا في ثلاثة مواطن : لا يُعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا في الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة » .
وهذا صحيح ؛ فالشدائد تكشف كوامن الأخلاق ، وتسفر عن حقائق النفوس ،والرجال لا تُعرف إلا عند المواقف والفتن والأزمات .
قد تمر بالإسلام أزمات، قد تمر بالمسلمين شدائد وضائقات، قد يمر بالمسلمين عُسر شديد، تنقطع بهم السبل، فيتحير الناس ويضطربون، ويميدون ويحيدون عن شرع الله، فترى الناس متفرقين شذر مذر، لا يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، حيَّرتهم فتن الحياة الدنيا، فاضطربوا اضطراباً شديداً، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ أنهم رجال المواقف قال تعالى: «قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» [المائدة:313]
حاصر خالد بن الوليد ( الحيرة ) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل!
ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه : (أما بعد : فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف : رجل منهم مقام الألف : الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد).
إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة،ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.
إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة، ورجلاً قد يوازي ألفاً، ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجل ذو همة يحيي أمة.
يُعد بألف من رجال زمانه …لكنه في الألمعية واحد.
الأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم «من المؤمنين رجال».
رجال لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مما تضحكون؟ لَرِجلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد»(أخرجه أحمد)
الأمة بحاجة اليوم إلى رجال يتربون على عظائم الأمور ومكارم الأخلاق ، صفوفهم منتظمة ، حريصون على الوحدة والائتلاف وليس الفرقة والخلاف ، يعلمون أن الغضب لله لا يعني الجور وتجاوز الحدّ الشرعي في إنكار المنكر .
رجال هممهم عالية ، صبرٌ على المحن ، وبُعدٌ عن الفتن ، عقولهم متزنة ، جنوبهم لينة ، أخطاؤهم معدودة ، إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ، دامعة أعينهم ،
حزينة قلوبهم ، يبكون يوماً قصيًرا لغد طويل ، لا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحون بما أتاهم منها أنفاسهم طويلة مثل طول طريقهم .. وآراءهم حكيمة على مثل ما يواجهون ..
إنهم رجال لا يُعرفون عند الاتفاق بل عند الاختلاف ، حيث يُسفر الاختلاف عن مدى ورع الإنسان وحلمه ، وتحريه والتزامه العدل والإنصاف.
هم الصف الأول ، هم النخبة الموجهة ، هم الصفوة المنتقاة ، هم حراس الأمة وقادتها وعقولها .
رجال هم عين الأمة وضميرها ، رجال يذودون عن الأمة ، ويدافعون عنها ، ويدفعون الأعداء ، رجال يوجهون الأمة ، وبهم تسترشد الأمة
رجال تحتاجهم الأمة في كل ظروف تاريخها الطويل ، وحاجتها إليهم اليوم أشد ، إنهم رجال المواقف ...
القادرون على بيان الحق برحمة وإشفاق ، القادرون على إعانة المخطئ في العودة عن خطئه بالحكمة والموعظة الحسنة.
القادرون على إعادة التوازن في الأمَّة بأناتهم وحلمهم ، وخاصة عند ظهور فتنة الاختلاف وكثرة الرويبضات ؛ فهم ملتزمون ببيان الحق بدليله ، وتصحيح الخطأ ، ولكنهم في الوقت نفسه حريصون على تماسك الصف وثبات أركانه ،يعلمون أنَّ غفلتهم عن أحد هذين الركنين ستكون سبباً للتصدع وفساد ذات البين وذهاب الريح .
إنَّ روَّاد الأمة يقفون على أرض راسخة من البصيرة والورع لا يستفزهم الجدل ، ولا تثيرهم أهواء الناس ، بل تراهم يأخذون بحظ وافر من النصيحة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، وليس كل أحد يستطيع أن يبصر مآلات الأمور ، وليس كل مبصر لها قادر على درئها .
أنهم رجال ينظرون بعين المصلح الذي يرعى المقاصد الشرعية المأمور بها جميعها ،فيقدمون أولاها وأقربها لمراد الله عزَّ وجل ومرضاته .
رجال المواقف هدفهم وغايتهم رضا الله جل وعلا ،لا يريدون جزاءً ولا شكورا شعارهم: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[الأنعام:162]
جعلنا الله وإياكم منهم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وبعد
قال أحد الحكماء : « ثلاثة لا يُُعرَفون إلا في ثلاثة مواطن : لا يُعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا في الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة » .
وهذا صحيح ؛ فالشدائد تكشف كوامن الأخلاق ، وتسفر عن حقائق النفوس ،والرجال لا تُعرف إلا عند المواقف والفتن والأزمات .
قد تمر بالإسلام أزمات، قد تمر بالمسلمين شدائد وضائقات، قد يمر بالمسلمين عُسر شديد، تنقطع بهم السبل، فيتحير الناس ويضطربون، ويميدون ويحيدون عن شرع الله، فترى الناس متفرقين شذر مذر، لا يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، حيَّرتهم فتن الحياة الدنيا، فاضطربوا اضطراباً شديداً، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ أنهم رجال المواقف قال تعالى: «قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» [المائدة:313]
حاصر خالد بن الوليد ( الحيرة ) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل!
ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه : (أما بعد : فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف : رجل منهم مقام الألف : الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد).
إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة،ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.
إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة، ورجلاً قد يوازي ألفاً، ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجل ذو همة يحيي أمة.
يُعد بألف من رجال زمانه …لكنه في الألمعية واحد.
الأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم «من المؤمنين رجال».
رجال لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مما تضحكون؟ لَرِجلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد»(أخرجه أحمد)
الأمة بحاجة اليوم إلى رجال يتربون على عظائم الأمور ومكارم الأخلاق ، صفوفهم منتظمة ، حريصون على الوحدة والائتلاف وليس الفرقة والخلاف ، يعلمون أن الغضب لله لا يعني الجور وتجاوز الحدّ الشرعي في إنكار المنكر .
رجال هممهم عالية ، صبرٌ على المحن ، وبُعدٌ عن الفتن ، عقولهم متزنة ، جنوبهم لينة ، أخطاؤهم معدودة ، إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ، دامعة أعينهم ،
حزينة قلوبهم ، يبكون يوماً قصيًرا لغد طويل ، لا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحون بما أتاهم منها أنفاسهم طويلة مثل طول طريقهم .. وآراءهم حكيمة على مثل ما يواجهون ..
إنهم رجال لا يُعرفون عند الاتفاق بل عند الاختلاف ، حيث يُسفر الاختلاف عن مدى ورع الإنسان وحلمه ، وتحريه والتزامه العدل والإنصاف.
هم الصف الأول ، هم النخبة الموجهة ، هم الصفوة المنتقاة ، هم حراس الأمة وقادتها وعقولها .
رجال هم عين الأمة وضميرها ، رجال يذودون عن الأمة ، ويدافعون عنها ، ويدفعون الأعداء ، رجال يوجهون الأمة ، وبهم تسترشد الأمة
رجال تحتاجهم الأمة في كل ظروف تاريخها الطويل ، وحاجتها إليهم اليوم أشد ، إنهم رجال المواقف ...
القادرون على بيان الحق برحمة وإشفاق ، القادرون على إعانة المخطئ في العودة عن خطئه بالحكمة والموعظة الحسنة.
القادرون على إعادة التوازن في الأمَّة بأناتهم وحلمهم ، وخاصة عند ظهور فتنة الاختلاف وكثرة الرويبضات ؛ فهم ملتزمون ببيان الحق بدليله ، وتصحيح الخطأ ، ولكنهم في الوقت نفسه حريصون على تماسك الصف وثبات أركانه ،يعلمون أنَّ غفلتهم عن أحد هذين الركنين ستكون سبباً للتصدع وفساد ذات البين وذهاب الريح .
إنَّ روَّاد الأمة يقفون على أرض راسخة من البصيرة والورع لا يستفزهم الجدل ، ولا تثيرهم أهواء الناس ، بل تراهم يأخذون بحظ وافر من النصيحة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر ، وليس كل أحد يستطيع أن يبصر مآلات الأمور ، وليس كل مبصر لها قادر على درئها .
أنهم رجال ينظرون بعين المصلح الذي يرعى المقاصد الشرعية المأمور بها جميعها ،فيقدمون أولاها وأقربها لمراد الله عزَّ وجل ومرضاته .
رجال المواقف هدفهم وغايتهم رضا الله جل وعلا ،لا يريدون جزاءً ولا شكورا شعارهم: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[الأنعام:162]
جعلنا الله وإياكم منهم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم