أبو رائد
04-04-2010, 11:01 AM
خطبة صلاة الاستسقاء
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مغيث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وجابر كسر المنكسرين، ورافع البلاء عن المستغفرين. لا إله إلا الله! مجيب الدعوات، وغافر الزلات، وفارج الكربات، ومنزل البركات، وغادق الخيرات، سبحانه مِن إله كريم، ورب رحيم، عم بفضله وكرمه جميع المخلوقات. لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، سبحان مَن يعطي ويمنع! ويخفض ويرفع! ويصل ويقطع! إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود:56]. اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير.
لك الحمدُ كلُّ الحمد لا مبدا له ولا منتهىً والله بالحمد أعلمُ
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، التي هي الزاد وبها المعاد، زادٌ مبلِّغ، ومَعاد مُنجح، دعا إليها أسمعُ داع، ووعاها أفقهُ واع، فأسمَع داعيها، وفاز واعيها.
عباد الله، إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
ثم إن الدنيا دارُ فناء وعناء، وإن ملكَ الموت لموتِرٌ قوْسَه، لا تخطئ سهامُه، ولا توصَى جراحُه، فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنه لا يرجَى من رجعة العمر ما يُرجى من رجعة الرزق، فإن الرجاء مع الجائي، واليأسَ مع الماضي، وإن من العناء ـ عباد الله ـ أن يجمع المرءُ ما لا يأكل، ويبنيَ ما لا يسكن، ثم يخرجَ إلى الله، لا مالا حمل ولا بناءً نقل، فسبحان الله، ما أغرَّ سرورَ الدنيا، وأظمأ رِيَّها، وأضحى فيأَها، فلا جاءٍ يُردّ، ولا ماضٍ يرتدّ.
أيها الناس، إنه ليس شيءٌ بشّر من الشر إلا عقابُه، وليس شيءٌ بخير من الخير إلا ثوابُه، واعلموا ـ يا رعاكم الله ـ أن ما نقص من الدنيا وزاد في الآخرة خيرٌ مما نقص من الآخرة وزاد في الدنيا، فكم من منقوصٍ رابح، وكم من مزيد خاسر. ألا وإن الذي أُمرتم به أوسعُ من الذي نُهيتم عنه، وما أُحلَّ لكم أكثرُ مما حرِّم عليكم، فذروا ما قلّ لما كثر، وما ضاق لما اتّسع.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها الناس، إن خير ما أُلقي في الضمائر يقينٌ بالله، يرسخ في القلوب الرواسي، فإيمان صادقٌ بكفاية الله لعباده يدفعُهم إلى تقديم مرضاة ربهم على رضاء خلقه وعبيده، وعلى النقيض من ذلك فِئامٌ من الناس ضعُف فيهم اليقين بالله، فأرضَوا الناسَ بسخط الله، وجاملوهم في معاصي الله، وتعلَّقوا بهم، واشتغلوا عن ربِّهم، رغبةً منهم في نوال حطام الدنيا، أو خوفاً من سطوة ساطٍ أو بغي باغٍ. فحِذار حِذار من مثل صنيع هؤلاء حِذار، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الرجل ليخرج من بيته ومع دينُه، فيلقى الرجلَ وله إليه حاجة، فيقول: أنت كيت وكيت، يثني عليه لعلَّه أن يقضيَ من حاجته شيئاً له، فيسخط الله عليه، فيرجع وما معه من دينه شيء)[1]، يقول حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه: بايعنا رسول الله على أن لا نسأل الناس شيئا. رواه مسلم[2]. حتى إن الرجلَ من الصحابة ليسقط سوطه من على راحلته، فينزل فيأخذه، لا يسأل أحداً أن يناوله إياه.
عباد الله، في أعقاب الزمن تتنكّس الفطر، وتُدرَس معالم الشريعة كما يُدرَس وشيُ الثوب إلا ما شاء الله، وإنه ما من زمان يأتي إلا والذي بعده شرّ منه حتى تلقوا ربَّكم، وإنكم ستعرفون من الناس وتُنكرون، حتى يأتي على الناس زمن ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، حتى أصبح الكتاب والسنة في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم، فاجتمع أقومٌ على الفُرقة، وافترقوا عن الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب، وليس الكتاب إمامَهم.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أن من استنصح اللهَ يوفِّقْه، ومن اتَّخذ قولَه دليلاً هُدي للتي هي أقوم، وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمةَ الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمتُه أن يتواضعوا له، وسلامةَ الذين يعلمون ما قُدرتُه أن يستسلموا له، فلا تنفروا من الحق ـ عباد الله ـ نِفار الصحيح من الأجرب، والبارئ من ذي السقم، فالتمسوا الرشدَ ـ رعاكم الله ـ من عند أهله، فإنهم عيشُ العلم، ومَوتُ الجهل، لا يخالفون الدين، ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهدٌ صادق، وصامت ناطق، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها المسلمون، إن الله سبحانه يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبسِ البركات، ليتوب تائب، ويُقلع مقلع، ويتذكَّر متذكِّر، ويزدجر مزدجر، وقد جعل الله سبحانه الاستغفارَ سبباً لدرور الرزق، ورحمة الخلق، فقال سبحانه: ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12]، قرأها الفاروق رضي الله عنه من على المنبر يستسقي ثم قال: (لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديح السماء التي يُستنزَل بها المطر)[3]. فما لبعض الناس لا يرجون لله وقاراً، وقد خلقهم أطوارا؟! فرحم الله امرأً استقبل توبتَه، واستقال خطيئتَه، وبادر منيتَه، روى البيهقي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله ، فأقبل علينا بوجهه فقال: ((يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشةُ في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتُلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال إلا ابتُلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قومٌ زكاةَ أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا خفر قومٌ العهدَ إلا سلَّط الله عليهم عدوًا من غيرهم، فأخذوا بعضَ ما في أيديهم، وما لم يعمل أئمتُهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم))[4]، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم)[5]، وقال مجاهد رحمه الله: "إن البهائمَ تلعن عصاةَ بني آدم إذا اشتدَّت السنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم"[6].
ألا فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الأرض التي تحملكم والسماءَ التي تظلُّكم مطيعتان لربكم، فلا تمسكان بخلا عليكم، ولا رجاءَ ما عندكم، ولا تجودان توجُّعا لكم، ولا زلفى لديكم، ولكن أُمرتا بمنافعكم فأطاعتا، وأقيمتا على حدود الله مصالحَكم فقامتا، ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَاء وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت:11]، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنه ليس من عبدٍ إلا له مصلًّى في الأرض، ومصعدُ عمله من السماء، فإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض، ولا عملٌ يصعد في السماء) ثم قرأ: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ [الدخان:29][7].
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات، واجعل لنا أنهارا.
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خرجنا إليك من تحت البيوت والدور، وبعد انقطاع البهائم، وجدْب المراعي، راغبين في رحمتك، وراجين فضلَ نعمتك، اللهم قد انصاحت جبالنا، واغبرَّت أرضنا، اللهم فارحم أنين الآنَّة، وحنين الحانة، اللهم فأسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، اللهم إنا خرجنا إليك حين اعتركت على إخواننا مواقع القطر، وأغلظتهم مكايل الجوع، فكنت الرجاء للمبتئس، والمجيب [للملتمس]، اللهم انشر علينا وعليهم رحمتك بالسحاب، سحاً وابلاً غدقا مغيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار، اللهم لتحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتحيي به ما قد مات، وتردَّ به ما قد فات، وتنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، اللهم سقيا هنيئة، اللهم سقيا هنيئة، تروى بها القيعان، وتسيل البطان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه[8] تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة.
وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهاراً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
====================================
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الخلق ورازقهم ومنزل الغيث ومجري السحاب ومحي الأرض بعد موتها من استطعمه أطعمه ومن استكساه كساه ومن استهداه هداه ومن استنصره نصره ومن استسقاه سقاه {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (60) سورة البقرة واستسقى نبينا لقومه مرات عديدة وفي كل مرة يتضرع فيها لله ويطلب السقيا من الله لعباده وقد أمرنا الله أن نقتدي به {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه علمنا كيف نتضرع لله ونلجأ إليه ونطلب منه بلا وساطة فهو سبحانه يسمع دعاء من دعاه ووعد بإجابة الدعاء فقال سبحانه : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) سورة البقرة وقال تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60) } سورة غافر ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا) قال الترمذي: " حديث حسن صحيح "
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد :
أيها الزملاء الأعزاء :
أيها الأبناء البررة :
أيها المسلمون الموحدون :
لقد خلقنا الله لعبادته وحده {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) } سورة الذاريات واستخلفنا في الأرض فقال لملائكته { ...إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... } (30) سورة البقرة: وقد ينسى العباد تلك المهمة التي خلقوا من أجلها وينشغلوا بالرزق الذي تكفل الله به - أي ينشغلوا بما ضمنه الله لهم عن العبادة التي كلفوا بها – فيحبس الله المطر عنهم ليتذكروا أن أمور الرزق بيد الله فإذا صلوا وتضرعوا ودعوا وأخلصوا العبادة لربهم يكونون قد حققوا ما من أجله خلقوا .
وقد أقام الله الحجة على عباده فآدم عليه السلام نبي وهو أبو البشر وقد خلقه الله بيده واستخلفه في أرضه وأسجد له ملائكته وخلق له زوجه حواء ثم توالى النسل فابتعد الخلق عن ربهم فأرسل لهم الرسل وما ترك أمة إلا وأرسل لها نذير يذكرها ربها ولكن للأسف معظم الأمم أعرضوا عن أنبيائهم وكذبوا وأعلنوا كفرهم بربهم وشركهم بالله رب العالمين .
تاريخ البشرية مؤلم وكم من أمم كفرت بربها وبارزته بالمعاصي بل وأنكرت أن يكون لهذا الكون من خالق وأشركت في عبادتها غيره بل وبالغ منهم بعضهم في كفره وجبروته حتى ادعى الألوهية ومنهم النمرود الحاكم الذي كان في زمن إبراهيم الخليل – عليه السلام – هذا الملك الذي أعطاه الله الملك فأنكر وجود الله بل وادعى أنه إله من دون الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (258) سورة البقرة
وإذ به مرة أخرى يقول : يا إبراهيم أين جنود ربك سأخرج له بجنودي فليخرج لي ربك بجنوده يالها من وقاحة ويالها من حقارة أن يتجرأ العبد على خالقه ويطلب هو إعلان الحرب ويخرج بجنوده في مكان فسيح فكان أحقر عند الله من أن يرسل له ملائكة تحاربه أو عبادا مؤمنين من بني البشر يقاتلوه بل أرسل له جيشا من البعوض فهجم على جيشه فدمره ودخلت واحدة من هذا البعوض في رأسه فكانت سببا لهلاكه .
بل ووصلت الجرأة بأحد هم أن يدعي الألوهية لنفسه وينكرها لله مثل فرعون الذي طغى وتجبر فقال :{... مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ... } (38) سورة القصص بل وجمع الناس وأعلنها صريحة وعلى مسمعٍِ ومرأى من الجميع{فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} سورة النازعات فكان له ربه بالمرصاد أمهله ولم يهمله فقال عز من قائل :{وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} سورة الفجر
نعم ياعباد الله إن ربك لبالمرصاد لكل من طغى وتجبر لكل من ظلم وبغى لكل من سفك الدماء واستباح الأعراض لكل من ظن أنه ملك الدنيا ومن عليها
أيها الأحبة : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) سورة الفجر
احتبس المطر وجف الضرع ومات الزرع وقل الماء ونوشك على الهلاك ولا منجى لنا إلاَّ الله فهل آن لنا أن نتضرع لله رب العالمين ونعلن توبتنا لله ونخرج زكاة أموالنا ونعطي أصحاب الحقوق حقوقهم ونعود لكتاب ربنا وسنة نبينا عسى الله أن يرفع البلاء الذي حل بنا وبأوطاننا وبأمتنا .
عسى الله أن ينصرنا على أعدائنا ويكشف ستر عدونا ويفضحه ويجعل تدبيره تدميرا عليه
الله الذي أغرق فرعون وأهلك عادا وثمود وقوم لوط وقوم صالح قادر أن يهلك عدو أمتنا ومن استباح بيضتنا .
صلاة الاستسقاء سنة نبيكم وهدي معلمكم الأول محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – فلنتوجه لله رب العالمين أن يحفظ بلادنا وأن يعمها بفضله وأن ينزل الغيث وأن يجعله غيثا مغيثا نافعا غير ضار سحا غدقا مجللا .
لقد وعد سبحانه المستغفرين بالخير والنعيم ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ................................ )
وقال سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
اللهم أنزل علينا من بركات السماء والأرض
اللهم لا تحرمنا عفوك ولا تمنعنا فضلك
اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين
اللهم لا إله إلا أنت
أنت الغني ونحن الفقراء إليك
أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين .
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة
اللهم دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا ياربنا كما وعدتنا
اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
===========================
الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، سبحانه له مقاليدُ السّموات والأرض وإليه يُرجع الأمر كلُّه، وكان بعباده سميعاً بصيراً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وهو أحقُ أن يُذكر بكرةً وأصيلاً، وأشهد أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي والله خير زاد { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
عباد الله، إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها الناس قال سبحانه {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30
وإلاّ فإنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذلك فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، ويخبرهم سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من عند أنفسهم، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
ونحن لا نريد أن نتبادل التهم ، فيأتي التاجر ويقول . منعنا القطر بسبب منع المزارع للزكاة؟
أو يأتي المزارعُ فيقول: منعنا الغيثُ بسبب غش التجار في المعاملات، أو بسبب مساهمته في شركات ربوية.
أو يأتي مديرُ إدارة ويقول: معنا المطر بسبب تفريط الموظفين في الدوام. ويأتي الموظف ، ويقول : معنا القطر بسبب ظلم المدير ومحاباته لبعض الموظفين. أو يأتي آخر ويقول منعنا الغيث بسبب . الشحناء والخصومة بين فلان وفلان أو بين أولئك الأقارب ، نعم هذه معاصي عظيمة .. هي سبب في منع القطر من السماء، وسبب لعدم إجابة الدعاء .
ولكن من لم يقع في شيء منها فربما وقع في معصية أخرى ومن المعاصي التي ربما لا يسلم منها أحد – إلا من رحم ربي – عدم إنكار تلك المعاصي ، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهذه معصية عظيمة أيضاً .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : كما روى الترمذي في السنن : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ »
وقل سبحانه وتعالى : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
أكد سبحانه الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والواو فقال { ولْتَكُن} وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ »
وأكد الحبيب الأمر ب بفعل المضارع المسبوق باللام والفاء [فليغيره] وقد عد بعضُ العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام . وأقل ما قيل فيه أنه فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين....
ويبقى السؤال ... الآن هل قام به من يكفي؟
والجواب : لو كان القائمين به كافين، لمَ رأينا منكرات في وسائل الإعلام، وفي الأسواق، الشوارع ، وفي البيوت. بل وفي دور التعليم والعلم . فكم من مستهتر بيننا لا يصلي ؟ وكم من متهاون بيننا في تحري الحلال والحرام ؟ وكم من جوال يحمل في ذاكرته ما يستحي صاحبه أن يعلن عنه أمام أقرب الناس إليه ؟ وكم من عاق لوالديه وقاطع رحمه ؟ وكم وكم وكم !!!
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم" وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: (إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم)
وقال تعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
واحذروا -أيها المؤمنون- اختبارًا ومحنة يُعَمُّ بها المسيء وغيره لا يُخَص بها أهل المعاصي ولا مَن باشر الذنب, بل تصيب الصالحين معهم إذا قدروا على إنكار الظلم ولم ينكروه, واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ونهيه.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}
إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ولذا فنحن جميعاً مطالبون بالتوبة النصوح ، فتوبوا إلى الله جميعا لعلكم ترحمون، قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فبادِروا بتوبةٍ نصوح ما دام في العُمر فسحة والباب مفتوح، وأكثِروا من الاستغفار فبِه تُستَجلَب رحمة الله، فقال سبحانه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً{13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً{14}
عبادَ الله، أما وقد خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآثِم والأوزارِ، وقد رُوَي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم – ((خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعًا متخشِّعًا متضرِّعًا )) ، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعة إلى ربكم
اللّهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغثنا، غثيًا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضار عاجلاً غير آجل، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد، اللهم اسقِ عبادك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميت، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللّهمّ إنَّ بالعباد والبلادِ مِنَ اللواء والجَهد والضّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرع وأدِرَّ لنا الضّرع وأنزِل علينا من بركاتك، اللّهمّ ارفَع عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرك.
اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنّا بذنوبِنا فضلك. اللهم أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّةً لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوف ولا تجعلنا آيسين ولا تهلِكنا بالسنين واغفِر لنا أجمعين واكشِف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه. تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة. وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
======================
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله! مجيب الدعوات، وغافر الزلات ، سبحانه مِن إله كريم، ورب رحيم، عم بفضله وكرمه جميع المخلوقات.
لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، سبحان مَن يعطي ويمنع! ويخفض ويرفع! ويصل ويقطع! إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود:56].
اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير.
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق تقواه، فإن مَن اتقى الله حفظه ووقاه، ومَن سأله منحه وأعطاه، ومَن توكل عليه كفاه وآواه.
أيها المسلمون: إن دلائل وحدانية الله وآيات قدرته كثيرة، لا تُعدُّ ولا تُحصى، وشواهدُ عظمته وفيرة، لا تُحد ولا تُستقصَى ولكن القلوب عن آيات الله غافلة، والنفوس عن شواهد قدرته لاهية، والعقول عن دلائل عظمته شاردة، إلا من رحم الله.
إخوة الإسلام: هنالك نعمة من نعم الله، وآية من آياته، لا غنى للناس عنها، هي مادة حياتهم، وعنصر نمائهم، وسبب بقائهم، منها يشربون ويسقون، ويحرثون ويزرعون، ويرتوون ويأكلون، تلكم - يا رعاكم الله- هي نعمة الماء والمطر وآية الغيث والقطر.
إخوة الإيمان: الماء أصل النماء الفائق على الهواء والغذاء والكساء والدواء، هو عنصر الحياة وسبب البقاء، مَن الذي أنشأه من عناصره إلا الله؟! ومَن الذي أنزله من سحائبه إلا الله؟!
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70]..
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء:30]..
أمة الإسلام: إنه لا يَقْدُر هذه النعمة قَدْرَها إلا مَن حُرِمَها، تأملوا في أحوال أهل الفقر والفاقة التي تغلب على حياة من ابتلوا بالجدب والقحط والجفاف والمجاعة، سائلوا أهل المزارع والمواشي: في أي حالة من الضُّرِّ يعيشون، من قلة الأمطار وغور المياه، وهي سبب خصب مزارعهم وحياة بهائمهم؟!
ومن حكمته تبارك وتعالى ألا يديم عباده على حالة واحدة، بل يبتليهم بالسراء والضراء، ويتعاهدهم بالشدة والرخاء، ويمتحنهم خيراً وشراً، نعماً ونقماً، محناً ومنحاً: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155].
ومن ابتلاء الله لعباده: حبسُ القطر أو تأخيرُه عنهم، أو نزعُ بركته منهم، مع ما للمطر من المنافع العظيمة للناس والبهائم والزروع والثمار؛ وما في تأخيره من كثير من المضار.
معاشر المسلمين: إن للغيث أسباباً جالبة وأخرى مانعة، هل سألنا أنفسنا ونحن في مواسم الغيث؟! هل أخذنا بأسباب نزوله؟! أم قد نكون نحن بأفعالنا سبباً في منعه؟!
تعالوا بنا نعرض شيئاً من أحوالنا، لعلها تكون ذكرى نافعة، وسبباً في تقويم أوضاعنا على منهج الله، لنحظى برزقه الوافر الذي لا يُنال إلا بمرضاته، فالغيث جماع الرزق، قال تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات:22] والمطر أصل البركات، قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96].
فيا عباد الله: لنحاسب أنفسنا:ألم نقصر في تحقيق الإيمان والتقوى؟!
ففي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة ضيعها كثير من الناس والسؤال :
ما ميزان الصلاة، وهي ثاني أركان الإسلام، والفارق بين الكفر والإيمان، وقد خف مقدارها، وطاش ميزانها عند كثير من الناس؛ إلا من رحم الله؟!
وإذا سألت عن الزكاة المفروضة وإخراجها، ترى العَجَب العُجاب من بخل بعض الناس وتقصيرهم في أدائها، مما نزع البركة من الأموال، وكان سبباً كبيراً في منع القطر من السماء، أخرج البيهقي و الحاكم وصححه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ولم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يَمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا }.
لقد راجت المنكرات، وعمت المحرمات في كثير من المجتمعات، فلم يتمعَّر منها وجه، ولم يشمئز منها قلب إلا من عصم الله؛ قتلٌ وزنا، ظلمٌ وربا، خمورٌ ومسكرات، مجونٌ ومخدرات.
وفي مجال المعاملات غشٌّ، وتزوير، وبخسٌ، ومماطلة، ورشاوى، في انتشار رهيب للمكاسب المحرمة، والمعاملات المشبوهة، وتساهل في حقوق العباد.
فاللهم سلِّم سلِّم! ورُحماك ربنا رُحماك! وإلى الله المشتكى! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
عباد الله: إن ذنوبنا كثيرة، ومعاصينا عظيمة، وإن شؤم المعاصي جسيم وخطير، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: وهل في الدنيا شر وبلاء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟!
الذنوب ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمرتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا ألَمَّتْها فاحذروا غضب الله عليكم عباد الله .
فاتقوا الله عباد الله! واعلموا أن ما عند الله لا يُسْتَنْزَل إلا بالتوبة النصوح، يقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: [[ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة ]].
عباد الله: لقد شكوتم إلى ربكم جدب دياركم، وتأخر المطر عن إبَّان نزوله عن بلادكم وأوطانكم، فما أحرى ذلك أن يدفعكم إلى محاسبة أنفسكم ومراجعة دينكم!
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
وما ابتلي المسلمون اليوم بقلة الأمطار، وغور المياه, وانتشار الجدب والقحط، وغلبة الجفاف والمجاعة والفقر في بقاع كثيرة من العالم إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
وما ابتلي المسلمون اليوم بقلة الأمطار، وغور المياه, وانتشار الجدب والقحط، وغلبة الجفاف والمجاعة والفقر في بقاع كثيرة من العالم إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
فلنتقِ الله عباد الله! ولنتأس بنبينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد خرج يوم الاستسقاء متخشعاً متذللاً متضرعاًَ مجتهداً في الدعاء؛ لأن الاجتهاد في الدعاء من أعظم الأمور التي يُسْتَنْزَل بها المطر.
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
وقد ورد أن الله عزَّ وجلَّ يستحيي من عباده إذا رفعوا أيديهم إليه أن يردها صفراً، أي: خائبتَين.
إذا علمتم ذلك -يا عباد الله- فارفعوا قلوبكم وأيديكم إلى ربكم ومولاكم، والهجوا بالثناء عليه سبحانه، طالبين الغيث منه، راجين لفضله، مؤمِّلين لكرمه، مُلِحِّين عليه بإغاثة القلوب والأرواح، وسقي البلاد والعباد، ومتى علم الله إخلاصكم وصدقكم وتضرعكم أغاث قلوبكم بالتوبة إليه، وبلدكم بإنزال المطر عليه. ......... لا إله إلا الله غياث المستغيثين، وراحم المستضعفين، وجابر كسر المنكسرين!
لا إله إلا الله العليم الحليم! ........... لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم!
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله ........... نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.
اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [يونس:85-86] .
لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:149]. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنَعَنَّا بذنوبنا فضلك.
اللهم آنس قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراًَ.
اللهم أغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاًَ غدقاًَ طبقاً عاماً واسعاً مجللاً نافعاً غيرَ ضار، عاجلاً غيرَ آجل.
اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق. اللهم اسقِِ عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت. اللهم أغثنا غيثاً مباركاً تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.
اللهم أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته عوناً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.
اللهم ارحم الشيوخ الركَّع، والبهائم الرتَّع، والأطفال الرضَّع.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن والقحط وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: لقد كان من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعدما يستغيث ربه أن يقلب رداءه، فاقلبوا أرديتكم اقتداءً بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتفاؤلاً أن يقلب الله حالكم من الشدة إلى الرخاء، ومن القحط إلى الغيث، وليكون ذلك شعاراً وعهداً تأخذونه على أنفسكم بتغيير لباسكم الباطل إلى لباس الإيمان والتقوى، بدلاً من لباس الذنوب والمعاصي.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدِينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين، ولا من رحمتك محرومين.
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
===========
يتبع ..
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مغيث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وجابر كسر المنكسرين، ورافع البلاء عن المستغفرين. لا إله إلا الله! مجيب الدعوات، وغافر الزلات، وفارج الكربات، ومنزل البركات، وغادق الخيرات، سبحانه مِن إله كريم، ورب رحيم، عم بفضله وكرمه جميع المخلوقات. لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، سبحان مَن يعطي ويمنع! ويخفض ويرفع! ويصل ويقطع! إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود:56]. اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير.
لك الحمدُ كلُّ الحمد لا مبدا له ولا منتهىً والله بالحمد أعلمُ
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، التي هي الزاد وبها المعاد، زادٌ مبلِّغ، ومَعاد مُنجح، دعا إليها أسمعُ داع، ووعاها أفقهُ واع، فأسمَع داعيها، وفاز واعيها.
عباد الله، إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
ثم إن الدنيا دارُ فناء وعناء، وإن ملكَ الموت لموتِرٌ قوْسَه، لا تخطئ سهامُه، ولا توصَى جراحُه، فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنه لا يرجَى من رجعة العمر ما يُرجى من رجعة الرزق، فإن الرجاء مع الجائي، واليأسَ مع الماضي، وإن من العناء ـ عباد الله ـ أن يجمع المرءُ ما لا يأكل، ويبنيَ ما لا يسكن، ثم يخرجَ إلى الله، لا مالا حمل ولا بناءً نقل، فسبحان الله، ما أغرَّ سرورَ الدنيا، وأظمأ رِيَّها، وأضحى فيأَها، فلا جاءٍ يُردّ، ولا ماضٍ يرتدّ.
أيها الناس، إنه ليس شيءٌ بشّر من الشر إلا عقابُه، وليس شيءٌ بخير من الخير إلا ثوابُه، واعلموا ـ يا رعاكم الله ـ أن ما نقص من الدنيا وزاد في الآخرة خيرٌ مما نقص من الآخرة وزاد في الدنيا، فكم من منقوصٍ رابح، وكم من مزيد خاسر. ألا وإن الذي أُمرتم به أوسعُ من الذي نُهيتم عنه، وما أُحلَّ لكم أكثرُ مما حرِّم عليكم، فذروا ما قلّ لما كثر، وما ضاق لما اتّسع.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها الناس، إن خير ما أُلقي في الضمائر يقينٌ بالله، يرسخ في القلوب الرواسي، فإيمان صادقٌ بكفاية الله لعباده يدفعُهم إلى تقديم مرضاة ربهم على رضاء خلقه وعبيده، وعلى النقيض من ذلك فِئامٌ من الناس ضعُف فيهم اليقين بالله، فأرضَوا الناسَ بسخط الله، وجاملوهم في معاصي الله، وتعلَّقوا بهم، واشتغلوا عن ربِّهم، رغبةً منهم في نوال حطام الدنيا، أو خوفاً من سطوة ساطٍ أو بغي باغٍ. فحِذار حِذار من مثل صنيع هؤلاء حِذار، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الرجل ليخرج من بيته ومع دينُه، فيلقى الرجلَ وله إليه حاجة، فيقول: أنت كيت وكيت، يثني عليه لعلَّه أن يقضيَ من حاجته شيئاً له، فيسخط الله عليه، فيرجع وما معه من دينه شيء)[1]، يقول حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه: بايعنا رسول الله على أن لا نسأل الناس شيئا. رواه مسلم[2]. حتى إن الرجلَ من الصحابة ليسقط سوطه من على راحلته، فينزل فيأخذه، لا يسأل أحداً أن يناوله إياه.
عباد الله، في أعقاب الزمن تتنكّس الفطر، وتُدرَس معالم الشريعة كما يُدرَس وشيُ الثوب إلا ما شاء الله، وإنه ما من زمان يأتي إلا والذي بعده شرّ منه حتى تلقوا ربَّكم، وإنكم ستعرفون من الناس وتُنكرون، حتى يأتي على الناس زمن ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، حتى أصبح الكتاب والسنة في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم، فاجتمع أقومٌ على الفُرقة، وافترقوا عن الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب، وليس الكتاب إمامَهم.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أن من استنصح اللهَ يوفِّقْه، ومن اتَّخذ قولَه دليلاً هُدي للتي هي أقوم، وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمةَ الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمتُه أن يتواضعوا له، وسلامةَ الذين يعلمون ما قُدرتُه أن يستسلموا له، فلا تنفروا من الحق ـ عباد الله ـ نِفار الصحيح من الأجرب، والبارئ من ذي السقم، فالتمسوا الرشدَ ـ رعاكم الله ـ من عند أهله، فإنهم عيشُ العلم، ومَوتُ الجهل، لا يخالفون الدين، ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهدٌ صادق، وصامت ناطق، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها المسلمون، إن الله سبحانه يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبسِ البركات، ليتوب تائب، ويُقلع مقلع، ويتذكَّر متذكِّر، ويزدجر مزدجر، وقد جعل الله سبحانه الاستغفارَ سبباً لدرور الرزق، ورحمة الخلق، فقال سبحانه: ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12]، قرأها الفاروق رضي الله عنه من على المنبر يستسقي ثم قال: (لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديح السماء التي يُستنزَل بها المطر)[3]. فما لبعض الناس لا يرجون لله وقاراً، وقد خلقهم أطوارا؟! فرحم الله امرأً استقبل توبتَه، واستقال خطيئتَه، وبادر منيتَه، روى البيهقي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله ، فأقبل علينا بوجهه فقال: ((يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشةُ في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتُلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال إلا ابتُلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قومٌ زكاةَ أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا خفر قومٌ العهدَ إلا سلَّط الله عليهم عدوًا من غيرهم، فأخذوا بعضَ ما في أيديهم، وما لم يعمل أئمتُهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم))[4]، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم)[5]، وقال مجاهد رحمه الله: "إن البهائمَ تلعن عصاةَ بني آدم إذا اشتدَّت السنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم"[6].
ألا فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الأرض التي تحملكم والسماءَ التي تظلُّكم مطيعتان لربكم، فلا تمسكان بخلا عليكم، ولا رجاءَ ما عندكم، ولا تجودان توجُّعا لكم، ولا زلفى لديكم، ولكن أُمرتا بمنافعكم فأطاعتا، وأقيمتا على حدود الله مصالحَكم فقامتا، ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَاء وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت:11]، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنه ليس من عبدٍ إلا له مصلًّى في الأرض، ومصعدُ عمله من السماء، فإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض، ولا عملٌ يصعد في السماء) ثم قرأ: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ [الدخان:29][7].
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات، واجعل لنا أنهارا.
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خرجنا إليك من تحت البيوت والدور، وبعد انقطاع البهائم، وجدْب المراعي، راغبين في رحمتك، وراجين فضلَ نعمتك، اللهم قد انصاحت جبالنا، واغبرَّت أرضنا، اللهم فارحم أنين الآنَّة، وحنين الحانة، اللهم فأسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، اللهم إنا خرجنا إليك حين اعتركت على إخواننا مواقع القطر، وأغلظتهم مكايل الجوع، فكنت الرجاء للمبتئس، والمجيب [للملتمس]، اللهم انشر علينا وعليهم رحمتك بالسحاب، سحاً وابلاً غدقا مغيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار، اللهم لتحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتحيي به ما قد مات، وتردَّ به ما قد فات، وتنعش به الضعيف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، اللهم سقيا هنيئة، اللهم سقيا هنيئة، تروى بها القيعان، وتسيل البطان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، اللهم إنا نسألك أن لا تردَّنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك، وأنت الولي الحميد.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه[8] تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة.
وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهاراً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
====================================
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الخلق ورازقهم ومنزل الغيث ومجري السحاب ومحي الأرض بعد موتها من استطعمه أطعمه ومن استكساه كساه ومن استهداه هداه ومن استنصره نصره ومن استسقاه سقاه {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (60) سورة البقرة واستسقى نبينا لقومه مرات عديدة وفي كل مرة يتضرع فيها لله ويطلب السقيا من الله لعباده وقد أمرنا الله أن نقتدي به {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه علمنا كيف نتضرع لله ونلجأ إليه ونطلب منه بلا وساطة فهو سبحانه يسمع دعاء من دعاه ووعد بإجابة الدعاء فقال سبحانه : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) سورة البقرة وقال تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60) } سورة غافر ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا) قال الترمذي: " حديث حسن صحيح "
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد :
أيها الزملاء الأعزاء :
أيها الأبناء البررة :
أيها المسلمون الموحدون :
لقد خلقنا الله لعبادته وحده {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) } سورة الذاريات واستخلفنا في الأرض فقال لملائكته { ...إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... } (30) سورة البقرة: وقد ينسى العباد تلك المهمة التي خلقوا من أجلها وينشغلوا بالرزق الذي تكفل الله به - أي ينشغلوا بما ضمنه الله لهم عن العبادة التي كلفوا بها – فيحبس الله المطر عنهم ليتذكروا أن أمور الرزق بيد الله فإذا صلوا وتضرعوا ودعوا وأخلصوا العبادة لربهم يكونون قد حققوا ما من أجله خلقوا .
وقد أقام الله الحجة على عباده فآدم عليه السلام نبي وهو أبو البشر وقد خلقه الله بيده واستخلفه في أرضه وأسجد له ملائكته وخلق له زوجه حواء ثم توالى النسل فابتعد الخلق عن ربهم فأرسل لهم الرسل وما ترك أمة إلا وأرسل لها نذير يذكرها ربها ولكن للأسف معظم الأمم أعرضوا عن أنبيائهم وكذبوا وأعلنوا كفرهم بربهم وشركهم بالله رب العالمين .
تاريخ البشرية مؤلم وكم من أمم كفرت بربها وبارزته بالمعاصي بل وأنكرت أن يكون لهذا الكون من خالق وأشركت في عبادتها غيره بل وبالغ منهم بعضهم في كفره وجبروته حتى ادعى الألوهية ومنهم النمرود الحاكم الذي كان في زمن إبراهيم الخليل – عليه السلام – هذا الملك الذي أعطاه الله الملك فأنكر وجود الله بل وادعى أنه إله من دون الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (258) سورة البقرة
وإذ به مرة أخرى يقول : يا إبراهيم أين جنود ربك سأخرج له بجنودي فليخرج لي ربك بجنوده يالها من وقاحة ويالها من حقارة أن يتجرأ العبد على خالقه ويطلب هو إعلان الحرب ويخرج بجنوده في مكان فسيح فكان أحقر عند الله من أن يرسل له ملائكة تحاربه أو عبادا مؤمنين من بني البشر يقاتلوه بل أرسل له جيشا من البعوض فهجم على جيشه فدمره ودخلت واحدة من هذا البعوض في رأسه فكانت سببا لهلاكه .
بل ووصلت الجرأة بأحد هم أن يدعي الألوهية لنفسه وينكرها لله مثل فرعون الذي طغى وتجبر فقال :{... مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ... } (38) سورة القصص بل وجمع الناس وأعلنها صريحة وعلى مسمعٍِ ومرأى من الجميع{فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} سورة النازعات فكان له ربه بالمرصاد أمهله ولم يهمله فقال عز من قائل :{وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} سورة الفجر
نعم ياعباد الله إن ربك لبالمرصاد لكل من طغى وتجبر لكل من ظلم وبغى لكل من سفك الدماء واستباح الأعراض لكل من ظن أنه ملك الدنيا ومن عليها
أيها الأحبة : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) سورة الفجر
احتبس المطر وجف الضرع ومات الزرع وقل الماء ونوشك على الهلاك ولا منجى لنا إلاَّ الله فهل آن لنا أن نتضرع لله رب العالمين ونعلن توبتنا لله ونخرج زكاة أموالنا ونعطي أصحاب الحقوق حقوقهم ونعود لكتاب ربنا وسنة نبينا عسى الله أن يرفع البلاء الذي حل بنا وبأوطاننا وبأمتنا .
عسى الله أن ينصرنا على أعدائنا ويكشف ستر عدونا ويفضحه ويجعل تدبيره تدميرا عليه
الله الذي أغرق فرعون وأهلك عادا وثمود وقوم لوط وقوم صالح قادر أن يهلك عدو أمتنا ومن استباح بيضتنا .
صلاة الاستسقاء سنة نبيكم وهدي معلمكم الأول محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – فلنتوجه لله رب العالمين أن يحفظ بلادنا وأن يعمها بفضله وأن ينزل الغيث وأن يجعله غيثا مغيثا نافعا غير ضار سحا غدقا مجللا .
لقد وعد سبحانه المستغفرين بالخير والنعيم ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ................................ )
وقال سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
اللهم أنزل علينا من بركات السماء والأرض
اللهم لا تحرمنا عفوك ولا تمنعنا فضلك
اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين
اللهم لا إله إلا أنت
أنت الغني ونحن الفقراء إليك
أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين .
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة
اللهم دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا ياربنا كما وعدتنا
اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
===========================
الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، سبحانه له مقاليدُ السّموات والأرض وإليه يُرجع الأمر كلُّه، وكان بعباده سميعاً بصيراً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وهو أحقُ أن يُذكر بكرةً وأصيلاً، وأشهد أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي والله خير زاد { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
عباد الله، إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذّبوا الأمل فلاحظوا الأجل.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
أيها الناس قال سبحانه {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30
وإلاّ فإنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذلك فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، ويخبرهم سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من عند أنفسهم، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
ونحن لا نريد أن نتبادل التهم ، فيأتي التاجر ويقول . منعنا القطر بسبب منع المزارع للزكاة؟
أو يأتي المزارعُ فيقول: منعنا الغيثُ بسبب غش التجار في المعاملات، أو بسبب مساهمته في شركات ربوية.
أو يأتي مديرُ إدارة ويقول: معنا المطر بسبب تفريط الموظفين في الدوام. ويأتي الموظف ، ويقول : معنا القطر بسبب ظلم المدير ومحاباته لبعض الموظفين. أو يأتي آخر ويقول منعنا الغيث بسبب . الشحناء والخصومة بين فلان وفلان أو بين أولئك الأقارب ، نعم هذه معاصي عظيمة .. هي سبب في منع القطر من السماء، وسبب لعدم إجابة الدعاء .
ولكن من لم يقع في شيء منها فربما وقع في معصية أخرى ومن المعاصي التي ربما لا يسلم منها أحد – إلا من رحم ربي – عدم إنكار تلك المعاصي ، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهذه معصية عظيمة أيضاً .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : كما روى الترمذي في السنن : عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ »
وقل سبحانه وتعالى : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
أكد سبحانه الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والواو فقال { ولْتَكُن} وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ »
وأكد الحبيب الأمر ب بفعل المضارع المسبوق باللام والفاء [فليغيره] وقد عد بعضُ العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام . وأقل ما قيل فيه أنه فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين....
ويبقى السؤال ... الآن هل قام به من يكفي؟
والجواب : لو كان القائمين به كافين، لمَ رأينا منكرات في وسائل الإعلام، وفي الأسواق، الشوارع ، وفي البيوت. بل وفي دور التعليم والعلم . فكم من مستهتر بيننا لا يصلي ؟ وكم من متهاون بيننا في تحري الحلال والحرام ؟ وكم من جوال يحمل في ذاكرته ما يستحي صاحبه أن يعلن عنه أمام أقرب الناس إليه ؟ وكم من عاق لوالديه وقاطع رحمه ؟ وكم وكم وكم !!!
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم" وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: (إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم)
وقال تعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
واحذروا -أيها المؤمنون- اختبارًا ومحنة يُعَمُّ بها المسيء وغيره لا يُخَص بها أهل المعاصي ولا مَن باشر الذنب, بل تصيب الصالحين معهم إذا قدروا على إنكار الظلم ولم ينكروه, واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ونهيه.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}
إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ولذا فنحن جميعاً مطالبون بالتوبة النصوح ، فتوبوا إلى الله جميعا لعلكم ترحمون، قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فبادِروا بتوبةٍ نصوح ما دام في العُمر فسحة والباب مفتوح، وأكثِروا من الاستغفار فبِه تُستَجلَب رحمة الله، فقال سبحانه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً{13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً{14}
عبادَ الله، أما وقد خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآثِم والأوزارِ، وقد رُوَي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم – ((خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعًا متخشِّعًا متضرِّعًا )) ، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعة إلى ربكم
اللّهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغثنا، غثيًا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضار عاجلاً غير آجل، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد، اللهم اسقِ عبادك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميت، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللّهمّ إنَّ بالعباد والبلادِ مِنَ اللواء والجَهد والضّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرع وأدِرَّ لنا الضّرع وأنزِل علينا من بركاتك، اللّهمّ ارفَع عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرك.
اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنّا بذنوبِنا فضلك. اللهم أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّةً لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوف ولا تجعلنا آيسين ولا تهلِكنا بالسنين واغفِر لنا أجمعين واكشِف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه. تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة. وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
======================
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله! مجيب الدعوات، وغافر الزلات ، سبحانه مِن إله كريم، ورب رحيم، عم بفضله وكرمه جميع المخلوقات.
لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، سبحان مَن يعطي ويمنع! ويخفض ويرفع! ويصل ويقطع! إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود:56].
اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وإليك يُرجع الأمر كله، علانيته وسره، فأهلٌ أنت أن تُحمد، وأهلٌ أنت أن تُعبد، وأنت على كل شيء قدير.
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق تقواه، فإن مَن اتقى الله حفظه ووقاه، ومَن سأله منحه وأعطاه، ومَن توكل عليه كفاه وآواه.
أيها المسلمون: إن دلائل وحدانية الله وآيات قدرته كثيرة، لا تُعدُّ ولا تُحصى، وشواهدُ عظمته وفيرة، لا تُحد ولا تُستقصَى ولكن القلوب عن آيات الله غافلة، والنفوس عن شواهد قدرته لاهية، والعقول عن دلائل عظمته شاردة، إلا من رحم الله.
إخوة الإسلام: هنالك نعمة من نعم الله، وآية من آياته، لا غنى للناس عنها، هي مادة حياتهم، وعنصر نمائهم، وسبب بقائهم، منها يشربون ويسقون، ويحرثون ويزرعون، ويرتوون ويأكلون، تلكم - يا رعاكم الله- هي نعمة الماء والمطر وآية الغيث والقطر.
إخوة الإيمان: الماء أصل النماء الفائق على الهواء والغذاء والكساء والدواء، هو عنصر الحياة وسبب البقاء، مَن الذي أنشأه من عناصره إلا الله؟! ومَن الذي أنزله من سحائبه إلا الله؟!
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70]..
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء:30]..
أمة الإسلام: إنه لا يَقْدُر هذه النعمة قَدْرَها إلا مَن حُرِمَها، تأملوا في أحوال أهل الفقر والفاقة التي تغلب على حياة من ابتلوا بالجدب والقحط والجفاف والمجاعة، سائلوا أهل المزارع والمواشي: في أي حالة من الضُّرِّ يعيشون، من قلة الأمطار وغور المياه، وهي سبب خصب مزارعهم وحياة بهائمهم؟!
ومن حكمته تبارك وتعالى ألا يديم عباده على حالة واحدة، بل يبتليهم بالسراء والضراء، ويتعاهدهم بالشدة والرخاء، ويمتحنهم خيراً وشراً، نعماً ونقماً، محناً ومنحاً: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155].
ومن ابتلاء الله لعباده: حبسُ القطر أو تأخيرُه عنهم، أو نزعُ بركته منهم، مع ما للمطر من المنافع العظيمة للناس والبهائم والزروع والثمار؛ وما في تأخيره من كثير من المضار.
معاشر المسلمين: إن للغيث أسباباً جالبة وأخرى مانعة، هل سألنا أنفسنا ونحن في مواسم الغيث؟! هل أخذنا بأسباب نزوله؟! أم قد نكون نحن بأفعالنا سبباً في منعه؟!
تعالوا بنا نعرض شيئاً من أحوالنا، لعلها تكون ذكرى نافعة، وسبباً في تقويم أوضاعنا على منهج الله، لنحظى برزقه الوافر الذي لا يُنال إلا بمرضاته، فالغيث جماع الرزق، قال تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات:22] والمطر أصل البركات، قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96].
فيا عباد الله: لنحاسب أنفسنا:ألم نقصر في تحقيق الإيمان والتقوى؟!
ففي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة ضيعها كثير من الناس والسؤال :
ما ميزان الصلاة، وهي ثاني أركان الإسلام، والفارق بين الكفر والإيمان، وقد خف مقدارها، وطاش ميزانها عند كثير من الناس؛ إلا من رحم الله؟!
وإذا سألت عن الزكاة المفروضة وإخراجها، ترى العَجَب العُجاب من بخل بعض الناس وتقصيرهم في أدائها، مما نزع البركة من الأموال، وكان سبباً كبيراً في منع القطر من السماء، أخرج البيهقي و الحاكم وصححه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ولم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يَمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا }.
لقد راجت المنكرات، وعمت المحرمات في كثير من المجتمعات، فلم يتمعَّر منها وجه، ولم يشمئز منها قلب إلا من عصم الله؛ قتلٌ وزنا، ظلمٌ وربا، خمورٌ ومسكرات، مجونٌ ومخدرات.
وفي مجال المعاملات غشٌّ، وتزوير، وبخسٌ، ومماطلة، ورشاوى، في انتشار رهيب للمكاسب المحرمة، والمعاملات المشبوهة، وتساهل في حقوق العباد.
فاللهم سلِّم سلِّم! ورُحماك ربنا رُحماك! وإلى الله المشتكى! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
عباد الله: إن ذنوبنا كثيرة، ومعاصينا عظيمة، وإن شؤم المعاصي جسيم وخطير، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: وهل في الدنيا شر وبلاء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟!
الذنوب ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في مجتمعات إلا دمرتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا ألَمَّتْها فاحذروا غضب الله عليكم عباد الله .
فاتقوا الله عباد الله! واعلموا أن ما عند الله لا يُسْتَنْزَل إلا بالتوبة النصوح، يقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: [[ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة ]].
عباد الله: لقد شكوتم إلى ربكم جدب دياركم، وتأخر المطر عن إبَّان نزوله عن بلادكم وأوطانكم، فما أحرى ذلك أن يدفعكم إلى محاسبة أنفسكم ومراجعة دينكم!
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
وما ابتلي المسلمون اليوم بقلة الأمطار، وغور المياه, وانتشار الجدب والقحط، وغلبة الجفاف والمجاعة والفقر في بقاع كثيرة من العالم إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
وما ابتلي المسلمون اليوم بقلة الأمطار، وغور المياه, وانتشار الجدب والقحط، وغلبة الجفاف والمجاعة والفقر في بقاع كثيرة من العالم إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
فلنتقِ الله عباد الله! ولنتأس بنبينا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد خرج يوم الاستسقاء متخشعاً متذللاً متضرعاًَ مجتهداً في الدعاء؛ لأن الاجتهاد في الدعاء من أعظم الأمور التي يُسْتَنْزَل بها المطر.
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
وقد ورد أن الله عزَّ وجلَّ يستحيي من عباده إذا رفعوا أيديهم إليه أن يردها صفراً، أي: خائبتَين.
إذا علمتم ذلك -يا عباد الله- فارفعوا قلوبكم وأيديكم إلى ربكم ومولاكم، والهجوا بالثناء عليه سبحانه، طالبين الغيث منه، راجين لفضله، مؤمِّلين لكرمه، مُلِحِّين عليه بإغاثة القلوب والأرواح، وسقي البلاد والعباد، ومتى علم الله إخلاصكم وصدقكم وتضرعكم أغاث قلوبكم بالتوبة إليه، وبلدكم بإنزال المطر عليه. ......... لا إله إلا الله غياث المستغيثين، وراحم المستضعفين، وجابر كسر المنكسرين!
لا إله إلا الله العليم الحليم! ........... لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم!
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله ........... نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.
اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك.
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [يونس:85-86] .
لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:149]. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنَعَنَّا بذنوبنا فضلك.
اللهم آنس قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراًَ.
اللهم أغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاًَ غدقاًَ طبقاً عاماً واسعاً مجللاً نافعاً غيرَ ضار، عاجلاً غيرَ آجل.
اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق. اللهم اسقِِ عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت. اللهم أغثنا غيثاً مباركاً تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.
اللهم أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته عوناً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك، وأنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.
اللهم ارحم الشيوخ الركَّع، والبهائم الرتَّع، والأطفال الرضَّع.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن والقحط وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: لقد كان من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعدما يستغيث ربه أن يقلب رداءه، فاقلبوا أرديتكم اقتداءً بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتفاؤلاً أن يقلب الله حالكم من الشدة إلى الرخاء، ومن القحط إلى الغيث، وليكون ذلك شعاراً وعهداً تأخذونه على أنفسكم بتغيير لباسكم الباطل إلى لباس الإيمان والتقوى، بدلاً من لباس الذنوب والمعاصي.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدِينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين، ولا من رحمتك محرومين.
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
===========
يتبع ..