المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوم عاد وما أدراك ما قوم عاد.


العنزي_ملخبط
30-04-2010, 12:06 AM
الحمد لله وحده لا شريك له ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه . وبعد

1- قال الله تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك بعادٍ (6) إرمَ ذات العماد (7) التي لم يُخلق مثلها في البلاد (8) " سورة الفجر

كلمة عاد : اسم مجرور بحرف في وعلامة جره تنوين كسر ، لانه عربي .
كلمة إرم : بدل لعاد وعلامة جره الفتح للعجمية .

بمعنى لو أولت الأيه كالتالي : ألم تر كيف فعل ربك في إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ، لو سلمنا بأن إرم ذات العماد مدينة ، لما قال الله عز وجل لم يخلق مثلها أو على الاقل لقال لم يبنى مثلها في البلاد . كقوله ، "ءأنتم أشد خلقا أم السماء بناها" البناء يطلق على شيء غير الانسان أو الجن أو الملائكة . فأما الخلق فهو مطلق .
لنعد مرة آخرى للآية ، تفسير عاد وإرم هو التي لم يخلق مثلها في البلاد ، يعني أن التي لم يخلق مثلها في البلاد تفسر آيتين قبلها .
الآية الأولى : عاد
تفسير ابن كثير : "ألم تر كيف فعل ربك بعاد" وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين خارجين عن طاعته مكذبين لرسله جاحدين لكتبه ، فذكر الله كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبرا .
تفسير الشوكاني : "قرأ الجمهور بتوين عاد على أن يكون إرم عطف بيان لعاد ، والمراد بعاد اسم أبيهم ، وإرم اسم القبيلة أو بدلا منه ، وامتناع صرف إرم للتعريف والتأنيث ، وقيل المراد بعاد أولاد عاد ، وهم عاد الأولى " انتهى قول الشوكاني ، لأن الله عز وجل ذكره في سورة النجم بذلك "وإنه أهلك عاد الأولى" لنكمل قول الشوكاني " ويقال لمن بعدهم عاد الأخرى ، ولا بد من تقدير مضاف على كلا القولين : أي أهل إرم ، أو سبط إرم ؟ فإن إرم هو جد عاد ، لأنه عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح " انتهى كلام الشوكاني.

هل يوجد عاد اولى وعاد اخرى؟
لقد اجاب الشوكاني في تفسيره على ذلك . المقصود أن عاد الأخرى وإرم هي الأولى . وهذا هو ترتيب زمني تصاعدي من الاحدث للاقدم ، وهو منهج القرآن ، وفي سورة النجم المقصود من عاد الاولى هم إرم .
لنكمل قول الشوكاني : " وقرأ الجمهور "إرم" بكسر الهمزة ، وفتح الراء والميم "إرَمَ" وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك "إرم" بفتح الهمزة والراء ، وقرأ معاذ بسكون الراء تخفيفا ، وقرئ بإضافة إرم إلى ذات العماد ." انتهى كلام الشوكاني .
ماذا يقصد بكل قراءة من تلك ؟
لنكمل قول الشوكاني:
"قال مجاهد : من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالإرم التي هي الأعلام واحداها أرم . .... لأن عاد وثمود مشهورين عند العرب" وهم فعلا اعلام .
لنكمل قول الشوكاني :
"قال مجاهد أيضا:إرم أمة من الأمم ، وقال قتادة هي قبيلة عاد ، وقيل هما عادان ، فالاولى هي إرم ومنه قول قيس بن الرقيات :
مجدا تليدا بناه أولهـ *** أدرك عادا وقبله إرم .
قال معمر : إرم إليه مجتمع عاد وثمود ، وكان يقال عاد إرم وعاد ثمود ، وكانت القبيلتان تنسب إلى إرم " انتهى قول الشوكاني
لاحظ أن اختلاف الاقوال هو اختلاف تنوع ولا تعارض فيه ، يعني أن عاد هي إرم وثمود أيضا من عاد ربما الثانية .
لنكمل قول الشوكاني:
"قال أبو عبيده : هما عادان ، فالاولى إرم ، ومعنى ذات العماد ، ذات القوة والشدة ، مأخوذ من قوة الأعمدة ، كذا قال الضحاك . وقال قتادة ومجاهد : إنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم . وقال مقاتل : ذات العماد يعني طولهم ، كان طول الرجل منهم اثنى عشرة ذراعا ." انتهى قول الشوكاني .
كلها وارده في المعنى . فمثلا اوضح المقام هنا ، لو تذكرنا قول الله عز وجل " فرت من قسورة " أهل التفاسير يقولون أن قسورة أسم من أسماء الأسد بمعتى الاسد ، وايضا قسورة هو الصياد ذو السهام . فالحمر عندما ترى كلا من الاسد او الصياد يفرن منهما ، فهذا هو معنى اختلاف تنوع . وايضا لو تذكرنا قول الله عز وجل "والنازعات غرقا" لها عدة معاني فهي تأخذ معنى الملائكة المكلفين بنزع الأرواح ، وأيضا شد القوس لاقصى حد لقذف السهم ، وحركة النجوم في السماء كلها تسمى النازعات . فرأي المفسرين هو تنوع بالنسبة لعاد وإرم .
لنكمل قول الشوكاني :
"ويقال رجل طويل العماد : أي القامة ، قال ابو عبيدة : ذات العماد ذات الطول ، يقال رجل معمد : إذا كان طويلا ، وقال مجاهد وقتادة : أيضا كان عمادا لقومهم ، يقال فلان عميد القوم وعمودهم : أي سيدهم ، وقال ابن يزيد : ذات العماد يعني إحكام البنيان بالعمد ، قال في الصحاح : والعماد الأبنية الرفيعة تذكر وتؤنث ، قال عمرو بن كلثوم :
ونحن إذا عماد الحي خرت*** على الإخفاض نمنع من يلينا
"انتهى قول الشوكاني .

سأتابع المقال في وقت آخر إن شاء الله .

العنزي_ملخبط
30-04-2010, 01:31 PM
كلمة عاد : اسم مجرور بحرف في وعلامة جره تنوين كسر ، لانه عربي .
التصحيح هو ، بحرف الباء

العنزي_ملخبط
30-04-2010, 01:36 PM
ألم تر كيف فعل ربك في إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد

أيضا بإرم ، كما في سياق الكلام .
ونعتذر عن ذلك .

rock star
30-04-2010, 02:44 PM
انا اايد كلا ....ملخبط .... بس عجبني الموضوعyd.885

العنزي_ملخبط
30-04-2010, 11:09 PM
لنتابع هذا المقال .
في السابق استنتجنا أن هنالك عادان عاد الاولى وعاد الثانية ، فعاد الاولى هي إرم وعاد الثانية هي عاد . لنلقي نظرة على ما قاله بعض المفسرين في هذه النقطة .

في تفسير ابن عاشور :

والرؤيَةُ في { ألم تر } يجوز أن تكون رؤية عِلْمية تشبيهاً للعلم اليقيني بالرؤية في الوضوح والانكشاف لأن أخبار هذه الأمم شائعة مضروبة بها المُثُل فكأنها مشاهدة . فتكون { كيف } استفهاماً معلِّقاً فعل الرؤية عن العمل في مفعولين . انتهى كلام ابن عاشور.
كقولك لأحدهم عندما يكون الخبر معروفا لدى الاخر ،
لنتابع قول ابن عاشور
ويجوز أن تكون الرؤية بصرية والمعنى : ألم تر آثار ما فعل ربك بعاد ، وتكون { كيف } إسْماً مجرّداً عن الاستفهام في محل نصب على المفعولية لفعل الرؤية البصرية .
وعُدل عن اسم الجلالة إلى التعريف بإضافة رب إلى ضمير المخاطب في قوله : { فعل ربك } لِما في وصف رب من الإِشعار بالولاية والتأييد ولما تؤذن به إضافته إلى ضمير المخاطب من إعزازه وتشريفه .
فهذا م اقصده في التعليق .
لنتابع قول ابن عاشور
وقد ابتُدئت الموعظة بذكر عاد وثمود لشهرتهما بين المخاطبين وذُكِرَ بعدهما قوم فرعون لشهرة رسالة موسى عليه السلام إلى فرعون بين أهل الكتاب ببلاد العرب وهم يحدِّثون العرب عنها .
فالبعض يعزوا قول ألم ترا إلى رؤية العين ، ولكن هي بمعنى تعلم .
وأريد ب«عاد» الأمة لا محالة قال تعالى : { وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم } [ هود : 59 ] فوَجْه صرفه أنه اسم ثلاثي ساكن الوسط مثلِ هِند ونُوح وإرَم بكسر الهمزة وفتح الراء اسم إرَم بن سَامٍ بن نُوح وهو جد عاد لأن عاداً هو ابن عُوص بن إرَم ، وهو ممنوع من الصرف للعجمة لأن العرب البائدة يُعتبرون خارجين عن أسماء اللغة العربية المستعملة ، فهو عطف بيان ل«عاد» للإِشارة إلى أن المراد ب«عاد» القبيلة التي جدها الأدنى هو عاد بن عوص بن إرم ، وهم عاد الموصوفة ب { الأولى } في قوله تعالى "وإنه أهلك عاد الأولى" لئلا يتوهم أن المتحدَّثَ عنهم قبيلة أخرى تسمى عاداً أيضاً . كانت تنزل مكة مع العَمَاليق يقال : إنهم بقية من عاد الأولى فعاد وإرم اسمان لقبيلة عاد الأولى .
فهذا ما أتفق عليه مع الشوكاني في أول المقال .
لنتابع قول ابن عاشور
ووُصِفَتْ عادٌ ب { ذات العماد } ، و { ذاتُ } وصْف مؤنث لأن المراد بعاد القبيلة .
والعمادُ : عُود غليظ طويلٌ يُقام عليه البيت يركز في الأرض تقام عليه أثواب الخيمة أو القبة ويسمى دَعامةً ، وهو هنا مستعار للقوة تشبيهاً للقبيلة القوية بالبيت ذات العماد .
وإطلاق العِماد على القوة جاء في قول عمرو بن كلثوم
: ... ونَحن إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّت...على الأحْفاض نَمنع من يَلِينا ...
فماذا عن قول ذات العماد ، او ماذا يقصد بذات العماد ؟
1- ويجوز أن يكون المراد ب { العماد } الأعلام التي بنوْها في طرُقهم ليهتدي بها المسافرون المذكورةَ في قوله تعالى : { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } [ الشعراء : 128 ] .
2-وصفت عاد ب { ذات العماد } لقوتها وشدتها ، أي قد أهلك الله قوماً هم أشد من القوم الذين كذبوك قال تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] وقال : { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة } [ غافر : 21 ] .
و { التي } : صادق على «عاد» بتأويل القبيلة كما وصفت ب { ذات العماد } والعرب يقولون : تَغلِبُ ابنةُ وائل ، بتأويل تغلب بالقبيلة .
و { البلاد } : جمعَ بَلَد وبلْدة وهي مساحة واسعة من الأرض معيَّنة بحدود أو سكان .
والتعريف في { البلاد } للجنس والمعنى : التي لم يخلق مثل تلك الأمة في الأرض . وأريد بالخلق خلق أجسادهم فقد رُوي أنهم كانوا طِوالاً شداداً أقوياء ، وكانوا أهل عقل وتدبير ، والعرب تضرب المثل بأحلام عاد ، ثم فسدت طباعهم بالترف فبطروا النعمة .
والظاهر أن لام التعريف هنا للاستغراق العُرفي ، أي في بلدان العرب وقبائلهم .
وقد وردت قصص في ذلك ، ومنها كتاب المستظرف في كل فن مستطرف .
وقد وضع القصاصون حول قوله تعالى : { إرم ذات العماد } قصةً مكذوبة فزعموا أن { إرم ذات العماد } مركب جعل اسماً لمدينة باليَمن أو بالشام أو بمصر ، ووصفوا قصورها وبساتينها بأوصاف غير معتادة ، وتقوَّلوا أن أعرابياً يقال له : عبدُ الله بن قلابة كان في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان تاهَ في ابتغاء إبِللٍ له فاطَّلع على هذه المدينة وأنه لما رجع أخبر الناس فذهبوا إلى المكان الذي زعم أنه وجَد فيه المدينة فلم يجدوا شيئاً . وهذه أكاذيب مخلوطة بجهالة إذ كيف يصح أن يكون اسمَها أرم ويتبع بذاتتِ العماد بفتح { إرَمَ } وكسر { ذاتِ } فلو كان الاسم مركباً مَزْجياً لكان بناء جزأيْه على الفتح ، وإن كان الاسم مفرداً و { ذات } صفة له فلا وجه لكسر { ذات } ، على أن موقع هذا الاسم عقب قوله تعالى : { بعاد } يناكد ذلك كله .

في تفسير الطبري :

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) } .
وقوله:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك، فترى كيف فعل ربك بعاد؟ ، واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:( إرَمَ ) فقال بعضهم: هي اسم بلدة، ثم اختلف الذين قالوا ذلك في البلدة التي عُنِيت بذلك، فقال بعضهم: عُنِيت به الإسكندرية.
ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ، عن أبي صخر، عن القُرَظي، أنه سمعه يقول:( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) الإسكندرية.
قال أبو جعفر، وقال آخرون: هي دِمَشق.
ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عبد الله الهلالي من أهل البصرة، قال: ثنا عبيد الله بن عبد المجيد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقْبري( بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: دمشق.
وقال آخرون: عُنِي بقوله:( إرَمَ ) : أمة.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد قوله:( إرَمَ ) قال: أمة.
وقال آخرون: معنى ذلك: القديمة.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( إرَمَ ) قال: القديمة.
وقال آخرون: تلك قبيلة من عاد.
ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: كنا نحدّث أن إرم قبيلة من عاد، بيت مملكة عاد.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( إرَمَ ) قال: قبيلة من عاد كان يقال لهم: إرم، جدّ عاد.
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ) يقول الله: بعاد إرم، إن عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح.
وقال آخرون:( إرَمَ ): الهالك.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ) يعني بالإرم: الهالك؛ ألا ترى أنك تقول: أرم بنو فلان؟
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( بِعَادٍ إِرَمَ ) الهلاك؛ ألا ترى أنك تقول أُرِمَ بنو فلان: أي هَلَكوا.
والصواب من القول في ذلك أن يُقال: إن إرم إما بلدة كانت عاد تسكنها، فلذلك ردّت على عاد للإتباع لها، ولم يجر من أجل ذلك، وإما اسم قبيلة فلم يُجر أيضا، كما لا يُجْرى أسماء القبائل، كتميم وبكر، وما أشبه ذلك إذا أرادوا به القبيلة، وأما اسم عاد فلم يجر، إذ كان اسما أعجميا.
فأما ما ذُكر عن مجاهد أنه قال: عُنِيَ بذلك القديمة، فقول لا معنى له، لأن ذلك لو كان معناه لكان محفوظا بالتنوين، وفي ترك الإجراء الدليل على أنه ليس بنعت ولا صفة.
وأشبه الأقوال فيه بالصواب عندي أنها اسم قبيلة من عاد، ولذلك جاءت القراءة بترك إضافة عاد إليها، وترك إجرائها، كما يقال: ألم تر ما فعل ربك بتميم نهشل؟ فيترك إجراء نهشل، وهي قبيلة، فترك إجراؤها لذلك، وهي في موضع خفض بالردّ على تميم، ولو كانت إرم اسم بلدة، أو اسم جدّ لعاد لجاءت القراءة بإضافة عاد إليها، كما يقال: هذا عمروُ زبيدٍ وحاتمُ طيئ، وأعشى هَمْدانَ، ولكنها اسم قبيلة منها فيما أرى، كما قال قتادة، والله أعلم، فلذلك أجمعت القرّاء فيها على ترك الإضافة وترك الإجراء.
وقوله:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: ذات الطول، وذهبوا في ذلك إلى قول العرب للرجل الطويل: رجل مُعَمَّد، وقالوا: كانوا طوال الأجسام.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي،
عن أبيه، عن ابن عباس( ذَاتِ الْعِمَادِ ) يعني: طولهم مثل العماد.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد قوله:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: كان لهم جسم في السماء.
وقال بعضهم: بل قيل لهم:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) لأنهم كانوا أهل عَمَد، ينتجِعون الغيوث، وينتقلون إلى الكلأ حيث كان، ثم يرجعون إلى منازلهم.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( الْعِمَادِ ) قال: أهل عَمُود لا يقيمون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: ذُكر لنا أنهم كانوا أهل عَمُود لا يقيمون، سيارة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة( ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: كانوا أهلَ عمود.
وقال آخرون: بل قيل ذلك لهم لبناء بناه بعضهم، فشيَّد عَمَده، ورفع بناءه.
ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) قال: عاد قوم هود بنَوها وعملوها حين كانوا في الأحقاف، قال:( لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا ) مثل تلك الأعمال في البلاد، قال: وكذلك في الأحقاف في حضرموت، ثم كانت عاد، قال: وثم أحقاف الرمل، كما قال الله: بالأحقاف من الرمل، رمال أمثال الجبال تكون مظلة مجوّفة.
وقال آخرون: قيل ذلك لهم لشدّة أبدانهم وقواهم.
ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) يعني: الشدّة والقوّة.
وأشبه الأقوال في ذلك بما دلّ عليه ظاهر التنزيل قول من قال: عُنِيَ بذلك أنهم كانوا أهل عمود، سيارة لأن المعروف في كلام العرب من العماد، ما عمل به الخيام من الخشب والسواري التي يحمل عليها البناء، ولا يعلم بناء كان لهم بالعماد بخبر صحيح، بل وجه أهل التأويل قوله:( ذَاتِ الْعِمَادِ ) إلى أنه عُنِيَ به طول أجسامهم، وبعضهم إلى أنه عُنِيَ به عماد خيامهم، فأما عماد البنيان، فلا يعلم كثير أحد من أهل التأويل وجهه إليه، وتأويل القرآن إنما يوجه إلى الأغلب الأشهر من معانيه ما وجد إلى ذلك سبيلا دون الأنكر.
وقوله:( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ) يقول جلّ ثناؤه: ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد، يعني: مثل عاد، والهاء عائدة على عاد. وجائز أن تكون عائدة على إرم لما قد بينا قبل أنها قبيلة. وإنما عُنِيَ بقوله: لم يُخْلق مثلها في العِظَم والبطش والأيد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ) ذكر أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا في السماء.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد، لم يخلق مثل الأعمدة في البلاد، وقالوا: التي لم يخلق مثلها من صفة ذات العماد، والهاء التي في مثلها إنما هي من ذكر ذات العماد.
ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فذكر نحوه. وهذا قول لا وجه له، لأن العماد واحد مذكر، والتي للأنثى، ولا يوصف المذكر بالتي، ولو كان ذلك من صفة العماد لقيل: الذي لم يخلق مثله في البلاد، وإن جعلت التي لإرم، وجعلت الهاء عائدة في قوله:( مِثْلُهَا ) عليها، وقيل: هي دمشق أو إسكندرية، فإن بلاد عاد هي التي وصفها الله في كتابه فقال:( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِف ) والأحقاف: هي جمع حِقْف، وهو ما انعطف من الرمل وانحنى، وليست الإسكندرية ولا دمشق من بلاد الرمال، بل ذلك الشِّحْرَ من بلاد حضرموت، وما والاها.

سنتابع القول في المرة القادمة إن شاء الله . هذا والله اعلم .

زحلطه
01-05-2010, 09:06 AM
الحمد الله إنك صححت خطاك اللغوي الإعرابي


وإلا أرتفع ضغطي .... بحرف الباء أحسنت


سبق أن نصحتك لا تنقل مجرد نقولات ...



الخط متعب وصغير .... هناك قائمة الخط للتكبير يالخبووووط



جميل أنك تفرق بين اختلاف تنوع واختلاف تضاد


كلي أمنية أن تفرق أخي العزيز أنك في قسم المقالات


للمقالات أصول وضوابط


موضوعك بحث ونقل أنصح الإدارة رفعة للمنتدى الإسلامي



المقالة تكون قصيرة مفيدة جامعة مانعة ولست هنا للبحث العلمي




مقالة فقط ...

وش رأيكم أعطيكم دورة كيف تكتب مقالة أحسن ...

ماعندي مانع .. ههههههه

عُشق
17-05-2010, 11:26 AM
[ العنزي ]

ألف شكر لك اخوي..


تحياتي..

Lojeen
17-05-2010, 06:17 PM
يعطيك العافية ..

غناتي بسمو ذاتي
17-05-2010, 08:15 PM
مقال قيم
يعطيك العافيه
ولك كل الشكررررر

شعنونه
23-05-2010, 11:21 PM
اشكرك على الطرح الرائع .. الله يعطيك العافيه