المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أختكم مها بنت عبدالمحسن


واحد منكم
21-05-2010, 02:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه .

هذا رد للأخت ( مها بنت عبدالمحسن ) على حليمة مظفر ، واترك التعليق لكم .......


قديما قيل "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب" وبما أننا في زمن استشرى فيه تعالم الجهال ، وناقش مسائل الشرع كل أحد ممن لا يمتون للعلم الشرعي والفتوى بصلة ، حتى أفرزوا لنا الكثير من الفتاوى الدينية والتحليلات الغريبة والشاذة عبر القنوات وأعمدة الصحف ... بسبب هذا الكم التراكمي الهائل من الجهل المركب لدى كتبا وكاتبات الأعمدة الصحفية أقترح تبديل هذه العبارة إلى "من تكلم في غير فنه أتى بالبلايا" .
وجدير بعلم كل من له إطلاع على صحفنا وما فيها من غث وسمين أن كتاب وكاتبات الأعمدة الصحفية يتصدرون فئة المتعالمين في إصدار الفتاوى العجيبة والتفسيرات الغريبة للنصوص، والعبث بها وتحويرها بما يتناسب مع أهوائهم .
ومن آخر ما قرأت من نتاج الجهل الصحفي المركب مقال الكاتبة حليمة مظفر الموسوم بعنوان : "النساء.. فِتــنةٌ للرجال أم فِــتنـةٌ للعــلمـاء؟!"
كان أول ما صدرت به الكاتبة مقالها معلومة لغوية خاطئة فقد ذكرت أن معجم لسان العرب لابن منظور أوسع المعاجم اللغوية والصواب أن معجم تاج العروس أوسع من لسان العرب. بل حتى القاموس المحيط الذي تاج العروس شرح لها أوسع في مادته من لسان العرب ... هذا الخطأ من الكاتبة حليمة في تخصصها ومجالها فتأملوا.
وأما تعالمها فيما يتعلق بأمور الشريعة فيتلخص في إتيان الكاتبة بتفسيرات غريبة جدا لحديث "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" تفسيرات وتأويلات لم يقل بها احد من أهل العلم ، فقد عدت لعدة شروح وتصفحت عددا من الكتب والمقالات للمتخصصين وبحثت يمنة ويسرة وهنا وهناك ولم أجد من يقول بعجائب الكاتبة.
والذي يظهر لي أنها كتبت عن الحديث بخلفية سلبية مسبقة تريد أن تدفع عن المرأة تهمة أنها فتنة مما حداها للالتواء بمعنى الحديث عن الصواب ... وحمل وصف الفتنة على أنها تهمة للنساء فهم قاصر من الكاتبة حليمة ... لأن وصف المرأة بالفتنة ليس اتهاما ولا انتقاصا لها وإنما هو تبعا للفطرة والجبلة التي جبل الله عليها الرجال والنساء.
وغريزة التجاذب بينهما فكل منهما يميل للآخر ... والمتعارف عليه أن الرجل أكثر ميلا للنساء وأشد ضعفا أمام فتنتهن وما حباهن الله من صفات الجذب للرجل هو ابتلاء في الحقيقة للطرفين ... و كثيرا ما يحدث الفساد في الأرض بسبب هذا الميل الفطري متى ترك على عواهنه بلا قيد ولا ضبط .
الحديث يحذر من الانسياق وراء هذه الفتنة يحذر أن يسلم الرجل قياده لهذا الميل تجاه المرأة ... هناك قيود وردت تؤطر هذه الثنائية بين الرجل والمرأة وتجعلها في المسار الصحيح ... من ذلك غض البصر للطرفين ... عدم الدخول على النساء من غير المحارم للرجال ... الحجاب والابتعاد عن اظهار الزينة للرجال الأجانب هذا التوجيه للنساء.
عدم الضرب بالقدم على الأرض لزوم حافة الطريق للنساء ... إلى غير ذلك من التوجيهات الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة للرجال والنساء منعا لحصول الفتنة .
وبهذا يتبين لنا جميعا أن المراد بوصف المرأة بالفتنة وتحذير الرجال منها ليس قدحا ولا انتقاصا وإنما هو رحمة وإشفاقا بالأمة أن تقع في الضلال بسبب مسايرة رغبات النفس والتسليم لها واتباع هواها بمخالفة ضوابط وقيود الشرع في التعامل.
ولكن العجيب أن حليمة هداها الله تقول أن معنى الفتنة في الحديث ليس الإضلال والغواية ، وإنما هي بمعنى الابتلاء ، وتستبعد أن تكون الغواية داخلة في المعنى.
وكأنها تنكر أن النساء متى تبرجن وتعرضن للرجال وخالفن هدي القرآن والسنة وقابل ذلك ضعفا وانسياقا من الرجال حصل لهم الإغواء ... وسنة الجاذبية بين الذكور والاناث حتى في غير الانس تؤكد هذه الحقيقة ، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جدا ، وما نصوص تهذيب المرأة وتأديبها في مشيتها وفي لباسها وخروجها ، وأمر الرجال بغض البصر ونهيهم عن الدخول عن النساء والاختلاء بهن إلا إغلاقا لباب الغواية الذي نفته حليمة .
وكان يفترض بحليمة كباحثة أن ترجع في معنى الفتنة المقصود في الحديث للمختصين كما نبه على ذلك النائب الثاني حين طلب من الإعلاميين الرجوع في الفتوى والعقيدة لأهل الاختصاص ... وهو مقتضى العقل ولازم العلمية الصحيحة أن يكون الرجوع في المسائل التي تختلط على الباحث إلى المختصين ... وقد فعلتُ ذلك نيابة عن حليمة ورجعت لأقوال المحدثين والحفاظ والشراح ووجدتهم يجمعون على المعنى الذي ألغته حليمة واستعاضت عنه بمعنى الابتلاء الذي هو كالمظلة العامة تدخل تحته معاني كثيرة منها الغواية ، ومعرفة المعنى المتعين لا تكون إلا بالرجوع لسياق الحديث وغرضه.
وتقول حليمة أيضا أن المقصود بالرجال في الحديث ليس كل الرجال وإنما العلماء فقط ... وهذا تفسير جديد أيضا لم أجده عند أحد من الشراح والمحدثين ، ومن الواضح أن حليمة واقعة تحت سيطرة فكرة الكهانوتية التي يرددها البعض وهي تريد بتفسيرها الغريب هذا أن تنتقم من العلماء ... وإلا فمن أين لها هذا التخصيص للفظ الرجال العام ؟
الرجال نكرة معرف بال يفيد عموم الجنس والقاعدة الأصولية أن العام يبقى على عمومه إلا إن ورد عليه تخصيص متصل أو منفصل.
فأين دليل حليمة على تخصيص لفظ الرجال بالعلماء في الحديث محل الإشكال ؟
بودي لو اطلعت حليمة على ردي هذا ووافتني بدليلها على تخصيص لفظ الرجال ومن أين أتت به ؟
وأرجو منها إن قرأت مقالي هذا أن تكف عن التعالم وتمتثل قول الله تعالى (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
وتمتثل –هي وغيرها- أمر ولي الأمر النائب الثاني بالتوقف عن الإفتاء والخوض في العقيدة وترك ذلك للمتخصصين.
والله تعالى أعلم وأعلى وأحكم.
أختكم مها بنت عبدالمحسن.