ناصر الزعبي
25-05-2010, 09:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آل محمد
وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اما بعد :
سبحان خالق الإنسان ..
وخالق البحر والأكوان ..
وجاعل الكفار للنيران ..
وجازيا المؤمنين المحسنين بالجنان ..
إن الله سبحانه وتعالى خلق الجنة والنار .. للترغيب والترهيب ..
فمن اطاعه طمعا فيما عنده فيرهبه بالنار حتى يزيد في إحسانه
ومن اطاعه لرهبته سبحانه فيجزيه بأحسن الرغبات وغاية المطالب الا وهي الجنه حتى يزيد ايضا في إحسانه
حديثنا اليوم عن الجنه
عن نعيمها واهلها وحورها وسوقها ..
اما اوصافها فقد قال تعالى :
{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}
وهذا اعظم دليل على ان جمال الدنيا ومتعها ماهي الا كقطرة المطر مقارنة بالمحيط
{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة}
وقال إبن القيم في اوصافها :
هي جنة طابت وطاب نعيمها**فنعيمها باق وليس بفان
وبناؤها اللبنات من ذهب**وأخرى فضة نوعان مختلفان
سكانها أهل القيام مع الصيام**وطيب الكلمات والاحسان
للعبد فيها خيمة من لؤلؤ قد**جوفت هي صنعة الرحمن
أنهارها في غير أخدود جرت**سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا**مفجــرة وما للنهر من نقصان
ولقد أتى ذكر اللقاء لربنا**الــرحمن في سور من القرآن
أو ما سمعت منادي الايمان**يخــبر عن منادي جنة الحيوان
يا أهلها لكم لدى الرحمن**وعــد وهو منجزه لكم بضمان
قالوا أما بيّضت أوجهنا**كذا أعمالنا ثقلت في الميزان
وكذاك قد أدخلتنا الجنات**حيــن أجرتنا حقاً من النيران
فيقول عندي موعد قد آن**أن أعطيكموه برحمتي وحناني
فيرونه من بعد كشف حجابه**جهرا روى ذا مسلم ببيان
وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي**هم فيه مما نالت العينان
والله ما في هذه الدنيا ألذ**من اشتياق العبد للرحـمن
وكذاك رؤية وجهه سبحانه**هي أكمل اللذات للانسان
لله سوق قد أقامته الملائكة**الكرام بكل ما احســان
فيها الذي والله لا عين رأت**كلا ولا سمعت من اذنان
كلا ولم يخطر على قلب**امرئ فيكون عنه معبرا بلسان
واها لذا السوق الذي من**حله نال التهاني كلها بأمان
يدعى بسوق تعارف ما فيه**من صخب ولا غش ولا أيمان
هذا وخاتمة النعيم خلودهم**ابدا بدار الخلد والرضوان
هذه هي الجنه .. فهل ستبيعها بثمن بخس
وهذه مقتطفات من النعيم فيها :
بناؤها
لبنة من فضة ولبنة من ذهب وبلاطها المسك وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران ومن صلى في اليوم اثنتي عشرة ركعة بنى له بيت في الجنة
أبوابها
فيها ثمانية أبواب وفيها باب اسمه الريان لا يدخله إلا الصائمون وعرض الباب مسيرة الراكب السريع ثلاث أيام ويأتي عليه يوم يزدحم الناس فيه.
درجاتها
فيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها، ومنها تفجر أنهار الجنة ومن فوقها عرش الرحمن.
أنهارها
فيها نهر من عسل مصفى، ونهر من لبن، ونهر من خمر لذة للشاربين، ونهر من ماء، وفيها نهر الكوثر للنبي محمد عليه السلام أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر ـ أي الجمال ـ.
أشجارها
إن فيها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وإن أشجارها دائمة العطاء قريبة دانية مذللة اصولها من ذهب وفروعها من فضه
خيامها
فيها خيمة مجوفة من اللؤلؤ عرضها ستون ميلاً في كل زاوية فيها أهل يطوف عليهم المؤمن.
أهل الجنة
أهل الجنة جرد مرد مكحلين لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم وأول زمرة يدخلون على صورة القمر ليلة البدر لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومباخرهم من البخور.
نساء أهل الجنة
لو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحاً ويرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها
وسيأتي الوصف فيما يلي بإذن الله
خدم أهل الجنة
ولدان مخلدون لا تزيد أعمارهم عن تلك السن إذا رأيتهم كأنهم لؤلؤ منثور ينتشرون في قضاء حوائج أهل الجنه
النظر إلى وجه الله تعالى
من أعظم النعيم لأهل الجنة رؤية وجه الله عز وجل وإنهم ليحترقون من نور وجهه سبحانه لولا انهم بالجنة برحمة الله سبحانه
ومن نعيمها ايضا
أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يُؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربهم، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم، وما فيهم دني، على كثبان المسك والكافور،
وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا، فيرون ربهم، لا يمارون في رؤيته، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة، حتى يقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان، أتذكر يوم قلتَ كذا وكذا؟ فيُذَكر ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه.
فبينما نحن على ذلك، تغشانا سحابة من فوقنا، فتمطر علينا طيبا، لم نجد مثل ريحه شيئا قط، ويقول ربنا تبارك وتعالى: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم، فنأتي سوقا قد حفتْ به الملائكة، ما فيه بيع ولا شراء، إلا الصور من النساء والرجال، فإذا اشتهى أحدنا صورة دخل فيها، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، فيحمل لنا ما اشتهينا.
وفيه مجمع للحور العين، يرفعن أصواتا لم نر ولم نسمع مثلها قط، يقلن:
نحن الخالدات فلا نبيد،
ونحن الراضيات فلا نسخط،
ونحن الناعمات فلا نبؤس
، فطوبى لمن كان لنا وكنا له.
وفي ذلك السوق نلقى بعضنا بعضا، فيقبل الواحد منا ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه، وما فينا دني، فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا، فتتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحبا وأهلا، لقد جئتَ وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فنقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا.
وجاء أيضا في ذكر السوق في الجنة
إن هناك سوقا في الجنة يجتمع فيه أهل المنزلة العالية ، و المنزلة الدانية فيسأل بعضهم بعضا ، كما ثبت في صحيح الترمذي أن سعيد بن المسيب لقي أبا هريرة في السوق فقال: يا سعيد أسأل الله أن يجمع بيني و بينك في سوق الجنة . فقال : أو في الجنة سوق ؟ قال : نعم إنه إذا كان يوم المزيد في الآخرة و هو يوم الجمعة في الدنيا ؛ فيأذن الرب لأهل الجنة في زيارته،
و يجلسون إليه ، و يتجلى لهم ، فما أعطوا نعيما أفضل من النظر إلى وجه الله الكريم ، فما يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاوروه الله ، فيذكره ببعض أفعاله في الدنيا . فيقول: يا رب ألم تغفر لي ، فيقول الله : بلى . فبسعة مغفرتي ، بلغت منزلتك هذه ثم يقول الله : قوموا إلى ما أعددت لكم، ثم يقومون إلى سوق قد حفته الملائكته ، فيه ما لا عين رأت ، و لا أذن سمعت ، و لا خطر على قلب بشر ، فيأخذون منه بلا عقد ، و لا نقد ثمن ، فهذا يوم المزيد .
وأخيــرا وليــس آخرا
الحــــــــور العيـــــــــــن :
ولم اجد اجمل من وصف ابن القيم لها واشمل -بعد القرآن والسنه - وهذه الابيات مقتبسة منها
يا خاطب الحور الحسان وطالباً**لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن**طلبت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلت**السعي منك لها على الأجفان
أسرع وحدث السير جهدك إنما**مسراك هذا ساعة لزمانِ
فاعشق وحدّث بالوصال النفس**وابذل مهرها ما دمت ذا امكانِ
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم**اختر لنفسك يا أخا العرفانِ
حمر الخدود ثغورهن لآلئ**سود العيون فواتر الأجفانِ
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها**فيضيء سقف القصر بالجدرانِ
ولقد روينا أن برقا ساطعا**يبدو فيسأل عنه من بجنانِ
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحكٍ** في الجنة العليا كما تريانِ
لله لاثم ذلك الثغر الذي**في لثمه إدراك كل أمانِ
ريانة الأعطاف من ماء الشباب**فغصنها بالماء ذو جريانِ
لما جرى ماء النعيم بغصنها**حمل الثمار كثيرة الألوانِ
فالورد والتفاح والرمان في**غصن تعالى غارس البستانِ
والقد منها كالقضيب اللدن في**حسن القوام كأوسط القضبانِ
لا الظهر يلحقها وليس ثديها** بلواحق للبطن أو بدوانِ
لكنهن كواعب ونواهد**فثديهن كألطف الرمانِ
والجيد ذو طول وحسن في**بياض واعتدال ليس ذا نكرانِ
يشكو الحليّ بعاده فله مدى**الأيام وسواس من الهجرانِ
والمعصمان فان تشأ شبههما**بسبيكتين عليهما كفانِ
كالزبد لينا في نعومة ملمس**أصداف در دورت بوزانِ
والصدر متسع على بطن لها**حفت به خصران ذا أثمانِ
وعليه أحسن سرة هي مجمع**الخصرين قد غارت من الأعكانِ
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا**ما للصفات عليه من سلطانِ
وجماعها فهو الشفا لصبها**فالصبّ منه ليس بالضجرانِ
وإذا يجامعها تعود كما أتت**بكرا بغير دم ولا نقصانِ
فهو الشهي وعضوه لا ينثني**جاء الحديث بذا بلا نكرانِ
أقدامها من فضة قد ركبت**من فوقها ساقان ملتفانِ
والساق مثل العاج ملموم يرى**مخ العظام وراءه بعيانِ
والريح مسك و الجسوم نواعم**واللون كالياقوت والمرجانِ
وكلاهما يسبي العقول بنغمة**زادت على الأوتار والعيدانِ
وهي التي عند الجماع تزيد في**حركاتها للعين والأذنانِ
يعطي المجامع قوة المائة التي**أجتمعت لأقوى واحد الإنسانِ
لا إن قوته تضاعف هكذا**إذ قد يكون لأضعف الأركانِ
ولقد روينا أنه يغشى بيوم**واحد مائة من النسوانِ
هذا ودليل أن قدر نسائهم**متفاوت بتفاوت الإيمانِ
وأعفهم في هذه الدنيا هو**الأقوى هناك لزهده بالفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض**العينين واصبر ساعة لزمانِ
ما ههنا والله ما يسوى قلامة**ظفر واحدة ترى بجنانِ
لا تؤثر الأدنى على الأعلى**فان تفعل رجعت بذلة وهوانِ
وإذا بدت في حلة من لبسها**وتمايلت كتمايل النشوانِ
تهتز كالغصن الرطيب وحمله**ورد وتفاح على رمانِ
وتبخترت في مشيها ويحق**ذاك لمثلها في جنة الحيوانِ
كالبدر ليلة تتمة قد حف في**غسق الدجى بكواكب الميزانِ
فلسانه وفؤاده والطرف في**دهش وإعجاب وفي سبحانِ
فالقلب قبل زفافها في عرسه**والعرس من أثر العرس متصلانِ
حتى إذا ما واجهته تقابلا**أرايت إذ يتقابل القمرانِ
فسل المتيم هل يحل الصبر**عن ضم وتقبيل وعن فلتانِ
وسل المتيم اين خلف صبره**في أي واد أم بأي مكانِ
وسل المتيم كيف حالته وقد**ملئت له الأذنان والعينانِ
من منطق رقت حواشيه ووجهه**كم به للشمس من جريانِ
وسل المتيم كيف عيشته إذا**وهما على فرشيهما خلوانِ
يتساقطان لآلئان منثور**من بين منظوم كنظم جمانِ
وسل المتيم كيف مجلسه مع**المحبوب في روح وفي ريحانِ
وتدور كاسات الرحيق عليهما**بأكف أقمار من الولدانِ
يتنازعان الكأس هذا مرة**والخود أخرى ثم يتكئانِ
فيضمها وتضمه أرأيت**معشوقين بعد البعد يلتقيانِ
غاب الرقيب وغاب كل منكد**وهما بثوب الوصل مشتملانِ
أتراهما ضجرين من ذا العيش**لا وحياة ربك ما هما ضجرانِ
ويزيد كل منهما حبا**لصاحبه جديدا سائر الأزمانِ
وقال ايضا متحسرا على كل من باعها بثمن بخس :
يا سلعة الرحمن هل من خاطب**فالمهر قبل الموت ذو إمكان
يا سلعة الرحمن أين المشتري**فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ**ـخطاب عنك وهم ذوو إيمان
يا سلعة الرحمن ماذا كفئها**إلا أولو التقوى مع الإيمان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد**بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن لست رخيصة**بل أنتِ غالية على الكسلان
وقال قائل يحث الناس :
يا خاطب الحوراء في خدرها** = وطالباًَ ذاك على قدرها
انهض بعزم لا تكن دانياًَ**وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه**وصم نهاراًََ فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها**وقد بدت رُمانتا صدرها
وهي تماشي بين أترابها**وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي**تراه في دنياك من زهرها
من أخبار المشتاقين
الميعاد بيني وبينك بعد صلاة الظهر:
كان بالمدينة رجل يقال له ابا قدامه الشامي وقد حبب الله إليه الجهاد في أرض الروم فجلس ذات مرة هو وأصحابه فقالوا له يا أبا قدامه حدّثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد. قال: نعم
خرج غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة فسرنا ونزلنا تلك الليلة فلما كان الغداة رحلنا والغلام لا يفتر من ذكر الله تعالى، وصار كلما سرنا يقوي عزمه ويزداد نشاطه ويصفو قلبه وتظهر علامات الفرح عليه. قال: فلم نزل سائرين حتى أشرفنا على ديار المشركين عند غروب الشمس فنزلنا فجلس الغلام يطبخ لنا طعاما لإفطارنا وكنا صياماً، فغلبه النعاس فنام نومة طويلة فبينما هو نائم إذ تبسم في نومه فقلت لأصحابي ألا ترون إلى ضحك هذا الغلام في نومه، فلما استيقظ قلت: حبيبي رأيتك الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامك
، قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني. قلت: ما هي؟ قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت قصراً من فضة شُرفه من الدر والجواهر، وأبوابه من الذهب وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور وجوههن كالأقمار فلما رأينني قلن لي: مرحباً بك فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض هذا زوج المرضية، فقلن لي تقدم يرحمك الله فتقدمت أمامي فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر
قوائمه من الفضة البيضاء عليه جارية وجهها كأنه الشمس لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية. قال: فلما رأتني الجارية قالت: مرحباً وأهلاً وسهلاً يا ولي الله وحبيبه، أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري فقالت: مهلاً، لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا، وإن الميعاد بيني وبينك غداً بعد صلاة الظهر فأبشر. قال أبو قدامة : قلت له حبيبي رأيت خيراً، وخيراً يكون ثم بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، فبدأ القتال واختلط الفريقان وقُتل خلق كثير من المسلمين،
فلما افترق الجمعان فبينما أنا أجول بين القتلى وإذا أنا بالغلام قال: يا عم صدقت الرؤيا ورب الكعبة ، فعندها رميت بنفسي عليه فقبلت بين عينيه ومسحت التراب والدم عن محاسنه وقلت: يا حبيبي لا تنس عمك أبا قدامة له في شفاعتك يوم القيامة. فقال: مثلك لا يُنسى، ، يا عم هذه الحوراء التي وصفتها لك قائمة على رأسي تنتظر خروج روحي وتقول لي عجّل فأنا مشتاقة إليك
أبو سليمان كانت له رحلة الحج المعروفة، والتي ذكرها صاحب حادي الأرواح -عليه رحمة الله- يقول: رافقه شاب عراقي في طريقه إلى الحج، قال: فما رأيت هذا الشاب إلا باكيًا أو تاليًا أو مصليًا؛ نركب فيتلو القرآن، ننزل فنصلي فيصلي، ويذكر الله، لا يتكلم بكلام إلا بذكر الله أو بالصلاة والقيام، قال: فقلت: لا أسأله ولا أشغله، وعندما رجعنا من رحلة الحج، ووصلنا إلى بلاد العراق. قال: قلت له: أيها الشاب أسألك بالله؛ ما الذي هيَّجك على العبادة؟
ما الذي هيَّجك على العبادة لا تفتر عنها؟ قال: يا أبا سليمان أما إن سألتني؛ فإني رأيت -فيما يرى النائم- حورية في قصر من ذهب، وقصر من فضة، له شرفتان من زبرجد وياقوت، وبينهما هذه الحورية مرخية شعرها لم أرَ جمالا كذاك الجمال، وهي تقول لي: جِدّ إلى الله في طلبي؛ فإني أربى لك في الخدور من خمس مئة عام، فوالله برحمة الله، وأقسم على الله برحمته: لأجتهدنَّ حتى أصلها أو أهلك دونها.
أخي أنا ما حسدت المترفين وقد غدوفي أنعم ومواكب وقصور
أنا محنتي أن لا أرى بصحيفتي عملاََ أقدمه صِداق الحور
قال مالك ابن دينار كانت لي أحزاب أقرئها[أي من القرآن] كل ليلة فنمت ذات ليلة عن حزبي فرأيت في المنام جارية ذات حسن وجمال معها رقعة فقالت أتحسن أن تقرأ قلت نعم فدفعت لي الرقعة فإذا مكتوب فيها
لا هاك النوم عن طلب الأماني** وعن تلك الأونس في الجنان
تعيش مخلداًَ لا موت فيها**وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبه من منامك أن خيراَ**من النوم التهجد بالقرآن
وقال ثابت رحمه الله كان أبي من القوامين لله في سواد الليل فقال ذات مرة رأيت في المنام امرأة لا تشبه النساء قلت لها من أنتي يا أمة الله قال أنا من حور الجنة فقلت لها زوجيني من نفسك قالت اخطبني من عند ربي فقلت لها وما مهركِ قالت طول التهجد بالقرآن
قال أحد السلف لأشترين حورية من الحور العين بثلاثين ختمة للقرآن لا أنام حتى أختم هذه الثلاثين ختمة، ويختم تسعًا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات أهل الجنة ، وتقول:
أتخطُبُ مثْلِي وعنِّي تَنَامُ**ونومُ المُحبِّينَ عنِّي حَرَام
لأنا خُلِقْنَا لكلِّ امرئٍ**كَثيرِ الصلاةِ كثيرِ القِيام
هاهي أخبار المشتاقين وصلتنا فمالنا لا نشتاق كما اشتاقوا ومالنا لا نشمر كما شمروا,
ألسنا بشر مثلهم ونحب كما يحبون ,ولكنه الشيطان زين لنا الفانية وأنسانا الباقية ولله دُر ابن القيم رحمه حين قال
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ**ـفاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم**ورضوا بكل مذلة وهوان
يا عاشق الدنيا تأهب للذي**قد ناله العشاق كل زمان
أو ما سمعت بل رأيت مصارع الـ**ـعشاق من شيب ومن شبان
لمن ستكون تلك الزوجة الحسناء
خلق الله سبحانه وتعالى تلك الحوراء و أبدع في جمالها وحسنها واختار لها أزواج كرام أتدري من هم تأمل هذه الآيات , وافتح قلبك لها
قال تعالى :
** إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}
** إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
هل عرفتم لمن تكون تلك الزوجة الحسناء ومن يستحق أن ينالها هم المتقين يقول السعدي رحمه الله حقيقة التقوى "اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه بامتثال أوامره واجتناب ما نهى عنه "
أقول .... يا سعادة المتقين ويا خسارة المحرومين, جعلني الله وإياكم من المتقين الفائزين
ولقد وصفت طريق مسكنها فإن**رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحث السير جهدك إنما**مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ**ـذل مهرها ما دمت ذا إمكان
إذا كان هذا النعيم للرجال من أهل الجنة فماذا لنساء الدنيا إذا دخلن الجنة ؟
من حكمة الله العظيمة أن الله لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال ، لأن ذلك من دواعي الخجل وشدة الحياء ، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره والكلام فيه ، فاكتفى سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ )
أي أن للمرأة من النعيم في الجنة كما للرجل .
أختي الكريمة هل تأملتي أوصاف الحوراء وكيف جمالها وكمالها وحسن دلالها هل تغارين منها, نعم تغارين , وكيف لا تغارين وقد غارت قبلكِ
أُم سلمه أُم المؤمنين رضي الله عنها
عن أم سلمه رضى الله عنها( وفيه ) :
قلت : يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟
قال :نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة .
قلت: يا رسول الله وبم ذلك ؟
قال : بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل .ألبس الله عز وجل وجوههن النور وأجسادهن الحرير بيض الألوان خضر الثياب صفر الحلي،
مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب.
اللهم صلي على محمد وعلى اله وصحابته واغفر مولانا انك انت الغفورالعزيز
تم بحمدالله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم : عمر بن عبدالعزيز
من ايميلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آل محمد
وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اما بعد :
سبحان خالق الإنسان ..
وخالق البحر والأكوان ..
وجاعل الكفار للنيران ..
وجازيا المؤمنين المحسنين بالجنان ..
إن الله سبحانه وتعالى خلق الجنة والنار .. للترغيب والترهيب ..
فمن اطاعه طمعا فيما عنده فيرهبه بالنار حتى يزيد في إحسانه
ومن اطاعه لرهبته سبحانه فيجزيه بأحسن الرغبات وغاية المطالب الا وهي الجنه حتى يزيد ايضا في إحسانه
حديثنا اليوم عن الجنه
عن نعيمها واهلها وحورها وسوقها ..
اما اوصافها فقد قال تعالى :
{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}
وهذا اعظم دليل على ان جمال الدنيا ومتعها ماهي الا كقطرة المطر مقارنة بالمحيط
{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة}
وقال إبن القيم في اوصافها :
هي جنة طابت وطاب نعيمها**فنعيمها باق وليس بفان
وبناؤها اللبنات من ذهب**وأخرى فضة نوعان مختلفان
سكانها أهل القيام مع الصيام**وطيب الكلمات والاحسان
للعبد فيها خيمة من لؤلؤ قد**جوفت هي صنعة الرحمن
أنهارها في غير أخدود جرت**سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا**مفجــرة وما للنهر من نقصان
ولقد أتى ذكر اللقاء لربنا**الــرحمن في سور من القرآن
أو ما سمعت منادي الايمان**يخــبر عن منادي جنة الحيوان
يا أهلها لكم لدى الرحمن**وعــد وهو منجزه لكم بضمان
قالوا أما بيّضت أوجهنا**كذا أعمالنا ثقلت في الميزان
وكذاك قد أدخلتنا الجنات**حيــن أجرتنا حقاً من النيران
فيقول عندي موعد قد آن**أن أعطيكموه برحمتي وحناني
فيرونه من بعد كشف حجابه**جهرا روى ذا مسلم ببيان
وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي**هم فيه مما نالت العينان
والله ما في هذه الدنيا ألذ**من اشتياق العبد للرحـمن
وكذاك رؤية وجهه سبحانه**هي أكمل اللذات للانسان
لله سوق قد أقامته الملائكة**الكرام بكل ما احســان
فيها الذي والله لا عين رأت**كلا ولا سمعت من اذنان
كلا ولم يخطر على قلب**امرئ فيكون عنه معبرا بلسان
واها لذا السوق الذي من**حله نال التهاني كلها بأمان
يدعى بسوق تعارف ما فيه**من صخب ولا غش ولا أيمان
هذا وخاتمة النعيم خلودهم**ابدا بدار الخلد والرضوان
هذه هي الجنه .. فهل ستبيعها بثمن بخس
وهذه مقتطفات من النعيم فيها :
بناؤها
لبنة من فضة ولبنة من ذهب وبلاطها المسك وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران ومن صلى في اليوم اثنتي عشرة ركعة بنى له بيت في الجنة
أبوابها
فيها ثمانية أبواب وفيها باب اسمه الريان لا يدخله إلا الصائمون وعرض الباب مسيرة الراكب السريع ثلاث أيام ويأتي عليه يوم يزدحم الناس فيه.
درجاتها
فيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها، ومنها تفجر أنهار الجنة ومن فوقها عرش الرحمن.
أنهارها
فيها نهر من عسل مصفى، ونهر من لبن، ونهر من خمر لذة للشاربين، ونهر من ماء، وفيها نهر الكوثر للنبي محمد عليه السلام أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر ـ أي الجمال ـ.
أشجارها
إن فيها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وإن أشجارها دائمة العطاء قريبة دانية مذللة اصولها من ذهب وفروعها من فضه
خيامها
فيها خيمة مجوفة من اللؤلؤ عرضها ستون ميلاً في كل زاوية فيها أهل يطوف عليهم المؤمن.
أهل الجنة
أهل الجنة جرد مرد مكحلين لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم وأول زمرة يدخلون على صورة القمر ليلة البدر لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومباخرهم من البخور.
نساء أهل الجنة
لو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحاً ويرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها
وسيأتي الوصف فيما يلي بإذن الله
خدم أهل الجنة
ولدان مخلدون لا تزيد أعمارهم عن تلك السن إذا رأيتهم كأنهم لؤلؤ منثور ينتشرون في قضاء حوائج أهل الجنه
النظر إلى وجه الله تعالى
من أعظم النعيم لأهل الجنة رؤية وجه الله عز وجل وإنهم ليحترقون من نور وجهه سبحانه لولا انهم بالجنة برحمة الله سبحانه
ومن نعيمها ايضا
أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نزلوا فيها بفضل أعمالهم، ثم يُؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا، فيزورون ربهم، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، فتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم، وما فيهم دني، على كثبان المسك والكافور،
وما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا، فيرون ربهم، لا يمارون في رؤيته، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة، حتى يقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان، أتذكر يوم قلتَ كذا وكذا؟ فيُذَكر ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه.
فبينما نحن على ذلك، تغشانا سحابة من فوقنا، فتمطر علينا طيبا، لم نجد مثل ريحه شيئا قط، ويقول ربنا تبارك وتعالى: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، فخذوا ما اشتهيتم، فنأتي سوقا قد حفتْ به الملائكة، ما فيه بيع ولا شراء، إلا الصور من النساء والرجال، فإذا اشتهى أحدنا صورة دخل فيها، وفيه ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب، فيحمل لنا ما اشتهينا.
وفيه مجمع للحور العين، يرفعن أصواتا لم نر ولم نسمع مثلها قط، يقلن:
نحن الخالدات فلا نبيد،
ونحن الراضيات فلا نسخط،
ونحن الناعمات فلا نبؤس
، فطوبى لمن كان لنا وكنا له.
وفي ذلك السوق نلقى بعضنا بعضا، فيقبل الواحد منا ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه، وما فينا دني، فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، ثم ننصرف إلى منازلنا، فتتلقانا أزواجنا، فيقلن: مرحبا وأهلا، لقد جئتَ وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه، فنقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار، ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا.
وجاء أيضا في ذكر السوق في الجنة
إن هناك سوقا في الجنة يجتمع فيه أهل المنزلة العالية ، و المنزلة الدانية فيسأل بعضهم بعضا ، كما ثبت في صحيح الترمذي أن سعيد بن المسيب لقي أبا هريرة في السوق فقال: يا سعيد أسأل الله أن يجمع بيني و بينك في سوق الجنة . فقال : أو في الجنة سوق ؟ قال : نعم إنه إذا كان يوم المزيد في الآخرة و هو يوم الجمعة في الدنيا ؛ فيأذن الرب لأهل الجنة في زيارته،
و يجلسون إليه ، و يتجلى لهم ، فما أعطوا نعيما أفضل من النظر إلى وجه الله الكريم ، فما يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاوروه الله ، فيذكره ببعض أفعاله في الدنيا . فيقول: يا رب ألم تغفر لي ، فيقول الله : بلى . فبسعة مغفرتي ، بلغت منزلتك هذه ثم يقول الله : قوموا إلى ما أعددت لكم، ثم يقومون إلى سوق قد حفته الملائكته ، فيه ما لا عين رأت ، و لا أذن سمعت ، و لا خطر على قلب بشر ، فيأخذون منه بلا عقد ، و لا نقد ثمن ، فهذا يوم المزيد .
وأخيــرا وليــس آخرا
الحــــــــور العيـــــــــــن :
ولم اجد اجمل من وصف ابن القيم لها واشمل -بعد القرآن والسنه - وهذه الابيات مقتبسة منها
يا خاطب الحور الحسان وطالباً**لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن**طلبت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلت**السعي منك لها على الأجفان
أسرع وحدث السير جهدك إنما**مسراك هذا ساعة لزمانِ
فاعشق وحدّث بالوصال النفس**وابذل مهرها ما دمت ذا امكانِ
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم**اختر لنفسك يا أخا العرفانِ
حمر الخدود ثغورهن لآلئ**سود العيون فواتر الأجفانِ
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها**فيضيء سقف القصر بالجدرانِ
ولقد روينا أن برقا ساطعا**يبدو فيسأل عنه من بجنانِ
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحكٍ** في الجنة العليا كما تريانِ
لله لاثم ذلك الثغر الذي**في لثمه إدراك كل أمانِ
ريانة الأعطاف من ماء الشباب**فغصنها بالماء ذو جريانِ
لما جرى ماء النعيم بغصنها**حمل الثمار كثيرة الألوانِ
فالورد والتفاح والرمان في**غصن تعالى غارس البستانِ
والقد منها كالقضيب اللدن في**حسن القوام كأوسط القضبانِ
لا الظهر يلحقها وليس ثديها** بلواحق للبطن أو بدوانِ
لكنهن كواعب ونواهد**فثديهن كألطف الرمانِ
والجيد ذو طول وحسن في**بياض واعتدال ليس ذا نكرانِ
يشكو الحليّ بعاده فله مدى**الأيام وسواس من الهجرانِ
والمعصمان فان تشأ شبههما**بسبيكتين عليهما كفانِ
كالزبد لينا في نعومة ملمس**أصداف در دورت بوزانِ
والصدر متسع على بطن لها**حفت به خصران ذا أثمانِ
وعليه أحسن سرة هي مجمع**الخصرين قد غارت من الأعكانِ
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا**ما للصفات عليه من سلطانِ
وجماعها فهو الشفا لصبها**فالصبّ منه ليس بالضجرانِ
وإذا يجامعها تعود كما أتت**بكرا بغير دم ولا نقصانِ
فهو الشهي وعضوه لا ينثني**جاء الحديث بذا بلا نكرانِ
أقدامها من فضة قد ركبت**من فوقها ساقان ملتفانِ
والساق مثل العاج ملموم يرى**مخ العظام وراءه بعيانِ
والريح مسك و الجسوم نواعم**واللون كالياقوت والمرجانِ
وكلاهما يسبي العقول بنغمة**زادت على الأوتار والعيدانِ
وهي التي عند الجماع تزيد في**حركاتها للعين والأذنانِ
يعطي المجامع قوة المائة التي**أجتمعت لأقوى واحد الإنسانِ
لا إن قوته تضاعف هكذا**إذ قد يكون لأضعف الأركانِ
ولقد روينا أنه يغشى بيوم**واحد مائة من النسوانِ
هذا ودليل أن قدر نسائهم**متفاوت بتفاوت الإيمانِ
وأعفهم في هذه الدنيا هو**الأقوى هناك لزهده بالفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض**العينين واصبر ساعة لزمانِ
ما ههنا والله ما يسوى قلامة**ظفر واحدة ترى بجنانِ
لا تؤثر الأدنى على الأعلى**فان تفعل رجعت بذلة وهوانِ
وإذا بدت في حلة من لبسها**وتمايلت كتمايل النشوانِ
تهتز كالغصن الرطيب وحمله**ورد وتفاح على رمانِ
وتبخترت في مشيها ويحق**ذاك لمثلها في جنة الحيوانِ
كالبدر ليلة تتمة قد حف في**غسق الدجى بكواكب الميزانِ
فلسانه وفؤاده والطرف في**دهش وإعجاب وفي سبحانِ
فالقلب قبل زفافها في عرسه**والعرس من أثر العرس متصلانِ
حتى إذا ما واجهته تقابلا**أرايت إذ يتقابل القمرانِ
فسل المتيم هل يحل الصبر**عن ضم وتقبيل وعن فلتانِ
وسل المتيم اين خلف صبره**في أي واد أم بأي مكانِ
وسل المتيم كيف حالته وقد**ملئت له الأذنان والعينانِ
من منطق رقت حواشيه ووجهه**كم به للشمس من جريانِ
وسل المتيم كيف عيشته إذا**وهما على فرشيهما خلوانِ
يتساقطان لآلئان منثور**من بين منظوم كنظم جمانِ
وسل المتيم كيف مجلسه مع**المحبوب في روح وفي ريحانِ
وتدور كاسات الرحيق عليهما**بأكف أقمار من الولدانِ
يتنازعان الكأس هذا مرة**والخود أخرى ثم يتكئانِ
فيضمها وتضمه أرأيت**معشوقين بعد البعد يلتقيانِ
غاب الرقيب وغاب كل منكد**وهما بثوب الوصل مشتملانِ
أتراهما ضجرين من ذا العيش**لا وحياة ربك ما هما ضجرانِ
ويزيد كل منهما حبا**لصاحبه جديدا سائر الأزمانِ
وقال ايضا متحسرا على كل من باعها بثمن بخس :
يا سلعة الرحمن هل من خاطب**فالمهر قبل الموت ذو إمكان
يا سلعة الرحمن أين المشتري**فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ**ـخطاب عنك وهم ذوو إيمان
يا سلعة الرحمن ماذا كفئها**إلا أولو التقوى مع الإيمان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد**بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن لست رخيصة**بل أنتِ غالية على الكسلان
وقال قائل يحث الناس :
يا خاطب الحوراء في خدرها** = وطالباًَ ذاك على قدرها
انهض بعزم لا تكن دانياًَ**وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه**وصم نهاراًََ فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها**وقد بدت رُمانتا صدرها
وهي تماشي بين أترابها**وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي**تراه في دنياك من زهرها
من أخبار المشتاقين
الميعاد بيني وبينك بعد صلاة الظهر:
كان بالمدينة رجل يقال له ابا قدامه الشامي وقد حبب الله إليه الجهاد في أرض الروم فجلس ذات مرة هو وأصحابه فقالوا له يا أبا قدامه حدّثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد. قال: نعم
خرج غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة فسرنا ونزلنا تلك الليلة فلما كان الغداة رحلنا والغلام لا يفتر من ذكر الله تعالى، وصار كلما سرنا يقوي عزمه ويزداد نشاطه ويصفو قلبه وتظهر علامات الفرح عليه. قال: فلم نزل سائرين حتى أشرفنا على ديار المشركين عند غروب الشمس فنزلنا فجلس الغلام يطبخ لنا طعاما لإفطارنا وكنا صياماً، فغلبه النعاس فنام نومة طويلة فبينما هو نائم إذ تبسم في نومه فقلت لأصحابي ألا ترون إلى ضحك هذا الغلام في نومه، فلما استيقظ قلت: حبيبي رأيتك الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامك
، قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني. قلت: ما هي؟ قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت قصراً من فضة شُرفه من الدر والجواهر، وأبوابه من الذهب وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور وجوههن كالأقمار فلما رأينني قلن لي: مرحباً بك فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض هذا زوج المرضية، فقلن لي تقدم يرحمك الله فتقدمت أمامي فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر
قوائمه من الفضة البيضاء عليه جارية وجهها كأنه الشمس لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية. قال: فلما رأتني الجارية قالت: مرحباً وأهلاً وسهلاً يا ولي الله وحبيبه، أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري فقالت: مهلاً، لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا، وإن الميعاد بيني وبينك غداً بعد صلاة الظهر فأبشر. قال أبو قدامة : قلت له حبيبي رأيت خيراً، وخيراً يكون ثم بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، فبدأ القتال واختلط الفريقان وقُتل خلق كثير من المسلمين،
فلما افترق الجمعان فبينما أنا أجول بين القتلى وإذا أنا بالغلام قال: يا عم صدقت الرؤيا ورب الكعبة ، فعندها رميت بنفسي عليه فقبلت بين عينيه ومسحت التراب والدم عن محاسنه وقلت: يا حبيبي لا تنس عمك أبا قدامة له في شفاعتك يوم القيامة. فقال: مثلك لا يُنسى، ، يا عم هذه الحوراء التي وصفتها لك قائمة على رأسي تنتظر خروج روحي وتقول لي عجّل فأنا مشتاقة إليك
أبو سليمان كانت له رحلة الحج المعروفة، والتي ذكرها صاحب حادي الأرواح -عليه رحمة الله- يقول: رافقه شاب عراقي في طريقه إلى الحج، قال: فما رأيت هذا الشاب إلا باكيًا أو تاليًا أو مصليًا؛ نركب فيتلو القرآن، ننزل فنصلي فيصلي، ويذكر الله، لا يتكلم بكلام إلا بذكر الله أو بالصلاة والقيام، قال: فقلت: لا أسأله ولا أشغله، وعندما رجعنا من رحلة الحج، ووصلنا إلى بلاد العراق. قال: قلت له: أيها الشاب أسألك بالله؛ ما الذي هيَّجك على العبادة؟
ما الذي هيَّجك على العبادة لا تفتر عنها؟ قال: يا أبا سليمان أما إن سألتني؛ فإني رأيت -فيما يرى النائم- حورية في قصر من ذهب، وقصر من فضة، له شرفتان من زبرجد وياقوت، وبينهما هذه الحورية مرخية شعرها لم أرَ جمالا كذاك الجمال، وهي تقول لي: جِدّ إلى الله في طلبي؛ فإني أربى لك في الخدور من خمس مئة عام، فوالله برحمة الله، وأقسم على الله برحمته: لأجتهدنَّ حتى أصلها أو أهلك دونها.
أخي أنا ما حسدت المترفين وقد غدوفي أنعم ومواكب وقصور
أنا محنتي أن لا أرى بصحيفتي عملاََ أقدمه صِداق الحور
قال مالك ابن دينار كانت لي أحزاب أقرئها[أي من القرآن] كل ليلة فنمت ذات ليلة عن حزبي فرأيت في المنام جارية ذات حسن وجمال معها رقعة فقالت أتحسن أن تقرأ قلت نعم فدفعت لي الرقعة فإذا مكتوب فيها
لا هاك النوم عن طلب الأماني** وعن تلك الأونس في الجنان
تعيش مخلداًَ لا موت فيها**وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبه من منامك أن خيراَ**من النوم التهجد بالقرآن
وقال ثابت رحمه الله كان أبي من القوامين لله في سواد الليل فقال ذات مرة رأيت في المنام امرأة لا تشبه النساء قلت لها من أنتي يا أمة الله قال أنا من حور الجنة فقلت لها زوجيني من نفسك قالت اخطبني من عند ربي فقلت لها وما مهركِ قالت طول التهجد بالقرآن
قال أحد السلف لأشترين حورية من الحور العين بثلاثين ختمة للقرآن لا أنام حتى أختم هذه الثلاثين ختمة، ويختم تسعًا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات أهل الجنة ، وتقول:
أتخطُبُ مثْلِي وعنِّي تَنَامُ**ونومُ المُحبِّينَ عنِّي حَرَام
لأنا خُلِقْنَا لكلِّ امرئٍ**كَثيرِ الصلاةِ كثيرِ القِيام
هاهي أخبار المشتاقين وصلتنا فمالنا لا نشتاق كما اشتاقوا ومالنا لا نشمر كما شمروا,
ألسنا بشر مثلهم ونحب كما يحبون ,ولكنه الشيطان زين لنا الفانية وأنسانا الباقية ولله دُر ابن القيم رحمه حين قال
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ**ـفاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم**ورضوا بكل مذلة وهوان
يا عاشق الدنيا تأهب للذي**قد ناله العشاق كل زمان
أو ما سمعت بل رأيت مصارع الـ**ـعشاق من شيب ومن شبان
لمن ستكون تلك الزوجة الحسناء
خلق الله سبحانه وتعالى تلك الحوراء و أبدع في جمالها وحسنها واختار لها أزواج كرام أتدري من هم تأمل هذه الآيات , وافتح قلبك لها
قال تعالى :
** إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}
** إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
هل عرفتم لمن تكون تلك الزوجة الحسناء ومن يستحق أن ينالها هم المتقين يقول السعدي رحمه الله حقيقة التقوى "اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه بامتثال أوامره واجتناب ما نهى عنه "
أقول .... يا سعادة المتقين ويا خسارة المحرومين, جعلني الله وإياكم من المتقين الفائزين
ولقد وصفت طريق مسكنها فإن**رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحث السير جهدك إنما**مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ**ـذل مهرها ما دمت ذا إمكان
إذا كان هذا النعيم للرجال من أهل الجنة فماذا لنساء الدنيا إذا دخلن الجنة ؟
من حكمة الله العظيمة أن الله لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال ، لأن ذلك من دواعي الخجل وشدة الحياء ، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره والكلام فيه ، فاكتفى سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ )
أي أن للمرأة من النعيم في الجنة كما للرجل .
أختي الكريمة هل تأملتي أوصاف الحوراء وكيف جمالها وكمالها وحسن دلالها هل تغارين منها, نعم تغارين , وكيف لا تغارين وقد غارت قبلكِ
أُم سلمه أُم المؤمنين رضي الله عنها
عن أم سلمه رضى الله عنها( وفيه ) :
قلت : يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟
قال :نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة .
قلت: يا رسول الله وبم ذلك ؟
قال : بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل .ألبس الله عز وجل وجوههن النور وأجسادهن الحرير بيض الألوان خضر الثياب صفر الحلي،
مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب.
اللهم صلي على محمد وعلى اله وصحابته واغفر مولانا انك انت الغفورالعزيز
تم بحمدالله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم : عمر بن عبدالعزيز
من ايميلي