شمس الرائدية
26-06-2010, 10:15 PM
الجوّال في يد الأطفال: أمان يستبطن الخطر
الطفولة – كما يراها المختصون - تمر بمراحل ثلاث، يحتاج الطفل فيها إلى إشباع حاجاته الأساس؛ جسدية كانت، أو نفسية، أو عقلية، أو اجتماعية، أو دينية؛ إذ إن ذلك نتيجة طبيعية لنموه، وضرورات أساس في حياته، حتى يتحقق له نموٌّ خالٍ من الأمراض، و المشكلات، والانتكاسات.
ومرحلة الطفولة هذه تُعَدُّ ركيزة أساساً لحياة الفرد المستقبلية؛ إذ فيها تَتَحَدَّد ملامح شخصيته، من خلال ما يكتسبه من مهارات، أو خبرات، أو قيم، ونخص بالذكر هنا المرحلة العمرية من (6 – 12) سنة، حين تكون أنشطة الطفل أكثر منطقية، وتنظيماً، ومرونة من ذي قبل، ولكونه قد تهيّأ للدراسة في المرحلة الابتدائية، فإن الانتباه لديه يكون أكثر انضباطاً، وذاكرته أكثر تركيزاً.
فإذا تأمَّلنا (الهاتف الجوال)، بغض النظر عن العروض الدعائية التي تُذكر هنا أو هناك، فإن ميادين استخدام الأطفال فيها لا تخرج في الغالب عن خمسة:
1- المحادثة.
2- تقنية (البلوتوث) وما يتبعها من صور (فوتوغرافية) أو مقاطع فيديو.
3- الرسائل.
4- الألعاب.
5- التصوير.
والتواصل بين الطفل ووالديه كان هو السبب الرئيس لتأمين الهاتف الجوال للطفل، في حين أن المُشَاهد يجد هذا التواصل يكاد - حسب إحدى الاستبيانات – لا يتجاوز (15%) من زمن استخدامه لهذا الجهاز، بينما الانشغال بما فيه من مقاطع أو ألعاب، والتعرف إلى شخصيات أخرى من ذوي القربى، أو زملاء الدراسة، أو الأصحاب المجاورين، وفتح قنوات الاتصال معهم، وتبادل الرسائل والصور والمقاطع المرئية، والتنافس في الألعاب
قد احتل النسبة الباقية التي يمكن أن نستخلص منها السلبيات التالية:
1- هدر الوقت وضياعه فيما لا فائدة منه؛ فقد احتوت الأجهزة الحديثة على ألعاب مشوقة، لا يكاد الطفل يفارقها إلاّ عند النوم، ولا يكاد ينتهي من مجموعة إلاّ ويمكنه إضافة مجموعة أخرى، ناهيكَ عن أنَّها في غياب عن أعين الرقيب، فقد تتضمن شيئاً من المخالفاتِ العقديةِ، أو تمجيد العنف والاعتداء على الآخرين، واعتبار القوة البدنية هي العامل الأقوى في حسم المواقف، أو إثارة الفزع والرعب، أو تزيين العُري والاختلاط، أو العيب على الآخرين والسخرية بهم، ونحو ذلك.
2- تراجع مستوى التحصيل العلمي، نظراً لانشغال ذهن الطفل بالهاتف الجوال، عن وظائفه اليومية الدراسية، من استذكار لدروسه السابقة، أو تحضير لدروسه القادمة، أو إجابته للواجبات، وخصوصاً أن الأسرة - في الغالب – ليس لديها تقنين لمواعيد استخدامه. إنه على تواصل معه في المنزل، وفي الطريق، و المدرسة، و السيارة، و حين انتظار وجبة غداء أو عشاء، أو زيارة قريب، بل وحتى تحت غطاء سرير النوم.
3- جرح أو قتل الحياء في نفس الطفل، والسالم مِنْ هذا مَنْ عَصَمَهُ الله. إننا إذا عَلِمنا أنَّ طلبات الموضوعات الجنسية في محركات البحث على شبكة الانترنت تُقَدَّر بنحو (25%) من الطلبات، وأن إحصاءات مصلحة الجمارك الأمريكية تقول إن هناك أكثر من مئة ألف صفحة انترنت توفر مواد أو صور جنسية للأطفال، وتقرير جمعية بريطانية تعمل في مكافحة العنف ضد الأطفال تقول: هناك عشرون ألف صورة جنسية للأطفال ترسل عبر الشبكة أسبوعياً. هذا هو الشريان الذي يُغَذِّي الجوالات بكل فساد، وخصوصاً مع خدمة (البلوتوث) و (الاستديو)، والقدرة الاستيعابية والتخزينية التي تزداد مع كل منتج جديد.
الجوالات وهي مسرح النشر والتوزيع، تئن من صور النساء العاريات، و المتأنثين المتخنثين المتخنفسين، وصوَر الفنانات وذوات الفسق والفجور بأشكال يندى لها الجبين، ثم مقاطع الفيديو، وما أدراك ما مقاطع الفيديو...!! إنها لن تبقي في ذاكرة من يراها بقية لحياء، أو خُلق، أو إيمان.
يقول طفل المرحلة الابتدائية ع. س: ذهبت إلى أحد محلات الجوالات لإصلاح خلل في جهازي، فعرض عليّ العامل مقاطع جنسية: تحميل المقطع بخمسة ريالات، والنظر إليه بريالين فقط. يقول الطفل: وأرى أن هذا حال بعض زملائي في الفصل.
4- إيذاء الآخرين، والاتصال في أوقات غير مناسبة، أو إرسال الصور والمقاطع السيئة وتبادلها، بل إن بعض الأطفال كان أذيَّة ونِقمة على أهله؛ فقد يدفعهم ذلك إلى بعض الممارسات الخاطئة، حين تراودهم أفكار تسبق سنّهم وتؤثر على أخلاقهم.
5- التعرف على أصحاب السوء، أو من لا يستفيد منهم إلاّ ضياع الوقت: وهذا من مستلزمات وجود وسيلة اتصال بين يديه، تنقله من مجتمعه الصغير، إلى فضاء هذا الكون وسعته.
6- المضار الصحية والاجتماعية: وهذه قد كثرت الأقوال حولها، فمن مُقرٍ بها وخطورتها على الطفل، ومن مُهَوّن من شأنها، إلاّ أننا لا نشك أنه في حال كانت هناك خُطورة، فالأطفال هم أول المتأثرين من ذلك.
تقول وزيرة الصحة العامة البريطانية: (نُقدّر أن بعض الآباء يشعرون بأهمية تزويد أطفالهم بهواتف محمولة لأسباب تتعلق بسلامتهم، غير أننا ينبغي أن نكون واضحين في أن يكونوا حذرين للغاية من مغبة الإكثار من استخدامها).
أما أساتذة علم النفس فيقولون: (إن الاستجابة الدائمة لرغبات الصغير، وخصوصًا لناحية اقتناء الهاتف المحمول، تؤثر على تكوين شخصيته؛ فتجعله أنانيًا، كما أن رغبة الطفل في تقليد رفاقه ليست سمة صحية؛ إذ لا يقف اقتناء الطفل للهاتف المحمول عند هذا الحد، بل يتبعه ضياع الوقت في محادثات لا طائل منها، علمًا أنه من الأفضل الاستفادة من هذا الوقت بما يفيد عقله وتنمية مواهبه).
ويبقى السؤال: هل لوجود الهاتف الجوال في أيدي الأطفال ثِمار إيجابية؟!
الجواب: لا شك أن هناك شيئاً من الإيجابيات، لكنها تختص بحالات دون أخرى، فهي بحسب حاجة الطفل هذا أو ذاك للجهاز، وبحسب متابعة الأسرة لما يحتويه، ومقدار وزمن استخدامه، وبقائه بين يديه، ولذا فإن كانت بعض الأسر لا محالة فاعلة ذلك، فإني أقترحُ عليها التالي:
1- اقتناء جهاز لا يحوي تقنية (البلوتوث)، ولا (الكاميرا) و (الأستوديو)، وأن تكون قدرته التخزينية محدودة.
2- العمل على أن يكون استخدام الطفل للجهاز فقط عند خروجه إلى جهة ما، وحاجة الأسرة للمتابعة معه، وليس اصطحابه معه في كل حين. فإن لم يكن، فيتم تعويد الطفل على حفظ الجهاز لدى والده أو أحد إخوته الموثوقين عند عودته إلى المنزل، وخصوصاً عند المساء، مع المتابعة المستمرة الخفية لما قد يحتويه من أسماء غريبة، أو أرقام، أو رسائل وخلافه.
3- الحذر أشد الحذر من أن يكون الهاتف الجوال في يد الفتاة بلا ضوابط، وقد بدأت تَتَلَمَّسْ الطريق إلى تغذية عاطفتها بالكلمة الحنون، والمشاعر الحانية، وخصوصاً إذا لم تجد ما يشبعها في أسرتها.
4- البحث عن بدائل مفيدة ومأمونة تُشبع حاجات الطفل، وتحقق له الاكتفاء عن الهاتف الجوال.
وأخيراً، إن وجود الهاتف الجوال في أيدي الأطفال بلا رقابة دقيقة، وبلا مسببات واضحة مرتبطة بزمن محدد يُعد كارثةً أخلاقيةً واجتماعيةً، تحتاج إلى وقفة جادة وحازمة من قِبل الوالدين والمربين والموجهين.
الطفولة – كما يراها المختصون - تمر بمراحل ثلاث، يحتاج الطفل فيها إلى إشباع حاجاته الأساس؛ جسدية كانت، أو نفسية، أو عقلية، أو اجتماعية، أو دينية؛ إذ إن ذلك نتيجة طبيعية لنموه، وضرورات أساس في حياته، حتى يتحقق له نموٌّ خالٍ من الأمراض، و المشكلات، والانتكاسات.
ومرحلة الطفولة هذه تُعَدُّ ركيزة أساساً لحياة الفرد المستقبلية؛ إذ فيها تَتَحَدَّد ملامح شخصيته، من خلال ما يكتسبه من مهارات، أو خبرات، أو قيم، ونخص بالذكر هنا المرحلة العمرية من (6 – 12) سنة، حين تكون أنشطة الطفل أكثر منطقية، وتنظيماً، ومرونة من ذي قبل، ولكونه قد تهيّأ للدراسة في المرحلة الابتدائية، فإن الانتباه لديه يكون أكثر انضباطاً، وذاكرته أكثر تركيزاً.
فإذا تأمَّلنا (الهاتف الجوال)، بغض النظر عن العروض الدعائية التي تُذكر هنا أو هناك، فإن ميادين استخدام الأطفال فيها لا تخرج في الغالب عن خمسة:
1- المحادثة.
2- تقنية (البلوتوث) وما يتبعها من صور (فوتوغرافية) أو مقاطع فيديو.
3- الرسائل.
4- الألعاب.
5- التصوير.
والتواصل بين الطفل ووالديه كان هو السبب الرئيس لتأمين الهاتف الجوال للطفل، في حين أن المُشَاهد يجد هذا التواصل يكاد - حسب إحدى الاستبيانات – لا يتجاوز (15%) من زمن استخدامه لهذا الجهاز، بينما الانشغال بما فيه من مقاطع أو ألعاب، والتعرف إلى شخصيات أخرى من ذوي القربى، أو زملاء الدراسة، أو الأصحاب المجاورين، وفتح قنوات الاتصال معهم، وتبادل الرسائل والصور والمقاطع المرئية، والتنافس في الألعاب
قد احتل النسبة الباقية التي يمكن أن نستخلص منها السلبيات التالية:
1- هدر الوقت وضياعه فيما لا فائدة منه؛ فقد احتوت الأجهزة الحديثة على ألعاب مشوقة، لا يكاد الطفل يفارقها إلاّ عند النوم، ولا يكاد ينتهي من مجموعة إلاّ ويمكنه إضافة مجموعة أخرى، ناهيكَ عن أنَّها في غياب عن أعين الرقيب، فقد تتضمن شيئاً من المخالفاتِ العقديةِ، أو تمجيد العنف والاعتداء على الآخرين، واعتبار القوة البدنية هي العامل الأقوى في حسم المواقف، أو إثارة الفزع والرعب، أو تزيين العُري والاختلاط، أو العيب على الآخرين والسخرية بهم، ونحو ذلك.
2- تراجع مستوى التحصيل العلمي، نظراً لانشغال ذهن الطفل بالهاتف الجوال، عن وظائفه اليومية الدراسية، من استذكار لدروسه السابقة، أو تحضير لدروسه القادمة، أو إجابته للواجبات، وخصوصاً أن الأسرة - في الغالب – ليس لديها تقنين لمواعيد استخدامه. إنه على تواصل معه في المنزل، وفي الطريق، و المدرسة، و السيارة، و حين انتظار وجبة غداء أو عشاء، أو زيارة قريب، بل وحتى تحت غطاء سرير النوم.
3- جرح أو قتل الحياء في نفس الطفل، والسالم مِنْ هذا مَنْ عَصَمَهُ الله. إننا إذا عَلِمنا أنَّ طلبات الموضوعات الجنسية في محركات البحث على شبكة الانترنت تُقَدَّر بنحو (25%) من الطلبات، وأن إحصاءات مصلحة الجمارك الأمريكية تقول إن هناك أكثر من مئة ألف صفحة انترنت توفر مواد أو صور جنسية للأطفال، وتقرير جمعية بريطانية تعمل في مكافحة العنف ضد الأطفال تقول: هناك عشرون ألف صورة جنسية للأطفال ترسل عبر الشبكة أسبوعياً. هذا هو الشريان الذي يُغَذِّي الجوالات بكل فساد، وخصوصاً مع خدمة (البلوتوث) و (الاستديو)، والقدرة الاستيعابية والتخزينية التي تزداد مع كل منتج جديد.
الجوالات وهي مسرح النشر والتوزيع، تئن من صور النساء العاريات، و المتأنثين المتخنثين المتخنفسين، وصوَر الفنانات وذوات الفسق والفجور بأشكال يندى لها الجبين، ثم مقاطع الفيديو، وما أدراك ما مقاطع الفيديو...!! إنها لن تبقي في ذاكرة من يراها بقية لحياء، أو خُلق، أو إيمان.
يقول طفل المرحلة الابتدائية ع. س: ذهبت إلى أحد محلات الجوالات لإصلاح خلل في جهازي، فعرض عليّ العامل مقاطع جنسية: تحميل المقطع بخمسة ريالات، والنظر إليه بريالين فقط. يقول الطفل: وأرى أن هذا حال بعض زملائي في الفصل.
4- إيذاء الآخرين، والاتصال في أوقات غير مناسبة، أو إرسال الصور والمقاطع السيئة وتبادلها، بل إن بعض الأطفال كان أذيَّة ونِقمة على أهله؛ فقد يدفعهم ذلك إلى بعض الممارسات الخاطئة، حين تراودهم أفكار تسبق سنّهم وتؤثر على أخلاقهم.
5- التعرف على أصحاب السوء، أو من لا يستفيد منهم إلاّ ضياع الوقت: وهذا من مستلزمات وجود وسيلة اتصال بين يديه، تنقله من مجتمعه الصغير، إلى فضاء هذا الكون وسعته.
6- المضار الصحية والاجتماعية: وهذه قد كثرت الأقوال حولها، فمن مُقرٍ بها وخطورتها على الطفل، ومن مُهَوّن من شأنها، إلاّ أننا لا نشك أنه في حال كانت هناك خُطورة، فالأطفال هم أول المتأثرين من ذلك.
تقول وزيرة الصحة العامة البريطانية: (نُقدّر أن بعض الآباء يشعرون بأهمية تزويد أطفالهم بهواتف محمولة لأسباب تتعلق بسلامتهم، غير أننا ينبغي أن نكون واضحين في أن يكونوا حذرين للغاية من مغبة الإكثار من استخدامها).
أما أساتذة علم النفس فيقولون: (إن الاستجابة الدائمة لرغبات الصغير، وخصوصًا لناحية اقتناء الهاتف المحمول، تؤثر على تكوين شخصيته؛ فتجعله أنانيًا، كما أن رغبة الطفل في تقليد رفاقه ليست سمة صحية؛ إذ لا يقف اقتناء الطفل للهاتف المحمول عند هذا الحد، بل يتبعه ضياع الوقت في محادثات لا طائل منها، علمًا أنه من الأفضل الاستفادة من هذا الوقت بما يفيد عقله وتنمية مواهبه).
ويبقى السؤال: هل لوجود الهاتف الجوال في أيدي الأطفال ثِمار إيجابية؟!
الجواب: لا شك أن هناك شيئاً من الإيجابيات، لكنها تختص بحالات دون أخرى، فهي بحسب حاجة الطفل هذا أو ذاك للجهاز، وبحسب متابعة الأسرة لما يحتويه، ومقدار وزمن استخدامه، وبقائه بين يديه، ولذا فإن كانت بعض الأسر لا محالة فاعلة ذلك، فإني أقترحُ عليها التالي:
1- اقتناء جهاز لا يحوي تقنية (البلوتوث)، ولا (الكاميرا) و (الأستوديو)، وأن تكون قدرته التخزينية محدودة.
2- العمل على أن يكون استخدام الطفل للجهاز فقط عند خروجه إلى جهة ما، وحاجة الأسرة للمتابعة معه، وليس اصطحابه معه في كل حين. فإن لم يكن، فيتم تعويد الطفل على حفظ الجهاز لدى والده أو أحد إخوته الموثوقين عند عودته إلى المنزل، وخصوصاً عند المساء، مع المتابعة المستمرة الخفية لما قد يحتويه من أسماء غريبة، أو أرقام، أو رسائل وخلافه.
3- الحذر أشد الحذر من أن يكون الهاتف الجوال في يد الفتاة بلا ضوابط، وقد بدأت تَتَلَمَّسْ الطريق إلى تغذية عاطفتها بالكلمة الحنون، والمشاعر الحانية، وخصوصاً إذا لم تجد ما يشبعها في أسرتها.
4- البحث عن بدائل مفيدة ومأمونة تُشبع حاجات الطفل، وتحقق له الاكتفاء عن الهاتف الجوال.
وأخيراً، إن وجود الهاتف الجوال في أيدي الأطفال بلا رقابة دقيقة، وبلا مسببات واضحة مرتبطة بزمن محدد يُعد كارثةً أخلاقيةً واجتماعيةً، تحتاج إلى وقفة جادة وحازمة من قِبل الوالدين والمربين والموجهين.