azmiimran
17-08-2010, 12:16 PM
http://www.lamst-a.net/upfiles/e0o49403.gif (http://www.ataaalkhayer.com/)
ذاكرة الجسد: حقيقة علمية!!
نتأمل قول الحق تعالى:
(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].....
ما أكثر الآيات التي تدعو الإنسان للتأمل والتفكر والتدبر،
ومن الآيات الكثيرة التي تسترعي الانتباه والتي تلفت الانتباه أن
الله تبارك وتعالى يقول:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ
بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179].
يقول تعالى:
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
[يس: 65]. ويقول أيضاً:
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24].
مما لفت انتباهي في هذه الآية العظيمة قوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) هذه الآية تؤكد أن مركز الفقه أو العقل هو القلب، وليس الدماغ كما يقول أو يعتقد العلماء اليوم، ولو تأملنا آيات القرآن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى دائماً يؤكد أنه هنالك صفات كثيرة للقلب، فمثلاً يقول تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] إذاً هنالك خصائص للقلب ومنها الاطمئنان أو الاستقرار ويقول أيضاً: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].
إذاً القلب يقسو والقلب يطمئن والقلب يخاف أيضاً ويخاف، يقول تبارك وتعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2] هذه الآية تصف لنا صفات المؤمنين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي خافت (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
يقول أيضاً: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أو آذان يَسْمَعونَ بها فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). والخطاب هنا لأولئك المشككين بكلام الله تبارك وتعالى ورسالته، فهذه الآية تؤكد على نقطة مهمة جداً، أن القلب له عمل، وليس مجرد مضخة كما يعتقد كثير من الأطباء اليوم، فالقلب يمكن أن يعمى (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) والقلب أيضاً يمكن أن يفقه ويعقل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا). والسؤال: كيف يمكن للقلب أن يعقل؟ وكيف يمكن له أن يتذكر؟ وكيف يمكن له أن يحب أو يكره؟
ذاكرة القلب
الذي لفت انتباه بعض أطباء الولايات المتحدة الأمريكية أن هنالك ظاهرة غريبة تتعلق بأولئك المرضى الذين تمّ لهم زراعة القلب، وزراعة القلب بدأت عام 1967 ثم تطورت هذه العملية حتى إننا نجد اليوم كل سنة هنالك أكثر من ألف عملية زراعة قلب تتم في الولايات المتحدة الأمريكية، والأطباء الذين راقبوا حالة هؤلاء المرضى وجدوا شيئاً غريباً أن هذا المريض بمجرد أن تمّ تغيير قلبه تتغير أمور عميقة في شخصيته، هنالك تغييرات جذرية تحدث في شخصية هذا المريض.
هذه العمليات تتم عندما يتعرض إنسان أو يُشرف على الهلاك يكون لديه خلل في نظام عمل القلب أو بسبب انسداد شرايين القلب انسداداً كاملاً أو غيرها من الاضطرابات في نظام عمل القلب فهذه جميعها تستدعي أن يتم تغيير هذا القلب فيأتون بقلب لإنسان آخر مات مثلاً منتحراً أو مات بسبب حادث أو إصابة مفاجئة ويأخذون هذا القلب ويضعونه في قلب المريض فيعيش بعد ذلك عدة سنوات بقلب غير قلبه.
والسؤال ما هي عملية زراعة القلب؟ إنها بكل بساطة عبارة عن استبدال قلب بقلب إنسان آخر، وكما نعلم أن الإنسان الذي يموت بسبب حادث أو صدمة مفاجئة أو بحادث قتل مثلاً أو يموت منتحراً، لا يموت قلبه على الفور بل يبقى لفترة محددة فإذا ما أدرك الأطباء هذا القلب وانتزعوه ووضعوه في سائل خاص وأشرفوا عليه فإنه يبقى أيضاً لفترة أطول يمكنهم أن يستفيدوا منه في مريض آخر من أجل استبدال قلبه فقد يكون لدينا مريض مثلاً لديه شرايين القلب جميعها فيها انسداد كامل وقد أشرف على الموت أيضاً فيتم استبدال قلبه ويعيش بهذا القلب الجديد والذي لاحظه الأطباء أن هؤلاء المرضى الذين تم استبدال قلوبهم بقلوب أخرى أنه تحدث فيهم تغييرات عميقة في تصرفاتهم أو في شخصيتهم، فمثلاً هنالك طالبة في علم النفس لديها فشل في عمل القلب أو خلل منذ الولادة وعمرها ثمانية وعشرون عاماً عندما قاموا باستبدال قلبها بقلب شخص آخر مات حديثاً ماذا كانت النتيجة؟؟
عندما أفاقت بعد العملية وجد الأطباء أنه هنالك تغييرات في شخصية هذه المريضة فعلى سبيل المثال: كانت لا تحب الألعاب الرياضية أبداً، وفجأة بعد أن تم زراعة القلب لها أصبحت من المتابعين للعبة كرة القدم. هنالك أنواع من المأكولات لم تكن ترغب في تناولها قبل العملية، وبعد العملية أصبح لديها ميل شديد باتجاه هذه الأطعمة. وهنالك تغييرات كثيرة حدثت في هذه الفتاة.
كذلك هنالك طفل تم أيضاً استبدال قلبه بسبب خلل وراثي في عمل القلب، وعندما قام الأطباء باستبدال قلبه بقلب طفل آخر، ماذا حدث؟ حدث لديه خلل في الدماغ، في الجانب الأيسر، وعندما بحث الأطباء عن سبب هذا الأمر وجدوا أن الطفل الأصلي صاحب القلب الأصلي كان لديه خلل في الدماغ في الجهة اليسرى. وهنالك مئات العمليات التي أجراها الأطباء في زراعة القلوب وجميعها كانت تحدث معها تغييرات عميقة في شخصية هذا المريض.
وكمثال آخر هنالك طفل أيضاً قتل في حادث، طبعاً في حادثة قتل، هنالك شخص قتل هذا الطفل، فأخذوا قلبه ووضعوه لطفل آخر لديه فشل في عمل القلب وإذا بهذا الطفل بدأ يرى كوابيس وأحلام مزعجة، وبدأ يحس وكأن هنالك شخصاً يريد أن يقتله وهذه الحالة استدعت انتباه الأطباء فلما سألوه عن أوصاف هذا الشخص الذي يحاول قتله ووصف لهم بدقة ما يراه، وجدوا بأن هذا الشخص هو القاتل الذي قتل ذلك الطفل صاحب القلب الأصلي.
من هنا نستطيع أن نستنتج أن هنالك تغييرات مهمة جداً تحدث لهؤلاء الذين يزرعون القلب. ولكن.. ما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة؟ هذه الظاهرة المحيرة لم يجد لها العلماء إلا تفسيراً واحداً وهو: أن في القلب مراكز خاصة بالذاكرة تُشرف على عمل الدماغ، يعني في قلب الإنسان (القلب) ليس مجرد مضخة لضخ الدم إنما في خلايا هذا القلب هنالك برامج أودعها الله تبارك وتعالى تتحكم في عمل هذا القلب وتستقبل هذه البرامج تستقبل المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ويتم تخزينه في القلب ثمّ يصدر القلب أوامره إلى الدماغ ليقوم بأداء مهامه.
إذاً نستطيع أن نقول إن مركز العقل هو القلب وليس الدماغ ولذلك قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179] وقال في آية أخرى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) [الحج: 46] (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
طبعاً هذه النتائج هي ملامح لظاهرة غريبة يراها الأطباء اليوم فهذا هو الدكتور (جاك كوبلاند) أشرف على أكثر من 700 حالة زراعة قلب فماذا وجد هذا الطبيب؟ الذي وجده أن هؤلاء المرضى يحدث دائماً مع كل تغيير للقلب تغييرات عميقة في شخصيتهم ولذلك قال أنا لا أستبعد أن يكون هنالك شيء ما في هذا القلب نجهله تماماً. وهنالك الكثير من الأطباء الذين يؤكدون هذه الحقيقة اليوم ولكن ليس لديهم دليل مادي ملموس على ذلك سوى الظواهر التي يشاهدونها أمامهم.
وهنا تتجلى أمامنا عظمة القرآن تتجلى أمامنا هذه الآيات العظيمة عندما قال رب العزة تبارك وتعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا)! إذاً هذا سبق قرآني في طب القلوب، هذا السبق أكّد لنا أن القلب فيه مراكز كثيرة ويقول كثير من علماء الغرب اليوم إن خلايا القلب تختزن الذاكرة وتختزن ما يسمعه الإنسان وما يراه.
ذاكرة خلايا القلب
ومن الأشياء العجيبة أن خلايا القلب والرئتين تصدر ترددات صوتية خاصة بها، فقد قام أحد العلماء الباحثين في جامعة كاليفورنيا منذ أشهر قليلة ببحث حيث أخذ بعض الخلايا من قلب إنسان وقام بدراستها دراسة معمقة فوجد أن هذه الخلايا تصدر ترددات صوتية خاصة بها، ولكن هذه الترددات غير مسموعة، يعني هي في المجال غير المسموع الذي لا يسمعه الإنسان بسبب ضعف هذه الترددات فاستخدم ما يسمى كمبيوتر ذري من أجل التقاط الإشارات الصادرة من هذه الخلايا ووجد بأنها ترددات صوتية تصدرها خلايا القلب، وهنا ربما نتذكر أن الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 44] وقال أيضاً: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
لذلك دائماً أنصح كل إنسان أن يلجأ في علاج نفسه من أي خلل أو أي حالة نفسية أو أي مرض إلى القرآن الكريم لأن هذا القرآن أودع الله فيه تبارك وتعالى قوة شفائية، أودع في آياته لغة تفهمها خلايا القلب، لذلك قال تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
ذاكرة الرئتين!
ولكن هنالك شيء آخر يتعلق بمحتوى الصدر أو الرئتين فعندما قام العلماء باستبدال الرئتين أيضاً لأشخاص لديهم خلل كبير في عمل هاتين الرئتين استبدلوا هذه الرئة برئة شخص آخر أيضاً شخص مات حديثاً أخذوا رئتيه ووضعوها لمريض بحاجة لهاتين الرئتين فوجدوا أيضاً أن هنالك تغيرات عميقة تحدث لهذا المريض أيضاً في شخصيته وفي تصرفاته وفيما يحب ويكره.
حتى إن أحد المرضى الذين تم استبدال القلب والرئتين له أي محتوى الصدر كاملاً، بقلب ورئتين من شخص آخر بعدما نجحت العملية وقام هذا الشاب وذهب إلى أهل ذلك الطفل الذي ذلك الشاب الذي تبرع له بقلبه ورئتيه قبل أن يموت عندما ذهب إلى بيته وهو يحمل قلبه ورئتيه وجد أنه يعرف هذا البيت من قبل مع أنها كانت المرة الأولى التي يدخل فيها هذا البيت ووجد أيضاً أنه يعرف كثيراً عن حياة هذا الشاب وعندما جاءت والدة ذلك الطفل صاحب القلب والرئتين وأظهرت أمامه بعض أبيات الشعر التي كتبها قبل أن يموت ذلك الشاب استطاع أن يكمل كثير من العبارات والأبيات مع أنه لم يقرأها من قبل.
وهنا وصل بعض الباحثين إلى نتيجة ثانية توازي بأهميتها النتيجة الأولى وهي أن الرئتين أيضاً لديهما ذاكرة ولديهما نوع من تخزين الأحداث أو المعلومات وكأن في الصدر هنالك مستودع للمعلومات والبرامج. والعجيب أننا إذا تأملنا القرآن العظيم نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أشار بوضوح كامل إلى هذه الحقيقة فكثير من الآيات تحدثنا عن علم الله تبارك وتعالى وأنه عليم بذات الصدور وقال أيضاً في آية أخرى يخاطب المؤمنين: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 154].
لذلك نجد أن في هذه الآية أيضاً سبقاً علمياً مع أن العلماء لم يتأكدوا بعد من صدق أبحاثهم مئة بالمائة إلا أن المشاهدات والأحداث التي تتم أمامهم جميعها تؤكد أن الصدر فيه مستودع للذكريات وفيه مستودع للبرامج التي أودعها الله تبارك وتعالى في هذا الصدر في القلب والرئتين وأن القلب يتحكم بعمل الدماغ وليس العكس. ومن هنا عندما نتأمل كثير من آيات القرآن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19] لم يقل وما تخفي الرؤوس مثلاً، بل قال (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ).
إحدى الفتيات عانت لفترة طويلة من التهاب الرئة المزمن وأكد الأطباء أنها ستموت قريباً، إلا إذا استبدلت رئتيها برئتين سليمتين، وصدف أن مات شاب بحادث دراجة نارية وأسرع الأطباء وانتزعوا قلبه ورئتيه بحالة سليمة وأجروا زراعة القلب والرئتين لهذه الفتاة.
بعد نجاح العملية التف الصحفيون حول هذه الفتاة وبدأوا بطرح الأسئلة: كيف تشعرين الآن، وتقول لهم إنني أحس أنني أحمل شخصية أخرى غير شخصيتي، إن سلوكي قد تغير بالكامل، أصبحت أفضل بعض المأكولات التي لم أكن أحبها من قبل! وبعد أن زارت هذه الفتاة أهل الشاب صاحب القلب الأصلي، وحدثتهم عن الأشياء التي أصبحت تحبها، قالوا لها بأن هذا ما كان يحبه ابننا، وأن الأشياء التي تغيرت فيها تشبه شخصية هذا الابن!
ويقول الدكتور John Schroeder من جامعة ستانفورد والمختص بدراسة الحالة النفسية للأشخاص الذين تمت لهم عمليات زرع القلب والرئتين، إنهم يصبحون أكثر حساسية ويسمعون بعض الأصوات غير الحقيقية!
هذا القلب أودعه الله في صدرك على الجهة اليسرى منه، فيعمل مع الرئتين ليزود الجسم بالدم النقي المليء بالأكسجين، ويحمل النفايات ويساهم في تصريفها. وهو يعمل ليل نهار بلا توقف. إذن القلب هو عضلة تنكمش فتضغط الدم الذي بداخلها ليندفع باتجاه الرئتين ليأخذ الأكسجين ويتخلص من غاز الكربون، ثم يتمدد القلب ويتوسع فيندفع الدم لداخله ثم ينقبض فيندفع الدم إلى الجسم، وأثناء ذلك تنغلق الصمامات وتفتح لتنظيم هذه العملية وهكذا في دورة بديعة تبارك صانعها!
ولكي نتخيل مدى التعقيد الذي يتمتع به القلب البشري، أن هذا القلب ينظم عملية ضخ الدم حسب الجهد المبذول، فالقلب يضخ 5 لتر من الدم في الدقيقة الواحدة، وفي حالة الأعمال المجهدة يضخ 20 لتر في الدقيقة، هذا أبسط عمل للقلب الطبيعي، وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة والتطور الهائل فشل الأطباء في اختراع قلب صناعي يستطيع تحديد كمية الدم اللازمة حسب الجهد المبذول، وأحدث اختراع هو إضافة جهاز تحكم يدوي كلما أراد المريض مثلاً أن يبذل جهداً، يضغط على زر في هذا الجهاز فتزيد كمية الدم التي يضخها قلبه الصناعي.
ولكن كيف يمكن لهذا المريض أن يتحكم بمشاعره، فإذا أراد أن يخاف يجب عليه أن يدير زر التحكم بكمية الدم ليضخ القلب الصناعي كمية أكبر تناسب الخوف، وإذا أراد أن يحزن أو يفرح أو يقوم بأي انفعال وجب عليه تعديل كمية الدم، وبالنتيجة إن صاحب القلب الصناعي يفقد المشاعر بشكل كامل!
وأقول: سبحان الله! إذا كان الدماغ هو الذي يتحكم بنبضات القلب ونظام عمله كما يقول العلماء اليوم، وأن القلب هو مجرد مضخة، فلماذا تفشل جميع القلوب الصناعية في التحكم بأبسط عمل وهو تنظيم كمية الدم التي يضخها هذا القلب الصناعي؟ إذن القلب الطبيعي الذي منَّ الله به علينا وضع فيه ذاكرة وقدرة عقلية لإدارة وتنظيم ضخ الدم، وتحديد الكمية اللازمة بالضبط، فهل نشكر نعمة الله تعالى!
ذاكرة الخلايا
علماء من جامعة أريزونا بالإضافة إلى بعض الباحثين مثل الدكتورة ليندا راسك يعتقدون أن الذاكرة مخزنة في كل خلية من خلايا جسدنا، وهذه الطاقة تظهر تأثيراتها عندما يتم نقل عضو من شخص لآخر، طبعاً تظهر تأثيراتها على الشخص الذي استلم هذا العضو. لكل قلب بصمة خاصة، فلا يوجد قلبين متشابهين أبداً، فكل قلب من قلوب البشر له تركيب خاص ومميز عن غيره، وفي داخله معلومات تخص صاحب هذا القلب، وتتجلى هذه البصمة من خلال الذبذبات الكهرطيسية التي يبثها القلب فهي تختلف من شخص لآخر.
ذاكرة الدم!
للدم ذاكرة أيضاً، فقد لوحظ أن الأشخاص الذين تم تغيير دمهم قد تغيروا بنسبة كبيرة وأصبحوا محبين للأشياء التي كان يحبها من تبرع لهم بالدم. وهكذا يمكن القول إن القلب يعمل كمضخة ويشرف على ذاكرة الخلايا، فجميع الخلايا تختزن المعلومات ولدى انتقال الدم عبر الجسم فإنه يمر إلى القلب الذي يقوم بتزويد خلايا الدم بالمعلومات ويتم نقلها إلى الدماغ. أي أن القلب هو الذي يسيطر على الدماغ ويوجهه.
ذاكرة الصدر!
هناك حالات غريبة أيضاً، فبعد إجراء زراعة للرئة تبين أن هناك تغيرات عميقة في شخصية المريض تحدث عقب استبدال رئته. ومن الحالات أن شخصاً لم يكن يحب كرة القدم وبعد زرع رئة له أصبح مولعاً بمراقبة هذه اللعبة.
وصل البروفسور Gary Schwartz إلى نتيجة وهي أن للرئتين تأثيراً كبيراً وعميقاً على شخصية المريض، فقد كان لدى إحدى السيدات خوف كبير من المرتفعات يصل إلى الحالة المرضية، ولكنها بعد ذلك تعرضت لخلل في نظام عمل الرئتين، وبعد فترة أُجريت لها عملية زرع الرئة من شخص تُوفي بنتيجة حادث، وكانت المفاجأة أن أول شيء فعلته هذه المريضة بعد العملية أنها قامت بتسلق بعض الجبال!
وبعد التدقيق في سجلات صاحب الرئة الأصلي تبين بأن من هواياته تسلق الجبال!! وهنا نصل إلى نتيجة وهي أن للرئتين تأثيراً على الدماغ، فالمريضة تولدت لديها عقدة الخوف من المرتفعات، وبعد تغيير رئتيها زالت هذه العقدة فكيف حدث ذلك؟
التفسير المنطقي هو أن الدماغ يختزن المعلومات ولكن بإشراف الرئتين والقلب، أي أن في صدر الإنسان (في قلبه ورئتيه) مستودع من الخفايا والعقد نفسية والذكريات، هذا المستودع هو الذي يوجه الدماغ في عمله، أي أن الدماغ تابع لمحتوى الصدر، وبالتالي عندما يتغير محتوى الصدر بزرع القلب أو الرئتين، فإن الرئة الجديدة تبدأ بممارسة نشاطها وتأثيرها على الدماغ حتى تحدث فيه التغيير المناسب لها.
لوحظ أن التغيرات أكبر ما يمكن عندما يتم استبدال القلب أو الرئة، ونحن نعلم أن صدر الإنسان يحوي بشكل أساسي القلب والرئتين، وهنا يمكن أن نخلص إلى نتيجة وهي أن محتوى الصدر مسؤول عن الذاكرة لدى الإنسان. يقول تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].
ولذلك قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) [الحج: 46]. ويقول أيضاً: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 156]. ويقول: (إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [فاطر: 38].
ذاكرة الفؤاد
يؤكد العلماء أن القلب يبث المعلومات للدماغ والدماغ يعطي أوامره للسان والعين والأذن وغيرها من أعضاء الجسم، وهنا ربما نستطيع أن نفهم لماذا ربط الله تعالى على قلب أو موسى، يقول تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص: 10]. فالفؤاد هو أعمق نقطة من القلب هذه المنطقة أصبحت فارغة تماماً لأن المعلومات التي تتدفق من القلب إلى الدماغ أصبحت أكثر من أن يتحملها الإنسان، ولكن الله تعالى ربط على هذا القلب برباط محكم فلم تُبدِ شيئاً وأخفت في قلبها أن موسى هو ابنها.
وطبعاً هذا التفسير هو محاولة لفهم حقيقة ما حدث لقلب أم موسى وهي نوع من أنواع تدبر القرآن، والله أعلم.
ذاكرة الجلد
يقول الله تبارك وتعالى متحدثاً عن موقف عظيم من مواقف يوم القيامة، يحدثنا فيه رب العزة جل جلاله عن أولئك البعيدين عن القرآن وعن كتاب الله، يقول تبارك وتعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-20]
إنها آيات عظيمة تصور لنا مشهداً سوف يتعرض له كل من في قلبه شك من هذا القرآن، ومن رسالة الإسلام، ومن هذا الدين الحنيف. هؤلاء سماهم القرآن (أعداء الله) فقال: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ). ولكن الذي يستدعي التوقف والوقوف طويلاً في هذا النص الكريم قول الله تبارك وتعالى: (قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) والسؤال كيف يمكن لهذا الجلد أن ينطلق؟ وكيف يمكن لكل شيء أن ينطق؟ ونحن نظن بأن الجلد المؤلف من خلايا لا يوجد له ذاكرة أو لسان أو شيء يمكن أن يتحدث به، ولكن الله تبارك وتعالى ومع أن هذه الآية تتحدث عن يوم القيامة إلا أن الله عز وجل أودع في هذه الدنيا حقائق وبراهين تثبت صدق كلامه، فهو القائل عن نفسه: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً) [النساء: 122].
فقد لاحظ العلماء في السنوات القليلة الماضية أن هنالك ذاكرة لخلايا الجلد، ولكن كيف بدأت قصة هذا الاكتشاف؟ هنالك عالم اسمه (الدكتور كلارك أوتلي) هذا العالم قام بمئات العمليات لزراعة الجلد، فكان يأخذ قطعة من جلد شخص ويزرعها لشخص آخر احترق جلده مثلاً، ولكن كانت النتيجة أن هذا المريض الجديد صاحب الجلد المحروق الذي تم استبدال جلده غالباً ما يصاب جلده بالسرطان، لا يتقبل هذا الجلد.
وبعد بحث طويل لعلاج هذه المشكلة تبين أن هنالك ذاكرة طويلة لهذا الجلد، ولذلك قال هذا العالم: ربما يكون أكثر أجزاء الجسم الذي تملك ذاكرة طويلة هو الجلد، فالأحداث التي تمرّ على الإنسان والأشياء التي يقوم بها الإنسان جميعها تختزن في سجلات خاصة داخل خلايا جلد الإنسان، لأن هذا الجهاز (جهاز الجلد) يغطي تقريباً كل مساحة جسم الإنسان، لذلك فهو مثل الرادار يستقبل هذه المعلومات (يستقبل البيانات) ويخزنها، حتى إن الإنسان يموت وتبقى هذه الذاكرة موجودة في خلايا جلده.
وعندما حلل العلماء هذا الجلد وجدوا أنه يتألف من طبقات، وأن من مهام طبقات الجلد وخلايا الجلد ليس مجرد الحفاظ على الجسد، أو التعرق أو حماية الجسم من المؤثرات الخارجية.. لا.. هنالك عمل آخر وهو أن هذا الجلد يقوم بتخزين هذه المعلومات وإبقاءها لفترات طويلة، ووجدوا أيضاً أن هذه الخلايا تتأثر بالترددات الصوتية، بل إن خلايا الجلد تصدر ترددات صوتية أيضاً، وهنا ربما ندرك كيف أن الله تبارك وتعالى جعل هذه الميزة في الجلود لتكون دليلاً لأولئك المشككين على صدق كلام الله تبارك وتعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-20]
فهذه الخلايا (خلايا الجلد) تختزن المعلومات وهي في حالة اهتزاز دائم، وتتأثر بالأصوات بل وتصدر الترددات الصوتية ولكن هذه الترددات لا نسمعها، لأنها تحتاج إلى أجهزة حساسة جداً لالتقاط هذه الذبذبات الصوتية. ولكن لماذا قال الله تبارك وتعالى: (قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).
ذاكرة السماء
وجد العلماء حديثاً أن النجوم في السماء تصدر أيضاً ترددات صوتية، وفي بحث علمي حديث بعنوان (السماء تتكلم) اكتشف فيه العلماء أن الكون في بدايات خلقه عندما كان دخاناً وغاز وغبار أصدر ترددات صوتية تشبه بكاء الطفل وهذه الترددات لا زالت موجودة تسبح في الكون، وأمكن التقاطها وتحليلها وتبين أن هنالك ترددات صوتية موجودة ولا يزال صداها يتكرر. ولذلك قال تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) [الطارق: 11] أي أنها ترجع لنا المعلومات المختزنة فيها منذ ملايين السنين.
ذاكرة النبات
واكتشفوا أيضاً أن النباتات (الخلايا النباتية) أيضاً تصدر ترددات صوتية. واكتشفوا أيضاً أن خلايا القلب تصدر ترددات صوتية. وهكذا أشياء كثيرة، حتى وصلوا حديثاً ومنذ أشهر قليلة إلى اكتشاف أن (الدي إن إي) في الخلية وهذا الشريط الوراثي الموجود داخل كل خلية حية، سواء كانت في إنسان أو حيوان أو نبات، يُصدر ترددات صوتية. تبين للعلماء أيضاً ليس فقط (DNA) في الخلية يصدر أصواتاً، بل حتى الذرات في اهتزازاتها تصدر هذه الأصوات.
ومن هنا ندرك قول الحق تبارك وتعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 44] وأقول دائماً إن هذه الآية من آيات الإعجاز العلمي لأن الله تبارك وتعالى حدثنا عن تسبيح كل شيء له عز وجل (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ) لم يقل ولكن لا تسمعون تسبيحهم إنما قال (لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) يعني نحن يمكن أن نسمع هذه الأصوات هذه التسبيحات ولكننا لا يمكن أن نفقه معناها،
وقد يقول قائل: وما أدراكم أن هذا تسبيح لله تبارك وتعالى؟ أقول: إننا كمؤمنين نعتقد أن الله تبارك وتعالى عندما أخبرنا أن كل شيء يسبح بحمده فهذه عقيدة يقينية، وهذه الأصوات لا بد أن تكون أصوات تسبيح لله، لأن كل شيء يخضع لله تبارك وتعالى، والله عز وجل أودع في هذه المخلوقات آيات ومعجزات وبراهين تثبت صدق كلامه لأن الله تبارك وتعالى هو خالق الكون وهو منزل القرآن ولذلك قال عز وجل: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ أَلا لَهُ الْخَلْقُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54] (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) الكون (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) هو القرآن كلام الله (أَلا لَهُ الْخَلْقُ أَلا لَهُ الْخَلْقُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وبما أن الله تبارك وتعالى حدثنا في القرآن عن هذه المخلوقات فلا بد أن يكون قد وضع فيها ما يثبت صدق كلامه تبارك وتعالى.
ذاكرة في كل خلية
تبين للعلماء أيضاً أن الذاكرة ليست موجودة فقط في الجلد إنما جميع خلايا الجسم تختزن الذاكرة والمعلومات. ولذلك يقول العلماء اليوم: إن تاريخ كل منا مكتوب داخل كل خلية من خلايا جسدنا فنحن عندما نقوم بأي تصرف فإن خلايا العين مثلاً والخلايا المتصلة معها إلى الدماغ جميعها تمر المعلومات عبرها، وعملية مرور المعلومات التي نشاهدها من العين إلى الدماغ هذه (ملايين الخلايا) تمر عبرها المعلومات وتختزن في سجلات دقيقة وبرامج أودعها الله تبارك وتعالى في داخل كل خلية.
كذلك كل صوت نسمعه أو نتكلم به فإن هذه الترددات الصوتية تنتقل عبر الأذن إلى الدماغ وطيلة هذه الرحلة من الأذن إلى الدماغ هنالك أيضاً بلايين الخلايا تمر عليها وتختزن في داخلها. إذاً نستطيع أن نستنتج أن خلايا السمع تختزن المعلومات، وخلايا البصر تختزن المعلومات، وربما يكون أطول ذاكرة للخلايا موجودة في الجلد، ولذلك ماذا قال تبارك وتعالى قال: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا) أي إلى النار في هذا الموقف الملحد ينكر أنه كان كافراً ويكذب على نفسه ولذلك فإن الله تبارك وتعالى في هذا الموقف يقيم عليه الحجة من نفسه (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
ولذلك فإن هذه الظاهرة (ظاهرة تفاعل خلايا الجلد مع المعلومات التي يتلقاها الإنسان من خلال السمع والبصر) والذي اكتشفها العلماء حديثاً جداً، ولا زالوا يكتشفونها، حدثنا عنها القرآن أيضاً، يقول تبارك وتعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
هذه الآية العظيمة تحدثنا عن تفاعل خلايا الجلد الخاصة بالمؤمنين مع القرآن، كذلك تتفاعل خلايا القلب لديهم مع كلام الله تبارك وتعالى، وهو القائل: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ) تستقر وتهدأ ويصبح عملها منتظماً، ونحن نعلم أن معظم أمراض العصر هي اضطرابات في نظام عمل القلب (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
فالله تبارك وتعالى حدثنا عن قشعريرة للجلد (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ) يعني من كلام الله تبارك وتعالى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) لأن القلب يلين ويقسو قال تبارك وتعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].
هذا الأمر الذي حدثنا عنه القرآن لا زال العلماء اليوم يكشفونه شيئاً فشيئاً، وفي خلايا القلب في عمليات زراعة القلب لاحظوا أيضاً وجود تغيرات عميقة في شخصية هذا المريض الذي تم استبدال قلبه بقلب آخر، وهذا يدل على دور القلب في العقل والتدبر والفقه. وكذلك عندما يحاول هؤلاء الباحثون أن يزرعوا خلايا الجلد ويلاحظوا ذلك الرفض الكبير لأنها خلايا غريبة فيقول: إن هذه الخلايا تختزن الذكريات والمعلومات.
هدف هذه الحقائق
لذلك لا بد ونحن نتأمل هذه الحقائق القرآنية والحقائق العلمية أن نطرح السؤال الآتي: لماذا حدثنا الله تبارك وتعالى عن هذه الحقائق؟ لماذا حدثنا عن حقيقة ستحدث يوم القيامة؟ الجلد لم ينطق في الدنيا بل هذا الأمر سيحدث يوم القيامة.
كأن الله تبارك وتعالى يريد أن يعطي رسالة لكل إنسان طبعاً هذه الرسالة سيتفاعل معها المؤمن بينما الملحد لن تزيده إلا إلحاداً. كأن الله عز وجل يريد أن يقول لنا: اعلم أيها الإنسان أن كل حركة تقوم بها وكل شيء تفعله مسجل في خلايا جسدك.
وهنا نتذكر قول الحق عز وجل عن أولئك الذين كفروا بآيات الله ونسوا لقاء الله تبارك وتعالى فأنساهم أنفسهم يقول عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء: 56]. في هذه الآية يحدثنا رب العالمين تبارك وتعالى عن ذلك الجلد الذي اختزن هذه المعلومات والمعلومات هي معلومات الكفر والإلحاد والفاحشة فهذه الخلايا امتلأت بهذه الذاكرة ولا بد لها من عقاب، فكانت النار هي أولى بهذا الجلد. ولكن ليكون العذاب مؤثراً ودائماً ولا ينتهي فإن الله عز وجل قال: (بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا) (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ).
وهنا نتذكر آية من آيات الإعجاز العلمي في هذه الآية أيضاً: أن الله عز وجل وضع وسائل الإحساس للحرارة والبرودة وأجهزة الإحساس بالألم وضعها الله تبارك وتعالى في خلايا الجلد التي اختزنت هذه الفواحش والكبائر والذنوب، لا بد أن تحرق بنار جهنم وبعد أن تحترق وتنضج يبدلها الله تبارك وتعالى جلوداً أخرى ليبقى العذاب قائماً ومستمراً (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً).
وهنا نعود لسؤالنا التقليدي: ماذا يمكن أن نستفيد من هذه الآيات؟ كيف يمكن أن تكون هذه الآيات تصحح لنا الطريق؟ تصحح لنا أعمالنا؟ ينبغي عليك أيها الأخ الكريم وأيتها الأخت الفاضلة.. ينبغي على كل منا أن يدرك أنه ليس وحيداً في هذا الكون، أن الله تبارك وتعالى سخر له من يراقبه، سخر له خلايا سمعه فهي تختزن كل الأحداث التي يقوم بها، وسخر أيضاً خلايا بصره لكي تختزن كل المعاصي والفواحش التي يرتكبها، وخلق له أيضاً خلايا الجلد وهي ذات ذاكرة طويلة جداً كما يقول العلماء سخرها لتسجل عليك كل حركة تقوم بها.
فهل تدرك أن الله تبارك وتعالى ذو علم واسع إذا كانت خلايا نظنها لا تعقل فيها هذه المستودعات الضخمة من المعلومات، فكيف برب العالمين تبارك وتعالى الذي يعلم السرّ وأخفى؟ نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أولئك المؤمنين الذين قال فيهم: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2]. ونسأله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يتقبل منا هذا العمل، وأن يجعل فيه الخير والفائدة والهداية لكل من يشكّ في هذا القرآن أو يشك في صدق رسالة الإسلام.
http://up.arabsgate.com/u/1606/1509/15672.gif (http://www.ataaalkhayer.com/)
ذاكرة الجسد: حقيقة علمية!!
نتأمل قول الحق تعالى:
(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].....
ما أكثر الآيات التي تدعو الإنسان للتأمل والتفكر والتدبر،
ومن الآيات الكثيرة التي تسترعي الانتباه والتي تلفت الانتباه أن
الله تبارك وتعالى يقول:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ
بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179].
يقول تعالى:
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
[يس: 65]. ويقول أيضاً:
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24].
مما لفت انتباهي في هذه الآية العظيمة قوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) هذه الآية تؤكد أن مركز الفقه أو العقل هو القلب، وليس الدماغ كما يقول أو يعتقد العلماء اليوم، ولو تأملنا آيات القرآن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى دائماً يؤكد أنه هنالك صفات كثيرة للقلب، فمثلاً يقول تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] إذاً هنالك خصائص للقلب ومنها الاطمئنان أو الاستقرار ويقول أيضاً: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].
إذاً القلب يقسو والقلب يطمئن والقلب يخاف أيضاً ويخاف، يقول تبارك وتعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2] هذه الآية تصف لنا صفات المؤمنين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي خافت (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
يقول أيضاً: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أو آذان يَسْمَعونَ بها فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). والخطاب هنا لأولئك المشككين بكلام الله تبارك وتعالى ورسالته، فهذه الآية تؤكد على نقطة مهمة جداً، أن القلب له عمل، وليس مجرد مضخة كما يعتقد كثير من الأطباء اليوم، فالقلب يمكن أن يعمى (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) والقلب أيضاً يمكن أن يفقه ويعقل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا). والسؤال: كيف يمكن للقلب أن يعقل؟ وكيف يمكن له أن يتذكر؟ وكيف يمكن له أن يحب أو يكره؟
ذاكرة القلب
الذي لفت انتباه بعض أطباء الولايات المتحدة الأمريكية أن هنالك ظاهرة غريبة تتعلق بأولئك المرضى الذين تمّ لهم زراعة القلب، وزراعة القلب بدأت عام 1967 ثم تطورت هذه العملية حتى إننا نجد اليوم كل سنة هنالك أكثر من ألف عملية زراعة قلب تتم في الولايات المتحدة الأمريكية، والأطباء الذين راقبوا حالة هؤلاء المرضى وجدوا شيئاً غريباً أن هذا المريض بمجرد أن تمّ تغيير قلبه تتغير أمور عميقة في شخصيته، هنالك تغييرات جذرية تحدث في شخصية هذا المريض.
هذه العمليات تتم عندما يتعرض إنسان أو يُشرف على الهلاك يكون لديه خلل في نظام عمل القلب أو بسبب انسداد شرايين القلب انسداداً كاملاً أو غيرها من الاضطرابات في نظام عمل القلب فهذه جميعها تستدعي أن يتم تغيير هذا القلب فيأتون بقلب لإنسان آخر مات مثلاً منتحراً أو مات بسبب حادث أو إصابة مفاجئة ويأخذون هذا القلب ويضعونه في قلب المريض فيعيش بعد ذلك عدة سنوات بقلب غير قلبه.
والسؤال ما هي عملية زراعة القلب؟ إنها بكل بساطة عبارة عن استبدال قلب بقلب إنسان آخر، وكما نعلم أن الإنسان الذي يموت بسبب حادث أو صدمة مفاجئة أو بحادث قتل مثلاً أو يموت منتحراً، لا يموت قلبه على الفور بل يبقى لفترة محددة فإذا ما أدرك الأطباء هذا القلب وانتزعوه ووضعوه في سائل خاص وأشرفوا عليه فإنه يبقى أيضاً لفترة أطول يمكنهم أن يستفيدوا منه في مريض آخر من أجل استبدال قلبه فقد يكون لدينا مريض مثلاً لديه شرايين القلب جميعها فيها انسداد كامل وقد أشرف على الموت أيضاً فيتم استبدال قلبه ويعيش بهذا القلب الجديد والذي لاحظه الأطباء أن هؤلاء المرضى الذين تم استبدال قلوبهم بقلوب أخرى أنه تحدث فيهم تغييرات عميقة في تصرفاتهم أو في شخصيتهم، فمثلاً هنالك طالبة في علم النفس لديها فشل في عمل القلب أو خلل منذ الولادة وعمرها ثمانية وعشرون عاماً عندما قاموا باستبدال قلبها بقلب شخص آخر مات حديثاً ماذا كانت النتيجة؟؟
عندما أفاقت بعد العملية وجد الأطباء أنه هنالك تغييرات في شخصية هذه المريضة فعلى سبيل المثال: كانت لا تحب الألعاب الرياضية أبداً، وفجأة بعد أن تم زراعة القلب لها أصبحت من المتابعين للعبة كرة القدم. هنالك أنواع من المأكولات لم تكن ترغب في تناولها قبل العملية، وبعد العملية أصبح لديها ميل شديد باتجاه هذه الأطعمة. وهنالك تغييرات كثيرة حدثت في هذه الفتاة.
كذلك هنالك طفل تم أيضاً استبدال قلبه بسبب خلل وراثي في عمل القلب، وعندما قام الأطباء باستبدال قلبه بقلب طفل آخر، ماذا حدث؟ حدث لديه خلل في الدماغ، في الجانب الأيسر، وعندما بحث الأطباء عن سبب هذا الأمر وجدوا أن الطفل الأصلي صاحب القلب الأصلي كان لديه خلل في الدماغ في الجهة اليسرى. وهنالك مئات العمليات التي أجراها الأطباء في زراعة القلوب وجميعها كانت تحدث معها تغييرات عميقة في شخصية هذا المريض.
وكمثال آخر هنالك طفل أيضاً قتل في حادث، طبعاً في حادثة قتل، هنالك شخص قتل هذا الطفل، فأخذوا قلبه ووضعوه لطفل آخر لديه فشل في عمل القلب وإذا بهذا الطفل بدأ يرى كوابيس وأحلام مزعجة، وبدأ يحس وكأن هنالك شخصاً يريد أن يقتله وهذه الحالة استدعت انتباه الأطباء فلما سألوه عن أوصاف هذا الشخص الذي يحاول قتله ووصف لهم بدقة ما يراه، وجدوا بأن هذا الشخص هو القاتل الذي قتل ذلك الطفل صاحب القلب الأصلي.
من هنا نستطيع أن نستنتج أن هنالك تغييرات مهمة جداً تحدث لهؤلاء الذين يزرعون القلب. ولكن.. ما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة؟ هذه الظاهرة المحيرة لم يجد لها العلماء إلا تفسيراً واحداً وهو: أن في القلب مراكز خاصة بالذاكرة تُشرف على عمل الدماغ، يعني في قلب الإنسان (القلب) ليس مجرد مضخة لضخ الدم إنما في خلايا هذا القلب هنالك برامج أودعها الله تبارك وتعالى تتحكم في عمل هذا القلب وتستقبل هذه البرامج تستقبل المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ويتم تخزينه في القلب ثمّ يصدر القلب أوامره إلى الدماغ ليقوم بأداء مهامه.
إذاً نستطيع أن نقول إن مركز العقل هو القلب وليس الدماغ ولذلك قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179] وقال في آية أخرى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) [الحج: 46] (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
طبعاً هذه النتائج هي ملامح لظاهرة غريبة يراها الأطباء اليوم فهذا هو الدكتور (جاك كوبلاند) أشرف على أكثر من 700 حالة زراعة قلب فماذا وجد هذا الطبيب؟ الذي وجده أن هؤلاء المرضى يحدث دائماً مع كل تغيير للقلب تغييرات عميقة في شخصيتهم ولذلك قال أنا لا أستبعد أن يكون هنالك شيء ما في هذا القلب نجهله تماماً. وهنالك الكثير من الأطباء الذين يؤكدون هذه الحقيقة اليوم ولكن ليس لديهم دليل مادي ملموس على ذلك سوى الظواهر التي يشاهدونها أمامهم.
وهنا تتجلى أمامنا عظمة القرآن تتجلى أمامنا هذه الآيات العظيمة عندما قال رب العزة تبارك وتعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا)! إذاً هذا سبق قرآني في طب القلوب، هذا السبق أكّد لنا أن القلب فيه مراكز كثيرة ويقول كثير من علماء الغرب اليوم إن خلايا القلب تختزن الذاكرة وتختزن ما يسمعه الإنسان وما يراه.
ذاكرة خلايا القلب
ومن الأشياء العجيبة أن خلايا القلب والرئتين تصدر ترددات صوتية خاصة بها، فقد قام أحد العلماء الباحثين في جامعة كاليفورنيا منذ أشهر قليلة ببحث حيث أخذ بعض الخلايا من قلب إنسان وقام بدراستها دراسة معمقة فوجد أن هذه الخلايا تصدر ترددات صوتية خاصة بها، ولكن هذه الترددات غير مسموعة، يعني هي في المجال غير المسموع الذي لا يسمعه الإنسان بسبب ضعف هذه الترددات فاستخدم ما يسمى كمبيوتر ذري من أجل التقاط الإشارات الصادرة من هذه الخلايا ووجد بأنها ترددات صوتية تصدرها خلايا القلب، وهنا ربما نتذكر أن الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 44] وقال أيضاً: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
لذلك دائماً أنصح كل إنسان أن يلجأ في علاج نفسه من أي خلل أو أي حالة نفسية أو أي مرض إلى القرآن الكريم لأن هذا القرآن أودع الله فيه تبارك وتعالى قوة شفائية، أودع في آياته لغة تفهمها خلايا القلب، لذلك قال تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
ذاكرة الرئتين!
ولكن هنالك شيء آخر يتعلق بمحتوى الصدر أو الرئتين فعندما قام العلماء باستبدال الرئتين أيضاً لأشخاص لديهم خلل كبير في عمل هاتين الرئتين استبدلوا هذه الرئة برئة شخص آخر أيضاً شخص مات حديثاً أخذوا رئتيه ووضعوها لمريض بحاجة لهاتين الرئتين فوجدوا أيضاً أن هنالك تغيرات عميقة تحدث لهذا المريض أيضاً في شخصيته وفي تصرفاته وفيما يحب ويكره.
حتى إن أحد المرضى الذين تم استبدال القلب والرئتين له أي محتوى الصدر كاملاً، بقلب ورئتين من شخص آخر بعدما نجحت العملية وقام هذا الشاب وذهب إلى أهل ذلك الطفل الذي ذلك الشاب الذي تبرع له بقلبه ورئتيه قبل أن يموت عندما ذهب إلى بيته وهو يحمل قلبه ورئتيه وجد أنه يعرف هذا البيت من قبل مع أنها كانت المرة الأولى التي يدخل فيها هذا البيت ووجد أيضاً أنه يعرف كثيراً عن حياة هذا الشاب وعندما جاءت والدة ذلك الطفل صاحب القلب والرئتين وأظهرت أمامه بعض أبيات الشعر التي كتبها قبل أن يموت ذلك الشاب استطاع أن يكمل كثير من العبارات والأبيات مع أنه لم يقرأها من قبل.
وهنا وصل بعض الباحثين إلى نتيجة ثانية توازي بأهميتها النتيجة الأولى وهي أن الرئتين أيضاً لديهما ذاكرة ولديهما نوع من تخزين الأحداث أو المعلومات وكأن في الصدر هنالك مستودع للمعلومات والبرامج. والعجيب أننا إذا تأملنا القرآن العظيم نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أشار بوضوح كامل إلى هذه الحقيقة فكثير من الآيات تحدثنا عن علم الله تبارك وتعالى وأنه عليم بذات الصدور وقال أيضاً في آية أخرى يخاطب المؤمنين: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 154].
لذلك نجد أن في هذه الآية أيضاً سبقاً علمياً مع أن العلماء لم يتأكدوا بعد من صدق أبحاثهم مئة بالمائة إلا أن المشاهدات والأحداث التي تتم أمامهم جميعها تؤكد أن الصدر فيه مستودع للذكريات وفيه مستودع للبرامج التي أودعها الله تبارك وتعالى في هذا الصدر في القلب والرئتين وأن القلب يتحكم بعمل الدماغ وليس العكس. ومن هنا عندما نتأمل كثير من آيات القرآن نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19] لم يقل وما تخفي الرؤوس مثلاً، بل قال (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ).
إحدى الفتيات عانت لفترة طويلة من التهاب الرئة المزمن وأكد الأطباء أنها ستموت قريباً، إلا إذا استبدلت رئتيها برئتين سليمتين، وصدف أن مات شاب بحادث دراجة نارية وأسرع الأطباء وانتزعوا قلبه ورئتيه بحالة سليمة وأجروا زراعة القلب والرئتين لهذه الفتاة.
بعد نجاح العملية التف الصحفيون حول هذه الفتاة وبدأوا بطرح الأسئلة: كيف تشعرين الآن، وتقول لهم إنني أحس أنني أحمل شخصية أخرى غير شخصيتي، إن سلوكي قد تغير بالكامل، أصبحت أفضل بعض المأكولات التي لم أكن أحبها من قبل! وبعد أن زارت هذه الفتاة أهل الشاب صاحب القلب الأصلي، وحدثتهم عن الأشياء التي أصبحت تحبها، قالوا لها بأن هذا ما كان يحبه ابننا، وأن الأشياء التي تغيرت فيها تشبه شخصية هذا الابن!
ويقول الدكتور John Schroeder من جامعة ستانفورد والمختص بدراسة الحالة النفسية للأشخاص الذين تمت لهم عمليات زرع القلب والرئتين، إنهم يصبحون أكثر حساسية ويسمعون بعض الأصوات غير الحقيقية!
هذا القلب أودعه الله في صدرك على الجهة اليسرى منه، فيعمل مع الرئتين ليزود الجسم بالدم النقي المليء بالأكسجين، ويحمل النفايات ويساهم في تصريفها. وهو يعمل ليل نهار بلا توقف. إذن القلب هو عضلة تنكمش فتضغط الدم الذي بداخلها ليندفع باتجاه الرئتين ليأخذ الأكسجين ويتخلص من غاز الكربون، ثم يتمدد القلب ويتوسع فيندفع الدم لداخله ثم ينقبض فيندفع الدم إلى الجسم، وأثناء ذلك تنغلق الصمامات وتفتح لتنظيم هذه العملية وهكذا في دورة بديعة تبارك صانعها!
ولكي نتخيل مدى التعقيد الذي يتمتع به القلب البشري، أن هذا القلب ينظم عملية ضخ الدم حسب الجهد المبذول، فالقلب يضخ 5 لتر من الدم في الدقيقة الواحدة، وفي حالة الأعمال المجهدة يضخ 20 لتر في الدقيقة، هذا أبسط عمل للقلب الطبيعي، وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة والتطور الهائل فشل الأطباء في اختراع قلب صناعي يستطيع تحديد كمية الدم اللازمة حسب الجهد المبذول، وأحدث اختراع هو إضافة جهاز تحكم يدوي كلما أراد المريض مثلاً أن يبذل جهداً، يضغط على زر في هذا الجهاز فتزيد كمية الدم التي يضخها قلبه الصناعي.
ولكن كيف يمكن لهذا المريض أن يتحكم بمشاعره، فإذا أراد أن يخاف يجب عليه أن يدير زر التحكم بكمية الدم ليضخ القلب الصناعي كمية أكبر تناسب الخوف، وإذا أراد أن يحزن أو يفرح أو يقوم بأي انفعال وجب عليه تعديل كمية الدم، وبالنتيجة إن صاحب القلب الصناعي يفقد المشاعر بشكل كامل!
وأقول: سبحان الله! إذا كان الدماغ هو الذي يتحكم بنبضات القلب ونظام عمله كما يقول العلماء اليوم، وأن القلب هو مجرد مضخة، فلماذا تفشل جميع القلوب الصناعية في التحكم بأبسط عمل وهو تنظيم كمية الدم التي يضخها هذا القلب الصناعي؟ إذن القلب الطبيعي الذي منَّ الله به علينا وضع فيه ذاكرة وقدرة عقلية لإدارة وتنظيم ضخ الدم، وتحديد الكمية اللازمة بالضبط، فهل نشكر نعمة الله تعالى!
ذاكرة الخلايا
علماء من جامعة أريزونا بالإضافة إلى بعض الباحثين مثل الدكتورة ليندا راسك يعتقدون أن الذاكرة مخزنة في كل خلية من خلايا جسدنا، وهذه الطاقة تظهر تأثيراتها عندما يتم نقل عضو من شخص لآخر، طبعاً تظهر تأثيراتها على الشخص الذي استلم هذا العضو. لكل قلب بصمة خاصة، فلا يوجد قلبين متشابهين أبداً، فكل قلب من قلوب البشر له تركيب خاص ومميز عن غيره، وفي داخله معلومات تخص صاحب هذا القلب، وتتجلى هذه البصمة من خلال الذبذبات الكهرطيسية التي يبثها القلب فهي تختلف من شخص لآخر.
ذاكرة الدم!
للدم ذاكرة أيضاً، فقد لوحظ أن الأشخاص الذين تم تغيير دمهم قد تغيروا بنسبة كبيرة وأصبحوا محبين للأشياء التي كان يحبها من تبرع لهم بالدم. وهكذا يمكن القول إن القلب يعمل كمضخة ويشرف على ذاكرة الخلايا، فجميع الخلايا تختزن المعلومات ولدى انتقال الدم عبر الجسم فإنه يمر إلى القلب الذي يقوم بتزويد خلايا الدم بالمعلومات ويتم نقلها إلى الدماغ. أي أن القلب هو الذي يسيطر على الدماغ ويوجهه.
ذاكرة الصدر!
هناك حالات غريبة أيضاً، فبعد إجراء زراعة للرئة تبين أن هناك تغيرات عميقة في شخصية المريض تحدث عقب استبدال رئته. ومن الحالات أن شخصاً لم يكن يحب كرة القدم وبعد زرع رئة له أصبح مولعاً بمراقبة هذه اللعبة.
وصل البروفسور Gary Schwartz إلى نتيجة وهي أن للرئتين تأثيراً كبيراً وعميقاً على شخصية المريض، فقد كان لدى إحدى السيدات خوف كبير من المرتفعات يصل إلى الحالة المرضية، ولكنها بعد ذلك تعرضت لخلل في نظام عمل الرئتين، وبعد فترة أُجريت لها عملية زرع الرئة من شخص تُوفي بنتيجة حادث، وكانت المفاجأة أن أول شيء فعلته هذه المريضة بعد العملية أنها قامت بتسلق بعض الجبال!
وبعد التدقيق في سجلات صاحب الرئة الأصلي تبين بأن من هواياته تسلق الجبال!! وهنا نصل إلى نتيجة وهي أن للرئتين تأثيراً على الدماغ، فالمريضة تولدت لديها عقدة الخوف من المرتفعات، وبعد تغيير رئتيها زالت هذه العقدة فكيف حدث ذلك؟
التفسير المنطقي هو أن الدماغ يختزن المعلومات ولكن بإشراف الرئتين والقلب، أي أن في صدر الإنسان (في قلبه ورئتيه) مستودع من الخفايا والعقد نفسية والذكريات، هذا المستودع هو الذي يوجه الدماغ في عمله، أي أن الدماغ تابع لمحتوى الصدر، وبالتالي عندما يتغير محتوى الصدر بزرع القلب أو الرئتين، فإن الرئة الجديدة تبدأ بممارسة نشاطها وتأثيرها على الدماغ حتى تحدث فيه التغيير المناسب لها.
لوحظ أن التغيرات أكبر ما يمكن عندما يتم استبدال القلب أو الرئة، ونحن نعلم أن صدر الإنسان يحوي بشكل أساسي القلب والرئتين، وهنا يمكن أن نخلص إلى نتيجة وهي أن محتوى الصدر مسؤول عن الذاكرة لدى الإنسان. يقول تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].
ولذلك قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) [الحج: 46]. ويقول أيضاً: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 156]. ويقول: (إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [فاطر: 38].
ذاكرة الفؤاد
يؤكد العلماء أن القلب يبث المعلومات للدماغ والدماغ يعطي أوامره للسان والعين والأذن وغيرها من أعضاء الجسم، وهنا ربما نستطيع أن نفهم لماذا ربط الله تعالى على قلب أو موسى، يقول تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص: 10]. فالفؤاد هو أعمق نقطة من القلب هذه المنطقة أصبحت فارغة تماماً لأن المعلومات التي تتدفق من القلب إلى الدماغ أصبحت أكثر من أن يتحملها الإنسان، ولكن الله تعالى ربط على هذا القلب برباط محكم فلم تُبدِ شيئاً وأخفت في قلبها أن موسى هو ابنها.
وطبعاً هذا التفسير هو محاولة لفهم حقيقة ما حدث لقلب أم موسى وهي نوع من أنواع تدبر القرآن، والله أعلم.
ذاكرة الجلد
يقول الله تبارك وتعالى متحدثاً عن موقف عظيم من مواقف يوم القيامة، يحدثنا فيه رب العزة جل جلاله عن أولئك البعيدين عن القرآن وعن كتاب الله، يقول تبارك وتعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-20]
إنها آيات عظيمة تصور لنا مشهداً سوف يتعرض له كل من في قلبه شك من هذا القرآن، ومن رسالة الإسلام، ومن هذا الدين الحنيف. هؤلاء سماهم القرآن (أعداء الله) فقال: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ). ولكن الذي يستدعي التوقف والوقوف طويلاً في هذا النص الكريم قول الله تبارك وتعالى: (قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) والسؤال كيف يمكن لهذا الجلد أن ينطلق؟ وكيف يمكن لكل شيء أن ينطق؟ ونحن نظن بأن الجلد المؤلف من خلايا لا يوجد له ذاكرة أو لسان أو شيء يمكن أن يتحدث به، ولكن الله تبارك وتعالى ومع أن هذه الآية تتحدث عن يوم القيامة إلا أن الله عز وجل أودع في هذه الدنيا حقائق وبراهين تثبت صدق كلامه، فهو القائل عن نفسه: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً) [النساء: 122].
فقد لاحظ العلماء في السنوات القليلة الماضية أن هنالك ذاكرة لخلايا الجلد، ولكن كيف بدأت قصة هذا الاكتشاف؟ هنالك عالم اسمه (الدكتور كلارك أوتلي) هذا العالم قام بمئات العمليات لزراعة الجلد، فكان يأخذ قطعة من جلد شخص ويزرعها لشخص آخر احترق جلده مثلاً، ولكن كانت النتيجة أن هذا المريض الجديد صاحب الجلد المحروق الذي تم استبدال جلده غالباً ما يصاب جلده بالسرطان، لا يتقبل هذا الجلد.
وبعد بحث طويل لعلاج هذه المشكلة تبين أن هنالك ذاكرة طويلة لهذا الجلد، ولذلك قال هذا العالم: ربما يكون أكثر أجزاء الجسم الذي تملك ذاكرة طويلة هو الجلد، فالأحداث التي تمرّ على الإنسان والأشياء التي يقوم بها الإنسان جميعها تختزن في سجلات خاصة داخل خلايا جلد الإنسان، لأن هذا الجهاز (جهاز الجلد) يغطي تقريباً كل مساحة جسم الإنسان، لذلك فهو مثل الرادار يستقبل هذه المعلومات (يستقبل البيانات) ويخزنها، حتى إن الإنسان يموت وتبقى هذه الذاكرة موجودة في خلايا جلده.
وعندما حلل العلماء هذا الجلد وجدوا أنه يتألف من طبقات، وأن من مهام طبقات الجلد وخلايا الجلد ليس مجرد الحفاظ على الجسد، أو التعرق أو حماية الجسم من المؤثرات الخارجية.. لا.. هنالك عمل آخر وهو أن هذا الجلد يقوم بتخزين هذه المعلومات وإبقاءها لفترات طويلة، ووجدوا أيضاً أن هذه الخلايا تتأثر بالترددات الصوتية، بل إن خلايا الجلد تصدر ترددات صوتية أيضاً، وهنا ربما ندرك كيف أن الله تبارك وتعالى جعل هذه الميزة في الجلود لتكون دليلاً لأولئك المشككين على صدق كلام الله تبارك وتعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-20]
فهذه الخلايا (خلايا الجلد) تختزن المعلومات وهي في حالة اهتزاز دائم، وتتأثر بالأصوات بل وتصدر الترددات الصوتية ولكن هذه الترددات لا نسمعها، لأنها تحتاج إلى أجهزة حساسة جداً لالتقاط هذه الذبذبات الصوتية. ولكن لماذا قال الله تبارك وتعالى: (قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).
ذاكرة السماء
وجد العلماء حديثاً أن النجوم في السماء تصدر أيضاً ترددات صوتية، وفي بحث علمي حديث بعنوان (السماء تتكلم) اكتشف فيه العلماء أن الكون في بدايات خلقه عندما كان دخاناً وغاز وغبار أصدر ترددات صوتية تشبه بكاء الطفل وهذه الترددات لا زالت موجودة تسبح في الكون، وأمكن التقاطها وتحليلها وتبين أن هنالك ترددات صوتية موجودة ولا يزال صداها يتكرر. ولذلك قال تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) [الطارق: 11] أي أنها ترجع لنا المعلومات المختزنة فيها منذ ملايين السنين.
ذاكرة النبات
واكتشفوا أيضاً أن النباتات (الخلايا النباتية) أيضاً تصدر ترددات صوتية. واكتشفوا أيضاً أن خلايا القلب تصدر ترددات صوتية. وهكذا أشياء كثيرة، حتى وصلوا حديثاً ومنذ أشهر قليلة إلى اكتشاف أن (الدي إن إي) في الخلية وهذا الشريط الوراثي الموجود داخل كل خلية حية، سواء كانت في إنسان أو حيوان أو نبات، يُصدر ترددات صوتية. تبين للعلماء أيضاً ليس فقط (DNA) في الخلية يصدر أصواتاً، بل حتى الذرات في اهتزازاتها تصدر هذه الأصوات.
ومن هنا ندرك قول الحق تبارك وتعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 44] وأقول دائماً إن هذه الآية من آيات الإعجاز العلمي لأن الله تبارك وتعالى حدثنا عن تسبيح كل شيء له عز وجل (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ) لم يقل ولكن لا تسمعون تسبيحهم إنما قال (لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) يعني نحن يمكن أن نسمع هذه الأصوات هذه التسبيحات ولكننا لا يمكن أن نفقه معناها،
وقد يقول قائل: وما أدراكم أن هذا تسبيح لله تبارك وتعالى؟ أقول: إننا كمؤمنين نعتقد أن الله تبارك وتعالى عندما أخبرنا أن كل شيء يسبح بحمده فهذه عقيدة يقينية، وهذه الأصوات لا بد أن تكون أصوات تسبيح لله، لأن كل شيء يخضع لله تبارك وتعالى، والله عز وجل أودع في هذه المخلوقات آيات ومعجزات وبراهين تثبت صدق كلامه لأن الله تبارك وتعالى هو خالق الكون وهو منزل القرآن ولذلك قال عز وجل: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ أَلا لَهُ الْخَلْقُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54] (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) الكون (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) هو القرآن كلام الله (أَلا لَهُ الْخَلْقُ أَلا لَهُ الْخَلْقُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وبما أن الله تبارك وتعالى حدثنا في القرآن عن هذه المخلوقات فلا بد أن يكون قد وضع فيها ما يثبت صدق كلامه تبارك وتعالى.
ذاكرة في كل خلية
تبين للعلماء أيضاً أن الذاكرة ليست موجودة فقط في الجلد إنما جميع خلايا الجسم تختزن الذاكرة والمعلومات. ولذلك يقول العلماء اليوم: إن تاريخ كل منا مكتوب داخل كل خلية من خلايا جسدنا فنحن عندما نقوم بأي تصرف فإن خلايا العين مثلاً والخلايا المتصلة معها إلى الدماغ جميعها تمر المعلومات عبرها، وعملية مرور المعلومات التي نشاهدها من العين إلى الدماغ هذه (ملايين الخلايا) تمر عبرها المعلومات وتختزن في سجلات دقيقة وبرامج أودعها الله تبارك وتعالى في داخل كل خلية.
كذلك كل صوت نسمعه أو نتكلم به فإن هذه الترددات الصوتية تنتقل عبر الأذن إلى الدماغ وطيلة هذه الرحلة من الأذن إلى الدماغ هنالك أيضاً بلايين الخلايا تمر عليها وتختزن في داخلها. إذاً نستطيع أن نستنتج أن خلايا السمع تختزن المعلومات، وخلايا البصر تختزن المعلومات، وربما يكون أطول ذاكرة للخلايا موجودة في الجلد، ولذلك ماذا قال تبارك وتعالى قال: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا) أي إلى النار في هذا الموقف الملحد ينكر أنه كان كافراً ويكذب على نفسه ولذلك فإن الله تبارك وتعالى في هذا الموقف يقيم عليه الحجة من نفسه (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
ولذلك فإن هذه الظاهرة (ظاهرة تفاعل خلايا الجلد مع المعلومات التي يتلقاها الإنسان من خلال السمع والبصر) والذي اكتشفها العلماء حديثاً جداً، ولا زالوا يكتشفونها، حدثنا عنها القرآن أيضاً، يقول تبارك وتعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
هذه الآية العظيمة تحدثنا عن تفاعل خلايا الجلد الخاصة بالمؤمنين مع القرآن، كذلك تتفاعل خلايا القلب لديهم مع كلام الله تبارك وتعالى، وهو القائل: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ) تستقر وتهدأ ويصبح عملها منتظماً، ونحن نعلم أن معظم أمراض العصر هي اضطرابات في نظام عمل القلب (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
فالله تبارك وتعالى حدثنا عن قشعريرة للجلد (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ) يعني من كلام الله تبارك وتعالى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) لأن القلب يلين ويقسو قال تبارك وتعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].
هذا الأمر الذي حدثنا عنه القرآن لا زال العلماء اليوم يكشفونه شيئاً فشيئاً، وفي خلايا القلب في عمليات زراعة القلب لاحظوا أيضاً وجود تغيرات عميقة في شخصية هذا المريض الذي تم استبدال قلبه بقلب آخر، وهذا يدل على دور القلب في العقل والتدبر والفقه. وكذلك عندما يحاول هؤلاء الباحثون أن يزرعوا خلايا الجلد ويلاحظوا ذلك الرفض الكبير لأنها خلايا غريبة فيقول: إن هذه الخلايا تختزن الذكريات والمعلومات.
هدف هذه الحقائق
لذلك لا بد ونحن نتأمل هذه الحقائق القرآنية والحقائق العلمية أن نطرح السؤال الآتي: لماذا حدثنا الله تبارك وتعالى عن هذه الحقائق؟ لماذا حدثنا عن حقيقة ستحدث يوم القيامة؟ الجلد لم ينطق في الدنيا بل هذا الأمر سيحدث يوم القيامة.
كأن الله تبارك وتعالى يريد أن يعطي رسالة لكل إنسان طبعاً هذه الرسالة سيتفاعل معها المؤمن بينما الملحد لن تزيده إلا إلحاداً. كأن الله عز وجل يريد أن يقول لنا: اعلم أيها الإنسان أن كل حركة تقوم بها وكل شيء تفعله مسجل في خلايا جسدك.
وهنا نتذكر قول الحق عز وجل عن أولئك الذين كفروا بآيات الله ونسوا لقاء الله تبارك وتعالى فأنساهم أنفسهم يقول عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء: 56]. في هذه الآية يحدثنا رب العالمين تبارك وتعالى عن ذلك الجلد الذي اختزن هذه المعلومات والمعلومات هي معلومات الكفر والإلحاد والفاحشة فهذه الخلايا امتلأت بهذه الذاكرة ولا بد لها من عقاب، فكانت النار هي أولى بهذا الجلد. ولكن ليكون العذاب مؤثراً ودائماً ولا ينتهي فإن الله عز وجل قال: (بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا) (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ).
وهنا نتذكر آية من آيات الإعجاز العلمي في هذه الآية أيضاً: أن الله عز وجل وضع وسائل الإحساس للحرارة والبرودة وأجهزة الإحساس بالألم وضعها الله تبارك وتعالى في خلايا الجلد التي اختزنت هذه الفواحش والكبائر والذنوب، لا بد أن تحرق بنار جهنم وبعد أن تحترق وتنضج يبدلها الله تبارك وتعالى جلوداً أخرى ليبقى العذاب قائماً ومستمراً (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً).
وهنا نعود لسؤالنا التقليدي: ماذا يمكن أن نستفيد من هذه الآيات؟ كيف يمكن أن تكون هذه الآيات تصحح لنا الطريق؟ تصحح لنا أعمالنا؟ ينبغي عليك أيها الأخ الكريم وأيتها الأخت الفاضلة.. ينبغي على كل منا أن يدرك أنه ليس وحيداً في هذا الكون، أن الله تبارك وتعالى سخر له من يراقبه، سخر له خلايا سمعه فهي تختزن كل الأحداث التي يقوم بها، وسخر أيضاً خلايا بصره لكي تختزن كل المعاصي والفواحش التي يرتكبها، وخلق له أيضاً خلايا الجلد وهي ذات ذاكرة طويلة جداً كما يقول العلماء سخرها لتسجل عليك كل حركة تقوم بها.
فهل تدرك أن الله تبارك وتعالى ذو علم واسع إذا كانت خلايا نظنها لا تعقل فيها هذه المستودعات الضخمة من المعلومات، فكيف برب العالمين تبارك وتعالى الذي يعلم السرّ وأخفى؟ نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أولئك المؤمنين الذين قال فيهم: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2]. ونسأله تبارك وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يتقبل منا هذا العمل، وأن يجعل فيه الخير والفائدة والهداية لكل من يشكّ في هذا القرآن أو يشك في صدق رسالة الإسلام.
http://up.arabsgate.com/u/1606/1509/15672.gif (http://www.ataaalkhayer.com/)