المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصه الشحاذ وبنت الملك


SAN
17-08-2010, 11:11 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كان في قديم الزمان ملك، ولا ملك إلا الله، وكانت له بنت وحيدة، وكان يحبها حباً كبيراً، ويعنى بها، ويحضر لها كل ما تطلب، وكان يسألها: "هل هناك من هو أكرم مني؟، فتجيبه: نعم، هناك من هو أكرم منك، وكان كلما أعاد السؤال، أعادت عليه الجواب نفسه، حتى إنه ضجر منها، وأقسم أن يزوجها من شحّاذ.

وذات يوم تقدم إليه شحاذ يرجوه المساعدة، فسأله إن كان متزوجاً فأجاب أن “لا” فأقسم عليه أن يتزوج ابنته، فدهش الشحاذ، وحاول الاعتذار، ولكن لم يكن ثمة مفرّ.

وهكذا حملت بنت الملك صرّة ثيابها، ومضت مع زوجها الشحاذ، مغادرة قصر أبيها، من غير زفاف، ولا احتفال ولا أفراح.

ولم يكن لدى ذلك الشحاذ سوى كوخ صغير، آواها فيه، وفي صباح اليوم التالي أعطته خاتماً كان في إصبعها، وطلبت منه أن يبيعه ويستأجر بثمنه داراً صغيرة، وتم انتقالهما إلى تلك الدار.

وفي صباح يوم آخر أعطته أحد أثوابها، وطلبت منه أن يبيعه ليشتري بثمنه بعض الطعام، فباعه، وبينما هو في الطريق، سمع رجلاً ينادي: "الكلمة بليرة، فمن يشتري؟ فدهش الشحاذ، ودفع إلى الرجل الليرة التي كان قد قبضها ثمن الثوب، فقال له الرجل: "حب حبيبك ولو كان عبداً أسود".

ورجع إلى زوجته، واعتذر إليها، مدعياً أنه أضاع ثمن الثوب، وفي صباح اليوم التالي أعطته ثوباً آخر، ونزل إلى السوق فباعه، وبينما هو يبحث عن الطعام، سمع الرجل نفسه ينادي: "الكلمة بليرة، فأسرع إليه، ودفع له ثمن الثوب، فقال له الرجل: "من أمّنك فلا تخنه، ولو كنت أكبر خائن"، ورجع الشحاذ إلى زوجته، واعتذر إليها مختلقاً بعض الحجج.

وفي اليوم الثالث، أعطته ثوباً وقالت له: هذا آخر ثوب عندي، بعه ولا تفرط بثمنه"، ومضى إلى السوق، فباعه، ومرة ثالثة التقى الرجل نفسه، ودفع له ثمن الثوب، فقال له الرجل، "ساعة السرور لا تفوتها"، ورجع الشحاذ إلى زوجته معتذراً، فقالت ليس عندي ما أعطيك إياه، وما عليك سوى أن تبحث عن عمل.

وفي اليوم التالي نزل إلى السوق، ووقف على الرصيف حيث يقف العمال، ينتظرون من يأتي فيأخذهم ليعملوا، في الحقل أو البناء أو الرعاية أو السقاية.. وانتصف النهار وجاء أصحاب الأعمال وأخذوا العمال كلهم، ولم يبق أحد سواه، وكاد يرجع إلى البيت خائباً، ولكن رجلاً أتاه ليسأله: "هل تعمل في سقاية الحمير؟، فأجابه: أعمل، وعندئذ أخذه إلى حقل حيث كانت هناك حمير كثيرة تحمل حجارة يقطعها الرجال من الجبل، وكان على الشحاذ أن يقودها إلى مغارة بعيدة، يتدفق منها الماء، فساقها تحت الشمس الحارقة، حتى وصل إلى المغارة، وهناك تركها تشرب ما شاء لها الشرب، وتبترد، على حين دخل هو المغارة، ليستريح في الظل.

وبينما هو في المغارة إذ برز له مارد جبار، ومعه فتاتان، إحداهما شقراء، والأخرى سمراء، فسأله المارد: "أجبني أيها الرجل، أي الفتاتين أجمل؟ السمراء أم الشقراء؟، وتذكر الشحاذ الكلمة التي كان قد اشتراها في اليوم الأول: فأجاب: "أحبب حبيبك، ولو كان عبداً أسود"، فسرّ المارد لجوابه سروراً كبيراً، ثم قال: "أحسنت أيها الرجل ولو كنت قلت الشقراء، لقطعت رأسك،" ثم ما كان من المارد إلا أن أعطاه كيساً مملوءاً بالنقود الذهبية.

وخرج الشحاذ من المغارة، وأخذ يقود الحمير إلى صاحبها، ثم تركها عنده، ومضى، لا يريد أجرته، ثم أسرع إلى زوجته، وأعطاها الكيس المملوء بالنقود الذهبية.

وفي اليوم التالي نزل الشحاذ إلى السوق، ووقف حيث وقف بالأمس، وقدم أصحاب الأعمال، وأخذوا العمال كلهم، ولم يبق أحد سواه، وهم بالانصراف خائباً، ولكن رجلاً أسرع إليه يسأله إن كان يرغب في العمل عنده مراقباً على العمال، ففرح بذلك، ومضى معه.

وأخذ الشحاذ يراقب العمال في الحقل، ويتابعهم، وقد سرّه هذا العمل، واستمر فيه، وكان في نهاية الأسبوع يقبض من صاحب العمل أجرة العمال ويوزعها عليهم، ولكنه كان يضطر في أغلب الأيام إلى البقاء في بيت الرجل صاحب العمل، لينهض في الصباح الباكر، ويشرف على العمال، وقد اطمأن إليه صاحب العمل، وجعله مثل ابنه، وأخذت زوجة الرجل تعنى به وتقدم له الطعام وكان يناديها دائماً "يا أختي".

وذات يوم أخبره رب العمل أنه مضطر إلى السفر لبضعة أيام، ثم كلفه برعاية العمال، وفوّضه في الأمر كله، وأوصى زوجته به، كما أوصاه أن يحضر لها كل ما تطلبه من حاجات السوق، وتمنى عليه أن ينام طوال غيابه في بيته، حتى يظل قريباً من العمل.

ومرت الأيام والشحاذ في بيت الرجل، يقوم بواجبه خير قيام، يراقب العمال، ويشرف على العمل، ويحضر لزوجة الرجل كل ما تطلب من حاجات، ثم يأوي مساء إلى غرفة صغيرة لينام فيها متعباً من عناء النهار وكدّه.

وذات ليلة وبينما هو نائم أحس دبيب حركة، فتوقع أن يكون وحشاً أو لصاً، ولكنه فوجئ بزوجة الرجل تدخل عليه تدعوه إلى نفسها، فذهل، وتذكر الكلمة التي اشتراها في اليوم الثاني: "من أمنك لا تخونه، ولو كنت أكبر خائن"، فاعتذر إليها، ثم أخذ يمضي النهار في الحقل مع العمال، ويرجع مساء إلى بيته لينام فيه.

ورجع الرجل من السفر ليلاً، فلم يجد الشحاذ في البيت، وسأل زوجته عنه، فاتهمته بالخيانة، والسرقة، وأكدت له أنه قد راودها عن نفسها، فغضب أشد الغضب، ولما كان الفجر، خرج إلى الحقل، فوجد الشحاذ وهو يراقب العمال، ويشرف على العمل، فناداه، فأقبل الشحاذ على الرجل مسلماً عليه، وبادر إلى عناقه، فعانقه الرجل، ولم يظهر شيئاً مما في نفسه، ثم إنه سلّمه رسالة مغلقة، وطلب منه أن يوصلها إلى صديق له، صاحب معمل صابون، وأن يبلغه السلام، ثم أكد له أنه سيعد هذا اليوم يوم عطلة ووعده أن يعطيه في الغد أجرته، مع مكافأة مجزية.

وفرح الشحاذ بذلك، ومضى عائداً إلى بيته وزوجته، وبينما هو في الطريق مرّ بقرية، فسمع فيها صوت طبول وأفراح، فتذكر الكلمة الثالثة التي كان قد اشتراها، وهي: ساعة السرور لا تفوتها"، فمال نحو مصدر الصوت، فرأى حفل زفاف، فانضم إلى أهل الحفل، وشاركهم فرحتهم، ثم نصبت حلقة الدبكة، فأخذ السرور منه كل مأخذ فشارك القوم رقصتهم بل قدم أشكالاً من الرقص أثارت دهشة الجميع، ولا سيما والد العروس.

ثم نصبت الموائد ودعي الشحاذ مع المدعويين، فلم يتردد، ولما فرغ من الطعام، تقدم من والد العروس، يعتذر إليه، ويرجوه أن يسمح له بالانصراف، ولكن والد العروس أقسم عليه أغلظ الأيمان كي يمضي ليلة عندهم، فأخبره أنه يحمل رسالة ولا بد من إيصالها إلى صاحبها، فوعده أن يرسلها مع أحد رجاله، وفي الحال، نادى رجلاً، وأعطاه الرسالة، وطلب منه إيصالها إلى صاحبها.

وأمضى الشحاذ ليلته مع الضيوف، وهو يلقى من الترحيب ما لم يتوقعه، وفي الصباح رجع إلى الرجل صاحب العمل، لما أقبل عليه، وهو في الحقل مع العمال، دهش الرجل لرؤيته، وبادر إلى سؤاله: "هل وصلت الرسالة إلى صاحبها؟ "فحدثه الشحاذ عما كان من أمر القرية والعرس، فندم الرجل على ما بدر منه، ثم اعترف للشحاذ بأنه كان قد زوده برسالة يطلب فيها من صديقه صاحب معمل الصابون أن يلقي بحامل الرسالة في حوض الزيت المغلي ليموت فيه ولا يبقى له أثر، ثم تأكد لديه براءة الشحاذ، وسوء نية زوجته، ولذلك اعتذر إليه، وقدم له كيساً مملوءاً بالليرات الذهبية، ولكن الشحاذ أبى أن يأخذه إلا أن الرجل ألح عليه.

ورجع الشحاذ إلى زوجته بعد تلك الغيبة الطويلة، يحمل الكيس المملوء بالذهب، فاقترحت عليه أن يشتري محلاً في سوق التجار، ويقعد فيه للتجارة.

وعمل الشحاذ في التجارة، فوفّق في عمله، وربح المال الكثير، وأصبح من كبار التجار، وعندئذ اقترحت عليه زوجته أن يبني قصراً مقابل قصر أبيها الملك، وكان لها ما أرادت.

وذات يوم سأل الملك عن صاحب القصر فذكروا له كبير التجار، فرغب في التعرف إليه، وزار الشحاذ الملك في قصره، ولقي منه الحفاوة والترحيب، وبادر الشحاذ إلى دعوة الملك إلى زيارته، فوعده بذلك.

وفي الموعد المنتظر كانت ابنة الملك، زوجة الشحاذ، قد أعدت لوالدها أطايب الطعام، وجهزت مائدة يشتهيها النظر، كما أعدت له صحن حساء خاص به، تعرف ميله إليه.

ولما حضر الملك أدهشه جمال القصر كما أدهشه حسن ترتيب المائدة، ولما قدمت له ابنته صحن الحساء ذهل، وقال لها: "هذا الصحن من الحساء كانت تعدّه لي ابنتي"، وأرسل زفرة حزن، ثم تذوقه فازداد دهشة، وقال: "الله لكأن ابنتي هي التي أعدته، وعندئذٍ قالت له ابنته "صدقت يا أبي، فابنتك هي التي أعدته لك"، ثم إنها عرفته إلى نفسها، وإلى حقيقة زوجها الذي كان شحاذاً، ثم قدمت له ولدين كانت قد رزقت بهما.

فسرّ الملك سروراً كبيراً للقائه بابنته، ولما صار إليه حالها من رزق وخير، ثم مال عليها يسألها: "هل في المملكة من هو أكرم مني يا ابنتي؟!"، فأجابته: "نعم، يا أبي"، ونظر إليها مدهوشاً ثم سألها: "ما زلت مصرّة على قولك، إذن أخبريني من هو؟، فأجابته: "هو الله".

فأقر الملك عندئذ بالحقيقة، واعتذر إلى ابنته، ورجاها أن تسامحه على ما نالها من ألم وعذاب، ثم ودّعها ورجع إلى قصره، وتركها مع زوجها ليعيشا معاً في سعادة وسرور.

عاشق القمم
21-08-2010, 02:26 PM
**
كل الشكر لك
وتسلم ..~
**

هيله يارمانه
28-08-2010, 07:41 AM
روووووووووووووووووووووووووووووووووعه
سلمت ع القصه الجميله

םـבـםـנ
28-08-2010, 08:47 PM
ألف~ شكر لك

على القصه.’}~ بنتظار جديدك.’~

صانع الإبداع
29-08-2010, 02:07 AM
ألف شكر لك