سامي العتيبي
27-08-2010, 05:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله أما بعد
فهذه أسطر يسيرة سطرتها على عجل في تفسير سورة كريمة ولم يكن لي في هذه الأسطر إلا الترتيب والتنسيق جمعتها لك أخي القارئ من كتب التفسير المختلفة وعلى رأسها كتاب كبير المفسرين ابن جرير الطبري وتفسير البغوي وابن كثير والقرطبي والرازي ومقاتل والزمخشري وأيسر التفاسير للجزائري وتفسير القرآن لعلامة زمانه شيخ الإسلام ابن عثيمين والله أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها ثم إني بينت معاني الكلمات ونقلت شرح الجزائري المجمل للآيات وكذا هدايات الآيات ثم ختمت ببعض المسائل التي ذكرت في بطون بعض كتب أهل العلم حتى ينتفع بها كل مسلم والله حسبي...
تفسير سورة الماعون
في هذه السورة، الحث على إكرام اليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص فيها وفي جميع الأعمال.
والحث على فعل المعروف و بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك.
أسماء السورة
يقال سورة الدين، ويقال سورة الماعون، ويقال سورة اليتيم، قال الطبري في نهاية تفسيرها (آخر تفسير سورة أرأيت)وقد يكون هذا من أسمائها ونوجز الخطاب هنا لأن الكلام على تسمية السور يطول وهي سبع آيات.
هل السورة مكية أم مدنية
ذكر بعض أهل العلم أن نصفها مكي والآخر مدني .
معاني الكلمات:
( أرأيتَ الذي): أخْبرني الذي يكذب مَنْ هو ؟
( يُـكَذبُ بالدّين): يَجْحَدُ الجَزَاء لإنكار البَعْث
( يَدُعُ اليَتيم َ): يَدْفَـعُـه دَفـْعًـاعَـنيفا عنْ حَقّه
( لا يَحضّ): لا يَحُثّ
(المسكين): الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته.
( فَوَيْـلٌ): عذابٌ أو هَلاكٌ ، أوْ وَادٍ في جَهـنّـم
( للمصلـّينَ): المصلون نِفاقـًـا
( سَاهون): غـَـافـِلون غَيْرُ مُبالين بها
( يُرَاءُون): يَقـْـصِـدون الرّياءَ بأعمالِهمْ
( يَمْنـَعون الماعـون):يمنعون ما يَتعاوَرُه النّاس بينهم بُخْلاً
شرح الآيات:
قوله تعالى { أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين } هذه الآيات الثلاث نزلت بمكة في العاص بن وائل والوليد بن المغيرة وأضرابهم من عتاة قريش وكفارها فهذه الآيات تُعرِّض بهم وتندد بسلوكهم وتوعدهم فقوله تعالى { أرأيت } يا رسولنا الذي يكذب بالدين وهو الجزاء في الآخرة على الحسنات والسيئات فهو ذاك الذي يدع اليتيم أي يدفعه بعنف عن حقه ولا يعطيه إياه احتقارا له وتكبرا عليه ولا يحض على طعام المسكين أي ولا يحث ولا يحض نفسه ولا غيره على إطعام الفقراء والمساكين وذلك ناتج عن عدم إيمانه بالدين أي بالحساب والجزاء في الدار الآخرة وهذه صفة كل ظالم مانع للحق لا يرحم ولا يشفق إذ لو آمن بالجزاء في الدار الآخرة لعمل لها بترك الشر وفعل الخير فمن اراد أن يرى مكذبا بالدين فإِنه يراه في الظلمة المعتدين القساة القلوب الذين لا يرحمون ولا يعطون ولا يحسنون وقوله تعالى { فويل للمصلين الذي هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون } هذه الآيات الأربع نزلت في بعض منافقي المدنية النبوية فلذا نصف السورة مكي ونصفها مدني وقوله تعالى { فويل للمصلين الذي هم عن صلاتهم ساهون } هذا وعيد شديد لهم إذ الويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيوحهم وهو أشد العذاب إذ كانوا يغمسون فيه أو يطعمون ويشربون منه . ومعنى عن صلاتهم ساهون أنهم غافلون عنها لا يذكرونها فكثيرا ما تفوتهم ويخرج وقتها وأغلب حالهم أنهم لا يصلونها إلا عند قرب خروج وقتها هذا وصف آخر أنهم { يراءون } بصلاتهم وبكل أعمالهم أي يصلون وينفقون ليراهم المؤمنون فيقولوا أنهم مؤمنون وبالمراءاة يدرءون عن أنفسهم القتل والسبي وثالث أنهم { ويمنعون الماعون } فإذا استعارهم مؤمن ماعونا للحاجة به لا يعيرون ويعتذرون بمعاذير باطلة فلا يعيرون فأسا ولا منجلا ولا قدرا ولا أيّة آنية أو ماعون لأنهم يبغضون المؤمنين ولا يريدون أن ينفعوهم بشيء فيحرمونهم من إعارة شيء ينتفعون به ويردونه عليهم .
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء .
2- أيما قلب خلا من عقيدة البعث والجزاء إلا وصاحبه شر الخلق لا خير فيه البتة .
3- التنديد بالذين يأكلون أموال اليتامى ويدفعونهم عن حقوقهم استصغارا لهم واحتقارا .
4- التنديد والوعيد للذين يتهاونون بالصلاة ولا يبالون في أي وقت صلوها وهو من علامات النفاق والعياذ بالله .
5- منع الماعون من صفات المنافقين والمانع لما المسلمون في حاجة إليه ليس منهم لحديث من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم فكيف بالذي يمنعهم ما هو فضل عنده وهم في حاجة إليه؟
مسائل مختلفة:
اعلم أيها المبارك أن أهل العلم في التفسير يذكرون بعض الأمور التي تشتاق لها النفوس سأذكرها لك على شكل مسائل :
مسألة/ لمن الخطاب في قوله تعالى أرأيت هل هو للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة أم لكل عاقل؟
- في ذلك قولان:
1- إنه خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم .
2- وقيل: بل خطاب لكل عاقل أي أرأيت يا عاقل هذا الذي يكذب بالدين بعد ظهور دلائله ووضوح تبيانه أيفعل ذلك لا لغرض، فكيف يليق بالعاقل جر العقوبة الأبدية إلى نفسه من غير غرض أو لأجل الدنيا، فكيف يليق بالعاقل أن يبيع الكثير الباقي بالقليل الفاني.
مسألة/ما الحكمة من الاستفهام في قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين.
- الاستفهام هنا ليس من أجل طلب العلم بالشيء فالله عالم بكل شيء ولكن
الاستفهام هنا لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين.
مسألة /ما معنى الدين في قوله (يكذب بالدين)
في تفسير الدين وجوه أحدها:
- أن يكون المراد من يكذب بنفس الدين والإسلام
- ثانيها: وهو قوله أكثر المفسرين.
معنى الدين الحساب .
ثم اعلم أن الدين عند الله الإسلام ودين الإسلام خضوع وذلة لله فإن قلت لكل بشر دين قلنا لك الدين الإسلام والإسلام خضوع لله تعالى أما سائر الأديان ففيها خضوع ولكن ليس لله بل للأهواء والشهوات ثم إن لفظة دين التي تعني شريعة قوم غير الإسلام تأتي مقيدة فيقال دين النصارى ودين اليهود ودين الملك ....والله أعلم.
مسألة/قوله تعالى يدع جاء بتشديد حرف الدال: ذكر بعض أهل التفسير لذلك فائدة لطيفة فقالوا {يدع} بالتشديد لها فائدة، وهي أن يدع بالتشديد معناه أنه يعتاد ذلك فلا يتناول الوعيد من وجد منه ذلك وندم عليه، ومثله قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} سمى ذنب المؤمن لمما لأنه كالطيف والخيال يطرأ ولا يبقى.
مسألة: السهو على أقسام:
1- سهو الرسول والصحابة وذلك منجبر تارة بسجود السهو وتارة بالسنن والنوافل.
2- ما يكون في الصلاة من الغفلة وعدم استحضار المعارف والنيات .
3- الترك لا إلى قضاء والإخراج عن الوقت، ومن ذلك صلاة المنافق وهي شر من ترك الصلاة لأنه يستهزىء بالدين بتلك الصلاة.
مسألة/ السهو في الصلاة من أفعال المؤمن، والسهو عن الصلاة من أفعال الكافر.
مسألة ما المراد بالسهو هنا؟
المراد بالسهو هنا : الغفلة والترك وعدم المبالاة . .
وللسلف أقوال كثيرة في المراد بهذا السهو ولعل كل ذلك من باب التمثيل فعن أبي العالية هو الالتفات عن اليمين واليسار وعن قتادة عدم مبالاة المرء أصلي أم لم يصل وعن ابن عباس وجماعة تأخيرها عن وقتها وعن أبي العالية هو أن لا يدري المرء عن كم انصرف عن شفع أو عن وتر
.مسألة الفرق بين قوله: " عَن صَلاٰتِهِمْ " وبين قولك: (في صلاتهم)؟
معنى (عن): أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها؛ وذلك فعل المنافقين أو الفسقة من المسلمين.
ومعنى (في): أنّ السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم.
مسألة / يقول الله عز وجل: {الذين هم يراؤن} فهل الذين يسمّعون مثلهم؟ يعني إنسان يقرأ قرآنًا ويجهر بالقراءة ويحسن القراءة، ويحسن الأداء والصوت من أجل أن يقال ما أقرأه. هل يكون مثل الذي يرائي؟ الجواب: نعم كما جاء في الحديث، «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به»، المعنى من سمّع فضحه الله وبين للناس أن الرجل ليس مخلصاً، ولكنه يريد أن يسمعه الناس: فيمدحوه على عبادته، ومن راءى كذلك راءى الله به، فالإنسان الذي يرائي الناس، أو يسمّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبين أمره إن عاجلاً أم آجلاً. انطر لتفسير القرآن لابن عثيمين.
مسألة الفرق بين المنافق والمرائي/
المنافق هو المظهر للإيمان المبطن للكفر، والمرائي المظهر ما ليس في قلبه من زيادة خشوع ليعتقد فيه من يراه أنه متدين، أو تقول: المنافق لا يصلي سرا والمرائي تكون صلاته عند الناس أحسن.
مسألة/ يجب إظهار الفرائض من الصلاة والزكاة لأنها شعائر الإسلام وتاركها مستحق للعن فيجب نفي التهمة بالإظهار.
وأما النوافل فتخفى إلا إذا أظهر النوافل ليقتدي به،و قال بعض أهل العلم: لا يترك النوافل حياء ولا يأتي بها رياء، وقلما يتيسر اجتناب الرياء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على المسح الأسود"
مسألة / لفظ الماعون " أصله " معونة " والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . ثم اعلم أن أهل التفسير ذكروا أقوالا بالتعريف بالماعون فالمارودي رحمه الله أوصلها لثمانية تأويلات والقرطبي رحمه الله أوصلها لاثنا عشر قولا ويمكن القول أن الماعون : اسمٌ جامع لكل ما ينتفَع به من أدوات البيت ، والإناءُ المعروف.وبعضهم قال أن المراد بالماعون الزكاة لأنه جرت عادة القرآن أن يذكر الزكاة بعد الصلاة والله أعلم.
مسألة/قال شيخ الإسلام ابن عثيمين ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: قسم يأثم به الإنسان.
القسم الثاني: قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير.
فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني ماءً أشربه، فإن لم أشرب مت، فبذل الإناء له واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول: لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه. اهـــ
مسألة/ قال المحققون في الملاءمة: بين قوله: {يراءون} وبين قوله: {ويمنعون الماعون} كأنه تعالى يقول الصلاة لي والماعون للخلق، فما يجب جعله لي يعرضونه على الخلق وما هو حق الخلق يسترونه عنهم فكأنه لا يعامل الخلق والرب إلا على العكس
وفي الختام أذكرك ونفسي أخي القارئ أن القرآن لم ينزل لنتلوه فقط بل لنعمل به فاحذر يا عبد الله من الوقوع بما حذر ربك وكن كنبيك صلى الله عليه وسلم خلقك القرآن والله اعلم.
الحمد لله والصلاة على رسول الله أما بعد
فهذه أسطر يسيرة سطرتها على عجل في تفسير سورة كريمة ولم يكن لي في هذه الأسطر إلا الترتيب والتنسيق جمعتها لك أخي القارئ من كتب التفسير المختلفة وعلى رأسها كتاب كبير المفسرين ابن جرير الطبري وتفسير البغوي وابن كثير والقرطبي والرازي ومقاتل والزمخشري وأيسر التفاسير للجزائري وتفسير القرآن لعلامة زمانه شيخ الإسلام ابن عثيمين والله أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها ثم إني بينت معاني الكلمات ونقلت شرح الجزائري المجمل للآيات وكذا هدايات الآيات ثم ختمت ببعض المسائل التي ذكرت في بطون بعض كتب أهل العلم حتى ينتفع بها كل مسلم والله حسبي...
تفسير سورة الماعون
في هذه السورة، الحث على إكرام اليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص فيها وفي جميع الأعمال.
والحث على فعل المعروف و بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك.
أسماء السورة
يقال سورة الدين، ويقال سورة الماعون، ويقال سورة اليتيم، قال الطبري في نهاية تفسيرها (آخر تفسير سورة أرأيت)وقد يكون هذا من أسمائها ونوجز الخطاب هنا لأن الكلام على تسمية السور يطول وهي سبع آيات.
هل السورة مكية أم مدنية
ذكر بعض أهل العلم أن نصفها مكي والآخر مدني .
معاني الكلمات:
( أرأيتَ الذي): أخْبرني الذي يكذب مَنْ هو ؟
( يُـكَذبُ بالدّين): يَجْحَدُ الجَزَاء لإنكار البَعْث
( يَدُعُ اليَتيم َ): يَدْفَـعُـه دَفـْعًـاعَـنيفا عنْ حَقّه
( لا يَحضّ): لا يَحُثّ
(المسكين): الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته.
( فَوَيْـلٌ): عذابٌ أو هَلاكٌ ، أوْ وَادٍ في جَهـنّـم
( للمصلـّينَ): المصلون نِفاقـًـا
( سَاهون): غـَـافـِلون غَيْرُ مُبالين بها
( يُرَاءُون): يَقـْـصِـدون الرّياءَ بأعمالِهمْ
( يَمْنـَعون الماعـون):يمنعون ما يَتعاوَرُه النّاس بينهم بُخْلاً
شرح الآيات:
قوله تعالى { أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين } هذه الآيات الثلاث نزلت بمكة في العاص بن وائل والوليد بن المغيرة وأضرابهم من عتاة قريش وكفارها فهذه الآيات تُعرِّض بهم وتندد بسلوكهم وتوعدهم فقوله تعالى { أرأيت } يا رسولنا الذي يكذب بالدين وهو الجزاء في الآخرة على الحسنات والسيئات فهو ذاك الذي يدع اليتيم أي يدفعه بعنف عن حقه ولا يعطيه إياه احتقارا له وتكبرا عليه ولا يحض على طعام المسكين أي ولا يحث ولا يحض نفسه ولا غيره على إطعام الفقراء والمساكين وذلك ناتج عن عدم إيمانه بالدين أي بالحساب والجزاء في الدار الآخرة وهذه صفة كل ظالم مانع للحق لا يرحم ولا يشفق إذ لو آمن بالجزاء في الدار الآخرة لعمل لها بترك الشر وفعل الخير فمن اراد أن يرى مكذبا بالدين فإِنه يراه في الظلمة المعتدين القساة القلوب الذين لا يرحمون ولا يعطون ولا يحسنون وقوله تعالى { فويل للمصلين الذي هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون } هذه الآيات الأربع نزلت في بعض منافقي المدنية النبوية فلذا نصف السورة مكي ونصفها مدني وقوله تعالى { فويل للمصلين الذي هم عن صلاتهم ساهون } هذا وعيد شديد لهم إذ الويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيوحهم وهو أشد العذاب إذ كانوا يغمسون فيه أو يطعمون ويشربون منه . ومعنى عن صلاتهم ساهون أنهم غافلون عنها لا يذكرونها فكثيرا ما تفوتهم ويخرج وقتها وأغلب حالهم أنهم لا يصلونها إلا عند قرب خروج وقتها هذا وصف آخر أنهم { يراءون } بصلاتهم وبكل أعمالهم أي يصلون وينفقون ليراهم المؤمنون فيقولوا أنهم مؤمنون وبالمراءاة يدرءون عن أنفسهم القتل والسبي وثالث أنهم { ويمنعون الماعون } فإذا استعارهم مؤمن ماعونا للحاجة به لا يعيرون ويعتذرون بمعاذير باطلة فلا يعيرون فأسا ولا منجلا ولا قدرا ولا أيّة آنية أو ماعون لأنهم يبغضون المؤمنين ولا يريدون أن ينفعوهم بشيء فيحرمونهم من إعارة شيء ينتفعون به ويردونه عليهم .
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء .
2- أيما قلب خلا من عقيدة البعث والجزاء إلا وصاحبه شر الخلق لا خير فيه البتة .
3- التنديد بالذين يأكلون أموال اليتامى ويدفعونهم عن حقوقهم استصغارا لهم واحتقارا .
4- التنديد والوعيد للذين يتهاونون بالصلاة ولا يبالون في أي وقت صلوها وهو من علامات النفاق والعياذ بالله .
5- منع الماعون من صفات المنافقين والمانع لما المسلمون في حاجة إليه ليس منهم لحديث من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم فكيف بالذي يمنعهم ما هو فضل عنده وهم في حاجة إليه؟
مسائل مختلفة:
اعلم أيها المبارك أن أهل العلم في التفسير يذكرون بعض الأمور التي تشتاق لها النفوس سأذكرها لك على شكل مسائل :
مسألة/ لمن الخطاب في قوله تعالى أرأيت هل هو للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة أم لكل عاقل؟
- في ذلك قولان:
1- إنه خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم .
2- وقيل: بل خطاب لكل عاقل أي أرأيت يا عاقل هذا الذي يكذب بالدين بعد ظهور دلائله ووضوح تبيانه أيفعل ذلك لا لغرض، فكيف يليق بالعاقل جر العقوبة الأبدية إلى نفسه من غير غرض أو لأجل الدنيا، فكيف يليق بالعاقل أن يبيع الكثير الباقي بالقليل الفاني.
مسألة/ما الحكمة من الاستفهام في قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين.
- الاستفهام هنا ليس من أجل طلب العلم بالشيء فالله عالم بكل شيء ولكن
الاستفهام هنا لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين.
مسألة /ما معنى الدين في قوله (يكذب بالدين)
في تفسير الدين وجوه أحدها:
- أن يكون المراد من يكذب بنفس الدين والإسلام
- ثانيها: وهو قوله أكثر المفسرين.
معنى الدين الحساب .
ثم اعلم أن الدين عند الله الإسلام ودين الإسلام خضوع وذلة لله فإن قلت لكل بشر دين قلنا لك الدين الإسلام والإسلام خضوع لله تعالى أما سائر الأديان ففيها خضوع ولكن ليس لله بل للأهواء والشهوات ثم إن لفظة دين التي تعني شريعة قوم غير الإسلام تأتي مقيدة فيقال دين النصارى ودين اليهود ودين الملك ....والله أعلم.
مسألة/قوله تعالى يدع جاء بتشديد حرف الدال: ذكر بعض أهل التفسير لذلك فائدة لطيفة فقالوا {يدع} بالتشديد لها فائدة، وهي أن يدع بالتشديد معناه أنه يعتاد ذلك فلا يتناول الوعيد من وجد منه ذلك وندم عليه، ومثله قوله تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} سمى ذنب المؤمن لمما لأنه كالطيف والخيال يطرأ ولا يبقى.
مسألة: السهو على أقسام:
1- سهو الرسول والصحابة وذلك منجبر تارة بسجود السهو وتارة بالسنن والنوافل.
2- ما يكون في الصلاة من الغفلة وعدم استحضار المعارف والنيات .
3- الترك لا إلى قضاء والإخراج عن الوقت، ومن ذلك صلاة المنافق وهي شر من ترك الصلاة لأنه يستهزىء بالدين بتلك الصلاة.
مسألة/ السهو في الصلاة من أفعال المؤمن، والسهو عن الصلاة من أفعال الكافر.
مسألة ما المراد بالسهو هنا؟
المراد بالسهو هنا : الغفلة والترك وعدم المبالاة . .
وللسلف أقوال كثيرة في المراد بهذا السهو ولعل كل ذلك من باب التمثيل فعن أبي العالية هو الالتفات عن اليمين واليسار وعن قتادة عدم مبالاة المرء أصلي أم لم يصل وعن ابن عباس وجماعة تأخيرها عن وقتها وعن أبي العالية هو أن لا يدري المرء عن كم انصرف عن شفع أو عن وتر
.مسألة الفرق بين قوله: " عَن صَلاٰتِهِمْ " وبين قولك: (في صلاتهم)؟
معنى (عن): أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها؛ وذلك فعل المنافقين أو الفسقة من المسلمين.
ومعنى (في): أنّ السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم.
مسألة / يقول الله عز وجل: {الذين هم يراؤن} فهل الذين يسمّعون مثلهم؟ يعني إنسان يقرأ قرآنًا ويجهر بالقراءة ويحسن القراءة، ويحسن الأداء والصوت من أجل أن يقال ما أقرأه. هل يكون مثل الذي يرائي؟ الجواب: نعم كما جاء في الحديث، «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به»، المعنى من سمّع فضحه الله وبين للناس أن الرجل ليس مخلصاً، ولكنه يريد أن يسمعه الناس: فيمدحوه على عبادته، ومن راءى كذلك راءى الله به، فالإنسان الذي يرائي الناس، أو يسمّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبين أمره إن عاجلاً أم آجلاً. انطر لتفسير القرآن لابن عثيمين.
مسألة الفرق بين المنافق والمرائي/
المنافق هو المظهر للإيمان المبطن للكفر، والمرائي المظهر ما ليس في قلبه من زيادة خشوع ليعتقد فيه من يراه أنه متدين، أو تقول: المنافق لا يصلي سرا والمرائي تكون صلاته عند الناس أحسن.
مسألة/ يجب إظهار الفرائض من الصلاة والزكاة لأنها شعائر الإسلام وتاركها مستحق للعن فيجب نفي التهمة بالإظهار.
وأما النوافل فتخفى إلا إذا أظهر النوافل ليقتدي به،و قال بعض أهل العلم: لا يترك النوافل حياء ولا يأتي بها رياء، وقلما يتيسر اجتناب الرياء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على المسح الأسود"
مسألة / لفظ الماعون " أصله " معونة " والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . ثم اعلم أن أهل التفسير ذكروا أقوالا بالتعريف بالماعون فالمارودي رحمه الله أوصلها لثمانية تأويلات والقرطبي رحمه الله أوصلها لاثنا عشر قولا ويمكن القول أن الماعون : اسمٌ جامع لكل ما ينتفَع به من أدوات البيت ، والإناءُ المعروف.وبعضهم قال أن المراد بالماعون الزكاة لأنه جرت عادة القرآن أن يذكر الزكاة بعد الصلاة والله أعلم.
مسألة/قال شيخ الإسلام ابن عثيمين ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: قسم يأثم به الإنسان.
القسم الثاني: قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير.
فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني ماءً أشربه، فإن لم أشرب مت، فبذل الإناء له واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول: لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه. اهـــ
مسألة/ قال المحققون في الملاءمة: بين قوله: {يراءون} وبين قوله: {ويمنعون الماعون} كأنه تعالى يقول الصلاة لي والماعون للخلق، فما يجب جعله لي يعرضونه على الخلق وما هو حق الخلق يسترونه عنهم فكأنه لا يعامل الخلق والرب إلا على العكس
وفي الختام أذكرك ونفسي أخي القارئ أن القرآن لم ينزل لنتلوه فقط بل لنعمل به فاحذر يا عبد الله من الوقوع بما حذر ربك وكن كنبيك صلى الله عليه وسلم خلقك القرآن والله اعلم.