دانه
30-11-2004, 02:42 AM
http://www.ahram.org.eg/archive/2002/3/18/42105_55m.jpg
يحدثنا الكاتب الإنكليزي الشهير ويلز في إحدى قصصه الخيالية عن كاتب حسابات كان يصنع المعجزات0 لقد جعل القدر من هذا الشاب البليد جدا صاحب موهبة مدهشة فما كان يتمنى شيئا إلا ويراه يتحقق في الحال0 ولكن ظهر أن هذه الموهبة المغرية لم تجلب لصاجها وللناس شيئا سوى المضايقات0 وسوف نجد في نهاية هذه القصة عظة بالغة للناس0 بعد حفلة شرب استمرت حتى وقت متأخر من الليل خشي كاتب الحسابات من العودة إلى بيته مع مطلع الفجر ففكر في استخدام موهبته لاطالة الليل0 كيف يمكن القيام بهذا العمل ؟ يجب أن يأمر النجوم بالتوقف عن حركتها0 ولكن كاتب الحسابات لم يقرر القيام بهذا العمل الباهر في الحال وعندما نصحه صديقه بإيقاف القمر راح ينظر إلى القمر بإمعان ، ثم قال لصديقة بتأمل: يبدو لي أن هذا الأمر ليس في يدي 000 ما هو رأيك ؟ وهنا ألح عليه صديقه ميديك قائلا : ولكن لماذا لاتحاول ذلك ؟ أن القمر لن يتوقف بطبيعة الحال لانك ستوقف دوران الأرض فقط وليس في ذلك ما يسئ إلى أي شخص كما أتتوقع! فتمتم كاتب الحسابات الذي كان اسمه فوتيرينجى قائلا : ـ حسنا، ساحاول000 ثم اتخذ وقفة الآمر ومد يديه فوق العالم بلهجة المنتصر: ـ توقفي أيتها الأرض! كفى عن الدوران! ولم ينته من نطق ذلك الكلام حتى حلق الصديقان في الفضاء بسرعة بلغت عدة عشرات من الأميال في الدقيقة الواحدة0 وعلى الرغم من ذلك استمر في التفكير0 وفي أقل من ثانية استطاع أن يفكر ويقول في نفسه الشيء الذي يتمناه: ليحدث مهما يحدث أما أنا فاريد أن ابقي حيا دون أن أصاب بأذى! ويجب الاعتراف بأن هذه الأمنية جاءت في وقتها بالذات0 ومرت على ذلك عدة ثوان أخرى سقط بعدها كاتب الحسابات على تربة حدثيه العزق وقد تراكمت حوله أنقاض المباني ومختلف القطع المعدنية دون أن تصيبه بأذى وارتفع في الهواء جسم بقرة مسكينة بعد أن تحطمت عند اصطدامها بالأرض0 وهبت الرياح بقوة رهيبة حتى أنه لم يتمكن من رفع رأسه ليرى ما يدور حواليه0 وهتف بصوت متقطع: ـ أنني لا أدرك جلية الأمر ماذا حدث؟ أهي عاصفة أم ماذا؟ لابد وأنني قد فعلت شيئا ما بصورة غير صحيحة0 ثم نظر حوله بقدر ما سمحت له الرياح وحاشية سترته المرفرفة ، واستمر قائلا: ـ يبدو أن كل شئ في السماء قد بقى على حاله ولم يتغتر0 وها هو ذا القمر في مكانه0 ولكن ماذا حدث لبقية الأشياء الاخرى000 أين المدينة؟ أين المنازل والشوارع؟ وكيف هبت الرياح؟ أنا لم أطلب من الرياح أن تهب0 وحاول فوتيرينجى أن يقف على قدميه ولكن ظهر أن الأمر مستحيل ولذلك أخذ يزحف قليلا على يديه ورجليه متشبثا بأحجار ونتؤات الأرض0 وبالمناسبة لم يكن هناك مكان يذهب اليه0 لان كل ما استطاع أن يراه من تحت حاشية سترته التي ألقتها الرياح على رأسه ، كان عبارة عن خراب شامل0 ثم فكر وقال في نفسه : ـ لقد حدث للكون شئ خطير ولكن ما هو بالذات لا أحد يدرى"0 ولقد حدث بالفعل شئ خطير0 لم تبق هناك منازل ولا أشجار ولا آية مخلوقات حية اخرى0 وكل ما بقى هو عبارة عن أنقاض وشظايا متناثرة هنا وهناك لا تكاد العين تراها إلا بصعوبة وسط عاصفة شاملة من الغبار0 إن المسئول عن كل هذا العمل لم يفهم حقيقة الأمر بالطبع بينما كان السبب قد اتضح ببساطة0 فعندما أوقف فوتيرينجى الأرض فجأة لم يفكر بالقصور الذاتي الذي يعمل عند التوقف الفجائي للحركة الدورانية على إلقاء كافة الأشياء الموجودة على سطح الأرض بعيدا عن ذلك السطح0 ولهذا السبب بالذات انفصلت المنازل والناس والأشجار والحيوانات وبصورة عامة كل الأشياء الوثيقة الاتصال بكتلة الأرض الأساسية وطارت بسرعة الرصاصة على خط مماس لسطح الأرض0 وبعد ذلك سقطت تلك الأشياء جميعها على سطح الأرض وتحطمت0 وفهم فوتيرينجى أن المعجزة التي قام بها لم تكن ناجحة بصورة خاصة0 ولذلك اشمأزت نفسه كثيرا من كافة المعجزات وعاهد نفسه على عدم القيام بأية معجزة بعد ذلك0 ولكن يجب قبل ذلك إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الكارثة التي أحدثها0 لقد ظهر أن هذه الكارثة كانت كبيرة جدا حيث اشتدت العواصف وحجبت سحب الغبار وجه القمر وسمع من بعيد هدير المياه المقتربة حتى أن فوتيرينجى رأى على ضوء البرق جدارا كاملا من الماء يقترب بسرعة رهيبة من المكان الذي كان منطرحا عليه0 وهنا أصبح ثابت العزم وصرخ مخاطبا الماء: قف! لا تتقدم أية خطوة إلى الأمام! ثم وجه نفس الأمر إلى كل من الرعد والبرق والرياح0 وبعد ذلك كل شئ هادئا تماما0 وجلس القرفصاء، واستغرق في تفكيره: ـ كيف يمكنني أن احول دون تكرر حدوث مثل هذا الهرج و المرج0 وبعد أن فكر قال في نفسه ـ " أولا عندما تنفذ كل أوامري الآن سوف أطلب أن أفقد قدرتي على صنع المعجزات لأكون مثل بقية الناس العاديين0 ولا حاجة لي بالمعجزات أنها لعبة خطرة للغاية0 ثانيا لتعد كل الأشياء إلي سابق عهدها لأرى نفس المدينة ونفس الناس والمنازل ذاتها وأرى نفسي شخصيا كما كنت عليه في ذلك الحين
" """""""""""""""""""""""""""""""""""""" كتاب : الفيزياء المسليه
يحدثنا الكاتب الإنكليزي الشهير ويلز في إحدى قصصه الخيالية عن كاتب حسابات كان يصنع المعجزات0 لقد جعل القدر من هذا الشاب البليد جدا صاحب موهبة مدهشة فما كان يتمنى شيئا إلا ويراه يتحقق في الحال0 ولكن ظهر أن هذه الموهبة المغرية لم تجلب لصاجها وللناس شيئا سوى المضايقات0 وسوف نجد في نهاية هذه القصة عظة بالغة للناس0 بعد حفلة شرب استمرت حتى وقت متأخر من الليل خشي كاتب الحسابات من العودة إلى بيته مع مطلع الفجر ففكر في استخدام موهبته لاطالة الليل0 كيف يمكن القيام بهذا العمل ؟ يجب أن يأمر النجوم بالتوقف عن حركتها0 ولكن كاتب الحسابات لم يقرر القيام بهذا العمل الباهر في الحال وعندما نصحه صديقه بإيقاف القمر راح ينظر إلى القمر بإمعان ، ثم قال لصديقة بتأمل: يبدو لي أن هذا الأمر ليس في يدي 000 ما هو رأيك ؟ وهنا ألح عليه صديقه ميديك قائلا : ولكن لماذا لاتحاول ذلك ؟ أن القمر لن يتوقف بطبيعة الحال لانك ستوقف دوران الأرض فقط وليس في ذلك ما يسئ إلى أي شخص كما أتتوقع! فتمتم كاتب الحسابات الذي كان اسمه فوتيرينجى قائلا : ـ حسنا، ساحاول000 ثم اتخذ وقفة الآمر ومد يديه فوق العالم بلهجة المنتصر: ـ توقفي أيتها الأرض! كفى عن الدوران! ولم ينته من نطق ذلك الكلام حتى حلق الصديقان في الفضاء بسرعة بلغت عدة عشرات من الأميال في الدقيقة الواحدة0 وعلى الرغم من ذلك استمر في التفكير0 وفي أقل من ثانية استطاع أن يفكر ويقول في نفسه الشيء الذي يتمناه: ليحدث مهما يحدث أما أنا فاريد أن ابقي حيا دون أن أصاب بأذى! ويجب الاعتراف بأن هذه الأمنية جاءت في وقتها بالذات0 ومرت على ذلك عدة ثوان أخرى سقط بعدها كاتب الحسابات على تربة حدثيه العزق وقد تراكمت حوله أنقاض المباني ومختلف القطع المعدنية دون أن تصيبه بأذى وارتفع في الهواء جسم بقرة مسكينة بعد أن تحطمت عند اصطدامها بالأرض0 وهبت الرياح بقوة رهيبة حتى أنه لم يتمكن من رفع رأسه ليرى ما يدور حواليه0 وهتف بصوت متقطع: ـ أنني لا أدرك جلية الأمر ماذا حدث؟ أهي عاصفة أم ماذا؟ لابد وأنني قد فعلت شيئا ما بصورة غير صحيحة0 ثم نظر حوله بقدر ما سمحت له الرياح وحاشية سترته المرفرفة ، واستمر قائلا: ـ يبدو أن كل شئ في السماء قد بقى على حاله ولم يتغتر0 وها هو ذا القمر في مكانه0 ولكن ماذا حدث لبقية الأشياء الاخرى000 أين المدينة؟ أين المنازل والشوارع؟ وكيف هبت الرياح؟ أنا لم أطلب من الرياح أن تهب0 وحاول فوتيرينجى أن يقف على قدميه ولكن ظهر أن الأمر مستحيل ولذلك أخذ يزحف قليلا على يديه ورجليه متشبثا بأحجار ونتؤات الأرض0 وبالمناسبة لم يكن هناك مكان يذهب اليه0 لان كل ما استطاع أن يراه من تحت حاشية سترته التي ألقتها الرياح على رأسه ، كان عبارة عن خراب شامل0 ثم فكر وقال في نفسه : ـ لقد حدث للكون شئ خطير ولكن ما هو بالذات لا أحد يدرى"0 ولقد حدث بالفعل شئ خطير0 لم تبق هناك منازل ولا أشجار ولا آية مخلوقات حية اخرى0 وكل ما بقى هو عبارة عن أنقاض وشظايا متناثرة هنا وهناك لا تكاد العين تراها إلا بصعوبة وسط عاصفة شاملة من الغبار0 إن المسئول عن كل هذا العمل لم يفهم حقيقة الأمر بالطبع بينما كان السبب قد اتضح ببساطة0 فعندما أوقف فوتيرينجى الأرض فجأة لم يفكر بالقصور الذاتي الذي يعمل عند التوقف الفجائي للحركة الدورانية على إلقاء كافة الأشياء الموجودة على سطح الأرض بعيدا عن ذلك السطح0 ولهذا السبب بالذات انفصلت المنازل والناس والأشجار والحيوانات وبصورة عامة كل الأشياء الوثيقة الاتصال بكتلة الأرض الأساسية وطارت بسرعة الرصاصة على خط مماس لسطح الأرض0 وبعد ذلك سقطت تلك الأشياء جميعها على سطح الأرض وتحطمت0 وفهم فوتيرينجى أن المعجزة التي قام بها لم تكن ناجحة بصورة خاصة0 ولذلك اشمأزت نفسه كثيرا من كافة المعجزات وعاهد نفسه على عدم القيام بأية معجزة بعد ذلك0 ولكن يجب قبل ذلك إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الكارثة التي أحدثها0 لقد ظهر أن هذه الكارثة كانت كبيرة جدا حيث اشتدت العواصف وحجبت سحب الغبار وجه القمر وسمع من بعيد هدير المياه المقتربة حتى أن فوتيرينجى رأى على ضوء البرق جدارا كاملا من الماء يقترب بسرعة رهيبة من المكان الذي كان منطرحا عليه0 وهنا أصبح ثابت العزم وصرخ مخاطبا الماء: قف! لا تتقدم أية خطوة إلى الأمام! ثم وجه نفس الأمر إلى كل من الرعد والبرق والرياح0 وبعد ذلك كل شئ هادئا تماما0 وجلس القرفصاء، واستغرق في تفكيره: ـ كيف يمكنني أن احول دون تكرر حدوث مثل هذا الهرج و المرج0 وبعد أن فكر قال في نفسه ـ " أولا عندما تنفذ كل أوامري الآن سوف أطلب أن أفقد قدرتي على صنع المعجزات لأكون مثل بقية الناس العاديين0 ولا حاجة لي بالمعجزات أنها لعبة خطرة للغاية0 ثانيا لتعد كل الأشياء إلي سابق عهدها لأرى نفس المدينة ونفس الناس والمنازل ذاتها وأرى نفسي شخصيا كما كنت عليه في ذلك الحين
" """""""""""""""""""""""""""""""""""""" كتاب : الفيزياء المسليه