المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجهل وافعاله مع السيكل قديما وقصته


يتيم الامه
19-10-2010, 07:33 PM
أعادت صحيفة سعودية الحديث عن قصة استخدام السيكل (الدراجة الهوائية) في حقبة الخمسينات الميلادية، والتي انتشر فيها تحريم كل جديد.

وقالت الصحيفة في مستهل تحقيقها: وصلت عندنا في فترة من الفترات الرفض القاطع "لكل جديد"، بل التحريم المطلق أحياناً كما هي الحال مع الراديو والبرقية والتعليم الحديث والصابون ولبس الغترة البيضاء، وصناعات مماثلة اعتبرت عند بعضنا بدعاً مع بداية ظهورها حتى طالت حالة التوجس تلك السيارة والدراجة الهوائية "السيكل" في بعض مدن وقرى نجد، عندما أطلقوا عليه أي السيكل "حصان إبليس".

وكان يعتقد بعضهم أنه يدفع بواسطة شياطين الجن الذين"يتحالفون" مع سائقه حتى يثبتوه على ظهره أثناء سيره مقابل تنازلات ومعاهدات عقائدية، الأمر الذي جعلهم يتعوذون بالله منه سبع مرات، ويأمرون نساءهم بتغطية وجوههن عنه، وإذا لامس شيئاً من أجسادهم أعادوا الوضوء إن كانوا على طهارة، ويقفزون إثره إذا ما وجدوها أمامهم على الأرض بعد أن يبصقوا عليها، ودخل عند بعضهم ضمن المحذورات التي لا تقبل شهادة مرتكبها.
نشر الرذيلة وشرب "التتن"


http://images.alarabiya.net/5_8300_33.jpg
رخصة قيادة سيكل في القرى صادرة من هيئة الأمر بالمعروف

وورد في التحقيق الذي أجراه الزميل سعود المطيري ونشرته صحيفة "الرياض" السعودية أنهم قرنوا استخدام "السيكل" في ذلك الوقت واقتناءه بالفساد والفسوق، واعتبروه من الملاهي والبدع التي تشغل الناس عن الصلاة بالمسجد وأداء العبادات والعمل الصالح، كما اعتبروا سائقه ومقتنيه عنصر فساد في المجتمع، وخطراً يهدد بنشر الرذيلة وشرب التتن (الدُّخان)، والاستدراج المشبوه، وانضم صاحبه إلى قائمة ما يعرفون وقتها بـ "الدشير"، وأضيف لمصطلح الشتيمة التي يوصم بها هؤلاء اسم السيكل لتكون هكذا: "شرابة التتن مطردة الدجاج ركابة السياكل".

أما الذين قبلوا به بعد ذلك كـ "شر لا بد منه" فقد تعاملوا معه بحذر واستحياء، وقصروا استعماله على البالغين بشروط صارمة وثَّقتها نماذج من رخص السير الرسمية التي كانت تصدر حينذاك عن طريق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "النواب" في بعض المدن في السبعينيات الهجرية، والتي لا تعطى إلاّ بعد أن يقدم شهادة تزكية واستقامة من إمام وجماعة المسجد، على أن يقتصر استخدامه في ساعات النهار فقط، وأن لا يحمل عليه شخص آخر - في إشارة إلى صغار السن -، وفرضوا عليه ضريبة سير في بعض مدن نجد وكانت عقوبة من يستخدمه دون رخصة الجلد ومصادرة "السيكل"، معتقدين أنه يُدفع بواسطة شياطين الجن ويتطهرون منه بـ "الوضوء".

ترخيص هيئة الأمر بالمعروف


http://images.alarabiya.net/3_8299_7948.jpg
سيكل زمن أول الوسيلة الأكثر انتشاراً في القرى

كانت تلك الرخصة تصدر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما في النموذج الآتي:
(صدر السماح (لفلان الفلاني) باستعمال السيكل لظروفه إلى ذلك من بيته إلى الدكان وما عدى ذلك لا يكون له رخصة إلا بشغل لوالده بشروط أن لا يخرج عليه (بالليل) ولا خلف (البلاد) ولا يردف (يركب) عليه أحد ولا يؤجره ولا يدخل عليه وسط الأسواق).

ولكن في بعض المدن مثل الرياض وجدة كانت تصدر من المرور (قلم المرور) بشروط أخف، ويلزم اعتمادها وتوقيعها من أعلى سلطة عسكرية وهو مدير الأمن العام.

مطاردة بين جمل وسيكل!


http://images.alarabiya.net/4_8298_1936.jpg
صورة نادرة لرجل يقود سيكله في النهار

من القصص ما رواه أحد كبار السن لعريس كان والد زوجته يحتجزها بمبلغ متبق من مهرها، فخطط للهرب بها خارج البلدة بعد الاتفاق معها إلى مكان عمله في "شركة الجبس" بالرياض بعد ثلاثة أشهر من الزواج، واستخدم لتنفيذ خطته سيكلاً أحضره معه وأخفاه بالقرب منهم؛ لكن والدها عندما سمع صيحات النجدة من والدتها قفز على ظهر "بعير" ولحق به لتستمر المطاردة إلى منتصف الليل، حتى تمكن من القبض عليه وتكتيفه بحبل، وفي صباح اليوم التالي اقتاده إلى شيخ البلدة وطالب بخلعها منه، وكانت حجته أنه رجل "مارق" وأنه يركب "حمار الكفار".


ويذكر أحد سكان القرى أن أحد الشخصيات من هواة القنص كان يودع صقوره نهاية موسم كل قنص عند أحدهم لرعايتها وإطعامها، فأرسل له في 1959 بندقية صيد و"سيكلاً"، إلاّ أن "السيكل" قوبل بامتعاض شديد وهدّد صاحبه بالطرد قبل أن يسرب وشاية مفادها أن ابن إمام مسجد القرية الذي يقود الحملة لديه أيضاً "سيكل" يخفيه في الخرائب، ويصعد فيه لإخفائه في فروع الأشجار ليلاً، ثم ينطلق إليه خلسة كل ما حانت الفرصة، فكان أهل القرية يتتبعونهم ويلقون الأشواك ورمم الحيوانات الميتة على الطرق والممرات التي يسلكها هؤلاء، ويتواصون على استخدام سككها مكاناً لقضاء الحاجة ودفن القاذورات في طريقهم، واذا ما عثروا عليها قاموا بالانقضاض عليها وتمزيق عجلاتها بالسكاكين وهم يرددون "لا إله إلا الله واحد ما غيره.. وإن قبضنا المشرك ما يفرفر طيره".

تأجير "البسكليتات"


http://images.alarabiya.net/6_8296_4874.jpg
رخصة قيادة سيكل في المدن عام 1376ه

لكن عندما بدأ الناس في التخلص من بعض القناعات المتشددة الناتجة عن قلة الوعي وبساطة التعليم؛ انتشر استخدام الدراجة في المدن والقرى كوسيلة من وسائل المواصلات المهمة والسريعة وبديلة في بعض الأحيان عن الجمل والحمار، فاستخدمت في نقل وإحضار الاحتياجات المنزلية واستخدمها موظفو البريد رسمياً في إيصال وتوزيع الرسائل البريدية، واستخدم أيضاً في نقل البضائع الخفيفة والمنتجات الزراعية للأسواق، وفي التنقلات إلى مكان العمل، وفي بعض مدن رئيسة كان يستخدم "أجرة" في حمل الركاب وتنقلاتهم السريعة، وعرف داخلها ساحات مواقف "استيشن بسكليتات" يتوجه إليها طالب الخدمة ومع ذلك بقيت ترسبات نظرة الماضي مصاحبة لاستخدامه واقتنائه ربما إلى عهد قريب.

"سيكل" السكر


http://images.alarabiya.net/7_8295_8577.jpg
سيكل الجمل آحر التقليعات قبل عقدين من الزمن

ويذكر بعض أهالي الأسياح عن شاب مكافح كانت والدته قد اشترت له "سيكلاً" قبل نحو ستين عاماً، وكان عمره لا يتجاوز أربعة عشر عاماً فكان يذهب عليه إلى بريدة 60 كم، ويسلك جادة الإبل عبر طريق صخري شديد التضاريس وتسكنه الوحوش، ويشتري كمية قليلة من السكر لا يتجاوز وزنها خمسة كيلو غرامات كان (يصرها) بطرف غترته ويعود بها بعد يومين إلى ثلاثة أيام لبيعها بمكسب ضئيل، فكان في بعض الأيام يفاجئه المطر بغزارة فيذيب الكمية بالكامل ويتيبس على غترته.

لذلك ما كان يستخدم رأس ماله الذي لا يتجاوز حينها خمسين ريالاً مرة واحدة؛ تماشيا مع قاعدة الحذر الاقتصادي (لا تضع البيض في سلة واحدة)، وفي إحدى المرات ربط عجلة دراجته الأمامية كالعادة بسلسلة لفها بجذع شجرة ووثقها بقفل من الحديد وذهب للصلاة، لكنه عندما خرج من المسجد لم يجد إلا العجلة الأمامية المربوطة بالشجرة واكتشف أن لصاً غافله قام بفك العجلة وفصل بقية السيكل الذي أحضر له عجلة أخرى، لكنه واصل كفاحه حتى أصبح من كبار تجار الذهب والعقار - رحمه الله -.