![]() |
بمناسبة 11 سبتمبر : مشاهدات داعية شهد تلك الحقبة في الولايات المتحدة الأمريكية
بقلم حمد المهنا |
مشاهدات داعية بالولايات المتحدة الأمريكية محاضرة ألقيتها بالمخيم الشبابي بجدة 1424هـ الشيخ محمد المهنى |
محاضرة ألقيتها بالمخيم الشبابي بجدة 1424هـ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد : أيها الأخوة الكرام ، أيتها الأخوات الكريمات : مازال العلماء والأدباء والفضلاء في الأمصار على اختلاف الأعصار يتسابقون إلى جمع الفرائد واقتناص الفوائد الشرائد ، يركبون كل عَرصة ، ويهتبلون كلَّ فُرصة ، يطلبون العلم والحكمةَ مظانَّها ، وقد قيل : ( الحكمة ضالة المؤمن ، حيث وجدها فهو أحق بها ) ويروى ذلك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يصح . |
وقد ذكر أهلُ الأثر والسير أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خرجوا بعد موته من المدينة وتفرقوا في البلاد ، فمنهم من خرج غازياً مجاهداً ، ومنهم من خرج داعياً إلى الله معلماً ، ومنهم من كان يطلب رزق الله وفضله ، ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) . |
وبهذا فتح هؤلاء المستضعفون الأرضَ ، وصاروا أئمتَها وقادتَها ، وحماتَها وهداتَها بهممٍ لا تملُّ وعزائمَ لا تكلُّ ، وهم يقرأون قول الحق جل ذكره ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) . |
ومن أوائل من حفظ التاريخ خبرَ رحلتهم في طلب العلم والدعوة إليه ، نبيُ الله موسى صلى الله عليه وسلم ، وخبرُهُ مع الخَضِر في سورة الكهف أشهرُ من أن يُذكر . ورحل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام البخاري في صحيحه : ( باب الخروج في طلب العلم : ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أُنيس مسيرة شهر في حديث واحد ) !! ولم تزل الرحلة في طلب العلم سائرةً بين أهل العلم حتى ألف الخطيب البغدادي كتاباً طار في الآفاق ذكره سماه : ( الرحْلَةُ في طَلَبِ الحَدِيْث ) . |
ولم يكونوا - رحمهم الله - يخرجون من بلادهم ويجوبون الدنيا من أجل مزيد العلم فحسب ، ولكنهم كانوا يرومون فوائدَ كثيرةً كالتأدب بآداب العلماء والتخلُّق بأخلاقهم ومعرفة طرائقهم في التعليم والفُتيا ونشر العلم وعرضه على الطلاب ، والتعرف على أساليبهم ومصطلحاتهم ومعاقدِ إجماعهم ومواطنِ اختلافهم وتعلمِ احترامهم وكيفيةِ التعامل مع المخالف منهم ، إلى غير من الفوائد التي يجنيها من رحل يطلب العلمَ والحكمةَ . |
وقد اشتهرت الرحلات بأنواعها وأغراضها في وقت مبكر من تاريخ الإسلام حتى صار ذلك فناً مشهوراً من فنون الآداب ، كتبوا فيه وصنفوا وأرَّخوا حتى جاء الرحالة الذين طوفوا الآفاق .
ومن أوائلهم : أبو الحسين محمدُ بنُ أحمدَ بنِ جبيرٍ المتوفى عام أربعة عشر وستمائة للهجرة وكتب رحلته الشهيرة . |
وأشهرُ من رحلة ابن جبير ، رحلةُ ابنِ بطوطةَ محمدِ بنِ عبدالله الطنجي المتوفى بعد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بنحوٍ من خمسين سنة عام سبعة وسبعين وسبعمائة للهجرة وسماها : ( تُحْفَةُ النُظَّار ، في غرائبِ الأمصارِ وعجائبِ الأسفار ) . |
وهذه الرحلة هي أشهر الرحلات العربية ، ومن أسباب شهرتها وذيوعها أنها امتدت أعواماً متطاولة ، فقد لبثَ ابنُ بطوطةَ في رحلاته ثمانية وعشرين عاماً دخل فيها بلاداً بعيدة كالصين وأندونيسيا مع أنه كان من أهل المغرب . واستمر هذا الفن من فنون الآداب قائماً إلى هذا الزمان الذي تيسرت فيه وسائل السفر ولذا وجدت كتب الرحلات حول العالم ولم تكن موجودة من قبل . |
الساعة الآن 07:45 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.