![]() |
<<<<<<تابع
|
ومن العجائب ، رحلةٌ كُتِبتْ قبل أكثر من سبعين عاماً سماها صاحبها : (حول العالم على دراجة نارية في سبع سنوات) وذكر فيها أنه جاب الأرض كلها على تلك الدراجة وقطع مائة وثلاثة وخمسين ألف كيلو متر ، وهي في مجلد كبير وليس لها غرض سوى المتعة ، ووقت المؤمن وهمته أغلى من ذلك وأعلى . |
وهكذا يرى طالب العلم ومريد الفضل أن الارتحال في طلب الخيرات سنةٌ ماضية وعادةٌ متبعة وسبيلٌ حسن لمن أراد خيري الدنيا والآخرة ، فمن المغازي إلى الرحلة في طلب العلم إلى رحلات البحث عن الكتب والمخطوطات إلى الرحلات الدعوية إلى أنواع من الرحلات والأسفار التي يحمدها أهلُ العلم والديانة ، ويحث عليها أهلُ الفضل والصيانة . |
ومن هذا الباب ، ولهذه الأسباب ، أحببت أن أضرب في هذا الفن بسهم ، فقيدت شيئاً مما رأيت وسمعت واستفدت في رحلتي الدعوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. نعم ... يسر الله عز وجل لمحدثكم العبدِ الضعيفِ رحلةً دعويةً إلى تلك البلاد امتدت سنتين كاملتين ولله الحمد . وذلك أني أُوفدت إلى هناك مطلع عام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين ، إلى مدينة ( لوس انجلس ) بولاية ( كالفورنيا ) بالجانب الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية : داعية رسمياً بمسجد الملك فهد بضاحية (كلفر سيتي) بغرب (لوس انجلس) نعم ... يقولون داعية ، وإن زماناً يُنعت فيه مثلي بالداعية ، إنه لزمان عجيب !! |
ولكن البلاد إذا اقشعرَّت ...... وصوَّح نبتُها رُعيَ الهشيمُ |
وقد كانت تلك الرحلة حافلةً بالأحداث والمشاهدات ، وذلك أنها وافقت زماناً هو من أكثر الأزمان حرجاً في تاريخ العالم المعاصر ، وفي تاريخ الولايات المتحدة على وجه الخصوص . فقد مكثت هناك خمسة أشهرٍ في هدوءٍ تامٍ وسلامٍ عامٍ حتى حدثت تلك الأحداث الجسام ، أحداثُ الحادي عشر من سبتمبر . وقد اضطرب المسلمون عند وقوع ذلك الحدث اضطراباً واضحاً ، فمنهم من امتنع من الخروج من بيته أياماً خوفاً من موجةِ غضبٍ شعبيةٍ عارمةٍ ، وأُغلقت بعض المساجد وقرّت النساء في البيوت أسابيع لا يخرجن خشية أن يعرفن فيؤذين. |
ولكننا ما لبثنا يومين أو ثلاثةً حتى تبين للمسلمين أنهم بأمانٍ ، وأن الشارع العامَّ لا يحمل أي مؤشراتٍ أو نذراً للشر والانتقام فرجعوا إلى بيوت الله ، وكانت أولُ جُمعةٍ بعد الأحداث حافلةً بالمصلين حيث عبَّر فيها الخطباءُ عن إنكارهم لما حصل ، ودعوا الحكومة إلى توخي العدل والحكمة في معالجة الأمور وعدم تعميم الأحكام على الجميع. |
ثم استقرت الأمور وأمن الناسُ على أنفسهم وأهليهم وشهدت المساجدُ أنواعاً من النشاط والعمل والتواصل مع المواطنين الأمريكيين . |
ولقد رأيت من ذلك ألواناً ، فمنها : باقاتُ الزهور التي وضعها بعضُ جيران المسجد ووضعوا معها عباراتٍ يذكرون فيها اطمئنانهم بجيرة المسجد ورؤيةِ رواده ، وينكرون ما شاع في وسائل الإعلام واشتهر من الوقيعة في الإسلام والمسلمين . |
ومنها : الزياراتُ المتكررة إلى المسجد من قبل جيرانه ومن قبل المدارس المجاورة والجامعات والجمعيات والكنائس بل ومن رجال المعابد اليهودية ، يأتون زُرافاتٍ ووحداناً وربما شهدوا الصلاة وربما حضروا الجمعة وربما عقدوا مجالس للمناقشـة حول دين الإسلام . |
الساعة الآن 10:38 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.