الموضوع: قصة ليث
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-03-2013, 03:05 AM   رقم المشاركة : 2
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 



مرت الأيام وأنا أرى ليثا ولا أوليه اهتماما كأن ما قالته معلمته عنه قد سرّب إلي إحساس اليأس أن أحاول معه أو ربما ازدحام الأعمال تجعل المعلمة لا يمكنها الالتفات لغير تلاميذها حتى وإن فكرت فهي لن تجد الوقت لتفعل شيئا , هل هي حجة الكسول الضعيف الذي لا يتطلع إلى غير إلى عمل الخير ؟ أم هي الأنانية في أبهت ثيابها ؟؟


أيا كان السبب فالنتيجة واحدة وهي :
تلميذ مهمل يعي ولا يعي حاضر غائب , ليس له من التلمذة سوى ملابس يرتديها وحقيبة ناءت بها يداه الضعيفتان .
أحيانا يعصرني الألم وأنا أراه بهذه الحالة وأفكر جديا بعمل شيء له , ولكن بقي تفكيري هذا طي الإحساس , إحساس لم يترجم إلى عمل وتفكير ظل في أعماق الذاكرة لم يطفُ على سطحها ليخرج إلى النور , لأقدم شيئا لهذا التلميذ .
ومضت الأيام هكذا إلى أن جاء اليوم الذي قابلت فيه سعادة الوكيلة الدكتورة منى الجرداني وكيلة التعليم والمناهج بوزارتنا , وبتجاوز أسباب المقابلة وتفاصيلها , فوجئت بها تقول :
أريدك أن تكتبي عن التلميذ الذي لا تحبه المعلمة .
لم أستطع إخفاء دهشتي يومها وأبديت استغرابي , وقلت بكل تعجب :التلميذ الذي لا تحبه المعلمة !!!!
قالت بكل قوة : نعم.
فقلت : عفوا سعادة الوكيلة لا تحبه أي تكرهه , كيف تكره المعلمة تلميذها !!!
قالت : هذا يحدث كثيرا , ألا يحدث أن يكون لدى المعلمة تلميذ يزعجها كثيرا بشغبه أو يكون ذا مستوى ضعيف يجعلها تحس بملل منه ونفور ؟
قلت نعم : ولكن لا تكرهه
قالت : حسنا لا تكرهه ولكنها تتضايق منه ربما لا تحبه .
أريدك أن تكتبي عن هذه الفئة من التلاميذ .
ـــــــ
بيني وبين نفسي كنت أستحضر فئات معينة وأسماء بعينها من هؤلاء التلاميذ لدينا في المدرسة ولكن ذررت على تخيلي ذاك تراب الكتمان حتى لا يظهر وحمدت الله أنها لم تنفض ذلك التراب لتجد الأسماء حاضرة جاهزة لدي وإلا لربما فتحت على نفسي بابا من المناقشة لا ينتهي
ترى هل أحست هي بما أخفيه ؟
هل أحست بأنني في نفسي أقول هؤلاء التلاميذ موجودن بكثرة في المدارس وربما المعلمات هنّ من ساهم في إيجاد هذه الفئة من التلاميذ .
فعلا قد نتخذ من تلميذ معين موقف الكره والنفور وإن لم نكرهه ولكنا ربما لم نحبه لأي سبب من الأسباب ولجهلنا بكثير من أساليب التربية قد نسرب له هذا الإحساس فيتراجع بدل أن يتقدم وأذكر يوما كنت في غرفة المعلمات وكنا نتحدث عن مشاكل التلاميذ فقلت : لقد قلت جملة للصف الرابع الأساسي المفترض لا تقولها معلمة لتلاميذها أبدا , قلت لهم : الحمد لله أنكم بصف رابع وأنكم ستفارقوننا إلى غير رجعة .
قالت معلمة أخرى ما قلته أنا أدهى وأمرّ : قلت لتلميذ أيضا في الصف الرابع : لماذا تأتي إلى المدرسة ؟ لماذا تتعب أهلك ليصرفوا عليك وتتعب معلماتك في الشرح وأنت وجود كالعدم ؟؟ أن تجلس في البيت خير لك فربما يجد لك والدك حرفة ولو أن تزرع أو تنجر خير لك من الذهاب والإياب إلى المدرسة بلا فائدة .

كل هذا تراءى لي وأنا أتابع سعادة الوكيلة في كلامها المنطقي الموزون وعندما عدت وكنت في السيارة لا زال حديثها يتردد في أذني حتى قذفت بي الذكريات بشاطئ ليث فقلت في نفسي : ليث هو خير مثال من تلك الفئة التي تحدثت عنها سعادة الوكيلة , وعدت للمنزل وللمدرسة وفي ذهني دراسة حالة ليث .
سبحان الله !!!
الآن أحسست به وبضرورة دراسته ؟ هل لأن الأمر جاء من الأعلى ؟
ولكنه لم يكن أمرا , كان مجرد اقتراح منها .
وبإمكاني الرفض أو القبول
نعم ولكن النفس تأبى الرفض ربما حبا وربما احتراما وربما إحساسا آخر بالنشوة لتقدير قلمها من جهات عليا , جهات ربما لم تتوقع يوما أن تقابلهم في مكان فإذا بها تجالسهم في المكتب .
هل هو الضعف البشري أمام قوة الجاه ؟؟
ولكنها إنسانة عظيمة وغاية في سمو التواضع وعلو الهمة , إنسانة تجعل اقتراحاتها أوامرا يجب تنفيذها بما تفرضه شخصيتها من وجود في قلوب الآخرين .
لن نفيض كثيرا في الحديث عنها لأننا لن ننتهي إذن ولنعد الآن إلى ليث وكيف تطورت قصته ؟


>>> يتبع <<<






التوقيع :










.
.

رد مع اقتباس