عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2008, 05:53 AM   رقم المشاركة : 17
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 

الفصل الخامس


أشعلته تلك المحادثة مع سعد، فلم يستطع النوم ليلتها، كان عقله يعمل بأقصى سرعة، يفكر بمشروع سعد الكبير، يحلم به، يتخيله واقعا ً محققا ً، ثم يكد مخه بحثا ً عن فكرة لرواية ينافس بها كبار المنتدى.

أذن الفجر وهو بين النوم واليقظة، صلى وعاد إلى البيت وهو لا يكاد يرى طريقه من التعب، نبه أمه إلى أنه سيتغيب هذا اليوم عن الجامعة لأنه لم ينم، ثم ألقى بنفسه على السرير وغاب تحت دفقات الهواء البارد الذي كان يبثه المكيف.

عندما فتح عينيه كانت الساعة قد جاوزت الحادية عشرة بدقائق، نهض وتمطى ثم اغتسل وتناول شيئا ً بسيطا ً من المطبخ حتى لا يفسد غدائه، ثم عاد إلى غرفته بكوب شاي وأفكار مضطربة.

جلس أمام الجهاز وجعل يكتب حروفا ً ثم يمسحها بشرود وهو يستحث عقله بحثا ً عن فكرة جديدة، زفر بضيق ورشف رشفة من الشاي ليطرد من ذهنه مجموعة من الأفكار القديمة المستهلكة، قصص الحب مللنا منها – قال لنفسه – قصص المآسي ضج الانترنت منها وكذلك التلفاز، القصص الهزلية لا تناسب، فيما أكتب يا ترى؟

* * *

استسلم عندما أذن الظهر لعجزه ثم قام ليصلي، أحس براحة نفسية وسعة في صدره عندما ولج المسجد البارد والهادئ، وترك خلفه العالم الضاج بالحركة والأصوات، صلى ركعتين ثم أتبعهما بأخريين، قبل أن يتناول مصحفا ً ويبدأ بالقراءة بصوت هامس.

التفت عليه شيخ كبير كان يصلي بجانبه وسلم عليه، أحس حمد بخشونة راحة يده، ولكن وجهه كان سمحا ً بلحية بيضاء طويلة وتجاعيد كللت الفم والعينين، عندما عاد لقراءة القرآن تساءل عن عدد السنين التي مرت على هذا الشيخ، وعن ماذا رأت عيناه طوالها؟ وما عساه يقول لي لو سامرته يوما ً وما عساه يقص علي؟

عندما قضيت الصلاة وخرج عائدا ً إلى البيت كانت فكرة الرواية قد نبتت في رأسه، فكرة بسيطة – قال لنفسه – شيخ كبير يحكي تجاربه في الحياة، ولكن أين الإثارة؟ أمممم... دعني أرى يكون هذا الشيخ في شبابه قاطع طريق في فترة زمنية قبيل توحيد المملكة، ويقتل رفاقه في عملية فاشلة فيما يهرب هو إلى الجنوب ويختفى في الجبال، ثم... ثم ماذا؟ يتوب؟ نعم يتوب ويقرر طلب العلم ويصير معلم صبيان في قرية من القرى المنثورة على سفوح الجبال ثم يتزوج ثم... ثم يحس بالحنين إلى دياره فيعود غريبا ً ومعه عائلته، ثم... ثم يموت أحد أبنائه بمرض فيما يدخل الأبن الآخر المدرسة النظامية الجديدة ويبتعث للخارج، والأبن الأصغر يصبح ضابطا ً كبيرا ً، لحظة... لحظة... الشيخ هو بطل القصة وهو الذي يجب أن أركز عليه، ما شأني بأبنائه، حسنا ً... من جديد، قلت قاطع طريق ثم يتوب ثم ماذا؟

كان قد وصل البيت وهو يعالج الأفكار والهواجس، أسرع قاصدا ً جهازه حتى لا تطير الكلمات منه، حسنا ً... لا بد من بداية قوية، الحروف الأولى من الرواية هي التي تجذب الناس غالبا ً.

برقت الحروف فجأة في ذهنه كأنما انجابت عنها ظلل من السحاب كانت تحجبها، وبدأت أصابعه وكأنما أصابها مس فبدأت نقرها على لوحة المفاتيح يتسارع ويكتسب نغمة بعث الحروف:

( تلوى جهز في الرمل كصل كبير وهو ينطلق لتنفيذ أوامري، فيما لزم طراد مكانه منطرحا ً على الأرض مترقبا ً لإشارتي، عيني تسبران الركب الذي بدى في الأفق، قافلة... قافلة بعد كل هذه الأيام من الجوع والمسغبة.

كمنا خلف عوشزة موحشة كرأس غول، يدي تقبض على البندقية، وجهز مازال يتلوى زحفا ً كالموت النازل، والقافلة تقترب حتى صرنا نسمع صوت حاديها، وثغاء أغنامها، وبكاء أطفالها.

وعندما استدبرهم جهز، أحكمت التصويب ثم في لحظة برك البعير الذي يحمل المتاع وهو يهدر بعدما ثقبت عنقه رصاصتي، بدأ طراد وجهز يطلقان النار، وأفعمت الجو رائحة البارود، وكسى الدم الأرض وتناثرت أمتعة القافلة.......).

تحلب ريقه من الإثارة، وبدأ يحس بهبات السموم وهي تحثي عليه الرمال، وبدأ يسمع هدير الجمال، وقعقعة السلاح، ورائحة البارود، ويكتنفه الليل الصحراوي القارس.

انتشله صوت أمه وهي تدعوه إلى الغداء من خيالاته ، فنزل وجلس على السفرة شاردا ً، يستمع إلى أحاديث أبيه مع هيلة وملاعبته للمى، وثرثرة أخيه سعد التي لا تنتهي، ووشوشات عبير في أذن أمه بطلبات مكررة، أما هو فليس هنا، هو هناك خلف الآكام والآطام، يفترش الرمل ويتكئ على الصخور، ويشارك نزال وطراد وجهز الأكل من خبز منضج بالرماد ولبن حامض.

- هيه، وين وصلت؟

نبهته أمه من شروده، فقالت هيلة ضاحكة:

- وصل البر أكيد.

أغضى عينيه عن ابتسامات أخوته وأبويه، وضحكات لمى التي لم تفهم شيئا ً بالطبع ولكنها تضحك لضحكهم، تناول طعامه بسرعة ثم فر إلى غرفته.

* * *

مساءا ً، بكر بالعودة من عند أصدقائه، فتح الصفحات القليلة التي كتبها من روايته وجعل يتأملها ريثما يتصل بالانترنت، عاد له عبق التاريخ، وأطياف الماضي البعيد، مائة عام انقضت على التاريخ المفترض لروايته، نزال وطراد وجهز بدوا له كأشخاص حقيقين قابلهم وجالسهم، وربما طلبوا منه أن يساعدهم في قطع الطريق على قافلة.

عندما اتصل أخيرا ً بالانترنت قصد المسينجر أولا ً، وعندما لم يجد سعد هناك، قصد المنتدى وكاد أن يقفز من الفرح عندما وجد الفصل الخامس لرواية ( صفحات حب تذروها الرياح) يتصدر الموقع، حفظ الفصل على سطح المكتب، وقطع الإتصال وبدأ يقرأ بعدما قام بطقوسه من إحضار مشروب وإطفاء النور.

بدأ الفصل ببيت شعر (

فهل غرك ِ أن حبك ِ قاتلي /// وأنك ِ مهما تأمري القلب يفعل ِ

آه... آه... يا امرؤ القيس هل كابدت الذي أكابده - لا أظن - يا امرؤ القيس كنت أنت ابن ملك وشاعرا ً مرغوبا ً، وكنت... وكنت، مما يرغب فيك حبيبتك، أما أنا؟ فما أنا إلا سجين للحروف التي أرجو فكاكها، غريق في تقاسيم الكتب التي صار جسرا ً إلى قلب الحبيب.

كنت أظن في أيامي السالفة السعيدة قبل أن يخترقني سنان الحب، أن البنات لا ينتظرن إلا فارسا ً يأتيهن ممتطيا ً فرسا ً أبيضا ً، حتى وقعت في غرام من أجبرتني على امتطاء الكتب؟ وسلكت طريق الحب وعرا ً وطفقت أدافع الحروف وأستبطن النصوص وأستذوق المشعور والمنثور، وأمضي طويلا ً... طويلا ً... أبتغي في تعاريج القوافي سبيلا، بوقت شحيح وفكر يشب قليلا ً... قليلا ً.

تمر بي أيام يأس أطوح فيهن بالكتب، وأشتم الكاتب وما كتب، ثم أصفق الباب خلفي وأمضي لألف الشوارع شريدا طريدا، وعندما أعود ليلا ً أجد صفحات الكتب تلمع في الظلام التماعا ً وئيدا، ابصر فيه التماعة ثغر الحبيب عندما يتدفق منه الكلام قصيدا.

الآن عرفت أني سأعض أصابعي يوما ً ندامة ً، وأنه سيأتي يوم سيكون لزاما ً علي فيه أن أجمع أشتات عواطفي وأرحل، ولكن بعدما يكون حبها قد خالط مني الشغاف، وأكون بعدها قد عفت كل النساء.

اليوم بكيت، نعم أقولها هكذا وبكل بساطة بكيت كطفل غرير، رغم مرور سنوات طويلة على بكائي لآخر مرة، منذ غادرت عهد الطفولة المندرس وفتلت طوالع شارب يخط علامة الرجولة، تسألني ما الذي أبكاني؟ الذي أبكاني فصل من كتاب.

لا تضحك... لا تضحك... أرجوك، لا تزد ضغثا ً على إبالة، القصة وما فيها أني كنت أتحدث مع نورا، فذكرت لي كتابا ً أعجبها كثيرا ً، فتحمست وطلبت منها اسمه لأقرأه، لا حبا ً في الكتاب ولا الثقافة، وإنما فقط لأمر بعيني على السطور التي مرت عليها عيناها، ولأبحث عن بقايا أنفاسها العطرة على السطور.

قصدت المكتبة، ودفعت من دم قلبي 60 ريالا ً ثمنا ً له، واحتملت صفحاته الخمسمائة، وعدت لأكتشف أي طلسم هو، قلت بهلع - عندما قرأت الفصل الأول منه بلا فهم - لا ريب أن كاتبه عجوز تسعيني كره الدنيا فقرر ذات حقد أن ينتقم من كل البشر، قرر أن يقتل البراءة في الزهور، والضحكة في الثغور، فألف كتابه هذا، وأودعه كل غامض من اللفظ والمعنى، وتعمد التحوير والإنزلاق بين السطور.

حتى غدى كل حرف أقرأه منه يجب ما قبله، فاختلطت علي الحروف وأصبت بالدوار، فأرجأته إلى الغد وعزوت عدم فهمي إلى التعب وقلة النوم، ولكني لم أزدد في الغد إلا خبالا ً، وعندما واطئت خيبة الأمل مني ذلة بكيت، بكيت كبرياء الرجل فيني وعجزي، تخيلت موقفي غدا ً وهي تسألني رأيي في الكتاب فأتلجلج وألوك الكلمات لوكا ً، وما عساي أقول؟ بكيت قلة حيلتي وضعفي، بكيت خزيي وعاري، بكيت تمكن الحب مني وأوجاع قلبي المحتل، ثم عندما انتهيت عدت وبكيت لأني بكيت على أمر لا يستحق البكاء.

تمنيت أن تحط على نافذتي حمامة، لأقول لها كما قال الشاعر القديم:

أقول وقد ناحت بقربي حمامة /// أيا جارتا لو تعلمين بحالي

ولكن أين الحمام في هذه المدينة؟ لو فتحت نافذة غرفتي لوجدت أمامي كهربائيا ً فلبينيا ً يعالج الأسلاك في العمارة المقابلة، ولو أني تجرأت وشكوت له حالي لما زاد أن قال ( هادا بابا ما بي موسيكلا... أنتا في كلام هبو بأدين هدا كويس)، ولهززت رأسي شاكرا ً له هذه النصيحة الهادفة الثمينة............)

* * *

عندما أتى حمد على الفصل، والذي كان في مجمله وصف لمشاعر خالد وتباريح حبه لنورا، أحس بكآبة وزهد في كل شيء، تخيل كيف يمكن أن يؤذي الحب صاحبه.

قام لينام، كان طراد ونزال وجهز والأبل الهائجة والليل الصحراوي، والقصائد النبطية حول النار، قد توارت خلف صورة مظلمة لشاب يحتضن كتابا ً بين يديه ويهتز ببكاء مكتوم، في بيت قديم قد نام أهله.

* * *

أمضى يومه يفكر بما قرأه، وعندما عاد ليلا ً إلى جهازه، وأعاد قراءة ما كتبه هو أحس بهزاله، قال لنفسه " فيما يعالج سعد في روايته موضوعا ً حساسا ً جدا ً بأسلوب جديد ونغمة جديدة، وينقل لنا مشاعر أبطاله بمنتهى الوضوح، أهرب أنا إلى عصر آخر وعالم آخر، إبل وصحاري وقطاع طرق، كل هذا كان هروبا ً، مجرد هروب من الواقع الذي لم أجرؤ على الكتابة عنه لأني لازلت أخاف الحديث والكتابة".

فكر أن يمسح كل ما كتب، وكاد يفعل ذلك، ولكنه تراجع في اللحظات الأخيرة، وفر إلى النت يبحث فيه عما يجن هواجسه، وهناك كان سعد بإنتظاره على المسينجر:

سعد: أهلا ً... أهلا ً.

حمد: السلام عليكم.

سعد: وعليكم السلام والرحمة، هلا والله.

حمد: مساء الخير.

سعد: مساء النور والسرور.

حمد: حسبي الله على عدوك، يا خي الفصل اللي كتبته قلبني فوق تحت.

سعد: هههههههههه.

سعد: ليش؟ وش اللي صار؟

حمد: أمس كتبت فصل، جزء من فصل لرواية وكنت أفكر أنزله اليوم، لكن بعد ما قرأت روايتك تراجعت.

سعد: ليش تراجعت؟

حمد: روايتي كانت عن قاطع طريق عاش قبل عشرات السنين وقصة حياته وغربته.

سعد: ممتاز، جميل جدا ً، ليش تراجعت؟ وايش دخل الفصل اللي أنا كتبته؟

حمد: يا خي حسيت الفصل اللي أنا كتبته تافه، وخارج الزمن.

سعد: ليش؟

حمد: أنت مثلا ً قصتك تعالج موضوع مهم وهو العلاقات عن طريق النت أما روايتي فأيش تعالج؟ موضوع قطاع الطرق المهم؟

سعد: هههههههههههههه.

حمد: من جد، حتى قبل شوي كنت بمسح اللي كتبته.

سعد: أعقل بس، لا تمسح شيء بالعكس أنا أعجبني موضوعك ويهمني أقرأه.

حمد: كيف أعجبك؟

سعد: هذا نوع جميل من كتابة الرواية وصعب جدا ً... جدا ً، وعدد الكتاب اللي برزوا فيه قليل جدا ً، أنت عارف الشيء هذا؟

حمد: أي نوع؟

سعد: هذي تسمى الرواية التاريخية، حيث الكاتب يعالج أحداث تقع في زمن ماضي، وينقل صورة دقيقة لذلك العصر بجميع أبعاده المكانية والنفسية والإجتماعية، أنت يا حمد بدأت بالصعب الذي لم نصل له حتى الآن.

حمد: لكن ما أكتبه بعيد عن الواقع.

سعد: بالعكس ما تكتبه هو الواقع بعينه، أنت عندما تكتب عن قاطع طريق عاش قبل عشرات السنين، فأنت تتكلم عن الإنسان، الإنسان عندما يخطئ، الإنسان عندما يتحول إلى مجرم ووحش، والإنسان هو هو، في كل زمان ومكان ولكن تتغير الوسائل فقط.

حمد: طيب أنت قلت صعب وين الصعوبة فيه؟

سعد: ليس صعبا ً فقط وإنما معقد أيضا ً، مثلا ً قصتك هذه، في أي عصر؟

حمد: ما قبل توحيد المملكة بقليل.

سعد: انظر إلى ماذا تحتاج حتى تكون قصتك كاملة ومرضية، أولا ً إلى معرفة الأحوال السياسية والإجتماعية في ذلك الوقت، أسماء الأمكان التي وقعت فيها الأحداث لأنه ذلك الوقت لا يوجد مدينة اسمها الرياض أو كانت موجودة ولكن ليس بشكلها الحالي.

سعد: لابد أن تعرف أيضا ً أسماء الأسلحة والملابس والأكل وأشياء كثيرة حتى تكون أمينا ً في نقل البيئة التي تدور فيها الأحداث، وأيضا ً تحتاج لتفسير الدوافع السلوكية لأبطالك بناءا ً على ظروفهم هم مو ظروفنا حنا.

حمد: الله... الله... كل هذا؟

سعد: أجل وش تحسب، مجرد تفتح الوورد وتكتب، يا حبيبي إثرك على نياتك.

حمد: يا خي أنا اكتشفت فيك خصلة.

سعد: الله يستر... وش هي؟

حمد: تحب تعقد الأمور.

سعد: ههههههههههههه.

حمد: والله... يا خي وسع صدرك ولا تدقق.

سعد: بالعكس " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا ً أن يتقنه"، الإتقان مطلوب حتى في كتابة الرواية.

حمد: بس مهوب لهالحد، أسوي أبحاث عشان أكتب رواية، وين عايشين فيه، وش قالولك بصنع صاروخ.

سعد: ههههههههههه. وليش مستهين بالرواية، أنت عارف أنه الرواية والكتابة عموما ً ممكن تأثر في الناس أكثر مما يؤثر فيهم كتاب علمي متخصص.

حمد: ممكن... لكن إذا كل من كتب رواية سوى أبحاث كان ما أحد كتب رواية.

سعد: وهذا اللي صاير الآن، أذهب إلى المكتبات يا عزيزي وأقرأ الروايات المرصوصة على رفوفها، سخافات... لا أقل ولا أكثر، لماذا؟ لأن الكاتب استهتر بالقارئ وكتب له أي كلام، للأسف أجد الروايات الغربية أكثر إتقان من الروايات العربية.

حمد: عموما ً... أنت تغلبني في هالأمور، ولكن خلاصة رأيك أن أنشر الرواية؟

سعد: أنا كان رأيي أنه اختيارك للموضوع جرئ وجديد، لكن الآن نأتي للمعالجة واللغة إذا كانت جيدة فتوكل على الله وأنشرها.

حمد: طيب عندي رأي.

سعد: ما هو؟

حمد: اللي كتبته كله ست صفحات، بكمل الفصل وبرسله لك وعطني رأيك أنشره وإلا لا.

سعد: توكل على الله، سأنتظر الفصل منك.

حمد: طيب... بطلع الآن وأروح أكمله وأرسله لك الليلة.

سعد: ما شاء الله... ما تلعب، حامي بحامي.

حمد: ههههههههههه، توصي على شيء؟

سعد: سلامتك، انتظر الفصل، ما راح أنام إلا لما أقرأه.

حمد: خير إن شاء الله... مع السلامة.

سعد: مع السلامة.

* * *

خلال الساعة التالية لهذه المحادثة، عاد حمد يتنسم رائحة الشيح والقيصوم، ويغوص في كثبان الرمال ومغاور الجبال، ويتسربل الليل البهيم، ويغير مع نزال على القوافل وينهبها.

وعندما انتهى أرسل الفصل إلى سعد، ثم أوى إلى فراشه ونام وهو يحلم بكل ما كتبه ويعيش فصوله.

* * *

عندما نهض في الصباح كان أول شيء فعله هو الضغط على زر تشغيل الجهاز، دخل ليستحم وعندما خرج طلب الإتصال بالنت وجعل يلبس ملابسه ريثما يتم الإتصال، وعندما تم الإتصال قصد بريده بحثا ً عن رأي سعد في الفصل الذي كتبه، وعندما فتح البريد كانت رسالة قليلة الكلمات بإنتظاره، كل ما تقوله هو: " انشرها يا مجنون... انشرها".

* * * * * * * * *


نهاية الفصل الخامس ..







رد مع اقتباس