
الديــرة
موضوع مهم بارك الله فيك وفي نقلك الطيب
ولعلك تسمحين لي بإضافة التعليق على الحديث التالي المذكور آنفا - باختصار -
: (( أفعمياوان أنتما )) .
فهو شاذ لا يعارض به حديث فاطمة بنت قيس – رضي الله عنها . .
نَــــصُ الـحَـــدِيــــثِ :
روى الإمام أحمد في مسنده (6/296) بسنده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ نَبْهَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَمَرَنَا بِالْحِجَابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجِبَا مِنْهُ . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا ؟ قَالَ : أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ، ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ ؟! .
كَـلامُ الــعُـــلَــمَــاءِ عـلـى الــحَــدِيــثِ :
من العلماء من ضعفه ومنهم /
العلامة الألباني - رحمه الله - كما في إرواء الغليل (6/210-211ح1806)
وقال : ضعيف : أخرجه ... فذكروه بنحوه إلا أنهم قالوا : " وميمونة " بدل " حفصة "
وقال الذهبي في ذيل الضعفاء ( ص 73 ) : قال ابن حزم : مجهول . روى عنه الزهري .
ومن العلماء من حسن الحديث /
ذهب الإمام النووي إلى تحسين الحديث فقال في شرح مسلم :
وَهَذَا الْحَدِيث حَدِيث حَسَن رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيْرهمَا . قَالَ التِّرْمِذِيّ : هُوَ حَدِيث حَسَن . وَلَا يُلْتَفَت إِلَى قَدَح مِنْ قَدَح فِيهِ بِغَيْرِ حُجَّة مُعْتَمَدَة .ا.هـ.
أما الحافظ ابن حجر فقد اختلف قوله في الحديث ، فقال في الفتح (1/653) :
وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ .
وقال في موضع آخر (9/337) :
حديث أم سلمة الحديث المشهور أفعمياوان إنما وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوي وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته .
فِـقـهُ الـحَـــدِيــــثِ :
قال الإمام النووي في شرح مسلم :
وَأَمَّا نَظَر الْمَرْأَة إِلَى وَجْه الرَّجُل الْأَجْنَبِيّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَام بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَة وَلَا مَخَافَة فِتْنَة فَفِي جَوَازه وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا :
أَصَحّهمَا تَحْرِيمه لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارهنَّ " وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَة وَأُمّ حَبِيبَة : ( اِحْتَجِبَا عَنْهُ ) أَيْ عَنْ اِبْن أُمّ مَكْتُوم فَقَالَتَا : إِنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ " ؟ .
وَهُوَ حَدِيث حَسَن رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره وَقَالَ : هُوَ حَدِيث حَسَن ، وَعَلَى هَذَا أَجَابُوا عَنْ حَدِيث عَائِشَة بِجَوَابَيْنِ وَأَقْوَاهُمَا :
أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى وُجُوههمْ وَأَبْدَانهمْ ، وَإِنَّمَا نَظَرَتْ لَعِبهمْ وَحِرَابهمْ ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ تَعَمُّد النَّظَر إِلَى الْبَدَن وَإِنْ وَقَعَ النَّظَر بِلَا قَصْد صَرَفَتْهُ فِي الْحَال .
وَالثَّانِي : لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْل نُزُول الْآيَة فِي تَحْرِيم النَّظَر ، وَأَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَة قَبْل بُلُوغهَا ، فَلَمْ تَكُنْ مُكَلَّفَة عَلَى قَوْل مَنْ يَقُول : إِنَّ لِلصَّغِيرِ الْمُرَاهِق النَّظَر وَاللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
• وقال أيضا :
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ بَعْض النَّاس بِهَذَا عَلَى جَوَاز نَظَر الْمَرْأَة إِلَى الْأَجْنَبِيّ بِخِلافِ نَظَره إِلَيْهَا ، وَهَذَا قَوْل ضَعِيف ، بَلْ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْعُلَمَاء وَأَكْثَر الصَّحَابَة أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْمَرْأَة النَّظَر إِلَى الْأَجْنَبِيّ كَمَا يَحْرُم عَلَيْهِ النَّظَر إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ ... " " وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارهنَّ " .
والله أعلـــــــــم .
ودمتم في حفظ المولى عز وجل .
