الشباب :
هو الموسم الأعظم الذي يقع فيه الجهاد للنفس والهوى وغلبة الشيطان
وبصيانته يحصل القرب من الله تعالى وبالتفريط فيه يقع الخسران العظيم.
وبالصبر فيه على الزلل يثنى على الصابرين كما أثنى الله عز وجل على [يوسف] - عليه الصلاة والسلام - إذ لو زل من كان يكون.
والناس ثلاثة :
من ابتكر عمره بالخير ودام عليه فذلك من
الفائزين
ومن خلط وقصر فذلك من
الخاسرين
ومن صاحب التفريط والمعاصي فذلك من
الهالكين.
فلينظر الشاب في أي مقام هو
ومن زل فوقع في معصية فلينظر أين لذتها!
وهل بقي إلا حسرتها الدائمة التي كلما خطرت له تألم فصار ذكرها عقوبة ومن خرق ثوب التقى بيع بالخلق والمكسور.
وكان بعض السلف - رحمه الله - يقول: وددت لو أن يدي قطعتا وغفر لي عن ذنوب الشباب.
قال الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزى - رحمه الله - :
قلت يوماً في الوعظ :
أيها الشاب أنت في بادية ومعك جواهر نفيسة
وتريد أن تقدم بها على بلد الجزاء
فاحذر أن يلقاك غرار من الهوى
فيشتري ما معك بدون ثمن
فتقدم البلد فترى الرابحين
فتفقع أسفاً وتبكي لهفاً وتقول:
{يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله}
هيهات أن يرد الأسف ما سلف.
ومما قلته من الشعر في هذا المعنى:
أَمّا الشَبابُ فَظُلمَةٌ لِلمُهتَدى ** وَبِهِ ضَلالُ الجاهِلِ المُتَمَرِدِ
لَيسَ الَّذي تَرَكَ الذُنوبَ مَشيباً ** كَالتارِكِ لَها وَقتَ شَعرٍ أَسوَدِ
فَافَرَح إِذا جاهَدتَ نَفسَكَ صابِراً ** يا صاحِ صِح في اللَهوِ يا نارُ اِخمِدي
اِغنَم مَدِيحَةَ يُوسِفَ في صَبرِهِ ** وَاِحذَر تَعَجلَ آدَمَ في المَفسَدِ
لَولا اِجتَباهُ لَكانَ شَيناً فاضِحاً ** يَعصى فَيَالَكَ مِن حَزينٍ مُكمَدِ
فَاِقمَعهُ بِالصَبرِ الجَميلِ وَدُم عَلى ** الصَومِ الطَويلِ فإَنَّهُ كَالمَبرَدِ
وَاّغضُض جُفونَكَ عَن حَرامٍ وَاِقتَنِع ** بِحَلالِ ما حَصَّلتَ تُحمَد في غَدِ
وَدَعِ الصَبا فَاللَهُ يَحمدُ صابِراً ** يا نفسُ هَذا مَوسِمٌ فَتَزّوَّدي
الصَبرُ عَن شَهوَاتِ نَفسِكَ تَوبَةٌ ** فَاِثبُت وَغالِط شَهوَةً لَم تَرقُدِ
*********** ***** ***********
اصْحَبْ ذَوِي الفَضْلِ وأَهْلَ الدِّينِ ... *** ... فَالَمرْءُ مَنْسُوبٌ إِلَى القَرِينِ