تفاصيل صغيرة واختلافات بسيطة يمكن أن تؤثر على العلاقة بين الزوجين. هذه التفاصيل قد تأخذ شكل منافسة لفرض الذات، تبدأ داخل غرفة المعيشة حول من يمسك بالريموت كنترول. فالزوج يريد متابعة مباراة في كرة القدم بينما تريد الزوجة متابعة فيلم أو برنامج حول نجوم المجتمع. وغني عن القول: إنه لا أحد منهما يحب التنازل عن حقه بسهولة، لتحتقن النفوس وتتعالى الأصوات. خبراء العلاقات الزوجية يقولون إنه قبل أن يحمى وطيس الجدل، عليهما بحل سهل للغاية وهو إغلاق جهاز التلفزيون وارتداء ملابس رياضية والخروج من المنزل للمشي أو الركض في الهواء الطلق إذا لم يكونا مشتركين في ناد رياضي. فالمشاركة في ممارسة الرياضة، بحسب هؤلاء الخبراء، يمكن أن تخفف من التوتر الذي يمكن أن يؤثر على علاقتها على المدى البعيد وتقوي العلاقة بينهما في الوقت ذاته إذا مورست بروح رياضية وبطريقة صحية.
تقول بنتي كلاين، وهي اختصاصية نفسية ألمانية في كتاب ألفته عن السعادة والتغلب على الضغوط التي تتعرض لها العلاقة الزوجية إن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة من أجل الترفيه وأيضا أولئك الذين يتبعون هدفا محددا مثل إكمال سباق ماراثون يمكن أن يشعروا بالكثير من الأحاسيس الإيجابية.
ويوافقها الرأي الاختصاصي النفسي في مجال الرياضة، جينز كلينرت الذي يعمل بأكاديمية للرياضة بمدينة كولونيا، مؤكدا أن المشاركة في ممارسة الرياضة من منظور اجتماعي نفسي مهمة، خصوصا أن لكل شريك هويته الخاصة، وبالتالي يمكن للرياضة أن تكون وسيلة لتطوير كلتا الهويتين.
لكنه يوضح أنه من المهم إحداث توازن عند المشاركة في الرياضة، قائلا: إنه عندما يتشارك الزوجان بعض الرياضات، يجب أن تخدم الهدف منها وهي تدعيم الهوية الخاصة للشريك، كذلك تدعيم الهوية الجماعية للزوجين. لهذا من المهم، بحسب رأيه، اختيار رياضة جماعية، مثل التجديف، وما شابهه من النشاطات التي تقوي الروح الجماعية. ويفضل كريستيان ثيل، وهو مستشار في شؤون العزاب والعلاقة بين الأزواج الرياضات التي تتيح الفرصة للتحدث بين الزوجين، ولا يحبذ رياضة السباحة كنشاط مشترك بين الزوجين، كذلك الهرولة، لأنها ليست مناسبة لتقوية العلاقة بينهما، بحكم أن المشاركين فيها لا يمكنهم تبادل الحديث بسهولة.
غير أن ثمة جانبا مختلفا للموضوع يثيره ثيل قائلا: إنه حتى عندما يجد الزوجان رياضة مشتركة بينهما، فإن ذلك لا يعني حل كل المشكلات، فالرجال يريدون غالبا إنجاز الكثير ويتميزون بروح المنافسة العالية، مما يدفع بعضهم للتفكير في فترة شبابهم عندما كانوا يتمتعون باللياقة البدنية. ما يفعلونه أنهم ينقلون هذا الشعور إلى العلاقة، بمحاولتهم أن يبرهنوا على أنهم لا يزالون يتمتعون بالقوة والنشاط والتفوق. وفي حال خذلهم الجسد، فإنهم يشعرون بالإحباط. ويربط كلاين هذا الشعور بحالة افتقار الشخص إلى تقدير الذات، لهذا يقول إنه حين يدرك أحد الزوجين أنه يسعى للمنافسة، عليه أن يطرح السؤال الأكثر عمومية وهو ما إذا كان السبب أنه يشعر بالدونية في العلاقة الزوجية مما يجعله يشعر بالحاجة إلى أن يثبت ذاته في الملاعب. ولا ينكر كلينرت أن المنافسة جزء طبيعي من الرياضة، لكن السؤال هو ما إذا كان التنافس جائزا أيضا في العلاقة بين الزوجين؟ والجواب الذي توصل إليه أنه جائز ضمن حدود معينة، ويتوقف على قوة العلاقة بينهما، موضحا أن بعض الأزواج قادرون على الفصل بين المنافسة في الملعب وبين علاقتهم الخاصة داخل البيت. هؤلاء يمكنهم أن يتنافسوا بقوة لمدة ساعة في ملعب التنس، مثلا، لكن يعودوا للمنزل متشابكي الأذرع. بالنسبة لهؤلاء فإن التنافس يظل محصورا في الملعب أو طوال ممارسة الرياضة ولا يمثل سلوكهم التنافسي مشكلة.
النقطة الأخرى التي يثيرها كلينرت وهي توجيه تعليمات من الشريك طوال ممارسة الرياضة، خصوصا أن الأمر أحيانا يخرج عن نطاق الموضوعي ويصبح شخصيا.
وفي هذا الصدد يشرح كلينرت أن الأمر يثير الشعور بالقصور. ويوافقه الرأي ثيل الذي ينصح بأنه لا بأس أن يظهر أحدهما «الكارت الأحمر» للآخر عندما يتمادى في دور المعلم، من دون أن تكون له مهارات تعليمية ودبلوماسية خاصة تشجع على التواصل بينهما، فهذا التواصل هو الهدف من ممارستهما أنشطة مع بعض أولا وأخيرا.