قال ابن سيرين رحمه الله:
" إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه ".
إنك حين تجتهد في التماس الأعذار ستريح نفسك من عناء الظن السيئ وستتجنب الإكثار من اللوم لإخوانك:
تأن ولا تعجل بلومك صاحبًا .. … .. لعل له عذرًا وأنت تلوم
يقول : ستيفن ر.كوفي
كنت في صباح يوم أحد الايام في قطار الأنفاق بمدينة نيويورك وكان الركاب جالسين في سكينة بعضهم يقرأ الصحف وبعضهم مستغرق بالتفكير وآخرون في حالةاسترخاء, كان الجو ساكناً مفعماً بالهدوء !!
فجأة .... صعد رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وهرجهم عربة القطار ....
جلس الرجل إلى جانبي وأغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله ..
كان الأطفال يتبادلون الصياح ويتقاذفون بالأشياء ,,, بل ويجذبون الصحف من الركاب وكان الأمر مثيراًً للإزعاج ...
ورغم ذلك استمرالرجل في جلسته إلى جواري دون أن يحرك ساكناً ...!!؟؟
لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد .. والسماح لأبنائه بالركض هكذا دون أن يفعل شيئاً ...!؟
يقول (كوفي) بعد أن نفد صبره ..
التفت إلى الرجل قائلاً : ..إن أطفالك ياسيدي يسببون إزعاجا للكثير من الناس .. وإني لأعجب إن لم تستطع أن تكبح جماحهم أكثر من ذلك ...!!؟
انك عديم الاحساس .
فتح الرجل عينيه ...كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى وقال بلطف : .. نعم إنك على حق ..يبدو انه يتعين علي أن أفعل شيئاً إزاءهذا الأمر ..
لقد قدمنا لتونا من المستشفى ......حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة منذساعة واحدة ..إنني عاجز عن التفكير ..وأظن أنهم لايدرون كيف يواجهون الموقف أيضاً ...!!
يقول ( كوفي ) .. تخيلوا شعوري آنئذ ؟؟
فجأة امتلأ قلبي بآلالم للرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود ...
قلت له : هل ماتت زوجتك للتو؟
... أنني آسف .... هل يمكنني المساعدة ...؟؟ لــقد ..... تغيـــــــر كل شيء في لحـــــظة !!
انتهت القصة ... ولكن....ما انتهت المشاعر المرتبطه به الموقف في نفوسنا ...نعم ....كم ظلمنا أنفسنا حين ظلمنا غيرنا ..في الحكم السريع المبني على سوء فهم وبدون حتى أن نبحث عن الأسباب اللي أدت إلى تصرف غير متوقع من إنسان قريب أو بعيد في حياتنا ..
وسبحان الله .. يوم تنكشف الأسباب .. وتتضح الرؤية .. نعرف أن الحكم الغيبي الغير عادل .. الذي أصدرناه بلحظة غضب ,كان مؤلم على النفس .. ويتطلب منا شجاعة الاعتذار والعودة إلى الله والتوبة عن سوء الظن ...
ايها الاعزاء
هذه القصة .. تذكرنا بحوادث كثيرة في حياتنا ..كنا في أحيان ظالمين وفي أحيان مظلومين ..
ولكن المهم في الأمر ..أن لا نتسرع في اصدار الأحكام على الغير ..
ويوم نخطأ نعتذر ....ويوم يقع علينا الظلم .. نغفر
وهذه هي الشجاعة .. وحسن الخلق .. مع من حولنا من الناس ..
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
سامح صديقك إن زلت به قدم فليس يسلم إنسان من الزلل
ويقول أيضاً :
لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات
(( التمس لأخيك سبعين عذراً .. فإن لم تجد فلعل له عذراً )) .
هل هناك من يستطيع أن يحصى لمن قصر فى حقه ، أو صدمه فى مشاعره ، أو آذاه قولاً أو فعلاً سبعين عذراً ، ثم لا يجد ما يعذره فيقول فى نفسه : لعــــل لـــه عــــــذراً ؟
إنها مرتبة عليا من سلامة الصدر ، وقوة الإيمان ، لو حظى بها مجتمع لخلا من كل أسباب الشقاق ، ولصارت العلاقات بين أفراده أصفى ما تكون . فإذا مرضت ولم يزرك أحباؤك ، فالتمس بعض السبعين عذراً ..إن لم ينصت لك زوجك ، ابتسمى وقولى : لعل له عذراً..
إن أخطاء فى حقك من توسمت فيهم الخير ، فاستبدل بمشاعر الصدمة والمرارة التماس العذر. لعل له عـــــــــذراً ...
فهو شعـــــــــــــــار.... أصفياء القلوب .. وأنقياء النفوس ..