ورطت الحكومة نفسها بتعهدها للملياردير اللبناني نجيب ميقاتي بشراء أسهمه في الملكية لتمرير زيادة رأسمالها، اعتقادا منها أن هذا الحل سينشل الملكية من أزمتها المالية التي باتت تهدد وجودها.
زيادة رأس المال لن تحل المشكلة، وشراء أسهم ميقاتي سيزيد المشكلة تعقيدا، حتى ولو تبرع ميقاتي بالاسهم مجانا للحكومة، فالقضية اعقد بكثير مما يتصوره فريق الحكومة، الذي يشرف على دراسة أزمة الملكية التي تقبع تحت دين يناهز 250 مليون دينار، وخسائر تزيد عن 100 مليون دينار.
الحلول التي يطرحها البعض لمعالجة قضية الملكية المالية، مثل زيادة رأسمالها أو رسملة ديونها أو ما إلى ذلك من حلول، ما هي الا عبارة عن اجراءات تخديرية سرعان ما ستتبخر آثارها عند اصطدامها بأول التزام مالي يستحق على خزينة الملكية، التي ستستقبل اواخر الشهر المقبل اول طائرة مستأجرة من نوع "بوينغ 787"، ضمن 7 طائرات ستدخل هذا العام في الخدمة على بند الاستئجار ويعقبها 5 طائرات اخرى من النوع نفسه العام المقبل، اشترتها الملكية جميعها بقيمة 1.1 مليار دولار، الا انها وبعد مفاوضات عسيرة مع "بوينع" حولتها الى استئجار نظرا لعدم قدرتها المالية على الوفاء بتسديد أثمانها، حتى قيمة تأجيرها البالغة 156 مليون دولار، والتي استحقت ولا تملك الملكية منها شيئا، والادهي من ذلك ان هذه الطائرات الحديثة هل مخصصة للمحطات البعيدة الخاسرة أصلا، بمعنى ان الخسارة تتعزز مع هذه الطائرات، وبند إيجارات الطائرات سيزيد الى اكثر من 108 ملايين دولار فقط لهذه الطائرات، ناهيك عن الطائرات القديمة.
الحكومة تحصر حلول معالجة أزمة الملكية بشراء اسهم ميقاتي دون ان تكلف نفسها بدراسة تداعيات هذا الامر على خزينة المالية المركزية المتهالكة والمثقلة بالديون والعجز والنفقات المتزايدة.
معالجة أزمة الملكية تنحصر في واحد من ثلاثة حلول لا رابع لها وهي ما يلي:
الأول: زيادة حصة الحكومة في الملكية والسيطرة عليها، من خلال شراء معظم الاسهم سواء اكانت لميقاتي او غيره من المساهمين، مع وضع خطة استراتيجية لشراء باقي شركات الملكية التي تم بيعها في وقت سابق، حتى يتسنى تعويض خسائر الناقل الجوي وتغطيتها من ارباح الشركات المساندة التي تحقق ارباحا كبيرة، هذا الحل بعيد كل البعد عن قدرة الحكومة المالية، وبعيد عن فكر المسؤولين المحصور فقط بشراء اسهم ميقاتي.
ثانيا: تصفية الملكية وتأسيس شركة جديدة واعتبارها ناقل وطني ونقل ملكية الخطوط الدولية الى هذه الشركة الجديدة بعد ان تكون استوفت شروط التأسيس، وهذا حل يتجاوز مشاكل كثيرة لعل أبرزها استعياب العدد المطلوب من العاملين، مع تطوير الادارة التنفيذية لاعمالها واعادة النظر بمجمل الخطوط الخاسرة واعادة تبويبها، لكن الامر صعب بالنسبة للحكومة لانها ستضطر لدفع ديون الملكية للمصفاة والبنوك بسبب كفالتها للشركة.
ثالثا: هو حل يتطلب نظرة شمولية وفكر تحفيزي من قبل الحكومة، ويتطلب خطة واضحة تنصب اساسا على إعادة هيكلة الملكية بشكل كامل، تبدأ بإعادة تشكيل مجلس جديد لإدارتها من أصحاب الكفاءات والمعروفة بصناعة الطيران، مرورا برفع يد الحكومة ومنعها من التدخل في قراراتها، فلا يجوز للحكومة أن تفرض على الملكية الطيران الى محطات معينة ليس لها اية جدوى اقتصادية، فالأساس أن يكون القرار مبني على اسس تجارية بحتة، ثم إعادة هيكلة القوى البشرية لشركة الملكية التي لا تحتاج فعليا أكثر من 1600 موظف، في حين ان عدد العاملين فيها يقترب من 4600 موظف، وهذا يحتاج لحكومة جريئة لتنفيذه، ومن ثم منح الحكومة الملكية اسعارا تفضيلية في مطار الملكلة علياء من جهة، وبيع المصفاة للملكية الوقود بسعر عالمي لا اكثر كما هو حاصل الآن، إذ يباع الوقود بسعر اعلى من نظيره العالمي بـ18 بالمائة تقريبا نظرا لضعف كفاءة المصفاة التي تتحمله الملكية، وبعد ذلك يعقبها تخفيض عدد المحطات التي تطير اليها من 60 محظة الى 25 فقط لا اكثر، وتخفيض اعداد الطائرات المستاجرة من 30 الى 15 على أعلى تقدير.
في هذه الحالة سيكون بامكان الملكية ان تحصل على تمويل من البنوك، وستستطيع اعادة تشغيل نفسها وتحقيق ارباح مجزية، وغير ذلك فان الحكومة وجيوب المواطنين ستتكبد خسائر الملكية من خلال دعمها دون اية جدوى اقتصادية.
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=61451&&head...88%D9%85%D8%A9