يرى الكثير أن التحديات الخارجية التي تعصف بالاقتصاد الوطني تشكل المنعطف الاكبر لمسيرة العملية التنموية، ويراهنون على أن الاستقرار مرتبط بتطورات هذه التحديات.
وهنا تتجه الانظار تارة الى تداعيات القضية الفلسطينية وحرب الابادة التي تشنها قوات الاحتلال على فلسطين، وتارة أخرى إلى الحرب الدائرة في سوريا وآثارها الكبيرة على الاقتصاد الاردني بكافة قطاعاته، فالامر ليس محصورا بنزوح اكثر من 1.35 مليون سوري الى المملكة، بل يتجاوز ذلك بكثير ليمتد الى الضغط الهائل على ميزانية الدولة التي هي بالاصل تعيش اسوأ ظروفها بسبب نمو العجز والمديونية ووصولهما الى الخطوط الحمراء، والناتج اصلا عن نمو الانفاق الكبير ، والاكثر خطورة هو توقف التجارة والعملية الاستثمارية بين البلدين.
والامر لا يختلف كثيرا عما يحدث في العراق التي يتجاوز التبادل التجاري معه المليار دولار سنويا، ناهيك عن التدفقات النفطية التي تبلغ 18 الف برميل يوميا تأتي الى المملكة حسب اتفاق موقع بهذا الشأن، كل هذا ذهب أدراج الرياح مع اشتعال فتيل الصراع على السلطة هناك.
حتى الظروف غير المستقرة في مصر ولبنان، ساهمتا بتعزيز حالة عدم اليقين في المنطقة، والتي أدت الى إحجام تدفقات الاستثمارات والافواج السياحية، وهو ما تسبب بآثار سلبية على أنشطة هذه القطاعات في المملكة.
صحيح أن هذه تحديات خارجية امام الاقتصاد الوطني، ولكن ما الجديد في الامر؟، لطالما تعايش الاقتصاد الاردني مع مجمل التحديات الخارجية، وتكيف معها بشكل اعتيادي طيلة العقود الماضية.
الجديد في المشهد العام للاقتصاد الوطني تطور من جهة شكل ونوعية التحديات الداخلية التي باتت تلقي بظلال قاتمة على مستقبل الاقتصاد واستقراره.
فالكثير يرى أن هناك ضعفا كبيرا في ادارة الاقتصاد الوطني على المستوى الرسمي، فالحكومات باتت تدير العملية التنموية دون عقل اقتصادي يفكر في كيفية تحفيزه ومعالجة المشاكل والاختلالات المزمنة التي تعتري كل قطاعاته، لا بل تجد ان اجراءات الحكومات وخاصة حكومة النسور، لا تتجاوز الاعتداء على جيوب المواطنين ومشاركة القطاع الخاص في عوائده بشكل سافر دون اية خدمات يقدمها لهم، ودون معالجات جذرية للمشاكل التي تواجهه.
تشعر في الكثير من الاحيان ان جدار الثقة ينهار شيئا فشيئا بين الشارع والخطاب الاقتصادي الاعلامي الرسمي، فلم يعد احد يصدق الحكومات وخاصة هذه الحكومة فيما تقول، فكل خطابات الشراكة والتنمية والمسؤولية الاجتماعية، وارقام العجز والبطالة كلها باتت حبرا على ورق، وليس لها اي قيمة في ظل تنامي الضغوطات المعيشية على المواطنين والتحديات الكبرى التي تحيط بمستقبل أنشطة القطاع الخاص.
تعزيز الجبهة الداخلية، وتوحيد مرجعيات العملية التنموية، وتطوير الادارات المحلية، والتوزيع العادل لمكتسبات التنمية ومحاربة الفساد فعلا لا قولا؛ هو الضمان الاساسي للنهوض بالتنمية المستدامة، وتحقيق الاستقرار في كافة الاصعدة.
المصدر صحيفة المقر:http://www.maqar.com/?id=62150&&head...84%D9%8A%D8%A9