لا أستغرب ما يكتبه مثل هذا الكاتب ولا طرحه ولكن... لكم المقال وعليكم التعليق
نشرت صحيفة "المدينة" في عددها 26/6/2003 خبراً عن إيقاف سيدة تقود سيارة في أحد شوارع المدينة المنورة واتضح أن السيارة مسجلة باسمها وأنها باعتراف والدها الذي حضر معها هي العائل الوحيد لأسرتها التي تعتمد على دخلها فقط كبائعة في السوق وأن المبالغ اليومية قد أثقلت كاهلها حينما تدفعها لسيارات الأجرة ذهاباً وإياباً إلى السوق... فاضطرت لشراء السيارة بالأقساط الشهرية...
وختمت الصحيفة الخبر بأن الأجهزة الأمنية اكتفت بأخذ التعهد على والد السيدة بعدم قيادة السيارة مرة أخرى.!
وأتساءل هنا عن مستقبل هذه السيدة وأسرتها في ظل قلة ذات اليد وأقساط السيارة إلخ... وهل الاكتفاء بأخذ التعهد عليها بعدم قيادة السيارة لطلب الرزق الحلال وإعالة الأسرة بما فيها الأب العاجز هو الحل!؟
وكيف يتم التعامل مع عشرات السيدات في بوادي المملكة اللائي يقدن سياراتهن لجلب الماء ونقل الماشية والعفش من مكان إلى آخر تتبعا للأمطار والمراعي؟! وكذا مع الأرامل اللائي فقدن الزوج أو القريب ولا يجدن من يوصل أبناءهن للمدارس أو يراجع بهم المشافي ويقضي حوائجهم من الأسواق...
لقد عهدنا المرأة قبل عصر السيارات تركب الجمال والحمير وتشارك الرجال أمور حياتهم في إباء وشرف وهيبة... ولم يكن ينظر إلى تلك التصرفات بعين الريبة والانتقاص... واليوم وقد تعقدت ظروف الحياة... وأصبحت الحاجة ملحة لمن تضطرها تلك الظروف لمسلك السيدة المدينية التي منعتها الأجهزة الأمنية من قيادة سيارتها لإعالة نفسها وأسرتها... إن الأجهزة الأمنية معذورة من إيقافها للسيدة أو أية امرأة أخرى تضبط سائقة لسيارة في شارع عام ما دام أن التعليمات تنص على ذلك..
ولكن لا عذر لمجلس الشورى أو أية جهة أخرى تملك حق معالجة قضايا المجتمع الحيوية بأن تعيد النظر في الأنظمة والتعليمات حسب المستجدات وبما تقتضيه حاجة المواطن (ذكراً كان أم أنثى) فرادى أو جماعات... إنني مع ثوابت القرآن والسنة فيما يكفل طهارة ونقاء الأمة الإسلامية... ولكنني ضد الجمود والتوقف عن الاجتهاد المشروع لما يضمن الحياة الكريمة لكل مواطن ويعالج مشكلاته كقيادة المرأة المضطرة للسيارات كسيدة المدينة المنورة ومثيلاتها وكذا حمل المرأة لبطاقتها الشخصية التي تميزها عن ملايين السيدات ضبطاً للأحوال الأمنية والحقوقية والشخصية... لأن الخلط الحاصل في غياب البطاقة قد أدى ويؤدي إلى كثير من الإشكالات التي لا حصر لها... وأنا في النهاية لست مع تهميش دور المرأة في الحياة السوية ما دامت ملتزمة بآداب الشرع والعُرف معاً...
ولقد آن الأوان... أن نتعامل بصراحة ووضوح وشفافية مع قضايا الأمة دون استعمال أساليب النعام التي يُقال إنها تدس رؤوسها في الرمال تفادياً للمخاطر التي تواجهها؟!
وهنا أناشد كل قادر على التصحيح والتجديد والتغيير للأفضل في إطار دعوة الإصلاح التي رفع رايتها ولي العهد الأمين أن يقوم بدوره الذي لا يُعذر في السكوت عنه أو إبراء ذمته منه لأي سبب من الأسباب... لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.