[align=center]
[align=center][align=center]
غلاء الأسعار
[color=#0000FF]الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن شريعة الله تعالى كاملة، حاوية لكل شؤون الحياة، فلا تجد أمراً من أمور الدنيا التي يحتاجها الناس إلا وجدت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم العلاج الأمثل الناجح الذي يعالج تلك الأمور، قال تعالى:[الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً](المائدة:3).
لذا وجب على المسلمين رد أمرهم إلى شريعة الله العظيمة التي تبين لهم الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، وتدلهم على ما ينفعهم ولا يضرهم، ومن أجلِّ نعم الله تعالى علينا أن جعل ميزانه بينه وبين عباده هو العدل، وما قامت السماوات والأرض إلا به، قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ](النحل:90) وإذا كان الله تعالى من فوق سبع سماوات يأمر به وجب على الناس أن يطبقوه بينهم، وأن يعملوا على تمكينه في جميع شؤون حياتهم.
ومن حكمة الله تعالى أن أوجد لعباده طرقاً يسلكونها من أجل تيسير معاملاتهم، وإقامة وجوه الحق بينهم، وعندما خالف البشر أوامره، وعملوا بما يناقض شريعته أوقعوا أنفسهم في حرج عظيم، وظهرت بينهم بوادر الظلم والطغيان، وانتشرت بينهم العداوة والبغضاء.
وغلاء الأسعار موضوع مهم جداً، وخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة، والتي ظهر فيها هذا الوباء العظيم، والذي أثر على حياة كثير من البشر، وأودى بهم إلى الوقوع في معاصي الله من أجل تحصيل أرزاقهم للحصول على لقمة العيش، ومعلوم أن غلاء الأسعار له أسباب كثيرة ومتعددة، ومن ذلك ـ حسب رأيي ـ:
أولاً: كثرة الذنوب والمعاصي وبعد الناس عن دينهم:
وهي من أشد الأسباب التي أظهرت هذا الوباء العظيم، ومعلوم أن الذنوب تسبب هلاك الحرث والنسل، وتسبب انتشار الفساد في البر والبحر، قال تعالى:[ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ](الروم:41)، وقوله:[وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ](الشورى:30)، والله تعالى يبتلي عباده ببعض ما كسبت أيديهم لكي ينتبهوا ويراجعوا أنفسهم، وقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" (رواه البيهقي والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7978)، فهل نظر الناس لهذا الحديث العظيم الذي أوضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أثر هذه الذنوب العظيمة التي تعود على أمة الإسلام بغير ما ترجوه.
ثانياً: حب المال، والإكثار منه:
فحب المال والحرص على كسبه بأي طريق -حتى ولو كان عن طريق الحرام -أمر مشاهد للجميع، وخاصة مع انتشار المعاملات الربوية، واختلاط الحلال بالحرام، قال تعالى:[وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً](الفجر:20)، وعندما يطغى على الناس ذلك يصبح الأمر خطيراً جدا، فيتسبب في أمور كثيرة مخالفة لشريعة الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم" (متفق عليه).
ثالثاً: تلاعب التجار والمحتكرين بالسلع التي يحتاج إليها الناس:
من أجل رفع ثمنها لتحصيل أكبر كسب منها، وهذا العمل فيه إضرار بالناس، وخاصة الفقراء وأصحاب الحاجات، وهو أيضاً منهي عنه شرعاً، لأنه من الظلم الواضح البين الذي أمر الله بالبعد عنه، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي:
(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا..)(رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (متفق عليه) فمن كان مؤمناً صادقاً كان لزاماً عليه ألا يضيق على إخوانه، ويمنع عنهم فضل الله تعالى باحتكاره للسلع التي يحتاجونها.
[motr] اخوكم ابو ليان 2000[/motr][/align]
[foq1]م ن ق و ل[/foq1][/align]