[align=right][align=center]أدعياء التنوير والمشروع التضليلي[/align]
أجدني اليوم أكثر من أي وقت مضى قادر على الجزم بالانحطاط والإذلال الذي وصلت إليه الأمة، خير أمة أخرجت للناس، كما أجزم أن هناك تسميم فكري ونفسي ينفذ عبر محورين متحالفين بوعي أو بغير وعي، محور من يطلق عليهم النخب الفكرية والسياسية، ومحور آخر ينفذ عبر مؤامرة صهيوأمريكية حصراً. وإن كنت أجد أن المحور الأول أخطر تأثيراً وأعنف زلزلة في نفوس أبناء الأمة.
فعبر أصحاب هذا المحور فقدنا بوصلة الوعي، وُشللنا تماماً على يد هؤلاء المرجفين في الأرض، والمصيبة الأدهى والأمر أنهم أبناء جلدة يعيشون بين ظهرانينا، إنهم يقودون مشروعاً منظم ممنهج لا تأتي ثماره إلا بعد سنوات ، لقد مسو ثوابت الأمة ومنهجها.
يسعون إلى تحطيم العقيدة الدينية التي أسست عليها الثوابت السياسية، للوصول الى تحطيم التماسك النفسي والادراكي والعقلي، وتمزيق مكونات الشخصية الدينية والقومية إنه مشروع مسخ الأمة، وأجيالها الصاعدة على يد هؤلاء الأدعياء لمشروع نهضوي تنويري ببث قيم ونشر مفاهيم ضالة وغرس أفكار فاسدة التصور، ولتضخيم هذه القيم يقومون عبر تصعيد تدريجي ماكر من خلال استغلالهم لوسائل الإعلام والاتصال والتعليم والتنشئة بوجه خاص ، لإحلال ما يدعون إليه شيئا فشيئا إلى أعلى قمة السلم الهرمي لقيم الأمة لتحل بذلك محل القيم والثوابت الحقة كمحدد للمواقف، وإطار حاكم ومحوري للسياسات والممارسات المختلفة لنا.
إنه التضليل بإسم التنوير، والتزييف بإسم الحقائق للوعي الجماعي، وذاكرة الأمة من هذا المنطلق لابد لهؤلاء ، لخفافيش الظلام من مواجهة فكرية ، ووقفة جماعية للكشف عن غشاوة الجهل المركب في عقولهم، لابد من تدريسهم لأبجديات الفوارق بين مفهوم الدين لدينا ولدى الغربيين، ذلك لأنهم انطلقوا إما شيوعيين أو قوميين أو بعثيين جرت في دمائهم شعارات تياراتهم وأحزابهم، واستولت على عقولهم أفكار ماركس ولينين وإنجلزأو عفلق والناصرية. ألم يتفقوا جميعا وفي فترة من الفترات على أن الدين مخدر للشعوب ورجعية وتخلف .ألم يحركوا الدهماء خلفهم ليرددوا هتافات مخجلة مخزية ، لقد شقوا وهج الأمة بالقومية العروبية لإضعافها وتشتيتها وبقصد وعن عمد منصرفين عن حقيقة أن كافة الانتماءات تذوب في الإسلام أيا كان نوعها ، والآن عادوا لنا «مستغربين» رافعين شعارات جديدة طليعية: الحداثة ، والتنمية، والتطور، والرفاه الاقتصادي، داخلتهم شكوك في هويتهم فأكسبتهم شعورا بالدونية أمام التقدم الهائل في العلم والتقنية، وبدلا من أن يؤكدوا هويتهم ويثبتوا شعورهم بالعزة التي منحها الله لهم في قوله تعالى(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) ، وبدلاً من أن يسبحوا في بحار العلم كما أمرهم الله ، وأن يسخروا مافي السموات والأرض لخير الإنسان في الدنيا والآخرة كما وجههم الله إلى ذلك في قوله تعالى:(وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض جميعا) ، بدلا من ذلك إنتحلوا هوية غربية، فكانوا كمن يتقمص دور المهرج في السيرك!!
المتحذلقين منهم يحاولون الإختباء بالمكياج واستخدام المساحيق في أحاديثهم وخطبهم وما يكتبون ، ندرك ويعلمون أنه ينصرف حتما إلى دين الأمة وعقيدتها...و الوقحين منهم من أعلن هذا صراحة ودون مواربة في كثير من المواقف.
يتشدقون بالحداثة الغربية، تلك الحداثة التي تجعل الإنسان في حالة اغتراب دائم، وتصوره على انه فرد قائم بذاته منقطع الصلة بالماضي ، ومنقطع الصلة بالله الخالق، ومتفرد بذاتة في مواجهة العالم ، وأنه كما يقول جان بول ساتر: يؤمن بأن الله خلقه حقاً ولكنه بعد أن خلقه لم يعد له سلطان عليه!!
إن التاريخ يعيد حقا نفسه وإن وظيفتنا التاريخية عسيرة وشاقة ومريرة ، فكما وقفنا ضد الأولين وشعاراتهم والمجاميع المصفقة لهم ، فإن المطلوب اليوم الوقوف ضد الغرب والدونيين له ولشعاراته ولمشروعهم التضليلي.
[/align]