مقال مسرطن !!
أردت يوماً أن أشتري حليب الأطفال لابني .. فقيل لي : انتبه ؛ هناك أنواع من الحليب مسرطنة .. فكن على دراية وفطنة !! وكالعادة الشهرية – لك الحمد سبحانك –
تقاضيت مرتبي الشهري فأردت أن أشتري لوازم البيت .. ففوجئت بوابل من النصائح والإرشادات التي تحثني إلى الابتعاد عن المعلبات من المواد الغذائية بسبب أنها مسرطنة !!
تزحزحت عن بعضها في واقع الأمر .. فأخذتني خطواتي لأصل إلى زاوية البسكويتات .. فأردت أن أشتري نوعاً منها طالما عشقنا بعضنا البعض .. ولكن دون سابق إنذار بلغني أنها تشكو من داء عضال هو داء السرطان !! خرجت وقد هالني الذهول من ذلك ..
ثم ذهبت إلى الفكهاني لأشتري مقومات الجسم الصحي .. فقيل لي : انتبه ؛ هناك شحنة مسرطنة ولا تستبعد أن تكون مدسوسة بين تلك الفواكه ؛ فاكتفيت بصحيحها وتركت المشبوه منها .. فأحببت أن أخفف من الضغوط التي تكدست وكسدت في رأسي ، وأن أجعل لها متنفساً بذهابي إلى صالون الحلاقة ..
فقيل لي : انتبه ؛ لا يحلقنَّ الحلاق لك بالشفرة ؛ فهي طريق وباءٍ إن أردت عِبرة !! فخالجني شعور الخروج للتنزه في منطقة موصوفة بالجمال .. فقيل لي : انتبه ؛ يقال بأن جوها يحمل غازات تصيب الجسم بالسرطان !!
وما لبثت إلا وأخبار السرطان تترى ؛ فبلغني أن الماكياج يصيب الجلد بالسرطان ..
وبلغني أيضاً أن إشعاعات الأرض تصيب الدم بالسرطان ..
لست من مطنبي الكلام على الجوال .. ولكن دفعتني الظروف للإسهاب .. فقيل لي : انتبه ؛ قد تصيبك الذبذبات بالسرطان !!
حتى عند الاستحمام .. قيل لي : أغلب المنظفات قد عاكها السرطان !!
وقيل : لا تخرج طويلاً تحت أشعة الشمس ؛ فالتعرض لها طويلاً يصيب الجلد بالسرطان !!
بل جاء أن ألعاب الأطفال بعضها يحمل السرطان ..
فدعتني القريحة للكتابة عن ذلك .. حتى عند هذا قيل : هناك نوع من الأحبار تحمل السرطان !!
فقلت من أسى : ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟؟
سلاح من أسلحة الشيطان .. ذاك هو السرطان .. لا يغيب عن أي مجال في حياتنا .. حتى في سلوكنا نجده يتخذ مقعداً .. فيجب مضغ الطعام جيداً .. وشرب القهوة بتؤدة .. حتى لا نصاب بالسرطان ..
داء كشَّر عن أنيابه فخطف الأضواء .. وكثر تواجده في المؤتمرات .. فأصبح بطلاً لا يقهر .. أصبح حديث القال والقيل .. وبات دحره سر بمقدار طن ..
احتل المرتبة الثامنة في تصنيف الأشياء المسببة للفوبيا ( الخوف ) في العالم .. وأظنه سيحتل المقدمة بعد فترة وجيزة !!
فيروس ينام طويلاً بين أحضاننا .. مطمئناً سارحاً .. لا يوقظ شعاعه .. وينغص رقاده سوى تحفيز غامض .. كابوس يؤرِّقه .. فيورقه .. ليصل بجذوره إلى الروح ويفض قناعها ..
كل يوم ونحن نسمع : تم اكتشاف علاج لداء السرطان !! فتجد الجميع قد وجهوا لهذا الوحش كل ما يملكون من ذخيرة .. من نفث ومن أعشاب .. ومن كيمياء وإشعاعات .. ومن قراءات وتلاوات .. ومن قرابين وصدقات .. ومن أعضاء وفضلات ..
علينا أن نعلم بأن الدواء يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ؛ ولذلك فقد ينجح هذا العقار مع هذا ولكنه لا يفيد مع ذاك !!
ولكننا نسلم بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء عَلِمَه مَنْ عَلِمَه وجَهِلَه مَنْ جَهِلَه " .. ونحن لا نزال نجهله !!
ونحن أيضاً لو تتبعنا كلمة ( شفاء ) في القرآن الكريم لوجدناها تأتي لتقرر ثلاث طرق للعلاج الذي يفيد مع هذا وذاك معاً :
أولها : القرآن الكريم في قوله تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء } الإسراء 82
وثانيها : العسل في قوله تعالى : { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ } النحل 69
وثالثها : الدعاء في قوله تعالى : { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } الشعراء 80
نافذة أمل تقول بأن جهاز المناعة القوي يستطيع – بإذن الله – التغلب على السرطان إذا نحن لم نتدخل في عمله ، كما أن النمو العاطفي نحو المزيد من تقبُّل الذات وإشباعها يساعد على بقاء جهاز المناعة قويَّاً !!
وأما كيفية الدخول لتلك النافذة فهي عن طريق المعالجة النفسية للعضو المريض بواسطة التخيل !!
هناك غموض .. وهناك غفلة .. فإن ذُكِّرنا وتذكرنا فقد كشفنا واكتشفنا !!