درويـش فاشل بكل ما تعنيه كلمة الفشل فيما يخص المقدمات لأي أمرٍ يود الحديث عنه أو الخوض فيه .
لكم أن تتصوروا أن بعض الزملاء عندما أُخبرهم أنني أود إجازة من رب عملي كل منهم يملي علي ما أقوله لهذا المدير حتى أحضى بحقٍ مشروع لي .. طبعاً كل هذا بعد معروض طويل عريض فيه من التوسلات ما الله به عليم ثم أختمه بإسمي الرباعي وتوقيعي .. وكأنني أشحذ من جيب هذا المدير .
إستطراد لما ذكر أعلاه :
تجدوني دائماً لا أبالي بالمقدمات . أي أذهب للمدير وبيدي معروضي ثم أضعه على طاولته وأقول له بالحرف الواحد " ودي بإجازة وهذا معروضي قدامك "
لن أخبركم بما يحدث عادة كون الكثير هنا يعلم ما يحدث طالمى هذا هو إسلوبي مع مديري الموقر .
ما سأخبركم به أنني قبل عدة أيام ذهبت لمؤسسه حكومية ما ، وقد تعمدت أن آتي مبكراً حتى أخلص من مراجعتي .. لدى دخولي إلى أعماق هذه المؤسسه كان هناك لوحة معلقة بالجدار مكتوب عليها " إنتظار نساء " وتفاجأت أن هُناك شاب يتربع على إحدى الكراسي وبيده جوال يبدوا أنه يلعب لعبة البلياردو!!
بينما هناك فتاه وإمرأة عجوز أعتقد أنها جدتها يقفون في الممر المؤدي لتلك اللوحة ، إقتربت منه قليلاً و أبلغته أنك تجلس على كراسي الحريم يا رجل والحرمتين كما تشاهد يقفون في الممر بسببك ما يصير يا أخي الله يجزاك خير ..
تأفف كثيراً ونهض ثم إلتفت للوحة وكأنني أكذب عليه وقال : صدقت .. وطلاقٍ ما شفتها إلا الآن ..
بيني وبين نفسي ودي أقول له " قل قسم و سأصدقك "
أخونا في الله طلق ولا أدري مالذي دعاه للطلاق ثم لنفرض جدلاً أنه رآى هذه اللوحة ولكن تفكيره كان مشغول مثلاً بـــ " أقساط السيارة – أجار الشقة - ..الخ ) من الأمور التي ما إن يُفكر بها الرجل السعودي حتى يُصبح جسم بلا عقل .. فهل تطلق زوجته في هذه الحاله أم لا ؟؟
بل قبل كل هذا وش اللي حدك تطلق يا أخي ؟؟
هنـاك أمور نرتكبها أحياناً حتى نثبت للآخرين أننا صح وهم خطأ أو الصدق لدينا والكذب نصيبهم أو أبرياء وهم مدانون كما فعل هذا الرجل آنف الذكر أوكالصراخ ورفع الصوت لمن يكن معه الحق رغم إن إثبات الحق لا يحتاج إلى صراخ وتهجم على الآخرين .
في الآونه الأخيرة كثُرت الفتاوى عن " الحجاب – الإختلاط – قيادة المرأة للسيارة – الأغاني " فما إن يُصدر شيخ ما فتوى حتى يتجيش بقية الشيوخ إما ضده أو معه وكل منهم يخرج بألفاظ ومصطلحات ليست من ديننا في شيء .
بعض الشيوخ يقولوا لحوم العلماء مسمومه رغم أن هذا القول لم يرد به نص قرآني أو حديث نبوي ولكني أرى أن العلماء يجب حقاً أن تُحترم مكانتهم العلمية والشرعية بغض النظر عن إجتهاداتهم .. ولكن ما إن يتعلق الأمر بهم جزاهم الله خيراً حتى تصبح لحومهم فيما بينهم كلحم خروف مندي أو مظبي أو حتى حنيذ .
أتسائل هنا ماذا تركوا لعامة النّاس ؟؟
قرأت في فقه الإئتلاف قواعد التعامل مع المخالفين بالإنصاف ص 194 ما نصه :
من حق المسلم على أخيه حينما يختلفان في حكم فقهي لإجتهادين مختلفين في المسألة أن لا يتهاجرا و لا يتقاذفا التأثيم .. يقول إبن تيمية : ( مسائل الإجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنكر عليه ولم يهجر ، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه ، فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به ، و إلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين ) .